الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب تأكيد تحريم مال اليتيم
قال الله تعالى: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا} وقال تعالى: {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن} وقال تعالى: {ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح}
1614 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات قالوا يا رسول الله وما هن قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات متفق عليه الموبقات المهلكات
[الشَّرْحُ]
قال المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين باب تحريم أموال اليتامى اليتامى هم الذين مات آباؤهم قبل البلوغ سواء كانوا ذكورا أو إناثا وهؤلاء أعني اليتامى محل الرفق والعناية والرحمة والشفقة لأنهم كسرت قلوبهم بموت آبائهم وليس لهم عائل إلا الله عز وجل فكانوا محل الرفق والعناية
ولهذا أوصى الله بهم في كتابه وحث على الرحمة بهم آيات كثيرة ولا يحل للإنسان أن يأكل أموال اليتامى ظلما لقول الله تعالى إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا ويوجد بعض الناس والعياذ بالله يموت أخوه ويكون له أولاد صغار فيتولى ماله ويتاخر به لنفسه والعياذ بالله ويتصرف فيه بغير حق وبغير مصلحة للأيتام وهؤلاء يستحقون هذا الوعيد أنهم يأكلون في بطونهم نارا نسأل الله العافية وقال تعالى: {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن} يعني لا تتعاملوا في أموال اليتامى إلا بالتي هي أحسن فإذا كان أمامك مشروعان تريد أن تشغل مال اليتيم في واحد منهما فانظر أيهما أقرب إلى المصلحة والربح والسلامة فافعل ولا يحل لك أن تفعل ما هو أسوأ لحظ نفسك أو لحظ قريب أو أشبه ذلك بل انظر للذي هو أحسن فإن أشكل عليك هل فيه مصلحة لليتيم أم لا فلا تتصرف أمسك الدراهم لأن الله قال {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن} فإذا أشكل عليك فلا تفعل ولا يحل لك أن تقرض أحدا من مال اليتامى يعني جاء إنسان يقول سلفني مثلا 10000 ريال أو 100000 ريال وعندك مالا لليتيم لا يحل لك أن تقرضه لأنه قد يعجز عن الوفاء ولا مصلحة لليتيم في قرضة وإذا كان لا يجوز أن تقرضه غيرك فمن باب أولى أن تستقرضه أنت لنفسك وبعض أولياء اليتامى والعياذ بالله يتجرءون يستقرض مال اليتيم لنفسه ويتصرف فيه لنفسه والكسب له والربح له ومال اليتيم لا يستفيد والله بقول {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن} فإذا رأيت
أن هذا المشروع أحسن وساهمت فيه وقدر الله أن يخسر هذا المشروع فليس عليك شيء لأنك مجتهد والمجتهد لو أصاب له أجران وإن أخطأ فله أجر لكن تتعمد أن تترك ما هو أحسن لما دونه هذا حرام عليك وقال الله تبارك تعالى: {ويسئلونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوا فإخوانكم} وهذه الآية وردت جوابا عن سؤال أورده الصحابة على الرسول صلى الله عليه وسلم قالوا يا رسول الله نحن عندنا أموال اليتامى والبيت واحد والطعام واحد كيف نعمل إن جعلنا طعام هؤلاء في إناء خاص تعبنا وربما يفسد عليهم ماذا نعمل فقال الله عز وجل {إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم} يعني افعلوا ما هو الأصلح وخالطوهم اجعلوا القدر واحد والإناء واحد وما دمتم تريدون الإصلاح فالله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم وشق عليكم لكنه سبحانه وتعالى رحيم بالمؤمنين ثم ذكر حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات السبع الموبقات المهلكات التي تهلك الدين والعياذ بالله قالوا وما هن يا رسول الله قال الشرك بالله وهذا أعظم الموبقات أن تشرك بالله عز وجل وهو خلقك وأنعم عليك في بطن أمك وبعد وضعك وفي حال صباك أنعم الله عليك بنعم كثيرة فتشرك به
والعياذ بالله هذا أظلم الظلم أظلم الظلم أن تجعل لله ندا وهو خلقك وهذا أعظم الموبقات الإشراك بالله والإشراك بالله أنواع كثيرة منها أن يعظم الإنسان المخلوق كما يعظم الخالق وهذا موجود عند بعض الخدم الأحرار وغير الأحرار تجده يعظم رئيسه يعظمه ملكه يعظم وزيره أكثر من تعظيم الله والعياذ بالله هذا شرك عظيم تعظم مخلوقا مثلك أعظم من تعظيم الله ويدل لهذا أن أميره أو وزيره أو ملكه أو سيده إذا قال افعل كذا وقت الصلاة ترك الصلاة وفعل حتى لو خرج وقتها لا يبالي معناه أنه جعل تعظيم المخلوق أعظم من تعظيم الخالق ومن ذلك أيضا المحبة أن يحب أحدا من المخلوقين كمحبة الله أو أعظم تجده يداري هذا الإنسان ويطلب محبته أكثر من محبه الله وهذا يوجد والعياذ بالله في المفتونين بالعشق الذين فتنوا بالعشق سواء كان عشق نساء أو مردان تجد قلبه مملوء بمحبة غير الله أكثر من محبة الله وقد قال تعالى: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله} ومن ذلك وهو أمر خفي من ذلك الرياء فإنه من الشرك بالله يقوم الإنسان يصلي ويزين صلاته لأن فلانا يراه ينظر إليه يصوم ليقال إنه رجل عابد يصوم يتصدق ليقال إنه رجل كريم يتصدق هذا رياء وقد قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه ومن ذلك أيضا من الشرك وهو خفي أيضا أن تأخذ الدنيا لب الإنسان وعقله تجد
