المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها) - شرح النووي على مسلم - جـ ٣

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌(باب معنى قول الله عز وجل ولقد رآه نزلة أخرى)

- ‌(هَذَا مِمَّا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَشَكَّكَ فِيهِ ثُمَّ إِنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ

- ‌(باب اثبات رؤية المؤمنين في الآخرة لربهم سبحانه

- ‌(باب إثبات الشفاعة وإخراج الموحدين من النَّارِ)

- ‌(وَفِي الْمُذْنِبِينَ وَحَلَّتِ الشَّفَاعَةُ لِلْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ

- ‌(وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (وَتُرْسَلُ الْأَمَانَةُ

- ‌(بَاب دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لأمته وبكائه

- ‌(باب بَيَانِ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ فَهُوَ فِي النَّارِ)

- ‌(باب شَفَاعَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لابي طالب)

- ‌(بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ لَا يَنْفَعُهُ عَمَلٌ)

- ‌(باب مُوَالَاةِ الْمُؤْمِنِينَ وَمُقَاطَعَةِ غَيْرِهِمْ وَالْبَرَاءَةِ منهم)

- ‌(باب الدَّلِيلِ عَلَى دُخُولِ طَوَائِفَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْجَنَّةَ)

- ‌(باب بيان كون هذه الامة نصف أهل الجنة)

- ‌(كِتَابُ الطَّهَارَةِ)

- ‌(بَاب فَضْلِ الْوُضُوءِ)

- ‌(بَابُ وُجُوبِ الطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ)

- ‌(بَابُ صِفَةِ الْوُضُوءِ وَكَمَالِهِ)

- ‌(بَابُ فضل الوضوء والصلاة عقبه)

- ‌(باب الذِّكْرِ الْمُسْتَحَبِّ عَقِبَ الْوُضُوءِ)

- ‌(باب آخر في صفته الْوُضُوءِ)

- ‌(بَابُ الْإِيتَارِ فِي الِاسْتِنْثَارِ وَالِاسْتِجْمَارِ)

- ‌(باب وجوب غسل الرجلين بكمالها)

- ‌(بَابُ وُجُوبِ اسْتِيعَابِ جَمِيعِ أَجْزَاءِ مَحِلِ الطَّهَارَةِ)

- ‌(بَابُ خُرُوجِ الْخَطَايَا مَعَ مَاءِ الْوَضُوءِ)

- ‌(باب اسْتِحْبَابِ إِطَالَةِ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ فِي الْوُضُوءِ)

- ‌(باب فَضْلِ إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ)

- ‌(بَابُ السِّوَاكِ)

- ‌(بَابُ خِصَالِ الْفِطْرَةِ)

- ‌(بَابُ الِاسْتِطَابَةِ)

- ‌(بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ)

- ‌(بَابُ التَّوْقِيتِ فِي المسح على الْخُفَّيْنِ)

- ‌(بَابُ جَوَازِ الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ)

- ‌(باب كراهة غمس المتوضئ وغيره يده المشكوك فِي

- ‌(بَابُ حُكْمِ وُلُوغِ الْكَلْبِ)

- ‌(باب النهي عن البول في الماء الراكد)

- ‌(باب النَّهْيِ عَنِ الِاغْتِسَالِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ)

- ‌(باب وجوب غسل البول وغيره من النجاسات إِذَا حَصَلَتْ فِي

- ‌(بَابُ حُكْمِ بَوْلِ الطِّفْلِ الرَّضِيعِ وَكَيْفِيَّةِ غَسْلِهِ)

- ‌(بَابُ حُكْمِ الْمَنِيِّ)

- ‌(باب نَجَاسَةِ الدَّمِ وَكَيْفِيَّةُ غَسْلِهِ)

- ‌(باب الدَّلِيلِ عَلَى نَجَاسَةِ الْبَوْلِ وَوُجُوبُ الاستبراء منه)

- ‌(كِتَاب الْحَيْضِ)

- ‌(بَاب مُبَاشَرَةِ الْحَائِضِ فَوْقَ الْإِزَارِ)

- ‌(باب الِاضْطِجَاعِ مَعَ الْحَائِضِ فِي لحاف واحد)

- ‌(باب جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله وَطَهَارَةِ

- ‌(باب المذي)

- ‌(بَابُ غَسْلِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ إِذَا اسْتَيْقَظَ مِنَ النوم)

- ‌(باب جَوَازِ نَوْمِ الْجُنُبِ وَاسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ لَهُ)

- ‌(بَابُ وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَى الْمَرْأَةِ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْهَا)

- ‌(باب بَيَانِ صِفَةِ مَنِيِّ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَأَنَّ الولد مخلوق من

- ‌(باب صِفَةِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ)

- ‌(اغْتَسَلَ وَخَرَجَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً وَأَمَّا فِعْلُ التَّنْشِيفِ فَقَدْ

الفصل: ‌(باب وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها)

وَهَذَا الْخِلَافُ فِي وُجُوبِ الْقَسْمِ هُوَ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَابِ أَنَّ غُسْلَ الْجَنَابَةِ لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ وَإِنَّمَا يَتَضَيَّقُ عَلَى الْإِنْسَانِ عِنْدَ الْقِيَامِ إِلَى الصَّلَاةِ وَهَذَا بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَقَدِ اخْتَلَفَ أصحابنا فى الموجب لغسل الجنابة هل هو حُصُولُ الْجَنَابَةِ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ أَوْ إِنْزَالُ الْمَنِيِّ أَمْ هُوَ الْقِيَامُ إِلَى الصَّلَاةِ أَمْ هُوَ حُصُولُ الْجَنَابَةِ مَعَ الْقِيَامِ إِلَى الصَّلَاةِ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ لِأَصْحَابِنَا وَمَنْ قَالَ يَجِبُ بِالْجَنَابَةِ قَالَ هُوَ وُجُوبٌ مُوَسَّعٌ وَكَذَا اخْتَلَفُوا فِي مُوجِبِ الْوُضُوءِ هَلْ هُوَ الْحَدَثُ أَمِ الْقِيَامُ إِلَى الصَّلَاةِ أَمِ الْمَجْمُوعُ وَكَذَا اخْتَلَفُوا فِي الْمُوجِبِ لِغُسْلِ الْحَيْضِ هَلْ هُوَ خُرُوجُ الدَّمِ أَمِ انْقِطَاعِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِأَسَانِيدِ الْبَابِ فقوله قال بن الْمُثَنَّى فِي حَدِيثِهِ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ يحدث معناه قال بن الْمُثَنَّى فِي رِوَايَتِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ شُعْبَةُ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ قَالَ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ يُحَدِّثُ وَفِي الرِّوَايَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ أَقْوَى مِنَ الْأُولَى فَإِنَّ الْأُولَى بِعَنْ عَنْ وَالثَّانِيَةَ بِحَدَّثَنَا وَسَمِعْتُ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ حَدَّثَنَا وَسَمِعْتُ أَقْوَى مِنْ عَنْ وَقَدْ قَالَتْ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِنَّ عَنْ لَا تَقْتَضِي الِاتِّصَالَ وَلَوْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ مُدَلِّسٍ وَقَدْ قَدَّمْنَا إِيضَاحَ هَذَا فِي الْفُصُولِ وَفِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ بَعْدَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ هُوَ بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُشَدَّدَةِ مَنْسُوبٌ إِلَى جَدِّهِ مُقَدَّمٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ مَرَّاتٍ وَفِيهِ أَبُو الْمُتَوَكِّلِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ هُوَ أَبُو الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِيُّ وَاسْمُهُ عَلِيُّ بْنُ داود وقيل بن داود بِضَمِّ الدَّالِ مَنْسُوبٌ إِلَى بَنِي نَاجِيَةَ قَبِيلَةٍ مَعْرُوفَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

