الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب في النكاح والطلاق والرجعة والظهار والإيلاء واللعان والخلع والرضاع
ذكر في هذا تراجم ثمان كلها كتب في المدونة وغيرها والأصل منها الأول والباقي توابع له وسنذكر حقائقها في مواضعها إن شاء الله تعالى، فأما النكاح فحقيقته في اللغة الضم والجمع ومنه قولهم نكحت الحصى إخفاف الإبل ونكح النوم العين وأنكح الذراع البذر الأرض أي ألزمها إياه وحقيقته الشرعية قال (ع) عقد على مجرد التمتع بآدمية غير موجب قيمتها بنية قبله غير عالم عاقده حرمتها إن حرمها الكتاب على المشهور أو الإجماع على الآخر قال وقوله ابن بشير عقد على لابضع بعوض يرد بدخول بعض صور الزنا فيه وحكمه الندب في الجملة للأحاديث في الأمر به قاله ابن بشير وتابعه وقسمه اللخمي للأحكام الخمسة فانظره.
(ولا نكاح إلا بولي وصداق وشاهدين عدلين).
يعني أن من حقيقته أن يكون بهذه الثلاثة فإن دخل على إسقاطها أو إسقاط بعضها فليس بنكاح في الأول يفسخ قبل البناء وبعده لقوله عليه السلام " أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل وإن دخل بها فلها المهر بما استحل فرجها". رواه أصحاب السنن من حديث عائشة رضي الله عنها وصححه أبو عوانة وابن حبان والحاكم وعليه العمل عندنا.
وهل الفسخ بطلاق أم لا قولان لابن القاسم وابن نافع وشرط إسقاط الصداق يوجب الفسخ قبل البناء وفي إمضائه بعده بصداق المثل قولان ولو سكتا عنه فهو صحيح لأنه نكاح تفويض وسيأتي إن شاء الله والإشهاد شرط في المدخول مستحب في العقد وظاهر رواية أشهب وجوبه في العقد وعلى المشهور مشي الشيخ فقال:
(فإن لم يشهدا في العقد فلا يبني بها حتى يشهدا).
مفهوم كلامه بل صريحه أن الإشهاد في العقد كاف والتثنية راجعبة للزوج ومقابلة من ولي أو امرأة فالمراد المتعاقدان اثنين كانا أو ثلاثة ثم إن بنى دون إشهاد فسخ مطلقا وهل بطلاق وهي رواية محمد عند الشيخ قائلا وخطبتها بعد ثلاثة حيض وقيل بغير طلاق وسواء اتفقا على إسقاط الإشهاد أو لاث ثم إن أقر بالوطء حدا إن كانا عالمين بالمنع ولم يفش اتفاقا ولا يحدان إن كانا جاهلين مع فشوه كذلك وفي فشوه وهما عالمان قولان لابن القاسم وأشهب وابن حبيب مع أصبغ وعبد الملك قائلين الشاهد فشو ولا يقبل الولي الجاهل كالعالم في عدم الفشو على المشهور (خ) ولا حد إن فشا ولو عالمين يريد على المشهور في الأخير والله أعلم.
(وأقل الصداق ربع دينار).
يعني من خالص الذهب وهو وزن نحو ثمان عشرة حبة من حب الشعير المتوسط أو ثلاثة دراهم من فضة خالصة وزون كل درهم خمسة حبة وخمسا حبا أو ما قيمة أحدهما من العروض على المشهور في الجميع وأجازه ابن وهب في الدرهمين والسوط والنعلين وفي الواضحة بأدنى من الدرهمين وبما تراضيا عليه والمشهور إن وقع بأدنى من الدرهمين أمر بتكميلهما وإلا فسخ ولها نصف الدرهمين ولا حد لأكثره إجماعا وقد رام عمر رضي الله عنه تحديده بما أصدقه عليه السلام نساءه وبناته فقالت له امرأة وهو على المنبر أين أنت من قول الله تعالى {وآتيتم إحداهن قنطاراً} [النساء: 20] فقال: " كل الناس أفقه منك يا عمر حتى امرأة" إنصافا وتواضعا ورجوعا للحق وكره مالك الإغراق في كثرته لما رواه ابن حبان " من يمن المرأة يسر مهرها " من حديث عائشة رضي الله عنها وقال الحاكم على شرط مسلم.
(وللأب إنكاح ابنته وإن بلغت بغير إذنها).
لا خلاف في جبر الصغيرة غير الثيب والمشهور ما ذكر في البالغ حتى العانس إلا المرشدة والتي أقامت في البيت سنة وشهدت مشاهد النساء والأصح جبر العانس ابن وهب وهي بنت ثلاثين سنة ولابن القاسم أربعين ولغيرهما غير ذلك المتيطي المشهور عدم جبر المرشدة ولا بد من إذنها تصريحا كالتي عطلت أو زوجت بمرض أو لرزق أو لذي عيب أو يتيمة أفتيت عليها (م) وكالبكر من ثيبت بعارض أو بحرام وهل إن
كررت الزنا تأويلان.
(وإن شاء شاورها).
ظاهره التخيير في مشاورتها دون أرجحية قال في المدونة وليست المشورة بلازمة للأب في الأبكار وفي الجلاب استحباب مشورتها تطييبا لقلبها واستئلا فا للزوج وليعلم ما عندها من إقبال وغيره ولما عسى أن يكون بها من عيب فتخبر به وقال السيوري بوجوبه وهو مذهب الشافعي ودليلنا قوله عليه السلام: " ليس للولي مع الثيب أمر واليتيمة تستأمر" فخصه باليتيمة ولو كان مطلقا لما خصت بالذكر فتعين حمل الإطلاق الذي في الحديث الآخر على الندب أو إرجاعها لهذا ابن حبيب تزويجها لمن هو دونها قدرا ومالا وبدون مهر المثل وبضرير وقبيح منظر وعلى ضرة لا مجنون تخاف منه أو برص مولع أو مجزوم مقطع وفي كخصي وعنين قولان.
(وأما غير الأب في البكر وصي أو غيره فلا يزوجها حتى تبلغ وتأذن).
لما كان شرط نكاحها الإذن لزم اعتبار البلوغ إذ لا تصرف لغير بالغ وفي المدونة لا يزوج اليتيمة التي يتولي عليها حتى تبلغ وتأذن لأمره عليه السلام " باستئذان اليتيمة"(ع) في جبر الولي غير الوصي البكر اليتيمة قبل بلوغها ثالثها إن أطاقت المسيس ورابعها إن كانت فقيرة للمازري عن قوله شاذة والمعروف عن ابن الحارث من رواية ابن نافع اتفقوا على منعه قبل إطاقتها المسيس وابن بشير قائلا اتفاق المتأخرين إن خيف عليها ابن عبد السلام وعليه العمل عندنا إن بلغت عشرا وشوور القاضي وسيأتي حكم تزويج الوصي إن شاء الله.
(وإذنها صماتها)
يعني أن اليتيمة إذا استؤذنت في الإنكاح فصمتت فذلك إذن منها وظاهره سواء علمت أن الصمت إذن أم لا فلا تعذر بدعوى جهله قال في المدونة قال غيره إذا كانت تعلم أن السكوت رصا فحمله ابن الحارث على الخلاف وحمديس على والوفاق وتوقف أبو عمران وقيل إن عرفت ببله عذرت وإلا فلا وجعل ابن رشد مذهب المدونة.
استحباب إعلامها بأن رضاها صمت وروى ابن مسلمة وجوبه ونقله حمديس عن ابن القاسم وعليه فالمشهور تكفي المرة ولابن شعبان ثلاثا إن رضيت فاصمتي وإن كرهت فانطقي عبد الملك ويستحب أن يطيلوا المقام عندها قليلا.
المغربي: فإذا تكلمت فقد تكلفت ما لا يلزمها ولا يضرها ذلك وروى محمد إنكارها بالقول لا بالصمت وفي الجلاب إن نفرت أو قامت أو ظهر منها ما يدل على الكراهة لم تزوج ابن مغيث: وصمتها رضا كأن بكت قائلا ونزلت فحكم بإمضائه وفي الجلاب كقول ابن مسلمة ليس بكاؤها رضى (ع) والأولى الكشف عن حال بكائها هل هو إنكار أم لا.
(ولا يزوج الثيب أب ولا غيره إلا برضاها وتأذن بالقول).
يعني إن كانت بالغة رشيدة لا مملوكة وقد ثيبت بنكاح أو ملك أو بشبهة منهما على المشهور في الجميع فتجبر الصغيرة والبالغة التي تثيب قبل بلوغها وطلقت قبله على المشهور المجنونة كيفما كانت وفي السفيهة خلاف مشهوره عدم جبرها وقال ابن عات إن جدد عليها الحجر جبرها وللسيد جبر أمته كيف كانت وقد تقدم ما في الثيب بعارض ونحوه ولو زوجت بغير إذنها فلها الرد وإن رضيت.
وثالثها المشهور إن أجازته بالقرب صح والقرب. قال عيسى مثل أن يقعد في المسجد أو في السوق ثم يسار إليها به وروى ابن حبيب اليوم كثير وقال سحنون اليومان قليل والخمسة كثير وقيل يعتبر بالعرف في الكثرة والقلة.
(ولا تنكح المرأة إلا بإذن وليها أو ذي الرأي من أهلها كالرجل من عشيرتها أو السلطان).
هذا الكلام نقله مالك في المدونة عن عمر رضي الله عنه غير قوله (كالرجل من عشيرتها) تفسير لذي الرأي من مالك قائلا فذو الرأي من العشيرة أو ابن العم أو الولي وقال عنه ابن نافع هو الرجل من العصبة وثالثها لعبد الملك هو الرجل من البطن وعصبة الرجل أقاربه من جهة الأب ثم البطن وهو أوسع من العصبة ثم الفخذ القبيلة ابن الفاكهاني وأعلى الطبقات الشعب ثم القبيلة ثم العمارة ثم البطن ثم الفخذ ثم الفصيلة ثم الحي والعشيرة ومثلها بوجوه ثم قال هكذا وجدت في بعض الحواشي عن ابن الكلبي.
والحاصل أن الولاية خاصة وعامة فالخاصة ما أدلي فيه بنسب أو سبب والعامة ولاية الإسلام.
(ع) الولي من له على المرأة ملك أو أبوة أو تعصب أو كفالة أو إيصاء أو ذو إسلام انتهى وأقواها الأبوة والملك في محل الإجبار لأنه لا يصح معهما من غيرهما والمراد بالإذن العقد أو التوكيل فيه لمن يصح منه لا إطلاق النكاح للمرأة والله أعلم.
(وقد اختلف في الدنية أن تولي أجنبيا).
(الدنية) التي لا يرغب فيها بجمال ولا مال ولا قدر ولا حال كالسواداء الفقيرة والمسلمانية ومن في معناهما والمراد (بالأجنبي) من له ولاية الإسلام فقط والمقصود إذا تزوجت به من الولي الخاص الذي لا جبر له والمشهور صحته وهي رواية ابن القاسم وقوله (كشريفة) دخل وطال وإلا فسخ وإن دخل ما لم يطل ولم ير السنة طولا وروى أشهب لا يصح في شريفة ولا دنية وقاله ابن حبيب وروى عبد الوهاب هي ولاية فيهما وهو ظاهر رواية ابن المواز والله أعلم.
(والابن أولى من الأب والأب أولى من الأخ ومن قرب من العصبة أحق وإن زوجها البعيد مضى ذلك).
هذه مراتب الأولياء في غير مواضع الجبر ولم يستوفها الشيخ (ع) والأحق المالك وهو المعروف ثم الابن وإن سفل ثم الأب الباجي في بعض الكتب روى المدنيون الأب ثم الابن ثم الأخ للأب ثم ابنه ولو سفل ثم الجد.
وقال المغيرة الجد ثم الأخ ثم العم ولو علا ثم ابنه ولو سفل ثم الجد على رتبة الإرث دون تقديم أخ شقيق على أخ لأب روايتان لابن حبيب مع قول ابن القاسم ولهما فأجراهما اللخمي في ابنيهما وفي العمين وابنيهما.
قال ورواية ابن القصار يجوز للأخ إنكاح إخته مع وجود الأخ مرغوب عنها الباجي ثم المولى الأعلى وقال في الجالب يعقد الأسفل وإن لم يكن عاصب ولأبي عمر في الكافة لا ولاية لأسفل ثم عصبة المعتق ثم معتقه واختلف في تقديم السلطان على ذي الرأي فللمتيطي عن ابن القاسم السلطان وذو الرأي سواه وقاله سحنون وروى أصبغ عن ابن القاسم الولي مقدم إلا في العضل ولابن حبيب عن عبد الملك السلطان
أولى من ذي الرأي والله أعلم.