عقله وفكره وبدنه ونومه ويقظته كلها في الدنيا ماذا كسب اليوم وماذا خسر ولذلك تجده يتحيل على الدنيا بالحلال والحرام والكذب والخديعة لولاة الأمور ولا يبالي لأن الدنيا استعبدته والعياذ بالله والدليل على هذا الشرك قول النبي صلى الله عليه وسلم: تعس عبد الدينار هل تظنون أن هذا يسجد للدينار لا لكن الدينار ملك قلبه تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس عبد الخميصة يعني الثياب تعس عبد الخميلة يعني الفرش ما همه إلا تجميل ثيابه تجميل فراشه أكبر عنده من الصلاة وغيرها من عبادة الله إن أعطى رضي وإن لم يعط سخط إن أنعم الله عليه قال هذا الرب الكريم العظيم الجليل الذي يستحق كل شيء وإن لم يعط سخط والعياذ بالله {يعبد الله على حرف فإن أصابه خيرا اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة} يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط تعس وانتكس خسر انتكس انتكست عليه الأمور وأفسد الله عليه أمره وإذا شيك فلا انتقش يعني معناه أن الله يعسر عليه الأمور حتى الشوكة لا يقدر يطلعها من بدنه إذا شيك أي أصابته الشوكة فلا انتقش ثم قال في مقابل هذا طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله طوبى يعني الحياة الطيبة في الدنيا والآخرة لهذا العبد لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأسه مغبرة قدماه
انظر الأول عبد خميصة وخميلة أما الثاني ما يبالي بنفسه أهم شيء عنده هو عبادة الله ورضا الله أشعث رأسه مغبرة قدماه إن كان في الساقة كان في الساقة يعني معناه أنه لا يبالي أية منزلة ينزلها إذا كانت فيها مصلحة الجهاد فإنه يكون فيها هذا هو الذي ربح الدنيا والآخرة فالحاصل أن من الناس من يشرك بالله وهو لا يعلم وأنت يا أخي إذا رأيت الدنيا قد ملأت قلبك وأنه ليس لك هم إلا هي تنام عليها وتستيقظ عليها فاعلم أن في قلبك شركا لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: تعس عبد الدينار ويدل لهذا أنه يحرص على الحصول على المال سواء بالحلال أو بالحرام والذي يعبد الله حقا لا يمكن أن يأخذ المال بالحرام إطلاقا لأن الحرام فيه سخط الله والحلال فيه رضا الله عز وجل والإنسان الذي يعبد الله حقا يقول لا يمكن أن أخذ المال إلا بطريقة ولا أصرفه إلا بطريقة فالحاصل أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات قالوا وما هن قال: الشرك بالله وإن شاء الله يأتي بقية الكلام على بقية الحديث والله الموفق
/0L2 باب تغليظ تحريم الربا
قال الله تعالى: {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون يمحق الله الربا ويربي الصدقات} إلى قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا} وأما الأحاديث في الصحيح فهي مشهورة ومنها حديث أبي هريرة السابق في الباب قبله
[الشَّرْحُ]
قال المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين باب تغليظ تحريم الربا الربا هو الزيادة أو التأخير لأنه إما زيادة في شيء على شيء وإما تأخير قبض وقد بين الله عز وجل في كتابه حكم الربا وذكر فيه من الوعيد وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم ذكر حكم الربا وما فيه من الوعيد وبين النبي صلى الله عليه وسلم أين يكون الربا وكيف يكون فذكر أن الربا يكون في ستة أصناف الذهب والفضة والبر والشعير والتمر والملح هذه ستة أشياء هي التي فيها الربا
إذا بعت شيئا بجنسه فلابد من أمرين التساوي والتقابض قبل التفرق بعت ذهبا بذهب لابد أن يكون سواء في الميزان وأن يكون القبض من الجانبين قبل التفرق بعت فضة بفضة لابد أن يكون سواء في الميزان وأن يكون القبض قبل التفرق من الجانبين بعت برا ببر لابد أن يكون سواء في المكيال وأن يكون القبض قبل التفرق من الجانبين بعت شعيرا بشعير لابد أن يكون سواء بالمكيال وأن يكون القبض قبل التفرق من الجانبين بعت تمرا بتمر لابد أن يكون سواء في المكيال وأن يكون القبض قبل التفرق من الجانبين بعت ملحا بملح لابد أن يكون سواء في المكيال وأن يكون القبض قبل التفرق هذا إذا بعت الشيء بجنسه من هذه الأصناف الستة وإن بعته بغير جنسه فلابد من التقابض قبل التفرق من الجانبين ولا يشترط التساوي فإذا بعت صاعا من البر بصاعين من الشعير فلا بأس لكن لابد من القبض قبل التفرق وإذا بغت صاعا من التمر بصاعين من الشعير فلا بأس لكن بشرط التقابض قبل التفرق وإذا بعت ذهبا بفضة فلا بأس بالزيادة أو النقص لكن لابد من القبض قبل التفرق هذه هي الأصناف الستة التي نص الرسول صلى الله عليه وسلم على جريان الربا فيها وكذلك ما كان بمعناها فإنه يكون له حكمها لأن هذه الشريعة الإسلامية لا تفرق بين شيئين متماثلين كما أنها لا تساوي بين شيئين مفترقين
أما حكم الربا فإنه من السبع الموبقات من كبائر الذنوب والعياذ بالله ومن تعاطى الربا ففيه شبه من اليهود أخبث عباد الله لأن اليهود هم الذين يأكلون السحت ويأكلون الربا فمن تعامل بالربا من هذه الأمة فإن فيه شبها من اليهود نسأل الله العافية أما الوعيد عليه فقال الله عز وجل الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس هذا حكمه {لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس} الشيطان يسلط على بني آدم نسأل الله السلامة إلا أن يمن الله عليه بالأذكار الشرعية التي تقيه من الشياطين مثل قراءة أية الكرسي في كل ليلة وغيرها مما هو معروف فالشيطان يسلط على بني آدم ويصرعه ويبقى الإنسان يبطش بيديه ويفرفش بيديه ورجليه ويتخبط هؤلاء أكلة الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس مجانين واختلف العلماء رحمهم الله هل المعنى لا يقومون من قبورهم يوم القيامة إلا على هذا الوصف يعني يقومون من القبور كأنهم مجانين كأن يضربهم الشيطان بالمس أو المعنى لا يقومون للربا لأنهم يأكلون الربا وكأنهم مجانين من شدة طمعهم وجشعهم وشحهم لا يبالون فيكون هذا وصفا لهم في الدنيا والصحيح أن الآية إذا كانت تحتمل المعنيين فأنها تحمل عليهما جميعا يعني أنهم في الدنيا يتخبطون ويتصرفون تصرف الذي يتخبطه الشيطان من المس وفي الآخرة كذلك يقومون من قبورهم على هذا الوصف نسأل الله العافية
