المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ صور إذن الزوج بعمل زوجته: - أثر عمل المرأة في النفقة الزوجية

[عبد السلام الشويعر]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌مقدمة

- ‌المبحث الأول علة إسقاط النفقة عند الفقهاء

- ‌تمهيد:

- ‌ موجِب النفقة عند الفقهاء:

- ‌ علاقة عمل المرأة بمسألة النشوز:

- ‌1. 1. نفقة المرأة الناشز

- ‌ الاختلاف الفقهي في المسألة:

- ‌1. 2. تشطير النفقة بتبعّض النشوز

- ‌ الخلاف في المسألة:

- ‌المبحث الثاني آراء الفقهاء في إسقاط النفقة الزوجية بعمل المرأة

- ‌ الخلاف في المسألة:

- ‌المبحث الثالث نطاق الفقهاء في هذه المسألة

- ‌تمهيد:

- ‌3. 1. الشروط التي يلزم توافرها للحُكم بتشطير نفقة المرأة العاملة

- ‌3. 2. مسقطات النفقة على المرأة العاملة بالكُلية

- ‌أحدهما: أن يكون عمل المرأةِ محرّمًا شرعًا

- ‌الثاني: أن يكون عمل المرأة مُستغرقًا اليوم كُلّه

- ‌3. 3. الأسباب التي تُوجب النفقة كاملةً للمرأة العاملة

- ‌أحدها: أن لا يكون عملُ المرأةِ خارج المنزل

- ‌الثاني: أن يَكون العملُ واجبًا عينيًّا عليها شرعًا

- ‌الثالث: أن يكون الزوج غيرَ باذلٍ لنفقة زوجته الكافيةِ لها

- ‌الرابع: إذن الزوج بعمل المرأة

- ‌ صور إذن الزوج بعمل زوجته:

- ‌ مسألة: المعاوضة على الإذن بالعمل:

- ‌رجوع الزوج عن إذنه لزوجه بالعمل

- ‌ اشتراط علم المرأة برجوع الرجل عن الإذن:

- ‌ التعسف في استعمال الحق في الرجوع عن الإذن بالعمل:

- ‌الخاتمة

- ‌المراجع

الفصل: ‌ صور إذن الزوج بعمل زوجته:

والقول الثاني: قاله بعضُ الشافعيّة (1): إن نفقتَها تسقط بخروجها من بيته ولو كان بإذنٍ منه; لأن علّة ثبوت النفقة (وهو التمكين التام) قد فات بخروجها، وإذا انتفت العلّة انتفى الحُكم.

ولكن يُجاب عن ذلك: بأن إذن الزوج بالخروج بمثابة الاستيفاء ثم الإسقاط، فلا يُسلّم أن العلة قد انتفت مِن كُل وجه.

ولعلّ القول الأول أقرب، فلا تسقط النفقة بإذن الزوج بعمل المرأة خارج بيتها; إذ لو سقطت مع إذنه لمَا كان هناك مَعَنى لإذنه.

ووجوبُ النفقة كاملةً لا يَعني الاختلاف في تقديرها فإن معايير تقدير النفقة الزوجيّة تختلف باختلاف الأحوال والأشخاص، وملاءة المرأة وقدرتها المالية مؤثرٌ في تقدير النفقة.

*‌

‌ صور إذن الزوج بعمل زوجته:

إذا تبيّن اختلاف الحُكم بوجود الإذن مِن الزوج. فإن لإذنه بعمل امرأته خارج المنزل صورًا وحالاتٍ مختلفة، اختلفت أنظار الفقهاء إلى بعضها مِن حيث إدراجها ضمن الرضا المُؤثر في عدم إسقاط النفقة.

وصور إذن الزوج بعمل امرأته أربع صور هي:

1: الإذن الصَّريح.

وتصريح الزوج بالإذن بالعمل قد يكون عند إبرام عقد الزوجيّة مقارنًا له، وقد يكون مُتراخيًا بعد الزواج.

