الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَبَسَ مَرْوَانُ الْحِمَارُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدٍ بحرَّان، فتحيرت الشيعة العباسية فيمن يولون، ومن يكون ولي الأمر من بعده إن قتل؟ فَذَهَبَ يَقْطِينُ هَذَا إِلَى مَرْوَانَ فَوَقَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي صُورَةِ تَاجِرٍ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ المؤمنين إني قد بعث إبراهيم بن محمد بضاعة وَلَمْ أَقْبِضْ ثَمَنَهَا مِنْهُ حَتَّى أَخَذَتْهُ رُسُلُكَ، فَإِنْ رَأَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنِي وبينه لأطالبه بمالي فعل قَالَ: نَعَمْ! فَأَرْسَلَ بِهِ إِلَيْهِ مَعَ غُلَامٍ، فَلَمَّا رَآهُ
قَالَ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ إِلَى من أوصيت بعدك آخذ مالي منه؟ فقال له: إِلَى ابْنِ الْحَارِثِيَّةِ - يَعْنِي أَخَاهُ عَبْدَ اللَّهِ السَّفَّاحَ - فَرَجَعَ يَقْطِينُ إِلَى الدُّعَاةِ إِلَى بَنِي العبَّاس فأعلمهم بما قال، فبايعوا السفاح، فكان من أمره ما ذكرناه.
ثم دخلت سنة سبع وثمانين ومائة فيها كان مهلك البرامكة على يدي الرشيد، قتل جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي، ودمر ديارهم واندرست آثارهم، وذهب صِغَارِهِمْ وَكِبَارِهِمْ
.
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي سَبَبِ ذَلِكَ على أقوال ذكرها ابن جرير وغيره، قِيلَ إِنَّ الرَّشِيدَ كَانَ قَدْ سَلَّمَ يَحْيَى بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ إِلَى جَعْفَرٍ البرمكي ليسجنه عنده، فما زال يحيى يترفق له حتى أطلقه، فنمَّ الفضل بن الربيع ذلك إلى الرشيد فَقَالَ لَهُ الرَّشِيدُ: وَيْلَكَ لَا تَدْخُلْ بَيْنِي وَبَيْنَ جَعْفَرٍ، فَلَعَلَّهُ أَطْلَقَهُ عَنْ أَمْرِي وَأَنَا لَا أَشْعُرُ.
ثُمَّ سَأَلَ الرَّشِيدُ جَعْفَرًا عَنْ ذلك فصدقه فتغيظ عليه وحلف ليقتلنه، وكره البرامكة، ثم قتلهم وقلاهم بَعْدَ مَا كَانُوا أَحْظَى النَّاسِ عِنْدَهُ، وَأَحَبَّهُمْ إليه، وكانت أم جعفر والفضل أم الرشيد من الرضاعة، وقد جعلهم الرشيد مِنَ الرِّفْعَةِ فِي الدُّنْيَا وَكَثْرَةِ الْمَالِ بِسَبَبِ ذلك شيئاً كثيراً لَمْ يَحْصُلْ لِمَنْ قَبْلَهُمْ مِنَ الْوُزَرَاءِ وَلَا لِمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْأَكَابِرِ وَالرُّؤَسَاءِ، بِحَيْثُ إِنَّ جَعْفَرًا بَنَى دَارًا غَرِمَ عَلَيْهَا عِشْرِينَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ مَا نقمه عليه الرشيد.
ويقال: إنما قتلهم الرشيد لأنه كان لا يمر ببلد ولا إقليم ولا قرية ولا مزرعة ولا بستان إلا قيل هذا لجعفر، ويقال إِنَّ الْبَرَامِكَةَ كَانُوا يُرِيدُونَ إِبْطَالَ خِلَافَةِ الرَّشِيدِ وإظهار الزندقة.
وقيل إنما قتلهم بِسَبَبِ الْعَبَّاسَةِ.
وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ وإن كان ابن جرير قد ذكره.
وذكر ابن الجوزي أن الرشيد سئل عن سبب قتله الْبَرَامِكَةَ فَقَالَ: لَوْ أَعْلَمُ أَنَّ قَمِيصِي يَعْلَمُ ذَلِكَ لَأَحْرَقْتُهُ.
