المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب في الفطرة والختان وحلق الشعر واللباس وستر العورة وما يتصل بذلك - شرح زروق على متن الرسالة - جـ ٢

[زروق]

فهرس الكتاب

- ‌باب في الجهاد

- ‌باب في الأيمان والنذور

- ‌باب في النكاح والطلاق والرجعة والظهار والإيلاء واللعان والخلع والرضاع

- ‌باب في العدة والنفقة والاستبراء

- ‌باب في البيوع وما شاكل البيوع

- ‌باب في الوصايا والمدبر والمكاتب والمعتق وأم الولد والولاء

- ‌باب في الشفعة والهبة والصدقة والحبس والرهن العارية والوديعة واللقطة والغصب

- ‌باب في أحكام الدماء والحدود

- ‌باب في الأقضية والشهادات

- ‌باب في الفراض

- ‌باب جمل من الفرائض ومن السنن الواجبة والرغائب

- ‌باب في الفطرة والختان وحلق الشعر واللباس وستر العورة وما يتصل بذلك

- ‌باب في الطعام والشراب

- ‌باب في السلام والاستئذان والتناجي والقراءة والدعاء وذكر الله عز وجل والقول في السفر

- ‌باب في التعالج وذكر الرقي والطيرة والنجوم والخصاء والوسم وذكر الكلاب والرفق بالمملوك

- ‌باب في الرؤيا والتثاؤب والعطاس واللعب بالنرد وغيرها والسبق بالخيل والرمي وغير ذلك

- ‌باب ما تنطق به الألسنة وتعتقده الأفئدة من واجب أمور الديانات

- ‌باب ما يجب منه الوضوء والغسل

- ‌باب طهارة الماء والثوب والبقعة وما يجزئ من اللباس في الصلاة

- ‌باب صفة الوضوء ومسنونه ومفروضه وذكر الاستنجاء والاستجمار

- ‌باب في الغسل

- ‌باب فيمن لم يجد الماء وصفة التيمم

- ‌باب في المسح على الخفين

- ‌باب في أوقات الصلاة وأسمائها

- ‌باب الأذان والإقامة

- ‌باب صفة العمل في الصلوات المفروضة وما يتصل بها من النوافل والسنن

- ‌باب في الإمامة وحكم الإمام والمأموم

- ‌باب جامع في الصلاة

- ‌باب في سجود القرآن

- ‌باب في صلاة السفر

- ‌باب في صلاة الجمعة

- ‌باب في صلاة الخوف

- ‌باب في صلاة العيدين والتكبير أيام منى

- ‌باب في صلاة الخسوف

- ‌باب في صلاة الاستسقاء

- ‌باب ما يفعل بالمحتضر وفي غسل الميت وكفنه وتحنيطه وحمله ودفنه

- ‌باب في الصلاة على الجنائز والدعاء للميت

- ‌باب في الدعاء للطفل والصلاة عليه وغسله

- ‌باب في الصيام

- ‌باب في الاعتكاف

- ‌باب في زكاة العين والحرث والماشية وما يخرج من المعدن وذكر الجزية وما يؤخذ من تجار أهل الذمة والحربيين

- ‌باب في زكاة الماشية

- ‌باب في زكاة الفطر

- ‌باب في الحج والعمرة

- ‌باب في الضحايا والذبائح والعقيقة والصيد والختان وما يحرم من الأطعمة والأشربة

- ‌باب في الجهاد

- ‌باب في الأيمان والنذور

- ‌باب في النكاح والطلاق الرجعة والظهار والإيلاء واللعان والخلع والرضاع

- ‌باب في العدة والنفقة والاسبتراء

- ‌باب في البيوع وما شاكل البيوع

- ‌باب في الوصايا والمدبر والمكاتب والمعتق وأم الولد والولاء

- ‌باب في الشفعة والهبة والصدقة والحبس والرهن والعارية والوديعة واللقطة والغصب

- ‌باب في أحكام الدماء والحدود

- ‌باب في الأقضية والشهادات

- ‌باب في الفرائض

- ‌باب جمل من الفرائض والسنن الواجبة والرغائب

- ‌باب في الفطرة والختان وحلق الشعر واللباس وستر العورة وما يتصل بذلك

- ‌باب في الطعام والشراب

- ‌باب في السلام والاستئذان والتناجي والقراءة والدعاء وذكر الله عز وجل والقول في السفر

- ‌باب في التعالج وذكر الرقي والطيرة والنجوم والخصاء والوسم والكلاب والرفق بالملوك

- ‌باب في الرؤيا والتثاؤب والعطاس واللعب بالنرد وغيرها والسبق بالخيل والرمي ويغير ذلك

الفصل: ‌باب في الفطرة والختان وحلق الشعر واللباس وستر العورة وما يتصل بذلك

‌باب في الفطرة والختان وحلق الشعر واللباس وستر العورة وما يتصل بذلك

(الفطرة) لغة: الخلقة والمراد هنا الخصال المتعلقة بها والمستعملة فيها شرعا وقد ذكر الشيخ في هذه الجملة ستة أشياء وقدم فيها وأخر وربما كرر فيها بعض ما تقدم ذكره كالختان إذ ذكره في باب العقيقة والذي يتصل بذلك ذكر التماثيل والصور ونحوه وبالله التوفيق.

