المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب التحذير من ارتكاب ما نهى الله عز وجل ورسوله صلى - شرح رياض الصالحين لابن عثيمين - جـ ٦

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الدعوات

- ‌باب فضل الدعاء

- ‌باب الأمر بالدعاء وفضله

- ‌باب فضل الدعاء بظهر الغيب

- ‌باب في مسائل من الدعاء

- ‌باب كرامات الأولياء وفضلهم

- ‌كتاب الأمور المنهي عنها

- ‌باب تحريم الغيبة والأمر بحفظ اللسان

- ‌باب تحريم سماع الغيبة وأمر من سمع غيبة محرمة بردها

- ‌باب ما يباح من الغيبة

- ‌باب تحريم النميمة وهي نقل الكلام بين الناس على جهة الإفساد

- ‌باب النهي عن نقل الحديث وكلام الناس إلى ولاة الأمور إذا

- ‌باب ذم ذي الوجهين

- ‌باب تحريم الكذب

- ‌باب بيان ما يجوز من الكذب

- ‌باب الحث على التثبت فيما يقوله ويحكيه

- ‌باب بيان تغليظ تحريم شهادة الزور

- ‌باب تحريم لعن إنسان بعينه أو دابة

- ‌باب جواز لعن أصحاب المعاصي غير المعينين

- ‌باب تحريم سب المسلم بغير حق

- ‌باب تحريم سب الأموات بغير حق أو مصلحة شرعية

- ‌باب النهي عن الإيذاء

- ‌باب النهي عن التباغض والتقاطع والتدابر

- ‌باب تحريم الحسد

- ‌باب النهي عن التجسس والتسمع لكلام من يكره استماعه

- ‌باب النهي عن سوء الظن بالمسلمين من غير ضرورة

- ‌باب تحريم احتقار المسلمين

- ‌باب النهي عن إظهار الشماتة بالمسلم

- ‌باب تحريم الطعن في الأنساب الثابتة في ظاهر الشرع

- ‌باب النهي عن الغش والخداع

- ‌باب تحريم الغدر

- ‌باب النهي عن المن بالعطية ونحوها

- ‌باب النهي عن الافتخار والبغي

- ‌باب تحريم الهجران بين المسلمين فوق ثلاثة أيام إلا لبدعة في

- ‌باب النهي عن تناجي اثنين دون الثالث

- ‌باب النهي عن تعذيب العبد والدابة والمرأة والولد بغير سبب شرعي

- ‌باب تحريم التعذيب بالنار في كل حيوان حتى النملة ونحوها

- ‌باب تحريم مطل الغني بحق طلبه صاحبه

- ‌باب كراهية عودة الإنسان في هبة لم يسلمها إلى الموهوب له

- ‌باب تأكيد تحريم مال اليتيم

- ‌باب تحريم الرياء

- ‌باب ما يتوهم أنه رياء وليس رياء

- ‌باب تحريم النظر إلى المرأة الأجنبية والأمرد الحسن لغير حاجة شرعية

- ‌باب تحريم الخلوة بالأجنبية

- ‌باب تحريم تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال في لباس وحركة وغير