وَقَدْ كَانَ جَعْفَرٌ يَدْخُلُ عَلَى الرشيد بغير إذن حتى كان يدخل عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الْفِرَاشِ مَعَ حَظَايَاهُ - وَهَذِهِ وجاهة ومنزلة عالية - وكان عنده من أحظى العشراء على الشراب المسكر - فإن الرشيد كان يستعمل في أواخر أيام خلافته المسكر - وَكَانَ أَحَبَّ أَهْلِهِ إِلَيْهِ أُخْتُهُ الْعَبَّاسَةُ بِنْتُ الْمَهْدِيِّ، وَكَانَ يُحْضِرُهَا مَعَهُ، وَجَعْفَرٌ الْبَرْمَكِيُّ حَاضِرٌ أيضاً معه، فزوجه بها ليحل النَّظَرُ إِلَيْهَا، وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَأْهَا.
وكان الرَّشِيدُ رُبَّمَا قَامَ وَتَرَكَهُمَا وَهُمَا ثَمِلَانِ مِنَ الشراب فربما واقعها جعفر فحبلت مِنْهُ فَوَلَدَتْ
وَلَدًا وَبَعْثَتْهُ مَعَ بَعْضِ جَوَارِيهَا إلى مكة، وكان يربى بها.
وذكر ابن خلكان أن الرشيد لما زوج أخته العباسة من جعفر أحبها حُبًّا شَدِيدًا، فَرَاوَدَتْهُ عَنْ
نفسه فامتنع أشد الامتناع خوفاً من الرشيد، فاحتالت عليه - وكانت أمه تهدي له فِي كُلِّ لَيْلَةِ جُمْعَةٍ جَارِيَةً حَسْنَاءَ بِكْرًا - فقالت لأمه: أدخليني عليه بصفة جارية: فهابت ذلك فتهددتها حتى فعلت ذلك.
فلما دخلت عليه لم يتحقق وجهها فَوَاقَعَهَا فَقَالَتْ لَهُ: كَيْفَ رَأَيْتَ خَدِيعَةَ بَنَاتِ الملوك؟ وَحَمَلَتْ مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ، فَدَخَلَ عَلَى أُمِّهِ فقال: بِعْتِينِي وَاللَّهِ بِرَخِيصٍ.
ثُمَّ إِنَّ وَالِدَهُ يَحْيَى بْنَ خَالِدٍ جَعَلَ يُضَيِّقُ عَلَى عِيَالِ الرَّشِيدِ في النفقة حتى شكت زبيدة ذلك إلى الرشيد مَرَّاتٍ، ثُمَّ أَفْشَتْ لَهُ سِرَّ الْعَبَّاسَةِ، فَاسْتَشَاطَ غيظاً، وَلَمَّا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ الْوَلَدَ قَدْ أَرْسَلَتْ بِهِ إلى مكة حج عام ذَلِكَ حَتَّى تَحَقَّقَ الْأَمْرَ.
وَيُقَالُ: إِنَّ بَعْضَ الْجَوَارِي نَمَّتْ عَلَيْهَا إِلَى الرَّشِيدِ وَأَخْبَرَتْهُ بِمَا وقع، وأن الولد بمكة وعنده جوار وأموال وحلي كثيرة.
فلم يصدق حتى حج في السنة الخالية، ثم كشف الأمر عن الحال، فإذا هو كما ذكر.
وقد حج في هذه السنة التي حج فيها الرشيد يحيى بن خالد، فَجَعَلَ يَدْعُو عِنْدَ الْكَعْبَةِ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ يرضيك عني سلب جميع مالي وولدي وأهلي فافعل ذلك وَأَبْقِ عَلَيَّ مِنْهُمُ الْفَضْلَ، ثُمَّ خَرَجَ.
فلمَّا كَانَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ رَجَعَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ وَالْفَضْلُ مَعَهُمْ فَإِنِّي رَاضٍ بِرِضَاكَ عَنِّي وَلَا تَسْتَثْنِ مِنْهُمْ أَحَدًا.