(بَابُ وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَى الْمَرْأَةِ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْهَا)

فِيهِ (أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ رضي الله عنها قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ عَائِشَةُ رَضِيَ الله عنها

ص: 219

يَا رَسُولَ اللَّهِ الْمَرْأَةُ تَرَى مَا يَرَى الرَّجُلُ فِي الْمَنَامِ فَتَرَى مِنْ نَفْسِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ مِنْ نَفْسِهِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها يَا أُمَّ سُلَيْمٍ فَضَحْتِ النِّسَاءَ تَرِبَتْ يَمِينُكِ قَوْلُهَا تَرِبَتْ يَمِينُكِ خَيْرٌ فَقَالَ لِعَائِشَةَ بَلْ أَنْتِ فَتَرِبَتْ يَمِينُكِ نَعَمْ فَلْتَغْتَسِلْ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ إِذَا رَأَتْ ذَلِكَ) وَفِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ الرِّوَايَاتُ الْبَاقِيَةُ وَسَتَمُرَّ عَلَيْهَا إِنْ شَاءَ اللَّهِ تَعَالَى اعْلَمْ أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا خَرَجَ مِنْهَا الْمَنِيُّ وَجَبَ عَلَيْهَا الْغُسْلُ كَمَا يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ بِخُرُوجِهِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ أَوْ إِيلَاجِ الذَّكَرِ فِي الْفَرْجِ وَأَجْمَعُوا عَلَى وُجُوبِهِ عَلَيْهَا بِالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِهِ عَلَى مَنْ وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ دَمًا أَصْلًا وَالْأَصَحُّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وُجُوبُ الْغُسْلِ وَكَذَا الْخِلَافُ فِيمَا إِذَا أَلْقَتْ مُضْغَةً أَوْ عَلَقَةً وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ الْغُسْلِ وَمَنْ لَا يُوجِبُ الْغُسْلَ يُوجِبُ الْوُضُوءَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ إِنَّ مَذْهَبَنَا أَنَّهُ يَجِبُ الْغُسْلَ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ سَوَاءٌ كَانَ بِشَهْوَةٍ وَدَفْقٍ أَمْ بِنَظَرٍ أَمْ فِي النَّوْمِ أَوْ فِي الْيَقَظَةِ وَسَوَاءٌ أَحَسَّ بِخُرُوجِهِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ خَرَجَ مِنَ الْعَاقِلِ أَمْ مِنَ الْمَجْنُونِ ثُمَّ إِنَّ الْمُرَادَ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الظَّاهِرِ أَمَّا مَا لَمْ يَخْرُجْ فَلَا يَجِبُ الْغُسْلُ وَذَلِكَ بِأَنْ يَرَى النَّائِمُ أَنَّهُ يُجَامِعُ وَأَنَّهُ قَدْ أَنْزَلَ ثُمَّ يَسْتَيْقِظُ فَلَا يَرَى شَيْئًا فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ بِإِجْمَاعِ المسلمين وكذا لو اضطرب بدنه لمبادى خُرُوجِ الْمَنِيِّ فَلَمْ يَخْرُجْ وَكَذَا لَوْ نَزَلَ الْمَنِيُّ إِلَى أَصْلِ الذَّكَرِ ثُمَّ لَمْ يَخْرُجْ فَلَا غُسْلَ وَكَذَا لَوْ صَارَ الْمَنِيُّ فِي وَسَطِ الذَّكَرِ وَهُوَ فِي صَلَاةِ فَأَمْسَكَ بِيَدِهِ عَلَى ذَكَرِهِ فَوْقَ حَائِلٍ فَلَمْ يَخْرُجِ الْمَنِيُّ حَتَّى سَلَّمَ مِنْ صَلَاتِهِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ فَإِنَّهُ مازال مُتَطَهِّرًا حَتَّى خَرَجَ وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ فِي هَذَا إِلَّا أَنَّهَا إِذَا كَانَتْ ثَيِّبًا فَنَزَلَ الْمَنِيُّ إِلَى فَرْجِهَا وَوَصَلَ الْمَوْضِعَ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهَا غَسْلُهُ فِي الْجَنَابَةِ وَالِاسْتِنْجَاءِ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ حَالَ قُعُودِهَا لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَجَبَ عَلَيْهَا الْغُسْلُ بوصول المنى إلى ذلك موضع لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا لَمْ يَلْزَمْهَا مَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ فَرْجِهَا لِأَنَّ دَاخِلَ فَرْجِهَا كَدَاخِلِ إِحْلِيلِ الرَّجُلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا أَلْفَاظُ الْبَابِ وَمَعَانِيهِ فَفِيهِ أُمُّ سُلَيْمٍ وَهِيَ أُمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَاخْتَلَفُوا فِي اسْمِهَا فَقِيلَ اسْمُهَا سَهْلَةُ وَقِيلَ مُلَيْكَةُ وقيل رميثة وقيل أنيفة ويقال الرميضا

