الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقتل أبي عبد الله العياشي رحمه الله وَالسَّبَب فِيهِ
قدمنَا أَن أهل الأندلس بسلا تحزبوا على أبي عبد الله العياشي ورموه عَن قَوس وَاحِدَة وَأَنه كَانَ قد اطلع على خبثهمْ ونصحهم للكفر وَأَهله وَأَنه استفتى الْعلمَاء فيهم فأفتوه بِإِبَاحَة قتال من هَذِه صفته فَأطلق فيهم السَّبِيل أَيَّامًا فَقتل من وجد مِنْهُم وهرب أَكْثَرهم فهربت طَائِفَة مِنْهُم إِلَى مراكش وهربت طَائِفَة إِلَى الجزائر وَأُخْرَى إِلَى النَّصَارَى وَفرْقَة إِلَى زَاوِيَة الدلاء فجَاء أهل الدلاء يشفعون فِي أهل الأندلس فَأبى أَبُو عبد الله أَن يقبل فيهم الشَّفَاعَة وَقَالَ إِن الرَّأْي فِي استئصال شأفتهم فَلَمَّا رأى أهل الدلاء امْتِنَاعه ورد شفاعتهم غضبوا لذَلِك وَأَجْمعُوا على حربه وَمن قبل مَا كَانَت القوارص تسري مِنْهُم إِلَيْهِ يدل على ذَلِك الرسَالَة الَّتِي كتب بهَا الشَّيْخ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أبي بكر الدلائي إِلَى أبي عبد الله العياشي وَنَصهَا الْحَمد لله الْحَلِيم الْعَفو الرؤوف المنزه عَن صِفَات من وصف بهَا مؤف وَصلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَدِينَة الْعلم المسورة بسور السماحة والحلم وعَلى سَادَاتنَا آله وَصَحبه وكل من انتظم فِي سلك أتباعهم من أهل حزبه هَذَا وَإِن المجلى بِنور طلعته ظلم الظُّلم وَالْفساد الْمحلي خَزَائِن الْمَعَالِي بموجبات النِّفَاق على حِين الكساد المستوطن حبه بسويداء الْفُؤَاد من أَلْقَت إِلَيْهِ المكارم أزمة الانقياد وصلحت بِهِ بِحَمْد الله الْعباد والبلاد حوطة الْإِسْلَام وحمايته وخديم الدّين المحمدي وكفايته سَيِّدي مُحَمَّد بن أَحْمد العياشي الْمَحْمُود الْأَوْصَاف بِشَهَادَة من يعد من أهل الْإِنْصَاف زَاده الله من المكارم أَعْلَاهَا وَمن نفائس دُرَر الْمجد أغلاها وَتوجه بتاج الْكَرَامَة والرضى وأمده بدائم مدده السرمدي حَتَّى يرضى وَسلم جنابه الْقُدسِي العلمي العملي المرابطي المجاهدي من جَمِيع البلايا وأتحفه من تحفه الفاضلة الوهبية بِأَعْلَى المزايا وَأهْدى إِلَيْهِ من طيب بركاته ورحماته مَا يرضاه دينه العلمي لحماته قد شَهِدنَا على أَنْفُسنَا بِالْإِقْرَارِ بفضله علينا وَأَن مَا يسره يسرنَا وَمَا
