الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْله من ورى فِي يَمِينه من التورية وَهِي كتمان الشَّيْء وَإِظْهَار خلاف ذَلِك
بالتعريض حَيْثُ يفهم الْمُخَاطب خلاف ارادته وَهَذَا جَائِز للمظلوم أَو عِنْد الِاضْطِرَاب وَقد ثَبت تورية الْغَزَوَات عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهَذِه الْمصلحَة دينية لكَي لَا يطلع الْخصم على مُرَاده جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات المعاريض مندوحة بِالْكَذِبِ أَي وَاسِعَة وَفِيه تَفْصِيل أَكثر من ذَلِك لَيْسَ هَذَا مَحَله إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ الدهلوي
[2120]
على نِيَّة المستحلف فَإِن اضمر الْحَالِف تَأْوِيلا على غير نِيَّة المستحلف من الْحِنْث وَبِه قَالَ أَحْمد (مرقاة)
[2121]
قَوْله على مَا يصدقك بِهِ صَاحبك أَي خصمك ومدعيات وَالْمعْنَى أَنه وَاقع عَلَيْهِ لَا يُؤثر فِيهِ التورية فَإِن الْعبْرَة فِي الْيَمين لقصد المستحلف ان كَانَ مُسْتَحقّا لَهَا والا فَالْعِبْرَة لقصد الْحَالِف قلَّة تورية هَذَا خُلَاصَة كَلَام عُلَمَائِنَا كَذَا فِي الْمرقاة وَقَالَ فِي النِّهَايَة أَي يجب عَلَيْك ان تحلف لَهُ على مَا يصدقك بِهِ إِذا حَلَفت لَهُ وَقَالَ الطَّيِّبِيّ يَمِينك مُبْتَدأ وعَلى مَا يصدقك بِهِ خَبره أَي وَاقع عَلَيْهِ لَا تُؤثر فِيهِ التورية فِي النَّوَوِيّ وَهُوَ مَحْمُول على استحلاف القَاضِي (زجاجة)
[2122]
قَوْله نهى رَسُول الله الخ وَالنَّهْي عَن النّذر على اعْتِقَاد أَنه يرد من الْقدر شَيْئا وَلما كَانَ عَادَة النَّاس انهم ينذرون لجلب النافع وَدفع المضار وَذَلِكَ فعل البخلاء نهوا عَن ذَلِك وَأما غير الْبَخِيل فَيعْطى بِاخْتِيَارِهِ بِلَا وَاسِطَة النّذر فَفِي النَّهْي عَن النّذر لهَذَا الْغَرَض ترغيب على النّذر وعَلى جِهَة الْإِخْلَاص لمعات
[2123]
قَوْله وَلَكِن يغلبه الْقدر الضَّمِير يرجع الى بن ادم وَالْمعْنَى ان الْقدر يكَاد وان يفوت بن ادم من جِهَة تشَتت الْأَسْبَاب عَلَيْهِ واجتماع الْمَوَانِع مَا قدر لَهُ كلمة مَا فِيهِ للتوقيت وَهُوَ قيد لفَوَات الْقدر وغلبته عَلَيْهِ يَعْنِي لَا يبلغ بن ادم الى مَا قدر بِهِ من مطالبه زَمَانا قدر لَهُ عدم الْبلُوغ فيستخرج بِهِ أَي بِالنذرِ من الْبَخِيل فييسر عَلَيْهِ مَا لم يكن ييسر عَلَيْهِ من قبل ذَلِك من اجْتِمَاع الْأَسْبَاب وارتفاع الْمَوَانِع فيصل الى الْمَطْلُوب الْمُقدر وَالله سُبْحَانَهُ أعلم خَاتم الْمُحدثين مَوْلَانَا شاه عبد الْعَزِيز الدهلوي قدس سره
قَوْله فييسر عَلَيْهِ الخ ان الْبَخِيل إِذا لحقته مضرَّة مثلا فيطلب رَفعهَا فينذر فَبعد حُصُول مطلبه يسهل عَلَيْهِ إِخْرَاج المَال لِأَن الْإِنْسَان إِذا ابتلى ببليتين اخْتَار ايسرهما وَهَذَا كالتهديد لَهُ وَأما قَوْله تَعَالَى مدحا يُوفونَ بِالنذرِ فَمَحْمُول على مَا إِذا نذر واعتق ان الله تَعَالَى هُوَ يسهل الْأُمُور وَهُوَ الضار النافع وَالنّذر كالذرائع والوسائل فَيكون الْوَفَاء بِالنذرِ طَاعَة وَلَا يكون مَنْهِيّا عَنهُ وَالنَّهْي عَنهُ مَا ذكر أَو النّذر الَّذِي يعْتَقد انه مغن عَن الْقدر بِنَفسِهِ كَمَا زَعَمُوا وَكم جمَاعَة فِي عهدنا هَذَا نراهم يَعْتَقِدُونَ ذَلِك لما شاهدوا من غَالب الْأَحْوَال حُصُول المطالب بِالنذرِ كَذَا ذكره الطَّيِّبِيّ (إنْجَاح)
[2124]
قَوْله لَا نذر فِي مَعْصِيّة كمن نذر بِذبح وَلَده ثمَّ لَا كَفَّارَة فِي النّذر عِنْد الشَّافِعِيَّة وَعِنْدنَا الْيَمين من مُوجبَات النّذر ولوازمه لِأَن النّذر إِيجَاب الْمُبَاح وَهُوَ يسْتَلْزم تَحْرِيم الْحَلَال وَتَحْرِيم الْحَلَال يَمِين بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك كَذَا فِي اللمعات قَالَ مُحَمَّد فِي الْمُوَطَّأ من نذر نذرا فِي مَعْصِيّة فليطع الله أَي يتْرك يَمِينه وَهُوَ قَول أبي حنيفَة انْتهى
قَوْله فِيمَا لَا يملك صورته ان يَقُول ان شفى الله مريضي فَالْعَبْد الْفُلَانِيّ حر وَلَيْسَ فِي ملكه وان دخل بعد ذَلِك فِي ملكه لم يلْزمه الْوَفَاء بنذره بِخِلَاف مَا إِذا علق عتق عبد بِملكه فَإِنَّهُ يعْتق عندنَا بعد التَّمَلُّك لمعات
[2125]
قَوْله كَفَّارَة يَمِين وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة وَهُوَ حجَّة على الشَّافِعِي قَالَ الطَّيِّبِيّ أَي لَا وَفَاء فِي نذر مَعْصِيّة وان نذر أحد فِيهَا فَعَلَيهِ الْكَفَّارَة وكفارته ككفارة الْيَمين وَإِنَّمَا قدر الْوَفَاء لِأَن لَا لنفي الْجِنْس يَقْتَضِي نفي الْمَاهِيّة فَإِذا نفيت ينتقي بِمَا يتَعَلَّق بهَا وَهُوَ غير صَحِيح لقَوْله بعده وكفارته ككفارة يَمِين فَإِذا يتَعَيَّن تَقْدِير الْوَفَاء (مرقاة)
[2127]
قَوْله وَلم يسمه أَي من نذر بَان قَالَ نذرت نذرا أَو عَليّ نذر وَلم يعين النّذر أَنه صَوْم أَو غَيره فكفارته كَفَّارَة يَمِين قَالَ النَّوَوِيّ اخْتلف الْعلمَاء فِي قَوْله كَفَّارَته كَفَّارَة يَمِين فَحَمله جُمْهُور أَصْحَابنَا على نذر الْحَاج وَهُوَ ان يَقُول الرجل يُرِيد الِامْتِنَاع من كَلَام زيد مثلا ان كلمت زيدا فَللَّه عَليّ حجَّة أَو عمْرَة أَو غَيرهمَا فَكَلمهُ فَهُوَ مُخَيّر بَين كَفَّارَة يَمِين وَبَين مَا الْتَزمهُ قلت لَا يظْهر حمل لم يسمه على الْمَعْنى الْمَذْكُور مَعَ ان التَّخْيِير خلاف الْمَفْهُوم من الحَدِيث قَالَ وَحمله مَالك وكثيرون على النّذر الْمُطلق كَقَوْلِه عَليّ نذر قلت هُوَ الْحق قَالَ وَحمله أَحْمد وَبَعض أَصْحَابنَا على نذر الْمعْصِيَة كمن نذر ان يشرب الْخمر قلت مَعَ بعده يردهُ عطف قَوْله وَمن نذر فِي مَعْصِيّة كَمَا فِي رِوَايَة لِأَن الأَصْل فِي الْعَطف الْمُغَايرَة (مرقاة)
[2129]
قَوْله فَأمرنِي ان أوفى قَالَ الطَّيِّبِيّ دلّ الحَدِيث على ان نذر الْجَاهِلِيَّة إِذا كَانَ مُوَافقا لحكم الْإِسْلَام وَجب الْوَفَاء قَالَ بن الْملك أَي بعد الْإِسْلَام وَعَلِيهِ الشَّافِعِي وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يَصح نَذره انْتهى قَالَ الْعَيْنِيّ عندنَا لَا يَصح نذر الْكَافِر لِأَن فعل الْكَافِر لم يكن تقربا الى الله تَعَالَى لِأَنَّهُ حِين كَانَ يُوجِبهُ يقْصد بِهِ الَّذِي يعبده من دون الله وَذَلِكَ مَعْصِيّة فَدخل فِي قَوْله صلى الله عليه وسلم لَا نذر فِي مَعْصِيّة الله وَأما حَدِيث عمر فَالْجَوَاب عَنهُ اما أمره بِهِ صلى الله عليه وسلم ان يَفْعَله الان على انه طَاعَة الله تَعَالَى وَقَالَ بَعضهم المُرَاد بذلك تَأْكِيد الايفاء بِالنذرِ
قَوْله
[2133]
ليصم عَنْهَا الْوَلِيّ قَالَ الْقُسْطَلَانِيّ وَبِهَذَا اخذ الظَّاهِرِيَّة وَقَالُوا يجب قَضَاء النّذر عَن الْمَيِّت صوما كَانَ أَو صَلَاة وَقَالَت الشَّافِعِيَّة يجوز النِّيَابَة عَن الْمَيِّت فِي الصَّلَاة وَالْحج وَغَيرهمَا لتضمن أَحَادِيث بذلك وَعند الْحَنَفِيَّة لَا يُصَلِّي أحد عَن أحد وَلَا يَصُوم أحد عَن أحد وَنقل بن بطال إِجْمَاع الْفُقَهَاء على انه لَا يُصَلِّي أحد عَن أحد فرضا وَلَا سنة لَا عَن حَيّ وَلَا عَن ميت انْتهى
[2138]
من عمل يَده وَذَلِكَ لِأَن فِيهِ إِيصَال النَّفْع الى الكاسب والى غَيره والسلامة عَن البطالة المؤديةالى الفضول وَكسر النَّفس وَالتَّعَفُّف عَن ذل السوال كرماني
قَوْله
[2139]
التَّاجِر الْأمين الصدوق قَالَ الشَّيْخ كِلَاهُمَا من صِيغ الْمُبَالغَة فَفِيهِ تَنْبِيه على رِعَايَة الْكَمَال فِي هذَيْن الصفتين حَتَّى ينَال هَذِه الدرجَة الرفيعة الْعَظِيمَة وَقَالَ الطَّيِّبِيّ أَي من تحرى الصدْق والامانة كَانَ فِي زمرة الْأَبْرَار من الشُّهَدَاء وَالصديقين وَمن تحرى خلافهما كَانَ فِي زمرة الْفجار من الفسقة أَو العاصين انْتهى
قَوْله
[2140]
السَّاعِي على الارملة وَالْمَسَاكِين أَي الكاسب لَهما الْعَامِل بمؤنتهما وَهِي من لَا زوج لَهَا تزوجت أم لَا وَقيل الأولى فَقَط مجمع
قَوْله
[2141]
عَن معَاذ بن عبد الله بن خبيب عَن أَبِيه عَن عَمه ذكر فِي التَّقْرِيب اسْم عَمه عبيد سَمَّاهُ بن مندة انْتهى وَفِي بعض الْحَوَاشِي نَاقِلا عَن السُّيُوطِيّ عَن عَمه قَالَ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك اسْمه يسَار بن عبد الْحَيّ (إنْجَاح)
قَوْله
[2145]
كُنَّا نسمي على صِيغَة الْمَجْهُول الْمُتَكَلّم من التَّسْمِيَة والسماسرة بِفَتْح السِّين الأولى وَكسر الثَّانِيَة جمع سمسار بِالْكَسْرِ الْمُتَوَسّط بَين البَائِع وَالْمُشْتَرِي وَيُطلق على معَان أخر مَالك بِشَيْء وقيمه والسفير بَين المحبين وسمسار الأَرْض الْعَالم بهَا وَالْمرَاد هُنَا الْمَعْنى الأول قَوْله باسم هُوَ أحسن مِنْهُ فَقَالَ يَا معشر التُّجَّار انما كَانَ اسْم التُّجَّار أحسن من السماسرة لِأَن التِّجَارَة مَذْكُورَة فِي مَوَاضِع عديدة من الْقُرْآن فِي مقَام الْمَدْح وَالَّذِي يتوسط بَين البَائِع وَالْمُشْتَرِي يكون تَابعا وَقد يكون مائلا عَن الْأَمَانَة والديانة وَسَمَّاهُمْ تجارًا لكَوْنهم مصاحبين لَهُم مَعَ شُمُول التُّجَّار التَّابِعين أَيْضا لمعات
قَوْله
[2146]
ان التُّجَّار يبعثون الخ قَالَ الْبَيْضَاوِيّ لما كَانَ من ويدن التُّجَّار التَّدْلِيس فِي الْمُعَامَلَات والايمان الكاذبة وَنَحْوهَا حكم عَلَيْهِ بِالْفُجُورِ وَاسْتثنى من اتَّقى الْمَحَارِم وَتوفى يَمِينه وَصدق فِي حَدِيثه (زجاجة)
قَوْله
[2149]
بالقراريط قَالَ فِي النِّهَايَة القيراط جُزْء من أَجزَاء الدِّينَار وَهُوَ نصف عشرَة فِي أَكثر الْبِلَاد وَأهل الشَّام يجعلونه من أَرْبَعَة وَعشْرين وَالْيَاء فِيهِ بدل من الرَّاء فَإِن أَصله قراط (زجاجة)
قَوْله
[2151]
ان أَصْحَاب الصُّور يُعَذبُونَ وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ أَشد النَّاس عذَابا عِنْد الله المصورون وَالْمرَاد من يصور الْحَيَوَان دون الشّجر وَغَيره إِذْ الْفِتْنَة فِيهِ أعظم وَلِأَن الْأَصْنَام الَّذين يعْبدُونَ كَانَت على صور الْحَيَوَان كَذَا فِي الْمجمع قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا مَحْمُول على من صور الْأَصْنَام فيعبد فَلهُ أَشد عَذَاب لِأَنَّهُ كَافِر وَقيل هَذَا فِيمَن قصد المضاهاة بِخلق الله تَعَالَى واعتقد ذَلِك وَهُوَ أَيْضا كَافِر وعذابه أَشد وَأما من لم يقصدهما أَي لم يقْصد بصورته الْعِبَادَة وَلَا المضاهاة فَهُوَ فَاسق لَا يكفر كَسَائِر الْمعاصِي مرقاة مَعَ شَيْء زَائِد
[2152]
اكذب النَّاس الصباغون والصواغون قَالَ فِي النِّهَايَة هم صباغوا الثِّيَاب وصاغة الْحلِيّ لأَنهم يمطلون بالمواعيد وَقيل أَرَادَ الَّذين يصبغون الْكَلَام ويصوغونه أَي يغيرونه ويخرصونه وأصل الصَّبْغ التَّغْيِير وَفِي تَارِيخ الْخَطِيب عَن أبي عبيد الْقَاسِم بن سَلام انه سُئِلَ عَن تَفْسِير هَذَا الحَدِيث فَقَالَ إِنَّمَا الصّباغ الَّذِي يزِيد فِي الحَدِيث من عِنْده يزينه بِهِ وَأما الصَّائِغ فَهُوَ الَّذِي يصوغ الحَدِيث لَهُ أصل وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه بعد حِكَايَة كَلَام أبي عبيد وَيحْتَمل ان يكون المُرَاد بِهِ الْعَامِل بيدَيْهِ وَهُوَ صَرِيح فِيمَا روى فِيهِ عَن أبي سعيد وَإِنَّمَا نسبه الى الْكَذِب لِكَثْرَة مواعيده الكاذبة مَعَ علمه بِأَنَّهُ لَا يَفِي بهَا قَالَ وَفِي صِحَة الحَدِيث نظر مِصْبَاح الزجاجة
قَوْله الحكرة هُوَ فِي الأَصْل الظُّلم واساءة المعاشرة وَفِي الشَّرْع احتباس الاقوات لانتظار الغلاء بِهِ بِأَن يَشْتَرِي الطَّعَام فِي وَقت الغلاء ليغلو وَأما ان جَاءَ بِهِ من قَرْيَة أَو اشْتَرَاهُ فِي وَقت الرُّخص واوخره وَبَاعه فِي وَقت الغلاء فَلَيْسَ باحتكار وَكَذَا لَا يحرم الاحتكار فِي غير الاقوات بِهِ لمعات
قَوْله
[2153]
الجالب مَرْزُوق الخ قوبل الملعون بالمزروق والمقابل الْحَقِيقِيّ مَرْحُوم أَو محروم ليعم فالتقدير التَّاجِر مَرْحُوم ومرزوق لتوسعته على النَّاس والمحتكر مَلْعُون ومحروم لتضييقه عَلَيْهِم حليبي
قَوْله
[2154]
لَا يحتكر الا خاطئ قَالَ أهل اللُّغَة الخاطئ بِالْهَمْز هُوَ العَاصِي الْإِثْم وَهَذَا الحَدِيث صَرِيح فِي تَحْرِيم الاحتكار قَالَ أَصْحَابنَا الاحتكار الْمحرم هُوَ الاحتكار فِي الاقوات خَاصَّة وَهُوَ ان يَشْتَرِي الطَّعَام فِي وَقت الغلاء للتِّجَارَة وَلَا يَبِيعهُ فِي الْحَال بل يدخره ليغلو ثمنه فَأَما إِذا جَاءَهُ من قَرْيَة أَو اشْتَرَاهُ فِي وَقت الرُّخص واوخره وابتاعه فِي وَقت الغلاء لِحَاجَتِهِ الى اكله أَو ابتاعه ليَبِيعهُ فِي وقته فَلَيْسَ باحتكار وَلَا تَحْرِيم فِيهِ وَأما غير الاقوات فَلَا يحرم الاحتكار فِيهِ بِكُل حَال قَالَ الْعلمَاء وَالْحكمَة فِي تَحْرِيم الاحتكار دفع الضَّرَر عَن عَامَّة النَّاس كَمَا أجمع الْعلمَاء على انه لَو كَانَ عِنْد انسان طَعَام واضطر النَّاس اليه وَلم يَجدوا غَيره اجبر على بَيْعه دفعا للضَّرَر عَن النَّاس وَأما مَا ذكر فِي مُسلم عَن سعيد بن الْمسيب وَمعمر رَاوِي الحَدِيث انهما كَانَا يحتكران فَقَالَ بن عبد الْبر وَآخَرُونَ انما يحتكران الزَّيْت وحملا الحَدِيث على احتكار الْقُوت عِنْد الْحَاجة اليه والغلاء وَكَذَا حمله الشَّافِعِي وَأَبُو حنيفَة وَآخَرُونَ وَهُوَ الصَّحِيح (نووي)
قَوْله
[2157]
ان سرك ان تطوق بهَا الخ الحَدِيث يدل على تَحْرِيم اخذ الْأُجْرَة على تَعْلِيم الْقُرْآن كَمَا ذهب اليه الزُّهْرِيّ وَأَبُو حنيفَة وَإِسْحَاق كَمَا ان الحَدِيث السَّابِق فِي الْبَاب السَّابِق يدل على جَوَازه وَهُوَ مَذْهَب الْمُتَأَخِّرين من فقهائنا لظُهُور التواني فِي الْعِبَادَات وَالْجَوَاب عَن أبي حنيفَة ان الحَدِيث السَّابِق فِيهِ جَوَاز اخذ الْأُجْرَة على الرّقية بِالْقُرْآنِ وَلَا نزاع فِيهِ لِأَنَّهَا لَيست بِعبَادة وانما النزاع فِي تَعْلِيمه وَقَالَ الطَّيِّبِيّ فِي تَأْوِيل هَذَا الحَدِيث انه كَانَ مُتَبَرعا للتعليم نَادِيًا للاحتساب فكره رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ان يضيع أجره وَيبْطل حِصَّة مَا حَسبه بِمَا يَأْخُذ هَدِيَّة فحذره مِنْهُ وَذَلِكَ لَا يمْنَع ان يقْصد بِهِ الْأُجْرَة ابْتِدَاء ويشرط عَلَيْهِ كَمَا ان من رد ضَالَّة انسان احتسابا لم يكن لَهُ ان يَأْخُذ عَلَيْهِ اجرا وَلَو شَرط عَلَيْهِ أول أَمر اجرا جَازَ (إنْجَاح)
قَوْله ان سرك الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ اخذ بِظَاهِرِهِ أَبُو حنيفَة وَإِسْحَاق فحرما اخذ الْأُجْرَة على تَعْلِيم الْقُرْآن وتأوله غَيرهمَا على انه كَانَ مُتَبَرعا بالتعليم نَادِيًا لاحتساب فِيهِ فكرة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن يضيع أجره وَيبْطل حسبته بِمَا يَأْخُذ هَدِيَّة فحذر مِنْهُ وَذَلِكَ لَا يمْنَع أَن يقْصد بِهِ الْأجر ابتدا انْتهى وَهَذَا الْجَواب لَيْسَ بناهض وَالْأولَى أَن يَدعِي أَن الحَدِيث مَنْسُوخ بِحَدِيث الرّقية الَّذِي قبله وَحَدِيث ان أَحَق مَا اخذتم عَلَيْهِ اجرا كتاب الله وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان مدَار هَذَا الحَدِيث على مُغيرَة بن زِيَاد عَن عبَادَة بن نسي عَن الْأسود بن ثَعْلَبَة عَن عبَادَة وَالْأسود لَا يعرف قَالَه بن الْمَدِينِيّ انْتهى مَا فِي الزجاجة قلت وَمن الْمَعْلُوم ان النّسخ لَا يُصَار اليه الا إِذا تعذر الْجمع وَهنا الْجمع مُمكن كَمَا هُوَ الظَّاهِر (فَخر)
قَوْله
[2159]
