المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب في الفراض - شرح زروق على متن الرسالة - جـ ٢

[زروق]

فهرس الكتاب

- ‌باب في الجهاد

- ‌باب في الأيمان والنذور

- ‌باب في النكاح والطلاق والرجعة والظهار والإيلاء واللعان والخلع والرضاع

- ‌باب في العدة والنفقة والاستبراء

- ‌باب في البيوع وما شاكل البيوع

- ‌باب في الوصايا والمدبر والمكاتب والمعتق وأم الولد والولاء

- ‌باب في الشفعة والهبة والصدقة والحبس والرهن العارية والوديعة واللقطة والغصب

- ‌باب في أحكام الدماء والحدود

- ‌باب في الأقضية والشهادات

- ‌باب في الفراض

- ‌باب جمل من الفرائض ومن السنن الواجبة والرغائب

- ‌باب في الفطرة والختان وحلق الشعر واللباس وستر العورة وما يتصل بذلك

- ‌باب في الطعام والشراب

- ‌باب في السلام والاستئذان والتناجي والقراءة والدعاء وذكر الله عز وجل والقول في السفر

- ‌باب في التعالج وذكر الرقي والطيرة والنجوم والخصاء والوسم وذكر الكلاب والرفق بالمملوك

- ‌باب في الرؤيا والتثاؤب والعطاس واللعب بالنرد وغيرها والسبق بالخيل والرمي وغير ذلك

- ‌باب ما تنطق به الألسنة وتعتقده الأفئدة من واجب أمور الديانات

- ‌باب ما يجب منه الوضوء والغسل

- ‌باب طهارة الماء والثوب والبقعة وما يجزئ من اللباس في الصلاة

- ‌باب صفة الوضوء ومسنونه ومفروضه وذكر الاستنجاء والاستجمار

- ‌باب في الغسل

- ‌باب فيمن لم يجد الماء وصفة التيمم

- ‌باب في المسح على الخفين

- ‌باب في أوقات الصلاة وأسمائها

- ‌باب الأذان والإقامة

- ‌باب صفة العمل في الصلوات المفروضة وما يتصل بها من النوافل والسنن

- ‌باب في الإمامة وحكم الإمام والمأموم

- ‌باب جامع في الصلاة

- ‌باب في سجود القرآن

- ‌باب في صلاة السفر

- ‌باب في صلاة الجمعة

- ‌باب في صلاة الخوف

- ‌باب في صلاة العيدين والتكبير أيام منى

- ‌باب في صلاة الخسوف

- ‌باب في صلاة الاستسقاء

- ‌باب ما يفعل بالمحتضر وفي غسل الميت وكفنه وتحنيطه وحمله ودفنه

- ‌باب في الصلاة على الجنائز والدعاء للميت

- ‌باب في الدعاء للطفل والصلاة عليه وغسله

- ‌باب في الصيام

- ‌باب في الاعتكاف

- ‌باب في زكاة العين والحرث والماشية وما يخرج من المعدن وذكر الجزية وما يؤخذ من تجار أهل الذمة والحربيين

- ‌باب في زكاة الماشية

- ‌باب في زكاة الفطر

- ‌باب في الحج والعمرة

- ‌باب في الضحايا والذبائح والعقيقة والصيد والختان وما يحرم من الأطعمة والأشربة

- ‌باب في الجهاد

- ‌باب في الأيمان والنذور

- ‌باب في النكاح والطلاق الرجعة والظهار والإيلاء واللعان والخلع والرضاع

- ‌باب في العدة والنفقة والاسبتراء

- ‌باب في البيوع وما شاكل البيوع

- ‌باب في الوصايا والمدبر والمكاتب والمعتق وأم الولد والولاء

- ‌باب في الشفعة والهبة والصدقة والحبس والرهن والعارية والوديعة واللقطة والغصب

- ‌باب في أحكام الدماء والحدود

- ‌باب في الأقضية والشهادات

- ‌باب في الفرائض

- ‌باب جمل من الفرائض والسنن الواجبة والرغائب

- ‌باب في الفطرة والختان وحلق الشعر واللباس وستر العورة وما يتصل بذلك

- ‌باب في الطعام والشراب

- ‌باب في السلام والاستئذان والتناجي والقراءة والدعاء وذكر الله عز وجل والقول في السفر

- ‌باب في التعالج وذكر الرقي والطيرة والنجوم والخصاء والوسم والكلاب والرفق بالملوك

- ‌باب في الرؤيا والتثاؤب والعطاس واللعب بالنرد وغيرها والسبق بالخيل والرمي ويغير ذلك

الفصل: ‌باب في الفراض

‌باب في الفراض

الفرائض جمع فريضة وأصل الفرض في اللغة التقدير (ع) الفرائض لقب للفقه المتعلق بالإرث وعلم ما يوصل إلى معرفة ما يجب لكل ذي حق في التركة وموضوعها التركات لا العدد خلافا للسيوري وفائدتها كالفقه مع ضرب من التخصيص وخرج أبو دواود عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه العلم ثلاثة وما سوى ذلك فهو بطل آية محكمة أو سنة ماضية أو فريضة عادلة الحديث.

(ولا يرث من الرجال إلا عشرة الابن وابن الابن وإن سفل والأب والجد للأب وإن علا والأخ وابن الأخ وإن بعد والعم وابن العم وإن بعد والزوج ومولى النعمة، ولا يرث من النساء غير سبع البنت وبنت الابن والأم والجدة والأخت والزوجة ومولاة النعمة).

