الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اليقين يخرج الشك كله من قلبك، وَيَسِيرُ الشَّكِّ يُخْرِجُ الْيَقِينَ كُلَّهُ مِنْهُ.
وَقَالَ: من كان بالله أعرف كان منه أُخْوَفَ.
وَقَالَ: خَيْرُ صَاحِبٍ لَكَ فِي دُنْيَاكَ الْهَمُّ، يَقْطَعُكَ عَنِ الدُّنْيَا وَيُوصِلُكَ إِلَى الْآخِرَةِ.
ومن شعره: هَمَمْتُ وَلَمْ أَعْزِمْ وَلَوْ كُنْتُ صَادِقًا * عَزَمْتُ ولكن الفطام شديدا وَلَوْ كَانَ لِي عَقْلٌ وَإِيقَانُ مُوقِنٍ * لَمَا كنت عن قصد الطريق أحيد ولو كان في غير السلوك مطامعي * ولكن عن الأقدار كيف أميد ومن شعره أيضاً: قد بقينا مُذَبْذَبِينَ حَيَارَى * نَطْلُبُ الصَّدْقَ مَا إِلَيْهِ سَبِيلُ فدواعي الْهَوَى تَخِفُّ عَلَيْنَا * وَخِلَافُ الْهَوَى عَلَيْنَا ثَقِيلُ فُقِدَ الصِّدْقُ فِي الْأَمَاكِنِ حَتَّى * وَصْفُهُ الْيَوْمَ مَا عَلِيْهِ دَلِيلُ لَا نَرَى خَائِفًا فَيَلْزَمَنَا الخوف * ولسنا نرى صادقاً على ما يقول وَمِنْ شَعْرِهِ أَيْضًا: هَوِّنْ عَلَيْكَ فَكُلُّ الْأَمْرِ ينقطع * وخل عنك ضباب الْهَمِّ يَنْدَفِعُ فَكُلُّ هَمٍّ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ فرج * وكل كرب إذا ما ضَاقَ يَتَّسِعُ إِنَّ الْبَلَاءَ وَإِنَّ طَالَ الزَّمَانُ بِهِ * الْمَوْتُ يَقْطَعُهُ أَوْ سَوْفَ يَنْقَطِعُ وَقَدْ أَطَالَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ تَرْجَمَتَهُ وَلَمْ يُؤَرِّخْ وفاته، وإنما ذكرته ههنا تقريباً والله أعلم.
ثم دخلت سنة أربعين ومائتين فِيهَا عَدَا أَهْلُ حِمْصَ عَلَى عَامِلِهِمْ أَبِي الغيث (1) موسى بن إبراهيم الرافقي (2) لأنه قَتَلَ رَجُلًا مِنْ أَشْرَافِهِمْ فَقَتَلُوا جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِهِ وَأَخْرَجُوهُ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمُ الْمُتَوَكِّلُ أَمِيرًا عَلَيْهِمْ وَقَالَ لِلسَّفِيرِ مَعَهُ: إِنْ قبلوه وَإِلَّا فَأَعْلِمْنِي
.
فَقَبِلُوهُ (3) فَعَمِلَ فِيهِمُ الْأَعَاجِيبَ وَأَهَانَهُمْ غَايَةَ الْإِهَانَةِ.
وَفِيهَا عَزَلَ الْمُتَوَكِّلُ يَحْيَى بْنَ أَكْثَمَ الْقَاضِي عَنْ قَضَاءِ الْقُضَاةِ وَصَادَرَهُ بِمَا مَبْلَغُهُ ثَمَانُونَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَأَخَذَ مِنْهُ أَرَاضِيَ كَثِيرَةً فِي أَرْضِ الْبَصْرَةِ، وَوَلَّى مَكَانَهُ جَعْفَرَ بْنَ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ عَلَى قَضَاءِ الْقُضَاةِ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَفِي الْمُحَرَّمِ مِنْهَا تُوُفِّيَ أَحْمَدُ بْنُ أبي دؤاد بعد ابنه بعشرين يوما.