ص: 220

وَالْغُمَيْصَا وَكَانَتْ مِنْ فَاضِلَاتِ الصَّحَابِيَّاتِ وَمَشْهُورَاتِهِنَّ وَهِيَ أُخْتُ أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ رضي الله عنهما وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُ عَائِشَةَ رضي الله عنها فضحت النساء فمعناه حَكَيْتِ عَنْهُنَّ أَمْرًا يُسْتَحَيَا مِنْ وَصْفِهِنَّ بِهِ وَيَكْتُمْنَهُ وَذَلِكَ أَنَّ نُزُولَ الْمَنِيِّ مِنْهُنَّ يَدُلُّ عَلَى شِدَّةِ شَهْوَتِهِنَّ لِلرِّجَالِ وَأَمَّا قَوْلُهَا تَرِبَتْ يَمِينُكِ فَفِيهِ خِلَافٌ كَثِيرٌ مُنْتَشِرٌ جِدًّا لِلسَّلَفِ والخلف من الطوائف كلها ولأصح الْأَقْوَى الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ فِي مَعْنَاهُ أَنَّهَا كلمة أصلها افتقرت ولكن العرب اعتادت استعماله غَيْرَ قَاصِدَةٍ حَقِيقَةَ مَعْنَاهَا الْأَصْلِيِّ فَيَذْكُرُونَ تَرِبَتْ يَدَاكَ وَقَاتَلَهُ اللَّهُ مَا أَشْجَعَهُ وَلَا أُمَّ لَهُ وَلَا أَبَ لَكَ وَثَكِلَتْهُ أُمُّهُ وَوَيْلُ أمه وما أشبه هذا من ألفاظهم يقولنها عند انكار الشئ أو الزجر عنه أزجر عَنْهُ أَوِ الذَّمِّ عَلَيْهِ أَوِ اسْتِعْظَامِهِ أَوِ الْحَثُّ عَلَيْهِ أَوِ الْإِعْجَابِ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لِعَائِشَةَ بَلْ أَنْتِ فَتَرِبَتْ يَمِينُكِ فَمَعْنَاهُ أَنْتِ أَحَقُّ أَنْ يُقَالَ لَكِ هَذَا فَإِنَّهَا فَعَلَتْ مَا يَجِبُ عَلَيْهَا مِنَ السُّؤَالِ عَنْ دِينِهَا فَلَمْ تَسْتَحِقَّ الْإِنْكَارَ وَاسْتَحْقَقْتِ أَنْتِ الْإِنْكَارَ لِإِنْكَارِكِ مَا لا انكار فيه وأما قوله قَوْلُهَا تَرِبَتْ يَمِينُكِ خَيْرٌ فَكَذَا وَقَعَ فِي أَكْثَرِ الْأُصُولِ وَهُوَ تَفْسِيرٌ وَلَمْ يَقَعْ هَذَا التَّفْسِيرُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأُصُولِ وَكَذَلِكَ ذَكَرَ الِاخْتِلَافَ فِي إِثْبَاتِهِ وَحَذْفِهِ الْقَاضِي عِيَاضٌ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمُثْبِتُونَ فِي ضَبْطِهِ فَنَقَلَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَغَيْرُهُ عَنِ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ خَيْرٌ بِإِسْكَانِ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ ضِدَّ الشَّرِّ وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ خَبَرٌ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ قَالَ الْقَاضِي عياض وهذا الثانى ليس بشئ قُلْتُ كِلَاهُمَا صَحِيحٌ فَالْأَوَّلُ مَعْنَاهُ لَمْ تُرِدْ بِهَذَا شَتْمًا وَلَكِنَّهَا كَلِمَةٌ تَجْرِي عَلَى اللِّسَانِ وَمَعْنَى الثَّانِي أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِدُعَاءٍ بَلْ هُوَ خَبَرٌ لَا يُرَادُ حَقِيقَتُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ) هُوَ عَبَّاسٌ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَصَحَّفَهُ بَعْضُ الرُّوَاةِ لِكِتَابِ مُسْلِمٍ فَقَالَ عَيَّاشٌ بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ غَلَطٌ صَرِيحٌ فَإِنَّ عَيَّاشًا بِالْمُعْجَمَةِ هُوَ عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ الرَّقَّامُ الْبَصْرِيُّ وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ مُسْلِمٌ شَيْئًا وَرَوَى عَنْهُ الْبُخَارِيُّ

