الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب النهي عن إتيان الكهان والمنجمين والعراف وأصحاب الرمل والطوارق
1668 -
عن عائشة رضي الله عنها قالت: سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أناس عن الكهان فقال ليسوا بشيء فقالوا يا رسول الله إنهم يحدثوننا أحيانا بشيء فيكون حقا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني فيقرها في أذن وليه فيخلطون معها مائة كذبة متفق عليه وفي رواية للبخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الملائكة تنزل في العنان وهو السحاب فتذكر الأمر قضي في السماء فيسترق الشيطان السمع فيسمعه فيوحيه إلى الكهان فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم قوله فيقرها هو بفتح الياء وضم القاف والراء أي يلقيها والعنان بفتح العين
[الشَّرْحُ]
قال المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين باب تحريم إتيان الكهان والمنجمين ونحوهم
الكهان جمع كاهن والكاهن هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل فيقول مثلا كذا وكذا في يوم كذا وكذا أو يقول للإنسان ستكون سعيدا في اليوم الفلاني أو سيصيبك
…
حادث في اليوم الفلاني أو ما أشبه ذلك هؤلاء هم الكهان أما المنجمون فهم الذين يمتهنون علم النجوم يعني يتخذونه مهنة ولكن علم النجوم ينقسم إلى قسمين جائز ومحرم الكهان الكهان هم أناس من بني آدم لهم أولياء من الجن والجن أعطاهم الله قدرة عظيمة على الأشياء سرعة وقوة فهم يصعدون إلى السماء ولكل واحد منهم مقعد معين يسترقون السمع أي ما يسمعونه من الملائكة فيقضي الله تبارك وتعالى الأمر في السماء ثم يخطفون منه شيئا فينزلون إلى أوليائهم من البشر من بني آدم وهم الكهان ثم يضيف هذا الكاهن إلى هذا الذي سمعه من السماء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصادق مائة كذبة يعني يزيدون على ما سمعوا فيصادف أن هذه الكلمة المسموعة من السماء تقع كما سمعها الجني وقد ذكرت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الكهان فقال ليسوا بشيء لأن الكهان كثروا أبان عهد النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن ينزل عليه الوحي وصارت الجن كما ذكر الله عنهم كنا نقعد منها يعني من السماء {مقاعد للسمع} فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم صار الجني إذا قعد بمقعده يستمع جاءه شهاب من نار فأحرقه {فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا} فسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الكهان فقال ليسوا بشيء يعني لا تعبأوا بهم ولا تأخذوا بكلامهم ولا يهمكم أمرهم قالوا يا رسول الله إنهم يقولون القول
فيكون حقا فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا الحق الذي يقع ممزوج بمائة كذبة وأن سببه أن الجني الذي له ولي من البشر يخطف الخبر من السماء ويوحيه إلى وليه من الإنس فيتحدث ثم يقع ما كان حقا وما كان باطلا ينسى عند الناس وكأنه لم يكن هؤلاء الكهان يجب علينا أن نكذبهم وألا نصدقهم ومن أتاهم وسألهم وصدقهم فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم يعني كفر بالقرآن ووجه كفره أن الله تعالى قال {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} فإذا ادعى هؤلاء علم الغيب وصدقهم الإنسان صار مضمون تصديقه إياهم تكذيب قول الله {قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله} أما المنجمون فهم الذين يتعاطون علم النجوم