الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب في العدة والنفقة والاستبراء
يعني ذكر أحكام هذه الأربعة وهي من أبواب الأحكام فيتعين الاهتمام بها من أربابها من محالها وهي الوثائق ونحوها والله أعلم.
(ع) دليل براءة الرحم عدة واستبراء فالعدة مدة منع النكاح لفسخه أو موت الزوج أو طلاقه فتدخل مدة منع من طلق رابعة نكاح غيرها إن قيل هو له عدة وإن أريد إخراجه قبل مدة منع المرأة إلى آخرها قال والنفقة ما به قوام معتاد حال الآدمي دون سرف فتدخل الكسوة والله أعلم.
(وعدة الحرة المطلقة ثلاثة قروء كانت مسلمة أو كتابية والأمة ومن فيها بقية رق قرءان كان الزوج في جميعهن حرا أو عبدا).
أما الحرة فبنص كتاب الله لقوله تعالى: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} [البقرة: 228] الآية ولا عدة قبل دخوله لقوله تعالى: {فما لكم عليهن من عدة تعتدونها} [الأحزاب: 49] وقد تقدم أن العدة معتبرة بالمرأة والمذهب تشطيرها برقها خلافا لأهل الظاهر وحكى ابن عبد السلام قولا في المذهب مثله لعموم المطلقات والله أعلم.
(والأقراء هي الأطهار التي بين الدمين).
قد تقدم أن القرء من أسماء الأضداد وأنه يطلق على الحيض والطهر معا وإن الراجح في النظر الشرعي كون المراد بها الأطهار لقوله تعالى: {فطلقوهن لعدتهن} [الطلاق: 1]
وبيان ذلك بحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه في طلاق زوجته في الحيض وبه أخذ الشافعي وجماعة من السلف كعائشة وابن عمر وابنه سالم والقاسم بن محمد بن أبي بكر وأبي بكر بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار قائلا ما أدركت أحدا من فقهائنا إلا وهو يقول هذا.
(فإن كانت ممن لم تحض أو ممن قد يئست من المحيض فثلاثة أشهر في الحرة والأمة).
يعني لعموم قوله تعالى: {واللائي يئسن من الميحض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن} [الطلاق: 4] فالتي لا تحيض لصغر أو كبر فعدتها ثلاثة أشهر اتفاقا وفي الأمة على المشهور وقال أشهب عدة الأمة شهران وحكى ابن بشير قولا بشهر ونصف ثم اليائسة نوعان يائسة لا يمكن حيضها بحال في جري العادة كبنت السبعين فما يجري عليها من الدم غير معتبرة ويائسة يمكن حيضها فيرجع إلى النساء فيها ثم تنتقل للاعتداد بالإقراء إن رأته في أثناء عدتها وكذلك صغيرة تطيق الوطء فترى الدم في عدتها بالشهور وتنتقل للإقراء ثم إن لم يعاود كانت مرتابة والله أعلم.
والنساء خمس صغيرة ويائسة معتادة وحامل ومرتابة وقد تقدم حكم الثلاث الأول ومن المرتابات المستحاضة فلذلك حكم لها بالسنة.
(وعدة الحرة المستحاضة والأمة في الطلاق سنة).
يريد إن كانت غير مميزة اتفاقا فتقعد تسعة أشهر لنفي الريبة لمضي معتاد أمد الحمل ثم تعتد بثلاثة أشهر لانتقالها عن الإقراء وسواء الحرة والأمة ولا خلاف أن المرأة تعمل على تمييزها في العبادة إن كانت تمير بين الحيض والاستحاضة.
واختلف في العادة على روايتين مختار ابن القاسم: العمل عليها وهو الأقرب خلافا لاختيار ابن وهب وهو ظاهر ما هنا ثم تأخر الحيض يكون بأسباب ثلاثة المرض والرضاع والاستحاضة فالمريضة لتأخر حيضتها قال أشهب عدتها بالأقراء ولو تباعدت كالمرضع وتحل في الوفاة بأربعة أشهر وعشر وقال مالك وابن القاسم وابن عبد الحكم وأصبغ كالمرتابة عدتها سنة والمرضع بتأخير حيضتها بالإقراء قال ابن يونس إجماعا.
ابن رشد وارتفاع الحيض مع الرضاع ليس ريبة اتفاقا فتعتد بثلاثة قروء أو سنة
بيضاء لا دم فيها بعد الرضاع وهو سماع ابن القاسم والمستحاضة تقدمت.