(ومن الفطرة خمس قص الشارب وهو الإطار وهو طرف الشعر المستدير على الشفة لا إحفاؤه والله أعلم وقص الأظافر ونتف الجناحين وحلق العانة ولا بأس بحلاق غيرها من شعر الجسد والختان للرجال سنة والخفاض للنساء مكرمة).

قوله: (من الفطرة خمس): هو نص حديث متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال: " قص الشارب وتقليم الأظافر ونتف الإبط وحلق العانة والختان" فقول الشيخ: (وهو الإطار) ليس في الحديث وكذا ما بعده من تفسيره بالشعر المستدير على الشفة وبنه بذلك على أن استئصاله بالكلية ليس من السنة وذكر أن سنته القص لا الإحفاء.

وقد جاء حديث بهذا فلذلك قال والله أعلم لأنه الراجح من دليلين لا يصح إسقاط أحدهما بالآخر وإن كان أظهر منه وقد جرت عادة المغاربة بالجمع بينهما وما يفعله المشارقة من لقط شعره بالملقاط بعد استئصاله لم أقف على منعه ولا جوازه وأظنني سمعت أنه منهي عنه لأنه من فعل الأعاجم وفيه نظر وسر مشروعيته الإعانة على الشرب وتحسين الخلقة.

وأما تقليم الأظفار فللزينة والسلامة من الخدش عند الحك وقذارة ما يجتمع تحتها من الأوساخ الذي ربما منع كمال الطهارة أو قدح في صحتها ويستحب التيامن في قصها وهي كالحلقة يعني اليدين معا فيبدأ بأفضلهما فيقلم مسبحة يمينه ثم يمر مستديرا إلى إبهامه.

ص: 1043

البلالي وربما رجح التثنية بإبهامها وشاهده حديث:" كبر كبر" فناولت السواك الأكبر رواه البخاري قال ويبدأ بخنصر رجله اليمنى ويختم بخنصر اليسرى وقال وروى صاحب المغني من قص أظفاره مخالفا لم ير في عينيه رمدا واختاره ابن الرفعة وغيره وفي زيادة العباد يفرقوها فرق الله همومكم قال فيقلم خنصار وسطى إبهاما بنصرا ويختم بمسبحتها ويعكس ذلك في يسرى يده ثم رجله ويغسل محل التقليم قال وتقليمه يوم الخميس أتم لما روي في زايدة العبادي مرفوعا انتهى كلامه.

وهو مما لا يتقيد بالمذهب ولا ينكره فلذلك نقتله عن الشافعية والله الموفق وأما نتف الجناحين فهو السنة لا حلقه ورأى بعضهم الشافي يحلقه فقال قد علمت أن السنة النتف ولكن لا أطيقه وحكمته استئصال أصل الشعر حتى لا ينبت وإن بنت لم يتقو ويبقى محله منفسا لما تحت الجلد قال مالك ويغسل رائحته من يده استحبابا والله أعلم.

وأما حلق العانة فسنة قالوا ونتفها يورث الجذام ويرخي العصب ويضر الإنعاظ وقد ذم قوة التنورة بالنور وأثنى عليها الغزالي وجوزها آخرون ويذكر في السنة ما يؤذن بجوازها فانظره.

والختان قد تقدم آخر باب الضحايا وما ذكر من سنيته هو المذهب وقال الشافعي واجب والخفاض قطع جلدة فرج المرأة بصفة معلومة وهو مكرمة للمرأة بالنظافة وللرجل بذلك وبالإعانة على النكاح ونساء المغر لا يعرفن ذلك إذ لم يخلق لهن موجبه والله أعلم.

قوله: (ولا بأس بحلاق غيرها): يريد غير اللحية ويدخل فيه ما تحت الحلق والمنقول عن مالك كراهته لأنه من أفعال المجوس وكذلك روي عن عمر رضي الله عنه وقد استخف أهل المغرب حلقه مخالفة لقوم من أهل الأهواء جعلوه شعارهم وفي استجازته بذلك نظر وحكى ابن الفاكهاني في حلق شعر حلقة الدبر قولين واستخف بعضهم قص شعر الأنف لا نتفه إذ في إبقائه أمان من الجذام لحديث فيه وروى عكسه ورجحه ابن الرفعة من الشافعية لما رواه ابن دقيق العيد في كتابه المسمى " بالإلهام" وهو مجلداتكثيرة ولفظه ونقوا الشعر الذي على الأنافي قال البلالي والأول أظهر لأن هذا الحديث يفهم ما على ظهر الأنف لا باطنه والله أعلم.

ص: 1044

(وأمر أن تعفى اللحية وتوفر لا تنقص قال مالك ولا باس بالأخذ من طولها إذا طالت كثيرا وقاله غير واحد من الصحابة والتابعين).