نهى عَن ثمن الْكَلْب قَالَ الْقَارِي وَهُوَ مَحْمُول عندنَا على مَا كَانَ فِي زَمَنه صلى الله عليه وسلم حِين أَمر بقتْله وَكَانَ الِانْتِفَاع بِهِ يَوْمئِذٍ محرما ثمَّ رخص فِي الِانْتِفَاع حَتَّى روى انه قضى فِي كلب صيد قَتله رجل بِأَرْبَعِينَ درهما وَقضى فِي كلب مَاشِيَة بكبش ذكره بن الْملك انْتهى قَالَ النَّوَوِيّ واما النَّهْي عَن ثمن الْكَلْب وَكَونه شَرّ الْكسْب وَكَونه خبيثا فَيدل على تَحْرِيم بَيْعه وانه لَا يَصح بَيْعه وَلَا يحل ثمنه وَلَا قِيمَته على متلفه سَوَاء كَانَ معلما أم لَا وَسَوَاء كَانَ مِمَّا يجوز اقتناؤه أم لَا وَبِهَذَا قَالَ جَمَاهِير الْعلمَاء مِنْهُم أَبُو هُرَيْرَة وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَرَبِيعَة وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحكم وَحَمَّاد وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَدَاوُد وَابْن الْمُنْذر وَغَيرهم وَقَالَ أَبُو حنيفَة يَصح بيع الْكلاب الَّتِي فِيهَا مَنْفَعَة وَتجب الْقيمَة على متلفها وَحكى بن الْمُنْذر عَن جَابر وَعَطَاء وَالنَّخَعِيّ جَوَاز بيع كلب الصَّيْد دون غَيره وَعَن مَالك رِوَايَات دَلِيل الْجُمْهُور هَذِه الْأَحَادِيث وَأما الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي النَّهْي عَن ثمن الْكَلْب الا كلب صيد وَفِي رِوَايَة الا كَلْبا ضاريا وان عُثْمَان غرم انسانا ثمن كلب قَتله عشْرين بَعِيرًا وَعَن بن عَمْرو بن الْعَاصِ التغريم فِي اتلافه وَكلهَا ضَعِيفَة بِاتِّفَاق أَئِمَّة الحَدِيث
قَوْله
[2161]
عَن ثمن السنور قَالَ النَّوَوِيّ واما النَّهْي عَن ثمن السنور فَهُوَ مَحْمُول على انه لَا ينفع أَو على انه نهى تَنْزِيه حَتَّى يعْتَاد النَّاس بهبته وإعارته والسماحة بِهِ كَمَا هُوَ الْغَالِب فَإِن كَانَ مهما ينْتَفع وَبَاعه صَحَّ البيع وَكَانَ ثمنه حَلَالا هَذَا مَذْهَبنَا وَمذهب الْعلمَاء كَافَّة الا مَا حكى بن الْمُنْذر عَن أبي هُرَيْرَة وطاؤس وَمُجاهد وَجَابِر بن زيد انه لَا يجوز بَيْعه وَاحْتَجُّوا بِالْحَدِيثِ وَأجَاب الْجُمْهُور عَنهُ بِأَنَّهُ مَحْمُول على مَا ذَكرْنَاهُ
قَوْله
[2162]
أعطَاهُ أجره قَالَ النَّوَوِيّ قد اخْتلف الْعلمَاء فِي كسب الْحجام فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ من السّلف وَالْخلف لَا يحرم كسب الْحجام وَلَا يحرم اكله لَا على الْحر وَلَا على العَبْد وَهُوَ الْمَشْهُور من مَذْهَب أَحْمد وَقَالَ فِي رِوَايَة عَنهُ وَقَالَ بهَا فُقَهَاء الْمُحدثين يحرم على الْحر دون العَبْد وَاعْتمد وَأما روى مُسلم وَغَيره شَرّ لكسب مهر الْبَغي وَثمن الْكَلْب وَكسب الْحجام واشباهه وَاحْتج الْجُمْهُور بِحَدِيث بن عَبَّاس رَضِي ان النَّبِي صلى الله عليه وسلم احْتجم وَأعْطى الْحجام أجره وَقَالَ لَو كَانَ سحتا لم يُعْطه النَّبِي صلى الله عليه وسلم رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وحملوا الْأَحَادِيث الَّتِي فِي النَّهْي على التَّنْزِيه وَالِانْتِفَاع عَن دني الاكساب والحث على مَكَارِم الْأَخْلَاق ومعالي الْأُمُور وَلَو كَانَ حَرَامًا لم يفرق فِيهِ بَين الْحر وَالْعَبْد كَمَا فِي رِوَايَة فَإِنَّهُ لَا يجوز للرجل ان يطعم عَبده مَا لَا يحل انْتهى
[2167]
فاجملوه أَي اذابوه واحتالوا بذلك فِي تَحْلِيله وَذَلِكَ لِأَن الشَّحْم الْمُذَاب لَا يُطلق عَلَيْهِ لفظ الشَّحْم فِي عرف الْعَرَب بل يَقُولُونَ انه الودك وَفِي الحَدِيث فَائِدَة عَظِيمَة من النَّهْي عَن أَمْثَال هَذِه الْحِيَل فاحفظه
قَوْله
[2168]
عَن بيع الْمُغَنِّيَات وَفِي رِوَايَة لَا تَبِيعُوا الْقَيْنَات جمع قَيْنَته بِفَتْح الْقَاف وَسُكُون الْيَاء وَهِي الْأمة الْمُغنيَة أَو عَم وَالْمرَاد فِي الحَدِيث للمغنيات خَاصَّة ثمَّ النَّهْي عَن بيعهَا وشرائها لَيْسَ صَرِيحًا فِي كَون البيع فَاسد الْجَوَاز أَن يكون لكَونه إِعَانَة وتوسلا الى محرم وَهُوَ السَّبَب لحُرْمَة ثمنهن كَمَا فِي بيع الْعصير من النباذ اعني الَّذِي يعْمل الْخمر وَلَهو الحَدِيث إِضَافَة من قبيل خَاتم فضَّة وَلَفظه عَام ليثمل الْغناء وَغَيرهَا لكنه نزلت فِي الْغناء لمعات
قَوْله
[2170]
نهى عَن الْمُلَامسَة والمنابذة وَمعنى هَذَا الحَدِيث ان يَقُول إِذا نبذت إِلَيْك بالشَّيْء فقد وَجب البيع بيني وَبَيْنك وَالْمُلَامَسَة ان يَقُول إِذا لمست الشَّيْء فقد وَجب البيع وان كَانَ لَا يرى مِنْهُ شَيْئا مثل مَا يكون فِي الجراب أَو غير ذَلِك وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا من بُيُوع أهل الْجَاهِلِيَّة فَنهى عَن ذَلِك
[2171]
قَوْله لَا يبع بَعْضكُم الخ المُرَاد بِالْبيعِ البايعة أَعم من الشِّرَاء وَالْبيع وَهَذَا إِذا تراضى المتعاقدان على مبلغ ثمن فِي المساومة فَأَما إِذا لم يركن أَحدهمَا الى الاخر فَلَا بَأْس بِهِ طيبي
قَوْله
[2174]
لَا تناجشوا من النجش وَهُوَ ان يمدح سلْعَة لينفقها ويروجها أَو يزِيد فِي الثّمن وَلَا يُرِيد شراءها ليَقَع غَيره فِيهِ وَأَصله تنفر الْوَحْش من مَكَان الى مَكَان كَذَا فِي الْجمع وَإِنَّمَا نهى عَنهُ لما فِيهِ من التَّعْزِير وَإِنَّمَا اتى بِصِيغَة التفاعل لِأَن التُّجَّار يتعاوضون فِي ذَلِك فيفعل هَذَا بِصَاحِبِهِ على ان يكافيه بِمثلِهِ لمعات
قَوْله
[2177]
لَا يَبِيع حَاضر لباد قَالَ الطَّيِّبِيّ نهى عَن بيع الْحَاضِر للبادي وَهُوَ ان يَأْخُذ البادي من البدوي مَا حمله الى الْبَلَد ليَبِيعهُ بِسعْر الْيَوْم حَتَّى يَبِيع لَهُ على التدريج بِثمن ارْفَعْ وَالْعلَّة فِيهِ تفوية الرِّبْح وتضييق الرزق على النَّاس فعلى هَذَا لَو كَانَ الْمَتَاع كاسدا فِي الْبَلَد إِمَّا لكثرته أَو لندور الْحَاجة اليه لم يحرم ذَلِك لفقد الْمَعْنى فَإِن الحكم الْمَنْصُوص كَمَا يعم بِعُمُوم الْعلَّة يخص بخصوصها انْتهى
قَوْله
[2178]
لَا تلقوا الاجلاب هُوَ جمع جلب بِفَتْح الْجِيم وَاللَّام هم الَّذين يجلبون الْإِبِل وَالْغنم للْبيع قَوْله فصاحبه بِالْخِيَارِ قَالَ بن الْملك اعْلَم ان تلقي الجلب وَالشِّرَاء مِنْهُم بارخص حرَام عِنْد الشَّافِعِي وَمَالك ومكروه عِنْد أبي حنيفَة وَأَصْحَابه إِذا كَانَ مضرا بِأَهْل الْبَلَد أَو لبس فِيهِ السّعر على التُّجَّار ثمَّ لَو تلقاهم رجل وَاشْترى مِنْهُم شَيْئا لم يقل أحد بِفساد بَيْعه لَكِن الشَّافِعِي اثْبتْ الْخِيَار للْبَائِع بعد قدومه وَمَعْرِفَة تلبس السّعر عَلَيْهِ بِظَاهِر الحَدِيث وَقَالَ أَئِمَّتنَا لَا خِيَار لَهُ لِأَن لُحُوق الضَّرَر كَانَ للتقصير من جِهَة أَي اعْتمد على خبر المُشْتَرِي الَّذِي كل همته تنقيص الثّمن وَأما الحَدِيث فمتروك الظَّاهِر لِأَن الشِّرَاء إِذا كَانَ بِسعْر الْبَلَد أَو أَكثر لَا يثبت الْخِيَار للْبَائِع فِي أصح قولي الشَّافِعِي فَلَا ينْهض حجَّة (إنْجَاح)
قَوْله
[2181]
أَو يُخَيّر الخ قَالَ بَعضهم يُخَيّر بِإِسْكَان الرَّاء عطفا على قَوْله مَا لم يَتَفَرَّقَا وَيحْتَمل نصب الرَّاء على ان أَو بِمَعْنى الا ان انْتهى وَاخْتَارَ الْعَيْنِيّ الثَّانِي فَقَط قَالَ النَّوَوِيّ معنى أَو يُخَيّر أَحدهمَا الاخر يَقُول لَهُ اختر أَي امضأ البيع فَإِذا اخْتَار وَجب البيع أَي لزم وابرم قَالَ الْخطابِيّ هَذَا أوضح شَيْء فِي ثُبُوت خِيَار الْمجْلس وَهُوَ مُبْطل لكل تَأْوِيل مُخَالف لظَاهِر الْأَحَادِيث وَكَذَلِكَ قَوْله فِي آخِره وان تفَرقا بعد ان تبَايعا فِيهِ الْبَيَان الْوَاضِح ان التَّفَرُّق بِالْبدنِ هُوَ الْقَاطِع للخيار وَلَو كَانَ مَعْنَاهُ التَّفَرُّق بالْقَوْل لخلا الحَدِيث عَن فَائِدَة انْتهى قَالَ الْعَيْنِيّ هَذَا أوضح شَيْء فِي ثُبُوت خِيَار الْمجْلس فِيمَا إِذا أوجب أحد المتبائعين والاخر مُخَيّر ان شَاءَ رده وان شَاءَ قبله وَأما إِذا حصل الْإِيجَاب وَالْقَبُول فِي الطَّرفَيْنِ فقد تمّ فَلَا خِيَار بعد ذَلِك الا بِشَرْط شَرط فِيهِ أَو خِيَار الْعَيْب وَالدَّلِيل عَلَيْهِ حَدِيث سَمُرَة أخرجه النَّسَائِيّ وَلَفظه ان النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ البيعان بِالْخِيَارِ مَا لم يَتَفَرَّقَا وياخذ كل وَاحِد مِنْهُمَا من البيع مَا هوى ويتخيران ثَلَاث مَرَّات قَالَ الطَّحَاوِيّ قَوْله وَيَأْخُذ كل مِنْهُمَا مَا هوى يدل على ان الْخِيَار الَّذِي للمتبايعين انما هُوَ قبل انْعِقَاد الْمَبِيع بَينهمَا فَيكون العقد بَينه وَبَين صَاحبه فِيمَا يرضاه مِنْهُ لَا فِيمَا سَوَاء إِذْ لَا خلاف بَين الْقَائِلين فِي هَذَا الْبَاب بِأَن الِافْتِرَاق الْمَذْكُور فِي الحَدِيث هُوَ بعد البيع الابدان انه لَيْسَ للْمُبْتَاع ان يَأْخُذ بِمَا رضى بِهِ من الْمَبِيع وَيتْرك بَقِيَّته وَإِنَّمَا لَهُ عِنْده ان يَأْخُذ كُله أَو يَدعه كُله انْتهى فَدلَّ هَذَا ان التَّفَرُّق بالأقوال لَا بالأبدان عَيْني
[2184]
عمرك الله بيعا أَي أَطَالَ الله عمرك وبيعا مفعول بِفعل مَحْذُوف أَي بِعْتُك بيعا وغرض الْأَعرَابِي اخْتِيَار البيع كَمَا كَانَ غَرَضه صلى الله عليه وسلم تَخْيِير الْأَعرَابِي إنْجَاح الْحَاجة
قَوْله
[2186]
إِذا اخْتلف البيعان أَي إِذا اخْتلف البَائِع وَالْمُشْتَرِي فِي قدر الثّمن أَو شَرط الْخِيَار أَو غَيرهمَا من الشَّرَائِط فمذهب الشَّافِعِي ان يحلف البَائِع انه مَا بَاعه بِكَذَا بل بَاعه بِكَذَا ثمَّ المُشْتَرِي مُخَيّر ان شَاءَ رَضِي بِمَا حلف انه مَا اشْتَرَاهُ الا بِكَذَا فَإِذا تحَالفا فَإِن رضى أَحدهمَا بقول الاخر فَذَاك وان لم يرضيا فسخ القَاضِي العقد بَينهمَا سَوَاء كَانَ الْمَبِيع بَاقِيا اولا ومتمسكه الحَدِيث الَّذِي فِي التِّرْمِذِيّ إِذا اخْتلف البيعان فَالْقَوْل قَول البَائِع والمبتاع بِالْخِيَارِ بِإِطْلَاقِهِ وَعِنْدنَا ان كَانَ الِاخْتِلَاف فِي الثّمن وَكَانَ الْمَبِيع بَاقِيا يَتَحَالَفَانِ لما جَاءَ عَن بن مَسْعُود إِذا اخْتلف المتبائعان والسلعة قَائِمَة وَلَا بنية لأَحَدهمَا تحَالفا وترادا الان كل وَاحِد مِنْهُمَا مدعي ومنكر وَهَذَانِ لم يكن لأَحَدهمَا بَيِّنَة بعد ان يُقَال لكل وَاحِد ان ترْضى بقول صَاحبه والا فسخنا البيع فَإِن لم يتراضيا اسْتحْلف الْحَاكِم كل وَاحِد مِنْهُمَا على دَعْوَى الاخر وان كَانَ لأَحَدهمَا بَيِّنَة فذك وان أَقَامَ كل وَاحِد مِنْهُمَا بَيِّنَة كَانَت الْبَيِّنَة مثبتة للزِّيَادَة أولى وَلَو كَانَ الِاخْتِلَاف فِي الثّمن وَالْبيع جَمِيعًا فَبَيِّنَة البَائِع أولى فِي الثّمن وَبَيِّنَة المُشْتَرِي أولى فِي الْمَبِيع نظرا الى زِيَادَة الاثبات وَلَا يحالف عندنَا فِي الاجل وَشطر الْخِيَار وَقبض بعض الثّمن كَذَا فِي الْهِدَايَة وَالْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة كلهَا قد تكلم فِيهِ فالمدار على الحَدِيث الْمَشْهُور لَو يُعْطي النَّاس دَعوَاهُم لادعى نَاس دِمَاء قوم وَأَمْوَالهمْ لَكِن الْبَيِّنَة على الْمُدعى وَالْيَمِين على من انكر لمعات
قَوْله
[2187]
لَا تبع مَا لَيْسَ عنْدك كالابق أَو مَا لم يقبض أَو مَال لغير وَيسْتَثْنى مِنْهُ السّلم بالشرائط الْمُعْتَبرَة فِيهِ وَكَذَا بيع مَال الْغَيْر جَائِز مَوْقُوفا عِنْد الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة سوى الشَّافِعِي فَإِنَّهُ لَا يجوزه كَذَا فِي اللمعات
قَوْله
[2192]
نهى عَن بيع العربان وَهُوَ ان يَشْتَرِي السّلْعَة وَيُعْطِي البَائِع درهما أَو أقل أَو أَكثر على انه ان تمّ البيع حسب من الثّمن والا لَكَانَ للْبَائِع وَلم يرجعه مُشْتَرِي وَهُوَ بيع بَاطِل لما فِيهِ من الشَّرْط وَالْغرر واجازه أَحْمد سيد
قَوْله
[2194]
بيع الْحَصَاة وَهُوَ ان يلقِي الْحَصَاة فَإِذا وَقعت على شَيْء فَهُوَ الْمَبِيع وَهُوَ من بُيُوع الْجَاهِلِيَّة سيد
قَوْله
[2195]
عَن بيع الْغرَر قَالَ الطَّيِّبِيّ النَّهْي عَن بيع الْغرَر أصل عَظِيم من أصُول كتاب الْبيُوع وَيدخل فِيهِ مسَائِل كَثِيرَة غير متحصرة كَبيع الْمَعْدُوم والمجهول وَمَا لَا يقدر على التَّسْلِيم ومالا يتم ملك البَائِع عَلَيْهِ واشباه ذَلِك مِمَّا يلْزم مِنْهُ الْغرَر من غير حَاجَة وَبيع الْمُنَابذَة وَالْمُلَامَسَة وحبل الْحَبل والحصاة وعسب الْفَحْل واشباهها من الْبيُوع الَّتِي جَاءَ فِيهَا نُصُوص دَاخِلَة فِي الْغرَر لَكِن أفردت بِالذكر لكَونهَا من بياعات الْجَاهِلِيَّة الْمَشْهُورَة واجمعوا على جَوَاز غرر حقير كالجبة المحشوة بالقطن وَلَو بيع حشوها بِانْفِرَادِهِ لم يجز واجمعوا أَيْضا على جَوَاز اجارة الدَّار وَالدَّابَّة وَالثَّوْب وَنَحْو ذَلِك شهرا مَعَ ان الشَّهْر قد يكون ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَقد يكون تِسْعَة وَعشْرين وعَلى جَوَاز دُخُول الْحمام بِالْأُجْرَةِ مَعَ اخْتِلَاف النَّاس فِي صب المَاء وَفِي قدر مكثهم وعَلى جوازالشرب من السقاء بِالْعِوَضِ مَعَ جَهَالَة قدر المشروب وَاخْتِلَاف عَادَة الشاربين وتحريره ان مدَار الْبطلَان بِسَبَب الْغرَر بِغَيْر حَاجَة وان دعت حَاجَة الى ارتكابه وَلَا يُمكن الِاحْتِرَاز عَنهُ الا بِمَشَقَّة أَو كَانَ الْغرَر حَقِيرًا جَازَ البيع انْتهى كَلَام الطَّيِّبِيّ مُخْتَصرا
قَوْله
[2197]
عَن بيع حَبل الحبلة جمع حابل كظالم وظلمة وَاخْتلفُوا فِي المُرَاد بِالنَّهْي فَقَالَ جمَاعَة هُوَ البيع بِثمن مُؤَجل الى ان تَلد النَّاقة ويلد ولد هاوية قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لِأَن الرَّاوِي وَهُوَ بن عمر قد فسره بِهَذَا وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ بيع ولد ولد النَّاقة فِي الْحَال وَهَذَا تَفْسِير أهل اللُّغَة وَبِه قَالَ أَحْمد وَإِسْحَاق وَهَذَا أقرب الى اللُّغَة طيبي مُخْتَصرا
قَوْله
[2196]
وَعَن ضَرْبَة الغائص هُوَ ان يَقُول اغوص فِي الْبَحْر غوصة كَذَا فَمَا اخرجته فَهُوَ لَك لِأَنَّهُ غرر مجمع
[2198]
وَلَا أَرَاك المُرَاد نهي الرجل عَن ترك الِاكْتِسَاب فِي هَذِه الْمدَّة لَا نهي نَفسه عَن الروية (مرقاة)
قَوْله الا لذِي فقر مدقع أَي شَدِيد من اوقع إِذا الصق بالدقعاء وَهُوَ التُّرَاب قَوْله غرم أَي غَرَامَة وَدين مفظع أَي ثقيل وفضيح قَوْله أَو دم موجع بِكَسْر الْجِيم وَفتحهَا أَي مؤلم وَالْمرَاد دم يوجع بِهِ الْقَاتِل اولياءه بَان يلْزمهُم الدِّيَة وَلَيْسَ لَهُم مَا تُؤدِّي بِهِ الدِّيَة وَيطْلب أَوْلِيَاء الْمَقْتُول مِنْهُم وتنبعث الْفِتْنَة والمخاصمة بَينهم وَقيل هُوَ الَّذِي يوجع أَوْلِيَاء الْمَقْتُول فَلَا يكَاد تِلْكَ الْفِتْنَة تطفأ فِيمَا بَينهم فَيقوم لَهُ من يتَحَمَّل الْحمالَة كَذَا فِي الْمرقاة (إنْجَاح الْحَاجة)
قَوْله
[2199]
أقاله الله عثرته أَي تَعبه ومشقته وعثر عثر اكبى كَذَا فِي الْقَامُوس وَقَوله أقَال أَي أَزَال ثمَّ الاقالة وان كَانَ بِمَعْنى الْأَعَمّ لَكِن إِيرَاد الْمُؤلف هَذَا الحَدِيث فِي هَذَا الْبَاب يدل على اقالة البيع وَصورته إِذا اشْترى أحد شَيْئا من رجل ثمَّ نَدم على اشترائه اما لظُهُور الْغبن فِيهِ أَو لزوَال حَاجته اليه أَو لغدام الثّمن فَرد الْمَبِيع على البَائِع وَقبل البَائِع رده ازال الله مشقته وعثرته يَوْم الْقِيَامَة لِأَنَّهُ إِحْسَان مِنْهُ على المُشْتَرِي لِأَن البيع كَانَ قد بت فَلَا يَسْتَطِيع المُشْتَرِي فَسخه (إنْجَاح)
قَوْله
[2204]
فاستامي بِهِ الخ اعْلَم ان السّوم قد يكون بِإِظْهَار الثّمن الْقَلِيل مَعَ ارادته بِأخذ ذَلِك الشَّيْء بِالثّمن الْكثير لعلمه بقميته فَهَذَا يكون غبنا وَهُوَ مَمْنُوع وَأما إِذا أَرَادَ الشِّرَاء بذلك الثّمن وَلم يعرض البَائِع بذلك الشَّيْء فَزَاد فِي ثمنه شَيْئا فَالظَّاهِر انه لَيْسَ بممنوع وَيُشِير اليه مَا يَجِيء فِي الحَدِيث الاتى من ازدياد الثّمن لجَابِر انه صلى الله عليه وسلم زَاد لجَابِر دِينَارا بعد دِينَار الى عشْرين دِينَارا نظنه بِعَدَمِ رضائه (إنْجَاح)
قَوْله
[2205]
