الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عقد من الجواهر النفيسات، خارجاً عن قطع البلخش واليواقيت، وَالْفُصُوصِ وَالثِّيَابِ الْفَاخِرَاتِ، وَالْأَوَانِي وَالْأَبَارِيقِ وَالصِّحَافِ الذَّهَبِيَّاتِ والفضيات، والخيول المسومات، وَالْغِلْمَانِ وَالْجَوَارِي الْحِسَانِ وَالْحَسَنَاتِ، وَمِنَ الذَّهَبِ عَشَرَةُ صَنَادِيقَ مُقَفَّلَاتٍ مَخْتُومَاتٍ، مِمَّا لَا يُدْرَى كَمْ فيها من مئين ألوف ومئات، مِنَ الذَّهَبِ الْمِصْرِيِّ الْمُعَدِّ لِلنَّفَقَاتِ.
فَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ لَمْ تَصِلْ إِلَى الشام حتى أن نور الدين مات رحمه الله رب الأرضين والسموات، فأرسل صلاح الدين من ردها إليه وأعادها عليه، وَيُقَالُ إِنَّ مِنْهَا مَا عُدِيَ عَلَيْهِ وَعَلِمَ بِذَلِكَ حِينَ وُضِعَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ.
مَقْتَلُ عُمَارَةَ بن أبي الحسن ابن زَيْدَانَ الْحَكَمِيِّ
مِنْ قَحْطَانَ، أَبُو مُحَمَّدٍ الْمُلَقَّبُ بنجم الدين اليمني الفقيه الشاعر الشَّافِعِيُّ، وَسَبَبُ قَتْلِهِ أَنَّهُ اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ مِنْ رؤس الدولة الفاطمية الذين كانوا فيها حكاماً فاتفقوا بينهم أن يردوا الدَّوْلَةِ الْفَاطِمِيَّةِ، فَكَتَبُوا إِلَى الْفِرِنْجِ يَسْتَدْعُونَهُمْ إِلَيْهِمْ، وعينوا خليفة من الْفَاطِمِيِّينَ، وَوَزِيرًا وَأُمَرَاءَ وَذَلِكَ فِي غَيْبَةِ السُّلْطَانِ بِبِلَادِ الْكَرَكِ، ثُمَّ اتَّفَقَ مَجِيئُهُ فَحَرَّضَ عُمَارَةُ اليمني شمس الدولة توران شاه عَلَى الْمَسِيرِ إِلَى الْيَمَنِ لِيَضْعُفَ بِذَلِكَ الْجَيْشُ عَنْ مُقَاوَمَةِ الْفِرِنْجِ، إِذَا قَدِمُوا لِنُصْرَةِ الْفَاطِمِيِّينَ، فخرج توران شاه وَلَمْ يَخْرُجْ مَعَهُ عُمَارَةُ، بَلْ أَقَامَ بِالْقَاهِرَةِ يُفِيضُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَيُدَاخِلُ الْمُتَكَلِّمِينَ فِيهِ ويصافيهم، وَكَانَ مِنْ أَكَابِرِ الدُّعَاةِ إِلَيْهِ وَالْمُحَرِّضِينَ عَلَيْهِ، وقد أدخلوا معهم
فيه بعض من ينسب إلى صلاح الدين، وذلك من قلة عقولهم وتعجيل دمارهم، فَخَانَهُمْ أَحْوَجَ مَا كَانُوا إِلَيْهِ وَهُوَ الشَّيْخُ زين الدين علي بن نجا الواعظ، فإنه أخبر السلطان بما تمالؤا وتعاقدوا عليه، فأطلق له السلطان أموال جَزِيلَةً، وَأَفَاضَ عَلَيْهِ حُلَلًا جَمِيلَةً، ثُمَّ اسْتَدْعَاهُمُ السلطان واحداً واحداً فقررهم فأقروا بِذَلِكَ، فَاعْتَقَلَهُمْ ثُمَّ اسْتَفْتَى الْفُقَهَاءَ فِي أَمْرِهِمْ فأفتوه بقتلهم، ثم عند ذلك أمر بقتل رؤسهم وَأَعْيَانِهِمْ، دُونَ أَتْبَاعِهِمْ وَغِلْمَانِهِمْ، وَأَمَرَ بِنَفْيِ مَنْ بقي من جيش العبيد؟ ن إِلَى أَقْصَى الْبِلَادِ، وَأَفْرَدَ ذَرِّيَّةَ الْعَاضِدِ وَأَهْلَ بيته في دار، فلا يصل إليه إصلاح ولا إفساد، وأجرى عليهم ما يليق بهم من الأرزاق والثياب، وكان عمارة معادياً للقاضي الفاضل، فلما حضر عمارة بين يدي السلطان قام القاضي الفاضل إلى السلطان لِيَشْفَعَ فِيهِ عِنْدَهُ فَتَوَهَّمَ عُمَارَةُ أَنَّهُ يَتَكَلَّمُ فِيهِ، فَقَالَ: يَا مَوْلَانَا السُّلْطَانُ لَا تَسْمَعْ منه، فغضب الْفَاضِلُ وَخَرَجَ مِنَ الْقَصْرِ، فَقَالَ لَهُ السُّلْطَانُ: إنه إنما كان يشفع فِيكَ، فَنَدِمَ نَدَمًا عَظِيمًا.
