الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَفَّيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَغَسَلَهُمَا ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِي الْإِنَاءِ فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) فِيهِ أَنَّ السُّنَّةَ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ أَنْ يَأْخُذَ الْمَاءَ لَهُمَا بِيَمِينِهِ وَقَدْ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ يَكُونَانِ بِغَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ أَحَدُ الْأَوْجُهِ الْخَمْسَةِ الَّتِي قَدَّمْتُهَا وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّهُ ذَكَرَ تَكْرَارَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ وَالْوَجْهِ وَأَطْلَقَ أَخْذَ الْمَاءِ لِلْمَضْمَضَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى اسْتِحْبَابِ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ قَبْلَ إِدْخَالِهِمَا الْإِنَاءَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ قَامَ مِنَ النَّوْمِ إِذَا شَكَّ فِي نَجَاسَةِ يَدِهِ وَهُوَ مَذْهَبُنَا وَالدَّلَالَةُ مِنْهُ ظَاهِرَةٌ وَسَيَأْتِي بَيَانُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي بَابِهَا قَرِيبًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ
(بَابُ فضل الوضوء والصلاة عقبه)
قَوْلُهُ (وَهُوَ بِفِنَاءِ الْمَسْجِدِ) هُوَ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَبِالْمَدِّ أَيْ بَيْنَ يَدَيِ الْمَسْجِدِ وَفِي جِوَارِهِ والله أعلم قوله (وَاللَّهِ لَأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا) فِيهِ جَوَازُ الْحَلِفِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةِ الِاسْتِحْلَافِ قَوْلُهُ (لَوْلَا آيَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مَا حَدَّثْتُكُمْ ثُمَّ قَالَ عُرْوَةُ الْآيَةُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا من البينات
الْآيَةَ) مَعْنَاهُ لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ عَلَى مَنْ عَلِمَ عِلْمًا إِبْلَاغَهُ لَمَا كُنْتُ حَرِيصًا عَلَى تَحْدِيثِكُمْ وَلَسْتُ مُتَكَثِّرًا بِتَحْدِيثِكُمْ وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى مَا وَقَعَ فِي الْأُصُولِ الَّتِي بِبِلَادِنَا وَلِأَكْثَرِ النَّاسِ مِنْ غَيْرِهِمْ لَوْلَا آيَةٌ بِالْيَاءِ وَمَدِّ الْأَلِفِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَقَعَ لِلرُّوَاةِ فِي الْحَدِيثَيْنِ لَوْلَا آيَةٌ بِالْيَاءِ إِلَّا الْبَاجِيَّ فَإِنَّهُ رَوَاهُ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ لَوْلَا أَنَّهُ بِالنُّونِ قَالَ وَاخْتَلَفَ رُوَاةُ مَالِكٍ فِي هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ قَالَ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ فَفِي مُسْلِمٍ قَوْلُ عُرْوَةَ إِنَّ الْآيَةَ هِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أنزلنا من البينات وَعَلَى هَذَا لَا تَصِحُّ رِوَايَةُ النُّونِ وَفِي الْمُوَطَّأِ قَالَ مَالِكٌ أَرَاهُ يُرِيدُ هَذِهِ الْآيَةَ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ الْآيَةَ وَعَلَى هَذَا تَصِحُّ الرِّوَايَتَانِ وَيَكُونُ مَعْنَى رِوَايَةِ النُّونِ لَوْلَا أَنَّ مَعْنَى مَا أُحَدِّثُكُمْ بِهِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مَا حَدَّثْتُكُمْ بِهِ لِئَلَّا تَتَّكِلُوا قَالَ الْقَاضِي وَالْآيَةُ الَّتِي رَآهَا عُرْوَةُ وَإِنْ كَانَتْ نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الكتاب ففيه تَنْبِيهٌ وَتَحْذِيرٌ لِمَنْ فَعَلَ فِعْلَهُمْ وَسَلَكَ سَبِيلَهُمْ مَعَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ عَمَّ فِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ مَنْ كَتَمَ عِلْمًا أَلْجَمَهُ اللَّهُ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي وَالصَّحِيحُ تَأْوِيلُ عُرْوَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ) أَيْ يَأْتِي بِهِ تَامًّا بِكَمَالِ صِفَتِهِ وَآدَابِهِ وفي هذا الحديث الحث على الإعتناء بتعلم آدَابُ الْوُضُوءِ وَشُرُوطُهُ وَالْعَمَلُ بِذَلِكَ وَالِاحْتِيَاطُ فِيهِ وَالْحِرْصُ عَلَى أَنْ يَتَوَضَّأَ عَلَى وَجْهٍ يَصِحُّ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ وَلَا يَتَرَخَّصُ بِالِاخْتِلَافِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْرِصْ عَلَى التَّسْمِيَةِ وَالنِّيَّةِ وَالْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَالِاسْتِنْثَارِ وَاسْتِيعَابِ مَسْحِ الرَّأْسِ وَمَسْحِ الْأُذُنَيْنِ وَدَلْكِ الْأَعْضَاءِ وَالتَّتَابُعِ فِي الْوُضُوءِ وَتَرْتِيبِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَتَحْصِيلِ مَاءٍ طَهُورٍ بِالْإِجْمَاعِ وَاللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ الَّتِي تَلِيهَا) أَيْ الَّتِي بَعْدَهَا فَقَدْ جاء في
الموطأ التي تليها حتى يصليها قوله (عن صالح قال قال بن شِهَابٍ وَلَكِنَّ عُرْوَةَ يُحَدِّثُ عَنْ حُمْرَانَ أَنَّهُ قَالَ تَوَضَّأَ عُثْمَانُ) هَذَا إِسْنَادٌ اجْتَمَعَ فِيهِ أَرْبَعَةٌ تَابِعِيُّونَ مَدَنِيُّونَ يَرْوِي بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَفِيهِ لَطِيفَةٌ أُخْرَى وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ الْأَكَابِرِ عَنِ الْأَصَاغِرِ فَإِنَّ صَالِحَ بْنَ كَيْسَانَ أَكْبَرُ سِنًّا مِنَ الزُّهْرِيِّ وَقَوْلُهُ (وَلَكِنَّ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِحَدَثٍ قَبْلَهُ) قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ مَا لَمْ يُؤْتَ كَبِيرَةٌ وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ) مَعْنَاهُ أَنَّ الذُّنُوبَ كُلَّهَا تُغْفَرُ إِلَّا الْكَبَائِرَ فَإِنَّهَا لَا تُغْفَرُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الذُّنُوبَ تُغْفَرُ مالم تكن كبيرة فان كانت لا يغفر شئ مِنَ الصَّغَائِرِ فَإِنَّ هَذَا وَإِنْ كَانَ مُحْتَمَلًا فَسِيَاقُ الْأَحَادِيثِ يَأْبَاهُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هَذَا الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ مِنْ غُفْرَانِ الذُّنُوبِ مَا لَمْ تُؤْتَ كَبِيرَةٌ هُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَأَنَّ الْكَبَائِرَ إِنَّمَا تُكَفِّرُهَا التَّوْبَةُ أَوْ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَفَضْلُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ أَيْ ذَلِكَ مُسْتَمِرٌّ فِي جَمِيعِ الْأَزْمَانِ ثُمَّ إِنَّهُ وَقَعَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ (مَا مِنَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرهُ صَلَاةٌ مَكْتُوبَةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا إِلَّا كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قبلها من الذنوب ما لم يؤت كبيرة) وَفِي الرِّوَايَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَفِي الرواية الأخرى الاغفر لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ الَّتِي تَلِيهَا وفي الحديث الآخر (مَنْ تَوَضَّأَ هَكَذَا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَكَانَتْ صَلَاتُهُ وَمَشْيُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ نَافِلَةً) وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ فَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ كُلُّهَا ذَكَرَهَا مُسْلِمٌ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدْ يُقَالُ إِذَا كَفَّرَ الْوُضُوءُ فَمَاذَا تُكَفِّرُ الصَّلَاةُ وَإِذَا كَفَّرَتِ الصَّلَاةُ فَمَاذَا تُكَفِّرُ الْجُمُعَاتُ وَرَمَضَانُ وَكَذَلِكَ صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ وَيَوْمُ عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ وَإِذَا وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَالْجَوَابُ مَا أَجَابَهُ الْعُلَمَاءُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ صَالِحٌ لِلتَّكْفِيرِ فَإِنْ وَجَدَ مَا يُكَفِّرُهُ مِنَ الصَّغَائِرِ كَفَّرَهُ وَإِنْ لَمْ يُصَادِفْ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً كُتِبَتْ بِهِ حَسَنَاتٌ وَرُفِعَتْ بِهِ دَرَجَاتٌ وَإِنْ صَادَفَتْ كَبِيرَةً أَوْ كَبَائِرَ وَلَمْ يُصَادِفْ صَغِيرَةً رَجَوْنَا أَنْ يُخَفِّفَ مِنَ الْكَبَائِرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَوْلُهُ (عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ أَبِي أَنَسٍ
أَنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه تَوَضَّأَ بِالْمَقَاعِدِ فَقَالَ أَلَا أُرِيكُمْ وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) وَزَادَ قُتَيْبَةُ فِي رِوَايَتِهِ قَالَ سُفْيَانُ قَالَ أَبُو النَّضْرِ عَنْ أَبِي أَنَسٍ قَالَ وَعِنْدَهُ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَّا أَبُو النَّضْرِ فَاسْمُهُ سَالِمُ بن أمية المدني القرشي التيمي مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ وَكَاتِبُهُ وَأَمَّا أَبُو أَنَسٍ فَاسْمُهُ مَالِكُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ الْأَصْبَحِيُّ الْمَدَنِيُّ وَهُوَ جَدُّ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ الْإِمَامِ وَوَالِدُ أَبِي سُهَيْلٍ عَمِّ مَالِكٍ وَأَمَّا الْمَقَاعِدُ فَبِفَتْحِ الْمِيمِ وَبِالْقَافِ قِيلَ هِيَ دَكَاكِينُ عِنْدَ دَارِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَقِيلَ دَرَجٌ وَقِيلَ مَوْضِعٌ بِقُرْبِ الْمَسْجِدِ اتَّخَذَهُ لِلْقُعُودِ فِيهِ لِقَضَاءِ حَوَائِجِ النَّاسِ وَالْوُضُوءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُهُ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا فَهُوَ أَصْلٌ عَظِيمٌ فِي أَنَّ السُّنَّةَ فِي الْوُضُوءِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ وَأَنَّ الْوَاجِبَ مَرَّةً وَاحِدَةً وَفِيهِ دَلَالَةٌ لِلشَّافِعِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ فِي أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ فِي الرَّأْسِ أَنْ يُمْسَحَ ثَلَاثًا كَبَاقِي الْأَعْضَاءِ وَقَدْ جَاءَتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ بِنَحْوِ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ جَمَعْتُهَا مُبَيَّنَةٌ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَنَبَّهْتُ عَلَى صَحِيحِهَا مِنْ ضَعِيفِهَا وَمَوْضِعِ الدَّلَالَةِ مِنْهَا وَأَمَّا قَوْلُهُ وَعِنْدَهُ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَمَعْنَاهُ أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ مَا قَالَهُ وَالرِّجَالُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُخَالِفُوهُ وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ رَوَاهَا الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَلْ رَأَيْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ هَذَا قَالُوا نَعَمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ أَبِي أَنَسٍ أَنَّ عُثْمَانَ تَوَضَّأَ) هَذَا الْإِسْنَادُ مِنْ جُمْلَةِ مَا اسْتَدْرَكَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْغَسَّانِيُّ الْجَيَّانِيُّ مَذْكُورٌ أَنَّ وَكِيعَ بْنَ الْجَرَّاحِ وَهِمَ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي قَوْلِهِ عَنْ أَبِي أَنَسٍ وَإِنَّمَا يَرْوِيهِ أَبُو النَّضْرِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رُوِّينَا هَذَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِ قَالَ وَهَكَذَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ هَذَا مِمَّا وَهِمَ فِيهِ وَكِيعٌ عَلَى الثَّوْرِيِّ وَخَالَفَهُ أَصْحَابُ الثَّوْرِيِّ الْحُفَّاظُ مِنْهُمُ الْأَشْجَعِيُّ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ وَالْفِرْيَابِيُّ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ وَأَبُو حُذَيْفَةَ وَغَيْرُهُمْ رَوَوْهُ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ
بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ عُثْمَانَ وَهُوَ الصَّوَابُ هَذَا آخِرُ كَلَامِ أَبِي عَلِيٍّ وَقَوْلُهُ (عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ أَبِي صَخْرَةَ) هُوَ بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ خَاءٍ مُعْجَمَةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ رَاءٍ ثُمَّ هَاءٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ ضَبْطُهُ قَوْلُهُ (فَمَا أَتَى عَلَيْهِ يَوْمٌ إِلَّا وَهُوَ يُفِيضُ عَلَيْهِ نُطْفَةً) النُّطْفَةُ بِضَمِّ النُّونِ وَهِيَ الْمَاءُ الْقَلِيلُ وَمُرَادُهُ لَمْ يَكُنْ يَمُرُّ عَلَيْهِ يَوْمٌ إِلَّا اغْتَسَلَ فِيهِ وَكَانَتْ مُلَازَمَتُهُ لِلِاغْتِسَالِ مُحَافَظَةً عَلَى تَكْثِيرِ الطُّهْرِ وَتَحْصِيلِ مَا فِيهِ مِنْ عَظِيمِ الْأَجْرِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي حَدِيثِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (مَا أدري أحدثكم بشئ أو أسكت قال فقلنا يارسول اللَّهِ إِنْ كَانَ خَيْرًا فَحَدِّثْنَا وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ فَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ) أَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم ما أدري أحدثكم أَوْ أَسْكُتُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ مَا أَدْرِي هَلْ ذِكْرِي لَكُمْ هَذَا الْحَدِيثَ فِي هَذَا الزَّمَنِ مَصْلَحَةٌ أَمْ لَا ثُمَّ ظَهَرَتْ مَصْلَحَتُهُ فِي الْحَالِ عِنْدَهُ صلى الله عليه وسلم فَحَدَّثَهُمْ بِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْغِيبِهِمْ فِي الطَّهَارَةِ وَسَائِرِ أَنْوَاعِ الطَّاعَاتِ وَسَبَبُ تَوَقُّفِهِ أَوَّلًا أَنَّهُ خَافَ مَفْسَدَةَ اتِّكَالِهِمْ ثُمَّ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي التَّحْدِيثِ بِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إِنْ كَانَ خَيْرًا فَحَدِّثْنَا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ إِنْ كَانَ بِشَارَةً لَنَا وَسَبَبًا لِنَشَاطِنَا وَتَرْغِيبِنَا فِي الْأَعْمَالِ أَوْ تَحْذِيرًا وَتَنْفِيرًا مِنَ الْمَعَاصِي وَالْمُخَالَفَاتِ فَحَدِّثْنَا بِهِ لِنَحْرِصَ عَلَى عَمَلِ الْخَيْرِ وَالْإِعْرَاضِ عَنِ الشَّرِّ وَإِنْ كَانَ حَدِيثًا لَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَعْمَالِ وَلَا تَرْغِيبَ فِيهِ وَلَا تَرْهِيبَ فَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ وَمَعْنَاهُ فِرْ فِيهِ رَأْيَكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَطَهَّرُ فَيُتِمُّ الطُّهُورَ الَّذِي كَتَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ فَيُصَلِّي هَذِهِ الصَّلَوَاتِ
الْخَمْسَ إِلَّا كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا بَيْنَهُنَّ) هَذِهِ الرِّوَايَةُ فِيهَا فَائِدَةٌ نَفِيسَةٌ وَهِيَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم الطُّهُورُ الَّذِي كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ دَالٌّ عَلَى أَنَّ مَنِ اقْتَصَرَ فِي وُضُوئِهِ عَلَى طَهَارَةِ الْأَعْضَاءِ الْوَاجِبَةِ وَتَرَكَ السُّنَنَ وَالْمُسْتَحَبَّاتِ كَانَتْ هَذِهِ الْفَضِيلَةُ حَاصِلَةً لَهُ وَإِنْ كَانَ مَنْ أَتَى بِالسُّنَنِ أَكْمَلَ وَأَشَدَّ تَكْفِيرًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (لَا يَنْهَزُهُ إِلَّا الصَّلَاةَ) هُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالْهَاءِ وَإِسْكَانِ النُّونِ بَيْنَهُمَا وَمَعْنَاهُ لَا يَدْفَعُهُ وَيَنْهَضُهُ وَيُحَرِّكُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ نَهَزْتُ الرَّجُلَ أَنْهَزُهُ إِذَا دَفَعْتُهُ وَنَهَزَ رأسه أى حركه قَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ يُنْهِزُهُ بِضَمِّ الْيَاءِ وَهُوَ خَطَأٌ ثُمَّ قَالَ وَقِيلَ هِيَ لُغَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الْحَثُّ عَلَى الْإِخْلَاصِ فِي الطَّاعَاتِ وَأَنْ تَكُونَ مُتَمَحِّضَةً لِلَّهِ تَعَالَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (غُفِرَ لَهُ مَا خَلَا مِنْ ذَنْبِهِ) أَيْ مَضَى
قَوْلُهُ (أَنَّ الْحُكَيْمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ حَدَّثَاهُ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُمَا عَنْ حُمْرَانَ) هَذَا الْإِسْنَادُ اجْتَمَعَ فِيهِ الْحُكَيْمُ بِضَمِّ الْحَاءِ وَفَتْحِ الْكَافِ وَنَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمُعَاذٌ وَحُمْرَانُ قَوْلُهُ (مَوْلَى الْحُرَقَةِ) هُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ تقدم بيانه أول الكتاب قوله (حدثنا بن وَهْبٍ عَنْ أَبِي صَخْرٍ) هُوَ أَبُو صَخْرٍ مِنْ غَيْرِ هَاءٍ فِي آخِرِهِ وَاسْمُهُ حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ وَقِيلَ حُمَيْدُ بْنُ صَخْرٍ وَقِيلَ حَمَّادُ بْنُ زِيَادٍ وَيُقَالُ لَهُ أَبُو الصَّخْرِ الْخَرَّاطُ صَاحِبُ الْعَبَاءِ الْمَدَنِيُّ سَكَنَ مِصْرَ