فَلَمَّا قَفَلَ الرَّشِيدُ مِنَ الْحَجِّ صَارَ إِلَى الْحِيرَةِ ثُمَّ رَكِبَ فِي السُّفُنِ إِلَى الْعُمْرِ (1) مِنْ أَرْضِ الْأَنْبَارِ، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ السَّبْتِ سَلْخَ الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السنة أَرْسَلَ مَسْرُورًا الْخَادِمَ وَمَعَهُ حَمَّادُ بْنُ سَالِمٍ أَبُو عِصْمَةَ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الْجُنْدِ، فَأَطَافُوا بِجَعْفَرِ بْنِ يَحْيَى لَيْلًا، فَدَخَلَ عَلَيْهِ مَسْرُورٌ الخادم وعنده بختيشوع المتطبب، وأبو ركانة الأعمى المغني الكلوذاني، وهو في أمره وسروره، وَأَبُو زَكَّارٍ (2) يُغَنِّيهِ: فَلَا تَبْعَدْ فَكُلُّ فَتًى سَيَأْتِي * عَلَيْهِ الْمَوْتُ يَطْرُقُ أَوْ يُغَادِي فَقَالَ الْخَادِمُ لَهُ: يَا أَبَا الْفَضْلِ هَذَا الْمَوْتُ قَدْ طُرَقَكَ، أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.
فَقَامَ إِلَيْهِ يقبل قدميه ويدخل عليه أن يمكنه فيدخل إلى أهله فيوصي إليهم ويودعهم، فقال: أما الدخول فلا سبيل
إليه، ولكن أوص.
فأوصى وأعتق جميع مماليكه أو جماعة منهم، وجاءت رسل الرشيد تستحثه فأخرج إخراجاً عنيفاً، فجعلوا يقودونه حتى أتوا به المنزل الذي فيه الرشيد، فحبسه وقيده بقيد حمار، وأعلموا الرشيد بما كان يفعل، فأمر بضرب عنقه، فجاء السياف إِلَى جَعْفَرٍ فَقَالَ: إنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ أَمَرَنِي أَنْ آتِيَهُ بِرَأْسِكَ.
فَقَالَ: يَا أَبَا هَاشِمٍ لَعَلَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ سَكْرَانُ، فَإِذَا صَحَا عاتبك فيَّ، فعاوده.
فرجع إلى الرشيد فقال: إنه يقول: لعلك مشغول.
فقال: يا ماص بظر أمه ائتني
(1) العمر: بضم العين، وفي نسخ البداية المطبوعة الغمر، وقال البكري في معجم ما استعجم: قلاية العمر والعمر عندهم: الدير، والعمر: من السريانية (عمرا) وهي تعني البيت ثم خصصت بالدير.
أما القلاية فهي صومعة الراهب.
ويضم الدير على هذا عدة قلايات.
(2)
من الطبري وابن الاثير والفخري.
وفي الاصل: أبو ركانة (*)
برأسه.
فكرر عليه جعفر المقالة فقال الرشيد في الثالثة: برئت من المهدي إن لَمْ تَأْتِنِي بِرَأْسِهِ لَأَبْعَثَنَّ مَنْ يَأْتِينِي بِرَأْسِكَ ورأسه.
فرجع إلى جعفر فحز رأسه وأتى بِهِ إِلَى الرَّشِيدِ فَأَلْقَاهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَرْسَلَ الرشيد من ليلته البرد بالاحتياط عَلَى الْبَرَامِكَةِ جَمِيعِهِمْ بِبَغْدَادَ وَغَيْرِهَا،، وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ بِسَبِيلٍ.
فَأُخِذُوا كُلُّهُمْ عَنْ آخِرِهِمْ.
فَلَمْ يُفْلِتْ مِنْهُمْ أَحَدٌ.
وَحَبَسَ يَحْيَى بْنَ خَالِدٍ فِي مَنْزِلِهِ، وَحَبَسَ الْفَضْلَ بْنَ يَحْيَى فِي مَنْزِلٍ آخَرَ وَأَخَذَ جَمِيعَ مَا كَانُوا يَمْلِكُونَهُ من الدنيا، وبعث الرشيد برأس جعفر وجثته فنصب الرأس عند الجسر الأعلى، وشقت الجثة باثنتين فنصب نصفها الواحد عند الجسر الأسفل، والأخر عِنْدَ الْجِسْرِ الْآخَرِ، ثُمَّ أُحْرِقَتْ بَعْدَ ذَلِكَ.
وَنُودِيَ فِي بَغْدَادَ: أَنْ لَا أَمَانَ لِلْبَرَامِكَةِ وَلَا لِمَنْ آوَاهُمْ، إِلَّا مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى بن خالد فإنه مستثنى منهم لِنُصْحِهِ لِلْخَلِيفَةِ.
وَأَتَى الرَّشِيدُ بِأَنَسِ بْنِ أَبِي شيخ كان يتهم بالزندقة، وكان مصاحباً لجعفر، فدار بينه وبين الرشيد كلام، ثم أخرج الرشيد من تحت فراسه سيفاً وَأَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ بِهِ (1) .