- ‌باب النهي عن التشبه بالشيطان والكفار

- ‌باب نهي الرجل والمرأة عن خضاب شعرهما بسواد

- ‌باب النهي عن القزع وهو حلق بعض الرأس دون بعض وإباحة

- ‌باب كراهية الاستنجاء باليمين ومس الفرج باليمين من غير عذر

- ‌باب كراهة المشي في نعل واحدة أو خف واحد لغير عذر

- ‌باب النهي عن ترك النار في البيت عند النوم ونحوه سواء

- ‌باب النهي عن التكلف وهو فعل وقول ما لا مصلحة فيه

- ‌باب تحريم النياحة على الميت ولطم الخد وشق الجيب ونتف الشعر

- ‌باب النهي عن إتيان الكهان والمنجمين والعراف وأصحاب الرمل والطوارق

- ‌باب النهي عن التطير

- ‌باب تحريم تصوير الحيوان في بساط أو حجر أو ثوب أو

- ‌باب تحريم اتخاذ الكلب إلا لصيد أو ماشية أو زرع

- ‌باب كراهية تعليق الجرس في البعير وغيره من الدواب وكراهية استصحاب

- ‌باب كراهة ركوب الجلالة

- ‌باب النهي عن البصاق في المسجد والأمر بإزالته منه إذا وجد

- ‌باب كراهية الخصومة في المسجد ورفع الصوت فيه ونشد الضالة والبيع

- ‌باب نهي من أكل ثوما أو بصلا أو كراثا أو غيره

- ‌باب كراهية الاحتباء يوم الجمعة والإمام يخطب لأنه يجلب النوم فيفوت

- ‌باب نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة وأراد أن يضحي

- ‌باب النهي عن الحلف بمخلوق كالنبي صلى الله عليه وسلم والكعبة

- ‌باب تغليظ اليمين الكاذبة عمدا

- ‌باب ندب من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها أن

- ‌باب العفو عن لغو اليمين وأنه لا كفارة فيه وهو ما

- ‌باب كراهة الحلف في البيع وإن كان صادقا

- ‌باب كراهة أن يسأل الإنسان بوجه الله عز وجل غير الجنة

- ‌باب كراهة سب الحمى

- ‌باب النهي عن سب الريح وبيان ما يقال عند هبوبها

- ‌باب كراهة سب الديك

- ‌باب النهي عن قول الإنسان مطرنا بنوء كذا

- ‌باب تحريم قوله لمسلم يا كافر

- ‌باب النهي عن الفحش وبذاءة اللسان

- ‌باب كراهة التقعير في الكلام والتشدق فيه وتكلف الفصاحة واستعمال ودقائق

- ‌باب كراهة قوله خبثت نفسي

- ‌باب كراهة تسمية العنب كرما

- ‌باب النهي عن وصف محاسن المرأة لرجل إلا أن يحتاج إلى

- ‌باب كراهة قول الإنسان في الدعاء اللهم اغفر لي إن شئت

- ‌باب كراهة قول ما شاء الله وشاء فلان

- ‌باب كراهة الحديث بعد العشاء الآخرة

- ‌باب تحريم امتناع المرأة من فراش زوجها إذا دعاها ولم يكن

- ‌باب تحريم صوم المرأة تطوعا وزوجها حاضر إلا بإذنه

- ‌باب تحريم رفع المأموم رأسه من الركوع أو السجود قبل الإمام

- ‌باب كراهة وضع اليد على الخاصرة في الصلاة

- ‌باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام ونفسه تتوق إليه أو مع مدافعة

