المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب تحريم النياحة على الميت ولطم الخد وشق الجيب ونتف الشعر - شرح رياض الصالحين لابن عثيمين - جـ ٦

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الدعوات

- ‌باب فضل الدعاء

- ‌باب الأمر بالدعاء وفضله

- ‌باب فضل الدعاء بظهر الغيب

- ‌باب في مسائل من الدعاء

- ‌باب كرامات الأولياء وفضلهم

- ‌كتاب الأمور المنهي عنها

- ‌باب تحريم الغيبة والأمر بحفظ اللسان

- ‌باب تحريم سماع الغيبة وأمر من سمع غيبة محرمة بردها

- ‌باب ما يباح من الغيبة

- ‌باب تحريم النميمة وهي نقل الكلام بين الناس على جهة الإفساد

- ‌باب النهي عن نقل الحديث وكلام الناس إلى ولاة الأمور إذا

- ‌باب ذم ذي الوجهين

- ‌باب تحريم الكذب

- ‌باب بيان ما يجوز من الكذب

- ‌باب الحث على التثبت فيما يقوله ويحكيه

- ‌باب بيان تغليظ تحريم شهادة الزور

- ‌باب تحريم لعن إنسان بعينه أو دابة

- ‌باب جواز لعن أصحاب المعاصي غير المعينين

- ‌باب تحريم سب المسلم بغير حق

- ‌باب تحريم سب الأموات بغير حق أو مصلحة شرعية

- ‌باب النهي عن الإيذاء

- ‌باب النهي عن التباغض والتقاطع والتدابر

- ‌باب تحريم الحسد

- ‌باب النهي عن التجسس والتسمع لكلام من يكره استماعه

- ‌باب النهي عن سوء الظن بالمسلمين من غير ضرورة

- ‌باب تحريم احتقار المسلمين

- ‌باب النهي عن إظهار الشماتة بالمسلم

- ‌باب تحريم الطعن في الأنساب الثابتة في ظاهر الشرع

- ‌باب النهي عن الغش والخداع

- ‌باب تحريم الغدر

- ‌باب النهي عن المن بالعطية ونحوها

- ‌باب النهي عن الافتخار والبغي

- ‌باب تحريم الهجران بين المسلمين فوق ثلاثة أيام إلا لبدعة في

- ‌باب النهي عن تناجي اثنين دون الثالث

- ‌باب النهي عن تعذيب العبد والدابة والمرأة والولد بغير سبب شرعي

- ‌باب تحريم التعذيب بالنار في كل حيوان حتى النملة ونحوها

- ‌باب تحريم مطل الغني بحق طلبه صاحبه

- ‌باب كراهية عودة الإنسان في هبة لم يسلمها إلى الموهوب له

- ‌باب تأكيد تحريم مال اليتيم

- ‌باب تحريم الرياء

- ‌باب ما يتوهم أنه رياء وليس رياء

- ‌باب تحريم النظر إلى المرأة الأجنبية والأمرد الحسن لغير حاجة شرعية

- ‌باب تحريم الخلوة بالأجنبية

- ‌باب تحريم تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال في لباس وحركة وغير

- ‌باب النهي عن التشبه بالشيطان والكفار

- ‌باب نهي الرجل والمرأة عن خضاب شعرهما بسواد

- ‌باب النهي عن القزع وهو حلق بعض الرأس دون بعض وإباحة

- ‌باب كراهية الاستنجاء باليمين ومس الفرج باليمين من غير عذر

- ‌باب كراهة المشي في نعل واحدة أو خف واحد لغير عذر

- ‌باب النهي عن ترك النار في البيت عند النوم ونحوه سواء

- ‌باب النهي عن التكلف وهو فعل وقول ما لا مصلحة فيه

- ‌باب تحريم النياحة على الميت ولطم الخد وشق الجيب ونتف الشعر

- ‌باب النهي عن إتيان الكهان والمنجمين والعراف وأصحاب الرمل والطوارق

- ‌باب النهي عن التطير

- ‌باب تحريم تصوير الحيوان في بساط أو حجر أو ثوب أو

- ‌باب تحريم اتخاذ الكلب إلا لصيد أو ماشية أو زرع

- ‌باب كراهية تعليق الجرس في البعير وغيره من الدواب وكراهية استصحاب

- ‌باب كراهة ركوب الجلالة

- ‌باب النهي عن البصاق في المسجد والأمر بإزالته منه إذا وجد

- ‌باب كراهية الخصومة في المسجد ورفع الصوت فيه ونشد الضالة والبيع

- ‌باب نهي من أكل ثوما أو بصلا أو كراثا أو غيره

- ‌باب كراهية الاحتباء يوم الجمعة والإمام يخطب لأنه يجلب النوم فيفوت

- ‌باب نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة وأراد أن يضحي

- ‌باب النهي عن الحلف بمخلوق كالنبي صلى الله عليه وسلم والكعبة

- ‌باب تغليظ اليمين الكاذبة عمدا

- ‌باب ندب من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها أن

- ‌باب العفو عن لغو اليمين وأنه لا كفارة فيه وهو ما

- ‌باب كراهة الحلف في البيع وإن كان صادقا

- ‌باب كراهة أن يسأل الإنسان بوجه الله عز وجل غير الجنة

- ‌باب كراهة سب الحمى

- ‌باب النهي عن سب الريح وبيان ما يقال عند هبوبها

- ‌باب كراهة سب الديك

- ‌باب النهي عن قول الإنسان مطرنا بنوء كذا

- ‌باب تحريم قوله لمسلم يا كافر

- ‌باب النهي عن الفحش وبذاءة اللسان

- ‌باب كراهة التقعير في الكلام والتشدق فيه وتكلف الفصاحة واستعمال ودقائق

- ‌باب كراهة قوله خبثت نفسي

- ‌باب كراهة تسمية العنب كرما

- ‌باب النهي عن وصف محاسن المرأة لرجل إلا أن يحتاج إلى

- ‌باب كراهة قول الإنسان في الدعاء اللهم اغفر لي إن شئت

- ‌باب كراهة قول ما شاء الله وشاء فلان

- ‌باب كراهة الحديث بعد العشاء الآخرة

- ‌باب تحريم امتناع المرأة من فراش زوجها إذا دعاها ولم يكن

- ‌باب تحريم صوم المرأة تطوعا وزوجها حاضر إلا بإذنه

- ‌باب تحريم رفع المأموم رأسه من الركوع أو السجود قبل الإمام

- ‌باب كراهة وضع اليد على الخاصرة في الصلاة

- ‌باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام ونفسه تتوق إليه أو مع مدافعة

- ‌باب النهي عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة

- ‌باب كراهة الالتفاف في الصلاة لغير عذر

- ‌باب كراهة شروع المأموم في نافلة بعد شروع المؤذن في إقامة

- ‌باب كراهة تخصيص يوم الجمعة بصيام أو ليلته بصلاة من بين

- ‌باب تحريم الوصال في الصوم وهو أن يصوم يومين أو أكثر

- ‌باب تحريم الجلوس على قبر

- ‌باب النهي عن تجصيص القبور والبناء عليها

- ‌باب تغليظ تحريم إباق العبد من سيده

- ‌باب تحريم الشفاعة في الحدود

- ‌باب النهي عن التغوط في طريق الناس وظلهم وموارد الماء ونحوها

- ‌باب النهي عن البول ونحوه في الماء الراكد

- ‌باب كراهة تفضيل الوالد بعض أولاده على بعض في الهبة

- ‌باب تحريم إحداد المرأة على ميت فوق ثلاثة أيام إلا على

- ‌باب تحريم بيع الحاضر للبادي وتلقي الركبان والبيع على بيع أخيه

- ‌باب النهي عن إضاعة المال في غير وجوهه التي أذن الشرع

- ‌باب النهي عن الإشارة إلى مسلم بسلاح ونحوه سواء أكان جادا

- ‌باب كراهة الخروج من المسجد بعد الأذان إلا بعذر حتى يصلي

- ‌باب كراهة رد الريحان لغير عذر

- ‌باب كراهة المدح في الوجه لمن خيف عليه مفسدة من إعجاب

- ‌باب كراهة الخروج من بلد وقع فيها الوباء فرارا منه وكراهة

- ‌باب التغليظ في تحريم السحر

- ‌باب النهي عن المسافرة بالمصحف إلى بلاد الكفار إذا خيف وقوعه

- ‌باب تحريم استعمال إناء الذهب وإناء الفضة في الأكل والشرب والطهارة

- ‌باب تحريم لبس الرجل ثوبا مزعفرا

- ‌باب النهي عن صمت يوم إلى الليل

- ‌باب تحريم انتساب الإنسان إلى غير أبيه وتوليه إلى غير مواليه

- ‌باب التحذير من ارتكاب ما نهى الله عز وجل ورسوله صلى

- ‌باب ما يقوله ويفعله من ارتكب منهيا عنه

- ‌باب ما يقوله ويفعله من ارتكب منهيا عنه

- ‌باب المنثورات والملح

- ‌باب: أحاديث الدجال وأشراط الساعة وغيرها

- ‌كتاب الاستغفار

- ‌باب بيان ما أعد الله تعالى للمؤمنين في الجنة

الفصل: ‌باب تحريم النياحة على الميت ولطم الخد وشق الجيب ونتف الشعر

‌باب تحريم النياحة على الميت ولطم الخد وشق الجيب ونتف الشعر

وحلقه والدعاء بالويل والثبور

1657 -

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: الميت يعذب في قبره بما نيح عليه وفي رواية ما نيح عليه متفق عليه