ص: 948

ذكر في هذه الجملة أن الوارثين سبعة عشر ع شرة رجال وسبع نساء وأنهى بعضهم الرجال إلى ستة عشر ففصل الإخوة إلى ثلاثة: الشقيق وللأب وللأم وابن الأخ إلى شقيق ولأب إذ لا يرث الذي لأم وكذا العم وابنة الشقيق والذي لأب فهي خمسة زائدة والسادس مولى المولى والمولى هنا المعتق بكسر التاء والنساء إلى عشر بزيادة الأخت لأب ومولاة المولاة وقد تؤخذ كلها من كلام الشيخ إلا الأخيرة والله أعلم.

وحاصل موجب الإرث نسب ونكاح وولاء فالنسب جهاته ستة أبوه وبنوه وأمومه وعمومه وجدوده، والنكاح بين زوج وزوجة والولاء بالأصالة أو بالجر وقوله: الجد للأب أخرج به الجد للأم ولو قال الأب وأبوه لكان أخص والله أعلم.

(فميراث الزوج من الزوجة إن لم تترك ولدا ولا ولد ابن النصف فإن تركت ولدا أم ولد ابن منه أو من غيره فله الربع وترث هي منه الربع إن لم يكن له ولد

ص: 950

ولا ولد ابن فإن كان له ولد ابن منها أو من غيرها فلها الثمن).

ص: 951

يعني أن الزوج غير محجوب بولد ولا ولده من ذي النصف وذو النصف سواء بأربعة: البنت إذا انفردت، والأخت الشقيقة، والتي لأبن وبنت الابن، وكلهم في كتاب الله إلى الأخيرة فإنها بالإجماع ولاربع للزوج محجوبا بولد وولده وللزوجة غير محجوبة والثمن للزوجة محجوبة والواحدة كالأربع فما دونهن ليس لهن إلا الربع أو ثمن يقتسمنه بالسواء والله أعلم.

(وميراث الأم من ابنها الثلث إن لم يترك ولدا أو وولد ابن أو اثنين من الإخوة ما كانوا فصاعدا).

يعني للأم غير محجوبة الثلث وللاثنين من ولدها في ميراث الكلالة وللجد في بعض صوره وتنزل الأم للسدس بابن أو اثنين من الإخوة ما كانوا وهو نصيب الواحد من أولادها والجدة إذا انفردت والجدتين إذا اجتمعتا من جهتين ولبنت الابن مع الصلبية والسفلى مع العليا منهن وللأخت لأب فصاعدا مع الشقيقة وكذا الأب محجوب بالابن كالجد في بعض أحواله والله أعلم.

وقوله: (ما كانوا) يعني: سواء كانوا أشقياء أو لأب أو لأم وقد أسسوا أن كل من يدلي بشخص لا يرث مع وجوده إلا الإخوة لأم فإنهم يدلون بها ويرثون مع وجودها.

وقوله: (إلا في فرضتين) يعني: هما الغراوان ويقال هما أيضا الغريمتين ويقال لهما أيضا العمريتين وهما تسميتهما بالغراوين لشهرتهما كغرة الفرس في وجهه أو لأن الأم غرت فيهما بفرض وأخذت دونه إذ يفرض لها الثلث فتأخذ مرة الربع ومرة السدس.

وأما بالغريمتين فلأن الزوج فيهما كالغريم لا يأخذ أحد إلا ما فضل عنه وأما بالعمريتين فلأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو الذي استفتح الكلام فيهما.

وقوله (في زوجة وأبوين فللزوجة الربع وللأم ثلث ما بقي وما بقي للأب).

ص: 952

يعني: هذا أحد الفريضتين وهي خارجة من أقل ما يجمع الربع والثلث وليس إلا اثنا عشر للزوجة وربعها ثلاثة تسعة للأم ثلثها وهي ربع الأصل وللأب ثلثاها وهي نصف الأصل فالأم في هذه سمي لها ثلث وأخذت الربع.

وقوله: (وفي زوج وأبوين فللزوج النصف وللأم ثلث ما بقي وما بقي للأب).

يعني: هذه الفريضة الثانية وأصله من ست أقل ما يجتمع فيه نصف وثلث للزوج ثلاثة وللأم ثلث ما بقي وهو واحد من الثلاثة الباقية ومن الستة الأصلية فالمسمى لها ثلث وإنما تأخذ سدسا.

وقوله: (ولها في غير ذلك الثلث إلا ما نقصها العول) يعنيك أن الموضعين المذكورين تأخذ فيهما أقل مما يسمى لها وما عدا ذلك فإنها تأخذ الثلث على كماله إن لم يكن حجب أو عول والعول: الزيادة في المفروض بنقص المقادير لاتساع الفرائض وقصر المال فينقض لكل واحد جزء يجتمع منه ما يقابل به ذو القرض الزائد من أهل ذوي الفروض وأجازه مالك وأكثر أهل العلم.

ومثاله في مسألتنا زوج وشقيقة يستغرقان المال فيبقى نصيب الأم فيعال به وهو الثلث وأقل ما يجمع نصف وثلث ستة للزوج ثلاثة وللأخت ثلاثة ويزاد بالعول اثنان من ثلث الأصل فتصير من ثمانية فيكون للزوج ثلاثة أثمان وللأخت كذلك وللأم الربع وبالله التوفيق.

تنبيه:

أصل الفرائض النصف ونصفه ونصف نصفه والثلثان ونصفهما ونصف نصفهما وإن شئت قلت الثمن وضعفه وضعف ضعفه والسدس وضعفه وضعف ضعفه وكل فريضة أقل من ستة فلا عول فيها والعول بحسب الفرض المضايق للفروض وهو أقلها فالزائد على نسبته والله أعلم.