- ‌باب النهي عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة

- ‌باب كراهة الالتفاف في الصلاة لغير عذر

- ‌باب كراهة شروع المأموم في نافلة بعد شروع المؤذن في إقامة

- ‌باب كراهة تخصيص يوم الجمعة بصيام أو ليلته بصلاة من بين

- ‌باب تحريم الوصال في الصوم وهو أن يصوم يومين أو أكثر

- ‌باب تحريم الجلوس على قبر

- ‌باب النهي عن تجصيص القبور والبناء عليها

- ‌باب تغليظ تحريم إباق العبد من سيده

- ‌باب تحريم الشفاعة في الحدود

- ‌باب النهي عن التغوط في طريق الناس وظلهم وموارد الماء ونحوها

- ‌باب النهي عن البول ونحوه في الماء الراكد

- ‌باب كراهة تفضيل الوالد بعض أولاده على بعض في الهبة

- ‌باب تحريم إحداد المرأة على ميت فوق ثلاثة أيام إلا على

- ‌باب تحريم بيع الحاضر للبادي وتلقي الركبان والبيع على بيع أخيه

- ‌باب النهي عن إضاعة المال في غير وجوهه التي أذن الشرع

- ‌باب النهي عن الإشارة إلى مسلم بسلاح ونحوه سواء أكان جادا

- ‌باب كراهة الخروج من المسجد بعد الأذان إلا بعذر حتى يصلي

- ‌باب كراهة رد الريحان لغير عذر

- ‌باب كراهة المدح في الوجه لمن خيف عليه مفسدة من إعجاب

- ‌باب كراهة الخروج من بلد وقع فيها الوباء فرارا منه وكراهة

- ‌باب التغليظ في تحريم السحر

- ‌باب النهي عن المسافرة بالمصحف إلى بلاد الكفار إذا خيف وقوعه

- ‌باب تحريم استعمال إناء الذهب وإناء الفضة في الأكل والشرب والطهارة

- ‌باب تحريم لبس الرجل ثوبا مزعفرا

- ‌باب النهي عن صمت يوم إلى الليل

- ‌باب تحريم انتساب الإنسان إلى غير أبيه وتوليه إلى غير مواليه

- ‌باب التحذير من ارتكاب ما نهى الله عز وجل ورسوله صلى

- ‌باب ما يقوله ويفعله من ارتكب منهيا عنه

- ‌باب ما يقوله ويفعله من ارتكب منهيا عنه

- ‌باب المنثورات والملح

- ‌باب: أحاديث الدجال وأشراط الساعة وغيرها

- ‌كتاب الاستغفار

- ‌باب بيان ما أعد الله تعالى للمؤمنين في الجنة

الفصل: ‌باب التحذير من ارتكاب ما نهى الله عز وجل ورسوله صلى

‌باب التحذير من ارتكاب ما نهى الله عز وجل ورسوله صلى

الله عليه وسلم عنه

قال الله تعالى {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} وقال تعالى {ويحذركم الله نفسه} وقال تعالى {إن بطش ربك لشديد} وقال تعالى {وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد} .

1806 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تعالى يغار وغيرة الله أن يأتي المرء ما حرم الله عليه متفق عليه

[الشَّرْحُ]

قال النووي رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين باب التحذير من الوقوع فيما نهى الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم عنه يعني أن الإنسان يجب أن يكون حذرا من الوقوع في المحرمات ولا

ص: 597

يتهاون ولا يغلبه الأمن من مكر الله عز وجل فإن بعض الناس يغره الشيطان يقول افعل المعصية واستغفر الله افعل المعصية ورحمة الله تعالى سبقت غضبه افعل المعصية فقد قال الله تعالى إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء إلى غير ذلك من الأماني الكاذبة التي يغر بها الشيطان بني آدم {وما يعدهم الشيطان إلا غرورا} فالواجب الحذر مما نهى الله ورسوله عنه ثم استدل المؤلف رحمة الله بآيات من كتاب الله منها قول الله تعالى {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} {فليحذر الذي يخالفون عن أمره} أي عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنى يخالفون عنه يخرجون عنه ولا يبالون به ويرتكبونه ليحذروا {أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} فتنة في قلوبهم والعياذ بالله يلقي في قلوبهم الفتنة من الشك فيما يجب اليقين فيه أو الشهوة فيما يحرم تناوله ولهذا قال الإمام أحمد رحمه الله أتدري ما الفتنة يعني في قوله تعالى {أن تصيبهم فتنة} الفتنة الشرك لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك والعياذ بالله فاحذر الفتنة احذر المخالفة عن أمر الله ورسوله أن يصيبك فتنة {أو يصيبهم عذاب أليم} أي عذاب مؤلم إما في الدنيا وإما في الآخرة وقال الله تعالى {يحذركم الله نفسه} يعني احذروا الله عز وجل فإنه شديد العقاب كما قال تعالى {نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن

ص: 598

عذابي هو العذاب الأليم} وقال تعالى {اعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم} فبدأ بالعقاب وثنى بالمغفرة لئلا يغلب الأمن من مكر الله والإنسان إذا أمن من مكر الله أصابه البلاء والعذاب ولهذا قال الله تبارك وتعالى {أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون} الآمن من مكر الله هو المغالي وإنه يعمل ما يشاء من المعاصي ولا يخافه لكنه في الحقيقة خاسر لأن مآله العذاب والنكال نسأل الله العافية وقال تبارك وتعالى {وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد} فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله إن الله ليملي للظالم يعني يمهله ويدعه يظلم نفسه حتى إذا أخذه لم يفلته وتلا قوله تعالى {وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد} فالحذر الحذر من التهاون بمعصية الله عز وجل حتى إن من أهل العلم من قال إن الرجل إذا فعل المعصية متهاونا بها ولو كانت صغيرة صارت كبيرة والعياذ بالله لما قام في قلبه من التهاون بها