(وإن زوجها البعيد مضي ذلك).
يعني أن البعيد من الأولياء كابن العم مع الأخ إن زوج مضي ذلك وهو آثم وقيل مكروه وهذا كله على المشهور ما لم يكن القريب مجبرا فيفسخ أبدا وفهم من كلامه أن المتساوين أحرى في إمضائه وفي المدونة إمضاؤه من ولد فوض إليه أموره ببينة فزوج أخته البكر ثم أجزأه وفي المسألة وفي المسألة فروع وتفاصيل يطول ذكرها.
(وللوصي أن يزوج الطفل في ولايته ولا يزوج الصغيرة إلا أن يأمر الاب بإنكاحها).
مشهور المذهب تزويج الولي الطفل في ولايته وقاله في المدونة ومنعه سحنون وروى محمد لا يعجبني وللمغيرة منعه وإن كانت رضيعة إلا أن كانت شريفة أو ابنة عم فيجوز وأجراها اللخمي في تزويج الأب ابن الصغير (ع) وهو بعيد والحاكم كالوصي ولابن القاسم وابن حبيب يجبر الأب والوصي البالغ السفيه وأقسم من نكاح المدونة الأول في إرخاء الستور لا يجبر.
وقاله عبد الملك واختاره ابن عبد السلام لأنه قد يطلق فينعكس المقصود والله أعلم فأما الصغير فليس له تزويجها حتى تبلغ وتأذن إن لم يكن لها ولي فوقه إلا أن يأمره الأب بإنكاحها وينص له على الجبر فلو دخل فله ذلك على المشهور وإن قال زوجها ممن أحبت فكذلك على المشهور وقال سحنون والقاضيان لا يجبرها.
ابن رشد: فلو قال أنت وصي على نكاح بناتي في جبرهن قولا محمد وابن حبيب ولو قال أنت وصي فقط فلا جبر وفي كونه وليا لكل من للولي عليه ولاية أقوال نقها ابن رشد قال ولا ولاية لوصي على معين على غيره من قرابة الموصي اتفاقا وقال ابن حبيب إن قال وصي على بضع بناتي كان وليا فيهن ولو كن مالكات أنفسهن ولا جبر له قال ابن عطاء وكان القاضي ابن السليم يأمر الوصي بأمر الولي والله أعلم.
(وليس ذوو الأرحام من الأولياء والأولياء من العصبة).
(ذوو الأرحام) من كان من جهة الأم كالخال وما في معناه وروى على تزويج الأخ للأم صحيح والمشهور خلافه ويخرج من كلامه الكافل والمشهور أنه ولي وهل
مطلقا وهو قول ابن العطاء أو في الدنية فقط وهو ظاهر المدونة ومختصر الشيخ وجعل ابن رشد الكافل كالوكيل يزوج بحضرة الأب وجعله ابن يونس كالوصي لا يزوج إلا بعد وفاة الآباء بالإذن والرضا وكل حمل المدونة على قوله ولابن العطار هو ولي في غيبة الأب ويجبرها وسمع القرينان لا يبجبرها والعاصب كر يدلي بنفسه أو بذكر مثله والأقوى تعصيبا مقدم.
(ولا يخطب أحد على خطبة أخيه ولا يسوم على سومه وذلك إذا ركنا وتقاربا).
(الخطبة): بالضمة كلام مسجد فيه حمد الله والصلاة على رسوله ونحو ذلك وبالكسر طلب التزويج ويجوز الإفراد والجماعة أي يخطب الواحد لنفسه وللجماعة وكل من الجماعة في فور أو متراسلين ما لم تركن لواحد على ذلك حمل أهل المذهب قول النبي صلى الله عليه وسلم " لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له" متفق عليه من حديث ابن عمر رضي الله عنه قال ابن القاسم: وهذا في المتقاربين فأما صالح أو فاسق فلا يمنع الصالح من خطبته على الفاسق والركون والتقارب بما يدل على سكون فيصح لبعض ولو لم يفرض صداق على قول ابن القاسم وغيره وهو المشهور.
وقال ابن نافع إن لم يفرض صداقا جازت الخطبة عليه ثم إن تزوج الثاني حيث يمنع ففي فساد النكاح لمطابقة النهي قولان ثم في كونه مطلقا أو قبل البناء قولان نقلهما ابن رشد أبو عمر ثالث الروايات يفسخ قبل البناء وللعتبي عن سحنون لا يفسخ ويؤدب فاعله ولابن وهب إن وقع تحلل منه الأول فإن لم يفعل استحسنت له فراقها دون قضاء عليه قال عيسى إن لم يحلله استغفر ولا شيء عليه. وحكى الجزولي في الذمي قولين وقال المشهور منع الخطبة عليه لأن المقصود الإبعاد بخلاف السوم وسيأتي إن شاء الله.
(ولا يجوز نكاح الشغار وهو البضع بالبضع ولا نكاح بغير صداق ولا نكاح المتعة وهو النكاح إلى أجل ولا النكاح في العدة ولا ما جر إلى غرر في عقد أو صداق.
ولا بما لا يجوز بيعه).
هذه الأربعة متفق على منعها ابتداء واختلف في رده وإمضائه بعد الوقوع على تفصيل في ذلك و (الشغار) قيل من قولهم دار شاغرة أي خالية لخلوه عن الصداق وقيل من شغر الكلب إذا رفع رجله ليبول لأنه ليس فيه إلا رفع الساق ففي حديث ابن عمر رضي الله عنه: " نهى عليه السلام عن نكاح الشغار أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوج الآخر ابنته وليس بينهما صداق" متفق عليه.
والمشهور عدم خصوصه بذات الجبر بل كل ولية كذلك فلو زوجه أخته على ذلك أمه ونحو ذلك فكذلك وقسمه أهل المذهب إلى ثلاثة أنواع نفس الشغار بعرو البضعين معا عن التسمية فيفسخ قبل البناء وبعده على المشهور ووجه الشغار وهو أن يسمى لكل واحدة لها شيء والأخرى بلا شيء فيجرى كل على حكم ما تقدم في اللتين قبلها وكل بطلاق على المشهور ولا شيء فيما فسخ قبل البناء.
ولمن بنى بها مهر مثلها في القسم الأول على المشهور وفي الثاني الأكثر من مهر المثل والمسمى لا المثل مطلقا على المشهور وتؤولت المدونة عليها وفي الثالث على ما تقدم فيهما والله أعلم وعلة منعه كون كل معقودبه معقودا عليه فيقع التبعيض ونفي الصداق ونكاح المتعة قال الأبهري سمى ذلك لانتفاعها بما يعطيه وانتفاعه بشهوة وفساده لتأجيله فتدخل النهارية ويفسخ أبدا إلا النهارية فقبل البناء على المشهور ولهما صداق المثل والأولى المسمى على الأصح فيهما إن دخل.
وقال المازري تقرر الإجماع على تحريم نكاح المتعة ولم يخالف فيه إلا طائفة من المبتدعة وقد أبيحت أول الإسلام ثم نسخت والله أعلم، وقد تقدم النكاح بغير صداق وإن دخلا على إسقاطه وأنه فاسد ونكاح المتعة يأتي تفصيله إن شاء الله.
والغرر في العقد كالكناح على خيارهما أو خيار أحدهما أو غيرهما فإن وقع فسخ قبل البناء وثبت بعده إن كان في كيومين وإليه رجع ولها المسمى كأن لم يأت بالصداق إلى أجل كذا فلا نكاح بيننا والغرر في الصداق ككونه بآبق أو شارد وما لا يجوز بيعه كالخمر والخنزير فالصداق كالثمن لا يجوز فيه إلا ما صح أن يكون ثمنا أو مثمونا.
ومسائله كثيرة فانظرها.
(وما فسد من النكاح لصداقه فسخ قبل البناء فإن دخل بها مضى وكان فيه صداق المثل).
ما ذكر هو المشهور وفساده لصداقه كونه بما لا يحل أو بغرر كالجنين وثمرة لم يبد صلاحها ونحوه والخلاف في بعض الصور لاحتمال كونه لصداقه أو لعقده صداق المثل في النكاح كالقيمة في البيوع يرجع إليه عند الفساد ونحوه وكل ما يفسخ قبل البناء فلا شيء فيه إلا نكاح الدرهمين ونحوه على المشهور فلها نصفهما، واختلفا في فسخ ما فسخ قبل البناء واجب وإثباته بعد مراعاة للقائل بثبوته أو هو مندوب ولولا ذلك ما أثبت بوجه وهذا الذي رجحه ابن بشير وغيره. والفسخ في ذلك بطلاق وما فسد من النكاح لعقد يختلف.
(وما فسد من النكاح لعقده وفسخ بعد البناء ففيه المسمى وتقع به الحرمة كما تقع بالنكاح الصحيح ولكن لا تحل به المطلقة ثلاثا ولا يحصن به الزوجان).
فساده لعقده ككونه بغير ولي ونكاح الشغار والمتعة والخامسة ونحو ذلك ثم هو في الفسخ نوعان نوع يفسخ قبل البناء وبعده وهو ما ثبت تحريمه بنص أو إجماع أو سنة أو لحق فيه وإرث كالخامسة والجمع بين محرمتي الجمع وهذا فيه المسمى أي ما سمي لها من الصداق إن دخل بها وإلا فلا شيء لها وهذا الذي نص عليه الشيخ وأفاد التقسيم بزيادة الواو قبل قوله فسخ.
والنوع الثاني: يثبت بعد البناء مطلقا أو مع الطول وهو ما كان الخلل في عقده كذات قدر ولت أجنبيا فيفسخ هذا بطلقة بائنة وإن كولاية امرأة ومهر فاسد قبل البناء وشغار ونكاح مريض فروايتان الأكثر بغير طلاق ورجع عنه ابن القاسم وما أجمع على فساده فسخ بغير طلاق ولا غرث فيما فسخ بغير طلاق ولو طلق فيه لم يلزم بخلاف غيره فيهما.
وقوله: (وتقع الحرمة به كما تقع بالنكاح الصحيح ولكن لا تحل به المطلقة ولا يحصن به الزوجان) يرجع لقاعدة المذهب أن الفاسد كالصحيح في نشر الحرمة في الأبناء والآباء ونحوهما ثم إن درأ الحد هكذا وإلا فلا ينشرها لأنه زنى ولا
يحرم بالزنى ولا تحل به المطلقة ثلاثا احتياطا للفروج ولا يحصن به الزوجان درءا للحدود بالشبهات والله أعلم.
(وحرم الله سبحانه من النساء سبعا بالقرابة وسعبا بالرضاع والصهر فقال تعالى: {حرمت عليكم أمهاتكم} [النساء: 32] إلى قوله {وبنات الأخ} قال: فهؤلاء بالقرابة).
وهي أصوله وإن علوا ولو أتت به من زنى وفصوله وإن سلفوا ولو مخلوقة من مائه على المشهور خلافا لعبد الملك أو منفيه بلعان اتفاقا وفصول أول أصوله وأول فصل من كل أصل وإن علا ثم قال.
(واللواتي من الرضاعة والصهر قوله تعالى: {وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد} وقال {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء} [النساء: 22]).
فحصل من هذا خمس من الصهر واثنتان من الرضاع وشرط في تحريم البنت الدخول بأمها بخلاف العكس وذكر الحجور للاستعطاف ونحوه وإلا بشرط عند الجمهور وأنكر عزوه لمالك وسيأتي بيان بعض ذلك إن شاء الله.
(وحرم النبي صلى الله عليه وسلم بالرضاع ما يحرم من النسب).
فكل امرأة لو قدرت قريبة من النسب بحيث تحرم به تحرم بالرضاع إلا أم أخيك أو أختك فإنها من النسب وحليلة أبيك فلا تحرم بالرضاع كأم عمتك أو عمك أو أم خالتك أو خالك وأم خالتك وأخت ولدك وجدته من الرضاع فلا يحرمن فيقدر الرضيع خاصة ولدا للمرضعة ولصاحب اللبن إن كان ولذلك حل لأخيه نسبا نكاح أمه أو أخته من الرضاعة فتأمل ذلك والتحريم في حديث ابن عباس رضي الله عنه متفق عليه إذ قال عليه السلام في ابنة حمة " لا تحل لي هي ابنت أخي" الحديث.
(ونهى أن تنكح المرأة على عمتها أو على خالتها).
هذا حديث متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه فلا يحوز الجمع بين الأختين.