(وعدة الحامل في طلاق أو وفاة وضع حملها كانت حرة أو أمة أو كتابية).
لقوله تعالى: {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن} [الطلاق: 4] فتحل للأزواج بوضعها ولو بعد موته أو طلاقه بالحيضة لا قبله إنما تحل بولد يمكن الحاقة بخلاف المنفي قطعا كادعائها إياه من وطء صبي لم يبلغ أو محبوب ونحوه ويشترط كون الوضع مما تعد به أم ولد أن لو كانت أمة قال في إرخاء الستور من المدونة وتنقضي العدة بما أسقطت المرأة مما يعلم النساء أنه ولد من مضغة أو علقة وتكون الامة به أم ولد.
واختلف في الدم المجتمع وإن ولدت ولدا أو بقي في بطنها آخر لم تحل إلا بخروج الثاني: ولها التزوج وهي في دمها لكن لا يحل وطؤها والله أعلم.
(والمطلقة التي لم يدخل بها لا عدة عليها).
لقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها} [الأحزاب: 49] الآية.
فإن ادعت المسيس وأنكره فعليها العدة ولا رجعة له فدعواه فيها لغو وظهور حمل يمكن كونه منه كالبناء في العدة والرجعة وإذا أرخى الستور عليها وأمكن والوطء فادعاه وأنكرته فعلهيا وتسقط بإنكارها نفقتها وسكناها إن كانت رشيدة ولها نصف المهر وإن كانت سفيهة ففي الواضحة تصدق ولمطرف لا تصدق وقاله سحنون فيها وفي الآمة وفي إرخاء الستور من المدونة إن كذبته في دعوى المسيس في خلوة البناء فلها أخذه بكل المهر أو نصفه ابن رشد وغيره عن سحنن وليس لها أخذه بجميعه حتى تكذب نفسها وتصدقه المتيطي وقاله عبد الملك. أبو عمران هو تفسير عياض الأكثر أنه
وفاق وبحث (ع) مع وليه.
(وعدة الحرة من الوفاة أربعة أشهر وعشر كانت صغيرة أو كبيرة دخل بها أو لم يدخل مسلمة كانت أو كتابية وفي الأمة ومن فيها بقية رق شهران وخمس ليال ما لم ترتب الكبيرة ذات الحيض بتأخيره عن وقته فتقعد حتى تذهب الريبة وأما التي لا تحيض لصغر أو كبر وقد بنى بها فلا تنكح في الوفاء إلا بعد ثلاثة أشهر).
موجبات العدة ثلاثة الطلاق بعد الدخول والفسخ بعده حيث يدرأ الحد والوفاة مطلقاز وكل عدة يدخلها التعليل والتعبد وعلة التعبد في عدة الوفاة أقوى والتعليل في غيرها أظهر ثم عدة الوفاة لغير الحامل شرطها صحة النكاح أو ما يقوم مقام صحته الشيخ عن ابن المواز عدة فاسد النكاح كصحيحه إلا في الوفاة وما يفسخ قبل البناء إن مات قبل فسخه كالصحيح وما يفسخ بعده لا عدة فيه فإن بنى بها.
فقال أشهب وأصبغ فيه ثلاث حيض ورجع إليه ابن القاسم اللخمي إن مات فيما اختلف فيه قبل البناء فعلى الإرث فيه العدة وعلى نفيه نفي عدتها وبعد البناء الإرث والعدة ثم إن حاضت في مدة عدتها حرة كانت أو أمة حيضة واحدة حلت اتفاقا ولو لم تحض ومضى وقته لا لسبب ولا ريبة بجس بطنها فالمشهور قول مالك وأصحابه لا تحل إلا بحيضة أو تسعة أشهر غالب أمد الحمل.