ثم قال عز وجل مبينا أن هؤلاء قاسوا قياسا فاسدا فقالوا: {إنما البيع مثل الربا} لا فرق كما أنك تبيع للرجل مثلا شاة بمائة ريال تبيع عليه درهم بدرهمين أي فرق فيقولون {إنما البيع مثل الربا} وقياسهم هذا كقياس الشيطان حين أمره الله أن يسجد لآدم فقال {قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين} فقابل النص بالقياس الفاسد هؤلاء أيضا قاسوا قياسا فاسدا فبين الله عز وجل أنه لا قياس مع الحكم الشرعي قال {وأحل الله البيع وحرم الربا} ولم يحل الله البيع ويحرم الربا إلا للفرق العظيم بينهما وأنهما ليسا سواء لكن من طمس الله قلبه رأى الباطل حقا والحق باطلا والعياذ بالله كما قال عز وجل فيمن طمس الله على قلبه {إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين} القرآن الكريم أساطير الأولين أعظم كلام وأبين كلام وأفصح كلام يقولون أساطير الأولين لماذا {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون} إذا انطمس القلب والعياذ بالله رأى الباطل حقا ورأى الحق باطلا هؤلاء يقولون {إنما البيع مثل الربا} فقال الله {وأحل الله البيع وحرم الربا} ثم عرض الله عز وجل التوبة على هؤلاء الأكالين للربا كعادته جل وعلا يعرض التوبة على المذنبين لعلهم يتوبون إليه لأن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين حتى قال الرسول صلى الله عليه وسلم: لله أشد فرحا بتوبة عبده من أحدكم براحلته كان رجل في البر معه راحلته عليها طعامه وشرابه
فضاعت منه ضاع الطعام والشراب وهو في فلاة من الأرض ليس عنده أحد طلبها ولم يجدها فاضطجع تحت شجرة ميت ينتظر أن يقبض الله روحه فبينما هو كذلك إذا بخطام الناقة متعلق بالشجرة وهو بين الحياة والموت فأخذ بالخطام وقال اللهم أنت عبدي وأنا ربك يريد أن يقول أنت ربي وأنا عبدك لكنه أخطأ من شدة الفرح قال النبي صلى الله عليه وسلم لله أشد فرحا بتوبة الإنسان من هذا الرجل براحلته مع أن هذا الفرح لا يمكن أن يدركه الإنسان الآن نحن لا نصف شدة هذا الفرح رجل مقبل على الموت فاقد ماله وطعامه وشرابه وناقته فإذا بها عنده لا يمكن أن يتصور إنسان شدة هذا الفرح فالله عز وجل أشد فرحا بتوبة العبد من هذا بناقته انظر ماذا قال هنا يقول جل وعلا {فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف} الحمد لله يعنى الأكال للربا إذا جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف يغفر له كل ما سلف ولا يؤاخذ عليه وأمره إلى الله ولكن إذا جاءت الموعظة وله ربا في ذمم الناس وجب عليه أن يسقطه يجب أن يسقطه لأن الله قال {فله ما سلف} أما ما بقي فليس له ولهذا أعلن الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع أعلن إعلانا إلى يوم القيامة قال ربا الجاهلية موضوع يعني الربا الذي كانوا يترابون به في الجاهلية موضوع مهدر يوجد أقارب للرسول يرابون في الجاهلية يجب عليهم إسقاط الربا أو لا يجب يجب ولهذا قال أول ربا أضع ربا العباس بن عبد المطلب ما صلته بالعباس بن عبد المطلب العباس عمه أول
ربا أضع ربا العباس هكذا الحكم هكذا السلطان أول ما يبدأ السلطان بأقاربه خلاف عادة الناس اليوم أقارب السلطان عندهم حماية دبلوماسية يفعلون ما يشاءون لكن في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام يقول أول ربا أضع من ربانا ربا العباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله تأكيد عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا نهى الناس عن شيء جمع أهله وأقاربه وقال نهيت الناس عن كذا وكذا وإن الناس ينظرون إليكم نظر الطير إلى اللحم والله لا يبلغني عن أحد منكم أنه فعله لأضعفن عليه العقوبة يعاقبه مرة ولا مرتين مرتين لأن هؤلاء الأقارب يخالفون متسترين أو لائذين بقربهم من الحاكم فيقول هذا القرب من الحاكم يوجب أن تضاعف عليكم العقوبة الله أكبر وبذلك ملكوا مشارق الأرض ومغاربها ودانت لهم الأمم الأمم ما يفعلون هكذا القريب من السلطان ليس عليه شيء لكن الأمة الإسلامية والخلافة الإسلامية أول من يقام عليه تنفيذ هذه الأحكام في من؟ في أقارب الحاكم حتى لا يقال الرجل حكم لأجل أن يقي أقاربه عقوبة الظالمين الحاصل أن الله سبحانه وتعالى بمنه وكرمه ورحمته ولطفه يعرض التوبة على المذنبين {فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف} نسأل الله أن يتوب علينا وعليكم وقال {إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات} القصة هذه في من في أصحاب الأخدود الذين حفروا حفرا في الأرض وأضرموا فيها النيران ومن كان مؤمن ألقوه في النار {وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَاّ أَن يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيد}
يقول الله عز وجل {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا} يعرض عليهم التوبة وهم يحرقون أولياءه لكنه عز وجل يحب التوابين {ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ} نسأل الله أن يتوب علينا وعليكم يقول عز وجل {فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّنْ رَّبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ وَمَنْ عَادَ} بعد أن تبين له الحكم {فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} هذه عقوبتهم في الآخرة أما العقوبة في الدنيا {يَمْحَقُ اللهُ الرِّبَا} يتلفه لكن التلف نوعان تلف حسي كأن يسلط على ماله آفة تفنيه إما أن يمرض ويحتاج إلى دواء ومعالجات أو يمرض أهله أو يسرق أو يحترق هذه عقوبة الدنيا {يَمْحَقُ اللهُ الرِّبَا} عقوبة حسية أو محق معنوي المال عنده يكيس أكياسا لكنه كالفقير لا ينتفع به هل يقال إن هذا عنده مال أبدا هذا أسوأ حالا من الفقير لأن ماله عنده بالأكياس يدخره لورثته أما هو فلم ينتفع به وهذا نسميه محقا حسيا أم معنويا محقا معنويا {يَمْحَقُ اللهُ الرِّبَا} نسأل الله أن يرزقنا وإياكم الموعظة التي تحيي قلوبنا وتصلح أحوالنا انتهى
قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَاّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّنْ رَّبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ.