ص: 221

وأما عباس بالمهملة فهو بن الْوَلِيدِ الْبَصْرِيُّ التُّرْسِيُّ وَرَوَى عَنْهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ جَمِيعًا وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ وَكَانَ غَلَطُ هَذَا الْقَائِلِ وَقَعَ لَهُ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُمَا مُشْتَرَكَانِ فِي الْأَبِ وَالنَّسَبِ وَالْعَصْرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ وَاسْتَحْيَيْتُ مِنْ ذَلِكَ) هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُولِ وَذَكَرَ الْحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ الْغَسَّانِيُّ أَنَّهُ هَكَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَأَنَّهُ غُيِّرَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ فَجُعِلَ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَالْمَحْفُوظُ مِنْ طُرُقٍ شَتَّى أُمُّ سَلَمَةَ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ السَّائِلَةَ هِيَ أُمُّ سُلَيْمٍ وَالرَّادَّةُ عَلَيْهَا أُمُّ سَلَمَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَعَائِشَةُ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ عَائِشَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ جَمِيعًا أَنْكَرَتَا عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ أَهْلُ الحديث يقولون الصحيح هنا أم سلمة لعائشة وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (فَمِنْ أَيْنَ يَكُونُ الشَّبَهُ) مَعْنَاهُ أَنَّ الْوَلَدَ مُتَوَلِّدٌ مِنْ مَاءِ الرَّجُلِ وَمَاءِ الْمَرْأَةِ فَأَيُّهُمَا غَلَبَ كَانَ الشَّبَهُ لَهُ وَإِذَا كَانَ لِلْمَرْأَةِ مَنِيٌّ فَإِنْزَالُهُ وَخُرُوجُهُ مِنْهَا مُمْكِنٌ وَيُقَالُ شِبْهٌ وَشَبَهٌ لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ إِحْدَاهُمَا بِكَسْرِ الشِّينِ وَإِسْكَانِ الْبَاءِ وَالثَّانِيَةُ بِفَتْحِهِمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (إِنَّ مَاءَ الرَّجُلِ غَلِيظٌ أَبْيَضُ وَمَاءُ الْمَرْأَةِ رَقِيقٌ أَصْفَرُ) هَذَا أَصْلٌ عَظِيمٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْمَنِيِّ وَهَذِهِ صِفَتُهُ فِي حَالِ السَّلَامَةِ وَفِي الْغَالِبِ قَالَ الْعُلَمَاءُ مَنِيُّ الرَّجُلِ فِي حَالِ الصِّحَّةِ أَبْيَضُ ثَخِينٌ يَتَدَفَّقُ فِي خُرُوجِهِ دَفْقَةً بَعْدَ دَفْقَةٍ وَيَخْرُجُ بشهوة ويتلذذ بِخُرُوجِهِ وَإِذَا خَرَجَ اسْتَعْقَبَ خُرُوجَهُ فُتُورًا وَرَائِحَةً كَرَائِحَةِ طَلْعِ النَّخْلِ وَرَائِحَةُ الطَّلْعِ قَرِيبَةٌ مِنْ رَائِحَةِ الْعَجِينِ وَقِيلَ تُشْبِهُ رَائِحَتُهُ رَائِحَةُ الْفَصِيلِ وقيل إذا يبس كان رَائِحَتُهُ كَرَائِحَةِ الْبَوْلِ فَهَذِهِ صِفَاتُهُ وَقَدْ يُفَارِقُهُ بَعْضُهَا مَعَ بَقَاءِ مَا يَسْتَقِلُّ بِكَوْنِهِ مَنِيًّا وَذَلِكَ بِأَنْ يَمْرَضْ فَيَصِيرُ مَنِيُّهُ رَقِيقًا أَصْفَرَ أَوْ يَسْتَرْخِيَ وِعَاءُ الْمَنِيِّ فَيَسِيلُ مِنْ غَيْرِ الْتِذَاذٍ وَشَهْوَةٍ أَوْ يَسْتَكْثِرُ مِنَ الْجِمَاعِ فَيَحْمَرَّ ويصير كماء اللحم وربما خرج دما غبيطا وَإِذَا خَرَجَ الْمَنِيُّ أَحْمَرَ فَهُوَ طَاهِرٌ مُوجِبٌ لِلْغُسْلِ كَمَا لَوْ كَانَ أَبْيَضَ ثُمَّ إِنَّ خَوَاصَّ الْمَنِيِّ الَّتِي عَلَيْهَا الِاعْتِمَادُ فِي كَوْنِهِ مَنِيًّا ثَلَاثٌ أَحَدُهَا الْخُرُوجُ بِشَهْوَةٍ مَعَ