بنص القرآن ولا من ذكر بالسنة ابن الحاجب والجمع بين الأختين وكل محرم محرم وضابطه كل امرأتين بينهما من القرابة أو من الرضاع ما يمنع تناكحهما أن لو كانت إحداهما ذكر فإنه يحرم الجمع بينهما وقد ذكر صاحب التلقين أربعين امرأة محرمات بالأصالة والعرض فانظر ذلك.
(فمن نكح امرأة حرمت بالعقد دون أن تمس على آبائه وأبنائه وحرمت عليه أمهاتها ولا تحرم عليه بناتها حتى يدخل بالأم أو يتلذذ منها بنكاح أو ملك يمين أو بشبهة من نكاح أو ملك).
يعني لأن الله تعالى قال {وأمهات نسائكم} فاطلق وقيد في الربائب بكونهن مدخولا بأمهاتهن وقيد في أزواج الأبناء بالأصلاب ليخرج ابن التبني وهم الأدعياء كما صرح بذلك في سورة الأحزاب فالعقد على البنات يحرم الأمهات ولا يحرم البنات إلا الدخول بالأمهات فالدخول محرم فيهما كان بملك أو نكاح وجعل مالك التلذذ كالدخول ولو بعد المتوت أو النظر لباطن الجسد على المشهور وهل الوجه كذلك أو لا أثر لنظره اتفاقا طريقان وشبهة النكاح والملك هي التي لا يحد بوطئها إن حكم بالفساد أو التحريم ووطء الملك المبيح كوطء العقد وكذا شبهته على المشهور فيهما ويحرم العقد الفاسد ما لم يكن مجمعا عليه والله أعلم.
(ولا يحرم بالزنا حلال).
يعني أن الزنا لا ينشر الحرمة لأب ولا ابن بخلاف العقد الفاسد فهذا مذهب الموطأ والشافعي وجماعة من الأئمة وقال عبد الملك يحرم كالحنفي وثالثها كراهته وقاله ابن المواز المدونة يفارقها وحملت على الكراهة والوجوب وفي الغلط قولان المشهور كالمباح وقال سحنون والطابشي وابن أخي هشام: لا ينشر ووقعت لابن التبان فاختلف فيها القرويون وألف بعضهم على بعض والله أعلم.
(وحرم الله سبحانه وطء الكوافر ممن ليس من أهل الكتاب بملك أو نكاح ويحل وطء الكتابيات بملك ويحل وطء حرائرهن بالنكاح ولا يحل وطء أمهاتهن بالنكاح لحر ولا لعبد).
الأصل عدم وطء الكافرة مطلقا لقوله تعالى: {ولا تنكحوا المشركات} [البقرة: 221] حتى جاء ما جاء في المحصنات أي الحرائر من أهل الكتاب وبقى الباقي على الأصل والملك أخو النكاح في الاستباحة غير أن الأمة الكتابية لا يجوز نكاحها لقوله تعالى: {من فتياتكم المؤمنات} [النساء: 25] ويجوز بالملك لعموم {ما ملكت أيمانكم} [النساء: 3] فتأمل ذلك.
(ولا تتزوج المرأة عبدها ولا عبد ولدها ولا الرجل أمته ولا أمة ولده وله أن يتزوج أمة والده وأمة أمه).
أما المرأة في عبدها والرجل في أمته فلتعارض الحقوق إذ تطالبه بحقوق الزوجية فيطالبها بحقوق الرق وبالعكس. وأما عبد الولد وأمته فللشبهة التي للأبوين في مال
الابن حتى أنهما لا يقطعان بسرقة لقوله عليه السلام: " أنت ومالك لأبيك" وأما تزويجه أمة والده فإنه لا شبهة له فيه إذ يقطع بسرقته وحكى اللخمي عند عبد الملك عن عبد الحكم أن للأب تزويج أمة ولده والله أعلم.
(وله أن يتزوج بنت امرأة أبيه من رجل غيره وتتزوج المرأة ابن زوجة أبيها من رجل غيره).
يعني لأن كل واحد أجنبي عن صاحبه ثم إن تزيد مولود بعد من الأب مع الأم كان أخا لهما فيقول أخي تزوج أختي وهي مما يلقى في المحاضرات والله أعلم.
(ويجوز للحر والعبد نكاح أربع حرائر مسلمات أو كتابيات وللعبد نكاح أربع إماء مسلمات وللحر ذلك إن خشي العنت ولم يجد للحرائر طولا).
لا خلاف للحر فيما ذكر وقال ابن وهب الثالثة للعبد كالخامسة للحر واختلف في نكاح الحر الأمة فمشهور المذهب لا يجوز إلا بعدم الطول وخوف العنت وقال ابن القاسم في مشهور قوليه بالجواز مطلقا وعلى المشهور فالعنت الزنا كما يفسره بعد وقاله في الموطا ولأصبغ عن ربيعة العنت المشقة ابن بشير وعليهما لو خاف العنت في أمة بعينها وحكاهما اللخمي عن الموازية والواضحة وأختار إن كان عزبا تزوج ليذهب ما به لحديث: " إذا رأى أحدكم المرأة فاعطبته فليأت أهله" صحيح وإلا جاز وظاهر ما هنا كرواية محمد أن إباحة الأولى صحيح للأربع بلا شرط وللباجي إن لم يزل خوف العنت إلا أربع جاز.
وعن عبد الملك منع ما وراء الواحدة إن لم يخف عنتا و (الطول) قيل المال ورواه ابن نافع هل مهر الحرة فقط وقاله مالك أو مع القدرة على الإنفاق وقاله أصبغ واختاره اللخمي والمشهور أن الحرة تحته ليست بطول وهل القدرة على نكاح الكتابية طول فيه خلاف فانظره وعلة المنع إرقاق الولد.
(وليعدل بين نسائه وعليه النفقة والسكنى بقدر وجده).
يعدل بينهن وجوبا في أربع الكون ونفقة كل واحدة كما يليق بها من حاله وكسوتها وسكناها كذلك ويقوم لهن بالوطء على قدر نشاطه فلا يحل له توفير نفسه في ليلة واحدة مع نشاطه للأخرى وإلا فلا شيء عليه. قال في المدونة ليس عليه المساواة في الوطء ولا في القلب ولا حرج عليه أن ينشط للجماع في يوم هذه دون الأخرى إلا أن يفعل ذلك ضررا أو يكف عن هذه للذته في الأخرى فلا يفعل ذلك لأنه لا يحل.
وسمع ابن القاسم لا بأس أن يحلي هذه ويكسوها الخز دون الأخرى إن لم يكن ميل ابن رشد هذا معروف المذهب إن قام لكل واحدة بما يجب لها بقدر حالها ابن نافع
يجب عليه أن يعدل بينهن في ماله بعد إقامته لكل واحدة بما يجب لها وذكر المتيطي رواية ولا يدخل لواحدة في زمن الأخرى إلا عابرا أو لوضع ثيابه أو لحاجته وروي إلا لعذر لابد منه وله أن يقف ويسلم ببابها ويأكل ما تبعث إليه ويبين عندها إن أغلقت الأخرى بابها ولم يمكنه المبيت في حجرتها وقيل ليس له ذلك وإن ظلمت ولا يزيد في القسم على يوم وليلة أو يدعوهن لمحله على التناوب برضاهن وإن تباعد بلداهما قسم على ما أمكنه فإن ظلم في القسم فات ويستغفر الله وبالله التوفيق.
(ولا قسم في المبيت لأمته ولا لأم ولده).
يعني لأن الحق للسيد في الوطء والتصرف بخلاف الزوجة وفي الجواهر من له زوجة واحدة لا يجب عليه المبيت عندها (ع) الأظهر وجوبه أو تبيت امرأة ترضى معها لأن تركها وحدها ضرر بها وربما يتعين عليه من خوف المحارب والسارق الشيخ روى محمد لا قسم لأم ولد ولا لأمة مع حرة ولا قسم بين السراري والمستولدات ولا بين الإماء. ولابن شاس واللخمي لا مقال للحرة في مقامه عند الأمة قال وفيه نظر.
(ولا نفقة للزوجة حتى يدخل بها أو يدعى إلى الدخول بها وهي ممن يوطأ مثلها).
النفقة في مقابلة الاستمتاع فلا تجب إلا مع إمكانه وتمكينه على المشهور وقال ابن عبد الحكم تجب بنفس العقد لأنها من حقوق النكاح ووافقه سحنون في اليتيمة وصحة الزوج شرط فلو دعي بحال مرض في السياق أو يمنع الجماع لم يجب عليه شيء ولو كان مريضا لا يمنع الجماع ولا يبلغ حد السياق فقولان وكذا في مرض الزوجة وما يمنع الجماع كالصحة والمشهور وشرط بلوغ الزوج خلافا لرواية ابن شعبان في شرط إطاقة الوطء فقط بخلافها هي فإنه لا يشترط البلوغ بل الإطاقة فقط والله أعلم.
(ونكاح التفويض جائز وهو أن يعقداه ولا يذركران صداقا ثم لا يدخل بها حتى يفرض لها فإن فرض لها صداق المثل لزمها وإن كان أقل فهي مخيرة فإن كرهت فرق بينهما إلا أن يرضيها أو يفرض لها صداق مثلها فيلزمها).
الأصل في نكاح التفويض قوله تعالى: {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة} [البقرة: 236] لأنه نكاح إلى بصدق فلزم جوازه
ومرجعه العقد دون تسمية مهر لم تيفقا على إسقاطه فإن اتفقا على إسقاطه كان نكاحا بغير صداق وقد مر ما فيه ومعنى أنه لا يدخل حتى يفرض لها هو أن لها الامتناع من التمكين إلا بعد الفرض فإن رضيت بالتمكين قبل الفرض جاز إن دفع ربع دينار.
قال اللخمي وفي الجواهر لها حبس نفسها للفرض لا لتسليم المهر (ع) ومسائل المدونة كالنص في تبدئة الزوج بالدفع وهو الصواب ويعتبر صداق مثلها يوم العقد لأنه موجب الميراث وغيره من حقوق النكاح الثابتة به وقال الباجي: النظر في مهر المثل لأربع صفات الدين والمال والحسب والجمال، ومن شروطها التساوي مع ذلك في الأزمنة والبلاد ابن الحاجب ومهر المثل ما يرغب به مثلها في مثلها.
قال في المدونةلا ينظر فيه لنساء قومها إنما ينظر فيه لشبابها وغناها وموضعها وإنما تخير إذا كانت مالكة أمرها غير مولى عليها ولا يجبره أب ووصيه. ابن رشد: أما الثيب الرشيدة فهي أحق بالقبول والرد ومستقلة به وأما البكر المجيرة فذلك إلى أبيها أبو حفص العطار اتفاقا فيها. وفي المرشدة والعانس قولان ومذهب المدونة لغو رضا اليتيمة بدونه خلافا لسحنون وفي ذات الوصي أربعة رابعها استحسان اللخمي: أن الوصي فيها وفي الثيب كاف ولغه للمدونة ولو وافقته وصحته إن رآه نظرا لابن فتحون عن المذهب وثالثها إن وافقته لابن العطار قائلا اتفاقا.
وإنما يجب لها مهر المثل بالدخول لا بالعقد ولا بالموت فإن مات أحدهما توارثا ولا صداق إلا بفرض على المشهور وأثبته عبد الحميد عن بعضهم بالموت ولو دخلا على رفع خيارها بأي شيء فرض فسد ونكاح التحكيم ملحق به على المشهور والله أعلم.
(وإذا ارتد أحد الزوجين انفسخ النكاح بطلاق وقد قيل بغير طلاق).
الردة خروج عن الإسلام وقوعها من أحد الزوجين يوجب فسخ نكاحهما وإن كان ارتداد الرجل إلى دينها وهي كتابية على المشهور وكون فسخه بطلاق هو المشهور ومذهب المدونة كونه بائنا وقال سحنون رجعيا وكونه بغير طلاق قاله بعد الملك ولو رماها الزوج بالردة فأنكرت لزمه لأنه مقر على نفسه بموجب فراقها ولها المسمى إن بنى بها وعلى أنها رجعية فبتوبته وقيل تنتظر في العدة والله أعلم.
(وإذا أسلم الكافر إن ثبتا على نكاحهما، وإن أسلم أحدهما فذلك فسخ بغير
طلاق فإن أسملت هي كان أحق بها إن أسلم في العدة وإن أسلم هو وكانت كتابية ثبت عليها فإن كانت مجوسية فأسلمت بعده مكانها كانا زوجين وإن تأخر ذلك فقد بانت منه).
إسلام الزوجين مصحح لنكاحهما وإن كان بوجه فاسد يتعلق بالعقد أو بالصداق لا بالزوجين وبأحدهما كنكاح ذات محرم أو معتدة ولم تنقض أو لأجل ولم يأت إلا أن يتفقا على البقاء بعده فيقر إن كان وقع بدون عقد ولا ولي ولا صداق وكون إسلام أحدهما فسخا بغير طلاق هو المشهور ومذهب المدونة وسمع عيسى بطلاق فأما إن أسلمت هي فإن كانت مدخولا بها انتظر، فإن أسلم في عدتها كان أحق بها ولو كان طلقها ثلاثا لفساد أنكحهم على المشهور فيهما إن لم يبنها عنه وإلا فبعقد جديد بلا محلل وفي نفقة ما بين إسلامهما قولان وتبين غير المدخول بها بنفس الإسلام على المشهور.
وإن كانت كتابية أسلم زوجها ثبت عليها لجواز نكاحها بالأصالة ما لم تكن أمة على المشهور إذ لا يجوز نكاحها ابتداء دون كراهة على الأصح ولو صغيرة جبرها أبوها والمشهور ما ذكر في المجوسية تسلم ثم يسلم زوجها وأنها تبين بنفس الإسلام والله أعلم.
(وإذا أسلم مشرك وعنده أكثر من أربع فليختر أربعا ويفارق باقيهن).
يعني ولو كان الأربع مجموعات بعقد واحد أو كن أواخر معقودا عليهن على المنصوص واختاره بلفظ صريح وما يدل عليه من لوازم النكاح ولو الإيلاء والطلاق والظهار ونحوه ولا يختار من يمنع ابتداء النكاح به في الإسلام كأم وابنتها وذوات محرم أو أختين فقد أمر صلى الله عليه وسلم فيروز الديلمي رضي الله عنه حين أسلم أن يختار واحد من اثنتين رواه أصحاب السنن وصحح ابن حبان والبيهقي والدارقطني وحديث غيلان بن مسلمة رضي الله عنه حين أسلم على عشرة نسوة رواه أحمد والترمذي وصححه ابن حبان.
(ومن لاعن زوجته لم تحل له أبدا وكذلك الذي يتزوج المرأة في عدتها ويطؤها في عدتها).
المذهب أن اللعان محرم للأبد لحديث أبي داود مضت السنة في المتلاعنين أن يفرق بينهما ثم لا يجتمعان أبدا وأما النكاح في العدة فحرام إن دخل فيها على المشهور ورواه ابن نافع وإن علم بالتحريم وإلا حرمت اتفاقا وكذلك إن عقد ووطئ بعدها خلافا لابن نافع وهو ظاهر ما هنا وإن فسخ قبل الدخول ثم إن شاء عقد بعد انقضاء
عدتها والمباشرة والنظر باللذة كالدخول ويعاقب الشهود والولي والزوجان أن تعمدوا والله أعلم.
(ولا نكاح لعبد ولا لأمة إلا بإذن السيد).
العبد والأمة لا يملكان من العقود شيئا إلا بإذن السيد فإذا أذن لهما في عقد أو تصرف لزمه وليس له رجوع فيه غير أن العبد يتصرف بأحكام النكاح ثم إن عقد العبد بغير إذن خير السيد بين إمضائه ورده بطلاق بائن وكونه واحدة هو المشهور لا بطلقتين جميع طلاق العبد خلافا لابن وهب ثم إن كان الفسخ بعد الدخول استرد السيد ما أخذته إلا ربع دينار واتبعت بما أخذ بعد عتقه كسائر الديون فأما الأمة فليس للسيد إمضاء نكاحها بحال ولو تزوجت بأجنبي على المنصوص وقد قال عليه السلام: " أيما عبد نكح بغير إذن مواليه وأهله فهو عاهر" رواه أبو داود من حديث جابر رضي الله عنه وصححه الترمذي وابن حبان وقال به أبو الفرج فجعل الذكر والأنثى في تحتم الفسخ سواء وفرق بأن ممن يعقد على نفسه ولو كان حرا بخلافها والله أعلم.
(ولا تعقد امرأة ولا عبد ولا من على غير دين الإسلام نكاح امرأة)
أشار بهذه الجملة لشروط الولي وهي خمسة متفق عليها واثنان مختلف فيهما فالمتفق عليها الذكورية والحرية والبلوغ والعقل والإسلام واختلف في الرشد والعدالة ذكر ذلك اللخمي وغيره.
فأما الذكورية فلقوله عليه السلام " لا تنكح المرأة نفسها ولا تنكح المرأة المرأة" رواه ابن ماجه والدارقطني من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ورجاله ثقات ولها التوكيل إن كانت مالكة أو وصية ولا تولي إلا من تصح ولايته ولها تزويج عبدها وذكر في حجرها على المشهور ولا ولاية لكافر على مسلمة إجماعا ولا عبرة برضاها ولا باستخلافه ولا لمسلم على كافرة على المشهور وله تزويج أمته الكافرة على المشهور ومعتقته على المنصوص وولي الكتابية لمسلم ولي كافر ثم أسقف والكافر كذلك والله أعلم.
(ولا يجوز أن يتزوج الرجل امرأة ليحلها لمن طلقها ثلاثا ولا يحلها ذلك).
نكاح المحلل حرام لقوله عليه السلام: " لعن الله المحلل والمحلل له".
أخرجه رواة أحمد والنسائي من حديث ابن مسعود رضي الله عنه وصححه الترمذي وسماه في حديث آخر: بـ " التيس المستعار "وقال مالك – رحمه الله لمن استفتاه في ذلك اتق الله ولا تكن مسمار نار في كتاب الله والمذهب على ذلك قالوا: ويسفخ نكاح المحلل أبدا ابن رشد قاله جميع أصحاب مالك قال ابن بعد الحكم ولها بالبناء صداق المثل.
وقال محمد بل المسلمى قائلا وأحب إلى أن لا يتزوجها أبدا، وفي الموازية: يفسخ نكاح المحلل بطلقة إن كان بإقراره وإن ثبت إقراره قبل نكاحها فليس بنكاح فإن تزوجها الأول به فسخ بغير طلاق قالوا والمعتبر نية المحلل دون المرأة والذي طلقها إذ سمع القرينان لا تنظر نية المرأة، وروى محمد ولا نية الزوج الأول والمذهب أن نكاح المحلل لا يحلها اتفاقا ولابن حبيب متى خالط نيته شيء من التحليل دون شرط لم تحل به عند مالك وقال غير واحد من أصحابنا يحلها وهو مأجور ويعاقب من عمل بنكاح المحلل من زوج وولي وشهود وزوجة وروى ابن نافع لا بأس أن يتزوج الرجل المرأة تعجبه ليصيبها وقد اضمر فراقها بعد شهر وفي تحليلها بنكاح من حلف ليتزوجن على امرأة فتزوجها ثالثها إن كانت من نسائه وهي رواية المدونة وابن كنانة والله أعلم.
(ولا يجوز نكاح المحرم لنفسه لا يعقد نكاحا لغيره).
يعني لقوله عليه السلام: " لا ينكح المحرم ولا ينكح " رواه مسلم من حديث عمر رضي الله عنه وزاد ابن حبان " ولا يخطب " وفرق بينه وبين المعتكف بوجود المانع من الوطء وهو المسجد بخلاف الحج وإن كان الكل ممنوعا لحرمة العبادة فهذا له إمكان فضيق عليه وذا لا إمكان له فجاز له العقد والولاية بخلاف المحرم ويفسخ وإن ولدت الأولاد بطلاق على المشهور فيهما ومنتهاه في الحج الإفاضة فلو وقع بعدها فلا شيء عليه وقبلها ولو بعد جمرة العقبة فسخ ولو أفاض ولو لم تركه فكما إذا كمل ولو طاف
للوداع ناسيا له فكذلك ولا يمنع من ارتجاع وشراء أمة والله أعلم.
(ولا يجوز نكاح المريض ويفسخ وإن بنى بها فلها الصداق في الثلث مبدأ ولا ميراث لها).
المريض إما أن يكون مرضه غير مخوف فيجوز نكاه مطلقا أو مخوفا متطاولا كالسل والجذام فيجوز في أوله أو مخوفا أشرف صاحبه على الموت فلا يجوز ومخوفا غير متطاول ولم يشرف فحكى فيه اللخمي ثلاثة مشهورها قول مالك وأصحابه فاسد ولا ميراث لها مات قبل البناء أو بعده كان فسخ قبله وإن فسخ بعد البناء فلا ميراث ثم إن كانت هي المريضة فلها المسمى وإن كان المريض هو ففي استحقاق المسمى أو مهر المثل قولان حكاهما اللخمي.
وفي ثاني نكاحها إن دخل فمهرها في ثلثه وهو المعروف وللمغيرة من رأس المال وللقاضي ما زاد على ربع دينار ففي الثلث وفي الأيمان بالطلاق إن زاد على مهر مثلها سقط ما زاد عياض فسرها أبو عمران بالأقل منه ومن المسمى وقوله (مبدأ): ظاهره ولو على مدبر الصحة الصقلي روى محمد لا يبدأ عليه في مدبر الصحة وقال مرة ولا مدبر الصحة وليس بشيء وهذا الذي هنا والأول في الوصايا إلا أن يتأول هذا به فيرد إلى المشهور والله أعلم.
ومعنى التبدئة إعطاء ما وجب في الثلث إن لم يكن غيره للمبدأ دون غيره من أهله ثم أن برئ المريض قبل الفسخ صح النكاح عند ابن القاسم وإليه رجع مالك وأمره بمجرد الفسخ فهي أحد المحرمات الأربعة من المدونة.
والثانية في الضحايا والثالثة في الأيمان والرابعة في السرقة واختار سحنون الفسخ وضعفه ابن رشد والله أعلم.
(ولو طلق المريض امرأته لزمه ذلك وكان لها الميراث منه إن مات في مرضه ذلك).
يريد ولو تداولتها الأزواج بعده إن كان المرض مخوفا أيضا وغير أحرى في هذه وإنما ترثه لأنه يتهم بقصد إخراج الوارث كما يتهم في التزويج بإدخال الوارث فتحرم في الأول وتعطى في الأخير ولو حلف في صحته وحنث في مرض موته ثم مات بعد
انقضاء عدتها فالمشهور ترثه وأنه طلاق قاله في المدونة ولو كانت هي التي أحنثته وروى المدنيون فيمن حلف لها إن دخلت الدار فأنت طالق في صحته فدخلتها بعد مرضه عصيانا أو خلافا لم ترثه وبالله التوفيقز
(ومن طلق امرأته ثلاثا لم تحل له بملك ولا نكاح حتى تنكح زوجا غيره).
يعني أن المبتوتة: أي المستوفاة طلاق بحيث طلقت ثلاثا لا تحل إلا بشروط هي أن يتزوجها مسلم ويطأها ولو كانت ذمية على المشهور بالغ قائم الذكر ولو خصيا على الأصح قد أولج حشفته أو قدرها في فرجها وهي عالمة به لا الزوج على الأصح فيهما وكونها مطيقة للوطء شرط كالانتشار على المشهور ولو داخل الفرج بنكاح صحيح لازم دون مناكرة في المسيس مع ثبوت الخلوة.
وكون الوطء في زمن مباح لا في حيض وصوم وإحرام على المشهور خلافا لعبد الملك ومنع ابن القاسم في صوم الفرض ووقف في التطوع وقال ابن عطية أجمعت الأئمة في هذه النازلة على اتباع حديث امرأة رفاعة القرظي التي قالت يا رسول الله كنت عند رفاعة فطلقني فأبت طلاقي فزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير بفتح الزاي وكسر الموحدة وإنما معه مثل هدبة الثوب فقال: " أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة لا
حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك" فأخذ العلماء منه أن النكاح هنا الدخول قالوا ولم يرد في كتاب الله بمعنى الدخول إلا في هذه الآية قالوكلهم على أن مغيب الحشفة كاف إلا الحسن فإنه قال الإتزال وخطئ ابن المسيب في قوله يحلها العقد وتؤول بأن الحديث لم يبلغه والله أعلم.
(وطلاق الثلاث في كلمة واحدة بدعة ويزلم إن وقع).
الطلاق باعتبار صورته ثلاثة أنواع طلاق بدعة وهو الذي لم تأذن فيه السنة بل أنكرته وهو ما زاد على الواحدة في كملته وفي منع الاثنين وكراهتهما كالثلاث قولان والمعروف من المذهب لزومها وحكى التلمساني واحدة فقط وعزاه للنوادر والمذكور في الأقضية نقض الحكم به حتى أن بعضهم ادعى الإجماع على لزومه وهو بعيد وإن كان مذهب الجمهور وطلاق السنة يأتي إن شاء الله وغيرهما مباح وقد يكره أو يجب أو يندب لما يحمل عليه والله أعلم.