(1) في الطبري 11 / 49 وابن الاثير 7 / 73: أبي المغيث.
(2)
في الطبري وابن الاثير: الرافعي.
(3)
وهو محمد بن عبدويه كرداس الانباري (الطبري.
ابن الاثير) .
(*)
وهذه ترجمته هُوَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي دُؤَادٍ وَاسْمُهُ الْفَرَجُ - وقيل دعمى، والصحيح أن اسمه كنيته - الْإِيَادِيُّ الْمُعْتَزِلِيُّ.
قَالَ ابْنُ خِلِّكَانَ فِي نَسَبِهِ: هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي دُؤَادٍ فَرَجِ بْنِ جَرِيرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ سَلَّامِ [بْنِ مالك] بن عبد هند بن عبد نجم (1) بن مالك بن فيض بن منعة بن برجان بن دوس الهذلي بن أمية بن حذيفة بن زهير بن أياد بن أدّ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ.
قَالَ الْخَطِيبُ: وَلِيَ ابْنُ أَبِي دُؤَادٍ قَضَاءَ الْقُضَاةِ لِلْمُعْتَصِمِ، ثُمَّ لِلْوَاثِقِ.
وَكَانَ مَوْصُوفًا بِالْجُودِ وَالسَّخَاءِ وَحُسْنِ الْخُلُقِ وَوُفُورِ الْأَدَبِ، غَيْرَ أَنَّهُ أَعْلَنَ بِمَذْهَبِ الْجَهْمِيَّةِ وَحَمَلَ السُّلْطَانَ عَلَى امْتِحَانِ النَّاسِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ، وإن الله لا يُرى في الآخرة.
قَالَ الصُّولِيُّ: لَمْ يَكُنْ بَعْدَ الْبَرَامِكَةِ أَكْرَمُ مِنْهُ، وَلَوْلَا مَا وَضَعَ مِنْ نَفْسِهِ مِنْ محبة المحنة لاجتمعت عليه الإنس.
قَالُوا: وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ سِتِّينَ وَمِائَةٍ، وَكَانَ أَسَنَّ مِنْ يَحْيَى بْنِ أَكْثَمَ بِعِشْرِينَ سَنَةً.
قَالَ ابْنُ خِلِّكَانَ: وَأَصْلُهُ مِنْ بِلَادِ قِنِّسرِينَ، وَكَانَ أَبُوهُ تَاجِرًا يَفِدُ إِلَى الشَّامِ ثم وفد إلى العراق وأخذ وَلَدَهُ هَذَا مَعَهُ إِلَى الْعِرَاقِ، فَاشْتَغَلَ بِالْعِلْمِ وَصَحِبَ هَيَّاجَ بْنَ الْعَلَاءِ السُّلَمِيَّ أَحَدَ
أَصْحَابِ وَاصِلِ بْنِ عَطَاءٍ فَأَخَذَ عَنْهُ الِاعْتِزَالَ، وَذُكِرَ أَنَّهُ كَانَ يَصْحَبُ يَحْيَى بْنَ أَكْثَمَ الْقَاضِي وَيَأْخُذُ عَنْهُ الْعِلْمَ.
ثُمَّ سَرَدَ لَهُ تَرْجَمَةً طَوِيلَةً فِي كِتَابِ الْوَفَيَاتِ، وَقَدِ امْتَدَحَهُ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ وَالْخُلَفَاءُ مِنَّا * وَمِنَّا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي دُؤَادِ (2) فَرَدَّ عَلَيْهِ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ فَقَالَ (3) : فَقُلْ لِلْفَاخِرِينَ عَلَى نِزَارٍ * وَهُمْ فِي الْأَرْضِ سَادَاتُ الْعِبَادِ رَسُولُ اللَّهِ وَالْخُلَفَاءُ مِنَّا * وَنَبْرَأُ مِنْ دَعِيِّ بَنِي إِيَادِ وَمَا منا إياد إذا أقرت * بدعوة أحمد بن أبي دؤاد قال: فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي دُؤَادٍ قَالَ: لَوْلَا أَنِّي أَكْرَهُ الْعُقُوبَةَ لَعَاقَبْتُ هَذَا الشَّاعِرَ عُقُوبَةً مَا فَعَلَهَا أَحَدٌ.
