الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
علاقة عمل المرأة بمسألة النشوز:
نشوز المرأة وكونه مسقطًا للنفقة هي المسألة التي يُخرّج عليها عمل المرأة. إذ لا يُسقط النفقة شيءٌ غير النشوز (1).
والفقهاء عند تعديدهم لصور النشوز التي تُسقط النفقة نصُّوا على أن مِن صورِه: انتقال (2) المرأة مِن منزل الزوج، أو سفرها بدون إذنه أو بدون حاجة (3).
فنزّلوا على هذا التصرّف أحكام النشوز، ومنه سقوط النفقة.
ومن نصوصهم في ذلك:
- قال الحدادي (ت 800 هـ) من الحنفية: (النشوز: خروجها من بيته بغير إذنه بغير حق)(4).
- وقال ابن الحاجب (ت 646 هـ) من المالكيّة: (تسقط النفقة بالنشوز وهو منع الوطء أو الاستمتاع والخروج بغير إذنه)(5).
- وقال الغزالي (ت 505 هـ) من الشافعية: (لو خرجت بغير إذنه فهي ناشزة ولو
(1) الكافي لابن عبد البر ص 255.
(2)
يُعبّر بعض الفقهاء بـ (الانتقال) ، وبعضهم بـ (الخروج) بناءً على تحديد وتقدير مناط ما تسقط به النفقة.
(3)
ينظر للحنفية: الهداية للمرغيناني (مع حاشية اللكنوي) 3/ 378. وينظر للمالكية: جامع الأمهات ص 332 ، مناهج التحصيل، للرجراجي 3/ 515 ، لباب اللباب لابن راشد 1/ 409. وينظر للشافعية: المهذب للشيرازي 2/ 204 ، البيان للعمراني 11/ 195 ، العزيز للرافعي 10/ 30 ، نهاية / المحتاج للرملي 7/ 205. وينظر للحنابلة: الكافي لابن قدامة 5/ 78 ، الشرح الكبير لابن أبي عمر 24/ 356 ، الإنصاف 24/ 356.
(4)
الجوهرة النيرة للحدادي 2/ 165. وينظر: حاشية ابن عابدين 5/ 286.
(5)
جامع الأمهات لابن الحاجب ص 332. وينظر: روضة المستبين 1/ 767.
خرجت في حاجته بإذنه فلا) (1).
- وقال الحجّاوي (ت 968 هـ) من الحنابلة: (مَن امتنعت من فراشه أو الانتقال معه إلى مسكن مثلها أو خرجت أو سافرت أو انتقلت من منزله بغير إذنه .. فهي ناشز)(2).
ومن الفقهاء مَن تلطّف في اللفظ وعبّر بأن هذا الفعل شَبيهٌ بالنشوز (3). والمؤدّى واحد.
وعندما نبحث في نفقة المرأة العاملة نجدُ أن المناطَ الفقهيَّ لهذه المسألة إنما هو في خروجها من بيت الزوجيّة بدون إذن -باتفاقٍ-، وليس المناط هو في ذات العمل أو طبيعته.
وعلى ذلك فإن المرأة العاملة تكون قد أخلّت بالتزام عقد الزوجيّة وهو (التمكين التام). فيكون خروجُها مِن بيتها مِن غير إذن زوجها ملحقًا بالصور التي ذكرها الفقهاء للنشوز; كما سبق.
وقبل التطرق لمسألة (أثر عمل المرأة على النفقة الزوجية) ، فإنه لا بُدّ من التعرض لمسألتين فقهيتين مهمتين تُبنى عليهما هذه المسألة، وهما:
المسألة الأولى: نفقة النَّاشِز.
والمسألة الثانية: تبعيض النشوز.
والتنزيل على هَاتين المسألتين متوالٍ، إذ لا يتصوّر التخريج على المسألة الثانية إلا عندَ أخذ أحد الرأيين في الأولى; كما سيظهر.
(1) الوسيط للغزالي 6/ 215.
(2)
الإقناع للحجاوي 3/ 437.
(3)
كذا عبّر فقهاء الحنابلة فإنهم يرون مَن تخرج من بيتها أشبهت الناشز. [الكافي لابن قدامة 5/ 78].
وبمعرفة الخلاف في هاتين المسألتين يمكننا معرفةَ الآراء الفقهيّة المنصوصِ عليها والمخرّجة في مسألة نفقة المرأة العاملة، والتي سأذكرها في المطلبين التاليين إن شاءَ اللهُ تعالى.