وَجَعَلَ يَتَمَثَّلُ بِبَيْتٍ قيل في قتل أَنَسٍ قَبْلَ ذَلِكَ (2) : تَلَمَّظَ السَّيْفُ مِنْ شَوْقٍ إِلَى أَنَسٍ (3) * فَالسَّيْفُ يَلْحَظُ وَالْأَقْدَارُ تَنْتَظِرُ
فَضُرِبَتْ عُنُقُ أَنَسٍ فَسَبَقَ السَّيْفُ الدَّمَ فَقَالَ الرَّشِيدُ: رَحِمَ اللَّهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُصْعَبٍ، فَقَالَ الناس: إن السيف كان للزبير بن العوام.
ثم شحنت السجون بالبرامكة واستلبت أموالهم كلها، وزالت عنهم النعمة.
وَقَدْ كَانَ الرَّشِيدُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي قَتَلَ جعفراً في آخره، هو وإياه راكبين في الصيد في أوله، وَقَدْ خَلَا بِهِ دُونَ وُلَاةِ الْعُهُودِ، وَطَيَّبَهُ في ذلك بالغالية بيده، فلما كان وقت المغرب ودعه الرشيد وضمه إِلَيْهِ وَقَالَ: لَوْلَا أَنَّ اللَّيْلَةَ لَيْلَةُ خَلْوَتِي بِالنِّسَاءِ مَا فَارَقْتُكَ، فَاذْهَبْ إِلَى مَنْزِلِكَ وَاشْرَبْ واطرب وطب عيشاً حتى تكون على مثل حالي، فأكون أنا وأنت في اللذة سواء.
فَقَالَ: وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَا أَشْتَهِي ذلك إلا معك.
فقال: لا! انصرف إلى منزلك.
فَانْصَرَفَ عَنْهُ جَعْفَرٌ فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ ذهب اللَّيْلِ بَعْضُهُ حَتَّى أَوْقَعَ بِهِ مِنَ الْبَأْسِ وَالنَّكَالِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.
وَكَانَ ذَلِكَ لَيْلَةَ السَّبْتِ آخَرَ لَيْلَةٍ مِنَ الْمُحَرَّمِ، وَقِيلَ إِنَّهَا أول ليلة من صفر في هذه السنة، وَكَانَ عُمْرُ جَعْفَرٍ إِذْ ذَاكَ سَبْعًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً، وَلَمَّا جَاءَ الْخَبَرُ إِلَى أَبِيهِ يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ بِقَتْلِهِ قَالَ: قَتَلَ اللَّهُ ابْنَهُ.
وَلَمَّا قِيلَ لَهُ: قَدْ خُرِّبَتْ دَارُكَ قَالَ: خرب الله دوره.
ويقال: إن يحيى لما نظر إلى دوره وَقَدْ هُتِكَتْ سُتُورُهَا وَاسْتُبِيحَتْ قُصُورُهَا، وَانْتُهِبَ مَا فِيهَا.
قَالَ: هَكَذَا تَقُومُ السَّاعة.
وَقَدْ كَتَبَ إليه بعض أصحابه يعزيه فيما جرى له، فكتب إليه جواب التعزية: أنا بقضاء الله راض، وباختياره عَالِمٌ، وَلَا يُؤَاخِذُ اللَّهُ الْعِبَادَ إِلَّا بِذُنُوبِهِمْ، وَمَا اللَّهُ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ.
وَمَا يَغْفِرُ اللَّهُ أَكْثَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
وَقَدْ أَكْثَرَ الشُّعَرَاءُ مِنَ المراثي في
(1) تولى قتله - في رواية للطبري - إبراهيم بن عثمان بن نهيك.
(2)
نسبه ابن الاعثم لابي كبير الهذلي، والبيت ليس في ديوان الهذليين.
(3)
في ابن الاعثم 8 / 277: إلى النفس.