وقوله: (إلا أن يكون للميت ولدا أو ولد ابن أو اثنان من الإخوة ما كانا فلها السدس حينئذ) يعني: أن الأم تحجب عن الثلث إلى السدس بالولد وولده والإخوة المتعددين فلها إذا حالات ثلاث: حالة يكون لها فيها الثلث سالما وحالة يكون لها فيها ثلث ما بقي وحالة يكون لها فيها السدس بالأصالة أو بالعرض وقد تقدم كل ذلك.

ص: 953

واعلم أن أصل الفرائض العلم بالحجب وهو نوعانك حجب نقص وحجب إسقاط وكل ذلك مفصل فيمحله ومن حجب النقص انتقال الأم إلى السدس بالولد والأخوين فصاعدا والزوج والزوجة بالولد وسننبه على ذلك إن شاء الله في مواضعه.

(وميراث الأب من ولده إذا انفرد ورث المال ويفرض له مع الولد الذكر أو ولد الابن السدس فإن لم يكن ولد ولا ولد ابن فرض للأب السدس وأعطى من شركه من أهل السهام سهامهم ثم كان له ما بقي).

الوارثون ثلاثة وارثه بالفرض ووارث بالتعصب ووارث بهما معا على التعاقب والجمع وذو الفروض: كل من له سهم في كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو كان له ذلك بإجماع ونحوه وليس في النساء عاصب إلا الأخوات مع البنات فإنهن يشبهن العاصب وبنات الابن يكون معهن أو تحتهن عاصب فإنه يعصب أخواته ومن فوقه من عماته والوارث بالفروض والتعصيب: هو الأب وأبوه ويرث مع ذوي الفروض بالفرض وإذا انفرد بالتعصيب وإذا كان مع ذوي السهام التي لا تستغرق المال أخذ فرضه مع الفروض ثم أخذ ما بقي بالتعصب مثاله أب وابنة وزوجة فللبنت النصف وهي اثنا عشر من أربعة وعشرين وللزوجة الثمن وهي ثلاثة من أربع وعشرين وللأب أربعة هي سدسها بالفرض الباقي خمسة يأخذها الأب بالتعصيب زيادة على فرضه.

(وميراث الولد الذكر جميع المال إذا انفرد ويأخذ ما بقي بعد سهام من معه من زوجة وأبوين أو جد أوجدة وابن الابن بمنزلة الابن إذا لم يكن ابن).

ص: 954

يعني أن الولد الذكر عاصب يرث المال إذا انفرد وما فضل عن ذوي السهام

ص: 955

فقط فلا يرث إلا بالتعصب مع أنه لا يسقط بحال كالأب ففي زوجة وأبوين للزوجة ثلاثة من أربع وعشرين وللأبوين ثلثها وهي ثمانية من الأم والأب بالسواء الباقي ثلاثة عشر فيأخذها الولد بالتعصب.

ولو كان الهالك امرأة فللزوج الربع من اثني عشر وهي ثلاثة وللأبوين الثلث وهي أربعة ويبقى خمسة يأخذها الولد بالتعصيب وكون ابن الابن كالابن في عدم الابن لم يرد نصا وإنما ثبت إجماعا والله أعلم.

(وإن كان ابن وابنة فللذكر مثل حظ الأنثين وكذلك في كثرة البنات والبنين وقلتهم يرثون كذلك جميع المال أو ما فضل منه بعد من شركهم من أهل السهام وابن الابن كالابن في عدمه فيما يرث ويحجب).

ما ذكر أولا ثابت بنص كتاب الله تعالى وكون ابن الابن فيما يرث ويحبج مستنده الإجماع والله أعلم.

(وميراث البنت الواحدة النصف وللاثنتين الثلثان فإن كثرن لم يزدن على الثلثين شيئا).

هذا لقوله تعالى: {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كان نساءً فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف} [النساء: 11] فهذه ثلاث فرائض في الأولاد وقد ذهب مالك إلى أن معنى قوله {فوق اثنتين} أنه يقسم بين اثنتين فما فوقهما وقال ابن عباس رضي الله عنه: فظاهر الآية أن الاثنتين كالواحدة ولمالك موافقة في ذلك وأدلة يطول شرحها.

وجملة ما في آية الوصية اثنتا عشرة فريضة منها في الأولاد الثلاثة المتقدمة وللأبوين ثلاثة هو قوله تعالى: {ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس} [النساء: 11] وللزوج والزوجة أربعة النصف ونصفه للزوج والربع ونصفه للزوجة فالأول لكل واحد منها إن لم يكن ولد والآخر إن كان ثم ولد لقوله تعالى {ولكم نصف ما ترك أزواجكم} الآية: وقوله تعالى: {وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة} [النساء: 12]، الآية تضمنت أن الأخ للأم إذا انفرد والموروث كلالة له السدس وإن

ص: 956

تعددوا لهم الثلث هم فيه بالسواء فهذه اثنا عشر فريضة في هذه الآية وفي آية الكلالة أربعة تذكر إن شاء الله فجملة ما في كتاب الله تعالى ستة عشر فريضة فاعرف ذلك وبالله التوفيق.

(فإن كانت ابنة وابنة ابن فللابنة النصف ولابنة الابن السدس تمام الثلثين فإن كثرت بنات الابن لم يزدن على ذلك السدس شيئا إن لم يكن معهن ذكر وما بقي للعصبة).