وَلَمَّا ذُهِبَ بِهِ ليصلب مر بدار الفاضل فَطَلَبَهُ فَتَغَيَّبَ عَنْهُ فَأَنْشَدَ: عَبْدُ الرَّحِيمِ قَدِ احْتَجَبْ * إِنَّ الْخَلَاصَ هُوَ الْعَجَبْ قَالَ ابْنُ أبي طي: وكان الذين صلبوا الفضل بن الكامل القاضي، وهو أبو القاسم هبة الله ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَامِلٍ قَاضِي قُضَاةِ الدِّيَارِ المصرية زمن الفاطميين، ويلقب بفخر الأمناء، فكان أول
من صلب فيما قاله العماد، وَقَدْ كَانَ يُنْسَبُ إِلَى فَضِيلَةٍ وَأَدَبٍ، وَلَهُ شِعْرٌ رَائِقٌ، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي غُلَامٍ رفاء: يا رافيا خرق كل ثوب * وما رفا (1) حُبُّهُ اعْتِقَادِي عَسَى بِكَفِّ الْوِصَالِ تَرْفُو * مَا مَزَّقَ الْهَجْرُ مِنْ فُؤَادِي وَابْنَ عَبْدِ الْقَوِيٍّ دَاعَيَ الدُّعَاةِ، وَكَانَ يَعْلَمُ بِدَفَائِنِ الْقَصْرِ فَعُوقِبَ ليدل عليها، فامتنع من ذلك فمات واندرست.
والعويرس وهو ناظر الديوان، وتولى مع ذلك القضاء.
وشبريا وهو كاتب السر.
وعبد الصمد الكاتب وهو أحد أمراء المصريين، ونجاح الحمامي ومنجم نصراني كَانَ قَدْ بَشَّرَهُمْ بِأَنَّ هَذَا الْأَمْرَ يَتِمُّ بعلم النجوم.
وعمارة اليمني الشاعر وكان عمارة شاعراً مطيقاً بَلِيغًا فَصِيحًا، لَا يُلْحَقُ شَأْوُهُ فِي هَذَا الشأن، وله ديوان شعر مشهور وقد ذكرته في طبقات الشافعية لأنه كان يشتغل بمذهب الشافعي، وله مصنف فِي الْفَرَائِضِ، وَكِتَابُ الْوُزَرَاءِ الْفَاطِمِيِّينَ، وَكِتَابٌ جَمَعَ سِيرَةَ نَفِيسَةَ الَّتِي كَانَ يَعْتَقِدُهَا عَوَّامُّ مِصْرَ، وقد كان أديباً فاضلاً فقيهاً، غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ يُنْسَبُ إِلَى مُوَالَاةِ الْفَاطِمِيِّينَ، وَلَهُ فِيهِمْ وَفِي وُزَرَائِهِمْ وَأُمَرَائِهِمْ مَدَائِحُ كَثِيرَةٌ جداً وأقل ما كان ينسب إلى الرفض، وقد اتهم بالزندقة والكفر الْمَحْضِ، وَذَكَرَ الْعِمَادُ فِي الْخَرِيدَةِ أَنَّهُ قَالَ فِي قَصِيدَتِهِ الَّتِي يَقُولُ فِي أَوَّلِهَا (2) : الْعِلْمُ مُذْ كَانَ مُحْتَاجٌ إِلَى الْعَلَمِ * وَشَفْرَةُ السَّيْفِ تَسْتَغْنِي عَنِ الْقَلَمِ وَهِيَ طَوِيلَةٌ جِدًّا، فِيهَا كفر وزندقة كثيرة.
قال وفيها: قَدْ كَانَ أَوَّلُ هَذَا الدِّينِ مِنْ رَجُلٍ * سَعَى إِلَى أَنْ دَعَوْهُ سَيِّدَ الْأُمَمِ قَالَ العماد فأفتى أهل العلم من أهل مصر بقتله، وحرضوا السلطان على المثلة به وبمثله، قَالَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْبَيْتُ مَعْمُولًا عليه والله أَعْلَمُ.