(*)
البرامكة فمن ذلك قول الرقاشي، وقيل أَنَّهَا لِأَبِي نُوَاسٍ (1) : أَلَانَ اسْتَرَحْنَا وَاسْتَرَاحَتْ رِكَابُنَا * وأمسك من يحدي ومن كان يحتدى (2) فَقُلْ لِلْمَطَايَا قَدْ أَمِنْتِ مِنَ السُّرى * وطيِّ الْفَيَافِي فَدْفَدًا بَعْدَ فَدْفَدِ وَقُلْ لِلْمَنَايَا قَدْ ظَفِرْتِ بِجَعْفَرٍ * وَلَنْ تَظْفَرِي مِنْ بَعْدِهِ بَمُسَوَّدِ
وقل للمطايا بَعْدْ فَضْلٍ: تَعَطَّلِي * وَقُلْ لِلرَّزَايَا كُلَّ يَوْمٍ تَجَدَّدِي وَدُونَكِ سَيْفًا بَرْمَكِيًّا مُهَنَّدًا * أُصِيبَ بِسَيْفٍ هَاشِمِيٍّ مُهَنَّدِ وَقَالَ الرَّقَاشِيُّ (3)، وَقَدْ نَظَرَ إِلَى جعفر وهو على جذعه: أَمَا وَاللَّهِ لَوْلَا خَوْفُ واشٍ * وَعَيْنٌ لِلْخَلِيفَةِ لَا تَنَامُ لَطُفْنَا حَوْلِ جِذْعِكَ وَاسْتَلَمْنَا * كَمَا للناس بالحجر استلام فما أبصرت قبلك (4) يا بن يَحْيَى * حُسَامًا فلَّه السَّيْفُ الْحُسَامُ عَلَى اللَّذَّاتِ وَالدُّنْيَا جَمِيعًا (5) * وَدَوْلَةِ آلِ برمكٍ السَّلَامُ قَالَ فاستدعاه الرشيد فقال له: كَمْ كَانَ يُعْطِيكَ جَعْفَرٌ كُلَّ عَامٍ؟ قَالَ: ألف دينار.
قال: فَأَمَرَ لَهُ بِأَلْفَيْ دِينَارٍ.
وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ عَنْ عَمِّهِ مُصْعَبٍ الزُّبَيْرِيِّ قَالَ: لَمَّا قتل الرشيد جعفراً وَقَفَتِ امْرَأَةٌ عَلَى حِمَارٍ فَارِهٍ فَقَالَتْ بِلِسَانٍ فصيح: والله يا جعفر لئن صرت اليوم آية لقد كُنْتَ فِي الْمَكَارِمِ غَايَةً، ثُمَّ أَنْشَأَتْ تَقُولُ (6) : وَلَمَّا رَأَيْتُ السَّيْفَ خَالَطَ (7) جَعْفَرًا * وَنَادَى منادٍ لِلْخَلِيفَةِ فِي يَحْيَى بَكَيْتُ عَلَى الدُّنْيَا وَأَيْقَنْتُ أَنَّمَا * قُصَارَى الْفَتَى يَوْمًا مُفَارَقَةُ الدُّنْيَا وَمَا هِيَ إِلَّا دَوْلَةٌ بَعْدَ دَوْلَةٍ * تخوِّل ذَا نُعْمَى وَتُعْقِبُ ذَا بَلْوَى إِذَا أَنْزَلَتْ هَذَا مَنَازِلَ رِفْعَةٍ * مِنَ الْمُلْكِ حَطَّتْ ذَا إِلَى الْغَايَةِ الْقُصْوَى قَالَ: ثُمَّ حَرَّكَتْ حِمَارَهَا فَذَهَبَتْ فَكَأَنَّهَا كَانَتْ رِيحًا لَا أَثَرَ لَهَا، وَلَا يعرف أين ذهبت.
وذكر ابن الجوزي أن جعفرا كان له جارية يقال لها فتينة مُغَنِيَّةٌ، لَمْ يَكُنْ لَهَا فِي الدُّنْيَا نَظِيرٌ، كان
(1) في مروج الذهب 3 / 467 قال: هو أشجع السلمي.
(2)
في مروج الذهب: يجدي ويجتدي.
(3)
نسب الطبري الابيات إلى أبي عبد الرحمن العطوي.
(4)
في شذرات الذهب: مثلك، وليس البيت في الطبري.
(5)
في الطبري: على الدنيا وساكنها جميعا
…
(6) نسب ابن خلكان الابيات إلى دعبل بن علي الخزاعي 1 / 340.
(7)
في وفيات الاعيان: صبح.