ما ذكر في البنت الواحدة مع بنت أخيها أو بناته هو الذي قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم في ابنة وبنت ابن وأوجب أن للبنت النصف ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين لأنه غاية فرضهن وللأخت ما بقي لأنها بمنزلة العاصب كذا رواه ابن مسعود رضي الله عنه خرجه البخاري وغيره ومتى كان مع بنات الابن عاصب في درجتهن سقط اعتبار الفرض فورثن معه بحكم التعصيب للذكر مثل حظ الأنثيين.

(وإن كانت البنات اثنتين فصاعدا لم يكن لبنات الابن شيء إلا أن يكون معهن أخ فيكون ما بقي بينه وبنيهن للذكر مثل حظ الأنثيين وكذلك إن كان ذلك الذكر تحتهن كان ذلك بينه وبينهن كذلك وكذلك لو ورث بنات الابن مع الابنة السدس وتحتهن بنات ابن معهن أو تحتهن ذكر كان ذلك بينه وبين أخواته ومن فوقه من عماته لا يدخل في ذلك من دخل في الثلثين من بنات الابن).

يعني أن بنات الابن يسقطن بالصلبيتين لاستيفاء الفرض من له بالأصالة ثم إن لم يكن معهن ذكر في درجتهن أو تحتهن فهي على الإسقاط وإلا دخلت معه بحكم التعصب لما فضل من الثلثين فكانوا في ذلك للذكر مثل حظ الأنثيين ولو لم يكن في درجتهن ذكر ولكنه تحتهن كابن أخيهن كان هو العاصب فيعصبهن كما يعصب أبوه إن لو كان فيرثن معه على حكم ذلك.

ولو كانت بنات ابن لا ذكر معهن والصليبة واحدة قد ورثوا معها السدس ومعهن أخ أو ابن أخ هو العاصب لم يصح له أن يصعد إلا بأخواته ومن فوقه من عماته فيرث معهن بالتعصب كما تقدم إلا أن يكون قد أدخلهن في السدس الذي هو تكملة الثلثين فلا شيء لهن معه في التعصب فلو كانت ابنة وابنة ابن مع أخواته كان

ص: 957

لابنة الابن السدس تكملة الثلثين ثم يأتي ابن أخيها مع أخواتها فيرث ما بقي بالتعصيب معهن ولا شيء لها ولو كانت ابنتين دخلت بنت الابن مع من تحتها والله أعلم.

(وميراث الأخت الشقيقة النصف وللاثنتين فصاعدا الثلثان فإن كانوا إخوة وأخوات شقائق أو لأب فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين قلوا أو كثروا).

ما ذكر في الإخوة والأخوات هو نص آية الكلالة وقد ذكر تعالى فيها أربع فرائض هي قوله تعالى {إن امرؤا هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونساءً فللذكر مثل حظ الأنثيين} [النساء: 176] الآية.

(والأخوات مع البنات كالعصبة لهن يرثن ما فضل عنهن ولا يربى لهن معهن).

قوله: (كالعصبة): إشارة لأن دخولهن بل وجميع الإناث في التعصيب بالفرض لا بالأصالة ومعنى: (لا يربى) أي: لا يزاد لهن معهن يعني إذا استوفت الفروض كزوج وأم وبنتين وأخت للزوج الربع وللأم السدس وللبنتين الثلثان المسألة من اثني عشر: للزوج ثلاثة وللأم اثنان وللنتين ثمانية عالت بواحد فسقطت الأخت ولا يعال لها ولو كان زوج وبنتان كان له الربع ثلاثة وللبنتين ثمانية يبقى واحد تأخذه الأخت أو الأخوات ولا يكمل فرضها لأن لها حكم العاصب والله أعلم.

(ولا ميراث للأخوات والإخوة مع الأب ولا مع الولد الذكر أو مع ولد الولد والإخوة للأب في عدم الشقائق كالشقائق ذكورهم وإناثهم).

يعني وفي وجود الشقائق كالعدم وما ذكره الشيخ في هذه الجملة نبة به على حجب الإسقاط ومراده على أن كل من يدلي بشخص لا يرث مع وجوده إلا الإخوة للأم وقربى كل جهة تحجب ما بعدها والتعصيب على قدرهم في النصرة فمن كان أولى به في حياته فهو أحق بماله بعد مماته وهم في الإرث على قدرهم في النصرة عادة والله أعلم.

(وإن كانت أخت شقيقة أو أخت أو أخوات لأب فالنصف للشقيقة ولمن بقى من الأخوات للأب السدس ولو كانتا شقيقتين لم يكن للأخوات لأب شيء إلا أن

ص: 958

يكون معهن ذكر فيأخذون ما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين).

يعني لأنهن كالبنات في عدمه البنات فرضا بفرض وحكما بحكم حسبما اقتضته النصوص والله أعلم واللواتي لأب مع الشقائق كبنات الابن مع الصبيان يأخذن تمام الفرض إن كانت واحدة ويسقطن بالأنثيين إلا أن يكون معهن ذكر يعصبهن كما تقدم.

(وميراث الأخت لأم والأخ لأم سواء السدس لكل واحد وإن كثروا فالثلث بينهم الذكر الأنثى فيه سواء).

قال الله تعالى: {وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث} [النساء: 12] الآية قالوا: والشركة تقتضي المساواة في النصيب كالحكم فوجب أن يكون الذكر والأنثى في ذلك سواء قالوا: واختص الإخوة لأم بخمسة أشياءك يرثون مع من يدلون به وهي الأم ويحجبونها إلى السدس إذا تعددوا ويرث ذكرهم المنفرد كإناثهم ويتساوون فيما يشتركون فيه ويعدلون بالأنثى في ميراثهم والله أعلم.

