الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَدِيثِ مَالِكٍ ثِنْتَيْنِ فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُولِ ثِنْتَيْنِ وَهُوَ صَحِيحٌ وَنَصَبَهُ بِتَقْدِيرِ فِعْلٍ أَيْ ذَكَرَ ثِنْتَيْنِ أَوْ كَرَّرَ ثِنْتَيْنِ ثُمَّ إِنَّهُ كَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ تَكْرَارُهُ مَرَّتَيْنِ وَفِي الْمُوَطَّأِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ وَأَمَّا حِكْمَةُ تَكْرَارِهِ فَقِيلَ لِلِاهْتِمَامِ بِهِ وَتَعْظِيمِ شَأْنِهِ وَقِيلَ كَرَّرَهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى عَادَتِهِ فِي تَكْرَارِ الْكَلَامِ لِيُفْهَمْ عَنْهُ والأول أظهر والله أعلم
(بَابُ السِّوَاكِ)
قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ السِّوَاكُ بِكَسْرِ السِّينِ وَهُوَ يُطْلَقُ عَلَى الْفِعْلِ وَعَلَى الْعُودِ الَّذِي يُتَسَوَّكُ بِهِ وَهُوَ مُذَكَّرٌ قَالَ اللَّيْثُ وَتُؤَنِّثُهُ الْعَرَبُ أَيْضًا قَالَ الْأَزْهَرِيُّ هَذَا مِنْ عَدَدِ اللَّيْثِ أَيْ مِنْ أَغَالِيطِهِ الْقَبِيحَةِ وَذَكَرَ صاحب المحكم أنه يؤنث ويذكر والسواك فِعْلُكُ بِالسِّوَاكِ وَيُقَالُ سَاكَ فَمَهَ يَسُوكُهُ سَوْكًا فَإِنْ قُلْتَ اسْتَاكَ لَمْ يُذْكَرِ الْفَمُ وَجَمْعُ السِّوَاكِ سُوُكٌ بِضَمَّتَيْنِ كَكِتَابٍ وَكُتُبٍ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَيْضًا سُؤُكٌ بِالْهَمْزِ ثُمَّ قِيلَ إِنَّ السِّوَاكَ مَأْخُوذٌ مِنْ سَاكَ إِذَا دَلَكَ وَقِيلَ مِنْ جَاءَتِ الْإِبِلُ تَسَاوَكُ أَيْ تَتَمَايَلُ هُزَالًا وَهُوَ فِي اصْطِلَاحِ الْعُلَمَاءِ اسْتِعْمَالُ عُودٍ أَوْ نَحْوِهِ فِي الْأَسْنَانِ لِتَذْهَبَ الصُّفْرَةُ وَغَيْرُهَا عَنْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ إِنَّ السِّوَاكَ سُنَّةٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ لَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا فِي غَيْرِهَا بِإِجْمَاعِ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ فِي الْإِجْمَاعِ وَقَدْ حَكَى الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِنِيُّ إِمَامُ أَصْحَابِنَا الْعِرَاقِيِّينَ عَنْ دَاوُدَ الظَّاهِرِيِّ أَنَّهُ أَوْجَبَهُ لِلصَّلَاةِ وَحَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ دَاوُدَ وَقَالَ هُوَ عِنْدَهُ وَاجِبٌ لَوْ تَرَكَهُ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ وَحُكِيَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ أَنَّهُ قَالَ هُوَ وَاجِبٌ فَإِنْ تَرَكَهُ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَقَدْ أَنْكَرَ أَصْحَابُنَا الْمُتَأَخِّرُونَ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ نَقْلَ الْوُجُوبِ عَنْ دَاوُدَ وَقَالُوا مَذْهَبُهُ أَنَّهُ سُنَّةٌ كَالْجَمَاعَةِ وَلَوْ صَحَّ إِيجَابُهُ عَنْ دَاوُدَ لَمْ تَضُرَّ مُخَالَفَتُهُ فِي انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى الْمُخْتَارِ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ وَالْأَكْثَرُونَ وَأَمَّا إِسْحَاقُ فَلَمْ يَصِحَّ هَذَا الْمَحْكِيُّ عَنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ إِنَّ السِّوَاكَ مُسْتَحَبٌّ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ وَلَكِنْ فِي خَمْسَةِ أَوْقَاتٍ أَشَدُّ اسْتِحْبَابًا أَحَدُهَا عِنْدَ الصَّلَاةِ سَوَاءٌ كَانَ مُتَطَهِّرًا بِمَاءٍ أَوْ بِتُرَابٍ أَوْ غَيْرَ مُتَطَهِّرٍ كَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا الثَّانِي عِنْدَ الْوُضُوءِ الثَّالِثُ
عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ الرَّابِعُ عِنْدَ الِاسْتِيقَاظِ مِنَ النَّوْمِ الْخَامِسُ عِنْدَ تَغَيُّرِ الْفَمِ وَتَغَيُّرُهُ يَكُونُ بِأَشْيَاءَ مِنْهَا تَرْكُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَمِنْهَا أَكْلُ مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ وَمِنْهَا طُولُ السُّكُوتِ وَمِنْهَا كَثْرَةُ الْكَلَامِ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ السِّوَاكَ يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ لِئَلَّا يُزِيلُ رَائِحَةَ الْخُلُوفِ الْمُسْتَحَبَّةِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَاكَ بِعُودٍ من أراك وبأى شئ اسْتَاكَ مِمَّا يُزِيلُ التَّغَيُّرَ حَصَلَ السِّوَاكُ كَالْخِرْقَةِ الْخَشِنَةِ وَالسَّعْدِ وَالْأُشْنَانِ وَأَمَّا الْإِصْبَعُ فَإِنْ كَانَتْ لَيِّنَةً لَمْ يَحْصُلْ بِهَا السِّوَاكُ وَإِنْ كَانَتْ خَشِنَةً فَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ لِأَصْحَابِنَا الْمَشْهُورُ لَا تُجْزِي وَالثَّانِي تُجْزِي وَالثَّالِثُ تُجْزِي إِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا وَلَا تُجْزِي إِنْ وَجَدَ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَاكَ بِعُودٍ مُتَوَسِّطٍ لَا شَدِيدِ الْيُبْسِ يَجْرَحُ وَلَا رَطْبٍ لَا يُزِيلُ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَاكَ عَرْضًا وَلَا يَسْتَاكَ طُولًا لِئَلَّا يُدْمِي لَحْمَ أَسْنَانِهِ فَإِنْ خَالَفَ وَاسْتَاكَ طُولًا حَصَلَ السِّوَاكُ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُمِرَّ السِّوَاكَ أَيْضًا عَلَى طَرَفِ أَسْنَانِهِ وَكَرَاسِيِّ أَضْرَاسِهِ وَسَقْفِ حَلْقِهِ إِمْرَارًا لَطِيفًا وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ فِي سِوَاكِهِ بِالْجَانِبِ الْأَيْمَنِ مِنْ فِيهِ وَلَا بَأْسَ بِاسْتِعْمَالِ سِوَاكِ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُعَوَّدَ الصبي السواك ليعتاده قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (لَوْلَا أَنَّ أَشُقَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَوْ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السِّوَاكَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَأَمَرَهُمْ بِهِ شَقَّ أَوَ لَمْ يَشُقَّ قَالَ جَمَاعَاتٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنَ الطَّوَائِفِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لِلْوُجُوبِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ وَجَمَاعَاتٍ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ وَأَصْحَابِ الْأُصُولِ قَالُوا وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ مَسْنُونٌ بِالِاتِّفَاقِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَتْرُوكَ إِيجَابُهُ وَهَذَا الِاسْتِدْلَالُ يَحْتَاجُ فِي تَمَامِهِ إِلَى دَلِيلٍ عَلَى أَنَّ السِّوَاكَ كَانَ مَسْنُونًا حَالَةَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لَوْلَا أَنَّ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ وَقَالَ جَمَاعَةٌ أَيْضًا فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَنْدُوبَ
لَيْسَ مَأْمُورًا بِهِ وَهَذَا فِيهِ خِلَافٌ لِأَصْحَابِ الْأُصُولِ وَيُقَالُ فِي هَذَا الِاسْتِدْلَالِ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى الْوُجُوبِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَصٌّ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا مَذْهَبُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ وَأَصْحَابِ الْأُصُولِ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ وَفِيهِ بَيَانُ مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الرِّفْقِ بِأُمَّتِهِ صلى الله عليه وسلم وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى فَضِيلَةِ السِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ وَقْتِ اسْتِحْبَابِهِ قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ حَدَّثَنَا حماد بن زيد عن غيلان وهو بن جَرِيرٍ الْمَعْوَلِيُّ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه هَذَا الْإِسْنَادُ كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ إِلَّا أَبَا بُرْدَةَ فَإِنَّهُ كُوفِيٌّ وَأَمَّا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ فَكُوفِيٌّ بَصْرِيٌّ وَاسْمُ أَبِي بردة عامر وقيل الحارث والمعولي بِفَتْحِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْوَاوِ منسوب إلى المعاول بطن من الأزهد وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْتُهُ مِنْ ضَبْطِهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهَذَا الْفَنِّ وَكُلُّهُمْ مُصَرِّحُونَ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ بَدَأَ بِالسِّوَاكِ) فِيهِ بَيَانُ فَضِيلَةِ السِّوَاكِ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ وَشِدَّةِ الِاهْتِمَامِ بِهِ وَتَكْرَارِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (إِذَا قَامَ لِيَتَهَجَّدَ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ) أَمَّا التَّهَجُّدُ فَهُوَ الصَّلَاةُ فِي اللَّيْلِ وَيُقَالُ هَجَدَ الرَّجُلُ إِذَا نَامَ وَتَهَجَّدَ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْهُجُودِ وَهُوَ النَّوْمُ بِالصَّلَاةِ كَمَا يُقَالُ تَحَنَّثَ وَتَأَثَّمَ وَتَحَرَّجَ إِذَا اجْتَنَبَ الْحِنْثَ وَالْإِثْمَ وَالْحَرَجَ وَأَمَّا قَوْلُهُ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ فَهُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَالشَّوْصُ دَلْكُ الْأَسْنَانِ بِالسِّوَاكِ عَرْضًا قَالَهُ
بن الْأَعْرَابِيِّ وَإِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ وَأَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ وَآخَرُونَ وقيل هو الغسل قاله الْهَرَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَقِيلَ التَّنْقِيَةُ قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ والداودي وقيل هو الحك قاله أبو عمرو بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ تَأَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ بِأُصْبُعِهِ فَهَذِهِ أَقْوَالُ الْأَئِمَّةِ فِيهِ وَأَكْثَرُهَا مُتَقَارِبَةٌ وَأَظْهَرُهَا الْأَوَّلُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (حدثنا أبو المتوكل أن بن عَبَّاسٍ حَدَّثَهُ) إِلَى آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ فِيهِ فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ وَيُسْتَنْبَطُ مِنْهُ أَحْكَامٌ نَفِيسَةٌ وَقَدْ ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى هُنَا مُخْتَصَرًا وَقَدْ بَسَطَ طُرُقَهُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ وَهُنَاكَ نَبْسُطُ شَرْحَهُ وَفَوَائِدَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَنَذْكُرُ هُنَا أَحْرُفًا تَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْقَدْرِ مِنْهُ هُنَا فَاسْمُ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ ويقال بن دَاوُدَ الْبَصْرِيُّ وَقَوْلُهُ (فَخَرَجَ فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ فِي آلِ عِمْرَانَ إن في خلق السماوات والأرض الْآيَاتِ) فِيهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ قِرَاءَتُهَا عِنْدَ الِاسْتِيقَاظِ فِي اللَّيْلِ مَعَ النَّظَرِ إِلَى السَّمَاءِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ عَظِيمِ التَّدَبُّرِ وَإِذَا