الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللَّهِ: يَا بُنَيَّ اذْهَبْ خَلْفَهَا فَاعْلَمْ لِي مَنْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ؟ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَذَهَبْتُ وَرَاءَهَا فَإِذَا هِيَ قَدْ دَخَلَتْ دَارَ بِشْرٍ، وإذا هي أخته مخة.
وروى الخطيب أَيْضًا عَنْ زُبْدَةَ قَالَتْ: جَاءَ لَيْلَةً أَخِي بِشْرٌ فَدَخَلَ بِرِجْلِهِ فِي الدَّارِ وَبَقِيَتِ الْأُخْرَى خَارِجَ الدَّارِ، فَاسْتَمَرَّ كَذَلِكَ لَيْلَتَهُ حَتَّى أَصْبَحَ، فقيل له فيم تفكرت ليلتك؟ فقال: تَفَكَّرْتُ فِي بِشْرٍ النَّصْرَانِيِّ وَبِشْرٍ الْيَهُودِيِّ وَبِشْرٍ المجوسي وفي نفسي لأن اسمي بشر، فقلت في نفسي: ما الذي سبق لي من الله حتى خصني بالإسلام من بينهم؟ فتفكرت في فضل الله عليَّ وحمدته أن هداني للإسلام، وجعلني ممن خصه به، وألبسني لباس أحبابه وقد ترجمه ابْنُ عَسَاكِرَ فَأَطْنَبَ وَأَطْيَبَ وَأَطَالَ مِنْ غَيْرِ
ملال، وقد ذكر له أَشْعَارًا حَسَنَةً، وَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ يَتَمَثَّلُ بِهَذِهِ الْأَبْيَاتِ: تَعَافُ الْقَذَى فِي الْمَاءِ لَا تَسْتَطِيعُهُ * وَتَكْرَعُ مِنْ حَوْضِ الذُّنُوبِ فَتَشْرَبُ وَتُؤْثِرُ مِنْ أَكْلِ الطَّعَامِ أَلَذَّهُ * وَلَا تَذْكُرُ الْمُخْتَارَ مِنْ أَيْنَ يَكْسِبُ وَتَرْقُدُ يَا مِسْكِينُ فَوْقَ نَمَارِقٍ * وَفِي حَشْوِهَا نَارٌ عَلَيْكَ تَلَهَّبُ فَحَتَّى مَتَى لَا تَسْتَفِيقُ جَهَالَةً * وَأَنْتَ ابْنُ سَبْعِينَ بِدِينِكَ تلعب
وممن توفي فيها
أحمد بن يونس (1) ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ (2) ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ صاحب السنن المشهورة التي لا يشاركه فيها إِلَّا الْقَلِيلُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الدُّولَابِيُّ.
وَلَهُ سُنَنٌ أَيْضًا.
وَأَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ (3) ، وَأَبُو الْهُذَيْلِ العلاف المتكلم المعتزلي.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ ومائتين في رمضان منها خلع الْوَاثِقُ عَلَى أَشْنَاسَ الْأَمِيرِ، وتوَّجه وَأَلْبَسَهُ وِشَاحَيْنِ من جوهر وحج بالناس فيها مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ الْأَمِيرُ
.
وَغَلَا السِّعْرُ عَلَى النَّاس فِي طَرِيقِ مَكَّةَ جِدًّا، وَأَصَابَهُمْ حَرٌّ شديد وهم بعرفة، ثم أعقبه برد شديد ومطر عظيم، كل ذلك فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَنَزَلَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ بِمِنًى مَطَرٌ لَمْ يُرَ مِثْلُهُ، وَسَقَطَتْ قِطْعَةٌ مِنَ الْجَبَلِ عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَقَتَلَتْ جَمَاعَةً مِنَ الْحُجَّاجِ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَفِيهَا مَاتَ أَبُو الحسن المدائني أحد أئمة هذا الشأن فِي مَنْزِلِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْمَوْصِلِيِّ.
وَحَبِيبُ بن أوس الطائي أبو تمام الشاعر.
(1) أحمد بن عبد الله بن يونس أبو عبد الله اليربوعي الكوفي الحافظ سمع الثوري وطبقته وعاش 94 سنة وهو من الثقات الاثبات.
(2)
محدث أصبهان وهو كوفي وثقه ابن حبان وغيره وضعفه الدارقطني وهو مكثر عالي الاسناد.
(3)
واسمه هشام بن عبد الملك الباهلي مولاهم البصري الحافظ أحد أركان الحديث.
قال أبو حاتم: إمام فقيه عاقل ثقة.
قال ابن وارة: ما أراني أدركت مثله.
مات وله 94 سنة.
(*)
قلت أما أبو الحسن المدائني فاسمه علي بن الْمَدَائِنِيُّ أَحَدُ أَئِمَّةِ هَذَا الشَّأْنِ، وَإِمَامُ الْأَخْبَارِيِّينَ في
زمانه، وقد قدمنا ذكر وفاته قبل هذه السنة.