(ويحجبهم عن الميراث الولد وبنوه والأب والجد).

يعني أن الإخوة لأم لا يجبهم عن الميراث إلا عمود النسب الأب وإن علا والابن وإن سفل لأن إرثهم مقيد بالكلالة وهي التي لا والد فيها ولا مولود والله أعلم.

(والأخ يرث المال إذا انفرد إن كان شقيقا أو لأب والشقيق يحجب الأخ للأب وإن كان أخ وأخت أو أكثر شقائق أو لأب فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين وإن كان مع الأخ ذو سهم بدئ بأهل السهام وكان له ما بقي وكذلك يكون ما بقي للإخوة والأخوات للذكر مثل حظ الأنثيين فإن لم يبق شيء فلا شيء لهم).

يعني أن الأخ الشقيق وارث بالتعصيب وكذا الذي لأب في عدمه فيأخذ المال كله إذا انفرد ولا يرث معه الذي لأب شيئا مع الشقيق ولو تعدد الإخوة الوارثون وهم ذكرو كلهم كانوا على السواء ولو اختلفوا بالذكورة والأنوثة فللذكر مثل حظ الأنثيين وإن كان ذو فرض معه أو مع الجماعة لم يكن له ولا لهم إلا ما فضل عنه الفرض كزوج وأخ له النصف بالفرض ويبقى النصف للتعصيب.

ص: 959

وكذلك الأم والزوجة وغيرهما من ذوي الفروض بالأصالة وبالعرض والله أعلم.

وإن استغرقت الفروض المال كزوج وأم وأخ لأم وأخ لأب سقط من لا فرض له فالمسألة من ستة للزوج ثلاثة وللأم اثنان وللأخ لأم السدس ويبقى الأخ لأب لا شيء له ولو كان شقيقا دخل بطريق الأم كما قال.

(إلا أن يكون في أهل السهام إخوة لأم قد ورثوا الثلث وقد بقي أخ شقيق وإخوة ذكور أو ذكرو وإناث شقائق معهم فيشاركون كلهم الإخوة للأم في ثلثهم فيكون بينهم بالسواء وهي الفريضة التي تسمى المشتركة).

يعني ما ذكهر من أول الاستثناء إلى هنا هي المسماة بالمشتركة وتسمى أيضا الحمارية وهي في امرأة تركت زوجها وأما وأختا لأب وإخوة شقائق وإخوة لأم وأصلها من ست للزوج ثلاثة هي النصف وللأم واحد هو السدس وللإخوة لأم الثلث باثنين بقية المال فقال علي كرم الله وجهه: الأشقياء عصبة وقد نفد المال فلا شيء لهم وقضى به عمر رضي الله تعالى عنه فأسقط الأشقاء فلما ولي الخلافة التفت إليه بعض الشقائق فقال: يا أمير المؤمنين هب أن أبانا كان حمارا ألسنا بني أم واحدة فهل زادنا الأب إلا قربا؟ فقال: صدق فأشرك بينهم في الثلث فقال رجل: إنك لم تشرك بينهم في عام كذا فقال: تلك على ما قضينا يومئذ وهذه على ما قضينا الآن ولا أحرمهم إذا ازدادوا قربا فسميت الحمارية لذلك.

(ولو كن من بقي أختا أو أخوات لأبوين أو لأب أعيل لهن ولهن كان من قبل الأم أخ واحد أو أخت لم تكن مشتركة وكان ما بقي للإخوة إن كانوا ذكروا أو ذكروا وإناثا وإن كن إناثا للأبوين أو لأب أعيل لهن والأخ لأب كالشقيق في عدم الشقيق إلا في المشتركة).

أما أن دخول الإخوة لأب لا تكون به مشتركة فقد علله الشيخ بانتفائهم من ولادة الأم التي هي علة دخول الشقائق معهم ولا خلاف في ذلك وأنهم لا يرثون إلا بالتعصب فإذا لم يكن له وجه سقطوا وأما كون الأخوات يعال لهن دون الإخوة لأب فلأن الأخوات أهل فروض والفرض لا يسقط ولا يحجب فوجب إيصال الفرض بما أمكن فلو كان زوج وأم وأخت لأم وأخوات شقائق أو لأب لكان للزوج النصف.

ص: 960

وللأم السدس تكلمة الثلثين وللأخت لأم الثلث تتمة المال فيعال للأخت بالنصف والمسألة من ستة فتنتهي إلى تسعة للزوج ثلاثة نصف الأصل وللأم واحد وللإخوة لأم اثنان والثلاثة الزائدة تأخذها الأخت ولو كانتا أختان أعيل لهما بالثلثين وهي أربعة فتنتهي إلى عشرة والله أعلم.

وأما إن انفرد بالفرض الأخ الذي للأم فإنه لا يدخل في السدس لضيقه والأخ لأب وحكمهما التعصيب فيأخذان ما بقي وبالله التوفيق والإناث في ذلك على فروضهن فلذلك يعال لهن عند ضيق الفرض عنهن وأما كون الذي للأب في عدم الشقيق كالشقيق يعني يرث بالعتصيب لا غير والله أعلم.

(وابن الأخ كالأخ في عدم الأخ كان شقيقا أو لأب).

يعني أنه بالتعصيب فقط وإلا فهو يفارق الأخ في خمسة أشياء: لا يعصب أخته ولا يحجب الأم عن ثلثها إذا تعدد ولا يرث مع الجد ولا يتنزل منزلة أبيه في المشتركة ولا يرث بحال والله أعلم.