يضرّهُ يضرنا علم ذَلِك منا يَقِينا من لَهُ مَعنا أدنى مُخَالطَة بِحَيْثُ لَا يُمكنهُ أَن يدْفع ذَلِك بِنَوْع من المغالطة وَإِن الضار بِالْعينِ ضار بإنسانها لَكِن النُّفُوس الإنسانية مَحل لخطاها ونسيانها وَمن أقمناه لديكم مقَام الْخَادِم وَالْولد قد ساءنا مِنْهُ مَا ساءكم مِمَّا عَنهُ ورد وطلبنا من جميل أوصافكم مُعَامَلَته بالصفح والجميل فَلَنْ يزَال الْإِنْسَان إِلَّا من عصمه الله يستمال أَو يمِيل وَلَوْلَا الْحَرَارَة مَا عرف الظل وَلَوْلَا الوابل لقيل النِّهَايَة فِي الطل وَمَا عرف الْعَفو لَوْلَا الْإِسَاءَة وَلَا يُقَال صَبر الْمَرْء إِلَّا فِيمَا سَاءَهُ وَمَا عرفنَا صَاحبه إِلَّا محبا لجَانب كل من للدّين ينتسب فَإِن خرج عَن نظركم فقد أَتَاهُ الْغَلَط من لَا يحْتَسب انْتهى
وَكَانَ الشَّيْخ ابْن أبي بكر رحمه الله يُطِيل الثَّنَاء على أبي عبد الله العياشي ويذيع محاسنه وَكَانَ يَقُول فِي دُعَائِهِ اللَّهُمَّ أجز عَنَّا سَيِّدي مُحَمَّد العياشي أفضل المجازاة وكافه أحسن الْمُكَافَأَة وَاجعَل مكافأتك لَهُ كشف الْحجب عَن قلبه حَتَّى تكون أقرب إِلَيْهِ مِنْهُ اللَّهُمَّ لَا تحرمه توجهه إِلَيْك وانقطاعه لخدمتك اللَّهُمَّ نفس كربته وكمل رغبته وأجب دَعوته وسدد رميته واردد لَهُ الكرة على من عداهُ فِي الْحق إِنَّك على كل شَيْء قدير انْتهى
فَهَذَا حَال الشَّيْخ ابْن أبي بكر رحمه الله مَعَ أبي عبد الله العياشي ثمَّ قدر الله أَن حدث بَين أَوْلَاده وَبَين العياشي من النفرة مَا أفْضى إِلَى الْمُقَاتلَة وَذَلِكَ بِسَبَب رده شفاعتهم فِي أهل الأندلس وَأُمُور أخر فَأَجْمعُوا على حربه كَمَا قُلْنَا فَخرج إِلَيْهِم أَبُو عبد الله العياشي فأوقع بهم وَهزمَ جموعهم وفتك بالعرب الَّذين كَانُوا مَعَ التاغي فتفرقت الجموع وتبرأ التَّابِع من الْمَتْبُوع
ثمَّ ذهب أَبُو عبد الله العياشي إِلَى طنجة بِقصد الْجِهَاد فَلَمَّا قفل من غَزوه وجد البربر من أهل الدلاء قد وصلوا إِلَى أَطْرَاف أزغار وَمَعَهُمْ التاغي والدخيسي وَأهل حزبهم من الكدادرة وَغَيرهم وعزموا على مصادمة أبي عبد الله فَأَرَادَ أَن يغض الطّرف عَنْهُم وَيصرف عنانه عَن جهتهم فَلم يزل أَصْحَابه
بِهِ إِلَى أَن برز لمقاتلتهم فَلَمَّا التقى الْجَمْعَانِ كَانَت الدبرة على أبي عبد الله العياشي وَقتل فرسه تَحْتَهُ فَرجع إِلَى بِلَاد الْخَلْط وَكَانَ رُؤَسَاء الْخَلْط أَكْثَرهم فِي حزب التاغي وعَلى رَأْي الكدادرة فَرَجَعت البربر إِلَى أوطانهم وَبَقِي أَبُو عبد الله العياشي عِنْد الْخَلْط أَيَّامًا ثمَّ غدروا بِهِ فَقَتَلُوهُ بِموضع يُسمى عين الْقصب واحتزوا رَأسه وَحمله بَعضهم إِلَى سلا وَكَأَنَّهُ حمله إِلَى أهل الأندلس إِذْ هم أعداؤه بهَا قَالَ فِي شرح المثاني ودفنت جثته بِإِزَاءِ رَوْضَة أبي الشتَاء رضي الله عنه