وَعَفَا عَنْهُ.
قال الخطيب: حدثني الأزهري: ثنا أحمد بن عمر الْوَاعِظُ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَالِكٍ، حدَّثني جَرِيرُ بْنُ أَحْمَدَ أَبُو مَالِكٍ قَالَ: كَانَ أَبِي - يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ أَبِي دُؤَادٍ إِذَا صَلَّى رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَخَاطَبَ رَبَّهُ وَأَنْشَأَ يَقُولُ: مَا أَنْتَ بِالسَّبَبِ الضَّعِيفِ وَإِنَّمَا * نُجْحُ الْأُمُورِ بِقُوَّةِ الْأَسْبَابِ
(1) في ابن خلكان 1 / 81: لخم بن مالك بن قنص.
(2)
نسب البيت لمروان بن أبي الجنوب، ضمن أبيات قالها في مدح ابن أبي دؤاد (وفيات الاعيان 1 / 86 ومعجم المرزباني 321) .
(3)
وهو أبو هفان المهزمي كما في الوفيات.
(*)
وَالْيَوْمَ حَاجَتُنَا إِلَيْكَ وَإِنَّمَا * يُدْعَى الطَّبِيبُ لِسَاعَةِ الْأَوْصَابِ ثُمَّ رَوَى الْخَطِيبُ أَنَّ أَبَا تَمَّامٍ دخل على ابن أَبِي دُؤَادٍ يَوْمًا فَقَالَ لَهُ: أَحْسَبُكَ عَاتِبًا، فَقَالَ: إِنَّمَا يُعْتَبُ عَلَى وَاحِدٍ وَأَنْتَ النَّاسُ جميعاً، فقال له: أَنَّى لَكِ هَذَا؟ فقال: من قول أبي نواس: وليس على الله بِمُسْتَنْكَرٍ * أَنْ يَجْمَعَ الْعَالَمَ فِي وَاحِدِ (1) وَامْتَدَحَهُ أبو تمام يوماً فقال:
لقد أنست مساوى كُلِّ دَهْرٍ * مَحَاسِنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي دُؤَادِ وَمَا سَافَرْتُ فِي الْآفَاقِ إِلَّا * وَمِنْ جَدْوَاكَ (2) راحلتي وزادي نعم (3) الظَّنُّ عِنْدَكَ وَالْأَمَانِي * وَإِنْ قَلِقَتْ رِكَابِي فِي الْبِلَادِ فَقَالَ لَهُ: هَذَا الْمَعْنَى تَفَرَّدْتَ بِهِ أَوْ أَخَذْتَهُ مَنْ غَيْرِكَ؟ فَقَالَ: هُوَ لِي، غير أني ألمحت بِقَوْلِ أَبِي نُوَاسٍ: وَإِنْ جَرَتِ الْأَلْفَاظُ يَوْمًا بِمِدْحَةٍ * لِغَيْرِكَ إِنْسَانًا فَأَنْتَ الَّذِي نَعْنِي وَقَالَ محمد بن الصُّولِيُّ: وَمِنْ مُخْتَارِ مَدِيحِ أَبِي تَمَّامٍ لِأَحْمَدَ بْنِ أَبِي دُؤَادٍ قَوْلُهُ: أَأَحْمَدُ إِنَّ الْحَاسِدِينَ كثير * ومالك إِنْ عُدَّ الْكِرَامُ نَظِيرُ حَلَلْتَ مَحَلًّا فَاضِلًا متقادما * مِنَ الْمَجْدِ وَالْفَخْرُ الْقَدِيمُ فَخُورُ فَكُلُّ غَنِيٍّ أَوْ فَقِيرٍ فَإِنَّهُ * إِلَيْكَ وَإِنْ نَالَ السَّمَاءَ فَقِيرُ إِلَيْكَ تَنَاهَى الْمَجْدُ مِنْ كُلِّ وِجْهَةٍ * يصير فما يعدوك حيث يصير وَبَدْرُ إِيَادٍ أَنْتَ لَا يُنْكِرُونَهُ * كَذَاكَ إِيَادٌ لِلَأَنَامِ بُدُورُ تَجَنَّبْتَ أَنْ تُدَعَى الْأَمِيرَ تَوَاضُعًا * وَأَنْتَ لِمَنْ يُدْعَى الْأَمِيرَ أَمِيرُ فَمَا مِنْ يد إلا إليك ممدة * وما رفعة إلا إليك تشير قلت: قد أخطأ الشاعر فيّ هذه الأبيات خطأً كبيراً، وأفحش في المبالغة فحشاً كثيراً، ولعله إن اعتقد هذا في مخلوق ضعيف مسكين ضال مضل، أن يكون له جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً.
وقال ابن أبي دؤاد يوماً لبعضهم: لما لِمَ لَا تَسْأَلُنِي؟ فَقَالَ لَهُ: لِأَنِّي لَوْ سألتك أعطيتك ثمن صلتك.
فَقَالَ لَهُ: صَدَقْتَ.
وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بِخَمْسَةِ آلَافِ درهم.
(1) قاله أبو نواس في مدح الفضل بن الربيع.
(2)
في مروج الذهب 4 / 113: فما
…
ومن جدواه (ديوانه 1 / 378 وأخبار أبي تمام للصولي) .
(3)
في مروج الذهب: مقيم.
(*)
وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ أَبِي دُؤَادٍ أَنْ يَحْمِلَهُ عَلَى عِيرٍ فَقَالَ: يَا غُلَامُ أَعْطِهِ عِيرًا وَبَغْلًا وَبِرْذَوْنًا وَفَرَسًا وَجَارِيَةً.
وقال لَهُ: لَوْ أَعْلَمُ مَرْكُوبًا غَيْرَ هَذَا لَأَعْطَيْتُكَ.
ثم أورد الخطيب بأسانيده عن جماعة أَخْبَارًا تَدُلُّ عَلَى كَرَمِهِ وَفَصَاحَتِهِ وَأَدَبِهِ وَحِلْمِهِ وَمُبَادَرَتِهِ إِلَى قَضَاءِ الْحَاجَاتِ، وَعَظِيمِ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَ الخلفاء.
وذكر عن محمد المهدي بن الْوَاثِقِ أَنَّ شَيْخًا دَخَلَ يَوْمًا عَلَى الْوَاثِقِ فَسَلَّمَ فَلَمْ يردَّ عَلَيْهِ الْوَاثِقُ بَلْ قَالَ: لَا سَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْكَ.
فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِئْسَ مَا أَدَّبَكَ مُعَلِّمُكَ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا)[النساء: 86] فَلَا حَيَّيْتَنِي بِأَحْسَنَ مِنْهَا وَلَا رَدَدْتَهَا.
فَقَالَ ابْنُ أَبِي دُؤَادٍ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الرَّجُلُ مُتَكَلِّمٌ.
فَقَالَ: نَاظِرْهُ.
فَقَالَ ابْنُ أَبِي دُؤَادٍ: مَا تَقُولُ يَا شَيْخُ فِي الْقُرْآنِ أَمَخْلُوقٌ هُوَ؟ فَقَالَ الشَّيْخُ: لَمْ تُنْصِفْنِي، الْمَسْأَلَةُ لِي.
فَقَالَ: قُلْ.
