المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أَحْفُوا هَمْزَةَ وَصْلٍ وَقَالَ غَيْرُهُ عَفَوْتُ الشَّعْرَ وَعَفَيْتُهُ لُغَتَانِ وَقَدْ - شرح النووي على مسلم - جـ ٣

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌(باب معنى قول الله عز وجل ولقد رآه نزلة أخرى)

- ‌(هَذَا مِمَّا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَشَكَّكَ فِيهِ ثُمَّ إِنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ

- ‌(باب اثبات رؤية المؤمنين في الآخرة لربهم سبحانه

- ‌(باب إثبات الشفاعة وإخراج الموحدين من النَّارِ)

- ‌(وَفِي الْمُذْنِبِينَ وَحَلَّتِ الشَّفَاعَةُ لِلْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ

- ‌(وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (وَتُرْسَلُ الْأَمَانَةُ

- ‌(بَاب دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لأمته وبكائه

- ‌(باب بَيَانِ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ فَهُوَ فِي النَّارِ)

- ‌(باب شَفَاعَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لابي طالب)

- ‌(بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ لَا يَنْفَعُهُ عَمَلٌ)

- ‌(باب مُوَالَاةِ الْمُؤْمِنِينَ وَمُقَاطَعَةِ غَيْرِهِمْ وَالْبَرَاءَةِ منهم)

- ‌(باب الدَّلِيلِ عَلَى دُخُولِ طَوَائِفَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْجَنَّةَ)

- ‌(باب بيان كون هذه الامة نصف أهل الجنة)

- ‌(كِتَابُ الطَّهَارَةِ)

- ‌(بَاب فَضْلِ الْوُضُوءِ)

- ‌(بَابُ وُجُوبِ الطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ)

- ‌(بَابُ صِفَةِ الْوُضُوءِ وَكَمَالِهِ)

- ‌(بَابُ فضل الوضوء والصلاة عقبه)

- ‌(باب الذِّكْرِ الْمُسْتَحَبِّ عَقِبَ الْوُضُوءِ)

- ‌(باب آخر في صفته الْوُضُوءِ)

- ‌(بَابُ الْإِيتَارِ فِي الِاسْتِنْثَارِ وَالِاسْتِجْمَارِ)

- ‌(باب وجوب غسل الرجلين بكمالها)

- ‌(بَابُ وُجُوبِ اسْتِيعَابِ جَمِيعِ أَجْزَاءِ مَحِلِ الطَّهَارَةِ)

- ‌(بَابُ خُرُوجِ الْخَطَايَا مَعَ مَاءِ الْوَضُوءِ)

- ‌(باب اسْتِحْبَابِ إِطَالَةِ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ فِي الْوُضُوءِ)

- ‌(باب فَضْلِ إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ)

- ‌(بَابُ السِّوَاكِ)

- ‌(بَابُ خِصَالِ الْفِطْرَةِ)

- ‌(بَابُ الِاسْتِطَابَةِ)

- ‌(بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ)

- ‌(بَابُ التَّوْقِيتِ فِي المسح على الْخُفَّيْنِ)

- ‌(بَابُ جَوَازِ الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ)

- ‌(باب كراهة غمس المتوضئ وغيره يده المشكوك فِي

- ‌(بَابُ حُكْمِ وُلُوغِ الْكَلْبِ)

- ‌(باب النهي عن البول في الماء الراكد)

- ‌(باب النَّهْيِ عَنِ الِاغْتِسَالِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ)

- ‌(باب وجوب غسل البول وغيره من النجاسات إِذَا حَصَلَتْ فِي

- ‌(بَابُ حُكْمِ بَوْلِ الطِّفْلِ الرَّضِيعِ وَكَيْفِيَّةِ غَسْلِهِ)

- ‌(بَابُ حُكْمِ الْمَنِيِّ)

- ‌(باب نَجَاسَةِ الدَّمِ وَكَيْفِيَّةُ غَسْلِهِ)

- ‌(باب الدَّلِيلِ عَلَى نَجَاسَةِ الْبَوْلِ وَوُجُوبُ الاستبراء منه)

- ‌(كِتَاب الْحَيْضِ)

- ‌(بَاب مُبَاشَرَةِ الْحَائِضِ فَوْقَ الْإِزَارِ)

- ‌(باب الِاضْطِجَاعِ مَعَ الْحَائِضِ فِي لحاف واحد)

- ‌(باب جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله وَطَهَارَةِ

- ‌(باب المذي)

- ‌(بَابُ غَسْلِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ إِذَا اسْتَيْقَظَ مِنَ النوم)

- ‌(باب جَوَازِ نَوْمِ الْجُنُبِ وَاسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ لَهُ)

- ‌(بَابُ وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَى الْمَرْأَةِ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْهَا)

- ‌(باب بَيَانِ صِفَةِ مَنِيِّ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَأَنَّ الولد مخلوق من

- ‌(باب صِفَةِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ)

- ‌(اغْتَسَلَ وَخَرَجَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً وَأَمَّا فِعْلُ التَّنْشِيفِ فَقَدْ

الفصل: أَحْفُوا هَمْزَةَ وَصْلٍ وَقَالَ غَيْرُهُ عَفَوْتُ الشَّعْرَ وَعَفَيْتُهُ لُغَتَانِ وَقَدْ