حَتَّى بلغ عشْرين دِينَارا وَفِي رِوَايَة لمُسلم فَبِعْته بوقية وَفِي رِوَايَة بِخمْس أَوَاقٍ وَزَاد فِي أُوقِيَّة وَفِي بَعْضهَا بأوقيتين وَدِرْهَم أَو دِرْهَمَيْنِ وَفِي بَعْضهَا بأوقية ذهب وَفِي بَعْضهَا أَرْبَعَة دَنَانِير وَذكر البُخَارِيّ أَيْضا اخْتِلَاف الرِّوَايَات وَزَاد بثمانمائة دِرْهَم وَفِي رِوَايَة بِعشْرين دِينَار كَمَا فِي هَذَا الْكتاب وَفِي رِوَايَة أَحْسبهُ بِأَرْبَع أَوَاقٍ قَالَ البُخَارِيّ وَقَول الشّعبِيّ بوقية أَكثر قَالَ القَاضِي عِيَاض قَالَ أَبُو جَعْفَر الدَّرَاورْدِي لاوقيتيه الذَّهَب قدرهَا مَعْلُوم وأوقية الْفضة أَرْبَعُونَ درهما قَالَ وَسبب اخْتِلَاف هَذِه الرِّوَايَات انهم ردوا بِالْمَعْنَى وَهُوَ جَائِز فَالْمُرَاد أُوقِيَّة ذهب كَمَا فسره فِي رِوَايَة سَالم بن أبي الجعة عَن جَابر وَيحمل عَلَيْهَا رِوَايَة من روى الوقية مُطلقَة وَأما من روى خمس أَوَاقٍ فَالْمُرَاد خمس أَوَاقٍ من الْفضة وَهِي بِقدر قيمَة أُوقِيَّة الذَّهَب فِي ذَلِك الْوَقْت فَيكون الاخبار بأوقية الذَّهَب عَمَّا وَقع بِهِ العقد وَعَن أَوَاقٍ الْفضة عَمَّا حصل بِهِ الايفاء وَلَا يتَغَيَّر الحكم وَيحْتَمل ان يكون هَذَا كُله زِيَادَة على الاوقية كَمَا قَالَ فَمَا زَالَ يزيدني وَأما رِوَايَة أَرْبَعَة دَنَانِير فوافقه أَيْضا لِأَنَّهُ يحْتَمل ان يكون أُوقِيَّة الذَّهَب حِينَئِذٍ وزن أَرْبَعَة دَنَانِير وَأما رِوَايَة اوقيتين فَيحْتَمل أَن إِحْدَاهمَا وَقع بهَا البيع وَالْأُخْرَى زِيَادَة كَمَا قَالَ ونراد فِي أُوقِيَّة وَقَوله وَدِرْهَم أَو دِرْهَمَيْنِ مُوَافق لقَوْله وَزَاد فِي قِيرَاط وَأما رِوَايَة عشْرين دِينَارا فَمَحْمُول على دَنَانِير صغَار كَانَت لَهُم وَرِوَايَة أَربع أَوَاقٍ شكّ فِيهَا الرَّاوِي فَلَا اعْتِبَار بهَا وَالله أعلم وَفِي مُسلم فِي هَذِه الرِّوَايَة فَبِعْته بوقية واستثنيت عَلَيْهِ حملانه الى أَهله احْتج بِهِ أَحْمد وَمن وَافقه فِي جَوَاز بيع الدَّابَّة وَيشْتَرط البَائِع بِنَفسِهِ ركُوبهَا وَقَالَ مَالك يجوز ذَلِك إِذا كَانَت مَسَافَة الرّكُوب قريبَة وَحمل هَذَا الحَدِيث على هَذَا وَقَالَ الشَّافِعِي وَأَبُو حنيفَة وَآخَرُونَ لَا يجوز ذَلِك سَوَاء قلت الْمسَافَة أَو كثرت وَينْعَقد البيع وَاحْتَجُّوا بِالْحَدِيثِ السَّابِق فِي النَّهْي عَن بيع الثنيا وَبِالْحَدِيثِ الاخر فِي النَّهْي عَن بيع وَشرط وَأَجَابُوا عَن حَدِيث جَابر بِأَنَّهَا قَضيته عين تتطرق إِلَيْهَا احتمالات قَالُوا وَلِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَرَادَ ان يُعْطِيهِ الثّمن وَلم يرد حَقِيقَة البيع قَالُوا وَيحْتَمل ان الشَّرْط لم يكن فِي نفس العقد وَإِنَّمَا يضر الشَّرْط إِذا كَانَ فِي نفس العقد وَلَعَلَّ الشَّرْط كَانَ سَابِقًا فَلم يُؤثر ثمَّ تبرع صلى الله عليه وسلم
بأركابه (نووي)
قَوْله
[2206]
نهى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن السّوم الخ وَفِي النِّهَايَة هُوَ ان يسادم بسلعته فِي ذَلِك الْوَقْت لِأَنَّهُ وَقت ذكر الله تَعَالَى لَا يشْتَغل فِيهِ بِشَيْء غَيره وَقيل يجوز أَن يكون من رعى الْإِبِل لِأَنَّهَا ان رعت قبل طُلُوع الشَّمْس والمرعى ند أَصَابَهَا مِنْهُ الوباء وَرُبمَا قَتلهَا وَذَلِكَ مَعْرُوف عِنْد أَرْبَاب الْإِبِل من الْعَرَب وَقَوله وَعَن ذبح ذَات الدراي ذَات اللَّبن وَيجوز أَن يكون مصدر در اللَّبن إِذا جرى (زجاجة)
قَوْله
[2208]
المسبل إزَاره هُوَ الَّذِي يطول ثَوْبه ويرسله الى الأَرْض إِذا مَشى وَإِنَّمَا يفعل ذَلِك كبرا واختيالا قَوْله والمنان عطاءه هُوَ الَّذِي لَا يُعْطي شَيْئا الا مِنْهُ واعتد بِهِ على من أعطَاهُ قَوْله والمنفق سلْعَته بِالتَّشْدِيدِ من النِّفَاق ضدا لَك أَو نفقت السّلْعَة فَهِيَ نافقة وانفقتها ونفقتها إِذا جَعلتهَا نافقة (زجاجة)
[2209]
إيَّاكُمْ وَالْحلف فِي البيع فَإِنَّهُ ينْفق ثمَّ يمحق يَعْنِي الْحلف يروج المَال فِي الْحَال ثمَّ ينقص وَيذْهب الْبركَة فِي المَال قَالَ النَّوَوِيّ وَفِيه النَّهْي عَن كَثْرَة الْحلف فِي البيع فَإِن الْحلف من غير حَاجَة مَكْرُوه وينضم اليه هُنَا ترويج السّلْعَة وَرُبمَا اغْترَّ المُشْتَرِي بِالْيَمِينِ وَالله اعْلَم انْتهى
قَوْله
[2210]
من اشْترى نخلا قد ابرت الخ قَالَ أهل اللُّغَة يُقَال ابرت النّخل آبره ابرا بِالتَّخْفِيفِ كاكلته اكلا وأبرته بِالتَّشْدِيدِ أَو بره تأبيرا كعلمته أعلمهُ تَعْلِيما وَهُوَ ان يشق طلع النَّخْلَة ليذر فِيهِ شَيْء من طلع ذكر النّخل والابار هُوَ شقَّه سَوَاء حط فِيهِ شَيْء أم لَا وَلَو تأبرت بِنَفسِهَا أَي تشققت فَحكمهَا فِي البيع حكم الموبرة بِفعل الادمي هَذَا مَذْهَبنَا وَفِي هَذَا الحَدِيث جَوَاز الابار للنخل وَغَيره من الثِّمَار وَقد اجْمَعُوا على جَوَازه وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِي حكم بيع النّخل الْمَبِيعَة بعد التَّأْبِير وَقَبله هَل تدخل فِيهَا ثَمَر عِنْد إِطْلَاق بيع النَّخْلَة من غير تعرض للثمرة بِنَفْي وَلَا إِثْبَات فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَاللَّيْث والاكثرون ان بَاعَ النَّخْلَة بعد التَّأْبِير فثمرتها للْبَائِع الا ان يشترطها المُشْتَرِي بَان يَقُول اشْتريت النَّخْلَة بثمرتها هَذِه وان بَاعهَا قبل التَّأْبِير فثمرتها للْمُشْتَرِي فَإِن شَرطهَا البَائِع جَازَ عِنْد الشَّافِعِي والاكثرين وَقَالَ مَالك لَا يجوز شَرطهَا للْبَائِع وَقَالَ أَبُو حنيفَة هِيَ للْبَائِع قبل التَّأْبِير وَبعده فَأَما الشَّافِعِي وَالْجُمْهُور فَأخذُوا فِي المؤبرة بمنطوق الحَدِيث وَفِي غَيرهَا بمفهومه وَهُوَ دَلِيل الْخطاب وَهُوَ حجَّة عِنْدهم وَأما أَبُو حنيفَة فَأخذ بمنطوقه فِي المؤبرة وَهُوَ لَا يَقُول بِدَلِيل الْخطاب فَالْحق غير المؤبرة بالمؤبرة (نووي)
قَوْله
[2211]
وَمن ابْتَاعَ عبدا لَهُ مَال الخ قَالَ النَّوَوِيّ وَفِي هَذَا الحَدِيث دلَالَة لمَالِك وَقَول الْقَدِيم للشَّافِعِيّ ان العَبْد إِذا ملكه سَيّده مَاله ملكه لكنه إِذا بَاعه بعد ذَلِك كَانَ مَاله للْبَائِع الا ان يشْتَرط المُشْتَرِي بِظَاهِر هَذَا الحَدِيث وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْجَدِيد وَأَبُو حنيفَة لَا يملك العَبْد شَيْئا أصلا وتأولا الحَدِيث على ان المُرَاد ان يكون فِي يَد العَبْد شَيْء من مَال السَّيِّد فأضيف ذَلِك المَال الى العَبْد للاختصاص وَالِانْتِفَاع لَا للْملك كَمَا يُقَال جلّ الدَّابَّة وَجل الْفرس والا فَإِذا بَاعَ السَّيِّد العَبْد فَذَلِك المَال للْبَائِع لِأَنَّهُ ملكه الا ان يشْتَرط المتباع فَيصح لِأَنَّهُ يكون قد بَاعَ شَيْئَيْنِ العَبْد وَالْمَال الَّذِي فِي يَده بِثمن وَاحِد وَذَلِكَ جَائِز انْتهى
قَوْله
[2212]
جَمعهمَا الظَّاهِر وَالله أعلم ان الضَّمِير الْمَرْفُوع المستكن فِي قَوْله جمع رَاجع الى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فعلى هَذَا لَا تعلق لهَذِهِ الْجُمْلَة بِالْجُمْلَةِ السَّابِقَة الشّرطِيَّة بل جَزَاء الْجمل السَّابِقَة مَحْذُوف وَهُوَ قَوْله فثمرتها للْبَائِع وَكَذَلِكَ مَال العَبْد للْبَائِع وَجُمْلَة جَمعهمَا كالتفسير لهَذَا الحكم أَي جمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الحكم وَهُوَ عدم تملك المُشْتَرِي ثَمَرَة النّخل وَمَال العَبْد بِأَن ثَمَرَة النّخل وَمَال العَبْد لَا يخرجَانِ عَن ملك البَائِع الا بِالشّرطِ حَاصله ان الْمُؤلف يَقُول ان رِوَايَة نَافِع عَن بن عمر رض كَرِوَايَة سَالم عَنهُ الا ان سالما روى الجملتين المشرطيتين مَعَ الِاسْتِثْنَاء على حِدة على حِدة ونافعا روى الجملتين مَجْمُوعَة مَعَ الِاسْتِثْنَاء الْوَاحِد (إنْجَاح)
قَوْله
[2214]
لَا تَبِيعُوا الثَّمَرَة حَتَّى يَبْدُو صَلَاحهَا أَي يظْهر وَزَاد مُسلم فِي هَذِه الرِّوَايَة قَالَ أَي بن عمر يَبْدُو صَلَاحه حمرته وصفرته وَفِي رِوَايَة حَتَّى يزهو قَالَ الْخطابِيّ هَكَذَا يرْوى حَتَّى يزهو أَو الصَّوَاب فِي الْعَرَبيَّة حَتَّى يزهي والازهاء فِي الثَّمر ان يحمر أَو يصفر وَذَلِكَ عَلامَة الصّلاح فِيهَا وَدَلِيل خلاصها من الافة قَالَ النَّوَوِيّ فَإِن بَاعَ الثَّمَرَة قبل بَدو صَلَاحهَا بِشَرْط الْقطع صَحَّ بِالْإِجْمَاع قَالَ أَصْحَابنَا وَلَو شَرط الْقطع ثمَّ لم يقطع فَالْبيع صَحِيح وَيلْزمهُ البَائِع بِالْقطعِ فَإِن تَرَاضيا على ابقائه جَازَ وان بَاعهَا بِشَرْط التبقية فَالْبيع بَاطِل بِالْإِجْمَاع لِأَنَّهُ ريما تلفت الثَّمَرَة قبل اوراكها فَيكون البَائِع قد أكل مَال أَخِيه بِالْبَاطِلِ كَمَا جَاءَت بِهِ الْأَحَادِيث وَمَا إِذا شَرط الْقطع فقد انْتَفَى هَذَا الضَّرَر وان بَاعهَا مُطلقًا بِلَا شَرط فمذهبنا وَمذهب الْجُمْهُور ان البيع بَاطِل لإِطْلَاق هَذِه الْأَحَادِيث وَإِنَّمَا صححناه بِشَرْط الْقطع للاجماع فخصصنا الْأَحَادِيث بِالْإِجْمَاع فِيمَا إِذا شَرط الْقطع وَلِأَن الْعَادة فِي الثِّمَار الابقاء فَصَارَ كالمشروط وَأما إِذا بِيعَتْ الثَّمَرَة بعد بَدو صَلَاحهَا فَيجوز بيعهَا مُطلقًا وبشرط الْقطع وبشرط التبقية لمَفْهُوم هَذِه الْأَحَادِيث ثمَّ إِذا بِيعَتْ بِشَرْط التبقية أَو مُطلقًا يلْزم البَائِع بتبقيتها الى اوان الْجذاذ لِأَن ذَلِك هُوَ الْعَادة فِيهَا هَذَا مَذْهَبنَا وَبِه قَالَ مَالك وَقَالَ أَبُو حنيفَة يجب شَرط الْقطع انْتهى
قَوْله بَاب بيع الثِّمَار سِنِين والجائحة قَوْله
[2218]
سِنِين ظرف أَي فِي سِنِين وَصورته بَاعَ الرجل ثَمَرَة بستانه الَّتِي تخرج الى أَرْبَعَة سِنِين مثلا بِقِيمَة مَعْلُومَة فَهَذَا البيع بَاطِل الْجَهَالَة الْمَبِيع كَمَا سَيَأْتِي وَقَوله والجائحة مَعْطُوف على بيع أَي بَاب الْجَائِحَة إِذا اصابت فِي النخيل وَالزَّرْع فَمَا حكمهَا (إنْجَاح)
قَوْله
[2219]
فأصابته جَائِحَة فَلَا يَأْخُذ الخ قَالَ النَّوَوِيّ اخْتلف الْعلمَاء فِي الثَّمَرَة إِذا بِيعَتْ بعديد وَإِصْلَاح وَسلمهَا البَائِع الى المُشْتَرِي بِالتَّخْلِيَةِ بَينه وَبَينهَا ثمَّ تلفت قبل اوان الْجذاذ بِآفَة سَمَاوِيَّة هَل تكون من ضَمَان البَائِع أَو المُشْتَرِي فَقَالَ الشَّافِعِي فِي أصح قوليه وَأَبُو حنيفَة وَآخَرُونَ هِيَ من ضَمَان المُشْتَرِي وَلَا يجب وضع الْجَائِحَة لَكِن يسْتَحبّ وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْقَدِيم وَطَائِفَة هِيَ من ضَمَان البَائِع وَيجب وضع الْجَائِحَة وَقَالَ مَالك ان كَانَ دون الثُّلُث لم يجب وَضعهَا وانكانت الثُّلُث فَأكْثر وَجب وَضعهَا انْتهى
قَوْله
[2220]
بِعْت من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رجل سَرَاوِيل إِنَّمَا سَمَّاهُ رجلا بِكَسْر الرَّاء لِأَنَّهَا تلبس فِي الرجل وَالظَّاهِر ان شِرَاءَهُ كَانَ للبس وَفِي الحَدِيث أول من تسرول إِبْرَاهِيم عليه السلام وَأمر نَبينَا صلى الله عليه وسلم باتباعه لَكِن مَا صَحَّ فِي الرِّوَايَة الصَّحِيحَة لبسه صلى الله عليه وسلم السَّرَاوِيل والْحَدِيث الَّذِي يرْوى فِي لبسه قيل هُوَ مَوْضُوع (إنْجَاح)
قَوْله
[2224]
فَإِذا هُوَ مغشوش أَي مبادل كَمَا جَاءَ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى والبل يُفِيد الثقالة فِي الطَّعَام وَأَيْضًا يتَغَيَّر بِهِ رِيحه وطعمه خُصُوصا فِي الصَّيف فيغتر بِهِ المُشْتَرِي وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى ان البَائِع اعتذر انه اصابه سمأ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَهَلا جعلته فَوق الطَّعَام إنْجَاح الْحَاجة
[2230]
فَأَقُول كلت فِي وَسَقَى هَذَا الخ أَي كنت أَقُول للْمُشْتَرِي اني كلت فِي وَسقي وَهُوَ حمل الْبَعِير كَذَا أَو كَذَا أَي عشْرين صَاعا أَو ثَلَاثِينَ صَاعا مثلا فيعتمد المُشْتَرِي على قولي فادفع اليه أَو سَاق التَّمْر بكيل معِين وَأخذ شفى والشف بِفَتْح الشين وكسره وَشدَّة الْفَاء الزِّيَادَة وَالْفضل أَي اخذ فضل الْمعِين وَهُوَ الْمَشْرُوط من المُشْتَرِي من النَّقْد والحبوب فدخلني من ذَلِك شَيْء أَي شكّ وريبة بِعَدَمِ حُضُور المُشْتَرِي عِنْد الْكَيْل وَهُوَ يُفْضِي الى الْجَهَالَة والنزاع فَلذَلِك قَالَ صلى الله عليه وسلم إِذا سميت الْكَيْل فكله أَي كُله عِنْد المُشْتَرِي ثَانِيًا ليزول الشُّبْهَة بجري الصاعين (إنْجَاح)
قَوْله
[2231]
مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْيحصبِي نِسْبَة الى يحصب مُثَلّثَة الصَّادِر وَهُوَ حَيّ بِالْيمن وَالنِّسْبَة أَيْضا مُثَلّثَة الصَّاد لَا بِالْفَتْح فَقَط كَمَا زعم الْجَوْهَرِي كَذَا فِي الْقَامُوس (إنْجَاح)
قَوْله كيلوا طَعَامكُمْ الخ أَمر للْجَمَاعَة ويبارك لكم بِالْجَزْمِ جَوَابه قَالَ بن بطال الْكَيْل مَنْدُوب اليه فِيمَا يُنْفِقهُ الْمَرْء على عِيَاله انْتهى ثمَّ السِّرّ فِي الْكَيْل انه يعرف بِهِ مَا يقوته وَمَا يستعده كَذَا فِي الْعَيْنِيّ قَالَ فِي مجمع الْبحار قَالُوا أَرَادَ ان يكيله عِنْد الْإِخْرَاج مِنْهُ لِئَلَّا يُخرجهُ أَكثر من الْحَاجة أَو أقل بِشَرْط ان يبْقى الْبَاقِي مَجْهُولا انْتهى فعلى هَذَا لَا يرد حَدِيث عَائِشَة كَانَ عِنْدِي شطر شعير مَا كلت مِنْهُ حَتَّى طَال عَليّ فكلته ففنى لِأَنَّهَا كالت مَا بَقِي وَكَذَا لَا يُعَارضهُ حَدِيث لَا توكي فيوكى الله عَلَيْك لِأَنَّهُ فِي معنى الإحصاء على الْخَادِم والتضييق اما إِذا اكتال على معنى الْمَقَادِير وَمَا يَكْفِي الْإِنْسَان فَهُوَ الَّذِي فِي حَدِيث الْبَاب كَذَا قَالَه الْعَيْنِيّ قَالَ صَاحب الْفَتْح وَالَّذِي يظْهر لي ان حَدِيث الْمِقْدَام مَحْمُول على الطَّعَام الَّذِي يَشْتَرِي فالبركة يحصل فِيهِ بِالْكَيْلِ لامتثال أَمر الشَّارِع وَإِذا لم يمتثل الْأَمر فِيهِ بالإكتيال نزعت الْبركَة مِنْهُ بشوم الْعِصْيَان وَحَدِيث عَائِشَة مَحْمُول على انها كالته للاختبار فَلذَلِك دخله النَّقْص قَالَ الْعَيْنِيّ هَذَا لَيْسَ بِظَاهِر فَكيف يَقُول حَدِيث الْمِقْدَام مَحْمُول على الطَّعَام الَّذِي يشترى بل هَذَا غير صَحِيح لِأَن البُخَارِيّ ترْجم على حَدِيث الْمِقْدَام باستحباب الْكَيْل وَالطَّعَام الَّذِي يشترى الْكَيْل فِيهِ وَاجِب فَهَذَا الظُّهُور الَّذِي رَوَاهُ يُفْضِي الى ان جعل الْمُسْتَحبّ وَاجِبا وَالْوَاجِب مُسْتَحبا انْتهى
قَوْله
[2232]
كيلوا طَعَامكُمْ الخ قَالَ المظهري الْغَرَض من كيل الطَّعَام معرفَة مِقْدَار مَا يَبِيع الرجل وَيَشْتَرِي لِئَلَّا يكون مَجْهُولا وَكَذَا لَو لم يكل مَا ينْفق على الْعِيَال مَا يعرف مَا يدّخر لتَمام السّنة فَأمر بِالْكَيْلِ ليَكُون على علم ويقين وَمن رَاعى أمره صلى الله عليه وسلم يجد بركَة عَظِيمَة فِي الدُّنْيَا وَأجر عَظِيما مِصْبَاح الزجاجة
قَوْله
[2233]
ان الزبير بن الْمُنْذر بن أبي اسيد وَهُوَ السَّاعِدِيّ وَفِي بعض النّسخ سعد بن الْمُنْذر بن أبي حميد السَّاعِدِيّ وَكِلَاهُمَا من الثَّالِثَة وَالله اعْلَم وَلَكِن صَاحب التَّقْرِيب ذكر الزبير بن الْمُنْذر بعلامة بن ماجة وَذكر سعد بن الْمُنْذر بعلامة فَضَائِل الْأَنْصَار لأبي دَاوُد وَذكر بن حجر فِي تَرْجَمَة الزبير فِي التَّهْذِيب روى لَهُ بن ماجة هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد وَذكر الحَدِيث الْمَذْكُور بِهَذَا السَّنَد إنْجَاح الْحَاجة
قَوْله ذهب الى سوق النبيط الخ النبيط جيل بِكَسْر الْجِيم أَي صنف من النَّاس ينزلون بالبطائح بَين العراقين كالنبط والانباط وَالنِّسْبَة اليه نبطى محركة ونباطي مُثَلّثَة كَذَا فِي الْقَامُوس فَلَعَلَّ ذَاك السُّوق كَانَ مَنْسُوبا إِلَيْهِم بِوَجْه مَا وَإِنَّمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ هَذَا لكم للخداع فيهم وَالله أعلم (إنْجَاح)
قَوْله فَلَا ينتقصن بالبخس فِي الْكَيْل وَالْوَزْن وَلَا يضربن عَلَيْهِ خراج لِأَن الْأَسْوَاق فِي الْبِلَاد حق الْعَامَّة فَلَيْسَ للأمير ان يضْرب عَلَيْهِم خراجا بِالْبيعِ وَالشِّرَاء فِيهِ كَمَا هُوَ عَادَة الظلمَة (إنْجَاح الْحَاجة)