وَمن كراماته المتواترة أَنهم لما حملُوا الرَّأْس سَمِعُوهُ لَيْلًا وَهُوَ يقْرَأ الْقُرْآن جهارا حَتَّى علمه جَمِيع من حضر فَردُّوهُ إِلَى مَكَانَهُ وَتَابَ بِسَبَبِهِ جمَاعَة من النَّاس وَأما الْقبَّة المنسوبة إِلَيْهِ بقبيلة أَوْلَاد أبي عَزِيز من بِلَاد دكالة فَالظَّاهِر أَنَّهَا متخذة على بعض معاهده الَّتِي كَانَ يأوي إِلَيْهَا أَيَّام كَونه بالقبيلة الْمَذْكُورَة فِي ابْتِدَاء أمره كَمَا مر وَلَيْسَ هُنَاكَ قبر لَهُ على الصَّحِيح
وَلما قتل أَبُو عبد الله العياشي فَرح النَّصَارَى بمقتله غَايَة الْفَرح وأعطوا الْبشَارَة على ذَلِك وَعمِلُوا المفرحات ثَلَاثَة أَيَّام وَكَانَ مَقْتَله رحمه الله تَاسِع عشر الْمحرم سنة إِحْدَى وَخمسين وَألف وَقد رمزوا لتاريخ وَفَاته بقَوْلهمْ مَاتَ زرب الْإِسْلَام بِإِسْقَاط ألف الْوَصْل وَحدث رجل أَنه كَانَ بالإسكندرية فَرَأى النَّصَارَى يَوْمئِذٍ يفرحون وَيخرجُونَ أنفاضهم فَسَأَلَهُمْ فَقَالُوا لَهُ قتل سانطو بالمغرب وَفِي الرحلة لأبي سَالم العياشي قَالَ أَخْبرنِي الشَّيْخ مُحَمَّد الْفَزارِيّ بِمَكَّة قَالَ كَانَ بِالْمَدِينَةِ المشرفة رجل مغربي من أهل الْقصر فِي السّنة الَّتِي قتل فِيهَا الْوَلِيّ الصَّالح الْمُجَاهِد سَيِّدي مُحَمَّد بن أَحْمد العياشي قَالَ فَجَاءَنِي ذَات يَوْم وَقَالَ لي إِنِّي رَأَيْت فِي النّوم أُخْتِي وَرَأَيْت رجلا جَالِسا مَقْطُوع الْيَد تسيل دَمًا فَقلت لَهُ من أَنْت قَالَ الْإِسْلَام قطعت يَدي بسلا قَالَ فَلَمَّا أَخْبرنِي قلت لَهُ الَّذِي يظْهر لي من رُؤْيَاك أَن الرجل الصَّالح الْمُجَاهِد الَّذِي كَانَ بسلا قد قتل قَالَ وَبعد ذَلِك فِي آخر السّنة قدم حجاج الْمغرب فأخبرونا بِمَوْتِهِ
وَقد رثي رحمه الله بقصائد كَثِيرَة مِنْهَا قصيدة الأديب البليغ أبي الْعَبَّاس أَحْمد الدغوغي الَّتِي ذكرهَا فِي النزهة ويحكى أَنه وجد مُقَيّدا بِخَط أبي عبد الله العياشي الْمَذْكُور أَن جملَة مَا قَتله من الْكفَّار فِي غَزَوَاته سَبْعَة آلَاف وسِتمِائَة وَسَبْعُونَ ونيف وَمِمَّا مدحه بِهِ الْعَلامَة الإِمَام الشهير أَبُو مُحَمَّد عبد الْوَاحِد بن عَاشر قَوْله
(يَا حادي الأظعان فِي الرياشي
…
أبلغ سلامي فخرنا العياشي)
(من نوره بدا وفضله غَدا
…
تحدو بِهِ الركْبَان والمواشي)
(طود الْهدى عين الندى فَرد الورى
…
فريد وقته الإِمَام الخاشي)
(لله سيف صارم وقاصم
…
ظهر العدا كَبِيرهمْ والناشي)
(يتركهم عِنْد اللقا رهن الشقا
…
صرعى على الأَرْض كَمَا الكباشي)
(يَا مُسلمين تهنيكم حَيَاتكُم
…
مَا عَاشَ فِيكُم سَيِّدي العياشي)
(أَنَام لَا شكّ الْأَنَام الْكل فِي
…