أَحْفُوا هَمْزَةَ وَصْلٍ وَقَالَ غَيْرُهُ عَفَوْتُ الشَّعْرَ وَعَفَيْتُهُ لُغَتَانِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ مَعْنَى إِحْفَاءِ الشَّوَارِبِ وَإِعْفَاءِ اللِّحَى وَأَمَّا أَوْفُوا فَهُوَ بِمَعْنَى أَعْفُوا أَيِ اتْرُكُوهَا وَافِيَةً كَامِلَةً لَا تَقُصُّوهَا قال بن السِّكِّيتِ وَغَيْرُهُ يُقَالُ فِي جَمْعِ اللِّحْيَةِ لِحًى وَلُحًى بِكَسْرِ اللَّامِ وَبِضَمِّهَا لُغَتَانِ الْكَسْرُ أَفْصَحُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم أَحْفُوا الشَّوَارِبَ وَأَعْفُوا اللِّحَى وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَأَوْفُوا اللِّحَى هُوَ بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ فِي أَحْفُوا وَأَعْفُوا وَأَوْفُوا وقال بن دُرَيْدٍ يُقَالُ أَيْضًا حَفَا الرَّجُلُ شَارِبَهُ يَحْفُوهُ حَفْوًا إِذَا اسْتَأْصَلَ أَخَذَ شَعْرَهُ فَعَلَى هَذَا تَكُونُ هَمْزَةُ أَحْفُوا هَمْزَةَ وَصْلٍ وَقَالَ غَيْرُهُ عفوت الشعر وأعفيته لُغَتَانِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ مَعْنَى إِحْفَاءِ الشَّوَارِبِ وَإِعْفَاءِ اللِّحَى وَأَمَّا أَوْفُوا فَهُوَ بِمَعْنَى أَعْفُوا أَيِ اتْرُكُوهَا وَافِيَةً كَامِلَةً لَا تَقُصُّوهَا قَالَ بن السِّكِّيتِ وَغَيْرُهُ يُقَالُ فِي جَمْعِ اللِّحْيَةِ لِحًى وَلُحًى بِكَسْرِ اللَّامِ وَبِضَمِّهَا لُغَتَانِ الْكَسْرُ أَفْصَحُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم وَأَرْخُوا فَهُوَ أَيْضًا بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ وَبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَمَعْنَاهُ اتْرُكُوهَا وَلَا تَتَعَرَّضُوا لَهَا بِتَغْيِيرٍ وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَكْثَرِينَ كَمَا ذكرنا وأنه وقع عند بن مَاهَانَ أَرْجُوا بِالْجِيمِ قِيلَ هُوَ بِمَعْنَى الْأَوَّلِ وَأَصْلُهُ أَرْجِئُوا بِالْهَمْزَةِ فَحُذِفَتِ الْهَمْزَةُ تَخْفِيفًا وَمَعْنَاهُ أخروها اتركوها وَجَاءَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَفِّرُوا اللِّحَى فَحَصَلَ خَمْسُ رِوَايَاتٍ أَعْفُوا وَأَوْفُوا وَأَرْخُوا وَأَرْجُوا وَوَفِّرُوا وَمَعْنَاهَا كُلُّهَا تَرْكُهَا عَلَى حَالِهَا هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي تَقْتَضِيهِ أَلْفَاظُهُ وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يُكْرَهُ حَلْقُهَا وَقَصُّهَا وَتَحْرِيقُهَا وَأَمَّا الْأَخْذُ مِنْ طُولِهَا وَعَرْضِهَا فَحَسَنٌ وَتُكْرَهُ الشُّهْرَةُ فِي تَعْظِيمِهَا كَمَا تُكْرَهُ فِي قَصِّهَا وَجَزِّهَا قَالَ وَقَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ هَلْ لِذَلِكَ حَدٌّ فَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُحَدِّدْ شَيْئًا فِي ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَتْرُكْهَا لِحَدِّ الشُّهْرَةِ وَيَأْخُذُ مِنْهَا وَكَرِهَ مَالِكٌ طُولَهَا جِدًّا وَمِنْهُمْ مَنْ حَدَّدَ بِمَا زَادَ عَلَى الْقَبْضَةِ فَيُزَالُ وَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَ الاخذ منها الا في حج أوعمرة قَالَ وَأَمَّا الشَّارِبُ فَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنَ السَّلَفِ إِلَى اسْتِئْصَالِهِ وَحَلْقِهِ بِظَاهِرِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم أَحْفُوا وَانْهَكُوا وَهُوَ قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ إِلَى مَنْعِ الْحَلْقِ وَالِاسْتِئْصَالِ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَكَانَ يَرَى حَلْقَهُ مُثْلَةً وَيَأْمُرُ بِأَدَبِ فَاعِلِهِ وَكَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ أَعْلَاهُ وَيَذْهَبُ هَؤُلَاءِ إِلَى أَنَّ الْإِحْفَاءَ وَالْجَزَّ وَالْقَصَّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ الْأَخْذُ مِنْهُ حَتَّى يَبْدُوَ طَرَفُ الشَّفَةِ وَذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَالْمُخْتَارُ تَرْكُ اللِّحْيَةِ عَلَى حَالِهَا وَأَلَّا يَتَعَرَّضَ لها بتقصير شئ أَصْلًا وَالْمُخْتَارُ فِي الشَّارِبِ تَرْكُ الِاسْتِئْصَالِ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى مَا يَبْدُو بِهِ طَرَفُ الشَّفَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

(بَابُ الِاسْتِطَابَةِ)

وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى النَّهْيِ عَنِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ فِي الصَّحْرَاءِ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ وَعَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْيَمِينِ وَعَنْ مَسِّ

ص: 151

الذَّكَرِ بِالْيَمِينِ وَعَنِ التَّخَلِّي فِي الطَّرِيقِ وَالظِّلِّ وَعَنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ وَعَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالرَّجِيعِ وَالْعَظْمِ وَعَلَى جَوَازِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ فِي الْبَابِ حَدِيثُ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ (قِيلَ لَهُ قَدْ عَلَّمَكُمْ نبيكم صلى الله عليه وسلم كل شئ حَتَّى الْخِرَاءَةَ قَالَ فَقَالَ أَجَلْ لَقَدْ نَهَانَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِرَجِيعٍ أَوْ عَظْمٍ) وَفِيهِ حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ (إِذَا أتيتم الغائط فلا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا بِبَوْلٍ

ص: 152

وَلَا غَائِطٍ وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا) وَفِيهِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ (إِذَا جَلَسَ أَحَدُكُمْ عَلَى حَاجَتِهِ فَلَا يَسْتَقْبِلَنَّ الْقِبْلَةَ وَلَا يَسْتَدْبِرْهَا) وَفِيهِ حديث بن عُمَرَ (قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَاعِدًا عَلَى لَبِنْتَيْنِ مُسْتَقْبِلًا بَيْتَ الْمَقْدِسِ لِحَاجَتِهِ) وَفِي رِوَايَةٍ (مُسْتَقْبِلَ الشَّامِ مُسْتَدْبِرَ القبلة) وفيه غير ذلك من الاحاديث أَمَّا الْخِرَاءَةَ فَبِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ وبالمد وهي