وقال سحنون وعبد الملك تحل بانقضاء عدتها ولو لم تر شيئا لو ارتابت بامتلاء بطن لم تحل إلا بزوال الريبة أو بلوغ أقصى الحمل وهو خمس سنين على المشهور قالوا: وولد مالك لسنتين وقيل كانت مدة حمل أمه به ثلاثين شهرا ولو فقدت الحيض لعادة تأخرت عن الأربعة أشهر وعشر فالمشهور تحل لمضيها خلافا لرواية ابن كنانة واللخمي ولو تحقق حملها والشك لطول المدة لم تحل أبدا وقوله: (وأما التي لا تحيض لصغر أو كبر) يعني من الإماء فلا تنكح في الوفاة إلا بعد ثلاثة أشهر ظاهره وإن أمن حملها ونقله في النوادر عن مالك وعن اشهب إن أمن حملها لم ترفع لذلك بل تكتفي بالشهرين وخمس ليال لأن الزيادة إنما هي لتبرئة الرحم مما عسى أن يكون فيه لأنه لا يوجد في الأصول أن رحما تبرأ من وطء بغير حيض ممن يمكن منها الحمل بأقل من ثلاثة
أشهر والله أعلم.
(والإحداد أن لا تقرب المعتدة من الوفاة شيئا من الزينة بحلي أو كحل أو غيره وتجتنب الصباغ كله إلا السواد وتجتنب الطيب كله ولا تختضب بحناء ولا تقرب دهنا مطيبا ولا تمشط بما يختمر في رأسها وعلى الأمة والحرة الصغيرة والكبيرة الإحداد واختلف في الكتابية وليس على المطلقة إحداد).
الإحداد مأخوذ من الحد وهو المنع فهو الامتناع مما هو زينة (ع) ولو مع غيره ابن محرز ترك الزينة المعتاد ويبطل طرده بلبس المبتذلة اللخمي يتضمن الامتناع من خمس لبس المصبغات إلى الأسود والحلي الخاتم فما فوقه والكحل والطيب وإلقاء التفث انتهى.
وفي الكحل تداويا بغير طيب ظاهر المذهب جوازه اتفاقا وفي وجوب مسحه نهارا قولان وفي جوازه بما فيه طيب لضرورة ثالثها وتمسحه نهارا لظاهر المدونة وروايتان وظاهر الحديث المنع مطلقا وفي دخول الحمام قولان: المنع ولو من ضرورة والمنع إلا من ضرورة أشهب واختاره ابن لبابة وفي الإطلاء بالنورة وقولان ولا بأس أن تخرج من ضرورة ثم لا تبيت إلا في بيتها ولا تمنع من الادهان بزيت غير مطيب ولا خلاف في وجوب الإحداد في عدة الوفاة من نكاح صحيح أو في حكمه على كل مسلمة حرة أو أمة كبيرة أو صغيرة لو في القماط كان الزوج حرا أو عبدا صغيرا أو كبيرا دخل أو لم يدخل.
واختلف في أربع نسوة الكتابية وامرأة المفقود والمنكوحة في المرض وفاسدة النكاح ففي المدونة على الكتابية الإحداد وقال ابن نافع لا إحداد عليها والقولان في امرأة المفقود لأشهب وعبد الملك والأخوين على الخلاف في عدتهن عيااض ولا خلاف أن المطلقة واحدة لا إحداد عليها، واختلف في المطلقة ثلاثا فمذهبنا كالشافعي لا إحداد ولأبي حنيفة وغيره إثباته انظر الإكمال.
(وتجبر الحرة الكتابية على العدة من المسلم في الوفاة والطلاق).
إن مات زوجها بعد البناء وهل بثلاثة قروء فيهما أو في الوفاة بأربعة أشهر وعشر قولان واختلف إذا مات قبل بنائها هل تعتد عدة أم لا ولا يتزوجها مسلم بعد
وفاة ذمي عنها أو طلاقه إلا بعد ثلاث حيض اتفاقا.
(وعدة أم الولد من وفاة سيدها حيضة وكذلك إن اعتقها فإن قعدت عن الحيض فثلاثة أشهر).
ما ذكر نحوه في المدونة قائلا ولو مات عنها وهي أول الحيضة أو غاب عنها فحاضت بعده حيضة ومات في غيبته لزمتها حيضة بعد وفاته لأنها لها عدة بخلاف الاستبراء ابن القاسم لقوة الخلاف فيها قال بعض العلماء عليها أربعة أشهر وعشر.
وقالب عضهم ثلاث حيض قال مالك ولا أحب لها المواعدة فيها ولا تبيت إلا في بيتها ولا إحداد عليها فإن كانت ممن لم تحض فثلاثة أشهر والله أعلم.
(واستبراء الأمة في انتقال الملك حيضة انتقل الملك ببيع أو هبة أو سبي أو غير ذلك ومن هي عنده في حيازته قد حاضت عنده ثم إنه اشتراها فلا استبراء عليه إن لم تكن تخرج).