ص: 599

نسأل الله أن يؤمنا وإياكم من أسباب عقابه وغضبه

[الشَّرْحُ]

سبق لنا الكلام على أنه لا يجوز للإنسان أن يغتر في إمهال الله تعالى له وأن يرتكب المعاصي بناء على أن الله لن يعالجه بالعقوبة وأن هذا من باب الأمن من مكر الله عز وجل وذكرنا أن الله تعالى يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته كما قال النبي صلى الله عليه وسلم وتلا قول الله تعالى كذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد وكثير من الناس يتهاون في هذا الأمر يعصي الله فينهى عن ذلك ويترك الواجب فيؤمر بفعله ويقول {إن الله غفور رحيم} {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} وأنا لم أشرك بالله فيقال له إن الذي قال ذلك هو الذي قال {اعلموا أن الله شديد العقاب} وقال {نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم} ولا يجوز لك أن تغتر بإمهال الله لك ربما يمهل الله العبد على معاصيه ويستدرجه من حيث لا يعلم حتى إذا أخذه أخذه أخذ عزيز مقتدر والعياذ بالله فإياك أن تتهاون راقب الله عز وجل واعلم أن لكل داء دواء فإذا مسك طائف من الشيطان تذكر واتعظ وأقبل على الله وتب إلى الله عز وجل وكن كمن قال الله فيهم {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون}

ص: 600

والتوبة لابد فيها من شروط خمسة: 1 - الإخلاص لله عز وجل بألا يحمل الإنسان على التوبة مراعاة أحد من الخلق ولا أن ينال بذلك جاها أو رئاسة بل يخلص النية لله عز وجل خوفا من عقابه ورجاء لثوابه.

2 -

الندم على ما فعل من الذنب بحيث لا يتساوى عنده الذنب وعدمه بل يندم على ما حصل منه ويتحسر في نفسه ويقول ليتني لم أفعل هذا لكنه يخضع لقضاء الله وقدره ويتوب إلى الله عز وجل.

3 -

الإقلاع عن الذنب بترك المعصية إن كان الذنب معصية أو فعل الواجب إن كان الذنب بترك الواجب يمكن تداركه فأما أن يصر على الذنب ويرجو التوبة فهذا خطأ وهذا من الأماني الكاذبة بعض الناس يقول أستغفر الله وأتوب إليه من الغيبة وهو يغتاب الناس يقول أستغفر الله من الربا وهو يأكل الربا يقول أستغفر الله وأتوب إليه من حقوق الناس وهو يأكل حقوق الناس يماطل في الحق الذي عليه مع قدرته على وفائه وغير ذلك من الأمور التي يكذب بها الإنسان على نفسه في أنه تائب وهو لم يتب وإذا كان الذنب حقا لآدمي فلابد أن يوصله إليه أخذ مالا من شخص سرق منه مالا وجاء يسأل يقول إنه تاب نقول رد المال إلى صاحبه أما بدون أن ترده إلى صاحبه فالتوبة لم تتم كذلك توبته من أكل لحم الناس يغتاب شخصا يسبه في

ص: 601

المجالس وقال إنه تاب إلى الله نقول له اذهب واطلب منه أن يحلك حتى تنفعك التوبة وإنما قيدنا هذا بما إذا كان قد علم أنك قد اغتبته وإلا فلا حاجة أن تخبره أثن عليه بالخير في المجالس التي كنت تسبه فيها ثم استغفر الله له.

4 -

العزم على ألا يعود يعني لا يتوب إلى الله وهو عازم على أن يعود متى سنحت الفرصة فإن هذه ليست توبة بل يجب أن يعزم على ألا يعود إلى الذنب.

5 -

أن تكون التوبة في وقت القبول وذلك بأن يتوب قبل أن يحضره الموت أو قبل أن تطلع الشمس من مغربها فإن لم يتب إلا إذا حضره الموت فإن التوبة لا تنفع.

ومن هذا نعرف أن التوبة واجبة على الفور بدون تأخير لأن الإنسان لا يدري متى يفاجأ بالموت فيجب عليه أن يكون مستعدا نسأل الله تعالى أن يتوب علينا وعليكم وأن يتوفانا على الإيمان.

ص: 602