ص: 153

اسْمٌ لِهَيْئَةِ الْحَدَثِ وَأَمَّا نَفْسُ الْحَدَثِ فَبِحَذْفِ التَّاءِ وَبِالْمَدِّ مَعَ فَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِهَا قَوْلُهُ أَجَلْ مَعْنَاهُ نَعَمْ وَهِيَ بِتَخْفِيفِ اللَّامِ وَمُرَادُ سَلْمَانَ رضي الله عنه أَنَّهُ عَلَّمَنَا كُلَّ مَا نَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي دِينِنَا حَتَّى الْخِرَاءَةَ الَّتِي ذَكَرْتَ أَيُّهَا الْقَائِلُ فَإِنَّهُ عَلَّمَنَا آدَابَهَا فَنَهَانَا فِيهَا عَنْ كَذَا وَكَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ نَهَانَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ كَذَا ضَبَطْنَاهُ فِي مُسْلِمٍ لِغَائِطٍ بِاللَّامِ وَرُوِيَ فِي غَيْرِهِ بِغَائِطٍ وَرُوِيَ لِلْغَائِطِ بِاللَّامِ وَالْبَاءِ وَهُمَا بِمَعْنًى وَأَصْلُ الْغَائِطِ الْمُطْمَئِنُ مِنَ الْأَرْضِ ثُمَّ صَارَ عِبَارَةً عَنِ الْخَارِجِ الْمَعْرُوفِ مِنْ دُبُرِ الْآدَمِيِّ وَأَمَّا النَّهْيُ عَنْ الِاسْتِقْبَالِ لِلْقِبْلَةِ بِالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ عَلَى مَذَاهِبَ أَحَدُهَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ يَحْرُمُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ فِي الصَّحْرَاءِ بِالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَلَا يَحْرُمُ ذَلِكَ فِي الْبُنْيَانِ وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما والشعبى واسحق بْنِ رَاهَوَيْهِ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي إِحْدَى الروايتين رحمهم الله والمذهب الثانى أنه لايجوز ذَلِكَ لَا فِي الْبُنْيَانِ وَلَا فِي الصَّحْرَاءِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ الصَّحَابِيِّ رضي الله عنه وَمُجَاهِدٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ وَالْمَذْهَبُ الثَّالِثُ جَوَازُ ذَلِكَ فِي الْبُنْيَانِ وَالصَّحْرَاءِ جَمِيعًا وَهُوَ مَذْهَبُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَرَبِيعَةَ شَيْخِ مَالِكٍ رضي الله عنهم وَدَاوُدَ الظَّاهِرِيِّ وَالْمَذْهَبُ الرَّابِعُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِقْبَالُ لَا فِي الصَّحْرَاءِ وَلَا فِي الْبُنْيَانِ وَيَجُوزُ الِاسْتِدْبَارُ فِيهِمَا وَهِيَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَاحْتَجَّ الْمَانِعُونَ مُطْلَقًا بِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْوَارِدَةِ فِي النَّهْيِ مُطْلَقًا كَحَدِيثِ سَلْمَانَ الْمَذْكُورِ وَحَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِمَا قَالُوا وَلِأَنَّهُ إِنَّمَا مُنِعَ لِحُرْمَةِ الْقِبْلَةِ وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي الْبُنْيَانِ وَالصَّحْرَاءِ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْحَائِلُ كَافِيًا لَجَازَ فِي الصَّحْرَاءِ لِأَنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ جِبَالًا وَأَوْدِيَةً وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الحائل واحتج من أباح مطلقا بحديث بن عُمَرَ رضي الله عنهما الْمَذْكُورِ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مُسْتَقْبِلًا بَيْتَ الْمَقْدِسِ مُسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةِ وَبِحَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَلَغَهُ أَنَّ أُنَاسًا يَكْرَهُونَ اسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ بِفُرُوجِهِمْ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَلَغَهُ أَنَّ أُنَاسًا يَكْرَهُونَ اسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ بِفُرُوجِهِمْ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَوَ قَدْ فَعَلُوهَا حَوِّلُوا بِمَقْعَدِي أَيْ إِلَى الْقِبْلَةِ رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي مُسْنَدِهِ وبن مَاجَهْ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَاحْتَجَّ مَنْ أَبَاحَ الِاسْتِدْبَارَ دُونَ الِاسْتِقْبَالِ بِحَدِيثِ سَلْمَانَ وَاحْتَجَّ مَنْ حَرَّمَ الِاسْتِقْبَالَ وَالِاسْتِدْبَارَ فِي الصَّحْرَاءِ وَأَبَاحَهُمَا فِي الْبُنْيَانِ بحديث بن عُمَرَ رضي الله عنهما الْمَذْكُورِ فِي الْكِتَابِ وبحديث عائشة

ص: 154

الَّذِي ذَكَرْنَاهُ وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أن نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ بِبَوْلٍ فَرَأَيْتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ بِعَامٍ يَسْتَقْبِلُهَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَبِحَدِيثِ مَرْوَانَ الْأَصْغَرِ قَالَ رَأَيْتُ بن عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ ثُمَّ جَلَسَ يَبُولُ إِلَيْهَا فَقُلْتُ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَلَيْسَ قَدْ نُهِيَ عَنْ هَذَا فَقَالَ بَلَى إِنَّمَا نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ فِي الْفَضَاءِ فَإِذَا كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ شئ يَسْتُرُكَ فَلَا بَأْسَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ فَهَذِهِ أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ مُصَرِّحَةٌ بِالْجَوَازِ فِي الْبُنْيَانِ وَحَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ وَسَلْمَانَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِمْ وَرَدَتْ بِالنَّهْيِ فَيُحْمَلُ عَلَى الصَّحْرَاءِ لِيُجْمَعَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ إِذَا أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ لَا يُصَارُ إِلَى تَرْكِ بَعْضِهَا بَلْ يَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَالْعَمَلُ بِجَمِيعِهَا وَقَدْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ وَفَرَّقُوا بَيْنَ الصَّحْرَاءِ وَالْبُنْيَانِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى بِأَنَّهُ يَلْحَقُهُ الْمَشَقَّةُ فِي الْبُنْيَانِ فِي تَكْلِيفِهِ تَرْكَ الْقِبْلَةِ بِخِلَافِ الصَّحْرَاءِ وَأَمَّا مَنْ أَبَاحَ الِاسْتِدْبَارَ فَيُحْتَجُّ عَلَى رَدِّ مَذْهَبِهِ بِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْمُصَرِّحَةِ بِالنَّهْيِ عَنْ الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ جَمِيعًا كَحَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ وَغَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (فَرْعٌ) فِي مَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه إِحْدَاهَا الْمُخْتَارُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ إِنَّمَا يَجُوزُ الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ فِي الْبُنْيَانِ إِذَا كَانَ قَرِيبًا مِنْ سَاتِرٍ مِنْ جُدْرَانٍ وَنَحْوِهَا مِنْ حَيْثُ يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ فَمَا دُونَهَا وَبِشَرْطٍ آخَرَ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْحَائِلُ مُرْتَفِعًا بِحَيْثُ يَسْتُرُ أَسَافِلَ الْإِنْسَانِ وَقَدَّرُوهُ بِآخِرَةِ الرَّحْلِ وَهِيَ نَحْوُ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ فَإِنْ زَادَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ أَوْ قَصُرَ الْحَائِلُ عَنْ آخِرَةِ الرَّحْلِ فَهُوَ حَرَامٌ كَالصَّحْرَاءِ إِلَّا إِذَا كَانَ فِي بَيْتٍ بُنِيَ لِذَلِكَ فَلَا حَجْرَ فِيهِ كَيْفَ كَانَ قَالُوا ولو كان في الصحراء وتستر بشئ عَلَى الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ زَالَ التَّحْرِيمُ فَالِاعْتِبَارُ بِوُجُودِ السَّاتِرِ الْمَذْكُورِ وَعَدَمِهِ فَيَحِلُّ فِي الصَّحْرَاءِ وَالْبُنَيَّانِ بِوُجُودِهِ وَيَحْرُمُ فِيهِمَا لِعَدَمِهِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنِ اعْتَبَرَ الصَّحْرَاءَ وَالْبُنْيَانَ مُطْلَقًا وَلَمْ يَعْتَبِرِ الْحَائِلَ فَأَبَاحَ فِي الْبُنْيَانِ بِكُلِّ حَالٍ وَحَرَّمَ فِي الصَّحْرَاءِ بِكُلِّ حَالٍ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ وَفَرَّعُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ السَّاتِرُ دَابَّةً أو جدار أَوْ وَهْدَةً أَوْ كَثِيبَ رَمْلٍ أَوْ جَبَلًا ولو أَرْخَى ذَيْلَهُ فِي قُبَالَةِ الْقِبْلَةِ فَفِي حُصُولِ السِّتْرِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا أَصَحُّهُمَا عِنْدَهُمْ وَأَشْهَرُهُمَا أَنَّهُ سَاتِرٌ لِحُصُولِ الْحَائِلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ حَيْثُ جَوَّزْنَا الِاسْتِقْبَالَ وَالِاسْتِدْبَارَ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا هُوَ مَكْرُوهٌ وَلَمْ يَذْكُرِ الْجُمْهُورُ الْكَرَاهَةَ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ مَشَقَّةٌ فِي تَكَلُّفِ التَّحَرُّفِ عَنِ الْقِبْلَةِ