فَقَالَ: هَذَا الَّذِي تَقُولُهُ عَلِمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعْلَيٌّ أو ما علموه؟ فقال ابن أبي دؤاد: لَمْ يَعْلَمُوهُ.
قَالَ: فَأَنْتَ عَلِمْتَ مَا لَمْ يَعْلَمُوا، فَخَجِلَ وَسَكَتَ.
ثُمَّ قَالَ أَقِلْنِي بَلْ عَلِمُوهُ، قَالَ: فَلِمَ لَا دَعَوُا النَّاسَ إِلَيْهِ كما دعوتهم أنت، أما يسعك ما وسعهم؟ فخجل وسكت وَأَمَرَ الْوَاثِقُ لَهُ بِجَائِزَةٍ نَحْوَ أَرْبَعِمِائَةِ دِينَارٍ فلم يقبلها.
قال المهدي: فدخل أبي المنزل فاستلقى على ظهره وَجَعَلَ يُكَرِّرُ قَوْلَ الشَّيْخِ عَلَى نَفْسِهِ وَيَقُولُ: أما وسعك ما وسعهم؟ ثم أطلق الشيخ وأعطاه أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ وَرَدَّهُ إِلَى بِلَادِهِ، وَسَقَطَ مِنْ عَيْنَيْهِ ابْنُ أَبِي دُؤَادٍ وَلَمْ يَمْتَحِنْ بَعْدَهُ أحداً.
ذكره الخطيب فِي تَارِيخِهِ بِإِسْنَادٍ فِيهِ بَعْضُ مَنْ لَا يعرف، وساق قصته مطولة.
وَقَدْ أَنْشَدَ ثَعْلَبٌ عَنْ أَبِي حَجَّاجٍ الْأَعْرَابِيِّ أنه قال فيّ أبي دؤاد: نكست الدين يا بن أَبِي دُؤَادِ * فَأَصْبَحَ مَنْ أَطَاعَكَ فِي ارْتِدَادِ زَعَمْتَ كَلَامَ رَبِّكَ كَانَ خَلْقًا * أَمَا لَكَ عِنْدَ رَبِّكَ مِنْ مَعَادِ كَلَامُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ بعلم * على جبريل إلى خَيْرِ الْعِبَادِ (1) وَمَنْ أَمْسَى بِبَابِكَ مُسْتَضِيفًا * كَمَنْ حَلَّ الْفَلَاةَ بِغَيْرِ زَادِ لَقَدْ أَطْرَفْتَ يَا بن أبي دؤاد * بقولك إنني رجل إيدي ثُمَّ قَالَ الْخَطِيبُ: أَنْبَأَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ طَاهِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّبَرِيُّ قَالَ: أَنْشَدَنَا الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا الْجُرَيْرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الصُّولِيِّ لِبَعْضِهِمْ يَهْجُو ابْنَ أَبِي دُؤَادٍ:
لَوْ كُنْتَ فِي الرَّأْيِ مَنْسُوبًا إِلَى رَشَدٍ * وكان عزمك عزماً فيه توفيق وَقَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْأَبْيَاتُ.
وَرَوَى الْخَطِيبُ عَنْ أحمد بن الموفق أو يحيى الجلاء أَنَّهُ قَالَ: نَاظَرَنِي رَجُلٌ مِنَ الْوَاقِفِيَّةِ فِي خَلْقِ الْقُرْآنِ فَنَالَنِي مِنْهُ مَا أَكْرَهُ، فَلَمَّا أَمْسَيْتُ أَتَيْتُ امْرَأَتِي فَوَضَعَتْ لِيَ الْعَشَاءَ فَلَمْ أقدر أن أنال منه شيئاً، فَنِمْتُ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ وَهُنَاكَ حَلْقَةٌ فِيهَا أحمد بن حنبل وأصحابه، فجعل
(1) كذا بالاصل والوزن غير مستقيم.
(*)