قَوْله
[2234]
غَدا برايه الْإِيمَان قَالَ الطَّيِّبِيّ هَذَا تَمْثِيل لبَيَان حزب الله تَعَالَى وحزب الشَّيْطَان فَمن أصبح يَغْدُو الى الْمَسْجِد كَأَنَّهُ يرفع الْإِيمَان وَيظْهر شعار الْإِسْلَام ويوهن أَمر الْمُخَالفين وَفِي ذَلِك ورد الحَدِيث فذلكم الرِّبَاط وَمن أصبح يَغْدُو الى السُّوق هُوَ من حزب الشَّيْطَان يرفع اعلامه ويشتد من شوكته وَهُوَ فِي توهين دينه انْتهى
قَوْله
[2235]
من قَالَ حِين دخل السُّوق الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ انما خص السُّوق بِالذكر لِأَنَّهُ مَكَان الِاشْتِغَال عَن الله وَعَن ذكره بِالتِّجَارَة وَالْبيع وَالشِّرَاء فَمن ذكر الله تَعَالَى فِيهِ دخل فِي زمرة من قيل فِي حَقهم رجال لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله مِصْبَاح الزجاجة للسيوطي
[2236]
فِي البكور البكور والتبكير الْفِعْل أول الْوَقْت وَالْمرَاد هُنَا أول النَّهَار
قَوْله
[2239]
بيع الْمُصراة اسْم مفعول من التصرية يُقَال صريت النَّاقة بِالتَّخْفِيفِ وصريتها بِالتَّشْدِيدِ وأصريتها إِذا حفتلها كَذَا فِي الْعَيْنِيّ والتصرية حبس اللَّبن فِي ضروع الْإِبِل وَالْغنم لتباع كَذَلِك يغتر بهَا المُشْتَرِي والمصراة هِيَ الَّتِي تفعل بهَا ذَلِك وَهِي المحفلة لمعات
قَوْله فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام الخ قَالَ الْعَيْنِيّ ظَاهر الحَدِيث ان الْخِيَار لَا يثبت الا بعد الْحَلب وَالْجُمْهُور على انه إِذا علم بالتصرية ثَبت لَهُ الْخِيَار وَلَو لم يحلب لَكِن لما كَانَ التصرية لَا يعرف غَالِبا الا بعد الْحَلب ذكر قيدا فِي ثُبُوت الْخِيَار انْتهى قَالَ الشَّيْخ فِي اللمعات اعْلَم ان ثُبُوت الْخِيَار فِي الْمُصراة ورد صَاع من تمر أَو طَعَام هُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي وَمَالك وَأحمد وَأبي يُوسُف مَعَ خلاف مَذْهَب أَحْمد فِي أَنه يجب على الْفَوْر أَو بعد ثَلَاثَة أَيَّام وَأما مَذْهَب أبي حنيفَة وَطَائِفَة من الْعِرَاقِيّين وَمَالك فِي رِوَايَة انه إِنَّمَا يثبت بِالشّرطِ لَا بِدُونِهِ وَلَا يجب رد صَاع لِأَنَّهُ يُخَالف الْقيَاس الصَّحِيح من كل وَجه لِأَن الأَصْل ان الشَّيْء إِنَّمَا يضمن بِالْمثلِ أَو بِالْقيمَةِ فِي بَاب الْعد وإنات أَو بِالثّمن فِي بَاب الْبياعَات الصَّحِيحَة وَهَذَا ثَابت بِالْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع وَالْقِيَاس الصَّحِيح يَقْتَضِي وجوب الْقيمَة وَالتَّمْر لَيْسَ بِقِيمَة اللَّبن قطعا وَلَا ثمنه وَلَا مماثلة بَينهمَا صُورَة وَلَا معنى اما من حَيْثُ الصُّورَة فَظَاهر وَأما من حَيْثُ الْمَعْنى فلَان الْمثل من حَيْثُ الْمَعْنى لجَمِيع الْأَشْيَاء إِنَّمَا هُوَ الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير فَيكون الْعَمَل بِهِ مُوجبا لاسنداد بَاب الْقيَاس الصَّحِيح وَالْأَصْل عندنَا ان كَانَ الرَّاوِي مَعْرُوفا بِالْعَدَالَةِ وَالْحِفْظ والضبط دون الْفِقْه وَالِاجْتِهَاد مثل أبي هُرَيْرَة رض وَأنس بن مَالك رض فَإِن وَافق حَدِيثه الْقيَاس قيل بِهِ والا ترك الا لضَرُورَة وَتَمَامه فِي أصُول الْفِقْه انْتهى
قَوْله
[2240]
من بَاعَ محفلة هِيَ الشَّاة أَو الْبَقَرَة أَو النَّاقة لَا يحلبها صَاحبهَا أَيَّامًا حَتَّى يجْتَمع لَبنهَا فِي ضرْعهَا فَإِذا احتلبها المُشْتَرِي حسبها عزيزة فزاده فِي ثمنهَا ثمَّ يظْهر لَهُ بعد ذَلِك نقص لَبنهَا عَن أَيَّام تحفيلها وَسميت محفلة لِأَن اللَّبن حفل فِي ضرْعهَا أَي جمع مِصْبَاح الزجاجة
قَوْله
[2242]
أَن خراج العَبْد بضمانة قَالَ التِّرْمِذِيّ تَفْسِير الْخراج بِالضَّمَانِ هُوَ الرجل الَّذِي يَشْتَرِي العَبْد فيستغله ثمَّ يجد بِهِ عَيْبا فَيردهُ على البَائِع فالغلة للْمُشْتَرِي لِأَن العَبْد لَو هلك هلك من مَال المُشْتَرِي وَنَحْو هَذَا من الْمسَائِل يكون فِيهِ الْخراج بِالضَّمَانِ انْتهى قَوْله هلك من مَال المُشْتَرِي أَي لم يكن لَهُ على البَائِع شَيْء أَي الْخراج مُسْتَحقّ بِسَبَب الضَّمَان مجمع
قَوْله
[2243]
قد استغل غلامي أَي اخذ الْغلَّة والاجرة من الْغُلَام المُشْتَرِي وَالْغلَّة الدخلة من كِرَاء دَار وَأُجْرَة غُلَام وَفَائِدَة أَرض كَذَا فِي الْقَامُوس وَصُورَة المسئلة اشْترى رجل غُلَاما وَبَقِي عِنْده أَيَّامًا ثمَّ وجد بِهِ عَيْبا أوردهُ بِشَرْط الْخِيَار فكسب العَبْد الَّذِي اكْتسب عِنْد المُشْتَرِي للْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ إِذا هلك فِي هَذِه الْأَيَّام عِنْد المُشْتَرِي لم يرجع على البَائِع لِأَنَّهُ كَانَ فِي ضَمَان المُشْتَرِي وَالْبَاء فِي بِالضَّمَانِ مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف تَقْدِيره الْخراج مُسْتَحقّ بِالضَّمَانِ كَذَا ذكره الطَّيِّبِيّ
قَوْله
[2244]
عُهْدَة الرَّقِيق ثَلَاثَة أَيَّام أَي ذمَّة العَبْد على البَائِع الى ثَلَاثَة أَيَّام أَي ان المُشْتَرِي يملك الرَّد على البَائِع بوجدان الْعَيْب الى ثَلَاثَة أَيَّام ويسعه الرَّد فِيهِ وَأما بعد ثَلَاثَة أَيَّام فَلَا فَلَعَلَّ هَذَا مَحْمُول على الْعُيُوب الَّتِي تتبين فِي قَلِيل من الْمدَّة وَأما الْعُيُوب الَّتِي تعرف بالممارسة أَو الْبُرْهَان بِأَنَّهَا كَانَت عِنْد البَائِع فَلهُ الرَّد مَتى ظَهرت عِنْد الْحَنَفِيَّة وَالله أعلم وَفِي بعض الْحَوَاشِي نَاقِلا عَن النِّهَايَة مَا أصَاب المُشْتَرِي من عيب فِي الْأَيَّام الثَّلَاثَة فَهُوَ من مَال البَائِع وَيرد ان شَاءَ بِلَا بنية فَإِن وجد بِهِ عَيْبا بعد الثَّلَاثَة فَلَا يرد الا بِبَيِّنَة قلت والْحَدِيث مُضْطَرب الْمَتْن أَيْضا فَإِن فِي رِوَايَة سَمُرَة ثَلَاثَة أَيَّام وَفِي رِوَايَة عقبَة بن عَامر لَا عُهْدَة بعد أَربع وَالْعَمَل على هَذَا الحَدِيث مُشكل وَالله أعلم إنْجَاح الْحَاجة
قَوْله
[2250]
بَين الوالدة وَوَلدهَا قَالُوا تَخْصِيص الذّكر بهَا لوفور شَفَقَة الام أَو لوُقُوع الْقَضِيَّة فِيهَا والحقوا بهَا الْأَب وَالْجد وَالْجدّة وَالْمذهب عندنَا كَرَاهَة تَفْرِيق الصَّغِير عَن ذِي رحم محرم وَالتَّقْيِيد بالصغير يخرج الْكَبِير وحد الْكَبِير عِنْد الشَّافِعِي ان يبلغ سبع سِنِين أَو ثَمَانِي وَعِنْدنَا ان يَحْتَلِم وَقَالَ أَحْمد لَا يفرق بَين الوالدة وَوَلدهَا وان كبر واحتلم ثمَّ الْكَرَاهَة مَذْهَب أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَعند أبي يُوسُف إِذا كَانَت الْقَرَابَة قرَابَة ولاد لَا يجوز بيع أَحدهمَا بِدُونِ الاخر عَنهُ لَا يجوز فِي الْكل لمعات لَا دَاء هُوَ الْعَيْب الْبَاطِن فِي السّلْعَة الَّذِي لم يطلع عَلَيْهِ المُشْتَرِي قَوْله وَلَا غائلة هِيَ ان يكون مسروقا فَإِذا ظهر واستحقه مَالِكه غال مَال مُشْتَرِيه الَّذِي اداه فِي ثمنه أَي اتلفه وأهلكه قَوْله وَلَا خبثه قَالَ فِي النِّهَايَة أَرَادَ بالخبثة الْحَرَام كَمَا عبر عَن الْحَلَال بالطيب والخبثة نوع من أَنْوَاع الْخبث أَرَادَ أَنه عبد رَقِيق لِأَنَّهُ من قوم لَا يحل سَبْيهمْ كمن أعْطى عهدا أَو امانا أَو من هُوَ حرفي الأَصْل (زجاجة)
قَوْله
[2253]
الذَّهَب بِالذَّهَب رَبًّا الخ قَالَ النَّوَوِيّ أصل الرباء الزِّيَادَة يُقَال رَبًّا الشَّيْء يَرْبُو إِذا زَاد واربى الرجل إِذا عَامل بالربا وَقد أجمع الْمُسلمُونَ على تَحْرِيم الرِّبَا فِي الْجُمْلَة وان اخْتلفُوا فِي ضابطه وتفاريعه قَالَ الله تَعَالَى وَأحل الله البيع وَحرم الربوا وَالْأَحَادِيث فِيهِ كَثِيرَة مَشْهُورَة وَنَصّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم على تَحْرِيم الرِّبَا فِي سِتَّة أَشْيَاء الذَّهَب وَالْفِضَّة وَالْبر وَالشعِير وَالتَّمْر وَالْملح فَقَالَ أهل الظَّاهِر لَا رَبًّا فِي غير هَذِه السِّتَّة بِنَاء على اصلهم فِي نفي الْقيَاس قَالَ جَمِيع الْعلمَاء سواهُم لَا يخْتَص بالستة بل يتَعَدَّى الى مَا فِي مَعْنَاهَا وَهُوَ مايشاركها فِي الْعلَّة وَاخْتلفُوا فِي الْعلَّة الَّتِي هِيَ سَبَب تَحْرِيم الرِّبَا فِي السِّتَّة فَقَالَ الشَّافِعِي الْعلَّة فِي الذَّهَب وَالْفِضَّة كَونهمَا جنس الاثمان فَلَا يتَعَدَّى الرِّبَا مِنْهُمَا الى غَيرهمَا من الموزونات وَغَيرهَا لعدم الْمُشَاركَة قَالَ وَالْعلَّة فِي الْأَرْبَعَة الْبَاقِيَة كَونهَا مطعومة فيتعدى الرِّبَا مِنْهَا الى كل مطعوم وَأما مَالك فَقَالَ فِي الذَّهَب وَالْفِضَّة كَقَوْل الشَّافِعِي وَقَالَ فِي الْأَرْبَعَة الْعلَّة فِيهَا كَونهَا تدخر للقوت وَتصْلح لَهُ فعداه الى الزَّبِيب لِأَنَّهُ كالتمرة والى القطنة لِأَنَّهَا فِي معنى الْبر وَالشعِير واما أَبُو حنيفَة فَقَالَ الْعلَّة فِي الذَّهَب وَالْفِضَّة الْوَزْن وَفِي الْأَرْبَعَة الْكَيْل فيتعدى الى مَوْزُون من نُحَاس وحديد وَغَيرهمَا والى كل مَكِيل كالجص والاشنان وَغَيرهمَا وَقَالَ سعيد بن الْمسيب وَأحمد وَالشَّافِعِيّ فِي الْقَدِيم الْعلَّة فِي الْأَرْبَعَة كَونهَا مطعومة موزونة أَو مكيلة بِشَرْط الامرين فعلى هَذَا لَا رَبًّا فِي الْبِطِّيخ والسفرجل وَنَحْوه مِمَّا لَا يُكَال وَلَا يُوزن وَأجْمع الْعلمَاء على جَوَاز بيع الربوى بربوى لَا يُشَارِكهُ فِي الْعلَّة مُتَفَاضلا ومؤجلا وَذَلِكَ كَبيع الذَّهَب بِالْحِنْطَةِ وَبيع الْفضة بِالشَّعِيرِ وَغَيره من الْمكيل وَأَجْمعُوا على انه لَا يجوز بيع الرِّبَوِيّ بِجِنْسِهِ واحدهما مُؤَجل وعَلى أَنه لَا يجوز التَّفَاضُل إِذا بيع بِجِنْسِهِ حَالا كالذهب بِالذَّهَب وعَلى انه لَا يجوز التَّفَرُّق قبل التَّقَابُض إِذا بَاعه بِجِنْسِهِ أَو بِغَيْر جنسه عَمَّا يُشَارِكهُ فِي الْعلَّة كالذهب بِالْفِضَّةِ وَالْحِنْطَة بِالشَّعِيرِ وعَلى انه يجوز التَّفَاضُل عِنْد اخْتِلَاف الْجِنْس إِذا كَانَ يدا بيد كصاع حِنْطَة بصاعي شعير وَلَا خلاف بَين الْعلمَاء فِي شَيْء من هَذَا الا مَا سَنذكرُهُ عَن بن عَبَّاس فِي تَخْصِيص الرِّبَا بِالنَّسِيئَةِ قَالَ الْعلمَاء وَإِذا بيع الذَّهَب بِذَهَب اوالفضة بِفِضَّة
سميت مراطلة وَإِذا بِيعَتْ الْفضة بِذَهَب سمى صرفا وَإِنَّمَا سمى صرفا لصرفه عَن مُقْتَضى الْبياعَات من جَوَاز التَّفَاضُل والتفرق قبل الْقَبْض والتأجيل وَقيل من صريفهما وَهُوَ تسويتهما فِي الْمِيزَان انْتهى
قَوْله
[2256]
وَالدِّرْهَم بالدرهم وَالدِّينَار بالدينار لَا فضل بَينهمَا الا وزنا هَذِه الْجُمْلَة مستأنفة مُبتَدأَة وخبرها مَحْذُوف تَقْدِير الْكَلَام الدِّرْهَم بالدرهم وَالدِّينَار بالدينار يجوز بَيْعه وَقَوله لَا فضل بَينهمَا كالتفسير لَهَا والا وزنا بدل من لَا فضل بَينهمَا والا بِمَعْنى غير وَتَقْدِير الْكَلَام هَهُنَا غير ان توزنوا وزنا مُسَاوِيا وَهُوَ معنى لَا فضل بَينهمَا فَمَعْنَى الْكَلَام الدِّرْهَم بالدرهم وَالدِّينَار بالدينار بِشَرْط ان لَا يكون التَّفَاضُل بَينهمَا من حَيْثُ الْوَزْن جَائِز بَيْعه وَالله أعلم (إنْجَاح)
قَوْله
[2257]
سَمِعت بن عَبَّاس يَقُول غير ذَلِك أَي يَقُول ان الرِّبَا فِيمَا إِذا كَانَ أحد الْعِوَضَيْنِ بِالنَّسِيئَةِ وَأما إِذا كَانَا متفاضلين فَلَا ربوا فِيهِ أَي لَا يشْتَرط عِنْده الْمُسَاوَاة فِي الْعِوَضَيْنِ بل يجوز بيع الدِّرْهَم بِالدِّرْهَمَيْنِ يدا بيد وَنفل انه رَجَعَ عَنهُ لما بلغه حَدِيث أبي سعيد كَذَا فِي الْمرقاة (إنْجَاح)
قَوْله
[2258]
وَيحدث ذَلِك عَنهُ أَي ينْقل هَذِه الْحِكَايَة عَن بن عَبَّاس بالشهرة لست تفردت بِسَمَاعِهِ عَنهُ وَفِي بعض النّسخ فَأخذت ذَلِك عَنهُ أَي أخذت ذَلِك الْفتيا عَن بن عَبَّاس رض كَانَ هَذَا مَذْهَب بن عَبَّاس رض قبل ان يبلغهُ هَذَا الحَدِيث عَن أبي سعيد وَغَيره فَلَمَّا بلغه الحَدِيث رَجَعَ عَن ذَلِك (إنْجَاح)
قَوْله
[2259]
الذَّهَب بالورق احْفَظُوا إِنَّمَا قَالَ ذَلِك سُفْيَان لكيلا يذهب ذَاهِب الى ان الرِّبَا منحصر فِي اتِّحَاد الْجِنْس فَأَشَارَ بقوله احْفَظُوا ان اتِّحَاد المعيار كالظرف والكيل مُؤثر فِي التَّحْرِيم فَلَا يجوز بيع الوزني بالوزني نَسِيئَة وان جَازَ مُتَفَاضلا فِي صُورَة اخْتِلَاف الْجِنْس إنْجَاح الْحَاجة قَوْله إِنَّمَا الربوا فِي النَّسِيئَة قَالَ بَعضهم ان هَذَا الحَدِيث مَنْسُوخ بِالْحَدِيثِ السَّابِقَة وَيدل على نسخه أَيْضا اتِّفَاق الْعلمَاء على ترك الْعَمَل بِظَاهِرِهِ قلت لَا حَاجَة الى القَوْل بالنسخ بل يُقَال انه مَحْمُول على الْأَجْنَاس الْمُخْتَلفَة فَإِنَّهُ لَا رَبًّا فِيهِ من حَيْثُ التَّفَاضُل أَو يُقَال انه مَحْمُول على غير الربويات وَهُوَ كَبيع الدّين بِالدّينِ مُؤَجّلا بَان يكون لَهُ عِنْده ثوب مَوْصُوف فيبيعه بِعَبْد مَوْصُوف مُؤَجّلا فَإِن بَاعه بِهِ حَالا جازا وَيُقَال انه مُجمل وَحَدِيث عبَادَة وَغَيره مُبين فَوَجَبَ الْعَمَل بالمبين وَينزل الْمُجْمل عَلَيْهِ (فَخر)
[2262]
فَلَا تفارق صَاحبك وَبَيْنك وَبَينه لبس الْوَاو فِي قَوْله وَبَيْنك حَالية واللبس بِمَعْنى الْخَلْط وَمَعْنَاهُ ان قبض الْفضة بدل الذَّهَب وَعَكسه جَائِز بِشَرْط اتِّحَاد الْمجْلس بِحَيْثُ لَا يبْقى الِاخْتِلَاط بَين البَائِع وَالْمُشْتَرِي بِأَن تَأْخُذ كل الْعِوَض فِي مجلسك وَلَا تُفَارِقهُ مَا لم تقبضه كُله وَلَا يبْقى لَك عَلَيْهِ شَيْء وَوَجهه ان هَذَا الاخذ بيع جَدِيد لِأَن البيع الأول لزم لَهُ على المُشْتَرِي الدَّنَانِير مثلا واستبدل دنانيره بِدَرَاهِم فَصَارَ هَذَا لبيع بيع صرف والنسية فِيهِ حرَام فَإِنَّهُ إِذا تبدل الْمجْلس فَصَارَ كَأَنَّهُ أعْطى الدَّنَانِير فِي مجْلِس وَأخذ الدَّرَاهِم فِي مجْلِس آخر وَهَذَا حرَام (إنْجَاح)
قَوْله
[2263]
نهى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن كسر سكَّة الْمُسلمين الخ أَي عَن كسر النُّقُود المروجة من الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير والجائزة الرائجة وَقَوله الامن بَأْس أَي الا ان تكسر تِلْكَ السِّكَّة بِسَبَب خوف لُحُوق الضَّرَر على الْمُسلمين من الْغِشّ وَغَيره فَإِنَّهُ روى عَن بعض السّلف ان تخريب الدِّرْهَم الزيف خير من تصدق سبعين درهما فَفِي الحَدِيث النَّهْي عَن الْكسر بِثَلَاثَة شَرَائِط الشَّرْط الأول ان يكون سكَّة الْإِسْلَام وَالثَّانِي ان تكون رائجة وَالثَّالِث ان لَا يكون فِيهَا بَأْس وضرر على الْمُسلمين فَلَو ازال سكَّة الْكفَّار لم يكن موردا للنَّهْي وَكَذَا لَو ازال السِّكَّة العير الرائجة أَو الزيفة (إنْجَاح)
قَوْله نهى عَن كسر سكَّة الْمُسلمين الخ قَالَ فِي النِّهَايَة أَرَادَ الدَّرَاهِم وَالدِّينَار المضروبة يُسمى كل وَاحِد مِنْهَا سكَّة لِأَنَّهُ طبع بالحديد وَاسْمهَا السِّكَّة قَوْله الا من بَأْس أَي لَا تكسر الامن أَمر يَقْتَضِي كسرهَا اما لرداءتها أَو شكّ فِي صِحَة نقدرها وَكره ذَلِك لما فِيهِ من اسْم الله تَعَالَى وَقيل لِأَن فِيهِ اضاعة المَال وَقيل إِنَّمَا نهى عَن كسرهَا على ان تُعَاد تبرا فَأَما للنَّفَقَة فَلَا وَقيل كَانَت الْمُعَامَلَة بهَا فِي صدر الْإِسْلَام عدد الا وزنا وَكَانَ بَعضهم يقْتَصّ اطرافها فنهوا عَنهُ (زجاجة)
قَوْله
[2265]
نهى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن الْمُزَابَنَة وَهِي مُشْتَقَّة من الزَّبْن وَهُوَ الْمُخَاصمَة والمدافعة وَقد اتّفق الْعلمَاء على تَحْرِيم بيع الرطب بِالتَّمْرِ فِي غير الْعَرَايَا وَأَنه رَبًّا واجمعوا أَيْضا على تَحْرِيم بيع الْعِنَب بالزبيب واجمعوا أَيْضا على تَحْرِيم بيع الْحِنْطَة فِي سنبلها بحنطة صَافِيَة وَهِي المحاقلة مَأْخُوذَة من الحقل وَهُوَ الْحَرْث وَمَوْضِع الزَّرْع وَسَوَاء عِنْد جمهورهم كَانَ الرطب وَالْعِنَب على شجر أَو مَقْطُوعًا وَقَالَ أَبُو حنيفَة ان كَانَ مَقْطُوعًا جَازَ بَيْعه بِمثلِهِ من الْيَابِس (نووي)
