الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب النهي عن التجسس والتسمع لكلام من يكره استماعه
قال الله تعالى: {ولا تجسسوا} وقال تعالى: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا}
1570 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تنافسوا ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا كما أمركم.
المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله ولا يحقره، التقوى هاهنا، التقوى هاهنا ويشير إلى صدره بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وعرضه، وماله، إن الله لا ينظر إلى أجسادكم، ولا إلى صوركم، وأعمالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وفي رواية: لا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تناجشوا، وكونوا عباد الله إخوانا وفي رواية: لا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا ولا تحاسدوا،
وكونوا عباد الله إخوانا وفي رواية: لا تهاجروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض رواه مسلم: بكل هذه الروايات، وروى البخاري أكثرها.
:
[الشَّرْحُ]
قال المؤلف رحمه الله في كتابه (رياض الصالحين) : باب تحريم التجسس التجسس هو: أن يتتبع الإنسان أخاه ليطلع على عوراته سواء كان ذلك عن طريق مباشر، بأن يذهب هو بنفسه يتجسس لعله يجد عسرة أو عورة، أو كان عن طريق الآلات المستخدمة في حفظ الصوت، أو كان عن طريق الهاتف فكل شيء يوصل الإنسان إلى عورات أخيه مسالبه فإن ذلك من التجسس، وهو محرم، لأن الله سبحانه وتعالى قال: يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا فنهى سبحانه وتعالى عن التجسس، ولما كان التجسس إذاء لأخيك المسلم، أردف المؤلف رحمه الله ما استشهد به من هذه الآية بقول الله تعالى:{والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا} لأن التجسس أذية، يتأذى به المتجسس عليه، ويؤدي
إلى البغضاء والعداوة ويؤدي إلى تكليف الإنسان نفسه ما لم يلزمه، فإنك تجد المتجسس والعياذ بالله، مرة هنا ومرة هنا، ومرة هنا، ومرة ينظر إلى هذا ومرة ينظر إلى هذا، فقد أتعب نفسه في أذية عباد الله، نسأل الله العافية، ومن ذلك أيضا أن يتجسس على البيوت، يعني من التجسس أن يتجسس على البيوت، يقف عند الباب ويستمع لما يقال في المجلس ثم يبني عليه الظن الكاذب، والتهم التي ليس لها أصل، ثم ذكر المؤلف حديث أبي هريرة في رواياته وأكثرها قد مر علينا لكن من أهم ما ذكر إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث وهذا مطابق لقول الله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن} لكن في هذه الآية قال الله تعالى: {اجتنبوا كثيرا من الظن} ولم يقل الظن كله؛ لأن الظن المبني على قرائن لا بأس به، فهو من طبيعة الإنسان أنه إذا وجد قرائن قوية توجب الظن الحسن أو غير الحسن، فإنه لابد أن يخضع لهذا القرائن، ولا بأس بذلك، لكن الظن المجرد هو الذي حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إنه أكذب الحديث، لأن الإنسان إذا ظن صارت نفسه تحدثه، تقول له فعل فلان كذا وهو يفعل كذا وهو يريد كذا وما أشبه ذلك، وهذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم فيه إنه اكذب الحديث، وفيه أيضا مما لم يمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كونوا عباد الله إخوانا كما أمركم يعني أنه يجب على الإنسان أن يكون أخا لأخيه، بالمعنى المطابق للأخوة، لا يكن عدوا له، فإن بعض الناس إذا صار بينه وبين أخيه معاملة وساء الظن بينهما في هذه المعاملة اتخذوا عدوا، وهذا لا يجوز، الواجب أن الإنسان يكون أخا لأخيه، في المحبة والألفة وعدم التعرض له بالسوء
والدفاع عن عرضه وغير ذلك من مقتضيات الأخوة المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره ولا يكذبه وهذا أيضا قد مر علينا سابقا وقال التقوى هاهنا يشير إلى صدره يعني في القلب، وإذا اتقى القلب اتقت الجوارح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا صلحت صلح الجسد كله يعني القلب، بعض الناس تنهاهم مثلا عن شيء من الأشياء، أعفي اللحية حرام عليك أنك تحلقها، فيقول لك التقوى هاهنا، أين التقوى؟ لو اتقى ما هاهنا لأتقى ما هاهنا، يعني لو اتقى القلب اتقت الجوارح، بعض الناس تنصحه في طول الثوب، تجد ثوبه إلى أسفل من كعبه، تنصحه في ذلك، فيقول لك التقوى هاهنا أين التقوى، لو كان عندك تقوى في قلبك، لاتقيت الله تعالى في قولك وفعلك، لأنه إذا صلحت صلح الجسد كله، لكن بعض الناس والعياذ بالله يجادل بالباطل كالكافرين، جادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق، ومع ذلك لا يخفى جدالهم بالباطل على من عنده بصيرة، يعرف أن هذا جدل ليس له أصل بل هو باطل، وهذا الحديث الذي ذكره المؤلف بألفاظه، ينبغي للإنسان أن
يتخذه مسارا له ومنهجا يسير عليه ويبني عليه حياته فإنه جامع لكثير من مسائل الأخلاق التي إذا تجنبها الإنسان حصل على خير كثير والله الموفق
1571 -
وعن معاوية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنك إن اتبعت عورات المسلمين أفسدتهم، أو كدت أن تفسدهم حديث صحيح.
رواه أبو داود بإسناد صحيح.
1572 -
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه أتى برجل فقيل له: هذا فلان تقطر لحيته خمرا، فقال: إنا قد نهينا عن التجسس، ولكن إن يظهر لنا شيء، نأخذ به حديث حسن صحيح.
رواه أبو داود بإسناد على شرط البخاري ومسلم.
[الشَّرْحُ]
هذه الأحاديث من الأحاديث التي يتبين فيها أن الإنسان لا يتجسس على إخوانه المسلمين ولا يتتبع عوراتهم بل ما ظهر منها فإنه يعامل من أظهرها بما يليق به، وما لم يظهر فلا يجوز التجسس ولا التحسس، كما في حديث معاوية رضي الله عنه، أن الإنسان إذا تتبع عورات المسلمين أهلكهم أو كاد أن
يهلكهم، لأن كثيرا من الأمور تجري بين الإنسان وبين ربه، لا يعلمها إلا هو، فإذا لم يعلم بها أحد وبقى عليه ستر الله عز وجل، وتاب إلى ربه وأناب حسنت حاله ولم يطلع على عورته أحد، ولكن إذا كان الإنسان والعياذ بالله يتتبع عورات الناس، ماذا قال فلان وماذا فعل، وإذا ذكر له عورة مسلم، ذهب يتجسس، إما أن يصرح، وإما أن يلمح فيقول مثلا، قالوا إن فلانا قال كذا وكذا أو فعل كذا وكذا فينشر ما عنده عند الخلق والعياذ بالله، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإن من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في بيت أمه نسأل الله العافية جزاء وفاقا، مثل من تتبع عورات المسلمين ليفضحهم، يتتبع الله عز وجل عورته حتى يفضحه نسأل الله العافية ولا يغنيه جدران ولا ستور، وكذلك حديث ابن مسعود رضي الله عنه أنه أتى برجل تقطر لحيته خمرا، لكنه شربه مختفيا، ولكن هؤلاء القوم تجسسوا عليه حتى أخرجوا على هذه الحالة، فبين رضي الله عنه أن من أبدى لنا عورته أو عيبه أخذناه به، ومن استتر بستر الله فلا نؤاخذه، وهذا أيضا يدل على أنه لا يجوز التجسس