(ولا يرث ابن الأخ لأم والأخ لأبوين يحجب الأخ لأب والأخ لأب أولى من ابن أخ شقيق وابن أخ شقيق أولى من ابن أخ وابن أخ لأب يحجب عما لأبوين وعم لأبوين يحجب عما لأب وعم لأب يحجب ابن عم لأبوين وابن عم لأبوين يحجب ابن عم لأب وهكذا يكون الأقرب أولى).

هذا كله من باب الإسقاط ومداره على أن الأقرب يحجب الأبعد من جهته ومن يدلى بشخص لا يرث مع وجوده ومن أدلى بجهتين أولى ممن أدلى بجهة واحدة ومن أدلى بجهة الأم غير أولادها لا إرث له ثم لا يتعداهم الإرث إلى بينهم ذكورا كانوا أو إناثا والله أعلم.

(ولا يرث بنو الإخوة ما كانوا ولا بنو البنات ولا بنات الأخ ما كن ولا بنات العم ولا جد لأم ولا عم أخو أبيك لأمه).

يعني لأن هوؤلاء كلهم يدلون بالإناث فهم ذووا أرحام مذهب مالك أن ذوي الأرحام ليس لهم ميراث ويقال: إنما سمي الخال خالا لأنه خلا من الميراث والله أعلم.

(ولا يرث عبد ولا من فيه بقية رق ولا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم

ص: 961

ولا ابن أخ لأم ولا جد لأم ولا أم أب الأم).

يعين أن شروط الإرث الإسلام والحرية وثبوت الفرض وتحقق التعصيب أو ما في حكمه، فالحرية والإسلام مفقودان من العبد والكافر والمعنى الآخر مفقود ممن ذكر من ابن الأخ لأم فما بعده لأنهم ذووا الأرحام لا العصبة ولا فيهم معنى من التعصيب.

(ولا ترث أم أب الأب مع ولدها أبي الميت ولا يرث إخوة لأم مع الجد لأب ولا مع الولد أو ولد الولد ذكرا كان الولد أو أنثى ولا ميراث للإخوة مع الأب ما كانوا ولا يرث عم مع الجد ولا ابن الأخ مع الجد).

هذا كله من باب حجب الإسقاط وقد مر أن كل من يدلي بشخص لا يرث مع وجوده إل الإخوة لأم وحجب الإخوة لأم بالجد لأنه من عمودي النسب النافي للكلالة وهم لا يرثون إلا فيها.

وكذا الولد وولد الولد لأن الكلالة ما فقد فيه عمودا النسب وأحدهما موجود فيما ذكر فلا مدخل لهم في الإرث والإخوة يدلون بلأب فلا يرثنون معه والعم يدلي بالجد فلا يرث معه وابن الأخ كذلك وأم الأم لأب تدلي بالأب فلا ترث مع وجوده والله أعلم.

(ولا يرث قاتل العمد من مال ولا دية ولا يرث قاتل الخطأ منالدية ويرث من المال).

موانع الإرث: رق وكفر وقتل عمد مطلقا، وقتل الخطأ من الدية فقط فكان حق الشيخ أن يجمعهما كلها في محل واحد بلا فاصل فلا أدري ما عذره عند ذلك نعم.

وكرر الكلام في القتل هنا بعد ذكره في باب الدماء والحدود لأنها تصلح لكل باب منهما كما ذكر اللباس في أول باب جامع الصلاة وقد قدمها في باب طهارة الماء والثوب والبقعة وما يجزئ من اللباس في الصلاة فتأمل ذلك.

(وكل من لا يرث بحال فلا يحجب وارثا).

يعني كذوي الأرحام ومن منعه كفر أو رق أو قتل عمد ونحوه بخلا من يرث بوجه ما فإنه يحجب في الوجه الذي يرث فيه وقد يحجب ولا يرث كالإخوة لأب مع الأشقاء فإنهم يحجبون الجد عما فوق الثلث ولا يأخذون من ذلك وكذا الإخوة للأم مع

ص: 962

وجود الأب يحبجون الأم عن الثلث ولا يرثون معها شيئا في هذه الصورة والله أعلم.

(والمطلقة ثلاثا في المرض ترث زوجها إن مات من مرضه ذلك ولا يرثها وكذلك إن كان الطلاق واحدة وقد مات في مرضه ذلك بعد العدة وإن طلق الصحيح امرأته طلقة واحدة فإنهما يتوارثان ما كانت في العدة فإذا انقطت فلا ميارث بينهما بعدها ومن تزوج امرأة في مرضه لم ترثه ولا يرثها).

لما كان المريض مهتما بإخراج وارث بطلاق وبإدخال وارث بنكاحه لم يمنع طلاقه من الميراث عن الجهة التي اهتم بإخراجها وكان هو ممنوعا عنها تفرثه ولو تداولتها الأزواج إن مات من مرضه ذلك لا من غيره ولم يكن نكاحا أيضا مثبتا للتوارث من أجل ذلك فينتفي جملة وتفصيلا وحكم العدة في ذلك حكم العصمة لأنها تابعة لها وقد استوفى الكلام على هذه المسألة في باب النكاح وكررت هنا ليعلم أنها من البابين والله أعلم.

(وترث الجدة لأم السدس وكذلك التي لأب فإن اجتمعتا فالسدس بينهما إلا أن تكون التي لأم أقرب بدرجة فتكون أولى به لأنها التي فيها النص وإن كانت التي لأب أقربهما فالسدس بينهما نصفين.