(وطلاق السنة مباح وهو أن يطلقها في طهر لم يقربها فيه طلقة ثم لا يتبعها طلاقا حتى تنقضي العدة).
والطلاق الذي أمرت به السنة لا حرج على أحد فيه من حيث فعله وإن ان مثابا على استعمال السنة فيه وشروطه ستة إيقاعه في طهر لا في حيض وكون ذلك الطهر لم يقربها وكونها طلقة واحدة وأن لا يتبعها طلاقا في العدة إلى انقضائه فهذه الأربع في هذ النص، والخامس: في قوله: (التي لم يدخل بها يطلقها متى شاء) وهو كونها مدخولا بها واشتراط كونها ممن تحيض مفهوم من الجملة فتخرج الصغيرة والآيسة الحامل وقد صرح به بعد في قوله: (فإن كانت ممن لم تحض) إلى آخره والله أعلم.
(وله الرجعة في التي تحيض ما لم تدخل في الحيضة الثالثة في الحرة أو الثانية في الأمة).
يعني أن المعتدة بالإقراء ترتجع متى دامت أقراؤها فإذا طلقت في طهر حلت بأول يوم من الحيضة الثالثة على المشهور.
وقال أشهب حتى يكون حيضا مستقيما وقال ابن وهب لا تحل إلى تمام الحيضة الثالثة وهو مذهب أبي حنيفة والليث والثانية في الأمة كالثالثة في الحرة واللفظ كاف في الحكم (ع) والأظهر أن اللفظ الصريح كارتجعت لا يفتقر إلى نية وغيره كأمسكت
ورددت يفتقر ابن رشد القول دون نية لا تصح به رجعة فيما بينه وبين الله وإن حكمنا عليه بها لظاهر لفظه ثم في جواز وطئه بعد الحكم عليه بلا نية قولان وفي صحة الرجعة بالنية قولان مخرجان على صحة الطلاق به والمشهور أن الوطء بمجرده ليس برجعة.
لابن وهب في المدونة أنه رجعة وعلى المشهور لو تمادى غيرنا والرجعة سمع ابن القاسم ليراجعها فيما بقي من العدة بالقول والإشهاد ولا يطؤها إلا بعد استبرائها من مائه الفاسد ابن رشد فإن تزوجها وبنى بها قبل الاستبراء ففي حرمتها عليه للأبد قولان وفي المدونة من طلق فليشهد على طلاقه وعلى رجعته وقال مالك فيمن منعت نفسها وقد ارتجع حتى يشهد قد أصابت (ع) تصويب منعها دليل وجوب الإشهاد وهي رواية أبي بكر القاضي وللقاضي مع ابن القصار الأمر به استحباب. وفي المدونة إن قال ارتجعتك ولم يشهد فهي رجعة والله أعلم.
(فإن كانت ممن لم تحض أو ممن قد يئست من المحيض طلقها متى شاء وكذلك الحامل وترتجع الحامل ما لم تضع والمعتدة بالشهور ما لم تنقض عدتها).
أما كون الصغيرة واليائسة والحامل يطلقهن متى شاء فلأن علة النهي عن الطلاق في الحيض إطالة العدة وهنا لا إطالة فليطلق متى شاء وتصدق المرأة في انقضاء عدتها إن ادعت ما يشبه ولا تصدق في نقيضه وفيما تردد النظر فيه أحد عشر قولا فانظرها ثم اختلف في أقل الحيض والاستبراء على خمسة أقوال روى ابن القاسم مطلق المسمى حيض كالعبادات وللقاضي رواية أقلها يوم فيهما ولابن مسلمة ثلاثة أيام ولعبد الملك خمسة وللمدونة يسأل النساء.
(والأقراء هي الأطهار).
الأقراء من أسماء الأضداد فيطلق القرء على الطهر والحيض واختار مالك والشافعي وأه الحجاز أن المراد بها في القرآن الأطهار وللحديث الآتي وذهب أهل العراق أنها الحيض ولكل حجة قائمة.
(وينهى أن يطلق في الحيض فإن طلق لزمه ويجبر على الرجعة ما لم تنقض العدة والتي لم يدخل بها يطلقها متى شاء والواحدة تبينها والثلاث تحرمها
إلا بعد زوج).
أما النهي عن الطلاق في الحيض فلحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنه طلق امراته في الحيض لقوله عليه السلام مرة: " فليراجعها وليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر فإن بدا له بعد أن يطلقها قبل أن يمسها فليطلقها فتلك العدة التي يطلق لها النساء" الحديث متفق عليه المارزي: فالطلاق في الحيض حرام يجبر فاعله على الرجعة ما لم تنقض العدة على المشهور.
وقال أشهب وابن شعبان ما لم تطهر الثانية ابن القاسم وأشهب وجبره تهديد ثم سجن ثم ضرب في موضع واحد قريبا فإن أبى حكم عليه بها ثم في جواز استمتاعه بهذه الرجعة قولان لأبي عمر وبعض البغداديين والقول قوله في كونها طاهرا عند ابن القاسم وقيل قولها وصوب ابن رشد ينظر في ذلك النساء والله أعلم.
وكونه يطلق غير المدخول بها متى شاء هو المشهور وقاله في المدونة ولأشهب لا تطلق في الحيض بناء على أن علة النهي التطويل للعدة أو هو تعبد وحكاهما القاضي روايتين وعن اللخمي لأشهب الكراهة والثلاث تحرمها لأنه دفعه والله أعلم.
(ومن قال لزوجته أنت طالق فهي واحدة حتى ينوي أكثر من ذلك).
الطلاق باعتبار ألفاظه أربعة أنواع صريحة وكناية ظاهرة وكناية مبهمة ومختلف فيه فصريحه ما تضمن لفظه وإطلاقه واحدة إلا أن ينوي أكثر فإن ادعى إرادة طلق الولادة أو من وثاق وقف على قرينة الحال ابن حارث ولو قال أنت طالق وفي نيته أن يقول ألبتة فقيل له اتق الله فسكت ففي المدونة لا تلزمه إلا واحدة وسمع ابن القاسم تلزمه ألبتة وفي لغو النية الجازمة روايتان للأكثر وأشهب واللفظ بلا نية إن كان يسبق لسانه ونحوه فلا عبرة به في الفتوى ولا يعذر به في القضاء وباقي الأقسام يأتي بعد إن شاء الله.
(والخلع طلقة لا رجعة فيها وإن لم يسم طلاقا إذا أعطته شيئا فخلعها به من نفسه).
حقيقة الخلع ما ذكر ومداره على أنه طلاق يجعل سواء سمي طلاقا أم لا خلافا لمن يراه فسخا بلا طلاق والطلاق قال (ع) صفة حكمية ترفع حلية تمتع الزوج بزوجته موجب تكرارها مرتين ومرة لذوي رق لحرمتها عليه قبل زوج ثم هو أربعة أنواع خلع ورجعي وبائن وبتات.
فالرجعي: ما يرتجع فيه الزوجة بغير رضاها والرجعة (ع) رفع الزوج أو الحاكم حرمة المتعة بالزوجة لطلاقها ثم ذكر وجها آخر واعترض على ابن الحاجب تعريفه فانظره. وحكم الخلع يأتي بعد إن شاء الله وكأنه ما قصد هنا إلا تعريفة كونه طلاقا والله أعلم.
(ومن قال لزوجته أنت طالق ألبتة فهي ثلاث دخل بها أو لم يدخل وإن قال برية أو خلية أو حرام أو حبلك على غاربك فهي ثلاث في التي دخل بها وينوي في التي لم يدخل بها).
كل هذه الألفاظ من الكناية الظاهرة في الطلاق فلا يقبل قوله في إرادة غيره وإنما اختلف هل يقبل في نية الواحدة بها ففي ألبتة والبتلة هي ثلاث دخل بها أو لم يدخل على المشهور وروى عبد الملك ينوي قبل الدخول لا بعده وظاهر ما في الإرشاد أنه المشهور ولا يصح والمشهور في الخلية والبرية كذلك وهو خلاف كلام الشيخ وحيث ينوي فقال مالك يحلف وقال سحنون إذا أراد تجديد نكاحها فإما حرام ففيها سبعة أقوال في المذهب وسبعة خارجه والمشهور ما ذكر فيه ومعنى (حبلك على غاربك) أنت مسرحة فإن العرب إذا فسخت الخصام عن البعير وجعلته بين سنامه وعنقه وأرسلته للرعي قالت حبله على غاربه أي هو مطلوق لنفسه قال الأزهري وقد قال أبو عمران ينوى فيه قبل البناء اتفاقا للخمي.
وظاهر المدونة لا ينوي وللباجي مقتضى المذهب لا ينوى وإنها ثلاثة ومعنى (برية) من البراءة أي بريت من الزوج وخلا منها (والحرام): الممنوع منه وهو منها والكناية المحتملة: كاذهبي اغربي واخرجي وانصرفي واعتدي وألحقي بأهلك فيقبل في ذلك ما أراده قال في الإرشاد: والمشهور أن السراح والفراق كناية وقيل صريح وفروع الباب ومسائله كثيرة فانظرها وبالله التوفيق.
(والمطلقة قبل البناء له نصف الصداق إلا أن تعفو عنه هي إن كانت ثيبا وإن كانت بكرا فذلك إلى أبيها وكذلك السيد في أمته).
لا خلاف في أن المطلقة قبل البناء مسمى لها أن لها نصف الصداق إن كانا لزوج مختار الطلاق لنص القرآن في ذلك واختلف هل وجب لها بالعقد ويجب النصف الآخر بموت أو دخول وهو قول مالك وابن القاسم أو كله وجب بالعقد ويسقط نصفه بالطلاق وقاله عبد الملك ونوه في رهون المدونة أو نصفه يجب بالطلاق ونصفه بالدخول أو الموت وهذا مقتضى المدونة عند ابن رشد.
وقال أبو عبد الله المراغي في قوله تعالى: {إلا أن يعفون أو يعفو االذي بيده عقدة النكاح} [البقرة: 237] الزوج والله أعلم وقد يراد به الأب في ابنته والمالك في أمته وهو ظاهر كلام الشيخ والله أعلم.
(ومن طلق فينبغي له أن يمتع ولا يجبر).
المتعة مستحبة على المشهور لا واجبة وقال ابن ميلمة واجبة يقضى بها وهي لازمة لا يأبى أن يكون من المحسنين ولا من المتقين إلا رجل سوء وحكى ابن بشير ترجيح هذا القول عن بعض شيوخه وقواه (ع).
فإن المحسن والمتقي عند المتقدمين سواء والعموم مقدم على المفهوم ومذهب المدونة لا حد لقدرها أو عمران هي بقدر حال المرأة أبو عمر بقدر حال الرجل. ابن رشد: بقدر حالهما معا والله أعلم.
(والتي لم يدخل بها وقد فرض لها فلا متعة لها ولا للمختلعة).
شرط المتعة لكل مطلقة مسلمة أو كتابية أو أمة كونها مطلقة من عصمة لا ثلم فيها ولا خيار على الزوج ولا خلع ولا تسمية قبل الدخول لأنها مطلوبة لجبر القلب ونصف الصداق غاية الجبر والمختلعة طالبة فلا كسر عندها فأما التي قد مات عنها فلها الصداق كاملا والميراث حاصلا وذلك غاية في الجبر والله أعلم.
(وإن مات عن التي لم يفرض لها ولم يبن بها فلها الميراث ولا صداق لها ولو دخل بها كان لها صداق المثل إن لم تكن رضيت بشيء معلوم).
هذا من أحكام نكاح التفويض وقد تقدم الخلاف فيها وأن ما ذكر الشيخ هنا
هو المشهور والحاصل أن الموت كالدخول في لزوم الصداق والعقد كاف في ثبوت الميراث وإنما يعتبر رضاها حيث لا حجر وإلا فهو لوليها والله أعلم.
(وترد المرأة من المجنون والجذام والبرص وداء الفرج).
أصل هذا الباب قول عمر رضي الله عنه: " أيما رجل تزوج امرأة فوجد بها برصا أو مجنونة أو مجذومة فلها الصداق بمسيسه إياها وهو له على من غره فيها". أخرجه مالك في موطئه وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب ورواه عن علي كرم الله وجهه وزاد " أو بها قرن في فرجها" فذكره الباجي.