ص: 155

فَلَا كَرَاهَةَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَشَقَّةٌ فَالْأَوْلَى تَجَنُّبُهُ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ الْعُلَمَاءِ وَلَا تُطْلَقُ عَلَيْهِ الْكَرَاهَةُ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِيهِ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ يَجُوزُ الْجِمَاعُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فِي الصَّحْرَاءِ وَالْبُنْيَانِ هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ وَدَاوُدَ الظاهرى واختلف فيه أصحاب مالك فجوزه بن القاسم وكرهه بن حَبِيبٍ وَالصَّوَابُ الْجَوَازُ فَإِنَّ التَّحْرِيمَ إِنَّمَا يَثْبُتُ بِالشَّرْعِ وَلَمْ يَرِدْ فِيهِ نَهْيٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ لَا يَحْرُمُ اسْتِقْبَالُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَلَا اسْتِدْبَارُهُ بِالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ لَكِنْ يُكْرَهُ الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ إِذَا تَجَنَّبَ اسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارَهَا حَالَ خُرُوجِ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ ثُمَّ أَرَادَ الِاسْتِقْبَالَ أَوْ الِاسْتِدْبَارَ حَالَ الِاسْتِنْجَاءِ جَازَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (وأن لايستنجى بِالْيَمِينِ) هُوَ مِنْ أَدَبِ الِاسْتِنْجَاءِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْيَمِينِ ثُمَّ الْجَمَاهِيرُ عَلَى أَنَّهُ نَهْيُ تَنْزِيهٍ وَأَدَبٍ لَا نَهْيَ تَحْرِيمٍ وَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ إِلَى أَنَّهُ حَرَامٌ وَأَشَارَ إِلَى تَحْرِيمِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَلَا تَعْوِيلَ عَلَى إِشَارَتِهِمْ قَالَ أَصْحَابُنَا وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَسْتَعِينَ بِالْيَدِ الْيُمْنَى فى شئ مِنْ أُمُورِ الِاسْتِنْجَاءِ إِلَّا لِعُذْرٍ فَإِذَا اسْتَنْجَى بِمَاءٍ صَبَّهُ بِالْيُمْنَى وَمَسَحَ بِالْيُسْرَى وَإِذَا اسْتَنْجَى بِحَجَرٍ فَإِنْ كَانَ فِي الدُّبُرِ مَسَحَ بِيَسَارِهِ وَإِنْ كَانَ فِي الْقُبُلِ وَأَمْكَنَهُ وَضْعَ الْحَجَرِ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ بَيْنَ قَدَمَيْهِ بِحَيْثُ يَتَأَتَّى مَسْحَهُ أَمْسَكَ الذَّكَرَ بِيَسَارِهِ وَمَسَحَهُ عَلَى الْحَجَرِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنهُ ذَلِكَ وَاضْطُرَّ إِلَى حَمْلِ الْحَجَرِ حَمَلَهُ بِيَمِينِهِ وَأَمْسَكَ الذَّكَرَ بِيَسَارِهِ وَمَسَحَ بِهَا وَلَا يُحَرِّكِ الْيُمْنَى هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَأْخُذُ الذَّكَرَ بِيَمِينِهِ وَالْحَجَرَ بيساره ويمسح بها وَيُحَرِّكُ الْيُسْرَى وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّهُ يَمَسُّ الذَّكَرَ بِيَمِينِهِ بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَقَدْ نُهِيَ عَنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ إِنَّ فِي النَّهْيِ عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْيَمِينِ تَنْبِيهًا عَلَى إِكْرَامِهَا وَصِيَانَتِهَا عَنِ الْأَقْذَارِ وَنَحْوِهَا وَسَنُوَضِّحُ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ قَرِيبًا فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ) هَذَا نَصٌّ صَرِيحٌ صَحِيحٌ فِي أن الاستيفاء ثلاث مسحات واجب لابد مِنْهُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا خِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فمذهبنا أنه لابد فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ مِنْ إِزَالَةِ عَيْنِ النَّجَاسَةِ وَاسْتِيفَاءِ ثَلَاثِ مَسَحَاتٍ فَلَوْ مَسَحَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ فَزَالَتْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ وَجَبَ مَسْحُهُ ثَالِثَةً وبهذا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَأَبُو ثَوْرٍ وَقَالَ مَالِكٌ وَدَاوُدُ الْوَاجِبُ الْإِنْقَاءُ فَإِنْ حَصَلَ بِحَجَرٍ أَجْزَأَهُ وَهُوَ وَجْهٌ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا وَالْمَعْرُوفُ مِنْ مَذْهَبِنَا مَا قَدَّمْنَاهُ قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَوِ اسْتَنْجَى بِحَجَرٍ لَهُ ثَلَاثَةُ أَحْرُفٍ مَسَحَ بِكُلِّ حَرْفٍ مَسْحَةً أَجْزَأَهُ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْمَسَحَاتُ وَالْأَحْجَارُ الثَّلَاثَةُ أَفْضَلُ مِنْ حَجَرٍ لَهُ ثَلَاثَةُ أَحْرُفٍ