قَوْله
[2269]
قَالَ يحيى الْعرية الخ أَي قَالَ يحيى بن سعيد فِي تَفْسِير الْعرية ان يَشْتَرِي الرجل ثَمَر النخلات بِطَعَام أَهله الْبَاء للبدلية أَي بدل طَعَام أَهله وَالْمرَاد من الطَّعَام هَهُنَا هُوَ التَّمْر خَاصَّة لِأَنَّهُ مورد النَّهْي بِسَبَب الرِّبَا وَقَوله رطبا حَال من مفعول يَشْتَرِي أَي حَال كَون ذَلِك التَّمْر رطبا بِأَن كَانَ على رُؤُوس النّخل يخرصها تَمرا وَصورته ان يخرص الرجل ان ثَمَر النخلات مثلا عشرَة أَو سُقْ فيعطيه المُشْتَرِي ذَلِك الْمِقْدَار تَمرا يَابسا وَهَذَا غير جَائِز الا فِيمَا دون خَمْسَة أوسق عِنْد الْجُمْهُور للضَّرُورَة وَلم يجزه أَبُو حنيفَة وَقَالَ فِي تَأْوِيله ان صَاحب الْعرية رُبمَا يُعْطي الْمِسْكِين ثمَّ نخل عَن بستانه فيتحرج من دُخُوله عَلَيْهِ فيعطيه بدله تَمرا يَابسا فَلَيْسَ هَذَا فِي الْحَقِيقَة بيعا بل كَانَ التَّصَدُّق اولا بثمر النخلات ثمَّ بدله مِنْهُ الى التَّمْر لدفع حرج الْمِسْكِين وَهَذَا جَائِز لِأَن التَّمْر الْمَوْهُوب اولا لم يصر ملكا للْفَقِير مَا دَامَ مُتَّصِلا بِملك الْوَاهِب فَمَا يُعْطِيهِ من التَّمْر الْيَابِس لَا يكون عوضا عَنهُ هَل هبة مُبتَدأَة وَإِنَّمَا سمى بيعا مجَازًا (إنْجَاح)
قَوْله
[2272]
اشْترى صَفِيَّة بسبعة أرؤس هَذَا مُخَالف لما هُوَ عِنْد النَّسَائِيّ وَغَيره من ان النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لدحية خُذ من السَّبي جَارِيَة غَيرهَا وَكَانَت وَقعت فِي سهم دحْيَة فَلَعَلَّهُ لما أمره صلى الله عليه وسلم بِأخذ الْجَارِيَة الْوَاحِدَة غَيرهَا لم يرض بذلك لِأَن صَفِيَّة كَانَت سيدتهم وَبنت رئيسهم فَعوضهُ صلى الله عليه وسلم بسبعة ارؤس وَالله اعْلَم (إنْجَاح)
قَوْله
[2273]
الرِّبَا سَبْعُونَ حوبا الْحُوب الذَّنب وَمِنْه قَوْله تَعَالَى انه كَانَ حوبا كَبِيرا أَي اثم الربوا وَلَا بُد هَذَا التَّقْدِير ليطابق قَوْله
[2274]
أيسرها أَن ينْكح أمه أَي يجامعه (إنْجَاح)
قَوْله
[2275]
الرِّبَا ثَلَاثَة وَسَبْعُونَ بَابا قَالَ الْعِرَاقِيّ فِي تَخْرِيج الاحياء الْمَشْهُور انه بِالْمُوَحَّدَةِ وَكَذَا أوردهُ بن ماجة فِي أَبْوَاب التِّجَارَات وتصحف على الْغَزالِيّ بِالْمُثَنَّاةِ فَأوردهُ فِي بَاب ذمّ الجاه والرياء قَالَ وَقد روى الْبَزَّار حَدِيث بن مَسْعُود بِلَفْظ الرِّبَا بضع وَسَبْعُونَ بَابا وَالشِّرَاء مثله وَهَذِه الزِّيَادَة قد يسْتَدلّ بهَا على انه الرِّيَاء بِالْمُثَنَّاةِ لاقترانه بالشرك انْتهى (زجاجة)
قَوْله
[2276]
ان اخر مَا نزلت اية الرِّبَا الخ وَهِي الَّذين يَأْكُلُون الرِّبَا لَا يقومُونَ الْآيَة فَهِيَ غير مَنْسُوخَة وَلَا مشتبهة فَلِذَا لم يُفَسِّرهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَوْله فدعوا الرِّبَا والريبة أَي فاتركوا الْحِيلَة فِي حلهَا وَهِي المُرَاد بالريبة طيبي
قَوْله فدعوا الرِّبَا والريبة قَالَ فِي النِّهَايَة قيل إِنَّمَا هِيَ ربية من الرِّبَا كالحبية من الاحتباء والربية بِضَم الرَّاء وخفة لُغَة فِي الرِّبَا وَالْقِيَاس ربوة وَالَّذِي جَاءَ فِي الحَدِيث ربية بِالتَّشْدِيدِ لم تعرف فِي اللُّغَة قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ سَبِيلهَا ان تكون فعولة من الرِّبَا زجاجة للسيوطي
[2280]
إِلَى أجل مَعْلُوم قَالَ الْعَيْنِيّ والْحَدِيث حجَّة على الشَّافِعِي وَمن مَعَه فِي عدم اشْتِرَاط الاجل وَهُوَ مُخَالفَة للنَّص الصَّرِيح ثمَّ انه اخْتلفُوا فِي حد الاجل فَقَالَ بن حزم الاجل سَاعَة فَمَا فَوْقهَا وَعند بعض أَصْحَابنَا لَا يكون أقل من نصف يَوْم وَعند بَعضهم لَا يكون أقل من ثَلَاثَة أَيَّام وَقَالَت الْمَالِكِيَّة يكره أقل من يَوْمَيْنِ وَقَالَ اللَّيْث خَمْسَة عشر يَوْمًا انْتهى
قَوْله
[2281]
فَقَالَ ان بني فلَان أَسْلمُوا الْقَوْم من الْيَهُود أَي كنى عبد الله بن سَلام يَبْنِي فلَان عَن قوم من الْيَهُود وَأخْبر بِأَنَّهُم أَسْلمُوا أَي آمنُوا وَقَوله من عِنْده هَذِه جملَة شَرْطِيَّة محذوفة الْجَزَاء أَي من كَانَ عِنْده شَيْء من المَال فليسلم إِلَيْهِم أَي فليعقد عقد السّلم مَعَهم وَعَلِيهِ يدل قَوْله فَقَالَ رجل من الْيَهُود عِنْدِي كَذَا وَكَذَا وَقَوله لَيْسَ من حَائِط بني فلَان أَي لَيْسَ هَذَا الشَّرْط مُعْتَبرا فِي الشَّرْع لِأَن بعض الْحِيطَان يهْلك ثمارها فِي بعض الاحيان فَلَيْسَ فِي وسع الرجل الايفاء من حَائِط معِين بل يَكْفِي فِي بَيَان الْمُسلم فِيهِ الْقدر وَالْجِنْس وَالصّفة وَالنَّوْع والاجل (إنْجَاح)
قَوْله
[2282]
فِي السّلم يَعْنِي هَل يجوز السّلم الى من لَيْسَ عِنْده الْمُسلم فِيهِ فِي تِلْكَ الْمدَّة قَالَ الْكُوفِيُّونَ وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ ان السّلم لَا يجوز الا ان يكون الْمُسلم فِيهِ مَوْجُودا فِي أَيدي النَّاس فِي وَقت العقد الى حِين حُلُول الاجل فَإِن انْقَطع فِي شَيْء من ذَلِك لم يجز وَهُوَ مَذْهَب بن عمر رض وَابْن عَبَّاس رض وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَأَبُو ثَوْر يجوز السّلم فِيمَا هُوَ مَعْدُوم فِي أَيدي النَّاس إِذا كَانَ مَأْمُون الْوُجُود عِنْد حُلُول الاجل فِي الْغَالِب فَإِن كَانَ يَنْقَطِع لم يجز عَيْني
قَوْله
[2283]
الى غَيره الضَّمِير فِي غَيره اما رَاجع الى الْمُخَاطب أَي لاتبعه من غير قبل الْقَبْض أَو الى الشَّيْء أَي لَا تتبدل الْمَبِيع قبل الْقَبْض بِغَيْرِهِ سيد
قَوْله
[2284]
حَتَّى يَبْدُو صَلَاحه اسْتدلَّ بَعضهم بِهَذَا الحَدِيث وَنَحْوه على جَوَاز السّلم فِي النّخل الْمعِين من الْبُسْتَان الْمعِين لَكِن بعد بَدو صَلَاحه وَهُوَ مَذْهَب الْمَالِكِيَّة أَيْضا وَهَذَا الِاسْتِدْلَال ضَعِيف قَالَ بن الْمُنْذر اتِّفَاق الْأَكْثَر على منع السّلم فِي بُسْتَان معِين لِأَنَّهُ غرر وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة أَيْضا عَيْني مُخْتَصرا
قَوْله السّلم فِي الْحَيَوَان قَالَ التِّرْمِذِيّ اخْتلفُوا فِي السّلم فِي الْحَيَوَان فَرَأى بعض أهل الْعلم من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَغَيرهم السّلم فِي الْحَيَوَان جَائِزا وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَأحمد وَإِسْحَاق وَكره بعض أهل الْعلم من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَغَيرهم السّلم فِي الْحَيَوَان وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَأهل الْكُوفَة انْتهى لِأَن الْحَيَوَان لَا يتَعَيَّن لاجل التَّفَاوُت الْفَاحِش فِي افراده وَحَدِيث الْبَاب لَيْسَ فِيهِ دَلِيل على جَوَاز السّلم إِذا السّلف رُبمَا يُطلق على الْقَرْض فَالظَّاهِر انه المُرَاد فِي حَدِيث الْبَاب يدل عَلَيْهِ قَوْله صلى الله عليه وسلم إِذا جَاءَ أهل الصَّدَقَة فقضيناك لِأَنَّهُ لَيْسَ اجلا مَعْلُوما (إنْجَاح)
قَوْله
[2285]
استسلف أَي اقرض فِيهِ حجَّة لمن قَالَ بِجَوَاز قرض الْحَيَوَان وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَأجَاب المانعون بِأَنَّهُ مَنْسُوخ بأية الربوا وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وفقهاء الْكُوفَة قَالُوا ان استقراض الْحَيَوَان لَا يجوز فَلَا يجوز الاستقراض الا مِمَّا لَهُ مثل كالمكيلات والموزونات والعدديات المتقاربة فَلَا يجوز قرض مَا لَا مثل لَهُ لِأَنَّهُ لَا سَبِيل الى إِيجَاب رد الْعين والى إِيجَاب الْقيمَة لاخْتِلَاف تَقْوِيم المقومين فَتعين ان الْوَاجِب رد الْمثل فَيخْتَص جَوَازه بِمَالِه مثل كَذَا فِي الْعين
قَوْله
[2288]
اشتركت انا وَسعد وعمار الخ صُورَة هَذِه الشّركَة شركَة التقبل تسمى شركَة الصَّنَائِع والاعمال والابدان وَهِي ان يتَّفقَا صانعان على ان يتقبلا الْأَعْمَال الَّتِي يُمكن اسْتِحْقَاقهَا وَمِنْه تَعْلِيم الْكِتَابَة وَالْقُرْآن وَالْفِقْه على الْمُفْتِي بِهِ وَيكون الْكسْب بَينهمَا على مَا شرطا مُطلقًا فِي الْأَصَح لِأَنَّهُ لَيْسَ بِرِبْح بل عمل فصح تقويمه كَمَا فِي الدّرّ الْمُخْتَار الظَّاهِر ان هَذِه لَيست بشركة فَاسِدَة كاحتشاش واصطياد وَسَائِر الْمُبَاحَات لِأَن الْمُقَاتلَة من جملَة الصَّنَائِع وَلِهَذَا ترى النَّاس يَأْخُذُونَ فنونها وقواعدها من اساتذة هذاالفن (إنْجَاح)
قَوْله
[2289]
والمقارضة فسروها بالمضاربة وَهُوَ ان يدْفع الى أحد مَالا ليتجر فِيهِ وَالرِّبْح بَينهمَا على مَا يشترطان لِأَنَّهُ عقد على الضَّرْب فِي الأَرْض وَالسَّعْي فِيهَا كَذَا فِي الْقَامُوس
قَوْله
[2291]
وان أبي يُرِيد ان يجتاح أَي يستأصل وَمِنْه الْجَائِحَة بِمَعْنى الشدَّة والهلكة وَهَذِه النَّفَقَة وَاجِبَة على مُوسر وَلَو صَغِيرا يسَار الْفطْرَة على الارجح وَفِي الْخُلَاصَة المختاران الْكسْوَة تدخل فِي نَفَقَة أَبَوَيْهِ وَفِي الْمُنْتَقى للْفَقِير ان يسرق من ابْنه الْمُوسر مَا يَكْفِيهِ ان أَبى وَلَا قاضى ثمه والا اثم ثمَّ النَّفَقَة بَين الابْن وَالْبِنْت بِالسَّوِيَّةِ وَقيل كالارث وَبِه قَالَ الشَّافِعِي كَذَا فِي الدّرّ (إنْجَاح)
[2293]
خذي لَك ولولدك مَا يَكْفِيك بِالْمَعْرُوفِ وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ خذي مَا يَكْفِيك وولدك فَلَا اشكال فِي هَذَا التَّرْكِيب واما رِوَايَة الْمُؤلف فَلَا بُد فِيهَا من تَقْدِير لكَي يَصح عطف ولدك عَلَيْهِ بِأَن يُقَال خذي لَك ولولدك مَا يَكْفِيك وإياه ان كَانَ ولدك مجرورا وخذي أَنْت وولدك انكان مَرْفُوعا وَيحْتَمل ان يكون الْوَاو بِمَعْنى مَعَ فَيكون ولدك مَنْصُوبًا لِأَنَّهُ مفعول مَعَه وَمَعْنَاهُ عِنْد الْحَنَفِيَّة خذي من جنس حَقك مَا يَكْفِيك لَا مُطلقًا (إنْجَاح)
قَوْله خذي مَا يَكْفِيك الخ فِيهِ ان من لَهُ حق على غَيره وَهُوَ عَاجز عَن اسْتِيفَائه يجوز لَهُ ان يَأْخُذ من مَاله قدر حَقه بِغَيْر اذنه قَالَ الطَّيِّبِيّ وَمنعه مَالك وَأَبُو حنيفَة وان للْمَرْأَة مدخلًا فِي كَفَالَة أَوْلَادهَا والانفاق عَلَيْهِم من مَال أَبِيهِم وان القَاضِي يقْضِي بِعِلْمِهِ لِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لم يكلفها بِالْبَيِّنَةِ وَقَوله بِالْمَعْرُوفِ يدل على ان النَّفَقَة بِقدر من غير اسراف وتقتير لمعات
قَوْله
[2295]
لَا تنْفق الْمَرْأَة الخ قَالَ محيي السّنة الْعَمَل على هَذَا عِنْد عَامَّة أهل الْعلم ان الْمَرْأَة لَيْسَ لَهَا ان يتَصَدَّق بِشَيْء من مَال الزَّوْج دون اذنه وَكَذَلِكَ الْخَادِم ويأثمان ان فعلا ذَلِك وَحَدِيث عَائِشَة خَارج على عَادَة أهل الْحجاز انهم يطلقون الْأَمر للأهل وَالْخَادِم فِي الْإِنْفَاق وَالتَّصَدُّق مِمَّا يكون فِي الْبَيْت إِذا حضرهم السَّائِل أَو نزل بهم الضَّيْف وخصهم على لُزُوم تِلْكَ الْعَادة طيبي
قَوْله
[2296]
يُجيب دَعْوَة الْمَمْلُوك مطابقته بالترجمة ان دَعْوَة الْمَمْلُوك مَا كَانَ الا من مَال سَيّده فَلَو لم يكن هَذَا الْعَطاء جَائِزا للْعَبد لما قبل دَعوته صلى الله عليه وسلم وَهَذَا مَحْمُول فِيمَا يتَسَامَح بِهِ سَيّده وَلَا يتَضَرَّر بِهِ كاعطاء اللُّقْمَة القليلة مثلا أَو يُجِيز سَيّده هَذِه التَّصَرُّفَات فِي حَقه فَصَارَ ماذونا فِيهِ وَفِيه دَلِيل على كَمَال تواضعه صلى الله عليه وسلم (إنْجَاح)
قَوْله
[2297]
فَقلت لَا انْتهى أَي لَا أمتنع من إطْعَام مِسْكين إِذا استطعمني فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم لمَوْلَاهُ الْأجر بَيْنكُمَا فَلم تَمنعهُ وَلَعَلَّ مَوْلَاهُ علم أَن الْأجر بإعطائه مُحَصل لَهُ فَيبقى النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَا انتقش فِي ذهنه (إنْجَاح)
قَوْله مَا اطعمته إِذا كَانَ جائعا أَو ساغبا وهما بِمَعْنى وَاحِد أَي كَانَ اللَّازِم عَلَيْك اطعامه فِي حَالَة الْجُوع لِأَنَّهُ كَانَ ضيفا لَك وَقَوله
[2298]
وَلَا عَلمته إِذا كَانَ جَاهِلا بِأَن مَال الْغَيْر لَا يحل لَك فَإِن الْجَاهِل العَاصِي يعْذر وَقد رخص بَعضهم لِابْنِ السَّبِيل فِي أكل الثِّمَار للْغَيْر لما روى عَن بن عمر كَمَا سَيَأْتِي إِذا مر أحدكُم بحائط الخ وَعند أَكْثَرهم لَا يُبَاح الا بِإِذن الْمَالِك الا لضَرُورَة المجاعة وحملوا أَحَادِيث الْبَاب على ذَلِك لِأَنَّهَا لَا تقادم النُّصُوص الَّتِي وَردت فِي تَحْرِيم مَال الْمُسلم والمضطر ان وجد ميتَة وَطَعَامًا لغيره الْأَصَح عندنَا ان يَأْكُل الْميتَة لَا الطَّعَام ذكره الطَّيِّبِيّ (إنْجَاح)
قَوْله
[2299]
وكل مِمَّا سقط تقدم تَحْقِيقه سَابِقًا وَحمل بَعضهم هَذَا الْأَمر على الْعرف فَإِن عرف بعض الْبِلَاد انهم لَا يمْنَعُونَ من أَخذ مَا سقط فِي اسافل الشّجر عِنْد عدم اتِّخَاذ الخبنة فجريان الْعرف دَلِيل قوي على عدم تَحْرِيمهَا فَإِن الْعرف لَهُ مدْخل عَظِيم فِي الْحل وَالْحُرْمَة كَمَا بَين فِي كتب الْفِقْه (إنْجَاح)
قَوْله
[2302]
فينتثل طَعَامه أَي يسْتَخْرج وَيُؤْخَذ من نثل الرَّكية ينثلها استخرج ترابها ونثل الكنانة استخرج نبلها ونثرها كَذَا فِي الْقَامُوس حَاصله انه كَمَا يكون لأهل الزَّرْع زراعتهم فِي تَحْصِيل الْقُوت كَذَلِك أَي يكون لأهل الضَّرع لبن مَوَاشِيهمْ فَكَمَا ان السّرقَة حرَام من مشربَة الطَّعَام والمشربة بِفَتْح الرَّاء وَقد يضم وَفتح الْمِيم الغرفة والعلية تكون لحفظ الطَّعَام كَذَلِك ضروع مَوَاشِيهمْ مَحل حفظ طعامهم وَهُوَ اللَّبن فَلَا يحل حلب مَوَاشِيهمْ بِدُونِ اذنهم (إنْجَاح)
قَوْله
[2303]
عَن سليط بن عبد الله الطهوي بِضَم الطَّاء وَفتح الْهَاء كَذَا فِي التَّقْرِيب قَالَ فِي الْقَامُوس طهية كسمية قَبيلَة وَالنِّسْبَة طهوى بِسُكُون الْهَاء وَضم الطَّاء وَفتحهَا وَقد يفتح هاءهما إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الْمُحدث الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي
قَوْله إِذْ رَأينَا بِلَا مصرورة بعضاه الشّجر الخ المصرورة من صر النَّاقة وَبهَا يصرها بِالضَّمِّ صرا شدّ ضرْعهَا كَذَا فِي الْقَامُوس وَفِي الْمجمع من عَادَتهم ان تصر ضروع الحلوبات إِذا أرْسلت الى المرعى فَإِذا راحت عشيا حلت تِلْكَ الاصرة وحلبت فَهِيَ مصرورة ومصررة والصرار بِكَسْر أَوله الرِّبَاط انْتهى والعضاة والعضاهة بِالْكَسْرِ أعظم الشّجر والخبط أَو كل ذَات شوك أَو مَا طَال مِنْهَا وَعظم والعضة كعنب والقمة بِالْكَسْرِ وَتَشْديد الْمِيم بِمَعْنى الشَّحْم وَالسمن وَهَهُنَا بِمَعْنى الْقُوت من قَوْلهم قُمْت الشَّاة أَي أكلت وقم الرجل أَي أكل مَا على الخوان كَذَا فِي الْقَامُوس وَقَوله بعد الله أَي بعد حفظ الله تَعَالَى وحمايته لَهُ هَذَا الرزق بِسَبَب ظَاهر التقوية ابدانهم (إنْجَاح)
قَوْله إِذا رَأينَا ابلا مصرورة قَالَ فِي النِّهَايَة كَانَ من عَادَة الْعَرَب إِن تصر ضروع الحلوبات إِذا أرسلوها إِلَى المراعي سارحة ويسمون ذَلِك الرباطة فَإِذا رجعت عشيا حلت تِلْكَ الأصرة وحليت فَهِيَ مصرورة ومصررة قَوْله بعضاه الشّجر العضاه شجر أم غيلَان وكل شجر عَظِيم لَهُ شوك الْوَاحِد عضة بِالتَّاءِ واصله عضهة وَقيل واحده عضاهة وعضهت العضة قطعتها (زجاجة)
قَوْله
[2305]
الْإِبِل عز لأَهْلهَا الخ أَي سَبَب الْغرُور والتكبر كَمَا فِي الحَدِيث الاخر الْخُيَلَاء فِي الْفَدادِين من أهل الْوَبر والسكنية فِي أهل الْغنم وَقَوله وَالْخَيْر مَعْقُود الخ إِشَارَة الى فَضِيلَة الْجِهَاد (إنْجَاح)
[2307]