ظلّ الْأمان لين الْفراش)
(يَا عاذلي فِي حبه عذلك دع
…
وَلَا تُحَدِّثنِي حَدِيث الواشي)
(إِنِّي امرء بالْحسنِ مفتون وَعَن
…
جَمِيع لوم لائمي عاشي)
(هديتي إِلَى الْكِرَام أبرزت
…
سلامها للسامعين فاشي)
وثناء النَّاس عَلَيْهِ كثير فقد أثنى عَلَيْهِ الشَّيْخ ميارة كَمَا مر وَأَبُو عبد الله مُحَمَّد الْعَرَبِيّ الفاسي وَابْن أبي بكر الدلائي وَغَيرهم
وَكَانَ رحمه الله مجاب الدعْوَة مَا دَعَا الله فِي شَيْء إِلَّا اسْتُجِيبَ لَهُ شوهد ذَلِك مِنْهُ مرَارًا وَمن أدعيته المحفوظة عَنهُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك بِاسْمِك السَّرِيع الْمُجيب الَّذِي خزنت فِيهِ فواتح رحمتك وخواتم إرادتك وَسُرْعَة إجابتك يَا سريع لمن قَصده يَا قريب مِمَّن سَأَلَهُ يَا مُجيب من دَعَاهُ أسْرع لي بِقَضَاء حَاجَتي وبلوغ إرادتي يَا سميع يَا مُجيب يَا سريع يَا قريب آمين آمين آمين يَا رب الْعَالمين
وَكَانَ فَقِيها مشاركا فِي الْفُنُون وَله أَتبَاع ظَهرت عَلَيْهِم بركاته ولاح عَلَيْهِم سره وَمن أَتْبَاعه الشَّيْخ أَبُو الْوَفَاء إِسْمَاعِيل بن سعيد الدكالي
القاسمي صَاحب الزاوية الْمَشْهُورَة بِبِلَاد دكالة وَمن أَتْبَاعه أَيْضا الْمُقدم الْمُجَاهِد أَبُو الْعَبَّاس الْخضر غيلَان الجرفطي وَقد ذكر ذَلِك الشَّيْخ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن نَاصِر الدرعي فِي رِسَالَة كتب بهَا إِلَى الْمُجَاهِد الْمَذْكُور يَقُول فِيهَا مَا نَصه من عبيد الله تَعَالَى مُحَمَّد بن نَاصِر كَانَ الله لَهُ إِلَى الْفَارِس الْقَائِم بنصر دين الله البَائِع نَفسه فِي إعلاء كلمة الله الْخضر غيلَان سَلام عَلَيْك وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته وَإِنِّي أَحْمد إِلَيْك الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ أما بعد فَإِنِّي احبك فِي الله وَإِن لساني لهج بالتضرع إِلَى الله تَعَالَى فِي نصرك على الْكَافرين مُنْذُ خرج النجليز والباعث على إعلامك بِهَذَا أَمْرَانِ أَحدهمَا قَوْله صلى الله عليه وسلم (إِذا أحب أحدكُم أَخَاهُ فليعلمه) وَالثَّانِي استنهاض همتك للْجدّ فِيمَا أَنْت بصدده من الْجِهَاد وَعدم الِالْتِفَات إِلَى مَا تورط فِيهِ غَيْرك من الاغترار بالفاني فَأَنت مَا دمت فِي هَذَا على طَرِيق صَالِحَة وَعباد الله الصالحون كلهم مَعَك ورحم الله صَاحبك الَّذِي أسس لَك هَذِه الطَّرِيق الصَّالِحَة ورباك عَلَيْهَا أَعنِي أَمِير الْمُؤمنِينَ نور الْبِلَاد المغربية سَيِّدي مُحَمَّد العياشي جزاه الله عَنَّا وَإِيَّاك عَن الْمُسلمين خيرا