فاعل أمر هو الني لحديث: أنهكوا الشوارب وأعفوا اللحى" أي أتركوها موفورة وذكر النواوي في همزة " أعفوا" وإسقاطها قولي ومعنى توفر: تترك على حالها دون نقص لأنه وجه الإنسان وزينته ويمنع حلقها وحلق الشيب منها ونتفه وتبقيته ووصل شعرها البلالي ويحرم عقدها وضفرها يعني للمثلة في ذلك ويستحب تسريحها لأنها جمال وقيل لا يكره ولا يستحب وقال مالك ولا بأس بالأخذ من طولها.

قال الباجي: يأخذ منها ما زاد على القبضة والزناتي وعن مالك أنه كره حلق ما تحت الذقن من الشعر وقال هو من فعل المجوس وكره أيضا حلق الحاجب والقفا وقال لا أراه حراما ولم أقف على شيء بدائر اللحية وما يحصرها مما يلي الوجه لكنه من الجمال ويعارضه الأمر بالإعفاء فانظره.

(ويكره صباغ الشعر بالسواء من غير تحريم ولا بأس به بالحناء والكتم).

ظاهر كلامه كراهة تسويد اللحية مطلقا وفصل بعضهم فقال إن كان للتغرير منع وإن كان للجهاد ندب وإن كان للتشابب كره وإن كان مطلقا فالقولان بالجواز والكراهة فالجواز من قوله عليه السلام: " غيروا الشيب ولا تشبهوا باليهود" رواه النسائي وأما الكراهة فقوله عليه السلام حين رأى أبا قحافة كأنه ثغامة من الشيب: " غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد" رواه مسلم.

وظاهر كلام الشيخ أن الصبغ بالحناء والكتم مباح فقط وفيه قولان بذلك وبالاستحباب لأنه من شعار الصالحين وقد صبغ الخلافاء كلهم إلا علي كرم الله وجهه وقيل حتى علي لأنه رئيت لحيته حمراء مرة قالوا فيشبه أن يكون خضب ثم ترك ذكر ذلك في صفوة الصفوة لابن الجوزي فانظره فإنه كتاب حسن ولا حديث على من بخر لحيته بالكبريث لتبيض وغسلها بالصابون والليمون ونحوه للمشايخ وكذلك من بخر بتبن الشعير لذلك وليصفر لونه فيعد من الصالحين وقد ذكر ذلك الغزالي وغيره مقبحا له فانظره.

ص: 1045

(ونهى الرسول عليه السلام الذكور عن لباس الحرير والتختم بالذهب وعنا لتختم بالحديد ولا بأس بالفضة في حلية الخاتم والسيف والمصحف ولا يجعل ذلك في لجام ولا سرج ولا سكين ولا في غير ذلك ويتختم النساء بالذهب ونهى عن التختم بالحديد والاختيار مما روي في التختم التختم في اليسار لأن تناول الشيء باليمين فهو يأخذه بيمينه ويجعله في يساره اختلف في لباس الخز فأجيز وكره وكذلك العلم في الثوب إلا الخط الرقيق).

أما النهي عن لباس الحرير والذهب للرجال ففي حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: " أحل الذهب والحرير لإناث أمتي وحرم على ذكورهم" رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه وفي المتفق أنه عليه السلام قال في الحرير " إنما يلبس هذا من لا خلاق له" ولبس خاتما من ذهب ثم نزعه نزعا شديدا وقال لا ينبغي هذا للمتقين فخالص الحرير والذهب محرم على ذكور الأمة.

واختلف فيما قل من الذهب في الخاتم والمشهور المنع وفي إباحة الحرير لعلة فأجازه ابن حبيب للحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في قميص الحرير لعبد الرحمن بن عوف والزبيير بن العوام من حكة كانت بهما متفق عليه من حديث أنس رضي الله عنه.

وروى عبد الملك إباحاته في الحرب للإرهاب وقال به وعنه إجازة افتراشه والاتكاء عليه والمشهور المنع لحديث حذيفة رضي الله عنه نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لبس الحرير والديباج وأن يجلس عليه رواه البخاري وأجاز ابن حبيب تعليقه سترا وأجاز ابن القاسم الراية وأما غير الخالص وهو الخز- بالمعجمتين - فقد أخر الشيخ الكلام عليه وكان حقه أن يقدم لأنه من تفاصيل حكم الحرير فقد حصل فيه ابن رشد أربعة أقوال للسلف والخلف فأجازه ابن عباس رضي الله عنه مع جماعة وتأولوا النهي بالخالص وقال مالك غير جائز ولم يجزم تحريمه وقال ابن عمر واستشكله ابن الفاكهاني لأن غير الجائز مانع تناوله وهو الحرام وإلا فهو مكروه والمكروه من قبيل الجائز.