و (الجنون): الصرع أو الوسواس المذهب للعقل ابن وهب المعتوه والمطبق ومن يعتل مرة بعد مرة سواء ظاهر الرسالة كالمدونة وردها بالعيوب الأربعة ولا فرق في الثلاثة الأول بين القليل والكثير إذا تقدم والكثير إذا تقدم على العقد وما حدث بها بعده مصيبة نزلت بالرجل وفي " مختصر ما ليس في المختصر" يرد بالجذام ولو قال لما يخشى حدوثه بالآخر ولأنه لا تطيب نفس معه وقلما يسلم ولدها فإن سلم كان في نسله اللخمي يلزم عليه رده في جذام أحد الأبوين.
ولابن رشد برص المرأة إن كان كثيرا أو يسيرا لا تؤمن زيادته ردت باتفاق وإن أمنت زيادة يسيرة فباختلاف وقال الباجي عن ابن حبيب فاحش القراع كالجذام قال وظاهر المذهب خلافه وأنه كالجرب وللباجي عن ابن حبيب فاحش القرع وداء الفرج ما يقطع لذة الوطء كالعفل والرتق والقرن. وروى محمد ما هو عند أهل النظر من داء الفرج رد به وإن لم يمنع الوطء كالعفل القليل والقرن وحرق النار ابن الفاكهاني عيوب فرج المرأة ستة الرتق بالفتح وهو التحام الفرج حتى لا يمكن دخول الذكر إياه والعفل بالفتح أيضا لحمه في وسط الفرج تمنع الوطء والقرن بالفتح وبالسكون وهو عظم فيه مانع أيضا والاستحاضة معلومة والبخر الرائحة التي تخرج من الفرج عند الجماع والإفضاء وهو اختلاط السبيلين.
وزاد بعضهم العذيطة وهي الحدث عند الجماع ويرد بها الزوج كسائر ما تقدم من العيوب وإن كان سابقا على العقد ولم يعلم به إلى زمن الدخول ولم يقع مسيس بعد العلم فإن أمكنته عالمة بعيبه فهو رضي كما إذا بنى بها عالما وأفتى أحمد بن نصر
صاحب سحنون في ادعاء كل منهما العذيطة على صاحبه إن يطعم أحدهما تينا والآخر فوسا ثم ينتظر فراشها وثبوت عيب سائر الجسد بالرجال وفي إثبات عيب الفرج بنظر النساء وتصديقها بيمينها قولان لمالك والله أعلم.
(فإن دخل بها ولم يعلم أدى صداقها ورجع به على أبيها وكذلك إن زوجها أخوها وإن زوجها ولي ليس بقريب القرابة فلا شيء عليه ولا يكون لها إلا ربع دينار).
هذا كما قال عمر رضي الله عنه رجوعه على من غره بعد أداء صداقها لما استحل من فرجها فإن كانت هي الغارة رجع عليها وترك لها ربع دينار لئلا يعرى البضع عن الصداق وإن كان وليها رجع عليها وظاهره سواء كان غروره بالقول أو بالفعل.
وحكى ابن بشير ثالثها يعتبر بالفعل لا بالقول وهو المشهور فلو سئل فأخبر عن سلامتها فلا شيء عليه بخلاف ما إذا كان هو العاقد وقريب القرابة من الأولياء محمول على العلم بحالها بخلاف العبيد كالعم المجانب ونحوه.
وفي الموازية عن مالك: فلا يرجع عليه بل عليها ولا يجوز له أن يخبر بعيب وليته الذي لا يوجب الرد وفي سماع ابن القاسم لا ينبغي لمن سمع لوليته فاحشة أن يخبربها إذا خطبت ابن رشد لأن من تزوج امرأة فاطلع على أنها كانت أحدثت ليس له ردها بذلك وفي الموطأ أن عمر رضي الله عنه ضرب رجلا أو كاد أن يضربه إذا أخبر خاطبا بأنها كانت أحدثت.
ابن فتحون يلزم إعلام الزوج بسقوط عذرتها إن كان بسبب لا يقدح فإن لم يعلمه ووجدها كذلك جاء القولان في ردها بشرط البكارة المتيطى ينبغي لأولياء المرأة تذهب عذرتها بغير جماع أن يشيعوا ما نزل بوليتهم ويشهدوا به ليرتفع عنها العار عند نكاحها ولو شرط كونها عذراء فوجدها ثيبا ردت اتفاقا ابن رشد ولو وصفها وليها عند الخطبة بأنها عذراء دون شرط جرى على الاخلاف وهل في كونه بكرا كذلك قولان لابن العطار وأصبغ قائلا: إلا أن يشترط عذراء والله أعلم.
(ويؤجل المعترض سنة فإن وطئ وإلا فرق بينهما إن شاءت).
الاعتراض: هو العجز عن الوطء لعارض وإن كان بصفة التمكن وقد تفسر به
العنة وربما حصل بعد الوطء وفي المرأة دون أخرى ثم حكمه أن لا كلام لها إن حصل بعد وطئه على المنصوص فإن ادعت اعتراضه وأكذبها فالقول لها بلا يمين.
وقال ابن حبيب بيمين لأنه مما يؤمن عليه النساء كما ائتمنهن الله على أرحامهن ولها اختيار الفراق بعد الرضى على الأصح وإذ تقول فعلته لعله يبرأ وإنما يؤجل سنة لذلك إذ تدور عليه الفصول الأربع وذلك يقتضي إلحاق العيب به والمشهور إنما عليه نصفها وهما روايتان وأجله من يوم البرء إن كان مريضا ولها الصداق كاملا إن طلقت قبله لأجل ويقيل نصفه فقط ويصدق في دعوى المسيس والله أعلم.
(والمفقود ضرب له أجل أربع سنين من يوم ترفع ذلك وينتهي الكشف عنه).
الفقد لغة العدم بعد الوجود وشرعا قال (ع) من انقطع خبره ممكن الكشف عنه فخرج الأسر ابن عات والمحبوس الذي لا يستطاع الكشف عنه وفي المقدمات المفقود على أربعة أوجه، مفقود في بلاد المسلمين ومفقود في بلاد الحرب ومفقود في صف المسلمين مع الكفار ومفقود في بلاد المسلمين في الفتن الواقعة بينهم ثم ذكر تفاصيلها فانظره.
ومراد الشيخ: من حكم له بأنه مفقود في الجملة فترفع زوجته أمرها إلى القاضي أو من يقوم مقامه في عدمه من صاحب شرطة أو وال أو صالحي جيرانهما فيكلفها ثبوت الزوجية والغيبة.
ثم يرسل إلى بلد الذي يظن فيه أو إلى البلد والجامع إن ظن في بلد بعينه يذكر في كتابه اسمه وصفته وبلده وصناعته ويكتب هو بذلك إلى نواحي بلده فإذا أخبر بعدم أثره وانقطاع خبره ضرب لامرأته لأجل من يومئذ وهو انتهاء الكشف عنه، وقيل من يوم ترفع ذلك فهما قولان بل روايتان رواية المختصر وبها جزم ابن رشد ورواية اللخمي فيحتمل أن مراداه الشيخ ذكرهما ويحتمل أن يريد اعتبار كلا الأمرين فلو انتهى الكشف دون رفع لم يكتف به ولو رفع بلا كشف لم تكن البداءة منه والله أعلم.
وهذا كله إن كان له ما ينفق وإلا فلا عسار كاف فيه بعد التلوم والأسير والمفقود في بلد الحرب لا يقضى عليه بفراق ولا غيره إلى تحقق موته أو يأتي عليه ما لم يعيش إلى مثله.
اللخمي ومن فقد ببلده في زمن الطاعون أو ببلد توجه إليه زمنه حكم بموته لقول مالك في قوم أصابهم سعال في طريق الحج: يموت الرجل بيسير ولا يوجد له خبر موت ولا حياة تزوج نساؤهم وتقسم أموالهم وكذلك شأن البوادي ينتجعون في الشدائد من ديارهم إلى غيرها فإنهم على الموت إذا فقدوا لذلك.
(ثم تعتد كعدة الميت ثم تتزوج إن شاءت).
يعني أنها محكوم لها بموت زوجها وعليها الإحداد على المشهور خلافا لعبد الملك بن عبد الرحمن لو رجعت بعد تمام عدتها للبقاء على عصمة المفقود لم يكن لها ذلك لأنها أبيحت لغيره ولها البقاء على عصمته في خلال الأربع سنين ونفقتها عليه في الأجل لا في العدة قاله في المدونة ثم إن جاء أو علمت حياته وهي في العدة فزوجته اتفاقا ولا تفوت قبل تزويجها على المعروف وكذلك إن تزوجت على الأصح ويفسخ إلا أن يدخل بها الثاني على المنصوص.
(ولا يورث ماله إلا أن يأتي عليه من الزمان ما لا يعيش إلى مثله).
والذي لا يعيش إلى مثله غالبا سبعون على الأصح وهو قول مالك وابن القاسم وأشهب وللمتيطي عن سجلات الباجي خمس وسبعون وبه أفتى وحكم به ابن زرب ولمالك مع ابن القاسم ثمانون وأفتى به أيضا واختاره ابن أبي زيد والقابسي وابن محرز وقضى به ابن عبد السلام ولمالك مع عبد الملك تسعون ولعبد الملك مع أشهب مائة قيل وإليه رجع مالك وحكى الداودي عن رواية ابن عبد الحكم مائة وعشرون فإن فقد فوق هذا السن تلوم له بحسب سنية فانظر ذلك.
(ولا تخطب المرأة في عدتها ولا بأس بالتعريض بالقول المعروف).
صريح خطبة المعتدة ومواعدتها حرام ولو كانت مستبرأة من زنى ووليها المجبر مثلها وغيره يكره على المشهور وفي الموطأ عن عبد الرحمن بن القاسم أنه كان يقول التعريض قول الرجل للمرأة في عدتها إنك علي لكريمة وإني فيك لراغب وإن الله سائق إليك خيرا ورزقا ونحوه وروى ابن حبيب لا بأس أن يهدي لها ولا أحب أن يفتى به إلا من تحجزه التقوى عما وراءه وقال إسماعيل القاضي إنما يعرض بالخطبة لفهم مراده إيجابا وفي المقدمات يجوز تعريض كل منهما للآخر والله أعلم.
(ومن نكح بكرا فله أن يقيم عندها سبعا دون سائر نسائه وفي الثيب ثلاثة أيام).
يروى فله ويروى فلها وقد رواه مسلم من حديث أنس- رضي الله عنه – ابن عبد السلام اختلف في هذه المسألة فلمالك والشافعي يقيم عند البكر سبعا وعند الثيب ثلاثا قال والذي عليه الأكثر في هذا أن الحق إنما يكون منحقها على القول بأنه حق للمرأة قال وذلك إذا كانت له امرأة وغيرها وأما إذا لم يكن غير هذه التي تزوج الآن فلا حق لها في ذلك بل يقيم عندها ما شاء.
وقال ابن عبد الحكم هو حق لها كانت امرأة أخرى أو لم تكن وفي لزوم القضاء به قولان المتيطي: المشهور لا يلزمه ولابن شاس عن القاضي أبي بكر الصحيح القضاء به وفي خروجه للجمعة والجماعة اختلاف واللخمي عن ابن حبيب يتصرف في
حوائجه إلى المسجد قال والعادة اليوم أن لا يخرج ولا إلى الصلاة وإن كان خلوا من غيرها وعلى المرأة وصم في خروجه وأرى أن تلزم العادة.
(ولا يجمع بين الأختين من مالك اليمين في الوطء فإن شاء وطء الأخرى فليحرم عليه فرج الأولى ببيع أو كتابة أو عتق وشبهه مما تحرم به).
قوله في (الوطء) شرط فلا يمنع جمع ملكها لخدمة ونحوها ودليل الحرمة قوله تعالى: {وأن تجمعوا بين الأختين} [النساء: 23] ابن عطية وغيره يعني بملك أو نكاح وقد قال عثمان رضي الله عنه أحلتها آية أي عموم ملك اليمين وحرمتها آية وهي التي حرم بها الجمع وإذا اجتمع مبيح ومحظر تعين الحظر وعليه الجمهور بالكافة في هذه وكل امرأة لا يحل جمعها بالنكاح لا يحل بالملك إلا في مجرد الملك ولا خلاف أن البيع الصحيح يحرمها كالفاسد بعد الموت وأما الكتابة فالعموم كذلك وعزاه بعض الشيوخ بأعراض الحج ولا فرق في المعت بين الناجز والمؤجل لمنعها الوطء ولا تكفي هبتها لمن يعتصرها لأنه في حكم الملك ولا ليتيمة لإمكان الاسترجاع ولو بالبيع والله أعلم.