ص: 222

الفتور عقبه والثانية الرائحة التي شبه الطَّلْعِ كَمَا سَبَقَ الثَّالِثُ الْخُرُوجُ بِزُرَيْقٍ وَدَفْقٍ وَدَفَعَاتٍ وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثِ كَافِيَةٌ فِي إِثْبَاتِ كَوْنِهِ مَنِيًّا وَلَا يُشْتَرَطُ اجْتِمَاعُهَا فيه واذا لم يوجد شئ مِنْهَا لَمْ يُحْكَمْ بِكَوْنِهِ مَنِيًّا وَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ كَوْنُهُ لَيْسَ مَنِيًّا هَذَا كُلُّهُ فِي مَنِيِّ الرَّجُلِ وَأَمَّا مَنِيُّ الْمَرْأَةِ فَهُوَ أَصْفَرُ رَقِيقٌ وَقَدْ يَبْيَضُّ لِفَضْلِ قُوَّتِهَا وَلَهُ خَاصِّيَّتَانِ يُعْرَفُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إِحْدَاهُمَا أَنَّ رَائِحَتَهُ كَرَائِحَةِ مَنِيِّ الرَّجُلِ وَالثَّانِيَةُ التَّلَذُّذُ بِخُرُوجِهِ وَفُتُورُ شَهْوَتِهَا عَقِبَ خُرُوجِهِ قَالُوا وَيَجِبُ الْغُسْلُ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ بِأَيِّ صِفَةٍ وَحَالٍ كَانَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (فَمِنْ أَيِّهِمَا عَلَا أَوْ سَبَقَ يَكُونُ مِنْهُ الشَّبَهُ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (إِذَا عَلَا مَاؤُهَا مَاءَ الرَّجُلِ وَإِذَا عَلَا مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَهَا) قَالَ الْعُلَمَاءُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْعُلُوِّ هُنَا السَّبْقُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْكَثْرَةُ وَالْقُوَّةُ بِحَسَبِ كَثْرَةِ الشَّهْوَةِ وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فَمِنْ أَيِّهِمَا عَلَا هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُولِ فَمِنْ أَيِّهِمَا بِكَسْرِ الْمِيمِ وَبَعْدَهَا نُونٌ سَاكِنَةٌ وَهِيَ الْحَرْفُ الْمَعْرُوفُ وَإِنَّمَا ضَبَطْتُهُ لِئَلَّا يُصَحَّفَ بِمَنِيٍّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ) هُوَ بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الشِّينِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (إِذَا كَانَ مِنْهَا مَا يَكُونُ مِنَ الرَّجُلِ فَلْتَغْتَسِلْ) مَعْنَاهُ إِذَا خَرَجَ مِنْهَا الْمَنِيُّ فَلْتَغْتَسِلْ كَمَا أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ الْمَنِيُّ اغْتَسَلَ وَهَذَا مِنْ حُسْنِ الْعِشْرَةِ وَلُطْفِ الْخِطَابِ وَاسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ الْجَمِيلِ مَوْضِعَ اللَّفْظِ الَّذِي يُسْتَحَيَا مِنْهُ فِي الْعَادَةِ وَاللَّهُ أعلم قولها (إن الله لا يستحي من الحق

ص: 223

قَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ لَا يَمْتَنِعُ مِنْ بَيَانِ الْحَقِّ وَضَرْبِ الْمَثَلِ بِالْبَعُوضَةِ وَشِبْهِهَا كَمَا قَالَ سبحانه وتعالى أن الله لا يستحي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَكَذَا أَنَا لَا أَمْتَنِعُ مِنْ سُؤَالِي عَمَّا أَنَا مُحْتَاجَةٌ إِلَيْهِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْحَيَاءِ فِي الْحَقِّ وَلَا يُبِيحُهُ وَإِنَّمَا قَالَتْ هَذَا اعْتِذَارًا بَيْنَ يَدَيْ سُؤَالِهَا عما دعت الحاجة إليه مما تستحي النِّسَاءُ فِي الْعَادَةِ مِنَ السُّؤَالِ عَنْهُ وَذِكْرَهُ بِحَضْرَةِ الرِّجَالِ فَفِيهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِمَنْ عَرَضَتْ لَهُ مَسْأَلَةٌ أَنْ يَسْأَلَ عَنْهَا وَلَا يَمْتَنِعَ مِنَ السُّؤَالِ حَيَاءً مِنْ ذِكْرِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِحَيَاءٍ حَقِيقِيٍّ لِأَنَّ الْحَيَاءَ خَيْرٌ كُلُّهُ وَالْحَيَاءُ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ وَالْإِمْسَاكُ عَنِ السُّؤَالِ فِي هَذِهِ الْحَالِ لَيْسَ بِخَيْرٍ بَلْ هُوَ شَرٌّ فَكَيْفَ يَكُونُ حَيَاءً وَقَدْ تَقَدَّمَ إِيضَاحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْإِيمَانِ وَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ لَمْ يَمْنَعهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَهْلُ العربية يقال استحيا بياء قبل الألف يستحي بِيَاءَيْنِ وَيُقَالُ أَيْضًا يَسْتَحِي بِيَاءٍ وَاحِدَةٍ فِي الْمُضَارِعِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ لَهَا أُفٍّ لَكِ) مَعْنَاهُ اسْتِحْقَارًا لَهَا وَلِمَا تَكَلَّمَتْ بِهِ وَهِيَ كَلِمَةٌ تُسْتَعْمَلُ فِي الِاحْتِقَارِ وَالِاسْتِقْذَارِ وَالْإِنْكَارِ قَالَ الْبَاجِيُّ وَالْمُرَادُ بِهَا