فَهُوَ سيدنَا وَسيد غَيرنَا الَّذِي ندين الله بمحبته وَيجب علينا وعَلى الْمُسلمين تَعْظِيمه وتعظيم من هُوَ مِنْهُ بسبيل ثمَّ قَالَ الشَّيْخ ابْن نَاصِر رحمه الله بعد كَلَام مَا نَصه وتستوصي بآل سيدنَا وَسيد الْمُسلمين فِي زَمَانه كَافَّة خيرا سَيِّدي مُحَمَّد العياشي فَهُوَ عزك وبتعظيمهم قوام أَمرك وَهَذَا من نصيحتي إِلَيْك الَّتِي هِيَ من نتيجة محبتنا لَك فعاملهم بِالْوَفَاءِ وَلَا تؤاخذهم بالجفاء انْتهى الْمَقْصُود مِنْهُ
ولولد سَيِّدي مُحَمَّد العياشي وَهُوَ الْفَقِيه الْعَلامَة سَيِّدي عبد الله أرجوزة نظم فِيهَا أهل بدر وتوسل بهم إِلَى الله تَعَالَى فِي هَلَاك الَّذين تمالؤوا على قتل أَبِيه فَلم تمض إِلَّا مُدَّة يسيرَة حَتَّى دارت عَلَيْهِم دَائِرَة السوء وَلم ينج مِنْهُم أحد
وَفِي الْبُسْتَان إِن أَبَا عبد الله مُحَمَّد الْحَاج الدلائي دخل بِلَاد الغرب وَذَلِكَ بعد مقتل أبي عبد الله العياشي فَلَقِيَهُ وَلَده سَيِّدي عبد الله
الْمَذْكُور بجموع الغرب بوادي الطين فَوَقَعت الْحَرْب فِي قبائل وانتهبت حللهم ومواشيهم انْتهى وَكَانَ ذَلِك فِي أَوَائِل ربيع الأول سنة ثَلَاث وَخمسين وَألف
ولسيدي عبد الله ابْن سَيِّدي مُحَمَّد العياشي فِي بعض زياراته لِأَبِيهِ قَوْله
(أَتَيْنَا إِلَيْك وأنفسنا
…
تكَاد من الْخَوْف مِنْك تذوب)
(وَلم ندر أَيْن هَوَاك الَّذِي
…
تحب فتنحو إِلَيْهِ الْقُلُوب)
(أَقَمْنَا فخفنا وَجِئْنَا فخفنا
…
فَمن خوفنا قد دهتنا خطوب)
(فها نَحن من خوفنا مِنْك حيرى
…
وَهَا نَحن من خوفنا مِنْك شيب)
قَالَ اليرفني فِي الصفوة وَأَخْبرنِي حافده الْعَلامَة قَاضِي الْقُضَاة أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد العياشي أَن جده سَيِّدي عبد الله الْمَذْكُور كَانَ قد أَصَابَهُ مرض أعيى الْأَطِبَّاء علاجه فَلَمَّا طَال عَلَيْهِ أمره رغب مِنْهُم أَن يحملوه إِلَى ضريح الشَّيْخ سَيِّدي الْحَاج أَحْمد بن عَاشر بسلا فَلَمَّا وقف على الضريح أنْشد ارتجالا
(أَقُول لدائي إِذْ تفاقم أمره
…
وَعز الدوا من كل من هُوَ ناصري)
(إِلَّا فَانْصَرف بِاللَّه عني إِنَّنِي
…
أَنا الْيَوْم جَار للْوَلِيّ ابْن عَاشر)
قَالَ فَكَأَنَّمَا نشط من عقال وانقشع عَنهُ سَحَاب ذَلِك الضَّرَر فِي الْحَال وَكَانَت وَفَاة سَيِّدي عبد الله الْمَذْكُور لَيْلَة عَرَفَة سنة ثَلَاث وَسبعين وَألف وَدفن بجوار الْوَلِيّ الْأَشْهر الشَّيْخ أبي سلهام من بِلَاد الغرب وبنيت عَلَيْهِ قبَّة صَغِيرَة وأخبار العياشيين ومحاسنهم كَثِيرَة وبيتهم بَيت خير وَصَلَاح رحمهم الله ونفعنا بهم آمين