ص: 156

وَلَوِ اسْتَنْجَى فِي الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ وَجَبَ سِتُّ مَسَحَاتٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَلَاثُ مَسَحَاتٍ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ بِسِتَّةِ أَحْجَارٍ فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى حَجَرٍ وَاحِدٍ لَهُ سِتَّةُ أَحْرُفٍ أَجْزَأَهُ وَكَذَلِكَ الْخِرْقَةُ الصَّفِيقَةُ الَّتِي إِذَا مَسَحَ بِهَا لَا يَصِلُ الْبَلَلُ إِلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ يَجُوزُ أَنْ يَمْسَحَ بِجَانِبِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَصْحَابُنَا وَإِذَا حَصَلَ الْإِنْقَاءُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ فَلَا زِيَادَةَ عَلَيْهَا فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ بِثَلَاثَةٍ وَجَبَ رَابِعٌ فَإِنْ حَصَلَ الْإِنْقَاءُ بِهِ لَمْ تَجِبِ الزِّيَادَةُ وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ الْإِيتَارُ بِخَامِسٍ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ بِالْأَرْبَعَةِ وَجَبَ خَامِسٌ فَإِنْ حَصَلَ بِهِ فَلَا زِيَادَةَ وَهَكَذَا فِيمَا زَادَ مَتَى حَصَلَ الْإِنْقَاءُ بِوِتْرٍ فَلَا زِيَادَةَ وَإِلَّا وَجَبَ الْإِنْقَاءُ وَاسْتُحِبَّ الْإِيتَارُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا نَصُّهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْأَحْجَارِ فَقَدْ تَعَلَّقَ بِهِ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَقَالُوا الْحَجَرُ مُتَعَيِّنٌ لَا يُجْزِئُ غَيْرُهُ وَذَهَبَ الْعُلَمَاءُ كَافَّةً مِنَ الطَّوَائِفِ كُلِّهَا إِلَى أَنَّ الْحَجَرَ لَيْسَ مُتَعَيِّنًا بَلْ تَقُومُ الْخِرَقُ وَالْخَشَبُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مَقَامَهُ وَأَنَّ الْمَعْنِيُّ فِيهِ كَوْنُهُ مُزِيلًا وَهَذَا يَحْصُلُ بِغَيْرِ الْحَجَرِ وَإِنَّمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَةَ أَحْجَارٍ لِكَوْنِهَا الْغَالِبَ الْمُتَيَسَّرَ فَلَا يَكُونُ لَهُ مَفْهُومٌ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ من املاق وَنَظَائِرِهِ وَيَدُلُّ عَلَى عَدَمِ تَعْيِينِ الْحَجَرِ نَهْيُهُ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْعِظَامِ وَالْبَعْرِ والرجيع ولو كان الحجر متعينا لنهى عما سِوَاهُ مُطْلَقًا قَالَ أَصْحَابُنَا وَالَّذِي يَقُومُ مَقَامَ الْحَجَرِ كُلُّ جَامِدٍ طَاهِرٍ مُزِيلٍ لِلْعَيْنِ لَيْسَ لَهُ حُرْمَةٌ وَلَا هُوَ جُزْءٌ مِنْ حَيَوَانٍ قَالُوا وَلَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ جِنْسِهِ فَيَجُوزُ فِي الْقُبُلِ أَحْجَارٌ وَفِي الدُّبُرِ خِرَقٌ وَيَجُوزُ فِي أَحَدِهِمَا حَجَرٌ مَعَ خِرْقَتَيْنِ أَوْ مَعَ خِرْقَةٍ وَخَشَبَةٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِرَجِيعٍ أَوْ عَظْمٍ) فِيهِ النَّهْيُ عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالنَّجَاسَةِ وَنَبَّهَ صلى الله عليه وسلم بِالرَّجِيعِ عَلَى جِنْسِ النَّجَسِ فَإِنَّ الرَّجِيعَ هُوَ الرَّوْثُ وَأَمَّا الْعَظْمُ فَلِكَوْنِهِ طَعَامًا لِلْجِنِّ فَنَبَّهَ عَلَى جَمِيعِ الْمَطْعُومَاتِ وَتَلْتَحِقُ بِهِ الْمُحْتَرَمَاتُ كَأَجْزَاءِ الْحَيَوَانِ وَأَوْرَاقِ كُتُبِ الْعِلْمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَا فَرْقَ فِي النَّجَسِ بَيْنَ الْمَائِعِ وَالْجَامِدِ فَإِنِ اسْتَنْجَى بِنَجَسٍ لَمْ يَصِحَّ اسْتِنْجَاؤُهُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ وَلَا يُجْزِئُهُ الْحَجَرُ لِأَنَّ الْمَوْضِعَ صَارَ نَجِسًا بِنَجَاسَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ وَلَوِ اسْتَنْجَى بِمَطْعُومٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الْمُحْتَرَمَاتِ الطَّاهِرَاتِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِنْجَاؤُهُ وَلَكِنْ يُجْزِئُهُ الْحَجَرُ بَعْدَ ذَلِكَ إِنْ لَمْ يَكُنْ نقل النجاسة من موضعها وقيل أن استنجاؤه الْأَوَّلَ يُجْزِئُهُ مَعَ الْمَعْصِيَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (عَنْ سَلْمَانَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ لَنَا الْمُشْرِكُونَ إِنِّي أَرَى صَاحِبَكُمْ) هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُولِ وَهُوَ صَحِيحٌ تَقْدِيرُهُ قَالَ لَنَا قَائِلُ الْمُشْرِكِينَ أَوْ أَنَّهُ أَرَادَ وَاحِدًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَجَمَعَهُ لِكَوْنِ بَاقِيهِمْ يُوَافِقُونَهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (وَلَكِنْ

