الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْأَئِمَّة رضوَان الله عَلَيْهِم أهل زمانهم اتكالا على علمنَا بِهِ وحسبي نصح الفضيل ابْن عِيَاض وسُفْيَان وَمَالك رضوَان الله عَلَيْهِم فَهَذِهِ الْمَسْأَلَة حسبي فِي الْجَواب مِنْك انْتهى مَا وقفنا عَلَيْهِ من هَذِه الرسَالَة وَهِي دَالَّة على براعة الرجل فقها وأدبا وَكَمَال مُرُوءَة وعلو همة رحمه الله وَغفر ذنُوبه
اسْتِيلَاء نَصَارَى الإصبنيول على المعمورة ونهوض أبي عبد الله العياشي لجهادهم وانتفاض أندلس سلا على السُّلْطَان زَيْدَانَ رحمه الله
قد قدمنَا فِي أَخْبَار الوطاسيين مَا كَانَ من اسْتِيلَاء البرتغال على المعمورة الْمُسَمَّاة الْيَوْم بالمهدية ومقامهم بهَا سِنِين قَلَائِل ثمَّ جلائهم عَنْهَا ثمَّ لما استولى الإصبنيول خذله الله فِي هَذِه الْمدَّة على العرائش كَمَا مر طمحت نَفسه إِلَى الِاسْتِيلَاء على غَيرهَا وتعزيزها بأختها فَرَأى أَن المهدية أقرب إِلَيْهَا فَبعث إِلَيْهَا الطاغية فيليبس الثَّالِث من جَزِيرَة قادس تسعين مركبا حربية فَانْتَهوا إِلَيْهَا واستولوا عَلَيْهَا من غير قتال لفرار الْمُسلمين الَّذين كَانُوا بهَا عَنْهَا هَكَذَا فِي تواريخ الفرنج
وَقَالَ شَارِح الزهرة كَانَ نزُول النَّصَارَى بمرسى الْحلق سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَألف وَقيل سنة ثَلَاث وَعشْرين بعْدهَا وَقيل غير ذَلِك وَكَانَ عَدو الله الإصبنيول أَرَادَ أَن يضمها إِلَى العرائش لينضبط لَهُ مَا بَينهمَا من السواحل وتتقوى عساكره بهما فخيب الله ظَنّه وَلَقي من أهل الْإِسْلَام عرق الْقرْبَة وَكَانَ أَبُو عبد الله العياشي بعد رُجُوعه من آزمور وسلامته من اغتيال قَائِد زَيْدَانَ دخل سلا فِي نَحْو أَرْبَعِينَ رجلا وزار ضريح شَيْخه أبي مُحَمَّد بن حسون وَبَات عِنْده فَجَاءَهُ أهل سلا وَذكروا لَهُ مَا هم فِيهِ من الْخَوْف من نَصَارَى المعمورة وَأَن مسارحهم قد امتدت إِلَى الغابة وَأَن النَّصَارَى أَلفَانِ من الرُّمَاة سوى الفرسان فَأَمرهمْ بالتهيؤ إِلَيْهِم
وَفِي نشر المثاني مَا نَصه وَفِي أَوَاخِر جُمَادَى الثَّانِيَة سنة ثَلَاث
وَعشْرين وَألف أَخذ النَّصَارَى المهدية فَكتب أهل سلا إِلَى السُّلْطَان زَيْدَانَ فَبعث إِلَيْهِم أَبَا عبد الله العياشي الَّذِي كَانَ مقدما بوكالته على الْجِهَاد بدكالة وَهُوَ يَقْتَضِي أَن مَجِيء العياشي إِلَى سلا كَانَ بِإِذن السُّلْطَان لَا فِرَارًا مِنْهُ وَالْأول أصح اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون مَجِيئه فَارًّا كَانَ بعد هَذَا التَّارِيخ وَالله أعلم
وَأمر أَبُو عبد الله العياشي أهل سلا بالتهيؤ للغزو واتخاذ الْعدة فَلم يجد عِنْدهم إِلَّا نَحْو الْمِائَتَيْنِ مِنْهَا وَكَانَت السنون والفتن قد أضعفتها فحضهم على الزِّيَادَة والاستكثار مِنْهَا فَكَانَ مبلغ عدتهمْ بِمَا زادوه زهاء أَرْبَعمِائَة ثمَّ نَهَضَ بهم إِلَى المعمورة فصادف بهَا من النَّصَارَى غرَّة فَكَانَت بَينه وَبينهمْ حَرْب قربهَا إِلَى أَن غربت الشَّمْس فَقتل من النَّصَارَى زهاء أَرْبَعمِائَة وَمن الْمُسلمين مِائَتَان وَسَبْعُونَ وَهَذِه أول غَزْوَة أوقعهَا فِي أَرض الغرب بعد صدوره من ثغر آزمور وَمِنْهَا أقصرت النَّصَارَى عَن الْخُرُوج إِلَى الغابة وضاق بهم الْحَال
ثمَّ إِن السُّلْطَان زَيْدَانَ لما بلغه اجْتِمَاع النَّاس على سَيِّدي مُحَمَّد العياشي بسلا وسلامته من غدرة قائده السنوسي بعث إِلَى قائده على عَسْكَر الأندلس بقصبة سلا الْمَعْرُوف بالزعروري وَأمره باغتياله وَالْقَبْض عَلَيْهِ ففاوض الزعروري أَشْيَاخ الأندلس فِي ذَلِك فاتفق رَأْيهمْ على أَن يكون مَعَ العياشي جمَاعَة مِنْهُم عينا عَلَيْهِ وطليعة على نِيَّته واستخبارا لما هُوَ عازم عَلَيْهِ وَمَا هُوَ طَالب لَهُ فلازمه بَعضهم وَشعر العياشي بذلك فانقبض عَن الْجِهَاد وَلزِمَ بَيته
ثمَّ إِن الله أوقع النفرة بَين السُّلْطَان زَيْدَانَ وَبَين أهل الأندلس وَذَلِكَ أَن السُّلْطَان الْمَذْكُور كَانَ قد بعث قبل ذَلِك إِلَى الْقَائِد الزعروري أَن يُجهز إِلَى درعة أَرْبَعمِائَة من أندلس سلا فجهزهم إِلَيْهَا وطالت غيبتهم بهَا ففر أَكْثَرهم ونفرت قُلُوبهم عَن الزعروري وسلطانه فَكَانَ زَيْدَانَ يبْعَث إِلَى أهل الأندلس بسلا بتجديد الْبَعْث إِلَى درعة فيأبون الانقياد إِلَيْهِ فِي ذَلِك وكرهوه وأزمعوا على خلع طَاعَته ثمَّ وشوا إِلَيْهِ بقائده الزعروري فَبعث زَيْدَانَ