يَمْحَقُ اللهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} إلى قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا}
[الشَّرْحُ]
قال المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين باب التغليظ يعني في أكل الربا وتحريمه وقد ذكر المؤلف فيه آيات من سورة البقرة وسبق الكلام عليها إلى قوله وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون يَمْحَقُ اللهُ الرِّبَا وقال {ويربي الصدقات} يربيها أي ينميها ويزيدها فإنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من تصدق بعدل تمرة من طيب ولا يقبل إلا الطيب فإن الله تعالى يأخذها بيمينه ويريبها كما يربي
أحدكم فلوه يعني فرسه الصغير حتى تكون مثل الجبل وقال تعالى {مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله} فالصدقات إحسان وعبادة لله إذا تصدق الإنسان بشيء من ماله فإن لله تعالى يضاعف له هذه الصدقة في ثوابها وأجرها وينزل البركة فيما بقي من ماله كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما نقصت صدقة من مال وإنما ذكر الله الصدقات بجانب الربا لأن الربا ظلم ظلم وأخذ للمال بالباطل والصدقات إحسان وخير فقارن هذا بهذا لأجل أن يتبين للإنسان الفرق بين المحسنين وبين الظالمين أكلة الربا ثم قال: {إن الذين أمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} حثا على الإيمان والعمل الصالح ثم قال عز وجل {يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا إن كنتم مؤمنين} اتقوا فأمر بتقوى الله ثم قال: {وذروا ما بقي من الربا} يعني اتركوه لا تأخذونه فخص بعد أن عم لأن تقوى الله تعم اجتناب كل محرم وفعل كل واجب ولما قال: {وذروا ما بقى من الربا} صار تخصيصا بعد تعميم {فإن لم تفعلوا} يعني وتدعوا ما بقي من الربا {فأذنوا بحرب من الله ورسوله} وفي قراءة {فآذنوا بحرب من الله ورسوله} والمعنى أعلنوا الحرب على الله ورسوله نسأل الله
العافية {وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون} إن تبتم عن أكل الربا فلكم رؤوس أموالكم أنت أعطيت مائة وعشرين إذا صدقت في التوبة لا تأخذ إلا مائة فقط لأن الله يقول فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون {وقد ابتلى بعض الناس بالقياس الفاسد مع النص فقال: إذا أودعت مالك في بنوك أجنبية في أمريكا في إنجلترا في فرنسا في أي بلد فإنك تأخذ الربا وتتصدق به سبحان الله يلطخ الإنسان يده بالدم والنجاسة ثم يذهب ويغسلها لماذا لا يتجنب النجاسة من الأول هذا قياس فاسد مقابل للنص وفاسد في الاعتبار أيضا إذا أعطوك فقل لا شرعنا يحرم علينا الربا يقول بعض الناس إذا لم تأخذ منهم فإنهم يصرفونها في الكنائس وحرب المسلمين نقول من قال هذا ممكن أن صاحب البنك يأخذ لنفسه يأخذ لقرابته يأخذ لمصالحه من يقول إنها تصرف في الكنائس ثم على فرض أنها صرفت في الكنائس هل دخلت في ملكك حتى يقال إنك أعنتهم لم تدخل في ملكك أصلا ولهذا لا يعطونك ربح مالك ربما يدخلون مالك في مالهم ويخسر وإنما يعطونك ربا واضحا محددا من الأصل فليس هو ربح مالك حتى تقول أعطيتهم شيئا من مالي ليستعينوا به على الحرام أبدا ثم على فرض أنه ربح مالك أو أن مالك ربح أكثر وأبيت أن تأخذه لأنه ربا وصرفوه في الكنائس وفي حرب المسلمين هل أنت أمرتهم بهذا أبدا
اتق الله رأس مالك لا تظلم ولا تظلم أما أن تأخذه وتقول أتصدق به ما مثل هذا الإنسان إلا مثل من أخذ الغائط بيده وعصره ثم قال أين المال لأطهر يدي هذا غير صحيح ثم يقول من الذي يضمن أنه إذا جاءك مليون أو مليونان ربا أنك ستتصدق بها ربما يغلبك الشح فتقول والله مليونان أتصدق لا أتصدق أنتظر ثم تمضي بك الأيام وتموت وتدعها لغيرك ثم إذا فعلت ذلك صرت قدوة للناس يقولون فلان أخشى دخل ماله في البنك وأخذ الربا إذا ما فيه بأس ستكون قدوة ثم إننا إذا استمرأنا هذا الشيء وأخذنا الربا معناه أننا لن نحاول أن نوجد بنكا إسلاميا لأن إنشاء البنك الإسلامي ما هو سهل صعب وفيه موانع وأناس يحولون بين المسلمين وبينه فإذا استمرأ الناس هذا سهل عليهم قال نأخذ الربا وهين حتى يجيب الله بنك إسلامي لكن لو قلنا هذا حرام عليك حينئذ يضطر المسلمون إلى أن ينشئوا بنوكا إسلامية تكفيهم هذه البنوك الربوية والحاصل أن من قال خذ الربا وتصدق به فقد قابل النص بالقياس والله عز وجل وضح} فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون {وإذا كان عقد الربا الذي حصل في الجاهلية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وضعه الرسول مع أنه قبل الشريعة وأهل الجاهلية يتعارفون على أنه مباح ومع ذلك وضعه النبي صلى الله عليه وسلم قال: ربا الجاهلية موضوع فكيف لمسلم يعرف أن الربا حرام ويقول لك آخذه وأتصدق به؟ فالحاصل من هذا مع الأسف اشتبهت مع بعض العلماء الذين يشار إليهم بالأصابع وظنوا أنه لا بأس به أن تأخذ هذا وتتصدق به ولو أمعنوا النظر وفكروا لعرفوا أنهم مخطئون ما حجتنا عند الله يوم القيامة} وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم {ما قال إلا أن تتعاملوا مع الكفار}
وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون {ولم يقل إلا إذا تعاملتم مع الكفار فخذوا الربا فالحقيقة أننا نأسف أن يوجد بعض من يشار إليه يفتون بمثل هذا مع أنهم لو أمعنوا النظر ودققوا لوجدوا أنهم على خطأ أنا معي قال لي ربي لك رأس مالك لا تظلم ولا تظلم أقول سمعا لك يا ربي وطاعة آخذ رأس مالي والباقي ما علي منه دعهم يجعلونه فيما يريدون ثم هل هؤلاء ما بقي عليهم أن يعمروا الكنائس إلا بربح يأخذونه مني الكنائس معمرة وحرب المسلمين شعواء بدراهمك وبغير دراهمك هل المسألة متوقفة على دراهمك يأخذونها ويصرفونها في الكنائس أو في حرب المسلمين هذا إذا قدرنا أنهم صرفوها في ذلك لكن هذا وهم وتخيل يلبس بها الشيطان يقول إن تركتم هذا صرفوه في الكنائس وفي إرهاب المسلمين من قال هذا فعلى كل حال نحن بيننا وبين الناس كتاب الله} وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون {وإذا اتبعنا الشرع جعل الله لنا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا أما إذا ذهبنا نقيس بعقولنا ونقول كالذين قالوا} إنما البيع مثل الربا {أو كالشيطان الذي قال} أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين {هذا غلط غلط عظيم فالمهم أن هذا يا إخواني شيء واضح ما يحتاج إلى اجتهاد} وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون {إذا كان معسرا وحل وقت الدين وليس عنده شيء ألا أضيف عليه شيئا بدل إنظاره أصبر عليه لمدة يقول ما أخالفك ما عندك شيء الآن لكن هذا الألف نجعلها ألف ومائة إلى سنة يقول لا أبصر الآية التي بعدها} وإن كان ذو عشرة فنظرة إلى مسرة {ما فيه حل الأجل على هذا الفقير وليس عنده ما يوفي به يجب عليك إنظاره} فنظرة إلى ميسرة {من الذي قال نظرة إلى ميسرة الله عز وجل هو الذي أعطاك المال ومن به عليك وأباح لك التصرف فيه وقال لك إذا كان المطلوب فقيرا فعليك أن تنظره تقوله ما أنظرك هيا إلى الحبس وإلا إضافة الربا أين الإيمان أين العبادة العبد حقا هو الذي يقول لله سمعا وطاعة
أما الذي يعبد الدرهم والدينار وليس عنده إلا الدرهم والدينار من أي مصدر حصل فهذا عبد الدرهم والدينار وقد دعا عليه الرسول صلى الله عليه وسلم بالتعاسة والهلاك والانتكاس} وإن تبتم فلكم رءوس أمولكم لا تظلمون ولا تظلمون وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة {ثم تأتي المرتبة العليا التي هي أفضل من الإنظار وهي} وأن تصدقوا خير لكم {إن كان معسرا وعرفت أنه معسر تصدقت عليه قلت يا فلان أنت معسر وقد أبرأتك من دينك هذا خير لك إذا كان خيرا لك فافعله خرجت من بطن أمك ومعك ألف كيس ذهب وألف ثوب وألف فضة وألف نعل صح هذا صحيح لا خرجت من بطن أمك ما معك شيء عريان ما عليك شيء من الذي أعدك وأمدك وأعطاك المال الله عز وجل قال لك افعل كذا قلت سمعا وطاعة} وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون {ثم ختم الآيات بقوله} واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون {اتقوا هذا اليوم اليوم العظيم الذي ترجعون فيه إلى الله عز وجل حفاة عراة غرلا} يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه {اتقوا هذا اليوم وتقوى هذا اليوم وتقوى شره وبلائه تكون بطاعة الله عز وجل نسأل الله أن يمن علينا وعليكم بالتقوى والبر والإحسان إنه على كل شيء قدير}
1614 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا
السبع الموبقات قالوا يا رسول الله وما هن قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات متفق عليه الموبقات المهلكات
[الشَّرْحُ]
قال المؤلف رحمه الله فيما نقله من حديث أبي هريرة في باب تغليظ تحريم الربا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اجتنبوا السبع الموبقات فأبهمها اجتنبوا السبع الموبقات ولم يبينها لأول مرة لأجل أن يتشوف الناس إليها حتى ترد على أذهانهم وهم مستعدون لها ولهذا قالوا ما هن يا رسول الله قال الإشراك بالله وسبق لنا أن الإشراك بالله أنواع الثاني السحر والسحر عبارة عن عقد ورقى يعني قراءات مطلسمة في صور الشياطين وعفاريت الجن ينفث بها الساحر فيؤذي المسحور بمرض أو موت أو صرف أو عطف صرف يصرفه عن ما يريد عطف يعني يعطفه على ما لا يريد كما قال الله تعالى فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجته وهو من كبائر الذنوب والساحر يجب أن يقتل حدا سواء تاب أو لم يتب وذلك لعظم مضرته على الناس وشدة جرأته والعياذ بالله ولهذا جاء في الحديث حد الساحر ضربه بالسيف وفي رواية ضربه بالسيف ثم إن السحر منه ما يكون كفرا وهو أن يستعين بالشياطين والجن وهذا كفر لقول الله تبارك وتعالى في سورة البقرة {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر} وهذا نص صريح بأن السحر كفر إذا كان متلقيا