(*)
مُشْتَرَاهَا عَلَيْهِ بِمَنْ مَعَهَا مِنَ الْجَوَارِي مِائَةَ أَلْفِ دِينَارٍ، فَطَلَبَهَا مِنْهُ الرَّشِيدُ فَامْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ، فَلَمَّا قَتَلَهُ الرَّشِيدُ اصْطَفَى تِلْكَ الْجَارِيَةَ فَأَحْضَرَهَا لَيْلَةً فِي مَجْلِسِ شَرَابِهِ وَعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ من جلسائه وسماره، فَأَمَرَ مَنْ مَعَهَا أَنْ يُغَنِّينَ فَانْدَفَعَتْ كُلُّ واحدة تغني، حتى انتهت النوبة إلى فتينة، فَأَمَرَهَا بِالْغِنَاءِ فَأَسْبَلَتْ دَمْعَهَا وَقَالَتْ: أَمَّا بَعْدَ السادة فلا.
فغضب الرشيد غَضَبًا شَدِيدًا، وَأَمَرَ بَعْضَ الْحَاضِرِينَ أَنْ يَأْخُذَهَا إِلَيْهِ فَقَدْ وَهَبَهَا لَهُ، ثُمَّ لَمَّا أَرَادَ الِانْصِرَافَ قَالَ لَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ: لَا تطأها.
ففهم أنه إنما يُرِيدُ بِذَلِكَ كَسْرَهَا.
فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَحْضَرَهَا وَأَظْهَرَ أَنَّهُ قَدْ رَضِيَ عَنْهَا وَأَمَرَهَا بالغناء فامتنعت وأرسلت دَمْعَهَا وَقَالَتْ: أَمَّا بَعْدَ السَّادَةِ فَلَا.
فَغَضِبَ الرشيد أشد من غضبه في المرة الأولى وَقَالَ: النِّطْعُ وَالسَّيْفُ، وَجَاءَ السَّيَّافُ فَوَقَفَ عَلَى رأسها فقال له الرشيد: إِذَا أَمَرْتُكَ ثَلَاثًا وَعَقَدْتُ أَصَابِعِي ثَلَاثًا فَاضْرِبْ.
ثم قال لها غنِّ: فَبَكَتْ وَقَالَتْ: أَمَّا بَعْدَ السَّادَةِ فَلَا.
فَعَقَدَ أُصْبَعَهُ الْخِنْصَرَ، ثُمَّ أَمَرَهَا الثَّانِيَةَ فَامْتَنَعَتْ، فَعَقَدَ اثْنَتَيْنِ، فَارْتَعَدَ الْحَاضِرُونَ وَأَشْفَقُوا غَايَةَ الْإِشْفَاقِ وَأَقْبَلُوا عليها يسألونها أن تغني لئلا تَقْتَلَ نَفْسَهَا، وَأَنْ تُجِيبَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى ما يريد.
ثم أمرها الثالثة فاندفعت تغني كارهة: لما رأيت الدنيا قَدْ دَرَسَتْ * أَيْقَنْتُ أَنَّ النَّعِيمَ لَمْ يَعُدْ قَالَ فَوَثَبَ إِلَيْهَا الرَّشِيدُ وَأَخَذَ الْعُودَ مِنْ يَدِهَا وَأَقْبَلَ يَضْرِبُ بِهِ وَجْهَهَا وَرَأْسَهَا حَتَّى تكسر، وأقبلت الدماء وتطايرت الجوار من حولها، وحملت مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ فَمَاتَتْ بَعْدَ ثَلَاثٍ.
وَرُوِيَ أَنَّ الرَّشِيدَ كَانَ يَقُولُ: لَعَنَ اللَّهُ مَنْ أَغْرَانِي بِالْبَرَامِكَةِ، فَمَا وَجَدْتُ بَعْدَهُمْ لَذَّةً وَلَا راحة ولا رجاء، وددت والله أني شطرت نصف عمري وملكي وأني تركتهم على حالهم.
وحكى ابن؟ ن أَنَّ جَعْفَرًا اشْتَرَى جَارِيَةً مِنْ رَجُلٍ بِأَرْبَعِينَ ألف دينار، فالتفتت إلى بائعها وقالت: اذكر العهد الذي بيني وبينك، لَا تَأْكُلَ مِنْ ثَمَنِي شَيْئًا.
فَبَكَى سَيِّدُهَا وَقَالَ: اشْهَدُوا أَنَّهَا حُرَّةٌ، وَأَنِّي قَدْ تَزَوَّجْتُهَا.
فَقَالَ جَعْفَرٌ: اشْهَدُوا أَنَّ الثَّمَنَ لَهُ أَيْضًا.