(ومن وطئ أمة بالملك لم تحل له أمها ولا ابنتها وتحرم على آبائه وأبنائه كتحريم النكاح).
لأن الملك كالنكاح فى التحريم بالصهر لعموم قوله تعالى: {حرمت} وذلك واضح من
الشريعة فلو ملك أمه أبيه أو ابنه ولم يعلم هل وطئها أم لا لم تحل له.
اللخمي: وهذا يحسن فى العلية ويندب في الوحش ولا يحرم ولو قال الأب وطئت المرأة وأنكر الابن عند قصده ذلك استحب التترة وقد تقدم أن الملك الصحيح كالفاسد فى تحريم الصهر إن درأ الحد والله أعلم.
(والطلاق بيد العبد دون السيد).
لأنه بإذنه له في النكاح لزمه الطلاق بجميع لوازه وقد جاء في الحديث: " الطلاق لمن أخذ بالساق" ولا يمنعه من متعة تعينت بطلاقه لأنها من أحكامه والله أعلم.
(ولا طلاق لصبي).
ظاهره ولو كان مراهقا وحكى اللخمي في لزوم طلاقه قولا وفي خلع الولي عن سفيهه للبالغ قولان جعل ابن الحاجب المشهور الأول وابن فتحون الثاني وفاقل العقل بجنون أو ذهول مثل الصبي في عدم اللزوم بخلاف السكران والمذهب عدم لزوم طلاق المكره كعتقه ونكاحه ونحو ذلك فانظره.
(والمملكة والمخيرة لهما أن يقضيا ما دامتا في المجلس).
التمليك والتخيير كتاب في المدونة وغيرها فهو مما تبرع به الشيخ ولم يترجم له أولا ومرجعهما إلى التفويض وهو ثلاثة أنواع توكيل كوكلتك في طلاقك وتمليك كقوله أمرك أو طلاقك بيدك وملكتك أمرك وإن شئت وتخيير كاختاريني أو اختاري نفسك وورى محمد أو طلقي نفسك ثلاثا أو اختاري أمرك فيلزم ذلك إذا قضت به في المجلس الذي وقع فيه إن قاتل قبلت أمري ونحوه.
وقال ابن القاسم في ذلك وفي العبد والآمة يملكها العتق لهما ذلك ما لم يتفرقا أو يطول المجلس أو أحدثا ما يرى أنه ترك لذلك وهو أول قول مالك وبه أخذ ابن القاسم وعليه جماعة الناس ثم رجع مالك فقال ذلك لها وإن قامت إلا أن تتركه يطؤها ونحوه أو توقف وكذلك قال في العتق الثاني.
(وله أن يناكر المملكة خاصة فيما فوق الواحدة).
يعني أن له إذا قال للمرأة ملكتك أمر نفسك أو ما هو مثله من ألفاظ التمليك المتقدمة فوقه فقالت قد طلقت نفسي ثلاثا أو اثنتين أن يقول لم أرد ذلك وإنما أردت واحدة فيرد حكمها بالثلاث أو الاثنين إلى الواحدة عبد الوهاب إنما تصح مناكرته بأربعة شروط أن ينكر عند سماعه بلا سكوت ولا إمهال فإن سكت ثم أنكر لم يقبل وأن تختص نكرته بالعدد فإن أنكر إرادة الطلاق رأسا لم يقبل قوله ويقع ما أوقعته عليه فانظر ذلك.
(وليس لها في التخيير أن تقضي إلا بالثلاث ثم لا نكرة له فيها).
يعني أنه إذا قال لها اختاريني أو اختاري نفسك أو ما في معناه فقالت اخترت نفسي بطلقة وقال لم أرد إلا الثلاث فالقول قوه ويبطل ما بيدها من التخيير على المشهور وهو مذهب المدونة وقثال أشهب لا يبطل ما بيدها ولها أن تقضي بعد ذلك بالثلاث فالتمليك والتخيير بمعنى واحد في حل العصمة ولكن لا بمعنى واحد في الإيقاع وذلك لأنه في قوله ملكتك أمر نفسك جعل لها ماله من الملك فيها وهو مطلق الطلاق وهو يملك الواحدة فيصدق في إرادتها ولا يكون اختيارها لنفسها إلا بأمر لا يصح له فيه ذلك بعد وهو الثلاث وهذا ذكر جرى على عرف التخاطب لا اللغة والله سبحانه أعلم.
(وكل حالف على ترك الوطء أكثر من أربعة أشهر فهو مول).
والإيلاء في اللغة الحلف ومنه قوله تعالى: {ولا يأتل أولوا الفضل منكم} [النور: 22] أي لا يحلف وقوله عليه السلام: " من يتأل على الله يكذبه" وفي الشرع ما قاله الشيخ وعرفه (ع) فقال حلف زوج على وطء زوجته يوجب خيارها في طلاقه ولابن الحاجب تعريف فيه بحث فانظره وأصل الباب قوله تعالى: {للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر} [البقرة: 266] الآية ولو كان حلفه خوف حمل مرضعة لئلا يتضرر الولد به.
ففي المدونة غير مول وقال أصبغ مول واختاره اللخمي وعن ابن مسعود كان إيلاء الجاهلية السنة والسنتين فوقت الله أربعة أشهر فإذا كان أقل من أربعة أشهر فليس بإيلاء رواه البيهقي بإطلاق الإيلاء على المشهو في الحديث الصحيح اعتبار باللغة والله أعلم.
(ولا يقع عليه الطلاق إلا بعد أجل الإيلاء وهو أربعة أشهر للحر وشهران للعبد حتى يوقفه السلطان).
أفاد بهذا مسائل ثلاثا أولها فراقه بطلاق يوقعه هو بأمر القاضي فإن امتنع طلق عليه ثم كل طلاق أوقعه الحاكم فهو بائن إلا أربعة هذا وطلاق المعسر بالنفقة وطلاق المفقود وإسلام غير المجوسية قبل زوجها وطلاق المعترض.
الثانية: أن أجل الإيلاء يشترط كالحدود والطلاق قاله مالك قائلا وقد جعل الله لكل شيء قدرا وهو المشهور في مختصر ابن شعبان والحر كالعبد لأنها المدة التي يلحق المرأة فيها الضرر فهو معتبر بذلك.
الثالثة: المشهور لا يقع عليه الطلاق بعد الأجل حتى يوقفه السلطان وهذا هو المشهور ودليله قول سليمان بن يسار رضي الله عنه أدركت بضعة عشر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يوقف المولى رواه الشافعي في مسنده وللبخاري نحوه موقوفا عن ابن عمر رضي الله عنه والله أعلم.
(ومن تظاهر من امرأته فلا يطؤها حتى يكفر بعتق رقبة مؤمنة سليمة من العيوب ليس فيها شرك ولا طرف من حرية فإن لم يجد صام شهرين متتابعين فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينا مدين لكل مسكين).
الظهار تشبيه من يحل وطؤها بمن قاله ابن الحاجب (ع): تشبيه ذي زوج زوجته أو ذي أمة حل وطؤه إياها بمحرم منه أو بظهر أجنبية في تمتعه منها والجزء كالكل وقد يرسم بأنه تشبيه ذي حل متعة حاصلة أو مقدرة بآدمية إياها أو في جزئها بظهر أجنبية.
أو بمن يحرم أبدا أو جزء في الحرمة عبد الوهاب والتشبيه على أربعة أقسام تشبيه جملة بجملة كقوله أنت علي كأمي وتشبيه جملة ببعض كقوله أنت علي كظهر أمي وتشبيه بعض بجملة كقوله فرجك علي كأمي وتشبيه بعض ببعض مثل أن يشبيه بعض زوجته ببعض أمه انتهى.
وقال ابن العربي في القسم الأول إن نوى به الظهار كان ظهارا وإن نوى به الطلاق كان طلاقا وإن لم ينو شيئا كان ظهار وفي المدونة إن قال أنت علي حرام كظهر أمي فهو مظاهر لأنه جعل للكعلام مخرجا حيث قال مثل أمي وقال غيره ولا تحرم عليه لأن الله أنزل الكفارة في الظهار ولا يعقل من لفظ به سوى التحريم ابن رشد هو ظاهر ما لم يرد به الطلاق فإن أراد به الطلاق ففي كونه طلاقا أو ظهارا ثلاثة ثالثها إن سمى الظهر وإلا فطلاق لابن الماجشون وابن القاسم ورواية أشهب وفي تشبيهها بظهر أجنبية خمسة أقوال وأصل الظهار قوله تعالى: {والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا} [المجادلة: 3].
واختلف في العود ففي الموطأ العزم على الإمساك والوطء معا وقيل العزم على الإمساك فقط ومشهور قول العراقيين الوطء ومذهب مالك اشتراط الإيمان في الرقاب الواجبة وسلامتها من العيوب التي تشين وتمنع من الكسب وفيما بينهما خلاف وفي كونها خالصة الرق شرط ولا خلاف في أن هذه الكفارة مرتبة ككفارة القتل بل كل كفارة فيها: {فمن لم يجد} كهدي التمتع والصوم في اليمين بالله فهي إذا أربع وجنس ما يطعم كما في زكاة الفطر وسائر الكفارات وكونها مدين رواية عن مالك وفي المدونة مد بمد هشام وهو مدان إلا ثلث.
اللخمي: الكفارات كفارة اليمين وهي مقيدة بالوسط وكفارة الأذى وهي مد أن لكل مسكين وهذا تردد بينهما فجعلها مرة مدين لأن الزوجة محرمة بالعقد فلا تحل إلا بما لا شك فيه وهي أقصى الكفارات واعتبرها مرة تابعة للأيمان لوجود الإنشاء فانظر ذلك.
(ولا يطؤها في ليل أو نهار حتى تنقضي الكفارة فإن فعل ذلك فليتب إلى الله سبحانه فإن كان وطؤه بعد أن فعل بعض الكفارة بإطعام أو صوم فليبتدئها).
يعني ولا يطأ حتى يكملها ففي حديث ابن عباس رضي الله عنه أن رجلا ظاهر من امرأته ثم وقع عليا فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني وقعت عليها قبل أن أكفر قال: " فلا تقر بها حتى تفعل ما أمرك الله " رواه أصحاب السنن وصححه الترمذي فإن لم يمكنه شيء من جميع ما ذكر الله تعالى فقال ابن القطان أجمعوا على أنه لا يطأ حتى يجدوا حدا من تلك الأصناف إلا الثوري وابن صالح فإنهما قالا يطأ بلا كفارة (ع) فظاهر إجماعهم على لغو الكسوة فيها فانظره.
(ولا بأس بعتق الأعور في الظهار وولد الزنا ويجزئ الصغير ومن صلى وصام أحب إلينا).
هذا حكم كل رقبة واجبة فالصغير يجزئ ولو كان رضيعا لصدق اسم الرقبة عليه والمشهور في الأعور ما ذكر لأن أحد عينيه كاتنتين في دية وقال عبد الملك لأنه شين في خلقته ونقص في تصرفه والله أعلم.
(واللعان بين كل زوجين في نفي حمل يدعي قبله الاستبراء أو رؤية الزنا كالمرود في المكحلة).
(اللعان): مأخوذ من اللعنة لذكرها فيه (ع)(اللعان) حلف الزوج على زنى زوجته أو نفي حملها اللازم له وحلفها على تكذيبه أن أوجب نكولها حدا لها بحكم قاض ولابن الحاجب يمين الزوج على زوجته بزنى أو نفي نسب ويمين الزوجة على تكذيبه وفيه بحث يطول فانظره وقول الشيخ كل زوجين يريد بالغين عاقلين مسلمين أو هي كتابية أو مجوسية أسلم زوجها لا الكافرين إلا أن يتحاكما إلينا والعبد والسفيه والهرم والعنين والأخرس كذلك بإشارة مفهمة كالأعمى فيما تحققه ويعمل كل على يقينه ولا يلزم الوصف في الرؤية على المشهور.
(واختلف في اللعان في القذف).
يعني أنه إذا قال لها زنيت فقط من غير أن يدعي رؤية وفيها روايتان الحد واللعان ولو أقرت به ثم أنكرت ففي الموازية يحد ولا يلاعن وإن قال في نفي الحمل الولد ليس مني فقيل لمن قال لا أدري حد إلا أن يقول زنت فيلا عن ولو أقرت بالزنى وقد أتت بولد ففي سقوطه بغير لعان روايتان.
(وإذا افترقا باللعان لم يتناكحا أبدا).
تقدم أن اللعان من مؤبدات التحريم عبد الوهاب ويتعلق باللعان أربعة أحكام سقوط الحد ونفي النسب وقطع النكاح وتأبيد التحريم فأما سقوط الحد عن المرأة فمتعلق بالتعانها وأما التفرقة فمتعلق بالتعانهما معا.