في الموطأ أن الجدة لأم جاءت إلى أبي بكر رضي الله عنه تسأله الميراث؟ فقال: لا أرى لك في كتاب الله شيئا ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن حتى أسأل الناس فسأل الناس فشهد المغيرة بن شعبة أنه حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها السدسن فقال أبو بكر: هل معك غيرك؟ فقال: محمد بن مسلمة الأنصاري فأتى ثم قال مثل مقالة المغيرة فأنفذه لها أبو بكر رضي الله عنه.

ثم جات الأخرى- يعني التي للأم- إلى عمر رضي الله عنه تسأله ميراثها؟ فقال لها: ما أرى لك في كتاب الله شيئا وما كان القضاء الذي قضبى به إلا لغيرك وما أنا بزائد في الفرائض شيئا قال في الموطأ: فقال رجل من الأنصار: يا أمير المؤمنين إن تسقط التي لو تركت الأرض وما عليها لكان ابن ابنها وارثها وتترك التي لو تركت الأرض وما عليها اجتمعتما لم يرثها ابن ابنتها فقال عمر رضي الله تعالى عنه هو السدس فإن اجتمعنا هو بينكما وأيتكما خلت به فهو لها.

ص: 963

وقوله: (هو السدس) إلى آخره: ثابت في الموطأ وإلى هذه الحكاية أشار بقوله: (لأنها التي فيها النص) يعني: نص الحديث المتقدم والأخرى بالحمل عليه والله أعلم.

(وأقرب بدرجة) يعني: بحيث تكون هذه أم الأم مباشرة وتكون أم أب الأب فإن أم الأم تسقطها لأنها تدلي بها من جهة أن أخذ الحكم منها فلا ترث مع وجودها وإن كانت التي للأب أقرب لما يصح الحجب به والله أعلم.

(وال يرث عند مالك أكثر من جدتين: أم الأب وأم الأم وأمهاتهما ويذكر عن زيد بن ثابت أنه ورث ثلاث جدات واحدة من قبل الأم واثنتين من قبل الأب أم أم الأب وأم أب ألأب ولم يحفظ عن الخلفاء توريث أكثر من جدتين).

أما أنه لا يرث أكثر من جدتين فهو مذهب مالك وقال الشافعي كل جدة أدلت بوارث فهي وارثة والله أعلم.

(وميراث الجد إذا انفرد فله المال كله وله مع الولد الذكر ومع ولد الولد السدس فإنه شركه أحد من أهل السهام غير الإخوة والأخوات فليقض له بالسدس فإن بقى شيء من المال كان له فإن كان من أهل السهام إخوة فالجد مخير في ثلاثة أوجه:

يأخذ أي ذلك أفضل إما مقاسمة الإخوة أو السدس من رأس المال أو ثلث ما بقي فأما إن لم يكن معه غير الإخوة والأخوات فهو يقاسم أخا وأخوين أو عدلهما أربع أخوات فإن زادا فله الثلث فهو يرث الثلث مع الإخوة إلا أن تكون المقاسمة أفضل له.

والإخوة لأب معه كالشقائق في عدم الشقائق فإن اجتمعوا عاده الشقائق الذي لأب فمنعوه بهم كثرة الميراث ثم كانوا أحق منه بذلك إلا أن يكون مع الجد أخت شقيقة ولها أخ وأخت لأب فتأخذ نصفها مما حصل ويسلم ما بقى إليهم).

الجد لا ميراث له في الكتاب ولا في السنة وإنما هو الإجماع قال الفرضيون: والذين يرثون بالإجماع ثلاثة: الجد وبنو البنين والعم وبنوه. قالوا: وللجد سبع حالات وقد ذكرها الشيخ كلها فأولها: أن ينفرد فيرث المال كله بالتعصب.

ص: 964

الثانية: أن يكون معه ابن أو ولد ابن فيفرض له السدس.

الثالثة: أن يكون معه من أهل السهام من ليس بأخ ذكر ولا أنثى فليلفظ له بالسدس ويأخذ ما فضل من المال بعد الفروض وإن كان أكثر من السدس.

الرابعة: أن يكون من أهل السهام إخوة فيخير في ثلث الباقي والسدس من رأس المال أو مقاسمة الإخوة كأحدهم لأن الذي يدلي به هو الذي يدلون به وهو الأب فهو يقول أنا أبو أبيه وهم يقولون نحن بنوا ابنه.

الخامسة: أن لا يكون معه إلا الإخوة الأخوات فلا ينقص من أعلى فرضه وهو الثلث ولا يزاد عليه ما أمكن فيكون له مع الأخوين الثلث ومع الأربع من الأخوات كذلك وإن لم يكن غير أخ فالمقاسمة خير له وكذا أخت وأختين.

السادسة: أن يكون مع الإخوة الأشقياء إخوة لأب فيعادونه بهم لئلا يتعدى فرضه وينقص من أعلاه إلى أدناه ثم يأخذون هم نصيب أخواتهم مثاله: أخ شقيق وأخت لأب وجد يفرض لكل واحد ثلث ثم يأخذ الشقيق نصيبه ونصيب أخيه لأبيه لأنه محجوب به والجد قد استوفى غاية فرضه.

السابعة: أن تكون معه أخت شقيقة ولها أخ وأخت لأب فتأخذ الأخت نصفها لأنها من ذوات الفروض ويبقى الباقي بينه وبين الذين لأب لأنه كأحدهم والله أعلم.

هذا تقرير من كلامه وقد كان السلف يبرءوه من مسألة الجد ويفرون من الكلام فيها حتى قال عمر رضي الله عنه: من خاض في مسألة الجد فقد تقحم النار فكن على بصيرة من كلام العلماء.

(ولا يربى للأخوات مع الجد إلا في الغراء وحدها وسنذكرها بعد هذا إن شاء الله).

