المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب بيان أن من مات على الكفر فهو في النار) - شرح النووي على مسلم - جـ ٣

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌(باب معنى قول الله عز وجل ولقد رآه نزلة أخرى)

- ‌(هَذَا مِمَّا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَشَكَّكَ فِيهِ ثُمَّ إِنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ

- ‌(باب اثبات رؤية المؤمنين في الآخرة لربهم سبحانه

- ‌(باب إثبات الشفاعة وإخراج الموحدين من النَّارِ)

- ‌(وَفِي الْمُذْنِبِينَ وَحَلَّتِ الشَّفَاعَةُ لِلْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ

- ‌(وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (وَتُرْسَلُ الْأَمَانَةُ

- ‌(بَاب دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لأمته وبكائه

- ‌(باب بَيَانِ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ فَهُوَ فِي النَّارِ)

- ‌(باب شَفَاعَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لابي طالب)

- ‌(بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ لَا يَنْفَعُهُ عَمَلٌ)

- ‌(باب مُوَالَاةِ الْمُؤْمِنِينَ وَمُقَاطَعَةِ غَيْرِهِمْ وَالْبَرَاءَةِ منهم)

- ‌(باب الدَّلِيلِ عَلَى دُخُولِ طَوَائِفَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْجَنَّةَ)

- ‌(باب بيان كون هذه الامة نصف أهل الجنة)

- ‌(كِتَابُ الطَّهَارَةِ)

- ‌(بَاب فَضْلِ الْوُضُوءِ)

- ‌(بَابُ وُجُوبِ الطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ)

- ‌(بَابُ صِفَةِ الْوُضُوءِ وَكَمَالِهِ)

- ‌(بَابُ فضل الوضوء والصلاة عقبه)

- ‌(باب الذِّكْرِ الْمُسْتَحَبِّ عَقِبَ الْوُضُوءِ)

- ‌(باب آخر في صفته الْوُضُوءِ)

- ‌(بَابُ الْإِيتَارِ فِي الِاسْتِنْثَارِ وَالِاسْتِجْمَارِ)

- ‌(باب وجوب غسل الرجلين بكمالها)

- ‌(بَابُ وُجُوبِ اسْتِيعَابِ جَمِيعِ أَجْزَاءِ مَحِلِ الطَّهَارَةِ)

- ‌(بَابُ خُرُوجِ الْخَطَايَا مَعَ مَاءِ الْوَضُوءِ)

- ‌(باب اسْتِحْبَابِ إِطَالَةِ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ فِي الْوُضُوءِ)

- ‌(باب فَضْلِ إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ)

- ‌(بَابُ السِّوَاكِ)

- ‌(بَابُ خِصَالِ الْفِطْرَةِ)

- ‌(بَابُ الِاسْتِطَابَةِ)

- ‌(بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ)

- ‌(بَابُ التَّوْقِيتِ فِي المسح على الْخُفَّيْنِ)

- ‌(بَابُ جَوَازِ الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ)

- ‌(باب كراهة غمس المتوضئ وغيره يده المشكوك فِي

- ‌(بَابُ حُكْمِ وُلُوغِ الْكَلْبِ)

- ‌(باب النهي عن البول في الماء الراكد)

- ‌(باب النَّهْيِ عَنِ الِاغْتِسَالِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ)

- ‌(باب وجوب غسل البول وغيره من النجاسات إِذَا حَصَلَتْ فِي

- ‌(بَابُ حُكْمِ بَوْلِ الطِّفْلِ الرَّضِيعِ وَكَيْفِيَّةِ غَسْلِهِ)

- ‌(بَابُ حُكْمِ الْمَنِيِّ)

- ‌(باب نَجَاسَةِ الدَّمِ وَكَيْفِيَّةُ غَسْلِهِ)

- ‌(باب الدَّلِيلِ عَلَى نَجَاسَةِ الْبَوْلِ وَوُجُوبُ الاستبراء منه)

- ‌(كِتَاب الْحَيْضِ)

- ‌(بَاب مُبَاشَرَةِ الْحَائِضِ فَوْقَ الْإِزَارِ)

- ‌(باب الِاضْطِجَاعِ مَعَ الْحَائِضِ فِي لحاف واحد)

- ‌(باب جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله وَطَهَارَةِ

- ‌(باب المذي)

- ‌(بَابُ غَسْلِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ إِذَا اسْتَيْقَظَ مِنَ النوم)