ص: 157

شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا) قَالَ الْعُلَمَاءُ هَذَا خِطَابٌ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمْ بِحَيْثُ إِذَا شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ لَا يَسْتَقْبِلُ الْكَعْبَةَ وَلَا يَسْتَدْبِرُهَا قَوْلُهُ (فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ) هُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ مِرْحَاضٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَهُوَ الْبَيْتُ الْمُتَّخَذُ لِقَضَاءِ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ أَيْ لِلتَّغَوُّطِ قَوْلُهُ (فَنَنْحَرِفُ عَنْهَا) بِالنُّونَيْنِ مَعْنَاهُ نَحْرِصُ عَلَى اجْتِنَابِهَا بِالْمَيْلِ عَنْهَا بِحَسَبِ قُدْرَتِنَا قوله (قال نعم) هو جواب لقوله أو لا قُلْتُ لِسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَذْكُرهُ عَنْ عَطَاءٍ قَوْلُهُ (وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ خِرَاشٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حدثنا يزيد يعنى بن زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا رَوْحٌ عَنْ سُهَيْلٍ عَنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ هَذَا غَيْرُ مَحْفُوظٍ عن سهيل وانما هو حديث بن عجلان حدث به عن رَوْحٌ وَغَيْرُهُ وَقَالَ أَبُو الْفَضْلِ حَفِيدُ أَبِي سَعِيدٍ الْهَرَوِيِّ الْخَطَأُ فِيهِ مِنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ لِأَنَّهُ حَدِيثٌ يُعْرَفُ بِمُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنِ الْقَعْقَاعِ وَلَيْسَ لِسُهَيْلٍ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ ذِكْرٌ رَوَاهُ أُمَيَّةُ بْنُ بَسْطَامَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ عَلَى الصَّوَابِ عَنْ رَوْحٍ عن بن عَجْلَانَ عَنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِطُولِهِ وَحَدِيثُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ مُخْتَصَرٌ قُلْتُ وَمِثْلُ هَذَا لَا يَظْهَرُ قَدْحُهُ فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ سهيلا وبن عجلان سمعاه جميعا واشتهرت روايته عن بن عَجْلَانَ وَقَلَّتُ عَنْ سُهَيْلٍ وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَبُو داود والنسائى وبن ماجه الا من جهة بن عجلان فرواه ابو داود عن بن المبارك عن بن عَجْلَانَ عَنِ الْقَعْقَاعِ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ عجلان وبن مَاجَهْ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَالْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَجَاءٍ الْمَكِّيِّ ثلاثتهم عن بن عَجْلَانَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْمَدُ بْنُ خِرَاشٍ الْمَذْكُورُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ قَوْلُهُ (عَنْ حَبَّانَ) هُوَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ قَوْلُهُ (لَقَدْ رَقِيتُ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَاعِدًا عَلَى لَبِنْتَيْنِ يَسْتَقْبِلُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ) أَمَّا رَقِيتُ فَبِكَسْرِ الْقَافِ وَمَعْنَاهُ صَعِدْتُ هَذِهِ اللُّغَةُ الْفَصِيحَةُ الْمَشْهُورَةُ وَحَكَى صَاحِبُ الْمَطَالِعِ لُغَتَيْنِ أُخْرَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا بِفَتْحِ الْقَافِ بِغَيْرِ هَمْزَةٍ وَالثَّانِيَةُ بِفَتْحِهَا مَعَ الْهَمْزَةِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَأَمَّا رُؤْيَتُهُ فَوَقَعَتِ اتِّفَاقًا بِغَيْرِ قَصْدٍ لِذَلِكَ وَأَمَّا اللَّبِنَةُ فَمَعْرُوفَةٌ وَهِيَ بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِ الْبَاءِ وَيَجُوزُ إِسْكَانُ الْبَاءِ مَعَ فَتْحِ اللَّامِ وَمَعَ كَسْرِهَا وَكَذَا كُلُّ مَا كَانَ عَلَى هَذَا الْوَزْنِ أَعْنِي مَفْتُوحُ الْأَوَّلِ مَكْسُورُ الثَّانِي يَجُوزُ فِيهِ الْأَوْجُهُ الثَّلَاثَةُ كَكَتِفٍ فَإِنْ كَانَ ثَانِيهِ أَوْ ثَالِثُهُ حَرْفَ حَلْقٍ جَازَ فِيهِ وَجْهٌ رَابِعٌ وَهُوَ كَسْرُ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي كَفَخِذٍ وَأَمَّا بَيْتُ الْمَقْدِسِ فَتَقَدَّمَ بَيَانُ لُغَاتِهِ وَاشْتِقَاقِهِ فِي أَوَّلِ بَابِ الْإِسْرَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 158

قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ يَحْيَى بن أبى كثير عن عبد الله بن أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ) قَالَ مُسْلِمٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى (وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتَوَائِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أبي كثير عن بن أبى كثير عن بن أبى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ) هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُولِ الَّتِي رَأَيْنَاهَا فِي الْأَوَّلِ هَمَّامٌ بِالْمِيمِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ وَفِي الثَّانِي هِشَامٌ بِالشِّينِ وَأَظُنُّ الْأَوَّلَ تَصْحِيفًا مِنْ بَعْضِ النَّاقِلِينَ عَنْ مُسْلِمٍ فَإِنَّ الْبُخَارِيَّ وَالنَّسَائِيَّ وَغَيْرَهُمَا مِنَ الأئمة رووه عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتَوَائِيِّ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الطَّرِيقِ الثَّانِي وَقَدْ أَوْضَحَ مَا قُلْتُهُ الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ خَلَفٌ الْوَاسِطِيُّ فَقَالَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ هِشَامٍ وَعَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ وَكِيعٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ فَصَرَّحَ الْإِمَامُ خَلَفٌ بِأَنَّ مُسْلِمًا رَوَاهُ فِي الطَّرِيقَيْنِ عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتَوَائِيِّ فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ هَمَّامًا بِالْمِيمِ تَصْحِيفٌ وَقَعَ فِي نُسَخِنَا مِمَّنْ بَعْدَ مُسْلِمٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (لايمسكن أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ وَهُوَ يَبُولُ وَلَا يَتَمَسَّحْ مِنَ الْخَلَاءِ بِيَمِينِهِ) أَمَّا إِمْسَاكُ الذَّكَرِ بِالْيَمِينِ فَمَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ لَا تَحْرِيمٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ وَقَدْ قَدَّمْنَا هُنَاكَ أَنَّهُ لَا يستعين باليمين فى شئ مِنْ ذَلِكَ مِنَ الِاسْتِنْجَاءِ وَقَدْ قَدَّمْنَا مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْفَصْلِ وَأَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم وَلَا يَتَمَسَّحُ مِنَ الْخَلَاءِ بِيَمِينِهِ فَلَيْسَ التَّقْيِيدُ بِالْخَلَاءِ لِلِاحْتِرَازِ عَنِ الْبَوْلِ بَلْ هما سواء والخلاء بِالْمَدِّ هُوَ الْغَائِطُ