قلت قد يجاب بأن عدم الجواز لقوة الشبهة والجزم بالتحريم في الشبهة عظيم وقد كان مالك وأمثاله يتورعون على إطلاق الحلال والحرام في الفروع الظنية فلا يجزمون بها إلا في قطع أو ما يقرب من القطع خوفا منالوقوع في قوله تعالى: {ولا تقولوا لما

ص: 1046

تصف ألسنتكم الكذب} [النحل: 116] كذا روي عنه وفيه نظر لربط الآية بقوله الكريم {لتفتروا على الله الكذب} فنتأمل ذلك.

وثالثها: يكره ابن رشد وهو أقرب الأقوال للصواب لأن ما اختلف العلماء فيه لتكافؤ الأدلة كان من المتشابه ورابعها المنع فيما عدا الخز وإنما الخلاف في الخز للباس السلف له وهو قول ابن حبيب وفي حديث أبي عامر الأشعري رضي الله عنه: " سيكون ناس من أمتي يستحلون الخز والحرير" رواه أبو داود وأصله في البخاري والرواية بكسر الحاء المهملة وتخفيف الراء أي الفرج وقرنه بالحر ليبين أن الحرير في التحريم مثل الفرج فهو تشبيه محتمل بقطعي ليرتفع الإشكال من حكمه وفي رواية الخز بالمعجمتين والفتح والتشديد فيكون دليلا في التحريم والله سبحانه أعلم.

وأما العلم في الثوب ففي حديث عمر رضي الله عنه نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لبس الحرير إلا موضع أصبعين أو ثلاث أو أربع متفق عليه وهذا لفظ مسلم وقال به الشافعي وقيل به المذهب وبالكراهة.

وقوله: (إلا الخط الرقيق) مستثنى من الخلاف فيجوز باتفاق وجوز بعض أصحاب المازري منه الطوق واللبة ومنع ابن حبيب ذلك وقال: لا يجوز منه طوق ولا زر ولا خلاف في جواز الخياطة به والله أعلم.

فأما حلية الفضة في الخاتم والسيف والمصحب فلا خلاف فيه عند قوم وإنما الخلاف في الأخير من الذهب والمشهور الجواز في ذلك في السنن والأنف يعوضان به أو يربطان وفي الحديث النهي عن اتخاذ الخاتم إلا ذي سلطان قال ابن رشد: فمن ثم قال بعض العلماء بكراهته والمشهور في تحلية ألة الحرب المنع وثالثها الجواز فيما يطاعن به ويضار دون ما يتقي به ويتحرز.

وروي أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم وفي ديه خاتم من ذهب فقال: " انزع عنك حلية أهل الجنة" فجاء وفي يده خاتم من حديد فقال: " انزع عنك حلية أهل النار" ثم جاء وفي يده خاتم من صفر فقال:" ما لي أجد منكم ريح الأصنام" قال: يا رسول الله مما أتخذه؟ قال: "اتخذه من فضة ولا تتمه مثقالا إلا كذا" ذكره عز الدين بن

ص: 1047

جماعة في سيرته وما كان التختم في اليسار فهو مختار مالك لما ذكره الشيخ ووجه الدلالة أنه إلا من الأيسر وقد جاء في الحديث: " التختم في اليمين وفي اليسار والخلاف في الأولوية وقد ألف في الخاتم ونقشه وغير ذلك والله أعلم.

(ولا يلبس النساء من الثياب ما يصفهن إذا خرجن ولا يجر الرجل إزاره بطرا ولا ثوبه من الخيلاء وليكن إلى الكعبين فهو أنظف لثوبه وأتقى لربه وينهى عن اشتمال الصماء وهي على غير ثوب يرفع ذلك من جهة واحدة ويسدل الأخرى وذلك إذا لم يكل تحت اشتماله ثوب واختلف فيه على ثوب).

أما ليس النساء ما يصفهن إذا خرجن فمن التبرج بالزينة وهو حرام وقد قال صلى الله عليه وسلم: " كاسيات عاريات مائلات مميلات لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها" الحديث وقال عليه السلام: " رب كاسيات في الدنيا عاريات يوم القيامة" فالواجب على المرأة أن لا تخرج فيما ينظر فيه الرجال بل في ثياب مهنتها ومرط من المروط وقد صار حالهن اليوم إلى أن صارت لا تخرج إلا بحسن ثيابها وتستعير من جيرانها وتستعمل الروائح في خروجها وتتغنج في مشيها وعليها ما لو وضع على عود لعشق فهن بذلك متعرضات إلى مقت الله وغضبه وكذا من يوافقها عليه أو يعينها فيه من زوج أو غيره وبالله التوفيق.

وأما جر الثوب خيلاء فقال صلى الله عليه وسلم: " لا ينظر الله إلى من يجر ثوبه خيلاء" متفق عليه من حديث ابن عمر رضي الله عنه والخيلاء والبطر متقاربان وهما من أوصاف الكبر ولوازمه في الصحيحين: " بينما رجل يتبختر في مشيه قد أعجبه برداه خسف به فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة" الحديث فانظر لفظه وقال طال عهدي به وخرج النسائي " أزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه لا جناح عليه فيما بينه وبين كعبيه فما زاد على ذلك ففي النار".