1658 -

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية متفق عليه

[الشَّرْحُ]

قال المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين باب تحريم النياحة على الميت النياحة هي البكاء البكاء على الميت برنة ينوح فيها كما تنوح الحمام والبكاء على الميت نوعان نوع اقتضته الطبيعة فهذا لا بأس به ولا يلام عليه العبد ومنه ما حصل للنبي صلى الله عليه وسلم حين رفع إليه صبي ونفسه تقعقع كأنه في شن فبكى عليه الصلاة والسلام رحمة بهذا الصبي الذي ينازعه الموت فقال له الأقرع بن

ص: 394

حابس ما هذا إلا رحمة وإنما يرحم الله من عباده الرحماء فبكاء النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الصبي ليس من أجل الحزن لكن رق ورحمة حيث أنه ينازع الموت وقال إنما يرحم الله من عباده الرحماء جعلنا الله وإياكم منهم ومن ذلك أيضا البكاء الذي تقتضيه الطبيعة حزنا على فراق المحبوب كما حصل للنبي صلى الله عليه وسلم حين مات ابنه رضي الله عنه ابنه إبراهيم من مارية القبطية التي أهداها إليه ملك القبط جاءت منه بولد وترعرع الصبي وبلغ نحو ستة عشر شهرا يعني سنة وأربعة أشهر ثم توفاه الله عز وجل وسماه بإبراهيم الذي هو خليل الرحمن عليه الصلاة والسلام ملة أبيكم إبراهيم سماه إبراهيم ولما بلغ ستة عشر شهرا تقريبا توفاه الله عز وجل فرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم فتوفي الطفل وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن له مرضعا في الجنة ترضعه هذا النوع من البكاء لا يضر لأنه شيء تقتضيه الطبيعة والجبلة ولا يدل على سخط الإنسان على ما قضاه الله وقدره أما النوع الثاني فهو البكاء الذي ينوح فيه الإنسان نياحا هذا البكاء يعذب به الميت في قبره والعياذ بالله يعني أنت تنوح وميتك يعذب في قبره بما يناح عليه ما دمت تنوح فالميت يعذب فتكون أنت المتسبب لعذابه في قبره والعياذ بالله ولهذا يخطئ بعض الناس نسأل الله العافية إذا مات له قريب ينوح يبكي هذا ما دام يفعل هكذا يعذب الميت في قبره بسبب بكائه عليه كما ثبت ذلك عن النبي

ص: 395

صلى الله عليه وسلم من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه فالواجب على الإنسان أن يتصبر ويحتسب الأجر عند الله ويعلم أن عظم الثواب من عظم المصاب وأنه كلما عظمت المصيبة كثر الثواب أما حديث ابن مسعود رضي الله عنه فقال النبي صلى الله عليه وسلم ليس منا من شق الجيوب وضرب الخدود ودعا بدعوى الجاهلية وهذا شيء يفعله الناس في الجاهلية إذا أصابتهم مصيبة شق جيبه أو جعل يلطم خده ينتف شعره أو يدعو بدعاء الجاهلية يا ويلاه يا ثبوراه يا انقطاع ظهراه وما أشبه ذلك فتبرأ النبي صلى الله عليه وسلم من هؤلاء لأن المؤمن مؤمن القلب بالله مؤمن بقضاء الله يعلم أنه لا يمكن أن تتغير الحال عما كان وأن هذا أمر قضي وانتهى كتب قبل أن تخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة جفت الأقلام وطويت الصحف لا يمكن أن تتغير الحال عما كان مهما كان إذا ما الفائدة من الجزع ما الفائدة من السخط ما هو إلا أمر أو وحي من الشيطان ليحرمك الأجر من جهة وليعذب به الميت من جهة أخرى فعليك يا أخي أن تتقي الله عز وجل وأن تصبر وتحتسب وأن تقول كما أثنى الله على من يقوله {وبشر الصابرين} من هم {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} وقال النبي صلى الله عليه وسلم ما من مسلم يصاب بمصيبة فيقول اللهم آجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها إلا آجره الله في مصيبته وأخلف له خيرا منها هكذا