وأما: أَبُو تَمَّامٍ الطَّائِيُّ الشَّاعِرُ صَاحِبُ الْحَمَاسَةِ الَّتِي جمعها في فضل النساء بهمدان فِي دَارِ وَزِيرِهَا.
فَهُوَ حَبِيبُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسِ بْنِ الْأَشَجِّ بْنِ يحيى أبو تمام الطائي الشاعر الأديب.
وَنَقَلَ الْخَطِيبُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الصُّولِيِّ: أَنَّهُ حَكَى عَنْ بَعْضِ (1) النَّاسِ أَنَّهُمْ قَالُوا: أَبُو تَمَّامٍ حَبِيبُ بْنُ تَدْرُسَ (2) النَّصْرَانِيِّ، فَسَمَّاهُ أبوه حبيب أوس بَدَلَ تَدْرُسَ.
قَالَ ابْنُ خِلِّكَانَ: وَأَصْلُهُ مِنْ قَرْيَةِ جَاسِمٍ مِنْ عَمَلِ الْجَيْدُورِ بِالْقُرْبِ مِنْ طَبَرِيَّةَ، وَكَانَ بِدِمَشْقَ يَعْمَلُ عِنْدَ حَائِكٍ، ثُمَّ سار به إِلَى مِصْرَ فِي شَبِيبَتِهِ.
وَابْنُ خِلِّكَانَ أَخَذَ ذلك من تاريخ ابن عساكر، وقد ترجم له أبو تمام ترجمة حسنة.
قال الخطيب: وَهُوَ شَامِيُّ الْأَصْلِ، وَكَانَ بِمِصْرَ فِي حَدَاثَتِهِ يَسْقِي الْمَاءَ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ، ثُمَّ جَالَسَ بعض الأدباء فأخذ عنهم وَكَانَ فَطِنًا فَهْمًا، وَكَانَ يُحِبُّ الشِّعْرَ فَلَمْ يَزَلْ يُعَانِيهِ حَتَّى قَالَ الشِّعْرَ فَأَجَادَ، وَشَاعَ ذكره وَبَلَغَ الْمُعْتَصِمَ خَبَرُهُ فَحَمَلَهُ إِلَيْهِ وَهُوَ بِسُرَّ من رأى، فعمل فيه قصائد فأجازه وقدمه على شعراء وقته، قدم بَغْدَادَ فَجَالَسَ الْأُدَبَاءَ وَعَاشَرَ الْعُلَمَاءَ، وَكَانَ مَوْصُوفًا بالظرف وحسن الأخلاق.
وَقَدْ رَوَى عَنْهُ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ أخباراً بسنده.
قال ابن خلكان: كان يحفظ أربعة عشر أَلْفَ أُرْجُوزَةٍ لِلْعَرَبِ غَيْرَ الْقَصَائِدِ وَالْمَقَاطِيعِ وَغَيْرَ ذلك، وكان يقال: في طئ ثَلَاثَةٌ: حَاتِمٌ فِي كَرَمِهِ (3) ، وَدَاوُدُ الطَّائِيُّ فِي زهده، وأبو تمام في شعره.
وَقَدْ كَانَ الشُّعَرَاءُ فِي زَمَانِهِ جَمَاعَةً فَمِنْ مشاهيرهم أبو الشيص، ودعبل، وابن أبي قيس، وكان أَبُو تَمَّامٍ مِنْ خِيَارِهِمْ دِينًا وَأَدَبًا وَأَخْلَاقًا.
وَمِنْ رَقِيقِ شِعْرِهِ قَوْلُهُ: يَا حَلِيفَ النَّدَى وما معدن الجود * ويا خير من حويت الْقَرِيضَا لَيْتَ حُمَّاكَ بِي وَكَانَ لَكَ الْأَجْ * ر فلا تشكي وَكُنْتُ الْمَرِيضَا وَقَدْ ذَكَرَ الْخَطِيبُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَرَفَةَ أَنَّ أَبَا تَمَّامٍ توفي في سنة إحدى وثلاثين وَمِائَتَيْنِ وَكَذَا قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ (4) .
وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ، وَقِيلَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَكَانَتْ وفاته بالموصل، وبنيت على قبره قبة، وقد رثاه الوزير محمد بن عبد الملك الزيات فقال:
(1) في الموازنة للآمدي 1 / 534: عند أكثر الناس.
(2)
في ابن خلكان 2 / 11 والموازنة: تدوس.
(3)
في ابن خلكان 2 / 14: جوده.
(4)
لم يأت ابن جرير في حوادث سنة 231 على ذكر أبي تمام، بل ذكر وفاته في سنة 228 وقد تقدم ذلك.
(*)