من الشياطين لأن الشياطين لا يمكن أن تخدم الإنسان إلا بشيء يكون شركا وقد سحر النبي صلى الله عليه وسلم سحره يهودي خبيث يقال له لبيد بن الأعصم وضع له سحرا في بئر في مشط ومشاطة وجف طلعة ذكر يعني النخلة الفحل لجمرته جف يسمى الكافور أو الكفرة هذا الخبيث وضع السحر للرسول صلى الله عليه وسلم في مشط المشط الذي يمشط به عادة مشاطة يعني ما سقط من الشعر عند المشط فوضعه في هذا البئر لكن لم يؤثر على النبي صلى الله عليه وسلم في أمر يتعلق بالرسالة أبدا لكن صار يخيل إليه أنه أتى أهله أو أنه فعل الشيء ولم يفعله حتى أنزل الله عز وجل سورتي {قل أعوذ برب الفلق} و {قل أعوذ برب الناس} فرقاه بهما جبريل فشفي بإذن الله ثم استخرج السحر من هذه البئر وفله وأبطله وهذا دليل على خبث اليهود وأنهم من أشد الناس عداوة بل قال الله تعالى: {لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا} فبدأ اليهود قبل المشركين فهم أشد الناس عداوة للمسلمين ولهذا سحروا النبي صلى الله عليه وسلم ولكن الله ولله الحمد أبطل سحرهم فصار السحر ينقسم إلى قسمين سحر كفر وهو الاستعانة بالأرواح الشيطانية وغير كفر وهو أن يكون بالعقد والأدوية والأخشاب وما أشبه ذلك أما حكم الساحر فإنه يجب أن يقتل بكل حال إن كان كافرا فلردته وإن كان سحره دون الكفر فلأذيته قال الله تعالى {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم} الإشراك بالله والسحر والثالثة وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق والنفس التي حرم الله قتلها أربع نفوس المسلم الذمي المعاهد المستأمن هذه أربع نفوس محترمة لا يجوز قتلها المسلم فظاهر وأما الذمي فهو الذي يكون بيننا وفي بلدنا من أهل الكتاب أو غيرهم يدفع الجزية لنا ونحميه مما يؤذيه ونحترمه وإن كان على غير الإسلام وأما المعاهد فهو الذي بيننا وبينهم عهد وإن كانوا في بلادنا كما جرى بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين قريش في صلح الحديبية فإذا كان من المعاهدين حرم عليك أن تقتله وهو نفس معصومة وأما المستأمن فهو الذي يدخل لبلادنا بأمان نعطيه أمانا إما لكونه تاجرا يجلب تجارته ويشتري أو لأنه لا يريد أن يبحث عن الإسلام ويعرف الإسلام كما قال الله تعالى {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون} أما الحربي الذي بيننا وبينه حرب وليس بيننا وبينه عهد ولا ذمة ولا أمان فهذا يحل قتله لأنه ليس بيننا وبينه عهد بل هو محارب لنا لو تمكن منا لقتل من يقتل من المسلمين فهذا لا عهد له ولا ذمة قوله صلى الله عليه وسلم التي حرم الله إلا بالحق يعني أن النفوس المحترمة قد يكون من الحق أن تقتل وهي محترمة مسلم أو ذمي أو معاهد أو مستأمن تقتل مثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة فإذا زنى الإنسان وهو ثيب قد تزوج بنكاح صحيح وجامع زوجته ثم زنى بعد ذلك فإنه يرجم بالحجارة يوقف ويجتمع الناس عليه ويأخذون حجارة دون البالغة لا تكون كبيرة تقضي عليه بسرعة ولا صغيرة تشق عليه ثم يرجمونه ويتقون المقاتل يرجمونه على الظهر على البطن على الكتف على الفخذ حتى يموت كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم بالغامدية وماعز بن مالك وغيرهما الثاني النفس بالنفس إذا قتل الإنسان شخصا عمدا وتمت شروط القصاص فإنه يقتل ولو كان مسلما النفس بالنفس والثالث التارك لدينه المفارق للجماعة قيل إن هذا هو المرتد يعني بعد أن كان مسلما ترك الدين والعياذ بالله فارق جماعة المسلمين فهذا يقتل ويأتي إن شاء الله بقية الكلام عن الحديث
[الشَّرْحُ]
قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات قالوا وما هن يا رسول الله قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وسبق الكلام على هذه الثلاثة ثم قال وأكل الربا يعني أنه من الموبقات السبع والربا سبق الكلام على تعريفه في الباب الذي يليه والأشياء التي يجري فيها الربا وأن الربا من أكبر الكبائر التي دون الشرك وأكل مال اليتيم من السبع الموبقات واليتيم هو الذي مات أبوه قبل أن يبلغ فيتولى عليه الإنسان ويأكل ماله ينفقه على أهله أو يتجه به لنفسه أو ما أشبه ذلك هذا أيضا من السبع الموبقات نسأل الله العافية ولا فرق بين أن يكون اليتيم ذكرا أو أنثى وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف التولي عن صف القتال يوم الزحف يعني يوم يزحف المسلمون على الكفار فيأتي إنسان ويتولى فإن هذا من كبائر الذنوب من السبع الموبقات لأنه يتضمن مفسدتين المفسدة الأولى كسر قلوب المسلمين والمفسدة الثانية تقوية الكفار على المسلمين إذا انهزم بعضهم لا شك أنهم سوف يزدادون قوة على المسلمين يكون لهم بسبب ذلك نشاط لكن الله عز وجل استثنى في القرآن فقال تعالى ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله فمن تولى لهذين الأمرين متحيزا إلى فئة يعني بأن يقال إن الفئة الفلانية قد حصرها العدو وخطر عليها أن يكتسحها