ص: 396

يجب على الإنسان أن يصبر ويحتسب الأجر ويعلم أن الحزن والبكاء بالنياحة لا يغني شيئا انتهى كل شيء لو أن أحدا سافر وأصيب بحادث هل يقول لو أني سافرت كنت سلمت ما هذا حصل؟ لا يمكن كما قال الله تعالى {الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا} قال الله تعالى {قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} لا فرار من الموت إذا عليك أن تصبر وتحتسب وأن تقول إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها يؤجرك الله في مصيبتك ويخلف عليك خيرا منها وهذه قصة أم سلمة مات عنها زوجها أبو سلمة وهو من أحب الناس إليها فحزنت لفراقه وكانت قد سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إن الإنسان إذا أصيب بمصيبة فقال: اللهم آجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها آجره الله في مصيبته وأخلف له خيرا منها فقالت هذا قالت اللهم آجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها وتقول في نفسها من خير من أبي سلمة أبو سلمة زوجها يحبها وتحبه من يكون خيرا من أبي سلمة هي ما شكت في الخبر هي توقن أنه صدق لكن تقول من يكون هذا فما إن انتهت عدتها حتى خطبها النبي صلى الله عليه وسلم فكان خيرا من أبي سلمة فأخلف الله لها خير من مصيبتها وصار النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يربي أولادها أولادها صاروا تحت الرسول صلى الله عليه وسلم

ص: 397

وهذا أيضا نتيجة لقصة أخرى دخل النبي صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة رضي الله عنه وقد شخص بصره خرجت روحه فأغمض عينيه ثم قال إن الروح إذا قبضت تبعها البصر روحك إذا خرجت من جسدك البصر يشاهدها بإذن الله يشاهدها خارجة يتبعها فلما سمع أهل البيت ذلك عرفوا أن أبا سلمة قد مات فضجوا فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون ثم قال اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين وأفسح له في قبره ونور له فيه واخلفه في عقبه في الغابرين دعوات خمس تزن الدنيا وما عليها اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين وأفسح له في قبره ونور له فيه واخلفه في عقبه إحدى هذه الدعوات عرفناها والباقي إن شاء الله مجاب الذي عرفناه أن النبي صلى الله عليه وسلم خلف أبا سلمة في عقبه فكان زوج امرأته وكان مربي أولاده يعني عاشوا في حجر الرسول صلى الله عليه وسلم والمهم أن على المرء أن يصبر عند المصائب أين كانت ويسترجع ويقول اللهم آجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها ولا بأس أن يبكي البكاء الطبيعي الذي ليس فيه نوح فإن هذا حصل من خير البشر محمد صلى الله عليه وسلم والله الموفق

ص: 398

1659 -

وعن أبي بردة قال: وجع أبو موسى الأشعري رضي الله عنه فغشي عليه ورأسه في حجر امرأة من أهله فأقبلت تصيح برنة فلم يستطع أن يرد عليها شيئا فلما أفاق قال أنا بريء ممن بريء منه رسول الله صلى الله عليه وسلم بريء من الصالقة والحالقة والشاقة متفق عليه الصالقة التي ترفع صوتها بالنياحة والندب والحالقة التي تحلق رأسها عند المصيبة والشاقة التي تشق ثوبها

1660 -

وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من نيح عليه فإنه يعذب بما نيح عليه يوم القيامة متفق عليه

1661 -

وعن أم عطية نسيبة بضم النون وفتحها رضي الله عنها قالت: أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عند البيعة أن لا ننوح متفق عليه

1662 -

وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: أغمي على عبد

ص: 399

الله بن رواحة رضي الله عنه فجعلت أخته تبكي وتقول واجبلاه واكذا واكذا تعدد عليه فقال حين أفاق ما قلت شيئا إلا قيل لي أنت كذلك رواه البخاري

1663 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: اشتكى سعد بن عبادة رضي الله عنه شكوى فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده مع عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم فلما دخل عليه وجده في غشية فقال أقضي قالوا لا يا رسول الله فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأى القوم بكاء النبي صلى الله عليه وسلم بكوا قال ألا تسمعون إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا وأشار إلى لسانه أو يرحم متفق عليه

1664 -

وعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب رواه مسلم

1665 -

وعن أسيد بن أبي أسيد التابعي عن امرأة من المبايعات

ص: 400

قالت: كان فيما أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المعروف الذي أخذ علينا أن لا نعصيه فيه أن لا نخمش وجها ولا ندعو ويلا ولا نشق جيبا وأن لا ننثر شعرا رواه أبو داود بإسناد حسن