ص: 159

وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (وَلَا يَتَنَفَّسْ فِي الْإِنَاءِ) مَعْنَاهُ لَا يَتَنَفَّسْ فِي نَفْسِ الْإِنَاءِ وَأَمَّا التَّنَفُّسُ ثَلَاثًا خَارِجَ الْإِنَاءِ فَسُنَّةٌ مَعْرُوفَةٌ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَالنَّهْيُ عَنِ التَّنَفُّسِ فِي الْإِنَاءِ هُوَ مِنْ طَرِيقِ الْأَدَبِ مخافة من تقذيره ونتنه وسقوط شئ مِنَ الْفَمِ وَالْأَنْفِ فِيهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهَا (كَانَ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ التَّيَمُّنَ فِي طُهُورِهِ إِذَا تَطَهَّرَ وَفِي تَرَجُّلِهِ إِذَا تَرَجَّلَ وَفِي انْتِعَالِهِ إِذَا انْتَعَلَ) هذه قاعدة مستمرة فى الشرع وهى انما كَانَ مِنْ بَابِ التَّكْرِيمِ وَالتَّشْرِيفِ كَلُبْسِ الثَّوْبِ وَالسَّرَاوِيلِ وَالْخُفِّ وَدُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالسِّوَاكِ وَالِاكْتِحَالِ وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَقَصِّ الشَّارِبِ وَتَرْجِيلِ الشَّعْرِ وَهُوَ مَشْطُهُ وَنَتْفِ الْإِبْطِ وَحَلْقِ الرَّأْسِ وَالسَّلَامِ مِنَ الصَّلَاةِ وَغَسْلِ أَعْضَاءِ الطَّهَارَةِ وَالْخُرُوجِ مِنَ الْخَلَاءِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْمُصَافَحَةِ وَاسْتِلَامِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ فِي مَعْنَاهُ يُسْتَحَبُّ التَّيَامُنُ فِيهِ وَأَمَّا مَا كَانَ بِضِدِّهِ كَدُخُولِ الْخَلَاءِ وَالْخُرُوجِ مِنَ الْمَسْجِدِ وَالِامْتِخَاطِ وَالِاسْتِنْجَاءِ وَخَلْعِ الثَّوْبِ وَالسَّرَاوِيلِ وَالْخُفِّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَيُسْتَحَبُّ التَّيَاسُرُ فِيهِ وَذَلِكَ كُلَّهُ بِكَرَامَةِ الْيَمِينِ وَشَرَفِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ تَقْدِيمَ الْيَمِينِ عَلَى الْيَسَارِ مِنَ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ فِي الْوُضُوءِ سُنَّةٌ لَوْ خَالَفَهَا فَاتَهُ الْفَضْلُ وَصَحَّ وُضْوءُهُ وَقَالَتِ الشِّيعَةُ هُوَ وَاجِبٌ وَلَا اعْتِدَادَ بِخِلَافِ الشِّيعَةِ واعلم أن الابتداء باليسار وان كَانَ مُجْزِيًا فَهُوَ مَكْرُوهٌ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَدْ ثَبَتَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِمَا بِأَسَانِيدَ حَمِيدَةٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ إِذَا لَبِسْتُمْ أو توضأتم فابدؤا بِأَيَامِنِكُمْ فَهَذَا نَصٌّ فِي الْأَمْرِ بِتَقْدِيمِ الْيَمِينِ وَمُخَالَفَتُهُ مَكْرُوهَةٌ أَوْ مُحَرَّمَةٌ وَقَدِ انْعَقَدَ إِجْمَاعٌ العلماء عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مُحَرَّمَةٌ فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ مَكْرُوهَةٌ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ مَا لَا يُسْتَحَبُّ فِيهِ التَّيَامُنُ وَهُوَ الْأُذُنَانِ والكفان

ص: 160

وَالْخَدَّانِ بَلْ يُطَهَّرَانِ دَفْعَةً وَاحِدَةً فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ كَمَا فِي حَقِّ الْأَقْطَعِ وَنَحْوِهِ قَدَّمَ الْيَمِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ التَّيَمُّنَ فِي شأنه كله فى نعله وترجله) هَكَذَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الْأُصُولِ فِي نَعْلِهِ عَلَى إِفْرَادِ النَّعْلِ وَفِي بَعْضِهَا نَعْلَيْهِ بِزِيَادَةِ يَاءِ التَّثْنِيَةِ وَهُمَا صَحِيحَانِ أَيْ فِي لُبْسِ نَعْلَيْهِ أَوْ فِي لُبْسِ نَعْلِهِ أَيْ جِنْسَ النعل ولم ير فى شئ مِنْ نُسَخِ بِلَادِنَا غَيْرُ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ وَذَكَرَ الْحُمَيْدِيُّ وَالْحَافِظُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي كِتَابِهِمَا الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ فِي تَنَعُّلِهِ بِتَاءٍ مُثَنَّاةٍ فَوْقُ ثم نون وتشديد الْعَيْنِ وَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَاتِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ وَكُلُّهُ صَحِيحٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَاتِ الْبُخَارِيِّ يُحِبُّ التَّيَمُّنَ مَا اسْتَطَاعَ فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَخْ وَفِي قَوْلِهِ مَا اسْتَطَاعَ إِشَارَةٌ إِلَى شِدَّةِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى التَّيَمُّنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ قالوا وما اللعانان يارسول اللَّهِ قَالَ الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ فِي ظِلِّهِمْ) أَمَّا اللَّعَّانَانِ فَكَذَا وَقَعَ فِي مُسْلِمٍ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ اتَّقُوا اللَّاعِنَيْنِ وَالرِّوَايَتَانِ صَحِيحَتَانِ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ الْمُرَادُ بِاللَّاعِنَيْنِ الْأَمْرَيْنِ الْجَالِبَيْنِ لِلَّعْنِ الْحَامِلَيْنِ النَّاسَ عَلَيْهِ وَالدَّاعِيَيْنِ إِلَيْهِ وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ فَعَلَهُمَا شُتِمَ وَلُعِنَ يَعْنِي عَادَةُ النَّاسِ لَعْنُهُ فَلَمَّا صَارَا سَبَبًا لِذَلِكَ أُضِيفَ اللَّعْنُ إِلَيْهِمَا قَالَ وَقَدْ يَكُونُ اللَّاعِنُ بِمَعْنَى الْمَلْعُونِ وَالْمَلَاعِنُ مَوَاضِعُ اللَّعْنِ قُلْتُ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ التَّقْدِيرُ اتَّقُوا الْأَمْرَيْنِ الْمَلْعُونُ فَاعِلُهُمَا وَهَذَا عَلَى رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ وَأَمَّا رِوَايَةُ مُسْلِمٍ فَمَعْنَاهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ اتَّقُوا فِعْلَ