معنى (فلا يربي): لا يعال إلا في الغراء ولها اسمان أحدهما: ما ذكرها به وهو الغراء قيل: لشهرتها وقيل: لأنها غرت الجد على الأخت وتسمى أيضا: الأكدرية قيل: لأنها كدرت على زيد بن ثابت مذهبه في ميراث الأخت مع الجد إذ يمنع ميراثها معه وقيل: لأن أول من ورث بها امرأة من بني الأكدر وقيل: لأن عبد الملك بن مرواه ألقاها على رجل من بني الأكدر كان عارفا بالفرائض فأخطأ فيها وذكرها بعد قوله:

ص: 965

(ولا يعال للأخت مع الجد إلا في الغراء) ونذكرها إن شاء الله.

(ويرث المولى الأعلى إذا انفرد جميع المال كان رجلا أو امرأة فإن كان معه ذو سهم كان للمولى ما بقي بعد أهل السهام ولا يرث المولى مع العصبة وهو أحق من ذوي الأرحام الذين لا سهم لهم في كتاب الله).

المولى الأعلى هو المعتق بكسر التاء والأسفل بالفتح ولا حظ للمفتوح من الميراث كالمكسور مع وجود وارثه أو عاصب ماكان فهو إذا آخر وارث وليس بعده إلا بيت المال الذي هو مرجع بعض الوارثين.

وذوي الأرحام الذين لا سهم لهم في كتاب الله ثلاثة عشر ست رجال وسبع نسوة أما الرجال فابن البنت وابن الأخت وابن الأخ لأم والعم لأم والخال والجد لأم وأما النساء: فبنت البنت وبنت الأخت وبنت الأخ لأم والعمة لأم والخالة والجدة أم أب الأم فهؤلاء لا يرثون باتفاق مالك والشافعي إلا أم الجد فإن الشافعي يورثها في قوله الصيحيح إذ كل جدة أدلت بوارث ورثت والله أعلم.

(ولا يرث النساء من الولاء إلا ما أعتقن أو جره من أعتق إليهن بولاد أو عتق).

شرط الإرث بالولاء التعصيب ولا نصيب للنساء فيه إلا مباشرته فإنها ترث به وكذا ما جره إليها ولادة كأن تعتق حاملا فتحمله من ذلك فيكون ولاء ما ولدت كولائها لأن كل ذات رحم فولدها بمنزلتها (أو ما جره إليه ولاؤها): كأن تعتق معتقها ثم تنقرض مادة العليا فإنه ينتقل إليها ما دامت مطلقا لأن حكمه حكم ما باشرت عتقه وقدم حكم ذلك في آخر باب الوصايا فانظره.

واعلم أن إرث النساء كله بالفرائض إلا أربع فإنه لم يدخلن معنى التعصيب: البنت مع الابن والأخت مع الأخ في درجتها والأخت مع الجد والأخت مع البنت فهن في ذلك كالعصبة لا أنهن عصبة فلا يرثون من الولاء شيئا وإن حكم تعصيبهن والله أعلم.

(وإذا اجتمع من له سهم في كتاب الله فكان ذلك أكثر من المال أدخل عليهم كلهم الضرر وقسمت الفريضة على مبلغ سهامهم).

أدخل الضرر على الجميع لحق الواحد عد ضيق المال عن الفروض وهو العول

ص: 966

وقد أثبته مالك فينقص من كل نصيب على نسبة ما يجتمع من مجموعه نصيب الباقي بعد الفروض والله أعلم.

(ولا يعال للأخت مع الجد إلا في الغراء وحدها، وهي امرأة تركت زوجها وأمها وأختها لأبوين أو لأب وجدها فللزوج النصف وللأم الثلث وللجد السدس فلما فرغ المال أعيل للأخت بالنصف ثلاثة أسهم ثم جمع إليها سهم الجد فقسم جميع ذلك بينهما على الثلث لها والثلثين له فتبلغ سبعة وعشرين سهما).

الفرائض على أقل أنصبائها وهو السدس هنا فالمسألة من ستة وقد أشار إليها بقوله: (أعيل للأخت بالنصف ثلاثة) فتكون تسعة أضربها في عدد المقسوم عليهم وهي ثلاثة تكون سبعة وعشرين فمن له شيء في أصل الفريضة أخذه مضروبا فيما ضربت فيه الفريضة للزوج النصف وهو ثلاثة في ثلاثة بتسعة وللأم الثلث وهو اثنان في ثلاثة بستة وللجد السدس وهو واحد في ثلاثة بثلاثة وللأخت النصف وهو ثلاثة في ثلاثة بتسعة للأخت ثلثها وهي ثلاثة مع ما لها في نصيب الجد وهو واحد تكون أربعة وللجد ثلثها مع نصيبه من فرضه وهو اثنان فتكون له ثمانية والله سبحانه وتعالى أعلم.

خاتمة:

هذا الذي ذكرنا في الفرائض على حسب الوقت والحال مع أنه علم وحده ونحن ضعفاء فيه وقصدنا من الكتاب تفكيك ألفاظه وإفاده أهل الخير والدين والمبتدئين بعمله ولا حديث لنا مع فضلاء السادة العلماء ولا مع من لا همة له ولا مع من فيه حسد وإذاية. والله المسئول أن يكفينا شر جاهل يتحامل أو عارف يعرف الحق ويتجاهل ويصرف عنا داء الحاسدين وغيرهم وينفعا به وكل من وقف عليه آمين بمنه وكرمه وهو حسبنا ونعم الوكيل. وصلى الله على سيدنا ونبينا ومولانا محمد وعلى آله وسلم.

ص: 967