(1) نقل الجويني في (نهاية المطلب 15/ 452) ، والبغوي في (التهذيب 6/ 345)، والرافعي في (العزيز 10/ 31) أن المرأة إذا خرجت أو سافرت بإذن الزوج في شغل نفسِها ففي سقوط النفقة قولان: .. الثاني: أن النفقة تسقط; فإنها استبدلت عن تمكينه شُغلًا لها.

ص: 42

فإذا كان إذنه بالعمل صريحًا ولم يمنعها منه بعد العقد، فإنه لا تسقط بعمل المرأة نفقةُ الزوجية; لرَضا الزوج بالاحتباس الناقص، وقبولِه به (1).

وكذا المنع الصريح فإن مَنَعَ الزوجُ امرأته من العمل صراحةً، ولم تطعْه. فإن هذا موجب لسقوط وجوب النفقة أو تشطيرها.

2: الإذن الضِّمْني.

وصورته أن يَعلَم الزوج بخروج امرأتِه للعمل، ويتركها ولا يمنعْها منه. أو سكوتُهُ مع قدرته على منعها (2) ، أو أن يقوم بإعانتها على العمل بتوصيلها لمقرّ العمل، ونحو ذلك من الصور.

فيتحقق الإذن الضمني بالعلم بالخروج، والسكوت عنه، مع قدرته على منعها فهو متكوّن من مجموع هذه الأمور الثلاثة، وقد يزيد على السكوت بالإعانة عليه بالفعل.

فإذا تحقق ذلك فإنه يُسمّى (إذنًا ضمنيًّا) والإذن الضمني مُلحَقٌ بالإذن النصِّي

(1) الأحكام الشرعية لقدري باشا م 169 ، مختصر شرح الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية لمحمد زيد الأبياني ص 167 ، نظام النفقات أحمد إبراهيم ص 11 ، أحكام الأحوال الشخصية عبد الوهاب خلاف ص 109 ، الأحوال الشخصية محمد أبو زهرة ص 278 ، أحكام الزواج لمحمد أبو زهرة ص 292 ، الزواج في الشريعة الإسلامية، علي حسب الله ص 187 ، الفقه المقارن للأحوال الشخصية بدران أبو العنين بدران ص 241 ، النفقة الزوجية في الشريعة الإسلامية د. محمد يعقوب ص 112 ، الفقه الإسلامي وأدلته د. وهبة الزحيلي 7/ 792.

وينظر: الهداية للمرغيناني 3/ 378 ، الكافي لابن عبد البر ص 255 ، جامع الأمهات ص 332، نهاية المطلب 15/ 452 ، العزيز 10/ 31 ، الشرح الكبير لابن أبي عمر 24/ 357.

(2)

جامع الأمهات ص 332 ، حاشية الدسوقي 2/ 514 ، شرح مختصر خليل للخرشي، مختصر شرح الأحكام الشرعية ص 167.

ص: 43

الصَّريح في الحكم السابق (1).

3: الاشتراط النصّي في العقد.

وذلك بأن تشترط المرأة أو وليّها على الزوج عند عقد النكاح (2) أن تعمل المرأة، أو أن لا يمنعها من العمل.

وقد اختُلِفَ في هذا الشَّرط هل يكون مُلزمًا للزوج أم لا على رأيين:

أحدهما: أنّ هذا الشرط غيرُ ملزِم، ولا يجب الوفاء به.

وهذا القول يُخرّج على قول الحنفية (3) والشافعية (4) بعدم صحة الشروط المقترنة بالعقد مما ليس متعلقًا بالمهر، وأنه لا يلزم الوفاء بها (5) ; لأن هذا الشرطَ يُخالف حقًّا ثابتًا بالعقد، ويفوّته عليه; وهو حقّه في الاحتباس الكامل.

