الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الماوردي (ت 450 هـ): (لها الخروجُ من منزلها لتكتسب نفقتها بعملٍ أو مسألة ولم يكن للزوج منعها مع تعذر النفقة عليه .. ولو وجدت من المال مَا تنفقه وأمرها بالمقام للإنفاق منه لم يلزمْها وجاز لها الخروج لتكسب; لأنه لمَّا تعذّر عليها اكتسابُ النفقة مِن الزوج جاز لها أن تكتسبها بعمل)(1).
وقال الموفّق ابن قدامة (ت 620 هـ): (وعليه تخلية سبيلها لتكتسب لها وتُحصِّل مَا تُنفقُه على نفسِها; لأن في حبسِها بغير نفقة إضرارًا بها، ولو كانت موسرة لم يكن له حبسها; لأنه إنما يملك حبسها إذا كفاها المؤنةَ ، وأغناها عمّا لا بُدّ لها منه
…
فإذا انتفى الأمران لم يملك حبسها) (2).
ونصَّ على ذلك غيرهما أيضًا (3).
الرابع: إذن الزوج بعمل المرأة
.
وهذا القيد مما توسَّع المعاصرون في بحثه وتفصيله (4) ، وسنتناوله تناولًا مغايرًا لمَا فعله الآخرون بتقسيمٍ وعرضٍ مختلف.
فإنّ لعمل المرأة خارج منزلها حالتين:
أ/ إمّا أن لا يأذن الزوج بالعمل.
ب/ أو أن يأذن لها به.
(1) الحاوي للماوردي 11/ 1042. وينظر: روضة الطالبين للنووي 9/ 81.
(2)
المغني لابن قدامة 11/ 366.
(3)
نص عليه أيضًا: شيخ زاده في (مجمع الأنهر 1/ 496)، والخرشي في (شرح مختصر خليل 5/ 210)، والنووي في (روضة الطالبين 9/ 78).
(4)
مختصر شرح الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية، لمحمد زيد الأبياني ص 167 ، الفقه المقارن للأحوال الشخصية بدران أبو العنين بدران ص 241 ، النفقة الزوجية في الشريعة الإسلامية د. محمد يعقوب ص 112.
أ/ أثر عدم إذن الزوج بعمل المرأة في النفقة:
سَبَقَ في المبحث السَّابق (1) تفصيل آراء الفقهاء في هذه المسألة، وأن لهم ثلاثةَ آراءٍ:
أحدها: أن النفقة تسقط بالكُليّة. وهو قول الحنفيّة ومُخَرّجٌ على قول الشافعيّة.
والثاني: أنها لا تسقط مطلقًا. وهو قول بعض فقهاء السلف، ومخرّج على قاعدة الظاهرية في عدم سقوط نفقة الناشز.
والثالث: أن النفقة لا تسقط، وإنما تتشطّر بسبب خروجها. وهو قول فقهاء الحنابلة، وهو الرأي المُرجّح في المسألة.
ب/ أثر إذن الزوج بعمل المرأة في النفقة:
أمّا إذا رَضِي الزوجُ بعمل زوجته خارج بيتها وأذن لها فيه، فقد حُكي الاتفاق على أن نفقتها لا تسقط (2)، وهذا فيه نظر فإن للفقهاءِ خلافًا في المرأة إذا خرجت أو سافرت بإذن الزوج في شُغل نفسها فهل تسقط نفقتها على قولين -يُخرّج حكم المسألة عليه-:
القول الأول: للجمهور (3). أن النفقة لا تسقط بإذن زوجها لها بالعمل; لأن المرأة إنما فوّتتْ حقَّ الزوج بإذنه ورضاه، فكأنه هو مَن ابتدأ في إسقاط حقّه، فلا يُقابل هذا الإسقاط شيء، فلا يَسقطُ شيءٌ من حقوقها الثابتِة لها شَرعًا، وعلى ذلك فإنه يثبت للمرأةِ العاملةِ خارج منزلها النفقةُ إذا كان عملُها بإذن زوجها.
(1) ينظر ما تقدّم ص 24.
(2)
كذا ذكر عمرو عبد الفتاح في كتابه (السياسة الشرعيّة في الأحوال الشخصية ص 89).
(3)
ينظر للحنفية: الهداية للمرغيناني (مع حاشية اللكنوي) 3/ 378. وللمالكية: الكافي لابن عبد البر ص 255 ، جامع الأمهات لابن الحاجب ص 332. وللشافعية: نهاية المطلب 15/ 452 ، التهذيب 6/ 345 ، العزيز 10/ 31. وللحنابلة: الشرح الكبير لابن أبي عمر 24/ 357.