وأما تأبيد التحريم فيتبع الفرقة وهي واقعة بنفس فراقها من اللعان بغير حاجة إلى
حكم حاكم ويلتعن الزوج والزوجة بالنكاح الفاسد ولا يرتفع التحريم بإكذاب نفسه والله أعلم.
(ويبدأ الزوج فيلتعن أربع شهادات بالله ثم يخمس باللعنة ثم تلتعن هي أربعا أيضا وتخمس بالغضب كما ذكر الله سبحانه وتعالى فإن نكلت رجمت إن كانت محصنة بوطء تقدم من هذا الزوج أو زوج غيره وإلا جلدت مائة جلدة وإن نكل الزوج جلد حد القذف ثمانين جلدة ولحق به الولد).
أما صفة الحلف فكما قال هو نص كتاب الله تعالى في قوله: {والذين يرمون
أزواجهم} [النور: 6] الآية وكونها تحد إذا نكلت مأخوذ من قوله تعالى: {ويدرؤا عنها العذاب} [النور: 8] واختلف إذا رجعت بعد النكول فقال أبو بكر بن عبد الرحمن لها ذلك كالمقر بالزنا إذا رجع أقيل وقال أبو عمران وابن الكاتب ليس لها ذلك وفي الرجل خلاف والبداءة بالرجل شرط فلو بدأ بها فلغو ويحلفان بمسجد جامع على سنة الإيمان من القيام وحيث يعظم بالله الذي لا إله إلا هو ويستحب بعد صلاة العصر يوم الجمعة وبحضرة الإمام أو نوابة في الحكم مع جماعة من المسلمين أقلها أربعة والله أعلم.
وأصل الباب حديث عويمر بن عجلان وهو في البخاري وغيره فانظره.
تنبيه:
لا خلاف أن الظهار محرم وأنه من الكبائر لقوله تعالى: {وإنهم ليقولون منكراً من القول وزوراً} [المجادلة: 2] وروى ابن شعبان ويؤدب المظاهر وأخذ عصيان المولى من قوله تعالى: {فإن فاءو فإن الله غفور رحيم} [البقرة: 226] والتخيير يتضمن الثلاث في كلمته ففي إباحته وكراهته ومنعه ويكره لها إيقاع الثلاث أربعة وعلى المنع فينزعه الحاكم من يدها ما لم توقع (ع) لا نص في حكم اللعان ابن عات لا عن ابن الهندي زوجته بجامع قرطبة فعوتب في ذلك فقال أردت إحياء السنة ورده (ع) بأن السنن المطلوب إحياؤها ما تعلق بقربة أو كلاما هذا معناه وبالله التوفيق.
(وللمرأة أن تفتدي من زوجها بصداقها أو أقل أو أكثر إذا لم يكن عن ضرر بها فإن كان عن ضرر بها رجعت بما أعطته ولزمه الخلع والخلع طلقة لا رجعة فيها إلا بنكاح جديد برضاها).
الافتداء والمبارة والخلع راجعا لأصل واحد هو كونه طلاقا بعوض وقد قال تعالى: {فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله} [البقرة: 229] الأية فيملك الرجل العوض ملكا تاما ولا يفتقر إلى حوز على المشهور وقيل يفتقر وكونه بصداقها أن ترده أو مثله إذا قبضته أو قيمته إن كان مقوما أو تتركه إن كان مؤجلا ويسامح فيه من الغرر ما لا يسامح فيه في غيره.
ابن رشد يجوز على مجرد رضاع ولده اتفاقا وإن كان فيه غرر لاحتمال موته قيل تمام أمده لوجوبه عليها في عدم الأب وفيما لا يجب ثالثها فيما لا يقدر على إزالته.
والمعروف عدم كراهة الخلع خلافا لابن القصار إلا لاضرارها فلا يجوز اللخمي إن كان الضرر منها فقط جاز العوض منها على الإمساك والطلاق وإن كان منه فقط جاز على إبقائها لا على طالقها وإن كان منهما فهي مسألة الحكمين الباجي إن كان الضرر منها قال بعض القرويين لا يجوز أن يأخذ منها شيئا وقال هو نص من تقدم من علمائنا ويثبت الضرر بشهادة عدلين والمشهور قبول لفيف الناس والجيران المتيطي وهو المعمول به وفيها خمسة أقوال وسمع ابن وهب لا يقبل فيها النساء إلا أن يكون معهن رجل لأنه مال.
ولو رد الضرر وكان بحميل. ففي رجوع الحميل على المحتمل قولان لابن العطار وابن الفخار وسمع عييسى بن القاسم من نشرت امرأته وقالت لا أصلي ولا أصوم ولا أغتسل من جنابة لا يجبر على فراقها وله فراقها ويحل له ما افتدت به ابن رشد ولا يجبر على فراقها لأنها ليست مرتدة على الصحيح وله تأديبها على ذلك فإن افتدت لترك التأديب على ذلك حل له إن لم يؤذها وسمع أيضا من اطلع على زنا امرأته لم تنبغ له مضارتها لتفتدي منه ولا يصح له ابن رشد: هذا قول مالك وأصحابه اتفاقا وفي الباب فروع كثيرة فلنقتصر (ع) باذل الخلع من صح معروفة لأن عوضه غير مالي والمذهب صحته من غير الزوجة مستقلا ما لم يظهر قصد ضررها وهو بائن لا يلحقه إرداد إن لم يكن في الفور ولا رجوع فيه إلا بنكاح جديد فيه صداق وولي وشهود غير الأول ولو شرط عدم البينونة لم ينفعه الشرط على المشهور والله أعلم.
وأصل الباب حديث ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه في الصحيحين إذا كان قبيح الوجه قالت امرأته يا رسول الله ما أغمص على ثابت شيئا في دين ولا خلق غير أنه دميم الوجه وإني أكره الكفر في الإسلام فقال عليه السلام: " أتردين عليه حديقته؟ " قالت نعم قال: " خذ الحديقة وطلقها تطليقة" الحديث.
(والمعتقة تحت العبد لها الخيار أن تقيم معه أو تفارقه).
شفإن كانت تحت الحر فلا خيار لها عند مالك ولا خلاف في الأول لحديث بريرة رضي الله عنه وأن النبي صلى الله عليه وسلم خيرها فاختارت نفسها فهي طلقة واحدة على المشهور وعن مالك هو أحق بها ما لم تنقض العدة وهو القياس كمن طلق لعيبه فزال في العدة.
(ومن اشترى زوجته انفسخ نكاحه).
لأن الملك يهدم النكاح لقوة الاستمتاع به وهما متعارضان فينتقل الحكم والله أعلم.
(وطلاق العبد طلقتان وعدة الأمة حيضتان وكفارة العبد كالحر بخلاف معاني الحدود والطلاق).
الطلاق معتبر بالرجل فلذلك شطر برقه وإن كانت المرأة حرة والعدة معتبرة بالمرأة فلذلك شطرت برقها وإن كان الرجل حرا وساوى العبد الحر في الكفارات لأنها عبادة ولم يساوه في معاني الحدود والإحصان ونحوه ومعاني الطلاق أي ما يرجع إليه كالإيلاء ونحوه كالفقد والعنة والله أعلم.
(وكل ما وصل إلى جوف الرضيع في الحولين من اللبن فإنه يحرم ولو مصة واحدة).
الرضاع عرفا وصول لبن آدمية لمحل مظنة غذاء آخر وينحصر الكلام في الرضاع في فصول خمسة في المرضع والرضيع واللبن والإرضاع وأحكام الرضاع فالمرضع شرطه الآدمية والأنوثة خلافا لابن اللبان قال ابن شعبان يكره ويحرم الكبيرة كالصغيرة التي تطيق الوطء والحية كالميتة وفي لبن صغيرة لا تطيق الوطء قولان والرضيع شرطه الصغر فلا أثر لكبير وإن كان محتاجا والاحتياج شرط فلا عبرة برضاع مستغن بالطعام وسيأتي وشرط اللبن كونه غير مستهلك بغيره ولو خلط بدواء أو طعام وهو الغالب حرم وإن كان مغلوبا فقولان التحريم للأخوين وعدمه للمدونة وصوب اللخمي التحريم في الطعام والدواء غير المبطل غذاؤه قال وغيره مشكل فأما الإرضاع وأحكام الرضاع فتأتي الآن إن شاء الله.
(ولا يحرم ما أرضع بع الحولين إلا ما قرب منهما كالشهر ونحوه وقيل الشهرين).
(الشهر ونحوه) رواه عبد الملك وقاله ابن القصار والشهران رواية المدونة والثلاثة روياة الوليد بن مسلمة وقال عبد الملك ما قرب كما بعد لا يحرم ورواه ابن عبد الحكم ولمالك في المختصر إلا كالأيام اليسيرة ولسحنون كمالك إلا في الأيام اليسيرة بعد الحولين مثل نقصان الشهور فهذه ستة أقوال.
(ولو فصل قبل الحولين فصلا استغنى فيه بالطعام لم يحرم ما أرضع بعد ذلك).
هذا المشهور ونقل اللخمي عن أصبغ أنه يحرم بكل ما أرضع في الحولين واختار اللخمي أنه إن كان كمصتين لم يحرم وإن رد إلى الرضاع دون طعام حرم فلو قال الشيخ وكل ما وصل لمستمر الرضاع في الحولين لكان أحسن والماء الأصفر الذي يخرج من الثدي لغو عند ابن القاسم والله أعلم.
(ويحرم بالوجور والسعوط).
(الوجور) بالفتح في وسط الحلق وجانبي الفم (ع) وتحت اللسان (والسعوط) بالفتح ما صب في المنخرين واللدود في جنبي الفم والكل له حكم الرضاع الباجي وابن حبيب القطرة الواحدة تحرم وفي التحريم بالسعوط مطلقا وإن وصل إلى الجوف قولان وفي الكل به في عقاقيره توصله إلى الجوف ولغوه قولان لابن حبيب وابن القاسم وفي التحريم في الحقنة به مطلقا أو بشرط كونه غذاء ثالثها بشرط إن لم يطعم وسقي بالحقنة عاش رابعا لغوها لابن حبيب والمدونة ومحمد ورواية ابن المنذر وهذا آخر الكلام في الرضاع فأما أحكام الرضاع اللازمة عليه فهو التحريم.
(ومن أرضع صبيا فبنات تلك المرأة وبنات فحلها ما تقدم أو تأخر إخوة له ولأخيه نكاح بناتها).
أما بنات المرأة فواضح وأما بنات فحلها عبد الوهاب الرضاع يوجب التحريم وينشر حرمته بين المرضع وبين المرضعة وزوجها ويكسب من وجد به الاسم ما يكسب النسب فإذا أرضعت المرأة طفلا حرمت عليه لأنها أمه وابنتها لأنها أخته وإختها لأنها خالته وأمها لأنها جدته وبنت صاحب اللبن لأنها أخته وأخت صاحب اللبن لأنها عمته وأمه لأنها جدته وبناتهما وبنات بينهما لأنهن بنات أخوته وأخواته.
وفي المدونة فلبن الواطئ له ما استمر (ع) ولو طال وهو الظاهر وعن سحنون إذا طلقها وتمادى إلى خمس سنين غاية الحمل فليس له وأنكر أبو عمران ورآه خلاف ظاهرها ولابن المنذر أجمع كل من يحفظ العلم على أن حكم لبن الزوج الأول ينقطع بولادتها من الثاني.
وفي المدونة هو ابن لهما ولو حملت من الثاني وفيه اختلاف لبن الحرم يحرم اتفاقا بالمرأة وحكى القاض في الرجل إن لحق الولد حرم وفيما لا يلحق كالزنى والغصب
قولان ذكرهما ابن رشد فانظره ويثبت الرضاع بشهادة عدلين وبشهادة السماع الفاشي المستفيض وبإقرار أحد الرجلين قبل العقد وبإقرار الزوج بعده وإقرارها بعد لا يقبل إلا موافقته أو ثبوت ذلك ولابن القاسم في المدونة إن شهد برضاع الزوجين أمهاتهما لم تقبل إلا أن يكون فشا من قولهما قبل النكاح ابن رشد وشهادة امرأتين بالرضاع مع الفشو جائزة وشهادة الواحدة دون فشو اتفاقا فيهما.
واختلف في شهادة امرأتين دون فشو وفي شهادة امرأة مع الفشو فانظر ذلك وما ذكر من نكاح بناتها تقدم في معنى حديث: " يحرم بالرضاع ما يحب بالنسب" فانظره والله أعلم.