ص: 224

هُنَا الْإِنْكَارُ وَأَصْلُ الْأُفِّ وَسَخُ الْأَظْفَارِ وَفِي أُفٍّ عَشْرُ لُغَاتٍ أُفِّ وَأُفَّ وَأُفُّ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ مَعَ كَسْرِ الْفَاءِ وَفَتْحِهَا وَضَمِّهَا بِغَيْرِ تَنْوِينٍ وَبِالتَّنْوِينِ فَهَذِهِ السِّتَّةُ وَالسَّابِعَةُ إِفَّ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَالثَّامِنَةُ أُفْ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَإِسْكَانِ الْفَاءِ وَالتَّاسِعَةُ أُفِّي بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَبِالْيَاءِ وَأُفِّهْ بِالْهَاءِ وَهَذِهِ اللُّغَاتُ مَشْهُورَاتٌ ذَكَرَهُنَّ كُلَّهُنَّ بن الْأَنْبَارِيِّ وَجَمَاعَاتٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَدَلَائِلُهَا مَشْهُورَةٌ وَمِنْ أخصرها ما ذكره الزجاج وبن الْأَنْبَارِيِّ وَاخْتَصَرَهُ أَبُو الْبَقَاءِ فَقَالَ مَنْ كَسَرَ بَنَاهُ عَلَى الْأَصْلِ وَمَنْ فَتَحَ طَلَبَ التَّخْفِيفَ وَمَنْ ضَمَّ أَتْبَعَ وَمَنْ نَوَّنَ أَرَادَ التَّنْكِيرَ وَمَنْ لَمْ يُنَوِّنْ أَرَادَ التَّعْرِيفَ وَمَنْ خَفَّفَ الْفَاءَ حَذَفَ أَحَدَ الْمِثْلَيْنِ تَخْفِيفًا وَقَالَ الْأَخْفَشُ وبن الْأَنْبَارِيِّ فِي اللُّغَةِ التَّاسِعَةِ بِالْيَاءِ كَأَنَّهُ إِضَافَةٌ إِلَى نَفْسِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (عَنْ مُسَافِعِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ) هُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَبِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَبِكَسْرِ الْفَاءِ قَوْلُهَا (تَرِبَتْ يَدَاكَ وَأُلَّتْ) هُوَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ اللَّامِ الْمُشَدَّدَةِ وَإِسْكَانِ التَّاءِ هَكَذَا الرِّوَايَةُ فِيهِ وَمَعْنَاهُ أَصَابَتْهَا الْأَلَّةُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ وَهِيَ الْحَرْبَةُ وَأَنْكَرَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ هَذَا اللَّفْظَ وَزَعَمَ أَنَّ صَوَابَهُ أَلِلْتِ بِلَامَيْنِ الْأُولَى مَكْسُورَةٌ وَالثَّانِيَةُ سَاكِنَةٌ وَبِكَسْرِ التَّاءِ وَهَذَا الْإِنْكَارُ فَاسِدٌ بَلْ مَا صَحَّتْ بِهِ الرِّوَايَةُ صَحِيحٌ وَأَصْلُهُ أَلِلَتْ بِكَسْرِ اللَّامِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ وَإِسْكَانِ التَّاءِ كَرَدَّتْ أَصْلُهُ رَدَدِتَ وَلَا يَجُوزُ فَكُّ هَذَا الْإِدْغَامِ إِلَّا مَعَ الْمُخَاطَبِ وَإِنَّمَا وَحَّدَ أَلَّتْ مَعَ تَثْنِيَةِ يَدَاكِ لِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَرَادَ الْجِنْسَ وَالثَّانِي صَاحِبَةُ الْيَدَيْنِ أَيْ وَأَصَابَتْكِ

ص: 225