باتخاذ الْغنم الخ قَالَ الشَّوْكَانِيّ حَدِيث أَمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الاغنياء باتخاذ الْغنم وامر الْفُقَرَاء باتخاذ الدَّجَاج رَوَاهُ بن عدي عَن بن عَبَّاس مَرْفُوعا وَكَذَا الْعقيلِيّ وَقَالَ لَا يَصح وَفِي إِسْنَاده على بن عُرْوَة وَضاع قلت وَكَذَلِكَ سَاقه الْمُؤلف من طَرِيق عَليّ بن عُرْوَة ذكر فِي التَّقْرِيب على بن عُرْوَة الْقرشِي الدِّمَشْقِي مَتْرُوك من الثَّامِنَة (إنْجَاح)
قَوْله
[2308]
فقد ذبح بِغَيْر سكين قَالَ فِي النِّهَايَة مَعْنَاهُ التحذير من طلب الْقَضَاء والحرص عَلَيْهِ أَي من تصدى للْقَضَاء وتولاه فقد تعرض للذبح فليحذر وَالذّبْح هُنَا مجَاز عَن الْهَلَاك فَإِنَّهُ من أسْرع أَسبَابه وَقَوله بِغَيْر سكين يحْتَمل وَجْهَيْن أَحدهمَا الذّبْح فِي الْعرف إِنَّمَا يكون بالسكين قعدل عَنهُ ليعلم ان الَّذِي أَرَادَ بِهِ مَا يخَاف عَلَيْهِ من هَلَاك دينه دون هَلَاك بدنه وَالثَّانِي ان الَّذِي يَقع بِهِ رَاحَة للذبيحة وخلاصها من الالم إِنَّمَا يكون بالسكين فَإِذا ذبح بِغَيْر سكين كَأَنَّهُ ذبحه تعذيبا لَهُ فَضرب بِهِ الْمثل ليَكُون ابلغ فِي الحذر وَأَشد فِي التوقي مِنْهُ مِصْبَاح الزجاجة
قَوْله فقد ذبح بِغَيْر سكين قَالَ الطَّيِّبِيّ أَرَادَ بِهِ الْقَتْل بِغَيْر سكين كالخنق والتغريق وَنَحْوه فَإِنَّهُ اصعب أَو أَرَادَ هَلَاك دينه وشتان بَين ذبحتين فَإِن الذّبْح بالسكين عناء سَاعَة والاخر عناء عمر وَيُمكن ان يُقَال أَرَادَ انه جعل قَاضِيا فَيَنْبَغِي ان يَمُوت جَمِيع دواعيه الخبيثة وشهواته الردية وَعَلِيهِ فالقضاء مَرْغُوب فِيهِ وَعلي الْأَوَّلين مرهوب عَنهُ فَإِن خطره كثير لِأَنَّهُ قَلما عدل القَاضِي لِأَن النَّفس مائلة الى من يُحِبهُ ويخدمه أَو من لَهُ منصبة يتَوَقَّع جاهه انْتهى
قَوْله
[2313]
لعنة الله على الراشي وَهُوَ الْمُعْطِي والمرتشي وَهُوَ الاخذ وَإِنَّمَا يلحقهما الْعقُوبَة إِذا اسْتَويَا فِي الْقَصْد والإرادة فرشى الْمُعْطِي لينال بِهِ بَاطِلا ويتوصل بِهِ الى ظلم فَأَما إِذا أعْطى ليتوصل بِهِ الى حق أَو ليدفع بِهِ عَن نَفسه مضرَّة فَإِنَّهُ غير دَاخل فِي هَذَا الْوَعيد هَذَا مَا قَالَه الطَّيِّبِيّ وَقَالَ الشَّيْخ هَذَا يَنْبَغِي ان يكون فِي غير الْقُضَاة والولاة لِأَن السَّعْي فِي إِصَابَة الْحق الى مُسْتَحقّه وَدفع الظُّلم عَن الْمَظْلُوم وَاجِب عَلَيْهِم فَلَا يجوز لَهُم الاخذ عَلَيْهِ وَأَيْضًا قيل إِذا كَانَ عمل يسْتَأْجر عَلَيْهِ بِمِقْدَار هَذِه الْأُجْرَة فيأخذها لَا يحرم واما كلمة أَو عمل قَلِيل لَا يُؤْخَذ عَلَيْهِ هَذِه الْأُجْرَة فَهُوَ حرَام انْتهى
قَوْله
[2315]
لقلنا ان القَاضِي الخ جَزَاء لَوْلَا حَدِيث بن بُرَيْدَة الخ يَعْنِي حَدِيث بن بُرَيْدَة نفي هَذَا الحكم وَهُوَ ان القَاضِي الْمُجْتَهد فِي الْجنَّة لِأَنَّهُ فِي حَدِيثه رجل علم الْحق فَقضى بِهِ وَالْعلم يُنَافِي الِاجْتِهَاد فَإِن الْمُجْتَهد بَين الظنين وبالعلم يبْقى الظَّن الْوَاحِد وَهُوَ الصَّوَاب لَكِن هَذَا الحَدِيث مَحْمُول على التهديد والا فالمجتهد الْمُصِيب لَهُ اجران والمخطئ لَهُ أجر وَاحِد كَمَا مر من حَدِيث عَمْرو بن الْعَاصِ وَإِذا حمد صلى الله عليه وسلم حِين قَالَ معَاذ اجْتهد برأيي بعد كتاب الله وَسنة رَسُوله صلى الله عليه وسلم وَلَو لم يكن الْأَمر كَذَلِك بِحَيْثُ لَا يحكم على النَّاس بِالِاجْتِهَادِ فِي قضاياهم لهلكوا وَفَسَد مَعَايشهمْ لِأَن كل حكم من الاحكام يرْوى بِعَيْنِه الْبَتَّةَ وَلذَلِك روى عَن بعض السّلف لَو لم يعْذر الله تَعَالَى دَاوُد عليه السلام حِين حكم فِي نفش غنم الْقَوْم فِي زرع الْغَيْر وَخَالفهُ سُلَيْمَان عليه السلام فَحَمدَ سُلَيْمَان يَقُوله ففهمناها سُلَيْمَان وَعذر دَاوُد عليه السلام بقوله وكلا اتيناه حكما وعلما لهلك الْقُضَاة إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي عَم فيضهم
قَوْله لقلنا ان القَاضِي الخ أَقُول قد خَفِي وَجه التطبيق على أبي هَاشم والا فَلَا تعَارض بَينهمَا لِأَن قَول الْحَاكِم إِذا اجْتهد فَلهُ أجر وان أَخطَأ فِيمَا إِذا كَانَ مُسْتَوْفيا بشرائط الِاجْتِهَاد وبذل وَسعه فِي اسْتِخْرَاج الحكم من المدارك الشَّرْعِيَّة وَقَوله قضى النَّاس على جهل فِيمَا إِذا لم يكن مُسْتَوْفيا شَرَائِط الِاجْتِهَاد أَو لم يبْذل وَسعه فِي اسْتِخْرَاج الحكم من المدارك الشَّرْعِيَّة بل اسْتندَ الى الرَّائِي الْمَحْض لمولانا الْمُحدث الشَّيْخ عبد الْعَزِيز الدهلوي قدس سره
قَوْله
[3317]
وَلَعَلَّ بَعْضكُم ان يكون الحن الخ قَالَ فِي النِّهَايَة اللّحن الْميل عَن جِهَة الاسْتقَامَة لحن فِي كَلَامه إِذا مَال عَن صَحِيح الْمنطق أَرَادَ ان بَعْضكُم يكون اعرف بِالْحجَّةِ وافطن لَهَا من غَيره لحنت لفُلَان إِذا قلت لَهُ قولا تفهمه وتخفي على غَيره لِأَنَّك تميله بالتورية عَن الْوَاضِح الْمَفْهُوم انْتهى قَالَ النَّوَوِيّ فَإِن قيل هَذَا يدل على انه صلى الله عليه وسلم قد يقر على الْخَطَأ وَقد اطبق الاصوليون على انه لَا يقر عَلَيْهِ أُجِيب بِأَنَّهُ فِيمَا حكم الِاجْتِهَاد وَهَذَا فِي فصل الْخُصُومَات بِالْبَيِّنَةِ والاقرار والنكول وَهُوَ حجَّة لِلْجُمْهُورِ والائمة الثَّلَاثَة على أبي حنيفَة فِي انه يحل وطي من حكم بنكاحها زور وَلَا يحل الْأَمْوَال مَعَ ان الابضاع أولى بِالِاحْتِيَاطِ انْتهى قَالَ الطَّيِّبِيّ اللّحن صرف الْكَلَام عَن سنَنه بِإِزَالَة اعراب أَو تَصْحِيف وَهُوَ المذموم لَا لصرف بِنَحْوِ تَعْرِيض أَي هُوَ أبين كلَاما واقدر على الْحجَّة وَنبهَ بقوله إِنَّمَا انا بشر ان الْوَضع الْبُشْرَى يَقْتَضِي ان لَا يدْرك من الْأُمُور الا ظَاهرهَا وعصمته انما هُوَ عَن الذُّنُوب فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم لم يُكَلف فِيمَا لم ينزل الا مَا كلف غَيره وَهُوَ الِاجْتِهَاد انْتهى قَوْله قِطْعَة من نَار قَالَ الْكرْمَانِي أَي حرَام عَلَيْهِ مرجعه النَّار وَفِيه ان حكم الْحَاكِم لَا ينعذ بَاطِنا وَلَا يحل حَرَامًا
[2321]
لَو يعْطى النَّاس الخ قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا الحَدِيث قَاعِدَة كَبِيرَة من قَوَاعِد احكام الشَّرْع فَفِيهِ انه لَا يقبل قَول الْإِنْسَان فِيمَا يَدعِيهِ بِمُجَرَّد دَعْوَاهُ بل يحْتَاج الى بَيِّنَة أَو تَصْدِيق الْمُدَّعِي عَلَيْهِ فَإِن طلب يَمِين الْمُدعى عَلَيْهِ فَلهُ ذَلِك وَقد بَين صلى الله عليه وسلم الحكم فِي كَونه لَا يعْطى بِمُجَرَّد دَعْوَاهُ لِأَنَّهُ لَو كَانَ أعْطى بمجردها لادعى قوم دِمَاء قوم وَأَمْوَالهمْ واستبيح وَلَا يُمكن الْمُدعى عَلَيْهِ ان يصون مَاله وَدَمه وَأما الْمُدَّعِي فيمكنه صيانتها بِالْبَيِّنَةِ وَفِي هَذَا الحَدِيث دلَالَة لمَذْهَب أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَالْجُمْهُور من سلف الْأمة وَخَلفهَا ان الْيَمين تتَوَجَّه على كل من ادّعى عَلَيْهِ حق سَوَاء كَانَ بَينه وَبَين الْمُدَّعِي اخْتِلَاط أم لَا وَقَالَ مَالك وَجُمْهُور اصحابه وَالْفُقَهَاء السَّبْعَة فُقَهَاء الْمَدِينَة ان الْيَمين لَا تتَوَجَّه الا على من بَينه وَبَينه خلْطَة لِئَلَّا يبتذل السُّفَهَاء أهل الْفضل بتحليفهم مرَارًا فِي الْيَوْم الْوَاحِد فاشترطت الْخلطَة دفعا لهَذِهِ الْمفْسدَة وَاخْتلفُوا فِي تَفْسِير الْخلطَة فَقيل هِيَ مَعْرفَته بمعاملته ومدانيته بِشَاهِد أَو شَاهِدين وَقيل يَكْفِي الشُّبْهَة وَقيل هِيَ ان يَلِيق بِهِ الدَّعْوَى بِمِثْلِهَا على مثله وَقيل ان يَلِيق بِهِ ان يعاملها بِمِثْلِهَا وَدَلِيل الْجُمْهُور حَدِيث الْبَاب وَلَا أصل لاشْتِرَاط الْخلطَة فِي كتاب وَلَا سنة وَلَا إِجْمَاع انْتهى
قَوْله وَلَكِن الْيَمين على الْمُدعى عَلَيْهِ وَلم يذكر فِي هَذَا طلب الْبَيِّنَة من الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ ثَابت مُقَرر فِي الشَّرْع فَكَأَنَّهُ قَالَ الْبَيِّنَة على الْمُدَّعِي فَإِن لم يكن لَهُ بَيِّنَة فاليمين على الْمُدعى عَلَيْهِ (إنْجَاح)
قَوْله
[2323]
وَهُوَ فِيهَا فَاجر إِنَّمَا لم يقل كَاذِب لِأَن الْكَذِب عدم مُطَابقَة الْوَاقِع وَرُبمَا لَا يكون الْخَبَر مطابقا للْوَاقِع ويعتقه الْحَالِف مطابقا لَهُ فَيحلف عَلَيْهِ وَلَا يسْتَحق الْوَعيد لِأَن معرفَة الْوَاقِع لَيْسَ فِي سَعَة وَلَا يُكَلف الله نفسا الا وسعهَا فاورد لفظ فَاجر أشعارا بَان الْوَعيد على من حلف على يَمِين كَاذِبَة مَعَ اعْتِقَاد كَونهَا كَاذِبَة لِأَن الْفُجُور إِنَّمَا يتَحَقَّق بِهِ مَوْلَانَا الْمُحدث الدهلوي الْعَلامَة الشَّيْخ عبد الْعَزِيز قدس الله اسراره
قَوْله
[2325]
بِيَمِين آثمة أَي ذَات اثم وَلم يقل كَاذِبَة لِأَن الْكَذِب عدم مُطَابقَة الْوَاقِع وَرُبمَا لَا يكون الْخَبَر مطابقا للْوَاقِع ويعتقد الْحَالِف مطابقته فَيحلف عَلَيْهِ وَلَا يسْتَحق الْوَعيد لِأَن معرفَة الْوَاقِع لَيْسَ فِي وَسعه وَلَا يُكَلف الله نفسا الا وسعهَا فلفظه آثمة وفاجرة اشعار بِأَن الْوَعيد لمن حلف على يَمِين كَاذِبَة مَعَ اعْتِقَاد كَونهَا كَاذِبَة (إنْجَاح)
قَوْله عِنْد منبري هَذَا يدل على التَّغْلِيظ فِي الْيَمين بِحَسب الْمَكَان كَمَا يغلظ بِحَسب الازمان مثل بعد صَلَاة الْعَصْر وَقيل كَانَت عَادَتهم فِي زمن النَّبِي صلى الله عليه وسلم التخاصم فِي الْمَسْجِد عِنْد الْمِنْبَر فَيَقَع الْحلف عِنْده فَلذَلِك خص الْمِنْبَر بِالذكر لمعات
قَوْله
[2326]
وَهُوَ أَبُو يُونُس الْقوي إِنَّمَا سمى الْقوي لقُوته على الْعِبَادَة وَالطّواف لِأَنَّهُ بَكَى حَتَّى عمي وَصَامَ حَتَّى حَتَّى صلى وَقَامَ حَتَّى قعد وعيي وَكَانَ يطوف بِالْبَيْتِ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة سبعين اسبوعا كَمَا ذكره الْحَافِظ بن حجر فِي التَّهْذِيب (إنْجَاح)
قَوْله
[2329]
ان يستهما على الْيَمين أَي اقترعا قَالَ الطَّيِّبِيّ صُورَة المسئلة ان رجلَيْنِ إِذا تداعيا مَتَاعا فِي يَد ثَالِث وَلم يكن لَهما بَيِّنَة وَقَالَ الثَّالِث لم اعْلَم بذلك فَحكمهَا ان تقرع بَين المتداعيين فَأَيّهمَا خرجت الْقرعَة يحلف مَعهَا وَيَقْضِي لَهُ بذلك الْمَتَاع يَعْنِي ان الْمُدعى عَلَيْهِ غير مُنكر بل يَقُول لَا اعْلَم لمن هُوَ فَفِي هَذِه الصُّورَة يحلف أحد المتداعيين الَّذِي خرجت لَهُ الْقرعَة وَكَانَ ذَلِك لكَون كل مِنْهُمَا مُنكر الْحق الاخر وَالله أعلم لمعات
قَوْله
[2330]
وَلَيْسَ لوَاحِد مِنْهُمَا بَيِّنَة وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد فَبعث كل وَاحِد مِنْهُمَا شَاهِدين قَالَ الْقَارِي يجوز ان يكون الْقِصَّة مُتعَدِّدَة وَيجوز ان يكون متحدة الا ان الشَّهَادَتَيْنِ لما تَعَارضا تساقطا فتصيرا كمن لَا بَيِّنَة لَهما انْتهى
قَوْله
[2332]
دخلت فِي حَائِط قوم الخ وَذَلِكَ لِأَن الْعرف على ان أَصْحَاب الحوائط يحفظونها بِالنَّهَارِ وَأَصْحَاب الْمَوَاشِي يحفظونها بِاللَّيْلِ فَإِذا حولوا الْعَادة كَانَ خَارِجا عَن رسوم الْحِفْظ هَذَا إِذا لم يكن مَالك الدَّابَّة مَعهَا فإنكان مَعهَا فَعَلَيهِ ضَمَان مَا أتلف سَوَاء كَانَ راكبها أَو سائقها أَو قائدها وَهَذَا مَذْهَب مَالك وَالشَّافِعِيّ وَذهب أَصْحَاب أبي حنيفَة الى انه إِذا لم يكن مَعهَا صَاحبهَا فَلَا ضَمَان لَيْلًا كَانَ أَو نَهَارا سيد
قَوْله
[2333]
فَدَفعهَا الى حَفْصَة الخ كَانَ هَذَا الضَّمَان صوريا فَإِن القصعتين كَانَتَا للنَّبِي صلى الله عليه وسلم والا فالقصعات لَيست من ذَوَات الْأَمْثَال غَالِبا (إنْجَاح)
[2334]
غارت امكم من الْغيرَة الْخطاب بقوله غارت امكم عَام لكل من سمع بِهَذِهِ الْقِصَّة من الْمُؤمنِينَ اعتذارا مِنْهُ صلى الله عليه وسلم لِئَلَّا يكون صنيعها على مَا يذم بل يجرى على عَادَة الضرائر من الْغيرَة فَإِنَّهَا مركبة فِي نفس الْبشر بِحَيْثُ لَا يقدر ان يَدْفَعهَا عَن نَفسهَا وَقيل خطاب لمن حضر من الْمُؤمنِينَ طيبي
قَوْله فَلَا يمنعهُ اخْتلفُوا فِيهِ هَل هُوَ للنَّدْب أم على الْإِيجَاب وَفِيه قَولَانِ للشَّافِعِيّ ولاصحابه أصَحهمَا النّدب وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة وَالثَّانِي الْإِيجَاب وَبِه قَالَ أَحْمد وَأَصْحَاب الحَدِيث وَهُوَ الظَّاهِر من قَول أبي هُرَيْرَة مَالِي أَرَاكُم عَنْهَا معرضين الخ وَذَلِكَ لأَنهم توقفوا عَن الْعَمَل بِهِ وَمعنى قَوْله
[2335]
لأرمين بهَا بَين اكتافكم أَي اقضي لَهَا واصرحها واوجعكم بالتقريع بهَا كَمَا يضْرب الْإِنْسَان بالشَّيْء بَين كَتفيهِ وَأجَاب الاولون بِأَن اعراضهم إِنَّمَا كَانَ لأَنهم فَهموا مِنْهُ النّدب لَا الْإِيجَاب وَلَو كَانَ وَاجِبا لما اطبقوا على الاعراض عَنهُ طيبي
قَوْله
[2336]
من بلمغيرة أَي من بنى مُغيرَة وَقَوله اعْتِقْ أَحدهمَا أَي علق عتق عَبده على غرز خَشَبَة أَخِيه فِي جِدَاره أَي لَو أجَاز الشَّارِع بغرز خَشَبَة فِي جداري لاعتقت عَبدِي وَلذَلِك تكلّف بِبِنَاء الاسطوانه حِين علم بِالْحَدِيثِ بِاتِّفَاق رجال كثير من الْأَنْصَار
قَوْله
[2338]
اجعلوا الطَّرِيق سَبْعَة أَذْرع يَعْنِي إِذا كَانَ طَرِيق بَين ارْض قوم أَرَادوا عمارتها فَإِن اتَّفقُوا على شَيْء فَذَاك وان اخْتلفُوا فِي قدره جعل سَبْعَة أَذْرع هَذَا مُرَاد الحَدِيث وَأما إِذا وجد طَرِيق مسلوك وَهُوَ أَكثر من سَبْعَة أَذْرع فَلَا يجوز لأحد ان يستولي على شَيْء مِنْهُ لَكِن لَهُ عمَارَة مَا حواليه من الْموَات وتملكه بالاحياء بِحَيْثُ لَا يضر المارين طيبي ولمعات
قَوْله
[2340]
لَا ضَرَر وَلَا ضرار الضَّرَر بِكَسْر أَوله من ضاره وَالضَّرَر بِمَعْنى وَاحِد وَهُوَ خلاف النَّفْع كَذَا قَالَه الْجَوْهَرِي فالجمع بَينهمَا للتَّأْكِيد وَالْمَشْهُور ان بَينهمَا فرقا ثمَّ قيل للْأولِ الحاق مفْسدَة بِالْغَيْر مُطلقًا وَالثَّانِي الحاق مفْسدَة بِالْغَيْر على وَجه الْمُقَابلَة وَقَالَ بن حبيب الضَّرَر عِنْد أهل الْعَرَبيَّة الْإِثْم والضرار الْفِعْل فَمَعْنَى الأول لَا تدخل على أَخِيك ضَرَرا لم يدْخلهُ على نَفسه وَمعنى الثَّانِي لَا يضار أحد بِأحد وَفِيه تَفْصِيل سوى ذَلِك وَظَاهر الحَدِيث تَحْرِيم جَمِيع أَنْوَاع الضَّرَر الا بِدَلِيل لِأَن النكرَة فِي سِيَاق النَّفْي تعم وَاخْتلف المجتهدون فِي تصرف الْإِنْسَان فِي ملكه بِمَا يضر بجاره كفتح كوَّة وتعلية بِنَاء مشرف وَغَيرهمَا فأباحه الشَّافِعِي وان اضر بالمالك وَمنعه ان اضر بالمالك كَذَا ذكره بن حجر فِي الْفَتْح الْمُبين وَفِي الدّرّ يمْنَع صَاحب السّفل عَلَيْهِ علو من ان يتدا أَي يدق الوتد فِي سفله وَهُوَ الْبَيْت التحتاني أَو ينقب كوَّة بِلَا رِضَاء الاخر وَهَذَا عِنْده وَهُوَ الْقيَاس وَقَالَ الْكل يفعل مَا لَا يضر وَفِي النّصاب الأَصْل من تصرف فِي ملكه تَصرفا يضر بحارة ضَرَرا بَينا يمْنَع والا فَلَا وَعَلِيهِ الْفَتْوَى وَهَذَا الحَدِيث أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ عَن عَائِشَة وَأبي هُرَيْرَة مَعَ الشَّك وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم ذكره بن حجر وَفصل فِيهِ تَفْصِيلًا حسنا (إنْجَاح)
قَوْله
[2342]
من شاق الخ الشقاق الْخلاف والعداوة كَذَا فِي الْقَامُوس وشق بِمَعْنى صَعب يُقَال شقّ عَلَيْهِ أَي اوقعه فِي الْمَشَقَّة (إنْجَاح)
قَوْله
[2343]
يدعيان فِي خص هُوَ بِالضَّمِّ وَقيل بِالْكَسْرِ بَيت يعْمل من الْخشب والقصب وَجمعه خصاص واخصاص سمى بِهِ لما فِيهِ من الخصاص وَهِي الْفرج والأثقاب كَذَا فِي الْمجمع إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ الدهلوي
قَوْله عَن دهثم بمثلثة بن قرَان بِضَم الْقَاف وَتَشْديد الرَّاء العكلي وَيُقَال الْحَنَفِيّ الْيَمَانِيّ مَتْرُوك من السَّابِعَة كَذَا فِي التَّقْرِيب (إنْجَاح)