ويُخرّج أيضًا على قول المالكيّة باستحباب الوفاء بهذه الشروط وعدم لزومها (6).

وبناءً على ذلك يحقُّ للزوج حينئذٍ أن يَتراجَع عن موافقته السابقة على شرط

(1) نصّ على ذلك عدد من الفقهاء; ومنهم: ابن الحاجب في (جامع الأمهات ص 332) ، والخرشي في (شرح مختصر خليل). والأبياني في (مختصر شرح الأحكام الشرعية ص 167).

(2)

وصحح الشيخ تقي الدين الشرطَ المتفق عليه قبل العقد. ومال ابن رجب إلى صحة الشرط بعد العقد وأنه يلزم، والمذهب بأنه لا بُدّ أن يكون الشرط في صلب العقد. [الإنصاف 20/ 389].

(3)

فتح القدير 3/ 334 ، تبيين الحقائق للزيلعي 2/ 149 ، البحر الرائق 3/ 84.

وينظر: نظرية الشرط د. حسن الشاذلي ص 185.

(4)

المهذب 4/ 162 ، نهاية المحتاج للرملي 6/ 344.

(5)

وممن نصّ على تخريجه على قول الحنفيّة: محمد سلام مدكور في (الوجيز 193) ، ود. رشدي شحاته أبو زيد في (الاشتراط في وثيقة الزواج في الفقه الإسلامي ص 288، 296)، ود. وهبة الزحيلي في (الفقه الإسلامي وأدلته 7/ 793).

(6)

بداية المجتهد لابن رشد 2/ 48.

ص: 44

عَملُ المرأة ويمنعها منه.

الثاني: أن هذا الشرط يلزمُ الوفاءُ به، ولا تسقطُ به النفقة.

وهو مخرّج على مذهب الحنابلة (1) ، وقول عند المالكية (2) في صحّة الشروط الجعلية في عقد النكاح إذا كان فيها مصلحة لأحد الزوجين، ولا تُخالف مقتضى العقد، ولا حقيقته، وأن هذا الشَّرط يكون ملزمًا للزوج; لعموم الأدلة على جواز الاشتراط في النكاح ولزوم الوفاء بها.

ولعلّ هذا الرأي أقرب لتحقيق المناط في مسألة شروط النكاح، فيكون اشتراط المرأة على زوجها أن تعمل شرطًا صحيحًا، لازمًا للزوج، غير مسقط للنفقة (3).

4: الاشتراط العرفي في العقد.

وذلك أن يتزوّج الرجلُ بامرأةٍ يَعلمُ أنها موظفة، ولم تشترط عليه العمل، وقد جرى العُرف أن المرأة تستمرُّ في عملها. فهل هذا يُعدُّ إذنًا عُرفيًّا أم لا?

وقد اختُلف في هذه المسألة على رأيين; بناءً على أن بعض التصرفات هل تدلّ على الرضا أم لا ?

الرأي الأول: ذهب بعضُ المعاصرين (4) إلى أن الزواج مِن المرأة الموظفةِ التي

(1) ذكر المرداوي في (الإنصاف 20/ 390) أن القول بصحّة الشرط ولزومه من مفردات المذهب. ونقل عن الشيخ تقي الدين أنه قال: (إنه ظاهر الأثر والقياس).

(2)

بداية المجتهد لابن رشد 2/ 48. وهو ما مال إليه ابن رُشدٍ خلافًا للمشهور.

(3)

وينظر: المفصل لأحكام المرأة، د. عبد الكريم زيدان 7/ 166 ، حقوق المرأة في الشريعة الإسلامية، د. إبراهيم عبد الهادي النجار ص 111.

(4)

وهذا رأي جماعة من المعاصرين; منهم: د. إبراهيم عبد الهادي النجار في كتابه (حقوق المرأة في الشريعة الإسلامية ص 111). ود. أحمد الغندور في (الأحوال الشخصية في التشريع الإسلامي ص 248).

ص: 45