(الاستبراء) لغة البحث عن التبرئة والكشف عن الشيء وشرعا كشف حال الرحم ليعلم أبرية أم مشغولة بحمل ابن رشد استبراء الإماء واجب في البيع لحفظ الأنساب كوجوب العدة التي فرضها الله على عباده جعلها حدا ينتهى إليه وقد قال عليه السلام في سبايا أوطاس " لا توطأ حامل حتى تضع ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة".
أخرجه أبو داود من حديث أبي سعيد رضي الله عنه وصححه الحاكم.
وقوله (ومن هي عنده) بيان لأن تحقق البراءة يسقط الاستبراء وهو الفرق بينه وبين العدة وقاعدتها أن ما يتيقن فيه البراءة فلا استبراء وما ظن لحد القطع فكذلك وما شك فيه وجب واختلف في صور منها التي في حيازته وهي تخرج قال ابن القاسم يجب وقال أشهب لا يجب وكذا التي اشتراها له وكيله وقد حاضت في الطريق قولان لابن القاسم وأشهب أيضا واختاره اللخمي إن كان مع أهله أو في جماعة من الناس سقط وإلا استحب وفي التي غاب عليها المشتري في بيع الخيار ثم رد قولان بالوجوب واختاره اللخمي والاستحباب.
(واستبراء الصغيرة في البيع إن كانت توطأ بثلاثة أشهر واليائسة من المحيض بثلاثة أشهر والتي لا توطأ فلا استبراء فيها).
هذا ظاهر التصور واستشكل استبراء الصغيرة التي لا توطأ فالمنصوص في وطء الصبي أنه لا يوجب عدة وفرق بأن الصبي لا ماء له قطعا فلا يولد له قطعا ونفي الولد عن الصغيرة المطيقة لا ينهض فانظر ذلك.
(ومن ابتاع حاملا من غيره أو ملكها بغير البيع فلا يقربها ولا يتلذذ منها بشيء حتى تضع).
الحديث رويفع بن ثابت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماءه زرع غيره" أخرجه أبو داود والترمذي وصححه ابن حبان وحسنه البزار وعليه مشهور المذهب والله أعلم.
(والسكنى لكل مطلقة مدخول بها ولا نفقة إلا للتي طلقت دون الثلاث وللحامل كانت مطلقة واحدة أو ثلاثا ولا نفقة للمختلعة إلا في الحمل ولا نفقة للملاعنة وإن كانت حاملا ولا نفقة لكل معتدة من وفاة ولها السكنى إن كانت الدار للميت أو قد نقد كراءها).
قد أوجب الله تعالى في النكاح أربعة لأربعة الصداق للاستباحة والنفقة للاستمتاع والكسوة لدوامه والسكنى للقصر فإذا ذهب الاستمتاع أو انقطع النكاح فلا نفقة ولا كسوة ويبقى السكنى ما دامت مقصورة بالعدة والنساء في ذلك على ثلاثة أقسام قسم يجب له الإنفاق وهي كل مطلقة سوى من ذكر غير الملاعنة وذات الفسخ ففي سقوط السكنى وهو قول القاضي إسماعيل واختيار ابن رشد وجوبه وهو المشهور قولان وهذا هو القسم الثالث والمشهور ما ذكر في سكنى المتوفى عنها وهي رواية الموازية وغيرها وهو خلاف نقل عبد الحق عن بعض القرويين من أن نقد الكراء لبس بشرط ابن يونس وذكر غيره من القرويين أن أبا قرة رواه هكذا والله أعلم.
(ولا تخرج من بيتها في طلاق أو وفاة حتى تتم العدة إلا أن يخرجها رب الدار ولم يقبل من الكراء ما يشبه فلتخرج ولتقم بالموضع الذي تنتقل إليه حتى تنقضي العدة).
أما عدة خروج المطلقة فلقوله تعالى: {لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن} [الطلاق: 1] الآية فوجب أن لا تخرج من بيتها التي طلقت فيه إلى انقضاء عدتها إلا أن تخشى عورة أو يخرجها خوف فتنتقل وتقيم في الذي تنتقل إليه والخيمة كغيرها وأما في الوفاة فلحديث الفريعة بنت مالك بن سنان أخت أبي سعيد الخدري رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها حين قتل زوجها: " امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله" قالت فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا فقضى به بعد ذلك عثمان رضي الله عنه أخرجه أحمد وأصحاب السنن وصححه الترمذي والذهلي وابن حبان وغيره.