وَقَدْ أَوْرَدَ ابْنُ السَّاعِي شَيْئًا مِنْ رَقِيقِ شِعْرِهِ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ يَمْدَحُ بَعْضَ الملوك: إذا (3) قابلت بشرى جبينه * فارقته والبشر فوق جبيني
(1) في الروضتين 1 / 2 / 571: ويا رشا.
(2)
انظر مفرج الكروب 1 / 238 - 240 والروضتين 1 / 2 / 552 - 553 - النكت العصر؟ ة ص 352.
(3)
أوله في الروضتين 1 / 2 / 572: ملك إذا
…
(*)
وإذا لثمت يمينه وخرجت من * بابه (1) لثم الملوك يميني ومن ذلك قوله (2) : لِي فِي هَوَى الرَّشَأِ الْعُذْرِيِّ أَعْذَارُ * لَمْ يبق لي مدا قسر (3) الدَّمْعُ إِنْكَارُ لِي فِي الْقُدُودِ وَفِي لَثْمِ الخدو * د وَفِي ضَمِّ النُّهُودِ لُبَانَاتٌ وَأَوْطَارُ
هَذَا اخْتِيَارِي فوافق إن رضيت به * وإلا فدعني لما أهوى وأختار ومما أنشده الْكِنْدِيُّ (4) فِي عُمَارَةَ الْيَمَنِيِّ حِينَ صُلِبَ: عُمَارَةُ في الإسلام أبدى جناية * وَبَايَعَ فِيهَا بَيْعَةً وَصَلِيبَا وَأَمْسَى شَرِيكَ الشِّرْكِ في بعض أحمد * وأصبح في حب الصليب صليبا (5) سيلقى غداً ما كان يسعى لنفسه * وَيُسْقَى صَدِيدًا فِي لَظًى وَصَلِيبَا قَالَ الشَّيْخُ أبو شامة: فَالْأَوَّلُ صَلِيبُ النَّصَارَى، وَالثَّانِي بِمَعْنَى مَصْلُوبٍ، وَالثَّالِثُ بِمَعْنَى الْقَوِيِّ، وَالرَّابِعُ وَدَكُ الْعِظَامِ.
وَلَمَّا صَلَبَ الملك الناصر هؤلاء يَوْمَ السَّبْتِ الثَّانِي مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ بَيْنَ الْقَصْرَيْنِ مِنَ الْقَاهِرَةِ، كَتَبَ إِلَى الْمَلِكِ نُورِ الدِّينِ يُعْلِمُهُ بِمَا وَقَعَ منهم وبهم مِنَ الْخِزْيِ وَالنَّكَالِ، قَالَ الْعِمَادُ: فَوَصَلَ الْكِتَابُ بِذَلِكَ يَوْمَ تُوُفِّيَ الْمَلِكُ نُورُ الدِّينِ رَحِمَهُ الله تعالى، وكذلك قتل صَلَاحُ الدِّينِ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ يُقَالُ له قديد القفاجي، كان قَدِ افْتَتَنَ بِهِ النَّاسُ، وَجَعَلُوا لَهُ جُزْءًا مِنْ أَكْسَابِهِمْ، حَتَّى النِّسَاءُ مِنْ أَمْوَالِهِنَّ، فَأُحِيطَ به فأراد القفاجي الخلاص ولات حين مناص، فقتل أسوة فيمن سلف، وَمِمَّا وُجِدَ مِنْ شِعْرِ عُمَارَةَ يَرْثِي الْعَاضِدَ ودولته وأيامه.
أسفي على زمان (6) الْإِمَامِ الْعَاضِدِ * أَسَفُ الْعَقِيمِ عَلَى فِرَاقِ الْوَاحِدِ لَهْفِي عَلَى حُجُرَاتِ قَصْرِكَ إِذْ خَلَتْ * يَا بن النَّبِيِّ مِنَ ازْدِحَامِ الْوَافِدِ وَعَلَى انْفِرَادِكَ مِنْ عساكرك التي * كانوا كأمواج الخضم الراكد قلدت مؤتمن أمرهم فكبا * وقصر عن صلاح الفاسد
(1) في الروضتين: أبوابه.
(2)
من قصيدة يمدح بها شمس الدولة أخا الناصر صلاح الدين (النكت العصرية: 264) .
(3)
في الكامل والروضتين: مذ أقر.. (4) وهو العلامة تَاجُ الدِّينِ أَبُو الْيُمْنِ، زَيْدُ بْنُ الْحَسَنِ بن زيد الكندي البغدادي المولد والمنشأ، الدمشقي الدار والوفاة المقرئ النحوي الاديب توفي سنة 613 ; ومولده سنة 520.
(5)
وبعده في الروضتين: 1 / 2 / 566.
وَكَانَ خَبِيثَ الْمُلْتَقَى إِنْ عَجَمْتَهُ * تَجِدْ مِنْهُ عوداً في النفاق صليبا (6) في الروضتين: زمن.
(*)