الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَلْيَسْتَنْثِرْ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيَاشِيمِهِ) قَالَ الْعُلَمَاءُ الْخَيْشُومُ أَعْلَى الْأَنْفِ وَقِيلَ هُوَ الْأَنْفُ كُلُّهُ وَقِيلَ هِيَ عِظَامٌ رِقَاقٌ لَيِّنَةٌ فِي أَقْصَى الْأَنْفِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدِّمَاغِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَهُوَ اخْتِلَافٌ مُتَقَارِبُ الْمَعْنَى قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيَاشِيمِهِ عَلَى حَقِيقَتِهِ فَإِنَّ الْأَنْفَ أَحَدُ مَنَافِذِ الْجِسْمِ الَّتِي يُتَوَصَّلُ إِلَى الْقَلْبِ مِنْهَا لَا سِيَّمَا وَلَيْسَ مِنْ مَنَافِذِ الْجِسْمِ ماليس عَلَيْهِ غَلْقٌ سِوَاهُ وَسِوَى الْأُذُنَيْنِ وَفِي الْحَدِيثِ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ غَلَقًا وَجَاءَ فِي التَّثَاؤُبِ الْأَمْرُ بِكَظْمِهِ مِنْ أَجْلِ دُخُولِ الشَّيْطَانِ حِينَئِذٍ فِي الْفَمِ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الِاسْتِعَارَةِ فَإِنَّ مَا يَنْعَقِدُ مِنَ الْغُبَارِ وَرُطُوبَةِ الْخَيَاشِيمِ قَذَارَةٌ تُوَافِقُ الشَّيْطَانَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
(باب وجوب غسل الرجلين بكمالها)
فِي الْبَابِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (ويل للاعقاب من النار أسبغوا الوضوء) ومراد مسلم
رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِإِيرَادِهِ هُنَا الِاسْتِدْلَالُ بِهِ عَلَى وُجُوبِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَأَنَّ الْمَسْحَ لَا يُجْزِئُ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهَا عَلَى مَذَاهِبَ فَذَهَبَ جَمْعٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَهْلِ الْفَتْوَى فِي الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ إِلَى أَنَّ الْوَاجِبَ غَسْلُ الْقَدَمَيْنِ مَعَ الْكَعْبَيْنِ وَلَا يُجْزِئُ مَسْحُهُمَا وَلَا يَجِبُ الْمَسْحُ مَعَ الْغَسْلِ وَلَمْ يَثْبُتْ خِلَافُ هَذَا عَنْ أَحَدٍ يُعْتَدُّ بِهِ فِي الْإِجْمَاعِ وَقَالَتِ الشِّيعَةُ الْوَاجِبُ مَسْحُهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ وَالْجُبَّائِيُّ رَأْسُ الْمُعْتَزِلَةِ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْمَسْحِ وَالْغَسْلِ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ يَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَسْحِ وَالْغَسْلِ وَتَعَلَّقَ هَؤُلَاءِ الْمُخَالِفُونَ لِلْجَمَاهِيرِ بِمَا لَا تَظْهَرُ فِيهِ دَلَالَةٌ وَقَدْ أَوْضَحْتُ دَلَائِلَ الْمَسْأَلَةِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَشَوَاهِدِهَا وَجَوَابُ مَا تَعَلَّقَ بِهِ الْمُخَالِفُونَ بِأَبْسَطِ الْعِبَارَاتِ الْمُنَقَّحَاتِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ لِلْمُخَالِفِ شُبْهَةٌ أَصْلًا إِلَّا وَضَحَ جَوَابُهَا مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ وَالْمَقْصُودُ هُنَا شَرْحُ مُتُونِ الْأَحَادِيثِ وَأَلْفَاظِهَا دُونَ بَسْطِ الْأَدِلَّةِ وَأَجْوِبَةِ الْمُخَالِفِينَ وَمِنْ أَخْصَرِ مَا نَذْكُرُهُ أَنَّ جَمِيعَ مَنْ وَصَفَ وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فِي مَوَاطِنَ مُخْتَلِفَةٍ وَعَلَى صِفَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ مُتَّفِقُونَ عَلَى غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ فَتَوَاعَدَهَا بِالنَّارِ لِعَدَمِ طَهَارَتِهَا وَلَوْ كَانَ الْمَسْحُ كَافِيًا لَمَا تَوَاعَدَ مَنْ تَرَكَ غَسْلَ عَقِبَيْهِ وَقَدْ صَحَّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عن جده أن رجلا قال يارسول اللَّهِ كَيْفَ الطُّهُورُ فَدَعَا بِمَاءٍ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا إِلَى أَنْ قَالَ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ هَكَذَا الْوُضُوءُ فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا أَوْ نَقَصَ فَقَدْ أَسَاءَ وَظَلَمَ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ بِأَسَانِيدِهِمُ الصَّحِيحَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (عَنْ سَالِمٍ مَوْلَى شَدَّادٍ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ وَفِي الثَّالِثَةِ سَالِمٌ مَوْلَى الْمَهْرِيِّ) هَذِهِ كُلُّهَا صِفَاتٌ لَهُ وَهُوَ شَخْصٌ وَاحِدٌ يُقَالُ لَهُ سَالِمٌ مَوْلَى شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ وَسَالِمٌ مَوْلَى الْمُهْرِيِّ وَسَالِمٌ بَادُوسُ وَسَالِمٌ مَوْلَى مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ النَّصْرِيُّ بِالنُّونِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَسَالِمٌ سَبْنَانُ بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَسَالِمٌ الْبَرَّادُ وَسَالِمٌ مَوْلَى الْبَصْرِيِّينَ وَسَالِمٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيُّ وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ مَوْلَى شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ فَهَذِهِ كُلُّهَا تُقَالُ فِيهِ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ كَانَ سَالِمٌ مِنْ خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ حَدَّثَنِي سَالِمٌ الْبَرَّادُ وَكَانَ أَوْثَقَ عِنْدِي مِنْ نَفْسِي وَأَمَّا قَوْلُهُ (حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ حَدَّثَنِي نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سَالِمٍ مولى بن شداد) فكذا وقع في الاصول مولى بن شَدَّادٍ قِيلَ إِنَّهُ خَطَأٌ وَالصَّوَابُ حَذْفُ لَفْظَةِ بن كَمَا تَقَدَّمَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ صَحِيحٌ فَإِنَّ مَوْلَى شَدَّادٍ مَوْلًى لِابْنِهِ وَإِذَا أَمْكَنَ
تَأْوِيلُ مَا صَحَّتْ بِهِ الرِّوَايَةُ لَمْ يَجُزْ إِبْطَالُهَا لَا سِيَّمَا فِي هَذَا الَّذِي قَدْ قِيلَ فِيهِ هَذِهِ الْأَقْوَالُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (حدثنا عكرمة بن عمار حدثنا يحي بْنُ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَوْ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سَالِمٌ مَوْلَى الْمَهْرِيِّ) هَذَا إِسْنَادٌ اجْتَمَعَ فِيهِ أَرْبَعَةٌ تَابِعِيُّونَ يَرْوِي بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ فَسَالِمٌ وَأَبُو سلمة ويحي تَابِعِيُّونَ مَعْرُوفُونَ وَعِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ أَيْضًا تَابِعِيٌّ سَمِعَ الْهِرْمَاسَ بْنَ زِيَادٍ الْبَاهِلِيَّ الصَّحَابِيَّ رضي الله عنه وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ التَّصْرِيحُ بِسَمَاعِهِ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَوْلُهُ حَدَّثَنِي أَوْ حَدَّثَنَا فِيهِ أَحْسَنُ احْتِيَاطٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى مِثْلِ هَذَا قَرِيبًا وَسَابِقًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ وَأَبُو مَعْنٍ الرَّقَاشِيُّ) اسْمُ أَبِي مَعْنٍ زَيْدُ بْنُ يَزِيدَ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْإِيمَانِ قَوْلُهُ (كُنْتُ أَنَا مَعَ عَائِشَةَ) هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُولِ الْمُحَقَّقَةِ الَّتِي ضَبَطَهَا الْمُتْقِنُونَ أَنَا مَعَ بِالنُّونِ وَالْمِيمِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ وَوَقَعَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأُصُولِ وَلِكَثِيرٍ مِنَ الرُّوَاةِ الْمَشَارِقَةِ وَالْمَغَارِبَةِ أُبَايِعُ عَائِشَةَ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنَ الْمُبَايَعَةِ قَالَ الْقَاضِي الصَّوَابُ هُوَ الْأَوَّلُ قُلْتُ وَلِلثَّانِي أَيْضًا وَجْهٌ قَوْلُهُ (عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ عَنْ أَبِي يَحْيَى) أَمَّا يَسَافٌ فَفِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ فَتْحُ الْيَاءِ وَكَسْرُهَا وَإِسَافٌ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ قَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ يَقُولُهُ الْمُحَدِّثُونَ بِكَسْرِ الْيَاءِ قَالَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ كَلِمَةٌ أَوَّلُهَا يَاءٌ مَكْسُورٌ إِلَّا يِسَارٌ لِلْيَدِ قُلْتُ وَالْأَشْهَرُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ إِسَافٌ بِالْهَمْزَةِ وقد ذكره بن السكيت وبن قُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُمَا فِيمَا يُغَيِّرهُ النَّاسُ وَيَلْحَنُونَ فِيهِ فقال هو هلال بن إِسَافٍ وَأَمَّا أَبُو يَحْيَى فَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّ اسْمَهُ مِصْدَعٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الصَّادِ وَفَتْحِ الدَّالِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَاتِ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ اسْمُهُ زِيَادٌ الْأَعْرَجُ الْمُعَرْقَبُ الْأَنْصَارِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قوله (فتوضؤا وَهُمْ عِجَالٌ) هُوَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ جَمْعُ عَجْلَانَ وَهُوَ الْمُسْتَعْجِلُ كَغَضْبَانَ وَغِضَابٍ قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا أَبُو عوانة عن أبي بشر عن يوسف