وفي المدونة لا تخرج المعتدة لوال بدله قبل تمامها كذي الحبس حيته (ع) وفي كون امرأة إمام المسجد في الدار المحبسة عليه كذلك وخروجها بموته إن أخرجها جماعة المسجد قولان الأول للمتيطي عن بعض القرويين ابن عات وبه جرى العمل بقرطبة كامرأة الأمير المعتدة لا تخرج حتى تتم عدتا وانظر بقية كلامه.
(والمرأة ترضع ولدها في العصمة إلا أن يكون مثلها لا ترضع وللمطلقة رضاع ولدها على أبيه ولها أن تأخذ أجر رضاعها إن شاءت).
يعني لقوله تعالى: {والوالدات يرضعن أولادهن} [البقرة: 233] الآية فالعصمة وما فيه معناها من الطلاق والرجعي عليها إرضاعه فيه إلا أن تكون عليه لا يرضع مثلها فيجب على الأب استئجار غيرها ولو مرض أو قل لبنها فلا يجب عليها إرضاعه ويستأجر له الأب فإن عدم وهي موسرة ففي وجوبه عليها قولان اللخمي والقول بوجوبه عليها ليس بحسن لأن رضاعه ليس في ذمتها فتكلف العوض وإن كانت مطلقة لم يجب عليها إلا أن يعسر أو يموت ولا مال فالمشهور عليها إرضاعه بخلاف النفقة.
وفي الجلاب لا يجب عليها وهو في بيت المال وإذا وجبت الأجرة على الأب ولم يقبل غيرها تعينت أجرة المثل فإن قبل غيرها وطلبت أكثر فالخيار للأب وإن طلبت
أجرة المثل أو وجد بدونها أو بلا شيء فله ذلك وإن كان معسر وفي المعسر روايتان ابن الكاتب والقول قول الأم إذا لم يجد من يرضعه غيرها واختار ابن يونس أنها أحق بأجرة المثل مطلقا لحقها في الحضانة وفي المدونة يكره استرضاع الكوافر وأن يتخذن ظئور الماء يتغذين به ويعذين الولد ويكره استرضاع الفاجرة ابن حبيب ورد النهي عن استرضاع الحمقاء أخرجه أبو داود مرفوعا عن زياد السهمي فهو مرسل إذ ليست لزياد صحبة والله أعلم.
(والحضانة للأم بعد الطلاق إلى احتلام الذكر ونكاح الأنثى ودخولها وذلك بعد الأم إن ماتت أو نكحت للجدة ثم للخالة فإن لم يكن من ذوي رحم الأم أحد فالأخوات والعمات فإن لم يكونوا فالعصبة).
معنى الحضانة الكفالة والتربية والقيام بأمور الولد لافتقاره إلى من يجلب له ما ينفعه ويدفع عنه ما يضره ورسمها (ع) بأنها حفظ الولد في مبيتة ومؤنة طعامه ولباسه ومضجعه وتنظيف جسمه ابن رشد والإجماع على وجوب كفالة الأطفال الصغار لأنهم خلق ضعيف مفتقر لكافل يربيهم حتى يقوم بنفسه فهو فرض كفاية إن قام به قائم سقط عن الباقين قيل: ولا يتعين إلا على الأب والأم في زمان رضاعه إن لم يكن له أب أو كان ولا مال له أو كان لا يقبل غيرها.
وكونه للأم لا خلاف فيه وهل حق لها أو حق عليها ينبني عليها جواز أخذ الأجرة وعدمها وكونه بعد الطلاق فبعد الوفاة أحرى الباجي ولا تمنعه من الاختلاف إلى أبيه ومعلمه ويأوي إلى أمه رواه ابن حبيب عن عبد الملك يريد أن للأب تعليمه وتأديبه وإسلامه في المكتب والصنائع والتصريف وكونه إلى احتلام الذكر هو قول ابن القاسم ولعبد الملك إذا قرب الاحتلام واسود نباته فللأب أخذه بذلك ولابن وهب إذا أثغر وعزاه اللخمي لأبي مصعب بن القصار وقول مالك في الذكور إن الأثغار يملك به الولد حضانة نفسه يشبه قول الشافعي: إنه يخير بين أبيه وأمه كما لو بلغ ورده اللخمي بأن مراده مالك يأخذه أبوه من أمه ولا يخير الولد لأنه لم يرشد غير أن التخيير حسن لاختلاف حال الأولاد قال ولا أرى أن تخير البنت لأن الأم أصون لها وقد تخير إن كانت عند غير الأم.