قَوْله يليهم القمط بِالْكَسْرِ حَبل يشد بِهِ الاخصاص وَالْمرَاد بهَا معاقد القمط والْحَدِيث ان صَحَّ فَهُوَ دَلِيل على الْقَضَاء بِالظَّاهِرِ وَلذَا قَالَ عُلَمَائِنَا الْجِدَار لمن كَانَ جذوعه عَلَيْهِ (إنْجَاح)
قَوْله
[2344]
فِي هَذَا الحَدِيث ابطال الْخَلَاص قيل صورته إِذا بَايع الرجل مَتَاعه من رجل اولا فَبَاعَ وَكيله من رجل آخر أَو بِالْعَكْسِ فَالْبيع للْأولِ مِنْهُمَا فَلَا يجْبر البَائِع الثَّانِي على تَخْلِيص الْمَبِيع من المُشْتَرِي الأول وان اشْترط عِنْد البيع لِأَن تصرف الأول نَافِذ قطعا (إنْجَاح)
قَوْله
[2345]
فجزاهم الخ من التجزية أَي قسمهم وَفِي التِّرْمِذِيّ فَقَالَ لَهُ قولا شَدِيدا أَي كَرَاهَة لفعله وتغليظا لَهُ بِعِتْق العبيد كلهم وَلَا مَال لَهُ سواهُم وَعدم رِعَايَة الْوَرَثَة وَلذَا انفذه من الثُّلُث شَفَقَة على الْيَتَامَى وَدلّ الحَدِيث على ان الاعتاق فِي مرض الْمَوْت ينفذ من الثُّلُث لتَعلق حق الْوَرَثَة بِمَالِه وَكَذَا التَّبَرُّع كَالْهِبَةِ وَنَحْوهَا كَذَا فِي اللمعات (إنْجَاح)
قَوْله
[2346]
ان رجلَيْنِ تدارا من الدرء وَهُوَ الدّفع أَي تدافعا واختصما وَذَلِكَ بَان ادّعى كل مِنْهُمَا انه اشْتَرَاهُ من فلَان وَلَعَلَّ البَائِع كَانَ غَائِبا وَلِهَذَا امرهما صلى الله عليه وسلم بالاستهام وَهُوَ طلب السهْم من الْقرعَة (إنْجَاح)
قَوْله
[2348]
وَجعل عَلَيْهِ ثُلثي الدِّيَة بِنَاء على انهم شُرَكَاء فِي الدعْوَة فَإِن سوى بَينهم جعل لكل وَاحِد مِنْهُم ثلث الدِّيَة إِذْ لَا بَيِّنَة لوَاحِد مِنْهُمَا وَلذَا احْتِيجَ الى الْقرعَة فالقرعة افاد لُحُوق النّسَب من الَّذِي خرجت لَهُ الْقرعَة وَلَا يلْزم مِنْهُ سُقُوط الدَّعْوَى مُطلقًا إِذا الْقرعَة للتخصيص لَا للاثبات فقد استوفى صَاحب الْقرعَة حَقه مَعَ حقيهما فَلذَلِك حكم كرم الله وَجهه بِثُلثي الدِّيَة وَهَذَا اجْتِهَاد مِنْهُ والا فقد أخرج أَبُو دَاوُد عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده ان النَّبِي صلى الله عليه وسلم قضى ان كَانَ من امة لم يملكهَا أَو من امة عاهر بهَا فَإِنَّهُ لَا يلْحق وَلَا يَرث وان كَانَ الَّذِي يدعى لَهُ هُوَ ادَّعَاهُ فَهُوَ ولد زنية من حرَّة كَانَ أَو من امة وَلذَا ضحك النَّبِي صلى الله عليه وسلم على قَضَائِهِ رض بِهَذَا الاسلوب العجيب قَوْله بَدَت نَوَاجِذه أَي أقْصَى الاضراس وَهِي أَرْبَعَة وَهِي الانياب أَو الَّتِي تلِي الانياب أَو هِيَ الاضراس كلهَا جمع ناجذ كَذَا فِي الْقَامُوس (إنْجَاح)
[2349]
فَرَأى أُسَامَة وزيدا وهما نائمان فِي الْمَسْجِد وَكَانَ المُنَافِقُونَ يقدحون فِي نسب أُسَامَة لكَونه اسود وَكَانَ زيد أَبيض وانكانت أم أُسَامَة وَهِي أم ايمن سَوْدَاء فَلَمَّا حكم هَذَا الْقَائِف بالحاق نسبه بزيد وَكَانَت الْعَرَب تعتمد قَول الْقَائِف فَرح النَّبِي صلى الله عليه وسلم لكَونه زاجرا لَهُم عَن اللَّعْن فِي نسبه وَلَا يلْزم من هَذَا اعْتِبَار كَون الْقَائِف فِي اثبات النّسَب فِي الشَّرْع وَإِنَّمَا الْمَقْصُود الزام الْكفَّار فِي الطعْن فِي نسبه وَهُوَ الْمَذْهَب عندنَا وَالشَّافِعِيّ وَغَيره يعتبرون القيافة كَمَا إِذا جَاءَت جَارِيَة بَين شَرِيكَيْنِ بِولد وَدعَاهُ كل وَاحِد مِنْهُمَا عندنَا يَجْعَل ولدا لكل مِنْهُمَا فِي حكم الشَّرْع لمعات
قَوْله
[2350]
اخبرينا اشبهنا الخ صَاحب الْمقَام هوابراهيم عليه السلام وَالْمقَام هُوَ الْحجر الَّذِي كَانَ يقوم عَلَيْهِ عِنْد بِنَاء الْكَعْبَة فاثرت قدمه اثر الشَّرِيفَة فِيهِ وَإِنَّمَا أمرت بجبر الكساء لكَي لَا يبْقى على الأَرْض اثر وَالْأَرْض سهلة النِّيَّة وَكَانَ صلى الله عليه وسلم اشبه النَّاس بإبراهيم عليه السلام كَمَا رَوَاهُ مُسلم عَن جَابر ان النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ رَأَيْت إِبْرَاهِيم فَإِذا أقرب من رَأَيْت بِهِ شبها صَاحبكُم يَعْنِي نَفسه (إنْجَاح)
قَوْله
[2351]
خير غُلَاما وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي وَأما عندنَا قَالُوا إِذا صَار مستغنيا بِأَن يَأْكُل وَحده وَيشْرب وَحده ويلبس وَحده قيل ويستنجي وَحده وَيتَوَضَّأ وَحده فالاب أَحَق بِهِ والخصاف قدر الِاسْتِغْنَاء بِسبع سنَن وَعَلِيهِ الْفَتْوَى وَكَذَا فِي الْكَافِر وَغَيره لَا مَا قيل أَنه يقدر بتسع لِأَن الْأَب مَأْمُور بأَمْره بِالصَّلَاةِ إِذا بلغ سبعا وَإِنَّمَا يكون ذَلِك إِذا كَانَ الْوَلَد عِنْده وَأجَاب الْحَنَفِيَّة عَن هَذَا الحَدِيث بِوَجْهَيْنِ أَحدهمَا انه صلى الله عليه وسلم دَعَا ان يوفق الِاخْتِيَار الا نظر على مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي الطَّلَاق وَالنَّسَائِيّ فِي الْفَرَائِض ثمَّ خَيره وَقَالَ اللَّهُمَّ اهده لامه وَثَانِيهمَا انه كَانَ بَالغا ملتقط من المرقات
[2354]
قَوْله احجر عَلَيْهِ الْحجر الْمَنْع عَن التَّصَرُّفَات قَالَ التِّرْمِذِيّ الْعَمَل على هَذَا الحَدِيث عِنْد بعض أهل الْعلم وَقَالُوا يحْجر على الرجل الْحر فِي البيع وَالشِّرَاء إِذا كَانَ ضَعِيف الْعقل وَهُوَ قَول أَحْمد وَإِسْحَاق وَلم ير بَعضهم ان يحْجر على الْحر الْبَالِغ
قَوْله
[2355]
قد أَصَابَته آمة أَي جِرَاحَة بلغت أم الدِّمَاغ وَهِي غشاء مُحِيط بمخ الدِّمَاغ وَلذَا فسد عقله والْحَدِيث دَلِيل لأبي حنيفَة انه لَا يحْجر على حر مُكَلّف لسفه وَعِنْدَهُمَا يحْجر على الْحر بالسفه والغفلة قَالَ فِي الدّرّ بقولهمَا يُفْتِي صِيَانة لمَاله إنْجَاح الْحَاجة
قَوْله فَقل لَا خلابه قَالَ النَّوَوِيّ وَمعنى لَا خلابة لَا خديعة أَي لَا تحل لَك خديعتي اولا يلْزَمنِي خديعتك وَهَذَا الرجل هُوَ حبَان بن مُنْقد بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ والديحي وواسع ابْني حبَان شَهدا أحدا وَقيل بل هُوَ وَالِده مُنْقد بن عَمْرو كَمَا فِي رِوَايَة بن ماجة وَكَانَ قد بلغ مائَة وَثَلَاثِينَ سنة وَكَانَ قد شج فِي بعض مغازيه مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي بعض الْحُصُون بجمر فأصابته فِي رَأسه مأمومة فَتغير بهَا لِسَانه وعقله لَكِن لم يخرج عَن التَّمْيِيز وَذكر الدَّارَقُطْنِيّ انه كَانَ ضريرا وَقد جَاءَ فِي رِوَايَة لَيست بثابتة ان النَّبِي صلى الله عليه وسلم جعل لَهُ مَعَ هَذَا القَوْل الْخِيَار ثَلَاثَة أَيَّام فِي كل سلْعَة يبتاعها وَاخْتلف الْعلمَاء فِي هَذَا الحَدِيث فَجعله بَعضهم خَاصّا فِي حَقه وان المغابنة بَين الْمُتَبَايعين لَازِمَة لَا خِيَار للمغبون بِسَبَبِهَا سَوَاء قلت أم كثرت وَهَذَا مَذْهَب الشَّافِعِي وَأبي حنيفَة وَآخَرين وَهِي أصح الرِّوَايَتَيْنِ عَن مَالك وَقَالَ البغداديون من الْمَالِكِيَّة للمغبون الْخِيَار لهَذَا الحَدِيث بِشَرْط ان يبلغ الْغبن ثلث الْقيمَة فَإِن كَانَ دونه فَلَا وَالصَّحِيح الأول لِأَنَّهُ لم يثبت ان النَّبِي صلى الله عليه وسلم اثْبتْ لَهُ الْخِيَار وَإِنَّمَا قَالَ لَهُ قل لَا خلابة أَي لَا خديعة وَلَا يلْزم من هَذَا ثُبُوت الْخِيَار وَلِأَنَّهُ لَو ثَبت أَو أثبت لَهُ الْخِيَار كَانَت قَضيته عين لَا عُمُوم لَهَا فَلَا ينفذ مِنْهُ الى غَيره الا بِدَلِيل انْتهى
قَوْله
[2356]
وَلَيْسَ لكم الا ذَلِك أَي لَيْسَ لكم زَجره وحبسه لِأَنَّهُ ظهر افلاسه وَإِذا ثَبت افلاس الرجل لَا يجوز حَبسه بِالدّينِ بل يخلى ويمهل الى ان يحصل لَهُ مَال فَيَأْخُذ الْغُرَمَاء حِينَئِذٍ أَو الْمَعْنى لَيْسَ لكم فِي هَذَا الْوَقْت الا مَا أَصَابَكُم فَإِذا حصل لَهُ بعد ذَلِك مَال فتأخذون مِنْهُ بَقِيَّتكُمْ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ انه لَيْسَ لكم ابدا الا مَا وجتم وَبَطل مَا بَقِي لكم من ديونكم قَالَ الله تَعَالَى وان كَانَ ذُو عسرة فنظرة الى ميسرَة كَذَا ذكر الطَّيِّبِيّ (إنْجَاح)
قَوْله
[2357]
خلع معَاذ بن جبل من غُرَمَائه بِبيع مَاله كُله وَكَانَ رضي الله عنه سخيالا يمسك شَيْئا فَلم يزل يدان حَتَّى غرق مَاله كُله فِي الدّين كَمَا رَوَاهُ سعيد فِي سنَنه وَقَوله استخلصني بِمَالي ثمَّ استعملني لِأَنَّهُ صَار فَقِيرا مُحْتَاجا فراعى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَاله فِي الْفقر وَلم يراع فِي حُقُوق النَّاس (إنْجَاح)
قَوْله
[2358]
من وجد مَتَاعه الخ قد اخْتلف الرِّوَايَات عَن أبي هُرَيْرَة فِي هَذَا الْبَاب فَقَالَ فِي رِوَايَة من وجد مَتَاعه بِعَيْنِه فَهُوَ أَحَق بِهِ بِغَيْر ذكر البيع وَفِي رِوَايَة مَعَ ذكر البيع وَمَعَ قيد انه لم يكن قبض من ثمنهَا شَيْئا فَهُوَ أُسْوَة الْغُرَمَاء وَفِي رِوَايَة أَيّمَا رجل مَاتَ أَو افلس فَصَاحب الْمَتَاع أَحَق بمتاعه وَفِي رِوَايَة أَيّمَا امْرأ مَاتَ وَعِنْده مَال امْرِئ بِعَيْنِه اقْتضى مِنْهُ شَيْئا أَو لم يقتض فَهُوَ أُسْوَة للْغُرَمَاء فَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد إِذا أفلس الرجل أَو مَاتَ وَعِنْده مَتَاع بِعَيْنِه قد اشْتَرَاهُ فصاحبه أَحَق من غَيره وَقَالَ النَّخعِيّ وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَابْن شبْرمَة ووكيع وَأَبُو حنيفَة وصاحباه ان البَائِع اسرة للْغُرَمَاء فِي الْمَوْت والافلاس جَمِيعًا وَقَالَ مَالك فِي الافلاس مثل قَول الشَّافِعِي وَفِي الْمَوْت مثل قَول أبي حنيفَة وَلكُل حجَّة فِي هَذِه الْأَحَادِيث فَتَأمل (فَخر)
[2363]
احْفَظُونِي فِي أَصْحَابِي أَي راعوني فِي حُقُوق صحبتهم لي فَإِن الصُّحْبَة لَا تعدل بهَا فَضِيلَة وَكَذَلِكَ راعوني فِي الَّذين يلون الصَّحَابَة الَّذين اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَان وهم الِاتِّبَاع ثمَّ اتِّبَاع اتباعهم انجاع
قَوْله
[2364]
خير الشُّهُود من أدّى شَهَادَته قبل ان يسْأَلهَا قَالَ النَّوَوِيّ وَفِي المُرَاد بِهَذَا الحَدِيث تَأْوِيلَانِ أصَحهمَا تَأْوِيل مَالك وَأَصْحَاب الشَّافِعِي انه مَحْمُول على من عِنْده شَهَادَة لإِنْسَان بِحَق وَلَا يعلم ذَلِك الْإِنْسَان انه شَاهد فَيَأْتِي اليه فيخبره بِأَنَّهُ شَاهد لَهُ وَالثَّانِي انه مَحْمُول على شَهَادَة الْحِسْبَة وَذَلِكَ فِي غير حُقُوق الادميين المختصة بهم فمما تقبل فِيهِ شَهَادَة الْحِسْبَة الطَّلَاق وَالْعِتْق وَالْوَقْف والوصايا الْعَامَّة وَالْحُدُود نَحْو ذَلِك فَمن علم شَيْئا من هَذَا النَّوْع وَجب عَلَيْهِ رَفعه الى القَاضِي واعلامه بِهِ وَالشَّهَادَة قَالَ الله تَعَالَى وَأقِيمُوا الشَّهَادَة لله وَكَذَا فِي النَّوْع الأول يلْزم من عِنْده شَهَادَة لإِنْسَان لَا يعلمهَا ان يُعلمهُ إِيَّاهَا لِأَنَّهَا امانة لَهُ عِنْده وَحكى التَّأْوِيل الثَّالِث انه مَحْمُول على الْمجَاز وَالْمُبَالغَة فِي أَدَاء الشَّهَادَة بعد طلبَهَا لَا قبله كَمَا يُقَال الْجواد يُعْطي قبل السوال أَي يعْطى سَرِيعا عقب السوال السوال من غير توقف قَالَ الْعلمَاء وَلَيْسَ فِي هَذَا الحَدِيث مناقضة للْحَدِيث الاخر فِي ذمّ من يَأْتِي الشَّهَادَة قبل ان يستشهد فِي قَوْله صلى الله عليه وسلم يشْهدُونَ وَلَا يسشتهدون وَقد تَأَول الْعلمَاء هَذَا تأويلات اصحها تَأْوِيل أَصْحَابنَا انه مَحْمُول على من مَعَه شَهَادَة لآدَمِيّ عَالم بهَا فَيَأْتِي فَيشْهد بهَا قبل ان تطلب مِنْهُ وَالثَّانِي انه مَحْمُول على شَاهد الزُّور فَيشْهد بِمَا لَا أصل لَهُ وَلم يستشهد وَالثَّالِث انه مَحْمُول على من ينْتَصب شَاهدا وَلَيْسَ هُوَ من أهل الشَّهَادَة وَالرَّابِع انه مَحْمُول على من يشْهد لقوم بِالْجنَّةِ أَو بالنَّار من غير تَوْقِيف وَهَذَا ضَعِيف انْتهى
قَوْله
[2365]
حَتَّى بلغ فَإِن امن بَعْضكُم بَعْضًا أَي فَإِن امن بعض الدائنين بعض المديونين بِحَسب ظَنّه فَلم يتوثق بِالْكِتَابَةِ وَالشُّهُود وَالرَّهْن فَلَا حرج عَلَيْهِ وَلَيْسَ المُرَاد بالنسخ النّسخ الاصطلاحي فَإِن الْأَمر فِيمَا قبله للارشاد وَالنَّدْب وعَلى تَقْدِير التَّسْلِيم فَإِن هَذِه الشّرطِيَّة لَا يرفع الحكم السَّابِق لِأَنَّهَا مقرونة بِشَرْط الامن فالنسخ هَهُنَا بِمَعْنى التَّخْصِيص أَي ان الاحكام السَّابِقَة لمن لم يَثِق بأمانة الْمَدْيُون وَمن يَثِق بهَا فَلَا بَأْس لَهُ بِعَدَمِ الْكِتَابَة وَالشُّهُود وَالرَّهْن (إنْجَاح الْحَاجة)
قَوْله
[2368]
قضى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِد أَي كَانَ للْمُدَّعِي شَاهد وَاحِد فامره صلى الله عليه وسلم ان يحلف على مَا يَدعِيهِ بَدَلا عَن الشَّاهِد الاخر وَبِه قَالَ الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يجوز الحكم بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِين بل لَا بُد من شَاهِدين بقوله تَعَالَى واستشهدوا شهيدين من رجالكم فَإِن لم يَكُونَا رجلَيْنِ فَرجل وَامْرَأَتَانِ وَقَالَ واشهدوا ذوى عدل مِنْكُم وَلَا يجوز نسخ الْكتاب بِخَبَر وَاحِد مُحْتَمل وَأَيْضًا اللَّام فِي الْبَيِّنَة وَالْيَمِين للاستغراق ليَكُون جَمِيع الْبَينَات فِي جَانب الْمُدَّعِي وَجَمِيع الْإِيمَان فِي جَانب الْمُنكر قَالَ التوربشتي وَوجه الحَدِيث عِنْد من لَا يرى الْقَضَاء بِالْيَمِينِ وَالشَّاهِد الْوَاحِد انه قضى بِيَمِين الْمُدعى عَلَيْهِ بعد ان أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهدا وَاحِدًا وَعجز عَن إتْمَام الْبَيِّنَة وللتوفيق بذلك لم يرَوا ان يحكموا بِأَقَلّ من ذَلِك الا بِدَلِيل قَطْعِيّ لمعات
قَوْله
[2372]
عدلت شَهَادَة الزُّور بالاشراك بِاللَّه أَي جعلت الشَّهَادَة الكاذبة مُقَابلَة للاشراك بِاللَّه فِي الْإِثْم لِأَن الشرَاك كذب على الله بِمَا لَا يجوز وَشَهَادَة الزُّور كذب على العَبْد بِمَا لَا يجوز وَكِلَاهُمَا غير وَاقع فِي الْوَاقِع وَقَالَ الطَّيِّبِيّ انما سَاوَى قَول الزُّور والشرك لِأَن الشّرك من بَاب الزُّور فَإِن الْمُشرك زاعم ان الوثن يحِق الْعِبَادَة مرقات
قَوْله
[2373]
لن تَزُول قد مَا شَاهد الزُّور أَي فِي العرصاة والمحشر وَمثله حَدِيث التِّرْمِذِيّ عَن بن مَسْعُود رض عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَا تَزُول قدما بن آدم يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى يسْأَل عَن خمس عَن عمره فِيمَا افناه الحَدِيث فَمَعْنَاه انه يَدُوم شَاهد الزُّور فِي الْمَحْشَر بالمتاعب والمشاق حَتَّى يكون مآله ان يُوجب الله لَهُ النَّار (إنْجَاح)
قَوْله
[2374]
أجَاز شَهَادَة أهل الْكتاب الخ وان اخْتلفَا مِلَّة كاليهود وَالنَّصَارَى وخصص صَاحب الدّرّ خمس مسَائِل على مَا فِي الْأَشْبَاه وَتبطل بِإِسْلَامِهِ قبل الْقَضَاء وَكَذَا بعده لَو بعقوبة كقود تجر (إنْجَاح)
قَوْله
[2475]
فَكل بَيْنك نحلت الخ قَالَ النَّوَوِيّ أما قَوْله نحلت فَمَعْنَاه وهبت وَفِي هَذَا الحَدِيث انه يَنْبَغِي ان يسوى بَين أَوْلَاده فِي الْهِبَة ويهب لكل وَاحِد مِنْهُم مثل الاخر وَلَا يفضل ويسوى بَين الذّكر وَالْأُنْثَى وَقَالَ بعض أَصْحَابنَا يكون الذّكر مثل حَظّ الانثيين وَالصَّحِيح الْمَشْهُور أَنه يسوى بَينهمَا بِظَاهِر الحَدِيث فَلَو فضل بَعضهم أَو وهب لبَعْضهِم دون بعض فمذهب الشَّافِعِي وَمَالك وَأبي حنيفَة انه مَكْرُوه وَلَيْسَ بِحرَام وَالْهِبَة صَحِيحَة وَقَالَ طَاوس وَعُرْوَة وَمُجاهد وَالثَّوْري وَأحمد وَإِسْحَاق وَدَاوُد هُوَ حرَام وَاحْتَجُّوا بِرِوَايَة لَا اشْهَدْ على جور وبغيرها من أَلْفَاظ الحَدِيث وَاحْتج الشَّافِعِي وموافقوه بقوله صلى الله عليه وسلم فاشهد على هَذَا غَيْرِي قَالُوا وَلَو كَانَ حَرَامًا أَو بَاطِلا لما قَالَ هَذَا الْكَلَام فَإِن قيل قَالَه تهديدا قُلْنَا الأَصْل فِي كَلَام الشَّارِع غير هَذَا وَيحْتَمل عِنْد إِطْلَاقه صِيغَة افْعَل على الْوُجُوب أَو النّدب فَإِن تعذر ذَلِك فعلى الْإِبَاحَة وَأما قَوْله صلى الله عليه وسلم لَا اشْهَدْ على جور فَلَيْسَ فِيهِ انه حرَام لِأَن الْجور هُوَ الْميل عَن الاسْتوَاء والاعتدال وكل مَا خرج عَن الِاعْتِدَال فَهُوَ جور سَوَاء كَانَ حَرَامًا أَو مَكْرُوها وَقد وضح بِمَا قدمْنَاهُ ان قَوْله صلى الله عليه وسلم اشْهَدْ على هَذَا غَيْرِي دَلِيل على انه لَيْسَ بِحرَام فَيجب تَأْوِيل الْجور على انه مَكْرُوه كَرَاهَة تَنْزِيه وَفِي هَذَا الحَدِيث ان هبة بعض الْأَوْلَاد دون بعض صَحِيحَة وانه ان لم يهب البَاقِينَ مثل هَذَا اسْتحبَّ رد الأول انْتهى يحْتَمل ان يُرَاد بِهِ الْخِيَانَة فِي امانات النَّاس وَيحْتَمل ان يُرَاد الْأَعَمّ الشَّامِل للخيانة فِي احكام الله فَتكون المُرَاد بالخائن الْفَاسِق