ص: 1048

قيل: يعني محله أي ما ستر به وقيل صاحبه وأما اشتمال الصماء على غير ثوب فإنها على الوجه الذي فسرها به الشيخ كشف عورة وكان شيخنا أبو عبد الله القوري رحمه الله يقول لباس البرنس على غير ثوب من ذلك لجامع كشف العورة به من ناحية وإنما تكره على الساتر لأنها من فعل الأعجام وقد صح نهيه عليه السلام عن لبستين وعن بيعتين وعن اشتمال الصماء والاحتباء في الثوب الواحد وعن المنابذة والملامسة ذكره الشيخان وغيرهما من الأئمة وقد فسر بعضهم الصماء بخلاف ما ذكره الشيخ فانظر اللغة في ذلك والمذهب ما ذكر هنا.

(ويؤمر بستر العورة وأزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه والفخذ عورة وليس كالعورة نفسها).

لا خلاف أن ستر العورة عن أعين الآدمين فرض إسلامي يتعين على كل مسلم وهل الحيوان غير العاقل كالآدمي في ذلك أو يكره أو يجوز لم أقف على شيء في ذلك وفي الترمذي من حديث علي كرم الله وجهه: " ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم أن يقول أحدهم عند الخلاء: " باسم الله " وفيه دليل أن ستر العورة عنهم مطلوب في الجملة.

واختلف في ستر الإنسان عورته في الخلوة فقيل: واجب وقيل مستحب واختاره اللخمي لحديث نهى عليه السلام عن التعري وقال: " إن معكم من لا يفارقكم" يعني الملكين والله أعلم وحكى ابن القطان في نظر الإنسان في عورته من غير ضرورة قولين بالكراهة التحريم.

ص: 1049

وقال الترمذي: الحيكم ومن داوم على ذلك ابتبي بالزنا ولا خلاف في جواز رؤية السرية سيدها وهو إياها وكذا الزوج قالوا ويكره للطب لأنه يؤذي البصر ويورث قلة الحياء في الولد والله أعلم.

ولا خلاف أن السوءتين عورة يجب سترها ويحرم النظر إليهما وما فوقهما وما تحتهما حريم لهما إلى السرة والركبة وقيل السرة داخلة وقد تقدم ذلك في الصلاة واختلف في عورة المسلمة مع الكتابية فالمشهور كعورتها مع المسلمة وقيل كل الجسد عورة معها لقوله تعالى: {ولا نسائهن} [الأحزاب: 55] فجعل الرخصة لنساء المؤمنات) دون غيرهن والله أعلم.

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر وعمر رضي الله عنهما على قف بئر وفخذه مكشوف فدخل عثمان رضي الله عنه فسترها فقيل له في ذلك فقال ألا أستحي ممن استحيت منه ملائكة السماء فدل ذلك على أن الفخذ ليس كالعورة ولا كسائر الجسد والله أعلم.

(ولا يدخل الرجل الحمام إلا بمئزره ولا تدخله المرأة إلى من علة).

لما كان الحمام مظنة كشف العورة وقع التنبيه عليه بما ذكر ولا يخلوا الأمر فيه من أربعة أوجه:

أحدها: أن يكون خاليا فيجوز للرجال والنساء على الصحيح.

الثاني: أن يكون فيه مشكوف العورة أو داخلها مكشوفها فيحرم على الجميع.

الثالث: أن يكون مستورا مع مستورين فيجوز دخولهم قال ابن القاسم: وتركه أحسن وعن مالك والله ما دخول الحمام بصواب لاحتمال الانكشاف.

الرابع: أن يكون هو مستورا متحفظا من العورات ولا يأمن كشفها وهو أحرى في الترك.

ويحكى أن أبا حنيفة دخل الحمام فغمض عينيه وجعل من يقوده فقال له رجل متى ذهب بصرك يا أبا حنيفة؟ فقال: مذ هتك الله سترك وفي البخاري من قول بعض التابعين: إن كان عليهم أزر فسلم وإلا فلا تسلم وهذا يدل للجواز مع إمكان كونهم مكشوفين ومنصوص المذهب خلافه ابن رشد في المقدمات من دخله بغير ستر له أو

ص: 1050

لغيره فهو جرحة فيه.

والنساء في ذلك بمنزلة الرجال قال وهذا الذي يوجبه النظر لأن المرأة يجوز لها أن تنظر من المرأة ما ينظر الرجل من الرجل وقال ابن أبي زيد لا تدخله المرأة إلا من علة عبد الوهاب في شرحه هذا لما روي أن الحمام محرم على النساء فلا يجوز لهن دخوله إلا من عذر.

وقال ابن رشد أما ما قال من أن الحمام يحرم على النساء فلا أعلمه نصا عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد ذكر في جامع المعونة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الحمام بيت لا تستتر فيه لا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يدخله إلا بمئزره ولا مرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تدخله إلا من علة" وقال معناه في دخولهن على ما جرت به عادتهن من دخولهن غير مستترات ثم ذكر كلاما قال إثره وإنما قال ابن أبي زيد: لا تدخل الحمام إلا من علة لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من رواية ابن عمرو بن العاص أنه قال: " ستفتح عليكم بلاد بالعجم ويتخذ فيها بيوت يقال لها الحمامات فلا يدخل الرجل إلا بمئزر وامنعوا منها النساء إلا مريضة أو نفساء".

قال: لأن إباحة ذلك ذريعة إلى أن يدخلنه غير مؤتزرات لا من أجل أن عليهن إثما في دخولهن مؤتزرات فدخول الحمام للنساء مكروه وغير محرم عليهن وعلى هذا يتأول ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك وانظر تمام كلامه في جامع المقدمات وبالله التوفيق.

وبالجملة ففرائض الحمام خمسة: غض البصر وستر العورة وتغيير ما أمكن من مناكره وأخذ المعتاد من الماء وإعطاء الواجب من الأجرة على الوجه السائع شرعا ومن واجب ستر العورة منع الدلاك من مسها بما أمكن وكذا غيره لأن مس العورة كالنظر إليها.

البلالي وينفع غسل قدميه بماء بارد نعم يضر إن تمحض برده وينفع نوم عقبه وقلة مكث ليجف وكثرة صب لدى يبس مع قلة مكث وطول مكث مع قلة صب لاستفراغ رطوبة زائدة مع تذكر نعيم وجحيم وسبحان الله وبحمده مائة مارة فأكثر لما يكفر ذنوب يومه انتهى وإنما ذكرته حرصا على الإفادة وبالله الوفيق.

ص: 1051

(ولا يتلاصق رجلان ولا امرأتان في لحاف واحد).

نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتلاصق الرجلان في ثوب واحد ليس بينهما حائل فإن الله يمقت على ذلك وفي سنن أبي داوود من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: " لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا المرأة إلى عورة المرأة ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد ولا المرأة إلى المرأة في ثوب واحدة" الحديث.

وقد تقدم تفريق الولدان في المضاجع إذا بلغوا سبع سنين من قول ابن القاسم: وإذا بلغوا عشرا من قول ابن وهب وابن حبيب وذلك لأن لمس العورة كالنظر إليها ولما يدعو إليه الحال من الاستلذاذ بالمباشرة وخوف داعية الفاحشة قالوا: ويمنع ذلك حتى في حق الوالد مع ولده وتلاصق الزوجين سنة كذا ذكره ابن الحاج وأنكر حال من ينام مع زوجته وكل بثوبه وقال: إن السنة خلافه والله أعلم.

(ولا تخرج امرأة إلا مستترة فيما لا بد لها من شهود موت أبويها أو ذي قرابتها ونحو ذلك مما يباح لها ولا تحضر في ذلك ما فيه نوح نائحة أو لهو من مزمار أو عود أو نحو ذلك من الملاهي الملهية إلا الدف في النكاح واختلف في الكبر).

أما أن المرأة لا تخرج إلا مستترة فواجب لأنها كلها عورة ولو شعرة إلا الوجه والكفين لضرورة التصرف في ضرورياتها وأخذ عياض بمسامحة نساء البادية في أطراف الساقين من حديث عائشة رضي الله عنها: كان النساء يوم أحد ينقولن القرب على متونهن حتى تبدو خلاخل سوقهن وفيه نظر.

واختلف في وجوب التنقب على المرأة عند خروجها وظاهر كلام الشيخ وجوبه لتخصيصه النساء في الستر وقد قال بعضهم: لا تخرج المرأة إلا بشروط خمسة أن يكون خروجها طرفي النهار لا في وسطه إلا من ضرورة فادحة وأن تلبس أدنى ثيابها وأن تمشي في حافة الطريق دون وسطه لئلا تزاحم الرجال ولا تخالطهم وأن تجتنب ما يظهر عليها من الطيب ونحوه وأن تستر ما يحرم نظره منها وهو ما عدا الوجه والكفين.

عبد الوهاب إلى أن يكون ذلك منها فتنة فيجب ستره والأحوط المقام ببيتها وترك الخروج إلا من عذر يعني كشهود موت أبويها وما ذكر الشيخ معه قلت وقد

ص: 1052

روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة " ما خير ما للمرأة يا بنية؟ " قالت: أن لا ترى ولا ترى فقال عليه السلام: "بأبي ذرية بعضها من بعض" يشير لشبهها خديجة رضي الله عنها.

ومما يباح لها الخروج للمسجد لقوله عليه الصلاة والسلام: " لا تمنعوا إماء الله مساجد الله" فلها الخروج للمسجد ما لم تكن مفتنة أو يكون الزمان فاسدا بحيث لا تأمن ولا تؤمن قاله القاضي أبو بكر بن العربي مثل نساءنا باللبس وذكر من شأنهن من التحفظ والصيانة ما يحسن قال وليس على زوجها أن يأمرها ولكن لا يمنعها فقط وأما حضور النوح فإن كان مع المساعدة والرضا به فهو حرام وإن كان على غير ذلك فلا ينتهي حضوره إلى التحريم ويكره خروجهن للجنائز ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوارات القبور وقال: " ارجعن مأزورات غير مأجورات" الحديث.