وفي المدونة إذا احتلم الغلام فله أن يذهب حيث شاء وليس لأبيه منعه الشيخ يريد نفسه لا بماله لقول ابن القاسم: إن الولد لا يأخذ ماله حتى يعلم رشده قالوا وهو تفسير وروى زياد بنفس بلوغه يخرج من ولاية أبيه والمشهور الأول فلا يخرج من ولاية أبيه إلا ببلوغ ورشد الباجي لم يختلف قول مالك بأن بقاء الأنثى في حضانة الأم إلى
نكاح البنت ودخولها إلا إذا كان موضع أبيها أحرز وأصون وقد شبت فيختار لها الأصول ابن عرفة مذهب المدونة بقاؤها عند أمها إذا كان موضعها صينا ولو كان موضع الأب أصون.
ابن رشد في سقوط حضانتها بدخلو من تزوجها بها أو بالحكم عليها قولان ومراده الشيخ الجدة للأم لأن درجات الحضانة تسعة الأم ثم أمها ثم الخالة ثم الجدة للأب ثم أخت المحضون ثم عمته ثم بنت أخيه ثم العصبة فانظر بقية ذلك.
ابن الحاجب: شرط الحضانة العقل والأمانة والكفاية وحرز المكان في البنت يخاف عليها وإن كان رجلا روعي في نسائه حسن القيام بالمحضون ورفع مضرته (ع) وصفة الحاضنة أن لا تكون عاجزة عن القيام بالمضحون ولا يخشى أن يدخل عليه ضرر ولا فساد طبع ولا بدن ولا معيش فمن بلغ ضعفها إلى أن لا تتصرف فلا حضانة لها والسفيه في الدين أو العقل أو حفظ المال بتبذيره قبل تمام مدة كبره يسقطها والسفيهه المولى عليها ذات صون وقيام غير متلفة لما تقبضه من حضانتها ثابت المتيطي في السفيهه قولان فانظر ذلك.
(ولا يلزم الرجل النفقة إلا على زوجته كانت غنية أو فقيرة وعلى أبويه الفقيرين وعلى صغار ولده الذين لا مال لهم على الذكور حتى يحتلموا ولا زمانة بهم وعلى الإناث حتى ينكحن ويدخلن بهن أزواجهن ولا نفقة لمن سوى هؤلاء من الأقارب وإن اتسع فعليه إخدام زوجته).
موجب النفقة ثلاث النكاح والقرابة والملك وقد ذكر الشيخ هنا الأولين والآخر يأتي فشرط وجوب النفقة الزوجة بدخولها أو دعوتها إليه وهي ممن يوطأ مثلها كما تقدم فيقضى بها على الزوج ويباع فيها ربعه وتطلق عليه بعد التلوم بالعجز عنها إلى أن تكون زوجته عالمة بفقره وعجزه عن النفقة.
اللخمي ووجوبها بالدعاء إلى الدخول بعد قدر التربص للبناء والمشهورة عادة وفي وجوب النفقة بمجرد العقد عادة ثالثها في اليتيمة والكسوة من النفقة تجب بوجوبها ولا حد لها بل على قدر حالها من حاله وحاله من حالها ويلزم من الزينة ما تستضر بتركه كالكحل المعتاد والحناء والدهن لمعتادته ويعتبر في الكسوة الزمان والمكان قالوا وليس لها أن تطلبه بالكسوة حين دخولا ولا في حدثانه وكذلك الفرش وشورتها من
صداقها بل سمع يحيى بن القاسم لا يحل للمراة أن تقضي من دين عليها من نقدها إلا التافه اليسير الدينار ونحوه قاله مالك ابن رشد ومثله في ديات المدونة.
وروى محمد مثل الدينارين والثلاثة وليس اختلافا بل على قلة المهر وكثرته والدينار من الثلاثة كثير والعشرة من الألف قليل قال وهذا أصله في وجوب تجهيزها به ولم يجب على الكالئ هل هو كالنقد وما لا حق للزوج في التجهيز به فللغرماء أخذه قبل البناء ابن عات عن ابن زرب ليس عليها بيع جهازها من نقدها إلا بعد مضي مدة انتفاع الزوج به والسنة في ذلك قليل فإن طال عهد البناء وتخلفت الشورة فعلى الرجل ما لا غنى عنه.