- ‌(باب جَوَازِ نَوْمِ الْجُنُبِ وَاسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ لَهُ)

- ‌(بَابُ وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَى الْمَرْأَةِ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْهَا)

- ‌(باب بَيَانِ صِفَةِ مَنِيِّ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَأَنَّ الولد مخلوق من

- ‌(باب صِفَةِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ)

- ‌(اغْتَسَلَ وَخَرَجَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً وَأَمَّا فِعْلُ التَّنْشِيفِ فَقَدْ

الفصل: ‌(باب بيان أن من مات على الكفر فهو في النار)

الْأَحَادِيثِ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ أَوْ أَرْجَاهَا وَمِنْهَا بَيَانُ عِظَمِ مَنْزِلَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَعَظِيمِ لُطْفِهِ سُبْحَانَهُ بِهِ صلى الله عليه وسلم وَالْحِكْمَةُ فِي إِرْسَالِ جِبْرِيلَ لِسُؤَالِهِ صلى الله عليه وسلم إِظْهَارُ شَرَفِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَّهُ بِالْمَحَلِّ الْأَعْلَى فَيُسْتَرْضَى وَيُكْرَمُ بِمَا يُرْضِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا الْحَدِيثُ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ اللَّهِ عز وجل ولسوف يعطيك ربك فترضى وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى وَلَا نَسُوءُكَ فَقَالَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ هُوَ تَأْكِيدٌ لِلْمَعْنَى أَيْ لَا نُحْزِنُكَ لِأَنَّ الْإِرْضَاءَ قَدْ يَحْصُلُ فِي حَقِّ الْبَعْضِ بِالْعَفْوِ عَنْهُمْ وَيَدْخُلُ الْبَاقِي النَّارَ فَقَالَ تَعَالَى نُرْضِيكَ وَلَا نُدْخِلُ عَلَيْكَ حُزْنًا بَلْ نُنَجِّي الجميع والله أعلم

(باب بَيَانِ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ فَهُوَ فِي النَّارِ)

(وَلَا تَنَالُهُ شَفَاعَةٌ وَلَا تنفعه قرابة المقربين)

قَوْلُهُ (أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيْنَ أَبِي قَالَ فِي النَّارِ فَلَمَّا قَفَّى دعاه فقال إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ) فِيهِ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ فَهُوَ فِي النَّارِ وَلَا تَنْفَعُهُ قَرَابَةُ الْمُقَرَّبِينَ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ مَاتَ فِي الْفَتْرَةِ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْعَرَبُ مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَلَيْسَ هَذَا مُؤَاخَذَةٌ قَبْلَ بُلُوغِ الدَّعْوَةِ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ كَانَتْ قَدْ بَلَغَتْهُمْ دَعْوَةُ إِبْرَاهِيمَ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ تَعَالَى وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ هُوَ مِنْ حُسْنِ الْعِشْرَةِ لِلتَّسْلِيَةِ بِالِاشْتِرَاكِ فِي الْمُصِيبَةِ وَمَعْنَى قَفَّى ولى قفاه منصرفا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (يَا بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ

ص: 79

قَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ لُؤَيٌّ يُهْمَزُ وَلَا يُهْمَزُ وَالْهَمْزُ أَكْثَرُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (يَا فَاطِمَةُ أَنْقِذِي نَفْسَكِ) هَكَذَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الْأُصُولِ فَاطِمَةُ وَفِي بَعْضِهَا أَوْ أَكْثَرِهَا يافاطم بِحَذْفِ الْهَاءِ عَلَى التَّرْخِيمِ وَعَلَى هَذَا يَجُوزُ ضَمُّ الْمِيمِ وَفَتْحُهَا كَمَا عُرِفَ فِي نَظَائِرِهِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (فَإِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا) مَعْنَاهُ لَا تَتَّكِلُوا عَلَى قَرَابَتِي فَإِنِّي لَا أَقْدِرُ عَلَى دَفْعِ مَكْرُوهٍ يُرِيدُهُ اللَّهُ تَعَالَى بِكَمْ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (غَيْرَ أَنَّ لَكُمْ رَحِمًا سَأَبُلُّهَا بِبَلَالِهَا) ضَبَطْنَاهُ بِفَتْحِ الْبَاءِ الثَّانِيَةِ وَكَسْرِهَا وَهُمَا وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ ذَكَرَهُمَا جَمَاعَاتٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رُوِّينَاهُ بِالْكَسْرِ قَالَ وَرَأَيْتُ لِلْخَطَّابِيِّ أَنَّهُ بِالْفَتْحِ وَقَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ رُوِّينَاهُ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَفَتْحِهَا مِنْ بَلَّهُ يَبُلُّهُ وَالْبَلَالُ الْمَاءُ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ سَأَصِلُهَا شُبِّهَتْ قَطِيعَةُ الرَّحِمِ بِالْحَرَارَةِ وَوَصْلُهَا بِإِطْفَاءِ الْحَرَارَةِ بِبُرُودَةٍ وَمِنْهُ بلوا أرحامكم أى صلوها قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ يَا صَفِيَّةُ بِنْتَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ) يَجُوزُ نَصْبُ فَاطِمَةَ وَصْفِيَّةَ وَعَبَّاسٍ وَضَمُّهُمْ وَالنَّصْبُ أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ وأما بنت وبن فَمَنْصُوبٌ لَا غَيْرَ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا

ص: 80

مَعْرُوفًا فَلَا بَأْسَ بِالتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ لِمَنْ لَا يَحْفَظُهُ وَأَفْرَدَ صلى الله عليه وسلم هَؤُلَاءِ لِشِدَّةِ قَرَابَتِهِمْ قَوْلُهُ (عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ الْمُخَارِقِ وَزُهَيْرِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَا لما نزلت وأنذر عشيرتك الأقربين قَالَ انْطَلَقَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى رَضْمَةٍ مِنْ جَبَلٍ فَعَلَا أَعْلَاهَا حجرا ثم نادى يابني عَبْدِ مَنَافَاهُ إِنِّي نَذِيرٌ إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ رَأَى الْعَدُوَّ فَانْطَلَقَ يَرْبَأُ أَهْلَهُ فَخَشِيَ أَنْ يَسْبِقُوهُ فَجَعَلَ يَهْتِفُ يَا صَبَاحَاهُ) أَمَّا قَوْلُهُ أَوَّلًا قَالَ انْطَلَقَ فَمَعْنَاهُ قَالَا لان

ص: 81

الْمُرَادَ أَنَّ قَبِيصَةَ وَزُهَيْرًا قَالَا وَلَكِنْ لَمَّا كَانَا مُتَّفِقَيْنِ وَهُمَا كَالرَّجُلِ الْوَاحِدِ أَفْرَدَ فِعْلَهُمَا وَلَوْ حَذَفَ لَفْظَةَ قَالَ كَانَ الْكَلَامُ وَاضِحًا مُنْتَظِمًا وَلَكِنْ لَمَّا حَصَلَ فِي الْكَلَامِ بَعْضُ الطُّولِ حَسُنَ إِعَادَةٍ قَالَ لِلتَّأْكِيدِ وَمِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أنكم مخرجون فَأَعَادَ أَنَّكُمْ وَلَهُ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ فِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ وَالْحَدِيثِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي مَوَاضِعَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا الْمُخَارِقُ وَالِدُ قَبِيصَةَ فَبِضَمِّ الْمِيمِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَأَمَّا الرَّضْمَةُ فَبِفَتْحِ الرَّاءِ وَإِسْكَانِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَبِفَتْحِهَا لُغَتَانِ حَكَاهُمَا صَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَغَيْرُهُ وَاقْتَصَرَ صَاحِبُ العين والجوهري والهروي وغيرهم على الاسكان وبن فَارِسٍ وَبَعْضُهُمْ عَلَى الْفَتْحِ قَالُوا وَالرَّضْمَةُ وَاحِدَةُ الرَّضْمِ وَالرِّضَامِ وَهِيَ صُخُورٌ عِظَامٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ وَقِيلَ هِيَ دُونَ الْهِضَابِ وَقَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ الرَّضْمَةُ حِجَارَةٌ مُجْتَمِعَةٌ لَيْسَتْ بِثَابِتَةٍ فِي الْأَرْضِ كَأَنَّهَا مَنْثُورَةٌ وَأَمَّا يَرْبَأُ فَهُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَبَعْدُهَا بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ ثُمَّ هَمْزَةٌ عَلَى وَزْنِ يَقْرَأُ وَمَعْنَاهُ يَحْفَظُهُمْ وَيَتَطَلَّعُ لهم ويقال لفاعل ذلك ربئة وَهُوَ الْعَيْنُ وَالطَّلِيعَةُ الَّذِي يَنْظُرُ لِلْقَوْمِ لِئَلَّا يَدْهَمَهُمُ الْعَدُوُّ وَلَا يَكُونُ فِي الْغَالِبِ إِلَّا على جبل أو شرف أو شئ مُرْتَفِعٍ لِيَنْظُرَ إِلَى بُعْدٍ وَأَمَّا يَهْتِفُ فَبِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ التَّاءِ وَمَعْنَاهُ يَصِيحُ وَيَصْرُخُ وَقَوْلُهُمْ ياصباحاه كَلِمَةٌ يَعْتَادُونَهَا عِنْدَ وُقُوعِ أَمْرٍ عَظِيمٍ فَيَقُولُونَهَا لِيَجْتَمِعُوا وَيَتَأَهَّبُوا لَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (عَنِ بن عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هذه الآية وأنذر عشيرتك الأقربين وَرَهْطَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) هُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ فَظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ قَوْلَهُ وَرَهْطَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ كَانَ قُرْآنًا أُنْزِلَ ثُمَّ نُسِخَتْ

