الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(باب معنى قول الله عز وجل ولقد رآه نزلة أخرى)
وهل رَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَبَّهُ لَيْلَةَ الاسراء
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رحمه الله اخْتَلَفَ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ هَلْ رَأَى نَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم رَبَّهُ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ فَأَنْكَرَتْهُ عَائِشَةُ رضي الله عنها كَمَا وَقَعَ هُنَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَجَاءَ مِثْلُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَجَمَاعَةٍ وهو المشهور عن بن مَسْعُودٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَالْمُتَكَلِّمِينَ وروى عن بن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ رَآهُ بِعَيْنِهِ وَمِثْلُهُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَكَعْبٍ رضي الله عنهما وَالْحَسَنِ رحمه الله وَكَانَ يَحْلِفُ عَلَى ذلك وحكى مثله عن بن مَسْعُودٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَحَكَى أَصْحَابُ الْمَقَالَاتِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ رَآهُ وَوَقَفَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا فِي هَذَا وَقَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ وَلَكِنَّهُ جَائِزٌ وَرُؤْيَةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الدُّنْيَا جَائِزَةٌ وَسُؤَالُ مُوسَى إِيَّاهَا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِهَا إِذْ لَا يَجْهَلُ نَبِيٌّ مَا يَجُوزُ أَوْ يَمْتَنِعُ عَلَى رَبِّهِ وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي رُؤْيَةِ مُوسَى صلى الله عليه وسلم رَبَّهُ وَفِي مُقْتَضَى الْآيَةِ وَرُؤْيَةِ الْجَبَلِ فَفِي جَوَابِ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُمَا رَأَيَاهُ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم هَلْ كَلَّمَ رَبَّهُ سبحانه وتعالى لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ أَمْ لَا فَحُكِيَ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ وَقَوْمٍ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ أَنَّهُ كَلَّمَهُ وَعَزَا بَعْضُهُمْ هَذَا إِلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وبن مسعود وبن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي قوله تعالى ثم دنا فتدلى فَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّ هَذَا الدُّنُوَّ وَالتَّدَلِّي مُنْقَسِمٌ مَا بَيْنَ جِبْرِيلَ وَالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ مُخْتَصٌّ بِأَحَدِهِمَا مِنَ الْآخَرِ وَمِنَ السدرة المنتهى وذكر عن بن عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ دُنُوٌّ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى رَبِّهِ سبحانه وتعالى أَوْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَكُونُ الدُّنُوُّ وَالتَّدَلِّي مُتَأَوَّلًا لَيْسَ عَلَى وَجْهِهِ بَلْ كَمَا قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّنُوُّ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لَا حَدَّ لَهُ وَمِنَ الْعِبَادِ بِالْحُدُودِ فَيَكُونُ مَعْنَى دُنُوِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ رَبِّهِ سبحانه وتعالى وَقُرْبِهِ مِنْهُ ظُهُورُ عَظِيمِ مَنْزِلَتِهِ لَدَيْهِ وَإِشْرَاقُ أَنْوَارِ مَعْرِفَتِهِ عَلَيْهِ وَإِطْلَاعُهُ مِنْ غَيْبِهِ وَأَسْرَارِ مَلَكُوتِهِ عَلَى مَا لَمْ يُطْلِعْ سِوَاهُ عَلَيْهِ وَالدُّنُوُّ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ لَهُ إِظْهَارُ ذَلِكَ لَهُ وَعَظِيمُ بِرِّهِ