أشهب ومنهن من لو كساها الوصف أنصف ومنهن من لو كساها الصوف أدب مالك ولا يلزم الحرير فعممه ابن القاسم ابن القصار وتأويله عندي في أهل المدينة لقناعتهم ابن عبد السلام وهو الصواب عند جماعة من الشيوخ ومدار أمر الزينة وما تحتاج إليه فيها على العرف عند المحققين وهو يختلف باختلاف الناس والبلاد ونحو ذلك والله أعلم.
وأما نفقة الأبوين فإنها تجب بفقرها كالأولاد والفرق بينهم وبين الزوجة أن إنفاقها في مقابلة الاستمتاع ونفقة الأقارب مواساة لا في مقالبة شيء فإذا افتقر الأبوان أو أحدهما وجبت نفقتهما إن كان الولد غنيا الباجي وإن كانا قويين على العمل وخالفه اللخمي ويلزم ما لا بد منه ففي المدونة ينفق على زوجة واحدة لأبيه لا أكثر اللخمي وإن لم يكن محتاجا لإصابتها فهو محتاج لمن يقوم به، ولأن فراقها العدم لنفقة معرة عليه وإن كانتا اثنتين أمه وأجنبية أنفق على أمه إلا أن تكون أمه مسنة والأخرى شابة والوالد محتاج إليها.
وسمع ابن القاسم لا يجبر على إحجاج والده ولا إنكاحه ابن رشد: وهذا على أن الحج على التراخي وعلى أنه على الفور يلزمه كما يلزمه شراء الماء لغسله ووضوئه وروى أشهب جبره على إنكاحه وهذا ينحو لقولها بإثبات النفقة على زوجة أبيه وقول مالك هنا ينحو إلى قول المغيرة وابن عبد الحكم أنه لا تجب عليه نفقة زوجة أبيه ولو تحققت حاجة الأب إلى النكاح لا ينبغي أن لا يختلف فيه وإن تعدد الأولاد
كان عليهم كلهم على عدد رءوسهم أو على قدر أموالهم أو على قدر إرثهم ثلاثة لعبد الملك ولمحمد مع أصبغ وللأخوين وفي إنفاقه على زوج أمه لخوف طلاقها والزوج ملى قولان للباجي واللخمي قائلا إلا أن تكون مسنة والزوج على غير ذلك وعلى الأب إثبات فقره إن أنكره ولده واختلف في يمينه ولو سلم فقر أبيه وادعى فقر نفسه فقال ابن العطار لا يصدق إلا بإثباته وخالفه ابن الفخار.
وما قدر عليه الأبوان من الإنفاق فلا يلزم الولد غير إتمامه اللخمي وإنما ينفق عليهما بما فضل عن نفقته ونفقة زوجته والله أعلم.
وأما نفقة الأولاد كالأبوين لا تجب إلا بشرط افتقارهم فإن كان للولد مال أنفق عليه والده منه إن شاء ابن عبد السلام وفي معنى الغني لمن كان قادرا على التكسب لصناعة نص على ذلك في المدونة قالوا وكذلك الصبية إذا كانت لها صنعة لا تدركه بها معرة فإن كانت صنعتها لا تفي بنفقتها أتم الأب باقيها.
اللخمي: إن لم تدركه بذلك معرة فيهما ولم تكسد صنعتها ولم يقع بها مرض فتجب على الأب ولو كان لا يقدر إلا على جهة وله أب فقير وولد كذلك فقيل يتحاصان وقال ابن خويز منداد ببدأ الولد ولا أرى أن يبدأ إلا من كان صغيرا لا يهتدي لنفع ولو كان الولد كبيرا ترجح الأبوان وكذلك في الولدين يرجح الصغير على الكبير والأنثى على الذكر وتبدأ الأم على الأب المتيطي: له أن يؤاجر ابنه الصغير لنفقة غيره ونفسه ولو كان الأب غنيا وقاله غير واحد من الموثقين خلافا لبعض الفقهاء ونحوه في رواية محمد وفي منعه الانتفاع بفاضل خراج ابنه الصغير عن نفسه وجوازه قولان لبعض الموثقين وأصبغ عن ابن لبابة (ع) الروايات واضحة بعدم إتباع الابن بما أنفق عليه.