وَكَتَبَ إِلَى نَائِبٍ لَهُ: أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ
كَثُرَ شَاكُوكَ، وَقَلَّ شَاكِرُوكَ، فَإِمَّا أَنْ تَعْدِلَ، وإما تَعْتَزِلَ.
وَمِنْ أَحْسَنِ مَا وَقَعَ مِنْهُ مِنَ التَّلَطُّفِ فِي إِزَالَةِ همِّ الرَّشِيدِ، وَقَدْ دَخَلَ عليه منجم يهودي فأخبره أنه سيموت في هذه السنة، فحمل الرشيدهما عظيماً، فدخل عليه جعفر فسأله: ما الخبر؟ فأخبره بقول اليهودي فاستدعى جعفر اليهودي فقال له: كم بَقِيَ لَكَ مِنَ الْعُمْرِ؟ فَذَكَرَ مُدَّةً طَوِيلَةً.
فقال: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتُلْهُ حَتَّى تَعْلَمَ كَذِبَهُ فِيمَا أَخْبَرَ عَنْ عُمْرِهِ.
فَأَمَرَ الرَّشِيدُ بِالْيَهُودِيِّ فقتل، وسرِّي عن الرشيد الذي كان فيه.
وَبَعْدَ مَقْتَلِ الْبَرَامِكَةِ قَتَلَ الرَّشِيدُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ عُثْمَانَ بْنِ نَهِيكٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ حَزِنَ عَلَى البرامكة، ولا سيما على جعفر، كان يُكْثِرُ الْبُكَاءَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ حَيِّزِ الْبُكَاءِ إِلَى حَيِّزِ الِانْتِصَارِ لَهُمْ وَالْأَخْذِ بِثَأْرِهِمْ، وَكَانَ إِذَا شَرِبَ فِي مَنْزِلِهِ يَقُولُ لِجَارِيَتِهِ: ائتني بِسَيْفِي، فَيَسُلُّهُ ثُمَّ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَأَقْتُلَنَّ قَاتِلَهُ، فَأَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ، فَخَشِيَ ابْنُهُ عُثْمَانُ أن يطلع الخليفة على ذَلِكَ فَيُهْلِكُهُمْ عَنْ آخِرِهِمْ،
وَرَأَى أَنَّ أَبَاهُ لَا يَنْزِعُ عَنْ هَذَا، فَذَهَبَ إِلَى الْفَضْلِ بْنِ الرَّبِيعِ فَأَعْلَمَهُ، فَأَخْبَرَ الْفَضْلُ الْخَلِيفَةَ، فَاسْتَدْعَى بِهِ فَاسْتَخْبَرَهُ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: من يشهد معك عليه؟ فقال: فلان الخادم فجاء به فشهد، فقال الرشيد: لا يحل قَتْلُ أَمِيرٍ كَبِيرٍ بِمُجَرَّدِ قَوْلِ غُلَامٍ وَخَصِيٍّ، لعلهما قد تواطآ عَلَى ذَلِكَ.
فَأَحْضُرُهُ الرَّشِيدُ مَعَهُ عَلَى الشَّرَابِ ثم خلا به فقال: وَيْحَكَ يَا إِبْرَاهِيمُ! إِنَّ عِنْدِي سِرًّا أُحِبُّ أن أطلعك عليه، أَقْلَقَنِي فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ.
قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: إِنِّي نَدِمْتُ عَلَى قَتْلِ الْبَرَامِكَةِ وَوَدِدْتُ إني خرجت من نصف ملكي ونصف عُمْرِي وَلَمْ أَكُنْ فَعَلْتُ بِهِمْ مَا فَعَلْتُ، فَإِنِّي لَمْ أَجِدْ بَعْدَهُمْ لَذَّةً وَلَا رَاحَةً.
فَقَالَ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى أَبِي الْفَضْلِ - يَعْنِي جعفراً - وبكى، وقال: وَاللَّهِ يَا سَيِّدِي لَقَدْ أَخْطَأْتَ فِي قَتْلِهِ.
فقال له: قم لعنك الله، ثم حبسه ثُمَّ قَتَلَهُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.
وَسَلَّمَ أَهْلَهُ وَوَلَدَهُ.