1666 -

وعن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من ميت يموت فيقوم باكيهم فيقول واجبلاه واسيداه أو نحو ذلك إلا وكل به ملكان يلهزانه أهكذا كنت؟ رواه الترمذي وقال حديث حسن اللهز الدفع بجمع اليد في الصدر

1667 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اثنتان في الناس هما بهم كفر الطعن في النسب والنياحة على الميت رواه مسلم

[الشَّرْحُ]

هذه الأحاديث التي ساقها النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين كلها تدل على تحريم النياحة والندب على الميت أما النياحة فهي البكاء برنة حتى يكون كنوح الحمام وأما الندب فهو أن يذكر محاسن الميت ويتأوه منها ويتوجع

ص: 401

ذكر أحاديث منها حديث أبي موسى رضي الله عنه أنه غشي ورأسه في حجر بعض أهله فجعلت هذه المرأة التي هو بحجرها تبكي برنة يعني بنياحة فلما أفاق رضي الله عنه قال أنا بريء مما برئ منه النبي صلى الله عليه وسلم إن النبي صلى الله عليه وسلم بريء من الصالقة والحالقة والشاقة الصالقة من الصلق وهو رفع الصوت يعني بأن تصرخ وتعلي صوتها عند المصيبة فهذه برئ منها النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نشهد الله أننا بريئون من كل ما يتبرأ منه الرسول صلى الله عليه وسلم ومن كل عمل تبرأ منه أما الحالقة فهي أنه جرت عادة النساء في الجاهلية أن المرأة إذا أصيبت بميت تحلق شعر رأسها كأنها غاضبة والرأس يتخذ زينة عند النساء وطوله وكثافته مرغوبة عند النساء لكن في وقتنا الحاضر لما انفتح الناس على نساء الكافرين أو من تشبه بهم صارت المرأة تحاول أن تقصر شعر رأسها حتى يكون كرأس الرجل والعياذ بالله أما الشاقة فهي التي تشق جيبها عند المصيبة وكذلك أيضا التي تنكش شعرها عند المصيبة كل فعل يدل على التضجر فإنه داخل في هذه البراءة التي تبرأ منها النبي صلى الله عليه وسلم وفي هذه الأحاديث أن النائحة إذا لم تتب قبل موتها فإنها تقام يوم القيامة من قبرها وعليها سربال من قطران ودرع من جرب السربال يعني الثوب والدرع ما كان لاصقا بالبدن والمعنى أن جلدها أجرب والعياذ بالله والجرب معروف هو عبارة عن حكة يتبرز منها الجلد وإذا كان جلدها من جرب وعليها سربال من قطران صار هذا أشد اشتعالا في النار

ص: 402

والعياذ بالله لكن إذا تابت قبل موتها تاب الله عليها لأن من تاب من أي ذنب قبل أن يموت تاب الله عليه ومن جملة الأحاديث هذه أن النبي صلى الله عليه وسلم بكى لما رأى سعد بن عبادة رضي الله عنه قد غشي عليه فبكى من معه من الصحابة ثم قال صلى الله عليه وسلم ألا تسمعون ألا تسمعون الاستفهام هنا بمعنى الأمر أي اسمعوا اسمعوا إن الله لا يعذب ببكاء العين ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا وأشار إلى لسانه أو يرحم يعني أن الله لا يعذب بالبكاء أو بالحزن لكن يعذب بالقول والصوت أو يرحم فمثلا إذا أصيب الإنسان مصيبة وقال إنا لله وإنا إليه راجعون مؤمنا بها قلبه مؤمنا بأن لله ملكا وتقديرا وتدبيرا وأننا راجعون إليه في أمورنا كلها وسنلاقيه يوم القيامة إذا آمن بهذا وقال ما في حديث أم سلمة رضي الله عنها اللهم آجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها فهذه يؤجر عليها الإنسان أما إذا جعل يقول واجبلاه واويلاه واثبوراه وما أشبه ذلك فإن هذا يعذب به والعياذ بالله ومعنى واجبلاه أن هذا الميت مثل الجبل ملجأ لي وقد فقدته فهو عبارة عن ندب مع مدح فالحاصل وخلاصة هذه الأحاديث أن البكاء الذي يأتي بمجرد الطبيعة لا بأس به وأما النوح والندب ولطم الخد وشق الثوب ونتف الشعر أو حلقه أو نفشه فكل هذا حرام وهو مما برئ منه النبي صلى الله عليه وسلم والله الموفق

ص: 403