ص: 82

تِلَاوَتُهُ وَلَمْ تَقَعْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي رِوَايَاتِ الْبُخَارِيِّ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (أَرَأَيْتَكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا بِسَفْحِ هَذَا الْجَبَلِ أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ) أَمَّا سَفْحُ الْجَبَلِ فَبِفَتْحِ السِّينِ وَهُوَ أَسْفَلُهُ وَقِيلَ عَرْضُهُ وَأَمَّا مُصَدِّقِيَّ فَبِتَشْدِيدِ الدَّالِ وَالْيَاءِ قَوْلُهُ (فَنَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ تَبَّتْ يدا أبي لهب وقد تب كَذَا قَرَأَ الْأَعْمَشُ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ) مَعْنَاهُ أَنَّ الْأَعْمَشَ زَادَ لَفْظَةَ قَدْ بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ الْمَشْهُورَةِ وَقَوْلُهُ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ يَعْنِي أَتَمَّ الْقِرَاءَةَ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ كَمَا يَقْرَؤُهَا النَّاسُ وفي السورة لغتان الهمز وتركه حكاهما بن قُتَيْبَةَ وَالْمَشْهُورُ بِغَيْرِ هَمْزٍ كَسُورِ الْبَلَدِ لِارْتِفَاعِهَا وَمَنْ هَمَزَهُ قَالَ هِيَ قِطْعَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ كَسُؤْرِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَهِيَ الْبَقِيَّةُ مِنْهُ وَفِي أَبِي لَهَبٍ لُغَتَانِ قُرِئَ بِهِمَا فَتْحُ الْهَاءِ وَإِسْكَانُهَا وَاسْمُهُ عَبْدُ الْعُزَّى وَمَعْنَى تَبَّ خَسِرَ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَقَدِ اسْتُدِلَّ بِهَذِهِ السُّورَةِ عَلَى جَوَازِ تَكْنِيَةِ الْكَافِرِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ مَالِكٍ فِي جَوَازِ تَكْنِيَةِ الْكَافِرِ بِالْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّمَا يَجُوزُ مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ عَلَى جِهَةِ التَّأَلُّفِ وَإِلَّا فَلَا إِذْ فِي التَّكْنِيَةِ تَعْظِيمٌ وَتَكْبِيرٌ وَأَمَّا تَكْنِيَةُ اللَّهِ تَعَالَى لِأَبِي لَهَبٍ فَلَيْسَتْ مِنْ هَذَا وَلَا حُجَّةَ فِيهِ إِذَا كَانَ اسْمُهُ عَبْدُ الْعُزَّى وهَذِهِ تَسْمِيَةٌ بَاطِلَةٌ فَلِهَذَا كَنَّى عَنْهُ وَقِيلَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ يُعْرَفُ بِهَا وَقِيلَ إِنَّ أَبَا لَهَبٍ لَقَبٌ وَلَيْسَ بِكُنْيَةٍ وَكُنْيَتُهُ أَبُو عُتْبَةَ وَقِيلَ جَاءَ ذِكْرُ أَبِي لَهَبٍ

ص: 83