وعلم النجوم قسمان قسم لا بأس به وهو ما يسمى بعلم التسيير يعني علم سير النجوم يستدل به على الفصول وعلى طول النهار وقصر النهار حاجة لا بأس بها ولا حرج بها لأن الناس يهتدون به لمصالحهم ومن ذلك علم جهات النجوم مثل القطب الشمالي معروف جهة الشمال الجدي معروف قرب القطب من ناحية الشمال يستدل به على القبلة وعلى الجهات قال الله تعالى {وعلامات} يعني الجبال {وبالنجم هم يهتدون} يهتدون في ظلمات البر والبحر إذا لم يكن سحاب يغطي النجوم اهتدوا بها
ففي القصيم إذا أردت أن تستقبل القبلة اجعل القطب خلف أذنك اليمنى إذا جعلته خلف أذنك اليمنى فقد استقبلت القبلة وفي كل منطقة وجهة يحجيها فصار علم التسيير ما يتعلمه الإنسان للزمان والمكان للزمان مثل الفصول وقت الشتاء وقت الصيف المكان الجهات القسم الثاني علم التأثير مقابل علم التسيير علم التأثير أن يتخذ من علم النجوم سببا يدعي به أن ما حصل في الأرض فإنه من سبب النجم كالذين يقولون في الجاهلية مطرنا بنوء كذا وكذا هذا هو المحرم ولا يجوز اعتماده لأنه لا علاقة لما يحدث في الأرض فيما يحدث بالسماء السماء مستقلة فما حصل من أثر في السماء فإنه لا يؤثر على الأرض فالنجوم لا دخل لها في الحوادث بعض الناس والعياذ بالله يقول هذا الولد ولد في النوء الفلاني فسيكون سعيدا هذا الولد ولد في النوء الفلاني فسيكون شقيا من قال هذا ويسمونه الطالع أي طالع هذا الولد هذا هو المحرم الذي من صدق المنجم فيه فهو كمن صدق الكاهن والله الموفق
1669 -
وعن صفية بنت أبي عبيد عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أتى عرافا فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوما رواه مسلم
1670 -
وعن قبيصة بن المخارق رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: العيافة والطيرة والطرق من الجبت رواه أبو داود بإسناد حسن وقال الطرق هو الزجر أي زجر الطير وهو أن يتيمن أو يتشاءم بطيرانه فإن طار إلى جهة اليمين تيمن وإن طار إلى جهة اليسار تشاءم قال أبو داود والعيافة الخط قال الجوهري في الصحاح الجبت كلمة تقع على الصنم والكاهن والساحر ونحو ذلك
1671 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد رواه أبو داود بإسناد صحيح
1672 -
وعن معاوية بن الحكم رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله إني حديث عهد بالجاهلية وقد جاء الله تعالى بالإسلام وإن منا رجالا يأتون الكهان قال فلا تأتهم قلت ومنا رجال يتطيرون قال ذلك شيء يجدونه في صدورهم فلا يصدهم قلت ومنا رجال يخطون قال كان نبي من الأنبياء يخط فمن وافق خطه فذاك رواه مسلم
[الشَّرْحُ]
هذه الأحاديث التي ذكرها المؤلف والآثار فيها دليل على ما سبق أنه يحرم أن يأتي الإنسان الكهان فيصدقهم كمن أتى عرافا فسأله لم تقبل له صلاة أربعين يوما مجرد ما يسأل العراف ومنه الكهان لا تقبل له صلاة أربعين يوما فإن صدقه فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم أما إذا أتى الكاهن ليبين كذبه وزيفه فهذا لا بأس به بل قد يكون أمرا محمودا كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع ابن صياد رجل كاهن أو ساحر كلمه النبي صلى الله عليه وسلم فقال له ماذا خبأت لك يعني ما الذي أضمرت في نفسي قال الدخ وعجز أن يكمل الكلمة لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أضمر في نفسه الدخان ولكنه عجز أن يدركها قال الدخ قال له النبي صلى الله عليه وسلم أخسأ فلن تعدوا قدرك وأما ما يتعلق بذلك..