وأما الملاهي فكل ما يشغل النفس عما يعنيها مما تستلذه النفس من الغنءا وشبهه وظاهر كلام الشيخ أن الممنوع منها الملهي لا الذي لهو فيه فهي إذا نوعان ما يلهي وغيره مله فالملهي كالعود والطنبور والجناح والضبية وجميع ذوات الأوتار التي العمل فيها يلهي وغير الملهية ما كان مزعجا كالبوق والدف والزمارة ونحو ذلك والكل ممنوع إلا ما استثني لوليمة العرس ونحو ذلك.

ابن رشد: اتفق أهل العلم على إجازة الدف وهو الغربال في العرس قلت: وهو المسمى عندنا بالبندير ورأيت أهل الدين ببلادنا يتكلمون في أوتاره ولم أقف في ذلك على شيء وفي المزهر والكبر ثلاثة أقوال الجواز لابن حبيب والمنع لسماع أصبغ وهو الآتي على ما في سماع سحنون من ابن القاسم أن بيع الكبر يفسخ ويؤدب فاعله فالمزهر أحرى والثالث: جواز الكبر دون المزهر لابن القاسم.

والكبر بفتحات طبل صغير مجلد من ناحية والمزهر بكسر الميم المجلد من جهتين والإباحة في ذلك على المشهور للرجال والنساء إلا لذي هيئة. وقال أصبغ للنساء فقط وعلى الإجارة فمذهب المدونة يكره وهو المشهور وأجاز ابن كنانة البوق والزمارة لأنها

ص: 1053

مزعجة والله أعلم.

(ولا يخلو رجل بامرأة ليست منه بذي محرم ولا بأس أن يراها لعذر من شهادة عليها وإذا نحو ذلك أو خطبها وأما المتجالة فله أن يرى وجهها على كل حال).

يعني أن الخلوة بغير ذي محرم حرام لما تدعو له من المكروه أو التهمة به وقد قال صلى الله عليه وسلم: " لا يخلون رجل بامرأة ليس بذي محرم فإن الشيطان ثالثهما" ومفهوم الكلام أن الخلوة بذات المحرم جائزة وهو كذلك بلا خلاف ولا كراهة في قريب القرابة كالأخت والأم من النسب ونحوهما وكرهها بعض العلماء مع الأباعد عن المخالطة كالخالة من الرضاع والأخت منه ونحو ذلك.

وذكر النووي عن الشافعي تحريم الخلوة مع الشاب الجميل وإن أمنت فتنته والمذهب عدم اعتبار ذلك إلا لريبة حكاه ابن الفاكهاني وأصل المذهب في سد الذرائع وأما نظرها لعذر الشهادة ونحوها فجائز اتفاقا.

وقال ابن محرز: يجوز النظر إلى الأجنبية من غير ضرورة إن لم يقصد اللذة قال والنظر إلى وجهها وكفيها جائز اتفاقا وعلله بعضهم بضرورة التصرف فإن كانت مفتنة وجب عليها الستر والمتجالة هي التي لا إرب للرجال فيها لكبرها.

وقد قال تعالى {والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابنهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم} [النور: 60] والمشهور في الخاطب أن نظره في المخطوبة مندوب لقوله عليه السلام: " إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل" رواه أحمد وأبو داود من حديث جابر رضي الله عنه ورجاله ثقات وصححه الحاكم وقيل: مباح فقط ثم على المشهور إنما ينظر وجهها وكفيها فقط.

وأجاز ابن القصار النظر إلى ما سوى السوأتين منها والمشهور لا ينظر إليها غفلة بل بعد إعلامها لتستعد لما دعوه إلى نكاحها وقال ابن وهب يجوز استغفالها وهي من مسائل أبواب النكاح وبالله التوفيق.

ص: 1054

(وينهي النساء عن وصل الشعر وعن الوشم).

وصل شعر المرأة لتظهر كثرته وطوله حرام وكذا الوشم بالمعجمة وهو جرح العضو بما يخرج دمه على وضع يقصده الواشم ثم جعل سواد عليه يغير لونه إلى الخضرة فلا يحل منه قليل ولا كثير لحديث ابن عمر رضي الله عنه: " لعن الله الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة" متفق عليه. وفي بعض رواياته: " والنامصة والمتنمصة والواشرة والمستوشرة المتفلجات للحسن المغيرات خلق الله" فالنامصة: التي ترقق الحاجب بحف أو نتف والواشرة هي التي تنشر الأسنان بسكين لتبيض وتصغر وتتفلج وقد علل ذلك في الحديث بتغيير خلق الله.