ص: 161

اللَّعَّانَيْنِ أَيْ صَاحِبَيِ اللَّعْنِ وَهُمَا اللَّذَانِ يَلْعَنْهُمَا النَّاسُ فِي الْعَادَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْمُرَادُ بِالظِّلِّ هُنَا مُسْتَظَلُّ النَّاسِ الَّذِي اتَّخَذُوهُ مَقِيلًا وَمُنَاخًا يَنْزِلُونَهُ وَيَقْعُدُونَ فِيهِ وَلَيْسَ كُلُّ ظِلٍّ يَحْرُمُ الْقُعُودُ تَحْتَهُ فَقَدْ قَعَدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم تَحْتَ حَايِشِ النَّخْلِ لِحَاجَتِهِ وَلَهُ ظِلَّ بِلَا شَكٍّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ فَمَعْنَاهُ يَتَغَوَّطُ فِي مَوْضِعٍ يَمُرُّ بِهِ النَّاسُ وَمَا نَهَى عَنْهُ فِي الظِّلِّ وَالطَّرِيقِ لِمَا فِيهِ مِنْ إِيذَاءِ الْمُسْلِمِينَ بِتَنْجِيسِ مَنْ يَمُرَّ به ونتنه واستقذاره والله أعلم قَوْلُهُ (دَخَلَ حَائِطًا وَتَبِعَهُ غُلَامٌ مَعَهُ مِيضَأَةٌ فَوَضَعَهَا عِنْدَ سِدْرَةٍ فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَاجَتَهُ فَخَرَجَ عَلَيْنَا وَقَدِ استنجى بالماء) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُ الْخَلَاءَ فَأَحْمِلُ أَنَا وَغُلَامٌ نَحْوِي إِدَاوَةً من ماء وعنزة فيستنجي بالماء) وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يتبرز لحاجته

ص: 162

فآتيه بالماء فيتغسل به) الميضأة بكسر الميم وبهمزة بعد الضاد المعجمة وهي الاناء الذي يتوضأ به كالركوة والابريق وشبههما وأما الحائط فهو البستان وأما العنزة فبتح الْعَيْنِ وَالزَّايِ وَهِيَ عَصًا طَوِيلَةٌ فِي أَسْفَلِهَا زُجٌّ وَيُقَالُ رُمْحٌ قَصِيرٌ وَإِنَّمَا كَانَ يَسْتَصْحِبُهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأَنَّهُ كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ صَلَّى فَيَحْتَاجُ إِلَى نَصْبِهَا بَيْنَ يَدَيْهِ لِتَكُونَ حَائِلًا يُصَلِّي إِلَيْهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ يَتَبَرَّزُ فَمَعْنَاهُ يَأْتِي الْبَرَازَ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَهُوَ الْمَكَانُ الْوَاسِعُ الظَّاهِرُ مِنَ الْأَرْضِ لِيَخْلُوَ لِحَاجَتِهِ وَيَسْتَتِرَ وَيَبْعُدَ عَنْ أَعْيُنِ النَّاظِرِينَ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَيَغْتَسِلُ بِهِ فَمَعْنَاهُ يَسْتَنْجِي بِهِ وَيَغْسِلُ مَحَلَّ الِاسْتِنْجَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا فِقْهُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ فَفِيهَا اسْتِحْبَابُ التَّبَاعُدِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ عَنِ النَّاسِ وَالِاسْتِتَارِ عَنْ أَعْيُنِ النَّاظِرِينَ وَفِيهَا جَوَازُ اسْتِخْدَامِ الرَّجُلِ الْفَاضِلِ بَعْضَ أَصْحَابِهِ فِي حَاجَتِهِ وَفِيهَا خِدْمَةُ الصَّالِحِينَ وَأَهْلِ الْفَضْلِ وَالتَّبَرُّكُ بِذَلِكَ وَفِيهَا جَوَازُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ وَاسْتِحْبَابُهُ وَرُجْحَانُهُ عَلَى الِاقْتِصَارِ عَلَى الْحَجَرِ وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَالَّذِي عَلَيْهِ الْجَمَاهِيرُ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَأَجْمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْفَتْوَى مِنْ أَئِمَّةِ الْأَمْصَارِ أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْمَاءِ وَالْحَجَرِ فَيَسْتَعْمِلَ الْحَجَرَ أَوَّلًا لِتَخِفَّ النَّجَاسَةُ وَتَقِلَّ مُبَاشَرَتُهَا بِيَدِهِ ثُمَّ يَسْتَعْمِلَ الْمَاءَ فَإِنْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى أَحَدِهِمَا جَازَ الِاقْتِصَارُ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ سَوَاءٌ وَجَدَ الْآخَرَ أَوْ لَمْ يَجِدْهُ فَيَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْحَجَرِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ وَيَجُوزُ عَكْسُهُ فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَالْمَاءُ أَفْضَلُ مِنَ الْحَجَرِ لِأَنَّ الْمَاءَ يُطَهِّرُ الْمَحَلَّ طَهَارَةً حقيقية وَأَمَّا الْحَجَرُ فَلَا يُطَهِّرُهُ وَإِنَّمَا يُخَفِّفُ النَّجَاسَةَ وَيُبِيحُ الصَّلَاةَ مَعَ النَّجَاسَةِ الْمَعْفُوِّ عَنْهَا وَبَعْضُ السَّلَفِ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْأَفْضَلَ هُوَ الْحَجَرُ وَرُبَّمَا أَوْهَمَ كَلَامُ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْمَاءَ لَا يجزى وقال بن حَبِيبٍ الْمَالِكِيُّ لَا يُجْزِي الْحَجَرُ إِلَّا لِمَنْ عَدِمَ الْمَاءَ وَهَذَا خِلَافُ مَا عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَخِلَافُ ظَوَاهِرِ السُّنَنِ الْمُتَظَاهِرَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدِ اسْتَدَلَّ بَعْضُ الْعُلَمَاءُ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يُتَوَضَّأُ مِنَ الْأَوَانِي دُونَ الْمَشَارِعِ وَالْبِرَكِ وَنَحْوِهَا إِذْ لَمْ ينقل ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ وَلَمْ يُوَافِقْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فِيمَا نَعْلَمْ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هَذَا الَّذِي قَالَهُ هَذَا الْقَائِلُ لَا أَصْلَ لَهُ وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَجَدَهَا فَعَدَلَ عَنْهَا إِلَى الْأَوَانِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 163