أي بالتنجيم والكهانة فمنه التطير استعمال الطيور وكانوا في الجاهلية يستعملون الطيور يطيرونه من الأرض إن اتجه للأمام مضى في سفره وإن طار ثم رجع رجع من سفره وإن طار فذهب يمينا تيمن في سفره وقال هذا سفر طيب وخير وإن ذهب يسارا مضى في سفره لكن يعتقد أن السفر شاقا لماذا لأن الطير ذهب إلى الشمال والشمال غير مرغوبة هذه عادتهم والعياذ بالله الطيور لا تغني شيئا هذا كله أبطله النبي صلى الله عليه وسلم لئلا يتعلق الإنسان بأحد سوى الله وأمر الإنسان إذا هم بأمر
ولم يتبين له أن يستخير يصلي ركعتين من غير الفريضة ويقول الدعاء المعروف للاستخارة اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تعلم ولا أعلم وتقدر ولا أقدر وأنت علام الغيوب اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر ويسميه خير لي في ديني ودنياي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي وإن كنت تعلم أنه شر لي في ديني ودنياي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به حينئذ إذا قدر الله له شيئا بعد هذه الاستخارة فهو خير له يمضي ويتوكل على الله وإن صرف الله همته عنه فهذا يعني بأنه ليس بخير له وأما الاستقسام بالأزلام والطير وما أشبه ذلك فكله لا خير فيه
1673 -
وعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن متفق عليه
[الشَّرْحُ]
هذا الحديث آخر حديث في هذا الباب باب النهي عن إتيان الكهان والمنجمين ونحوهم وهو النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي
وحلوان الكاهن أما الكلب فمعروف واقتناؤه حرام لا يجوز للإنسان أن يقتني الكلب ويجعله عنده في بيته سواء بيت الطين أو المسلح أو الشعر إلا في ثلاث حالات 1 - كلب الحرث يعني الزرع 2 - وكلب الماشية يعني إنسان عنده غنم أو إبل أو بقر يتخذ الكلب ليحرسها 3 - كلب الصيد يصيد عليه الإنسان لأن الكلب إذا تعلم وصاد شيئا فإنه حلال فلو كان عند الإنسان كلب معلم وأرسله على أرنب مثلا ثم صادها وقتلها فهي حلال لأن الله تبارك وتعالى قال وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ فهذه الثلاثة كلب الحرث والماشية والصيد يجوز للإنسان أن يقتنيها وما عدا ذلك فاقتناؤه حرام والكلب أخبث الحيوانات في النجاسة لأن نجاسته مغلظة إذا شرب في الإناء يجب أن يغسل الإناء سبع مرات واحدة منها بالتراب والأفضل أن يكون التراب مع الأولى فهو الأحسن والأولى فإذا كان عند الإنسان كلب ولو كان كلب صيد أو ماشية أو زرع فإنه يحرم عليه بيعه وثمنه عليه حرام لكن إذا انتهى منه يعطيه أحدا يحتاج له ولا يحل له أن يبيعه لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب الثاني حلوان الكاهن الكاهن هو الذي يخبر عن المغيبات في
المستقبل فيقول سيحصل كذا سيكون كذا سواء كان عاما أو خاصا كأن يقول لشخص معين سيصيبك كذا وكذا في يوم كذا وكذا الكهان كانوا في الجاهلية يأتي إليهم الناس فيأخذون منهم أجرا كثيرا فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن حلوان الكاهن لأن الكهانة حرام وما كان حراما فالتعويض عليه حرام الثالث مهر البغي يعني أجرة الزانية والعياذ بالله تكون امرأة تزني فيأتي إليها الأنجاس من بني آدم فيستأجرونها لمدة يوم أو يومين أو ثلاثة أو أكثر أو أقل ويعطونها عن ذلك عوضا هذا أيضا نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم لأن هذا العوض يكون في مقابلة حرام وإذا حرم الله شيئا حرم ثمنه وحرم أجرته فإذا قال قائل لو أن الكاهن قد تاب إلى الله وقد كسب مالا من الناس هل يرده عليهم نقول لا لا يرده عليهم لأن قد أخذوا عوضا فلا يجمع لهم بين العوض والمعوض ولكن يتصدق به تخلصا منه أو يجعله في بيت المال إن كان هناك بيت مال وكذلك يقال فيمن باع كلبا سواء كان كلب صيد أو حرث أو ماشية وأخذ ثمنه ثم هداه الله وتاب نقول لا ترد هذا الثمن إلى الذي أخذ الكلب فتجمع له بين العوض والمعوض ولكن تصدق به تخلصا منه أو اجعله في بيت المال وكذلك يقال في مهر البغي إذا تابت إلى الله ورجعت هل ترد ما أخذت من الزاني عليه أو لا لا ترده عليه بل تجعله في بيت المال أو تصدق به أو تنفقه في أي سبيل من سبل الخير