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ غَضِبَ الرَّشِيدُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ صَالِحٍ بِسَبَبِ أنَّه بَلَغَهُ أنَّ يريد الخلافة، واشتد غضبه بسببه على البرامكة الَّذِينَ هُمْ فِي الحبوس، ثم سجنه فلم يزل في السجن حتى مات الرَّشِيدُ فَأَخْرَجَهُ الْأَمِينُ وَعَقَدَ لَهُ عَلَى نِيَابَةِ الشام.
وفيها ثارت العصبية بالشام بين المضرية والنزارية، فَبَعَثَ إِلَيْهِمُ الرَّشِيدُ مُحَمَّدَ بْنَ مَنْصُورِ بْنِ زِيَادٍ فَأَصْلَحَ بَيْنِهِمْ.
وَفِيهَا كَانَتْ زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ بالمصيصة فانهدم بعض سورها ونضب ماؤها سَاعَةً مِنَ اللَّيْلِ.
وَفِيهَا بَعَثَ الرَّشِيدُ وَلَدَهُ القاسم على الصائفة، وجعله قرباناً ووسيلة بين يديه، وَوَلَّاهُ الْعَوَاصِمَ، فَسَارَ إِلَى بِلَادِ الرُّومِ فَحَاصَرَهُمْ حتى افتدوا بِخَلْقٍ مِنَ الْأَسَارَى يُطْلِقُونَهُمْ وَيَرْجِعُ عَنْهُمْ، فَفَعَلَ ذَلِكَ.
وَفِيهَا نَقَضَتِ الرُّومُ الصُّلْحَ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، الَّذِي كَانَ عَقَدَهُ الرَّشِيدُ بينه وبين رني مَلِكَةِ الرُّومِ الْمُلَقَّبَةِ أُغُسْطَةُ.
وَذَلِكَ أَنَّ الرُّومَ عَزَلُوهَا عَنْهُمْ وَمَلَّكُوا عَلَيْهِمُ النَّقْفُورَ، وَكَانَ شُجَاعًا، يقال إنه من سلالة آل جفنة، فخلعوا رني وسملوا عينيها.
فكتب نقفور إِلَى الرَّشِيدِ: مِنْ نَقْفُورَ مَلِكِ الرُّومِ إِلَى هَارُونَ مَلِكِ الْعَرَبِ، أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْمَلِكَةَ التي كانت قبلي أَقَامَتْكَ مُقَامِ الرُّخِّ، وَأَقَامَتْ نَفْسَهَا مُقَامِ الْبَيْدَقِ، فَحَمَلَتْ إِلَيْكَ مِنْ أَمْوَالِهَا مَا كُنْتَ حَقِيقًا بحمل أمثاله (1) إليها، وذلك مِنْ ضَعْفِ النِّسَاءِ وَحُمْقِهِنَّ، فَإِذَا قَرَأْتَ كِتَابِي هذا فاردد إلي ما حملته إليك من الأموال وافتد نفسك به، وإلا فالسيف بيننا وبينك.
فلما قرأ هارون الرشيد كتابه أخذه الغضب الشديد حتى لم يتمكن أحد أن ينظر إليه، ولا يستطيع مخاطبته، وأشفق عليه جلساؤه خوفاً منه، ثم استدعى بِدَوَاةٍ وَكَتَبَ عَلَى ظَهْرِ الْكِتَابِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ هَارُونَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى نَقْفُورَ كَلْبِ الرُّومِ.
قَدْ قَرَأْتُ كِتَابَكَ يَا بن الْكَافِرَةِ، وَالْجَوَابُ مَا تَرَاهُ دُونَ مَا تَسْمَعُهُ والسلام.
ثم شخص من فوره وسار حتَّى نزل بِبَابِ هَرْقَلَةَ فَفَتَحَهَا وَاصْطَفَى ابْنَةَ مَلِكِهَا، وَغَنِمَ من الأموال شيئاً كثيراً، وخرب وأحرق، فَطَلَبَ نَقْفُورُ مِنْهُ الْمُوَادَعَةَ عَلَى خَرَاجٍ يؤدِّيه إِلَيْهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ، فَأَجَابَهُ الرَّشِيدُ إِلَى ذَلِكَ.
فلمَّا رَجَعَ مِنْ غَزْوَتِهِ وَصَارَ بِالرِّقَّةِ نَقَضَ الْكَافِرُ الْعَهْدَ وَخَانَ الْمِيثَاقَ، وَكَانَ الْبَرْدُ قد اشتد جداً، فلم يقدر أحد ان يجئ فيخبر الرشيد
(1) في ابن الاثير 6 / 185: أضعافها.
(*)