العدو فانصرف لإنقاذهم فهذا لا بأس به لأنه انتقل إلى ما هو أنفع والثاني المتحرف لقتال وهو المذكور أولا في الآية {إلا متحرفا لقتال} يعني مثلا انصرف لإصلاح سلاحه أو ارتداء دروعه أو ما أشبه ذلك من مصلحة القتال فهذا لا بأس به والسابع قذف المحصنات المؤمنات الغافلات يعني أن يقذف المرأة العفيفة المؤمنة فهذا من كبائر الذنوب بأن يقول لامرأة إنها زانية أنها قحبة وما أشبه ذلك هذا من كبائر الذنوب والقائل يجلد ثمانين جلدة ولا تقبل شهادته ويكون من الفاسقين لا من أهل العدل كما قال الله تبارك وتعالى {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة} هذه أول عقوبة {ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا} هذه العقوبة الثانية {وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك} فإنه يرتفع عنهم الفسق ويكونون من أهل العدالة وقوله {قذف المحصنات الغافلات} مثلها أيضا قذف الغافل المحصن المؤمن يعني الرجل إذا قذف فإنه يجلد القاذف ثمانين جلدة كالذي يقذف المرأة هذه هي السبع الموبقات أعاذنا الله وإياكم منها وأجارنا وإياكم من الفتن إنه على كل شيء قدير
1615 -
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله رواه مسلم زاد الترمذي وغيره وشاهديه وكاتبه
[الشَّرْحُ]
قال المؤلف رحمه الله تعالى في باب التغليظ في تحريم الربا فيما نقله عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الله آكل الربا وموكله آكل الربا يعني الذي يأكله سواء استعمله في أكل أو لباس أو مركوب أو فراش أو مسكن أو غير ذلك المهم أنه أخذ الربا كما قال تعالى عن اليهود وأخذهم الربا وقد نهوا عنه فآكل الربا ملعون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم والثاني موكله يعني الذي يعطي الربا مع أن معطي الربا مظلوم لأن آخذ الربا ظالم والمأخوذ منه الربا مظلوم ومع ذلك كان ملعونا على لسان النبي صلى الله عليه وسلم لأنه أعانه على
الإثم والعدوان وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم انصر أخاك ظالما أو مظلوما قالوا يا رسول الله هذا المظلوم كيف ننصر الظالم قال تمنعه من الظلم فذلك نصرك إياه فإذا احتاج الإنسان إلى دراهم وذهب إلى البنك وأخذ منه عشرة آلاف بأحد عشر ألفا صار صاحب البنك ملعونا والآخذ ملعونا على لسان أشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم وما أقرب الإجابة فيمن لعنه الرسول صلى الله عليه وسلم واللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله ويكون هذا الملعون مشاركا لإبليس في العقوبة لأن الله قال لإبليس {وإن عليك اللعنة} كذلك آكل الربا عليه اللعنة وموكله عليه اللعنة مطرود مبعد عن رحمة الله ثم هذا الذي يأكله يأكله سحتا وكل جسد نبت من السحت فالنار أولى به ثم إن هذا الربا الذي يدخل عليك ينزع الله به البركة من مالك وربما يوالي عليه النكبات حتى يلتف قال الله تعالى {وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله} وأما الذي أعطى الربا فإن وجه اللعنة في حقه أنه أعان على ذلك فإذا قال قائل هل الإنسان من توبة إذا كان يتعاطى الربا ثم من الله عليه واهتدى نقول نعم له توبة ومن الذي يحول بينه وبين توبة الله ولكن لابد من صدق التوبة وإخلاصها والندم على الذنب والعزم على ألا يعود
ثم إن كان صاحب الربا الذي أخذ منه قد استفاد فإن الربا يأخذ من المرابي ويتصدق به أو يوضع في بيت المال وإن كان لم يستفد فإنه يعطي المطلوب لأنه إذا استفاد لا يمكن أن نجمع له بين الحق من الربا وبين انتفاعه نقول أنت حظك الانتفاع ولكن إذا كان لم ينتفع فإنه يعطي ما أخذ من الربا وذكر الترمذي وغيره في رواية أخرى أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن شاهدي الربا وكاتبه مع أن الشاهدين والكاتب ليس لهما منفعة لكن أعانوا على تثبيت الربا الشاهدان والكاتب يثبت بهما الربا لأن الشاهدين يثبتان الحق والكاتب يوثقه ولهذا يكون هؤلاء الثلاثة الشاهدان والكاتب قد أعانوا على الإثم والعدوان فنالهم من ذلك نصيب فهؤلاء الخمسة كلهم ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله والشاهدين والكاتب خمسة وفي هذا الحديث دليل أن المعين على الإثم مشارك للفاعل وهو كذلك وهذا قد دل عليه القرآن قال الله تبارك وتعالى {وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره} وإما ينسينك الشيطان {وجلست ناسيا} فلا تقعد بعد الذكرى {يعني بعد أن تفطن} مع القوم الظالمين {وقال عز وجل} وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم {فالمشارك لفاعل الإثم ولو بالجلوس يكون له مثل على ما صاحب الإثم} إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا {في هذا دليل على التحذير من الربا ووجوب البعد