وفي المدونة إلا أن يكون له مال حين أنفق عليه فيرجع بما أنفق، قال السطي في تعليقه على المدونة يصح رجوعه بستة شروط: أن يكون له مال حين الإنفاق وأن يكون المنفق عالما به وكون المال غير عين وأن ينوي الرجوع بنفقته، وأن يحلف على ذلك وأن تكون النفقة غير سرف والله أعلم.
وأما كون سقوط نفقتهم بالبلوغ في الذكور وبالدخول في الإناث فمشروط
بصحبتهم فلو لم يبلغوا إلا زمناء أو معتلين بعمى ونحوه فقال ابن القاسم لا ترفع النفقة عن الأب وإن طرأ بعد البلوغ لم تعد وقال ابن وهب في الموازية لا تجب وللجلاب عن عبد الملك عكسه واستحسنه اللخمي وظاهر الرسالة أن الدخول بالإناث مسقط ولو طلقت قبل البلوغ أو كانت زمنة أو فقيرة لا تتكفف وأجراها اللخمي على الأقوال الثلاثة ولمحمد لو دخل بها اللخمي وهي أولى من الصبي لأن معرتها أشد.
وحكى ابن يونس في الصغيرة: أنها تعود نفقتها لأن له جبرها ولو مكثت حتى بلغت سقطت خلافا لسحنون حكاه المتيوي ولا نفقة لمن سوى هؤلاء وقوله: (لا نفقة لغير هؤلاء) يعني من الأقارب وحكى (ع) في إخدام الزوجة خمسة أقوال والمشهور ما هنا وهو في المدونة وفي الزياة على الواحدة اختلاف.
(وعليه أن ينفق على عبيده ويكفنهم إذا اماتوا واختلف في كفن الزوجة فقال ابن القاسم في مالها وقال عبد الملك في مال الزوج وقال سحنون إن كانت ملية ففي مالها وإن كانت فقيرة ففي مال الزوج).
كلامه ظاهر التصور وقد رواه مسلم قال عليه السلام: " للمملوك كسوته وطعامه ولا يكلف من العمل ما لا يطيق" رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أبو عمر يجبر الرجل على أن يعلف دابته أو يرعاها إن كان في رعيها ما يكفيها أو يبيعها أو يذبح ما يجوز ذبح ولا يترك يعذبها بالجوع (ع) لازم هذا يقضى عليه لأنه منكر وتغيير المنكر والقضاء به واجب قال وهذا أصوب من نقل ابن رشد يؤمر بتقوى الله في ترك إجاعتها ولا يقضى عليه بعلفها قائلا والفرق بين العبد والدابة أن العبد مكلف تجب عليه الحقوق من الجناية وغيرها فكما يقضى عليه يقضى له والدابة كما لا يقضى عليها لا يقضى لها (ع) تعذر شكوى الدابة يوجب أحروية القضاء لها وفي النسائي من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه: " كفى المرء إثما أن يضيع من يقوت" وهو عند مسلم بلفظ: " أن يحبس عمن يملك قوته".
وفي المدونة كفن العبد المرهون على ربه وأقيم منه أن إخراج الدابة تموت بدار غير ربها على ربها لا على رب الدار وقيل على رب الدار ووجه قول ابن القاسم في
كفن الزوجة انقطاع العصمة وقول عبد الملك اتصال حكمها بدليل جواز غسلها ونحوه وقول سحنون استحسان بنوع مراعاة للوجهين.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا أنفق الرجل على أهله يحتسبها فهي له صدقة" رواه البخاري وغيره من حديث ابن مسعود رضي الله عنه وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أفضل الصدقة ما كان عن ظهر غنى اليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول" تقول المرأة أطعمني أو طلقني ويقول العبد أطعمني واستعملني ويقول الولد أطعمني إلى من تدعني قالوا يا أبا هريرة هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا هذا من كيس أبي هريرة أخرجه أهل الصحيح وفي قوله: (من كيس): ضبطان كسر الكاف وسكون الياء ميتا وفتح الكاف والسكون الحي ثم هل توقيعه للإنكار فيكون مرفوعا أو للإخبار فيكون بيانا لأنه مدرج يعني قوله تقول المرأة إلى آخره والله أعلم.