وعلله بعضهم بما فيه من الغرر وفيه نظر وقد أجاز مالك تطريف الأصابع بالحناء وروى عمر رضي الله عنه أنه نهى صلى الله عليه وسلم عن غير الخضاب وجعله إلى محل السوار مباحا وقال: " يا معشر النساء إذا اختضتن فإياكن والنقش والتطريف" وقال ابن الحاج: في المدخل من اشتهى امرأة بالوشام كمن اشتهى شخصا مضروبا بالسياط وليس من الوشام ما يكون من الحرقوص بالحديد ونحوها.

وتكلم العلماء من جهة أنه حائل في الطهارة فقط وذكر بعض الشافعية أن محل الوشم نجس لأنه دم عقد فأصبغ ولم أقف لأهل المذهب في ذلك على شيء ومما عمت البلوى به ثقب الأذنين للأخرص وقد بالغ الغزالي وغيره في إنكاره وقارب أن يدعي في تحريمه الإجماع ونقله ابن الحاج في مدخله غير أن الإمام أحمد قال بجوازه على ما حكاه ابن فرحون في جزء له في البدع فقال بعض من لفيناه من أئمة المدينة المشرفة في سنة خمس وسبعين وثمانمائة هذا الذي ينبغي أن يقلد لأن غيره يؤدي إلى تجريح الأمة كلها والله أعلم ولا حديث على الرجال والصبيان في ذلك لقبح أمرهم عادة ومنعه شرعا وما يحكى عن الزناتي إباحة الوشام فهو في بعض الوجوه مصادم للنص فهو صريح الخطأ وهكذا قال الشيوخ وبالله التوفيق.

(ومن لبس خفا أو نعلا بدأ بيمينه وإذا نزع بدأ بشماله ولا بأس بالانتعال قائما ويكره المشي في نعل واحد).

أما ما ذكر من صفة الانتعال والخلع فلحديث علي كرم الله وجهه قال صلى الله عليه وسلم: " إذا

ص: 1055

انتعل أحدكم فليبدأ باليمين فإذا نزع بدأ بالشمال ولتكن اليمنى أولهما تنعلا وآخرهما تنزعا" وعنه أيضا صلى الله عليه وسلم: " لا يمشي أحدكم في نعل واحدة ولينعلهما جميعا أو يخلعهما جميعا" متفق عليهما وفي حديث عائشة رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب التيامن ما استطاع في شأنه كله متفق عليه.

قال النواوي وهذه قاعدة شرعية أن ما كان من باب التكريم والتشريف كلبس السراويل والخف ودخول المسجد والسواك الانتعال وتقليم الأظفار وترجيل الشعر أي مشطه ونتف الإبط وحلق الرأس والسلام من الصلاة وغسل أعضاء الطهارة والخروج من الخلاء والأكل والشرب والمصافحة واستلام الحجر الأسود وغير ذلك مما في معناه يستحب التيامن فيه وما كان بضده كدخول الخلاء والخروج من المسجد والامتخاط والاستنجاء وخلع الثوب والسراويل والخف وما أشبه ذلك فلا يستحب التيامن فيه وذلك من كرامة اليمين وشرفها انتهى.

وأما الانتعال قائما فقد ورد النهي فيه وكان مالكا رآه معللا بكشف العورة فلا يكون مكروها لذاته وحيث يؤدي إلى كشف العورة فممنوع وإنما هي عن المشي في نعل واحد لأنه مثلة ويؤدي إلى الضرر للرجل الأخرى بالحفاء ونحوه كما جرب فصح واتفقوا على أن من انقطع شسع نعله لا يجوز له إصلاح الواحدة وهو يمشي في الأخرى وأجاز ابن القاسم قيامه في واحدة لإصلاح الأخرى وقال غيره لابد من نزع الأخرى حتى يصلح ابن يونس ولا بأس بالمشي في النعل الواحدة لمقطوع الرججل الأخرى ونحوه وفي العتبية وهو ظاهر الوجه من ضرورة المشي به والله سبحانه أعلم.

(وتكره التماثيل في الأسرة والقباب والجدران وفي الخاتم وليس الرقم في الثوب من ذلك وتركه أحسن).

التماثيل أي الصور على ثلاثة أقسام: قسم يحرم باتفاق وهو ماله ظل قائم من مشبه الحيوان العاقل وغيره وقسم مباح باتفاق إلا ما حكي عن مجاهد من كراهته وهو ما لا يشبه الحيوان كالشجر والثمار ونحو ذلك.

ص: 1056

وقسم مختلف فيه وهو ما ليس له ظل قائم من مشبه الحيوان كما يكون في البيوت والستور والرقوم في الثياب ونحوها. وقد حكى ابن رشد فيها أربعة أولها: التحريم مطلقا. والثاني: إباحتها مطلقا. وثالثها: إباحة غير ما في الجدران والحيطان. ورابعها: مثله بزيادتها في الستور.

قال والذي يباح من ذلك للصبيان ما كان غير تام الخلقة وقال أصبغ يباح من ذلك للعبه ما يسرع فساده فقط انتهى وإنما أبيح ذلك للصبيان تأليفا لهم وتعليما للحرب في حق الذكور والإقامة في حق النساء والله أعلم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما.

ص: 1057