عنه والمسلمون ما ضرهم الذي ضرهم إلا بهذا الربا تجد الفقير المسكين يهون عليه أن يستدين بالربا لأنه لا يكلفه إلا زيادة الكمية والله أعلم بنيته قد يكون ليس بنيته أن يوفي عند حلول الأجل لكن يستسهل هذا ويستدين فتتراكم عليه الديون بدون ضرورة حتى إن بعض المساكين السفهاء الضعيف الإيمان يستدين من أجل أن يفرش درج العمارة هل هناك ضرورة لا ضرورة ولا حاجة أيضا عاش الناس أزمنة طويلة لا يفرشون الدرج ولم يضرهم ذلك شيئا يستدين من أجل أن أشياء ليست مهمة هل هناك ضرورة لا ضرورة لكن الشيطان يغريه ولم يعلم هذا المسكين أن الذي له الدين لا يرحمه إذا حل الأجل سوف يطالبه بالوفاء أو بالحبس أو بمضاعفة الربا عليه كما هو الواقع عند كثير من الذين لا يمتثلون قول الله} وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ {وغفل هذا المسكين عن كون نفسه إذا مات معلقة بدينه حتى يدفع عنه وغفل هذا المسكين عن كون النبي إذا قدمت إليه الجنازة وخطى يصلي عليها فسأل هل عليه دين قالوا نعم قال عليه وفاء قالوا لا قال صلوا على صاحبكم وترك الصلاة عليه مما يدل على عظم الدين وغفل هذا المسكين عن كون القتل في سبيل الله إذا قتل الإنسان في سبيل الله فالشهادة تكفر كل شيء إلا الدين لا تكفره ومع ذلك يقع في ذلك كثير من سفهائنا يستهين بالدين يكون عنده سيارة تساوي عشرين ألفا وقد مشت حاله كفته يقول لا ما يكفي أنا أشتري سياره بثمانين ألف وتقول ما معك شيء يقول آخذها بالتقسيط أو أتحيل على الربا كما يفعل بعض الناس يأتي المعرض يقول بكم السيارة الفلانية يقول له بكذا وكذا
ويذهب إلى التاجر ويقول له اشتريها وبيعها علي أعوذ بالله حيل على رب العالمين مكر خداع} يخادعون الله وهو خادعهم {يعني هذا التاجر ما قصد السيارة قصد الزيادة ولهذا لو قيل للتاجر بعها عليه برأس مالك الذي اشتريتها به فما الفائدة ما أبيعه إلا بالربا بالزيادة يقول بعض الناس الذين يزين لهم الشيطان يقول احتج على الذي يقول هذا ما يجوز فنقول هذا كذب على الله رجل جاء محتاج سيارة هذا بعيد جدا ثم إن المسموع عن هؤلاء أنه إذا هون كتب اسمه في القائمة السوداء ما عاد يعامل مرة أخرى هذا كالإجبار على أن يبقى تحيل على رب العالمين ما يصلح والله لو سألنا هذا التاجر الذي أخذ السيارة من المعرض ثم باعها لهذا ماذا تقصد أتقصد الإحسان لهذا الرجل قال أبدا ولا بيني وبينه معرفة أقصد المائة مائة وعشرة هذا ما أقصده هذا هو الواقع كيف نتحايل على رب العالمين لو جاء هذا الرجل إلى البنك قال أعطني مائة ألف وعشرة وأشتري السيارة أهون من هذا الدين لأن الخداع أشد من الصريح المخادع ارتكب الإثم مع زيادته ماذا الخداع والصريح ارتكب الإثم وهو يعترف أنه إثم ويحاول أن يتوب عنه لأن نفسه لا ترضى عن هذا الشيء لكن المشكلة المخادع يرى أن هذا حلال ويستمرئ هذا الفعل ويقول ما فيه شيء اسأل نفسك لا تسأل أحدا الرسول قال الإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس والبر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب وإن أفتاك الناس وأفتوك لا تسأل أحدا هل أنت اشتريت السيارة شراء حقيقيا تطلب به الربح كلا أبدا لولا أن هذا جاء ما اشتريتها إذا فالسيارة شراؤها مقصود أو غير مقصود غير مقصود المقصود بيده الدراهم لكن بدل ما يقول هذا بخمسين ألفا بستين ألفا مقسطة يقول اذهب عاينها وأنا أذهب إلى المعرض أشتريها بخمسين ألفا وأبيعها عليك بستين ألفا كل إنسان مجرد من الهوى يعرف أن هذا حرام ولا إشكال فيه وإن سألت الناس وأفتوك الذي يسألك يوم القيامة هو رب العالمين هو الذي يعلم ما في قلبك وإذا كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول لو احتجت سلعة من عند إنسان سيارة عند إنسان وأنت لا تجد دراهم وذهبت
إلى الذي عنده السيارة تشتريها منه وهي تساوي الآن نقدي خمسين وقلت له بيعها لي بستين إلى سنة ثم أخذتها وبعتها يقول شيخ الإسلام هذا حرام ولا تحل وحيلة وهي من العينة التي حذر منها الرسول صلى الله عليه وسلم وقال إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم بأذناب البقر ورضيتم بالحرث وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه من قلوبكم حتى ترجعوا إلى دينكم وهذه الصلة فيها واضحة أما مسألة التوافر فالسلعة موجودة عند البائع لهذا ولغيره إن جاءه من اشتراه بنقد باعها بخمسين وإن جاءه من يشتريها مؤجلة بستين باعها لكن الإنسان ما له غرض في السلعة نهائيا ليس له إلا الربا ثم يستمرئ هذا الأمر ويقول هذا حلال فكر يوم القيامة ستلاقي ربك وحدك ما معك أحد لا مفتي ولا غير مفتي والله تعالى هو الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور والحاصل أن الربا يجب الحذر منه ولهذا تبينا على ما قلت لما سهل الأمر عند الفقراء لما سهل عندهم هذا صار ما أسهل أن يقول للتاجر يا فلان أنا أبغي السيارة الفلانية قال اذهب واشتريها من المعرض وأنا أسدد القيمة للمعرض وأبيعها لك بالزيادة سهل الدين على الناس ولكن لو لم يجدوا من يسهل الأمر عليهم امتنعوا بعض الشيء وسلمت ذممهم واستراحوا نسأل الله لنا ولكم التوفيق والهداية}