[2380]
من اعمر رجلا عمري لَهُ ولعقبه الخ قَالَ النَّوَوِيّ واما عقب الرجل فبكسر الْقَاف ويجوزاسكانها مَعَ فتح الْعين وَكسرهَا وهم أَوْلَاد الْإِنْسَان مَا تَنَاسَلُوا قَالَ أَصْحَابنَا الْعمريّ ثَلَاثَة أَحْوَال أَحدهَا ان يَقُول اعمرتك هَذِه الدَّار فَإِذا مت فَهِيَ لورثتك فَتَصِح بِلَا خلاف وَيملك بِهَذَا اللَّفْظ رَقَبَة الدَّار وَهِي هبة لَكِنَّهَا بِعِبَارَة طَوِيلَة فَإِذا مَاتَ فالدار لوَرثَته فَإِن لم يكن لَهُ وَارِث فلبيت المَال وَلَا يعود الى الْوَاهِب بِحَال الْحَال الثَّانِي ان يقْتَصر على قَوْله جَعلتهَا لَك عمرك وَلَا يتَعَرَّض لما سواهُ فَفِي صِحَة هَذَا العقد قَولَانِ للشَّافِعِيّ أصَحهمَا وَهُوَ الْجَدِيد صِحَّته وَله حكم الْحَال الأول الثَّالِث ان يَقُول جَعلتهَا لَك عمرك فَإِذا مت عَادَتْ الي أَو الى ورثتي ان كنت مت فَفِي صِحَّته خلاف عِنْد أَصْحَابنَا وَالأَصَح عِنْدهم صِحَّته وَيكون لَهُ حكم الْحَال الأول وَاعْتمد واعلى الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة الْمُطلقَة الْعُمْرَى جَائِزَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة بِالصِّحَّةِ كنحو مَذْهَبنَا وَبِه قَالَ الثَّوْريّ وَغَيره وَقَالَ أَحْمد تصح الْعُمْرَى الْمُطلقَة دون الموقتة فَقَالَ مَالك فِي أشهر الرِّوَايَات عَنهُ الْعُمْرَى فِي جَمِيع الْأَحْوَال تمْلِيك لمنافع الدَّار وَلَا يملك فِيهَا رُتْبَة الدَّار بِحَال انْتهى
قَوْله
[2382]
لَا رقبى فَمن ارقب الخ صُورَة الرقبى ان يَقُول جعلت لَك هَذِه الدَّار فَإِن مت قبلك فَهُوَ لَك وان مت قبلي عَاد الي لِأَن كل وَاحِد يراقب موت صَاحبه قَالَ فِي الْهِدَايَة والرقبى بَاطِلَة عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف جَائِزَة لِأَن قَوْله دَار لَك تمْلِيك وَقَوله رقبى شَرط فَاسد كالعمرى وَلَهُمَا انه عليه السلام أجَاز الْعمريّ ورد الرقبى انْتهى
قَوْله
[2384]
كَمثل الْكَلْب الخ اعْلَم ان الرُّجُوع فِي الصَّدَقَة وَالْهِبَة بعد اقباضهما جَائِز عندنَا الا بِأَسْبَاب سَبْعَة ذكرت فِي الْفِقْه وَعند الشَّافِعِي وَمَالك وَأحمد لَا يجوز الرُّجُوع لهَذَا الحَدِيث فَإِنَّهُم حملوه على الْحُرْمَة وَلنَا قَوْله صلى الله عليه وسلم الْوَاهِب أَحَق بهبته مَا لم يثب مِنْهَا أَي لم يعوض وَهَذَا الحَدِيث لَا يدل على الْحُرْمَة لِأَن قَوْله صلى الله عليه وسلم كَالْكَلْبِ يدل على عدم حرمته لِأَن الْكَلْب غير متبعد فالقيء لَيْسَ حَرَامًا عَلَيْهِ وَالْمرَاد القنزيه عَن فعل يشبه فعل الْكَلْب كَذَا فِي اللمعات
قَوْله
[2387]
مَا لم يثب مِنْهَا أَي مَا لم يعوض مِنْهَا قَالَ فِي الدّرّ فَإِن قَالَ خُذ عوض هِبتك أَو بدلهَا أَو فِي مقابلتها وَنَحْو ذَلِك فَقَبضهُ الْوَاهِب سقط الرُّجُوع وَلَو لم يذكر انه عوض رَجَعَ كل فِي هِبته وَهَذَا الحَدِيث دليلنا على ان الرُّجُوع عَن الْهِبَة بعد قبضهَا جَائِز الا بِأَسْبَاب سَبْعَة يجمعها حُرُوف دمع خزقه أَي الزِّيَادَة الْمُتَّصِلَة وَمَوْت أحد الْعَاقِدين والعوض وَالْخُرُوج عَن ملك الْمَوْهُوب لَهُ والزوجية والقرابة والهلاك وَعند الشَّافِعِي وَمَالك وَأحمد لَا يجوز الرُّجُوع لحَدِيث الْعَائِد فِي هِبته كَالْكَلْبِ يعود فِي قيئه ثمَّ الْأَصَح عندنَا ان الرُّجُوع مَكْرُوه تَحْرِيمًا وَقيل تَنْزِيها والْحَدِيث أَيْضا مَحْمُول على الْكَرَاهَة (إنْجَاح)
قَوْله
[2388]
لَا يجوز لامْرَأَة فِي مَالهَا الخ أَي لَا يجوز التَّصَرُّف فِي ملاها أَيْضا الا بِإِذن زَوجهَا إِذا هُوَ ملك عصمتها أَي عصمَة النِّكَاح والعصمة بِالْكَسْرِ الْمَنْع وَإِنَّمَا يُطلق على النِّكَاح لِأَن الْمَرْأَة تمنع بِسَبَب عَن الْخطاب وَهَذَا الْأَمر بطرِيق الْمصلحَة فَإِن الْمَرْأَة رُبمَا تجترئ وَتصرف فِي مَالهَا فتفقر بذلك التَّصَرُّف والا فجماهير الْعلمَاء على خلاف ذَلِك وَالدَّلِيل على ذَلِك امضاء تصرف الصحابيات بِلَا نَكِير فَصَارَ هَذَا الْأَمر تقريرا من النَّبِي صلى الله عليه وسلم وإجماعا من الصَّحَابَة بعد ذَلِك وَالله اعْلَم (إنْجَاح)
قَوْله
[2392]
لَا تبتع صدقتك قَالَ بن الْملك ذهب بعض الْعلمَاء الى ان شِرَاء الْمُتَصَدّق صدقته حرَام لظَاهِر الحَدِيث والاكثرون على كَرَاهَة تَنْزِيه لكَون الْقبْح فِيهِ لغيره وَهُوَ ان الْمُتَصَدّق عَلَيْهِ رُبمَا يتَسَامَح الْمُتَصَدّق فِي الثّمن بِسَبَب تقدم إحسانه فَيكون كالعائد فِي صدقته فِي ذَلِك الْمِقْدَار الَّذِي سومح (مرقاة)
قَوْله
[2393]
فَرَأى مهْرا أَو مهرَة من أفلائها الخ الافلاء جمع فَلَو وَهُوَ مهر الْفرس أَي وَلَدهَا وَقَوله تثب كَذَا فِي نُسْخَة من وثب يثب مِثَال واوى أَي تثب مائلا الى فرسه وتطلب نزو الْفرس عَلَيْهَا للْحَمْل فكره اشترائها من اجل ان نسل الْفرس الْمُتَصَدّق بهَا يكون فِي بَيته وَفِي بعض النّسخ تنْسب من النِّسْبَة مَجْهُولا وَفِي بَعْضهَا تنتسب من الانتساب على بِنَاء الْمَعْرُوف أَي لَهَا نِسْبَة الى فرسه بِأَن كَانَت من نسلها إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ الدهلوي
قَوْله
[2394]
ورد عَلَيْك الْمِيرَاث نِسْبَة مجازية أَي ردهَا الله عَلَيْك بِالْمِيرَاثِ وَصَارَت الْجَارِيَة ملكا لَك بِالْإِرْثِ وعادت إِلَيْك بِالْوَجْهِ الْحَلَال وَالْمعْنَى ان هَذَا لَيْسَ من بَاب الْعود فِي الصَّدَقَة لِأَنَّهُ لَيْسَ أمرا اختياريا قَالَ بن الْملك وَقيل يحب صرفهَا الى الْفَقِير لِأَنَّهَا صَارَت حَقًا لله تَعَالَى انْتهى وهذاتعليل فِي مَوضِع النَّص فَلَا يعقل (مرقاة)
[2396]
أصبت مَالا بِخَيْبَر قَالَ الطَّيِّبِيّ اسْمهَا ثمغ بِفَتْح الْمُثَلَّثَة وَسُكُون الْمِيم والغين الْمُعْجَمَة وَفِي الْقَامُوس ثمغ بِالْفَتْح مَال بِالْمَدِينَةِ كَانَ لعمر رضي الله عنه وَقفه وَهَذَا يدل على ان الثمغ اسْم مَال بِالْمَدِينَةِ لَا بِخَيْبَر وَالله اعْلَم لمعات
قَوْله حبست صحّح فِي النّسخ بِالتَّشْدِيدِ وَفِي مجمع الْبحار عَن الْكرْمَانِي ان شِئْت حبست أَصْلهَا هُوَ التَّشْدِيد واحبست أَي وقفت وحبست بالخفة أَي منعته وضيقت عَلَيْهِ وَحكى الخفة أَي فِي الْموقف يُرِيد ان يقف أصل الْملك ويبيح الثَّمر لمن وَقفهَا عَلَيْهِ انْتهى
قَوْله
[2397]
احْبِسْ أَصْلهَا أَي اجْعَلْهُ وَقفا حَبِيسًا وَقَوله سبل ثَمَرَتهَا أَي ابح ثَمَرَتهَا مِمَّن وقفتها عَلَيْهِ سبلته إِذا ابحته كَأَنَّك جعلت اليه طَرِيقا مطروقة كَذَا فِي الْمجمع
قَوْله
[2398]
الْعَارِية بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد مُؤَدَّاة أَي وَاجِب على الْمُسْتَعِير اداءها وايصالها الى الْمُعير وينطبق هَذَا على الْقَوْلَيْنِ اعني القَوْل بِوُجُوب الضَّمَان فِيهَا كَقَوْل الشَّافِعِي وَالْقَوْل بِعَدَمِ وُجُوبه كَقَوْل أبي حنيفَة لَكِن على الأول تودي عينا حَال الْقيام وَقِيمَة عِنْد التّلف وَقَوله والمنحة مَرْدُودَة المنحة فِي الأَصْل بِمَعْنى الْعَطِيَّة وَالْهِبَة وَأكْثر مَا يُطلق على النَّاقة يُعْطِيهَا الرجل الاخر ليشْرب درها وَتطلق فِي غير النَّاقة أَيْضا كَمَا قَالَ الطَّيِّبِيّ المنحة مَا يمنحه الرجل صَاحبه من ذَات در ليشْرب درها أَو شَجَرَة ليَأْكُل ثَمَرهَا أَو ارضا ليزرعها وعَلى التقادير المنحة تمْلِيك الْمَنْفَعَة لَا تمْلِيك الأَصْل فَوَجَبَ اداءها لمعات
قَوْله
[2401]
من أودع وَدِيعَة الخ الْوَدِيعَة مَا يتْرك عِنْد الْأمين وَهِي أخص من الْأَمَانَة وَلَا بُد هَهُنَا من تَقْدِير فِي الْكَلَام أَي من أودع وَدِيعَة عِنْد الْأمين فَهَلَك فِي يَده بِلَا تعدِي فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وَلَكِن هَذَا مَخْصُوص بِمَا إِذا كَانَت الْوَدِيعَة بِأَجْر وَاشْتِرَاط الضَّمَان على الْأمين بَاطِل بِهِ يُفْتِي كَمَا فِي الدّرّ وتفصيلها فِي كتب الْفِقْه (إنْجَاح)
قَوْله بَاب الْأمين يتجر فِيهِ فيربح أَي يتجر فِي مَال الْأَمَانَة ومرجع الضَّمِير ترك لدلَالَة سِيَاق الْكَلَام وَصورته مَا إِذا كَانَ المَال وَدِيعَة عِنْد رجل أَو أَمر الرجل وَكيله بشرَاء شَيْء فاتجر فِي ذَلِك المَال الْمُودع أَو الْوَكِيل فِي المَال الْمَدْفُوع اليه بِلَا رِضَاهُ فَهَل يجوز لَهُ ذَلِك التَّصَرُّف أم لَا وَحدث الْبَاب يَقْتَضِي جَوَاز ذَلِك وَكَذَلِكَ فَحَدِيث البُخَارِيّ فِي قصَّة أَصْحَاب الْغَار الَّذِي عمل فِي فرق الارز حَتَّى جمع الْبَقر وراعيها وَبِه قَالَ بعض الْعلمَاء ان بَاعَ الرجل مَال غَيره كَانَ مَوْقُوفا على اجازته وَمن لم يجوز حمل الحَدِيث على الْوكَالَة الْمُطلقَة وَالله اعْلَم (إنْجَاح)
قَوْله
[2403]
مطل الْغَنِيّ المطل التسويف بالعدة وَالدّين كالمماطله وَاتبع بِلَفْظ الْمَجْهُول بِإِسْكَان التَّاء وَالْمرَاد احيل من الْحِوَالَة وفليتبع بِلَفْظ الْمَعْلُوم مُخَفّفَة وَقد يشدد أَي فليقبل حوالته ومليئ بِالْهَمْزَةِ على وزن كريم وَقد يُقَال بِالْيَاءِ الْمُشَدّدَة كغنى وَالْأَمر للنَّدْب وَقيل للْوُجُوب كَذَا فِي اللمعات قَالَ السُّيُوطِيّ قَالَ الْخطابِيّ فِي ان اتبع أحدكُم ان أَصْحَاب الحَدِيث يَرْوُونَهُ بتَشْديد التَّاء وَصَوَابه بسكونها على وزن اكرم (زجاجة)
قَوْله
[2406]
من مَعْدن قَالَ لَا خير فِيهَا وَإِنَّمَا رو هَذَا المَال لِأَن الْمَعْدن ان كَانَ فِي دَار الْإِسْلَام ووجده مُسلم أدّى خمسه لحَدِيث وَفِي الرِّكَاز الْخمس وَبَاقِيه لمَالِكهَا ان ملكت وان كَانَ فِي الْجَبَل والمفازة فللواجد وَلم يعلم انه اخذ من ملك الْغَيْر أَو الْمَفَازَة فَكَانَ التورع من اخذه أولى وَلذَلِك رده النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأدّى دينه من قبل نَفسه (إنْجَاح)
قَوْله
[2407]
صلوا على صَاحبكُم فِيهِ زجر وَتَشْديد على الدّين والمماطلة فِي ادائه قَوْله انا اتكفل بِهِ قَالَ الطَّيِّبِيّ فِيهِ دَلِيل على جَوَاز الضَّمَان عَن الْمَيِّت وان لم يتْرك وفاءه وَهُوَ قَول أَكثر أهل الْعلم وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يجوز إِذا لم يكن ترك وَفَاء انْتهى وَيُمكن ان يُقَال انه لم يكن ضَامِنا بل وعد بِأَن اؤدى دينه كَمَا هُوَ مشْعر رِوَايَة للْمُصَنف لمعات
قَوْله
[2409]
كَانَ الله مَعَ الدَّائِن حَتَّى يقْضِي دينه مَا لم يكن فِيمَا يكره الله أَي إِذا كَانَ الدّين فِي رِضَاء الرب لنفقة الاهل والعيال وَالتَّصَدُّق فِي نَوَائِب الْحق وَنِيَّة الْقَضَاء وَقد روى من ادان دينا بنية الْقَضَاء وكل لَهُ ملك بِالدُّعَاءِ وَقد روى عَن الصَّحَابَة والأولياء الصَّالِحين فِي ذَلِك مَالا يُحْصى وقصة الزبير قد أخرجه البُخَارِيّ فِي بَاب بركَة مَال الْغَازِي حَيا وَمَيتًا وَفِيه كَرَامَة عظمى لَهُ رضى الله عَنهُ وَكَذَلِكَ عمر رضي الله عنه مَاتَ مديونا وقصص الصَّالِحين فِيهِ كَثِيرَة وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّيْخ المجدد رضي الله عنه كوشف عَليّ ان حَدِيث صَاحب الدّين مأسور بِدِينِهِ فِي حق من لم يكن فانيا فِي الله وباقيا بِهِ فَإِن هَذَا الرجل ان لخط نَفسه فَإِنَّهُ قد فنى نَفسه مَعَ حظوظها وَلذَلِك يقْضِي الله تَعَالَى دين هَذِه الْعباد من حَيْثُ لم يحتسبوا قلت وَقد جربت هَذَا الْأَمر فِي وَالِدي المرشد وَشَيْخه رحمهمَا الله تَعَالَى عَلَيْهِمَا إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي
[2411]
من اخذ أَمْوَال النَّاس أَي بطرِيق الْقَرْض أَو بِوَجْه من الْمُعَامَلَات حَال كَونه يُرِيد اتلافها يَعْنِي قصد مُجَرّد الاخذ وَلَا ينظر الى الْأَدَاء قَوْله اتلفه الله يَعْنِي يذهبه من يَده فَلَا ينْتَفع بِهِ لسوء نِيَّته وَيبقى عَلَيْهِ الدّين ويعاقب بِهِ يَوْم الْقِيَامَة كَذَا فِي الْعَيْنِيّ
قَوْله
[2412]
من الْكبر والغلول وَالدّين قَالَ الْحَافِظ أَبُو الْفضل الْعِرَاقِيّ الْمَشْهُور فِي الرِّوَايَة بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَالرَّاء وَذكر الْجَوْزِيّ فِي جمع المسانيد عَن الدَّارَقُطْنِيّ انه الْكَنْز بالنُّون وَالزَّاي وَلذَا ذكره بن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِير وَالَّذين يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة (زجاجة)
قَوْله
[2413]
وان قَالُوا لَا قَالَ صلوا على صَاحبكُم الخ وَإِنَّمَا يتْرك الصَّلَاة عَلَيْهِ ليحرض النَّاس على قَضَاء الدّين فِي حيوتهم والتوصل الى البرأة مِنْهَا لِئَلَّا تفوتهم صَلَاة النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا فتح الله عَلَيْهِ الْبِلَاد يُصَلِّي عَلَيْهِم وَيَقْضِي دين من لم يخلف وَفَاء قيل انه صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْضِيه من مَال مصَالح الْمُسلمين وَقيل من خَالص مَال نَفسه وَقيل هَذَا الْقَضَاء وَاجِبا عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم وَقيل تبرع مِنْهُ وَاخْتلف فِي قَضَاء دين من مَاتَ وَعَلِيهِ دين فَقيل يجب قَضَاؤُهُ من بَيت المَال وَقيل لَا يجب وَمعنى هَذَا الحَدِيث ان النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ انا قَائِم بمصالحكم فِي حَيَاة أحدكُم وَمَوته وانا وليه فِي الْحَالين فغن كَانَ عَلَيْهِ دين قَضيته من عِنْدِي ان لم يخلف وَفَاء وان كَانَ لَهُ مَال فَهُوَ لوَرثَته لَا اخذ مِنْهُ شَيْئا وان خلف عيالا مُحْتَاجين ضَائِعين فليأتوا الي فعلى نَفَقَتهم ومؤنتهم (نووي)
قَوْله
[2416]
وَمن ترك دينا أَو ضيَاعًا قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ الْعِيَال واصله مصدر ضَاعَ يضيع فَسمى بِهِ الْعِيَال وان كسرت الضَّاد كَانَ جمع ضائع كجائع وجياع وَقَالَ الْكرْمَانِي هُوَ بِالْفَتْح الْهَلَاك ثمَّ سمى بِهِ كل مَا هُوَ بصدد ان يضيع من ولد أَو عِيَال لَا قيم بأمرهم وَقَالَ النَّوَوِيّ وَكَانَ صلى الله عليه وسلم اولا لَا يُصَلِّي على من مَاتَ مديونا زجرا لَهُ فَلَمَّا فتح الله تَعَالَى الْفتُوح عَلَيْهِ كَانَ يقْضِي دينه وَكَانَ من خَصَائِصه وَالْيَوْم لَا يجب على الامام ذَلِك انْتهى
قَوْله
[2418]
وَمن أنظرهُ بعد حلّه أَي بعد حُلُول أَجله وَهَذَا يتَصَوَّر فِي الدّين كَمَا ان الصُّورَة الأولى فِي الْقَرْض لِأَن التَّأْجِيل فِي الْقَرْض مَمْنُوع وَقَوله كَانَ لَهُ مثله أَي مثل مَال الدّين بَان كَانَ لَهُ مثلا على رجل الف دِرْهَم فَانْظُرْهُ الى عشرَة أَيَّام كَانَ لَهُ ثَوَاب صَدَقَة عشرَة آلَاف دِرْهَم وَفِي الصُّورَة الأولى لم يبين مِقْدَار الثَّوَاب لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ اجل معِين فَلَا يضْطَر المقروض كَمَا يضْطَر الْمَدْيُون بعد حُلُول الاجل وَالله اعْلَم (إنْجَاح)
قَوْله
[2420]
أتجوز فِي السِّكَّة قَالَ النَّوَوِيّ التَّجَوُّز والتجاوز مَعْنَاهُمَا الْمُسَامحَة فِي الِاقْتِضَاء والاستيفاء وَقبُول مَا فِيهِ نقص يسير وَفِي هَذِه الْأَحَادِيث فضل انظار الْمُعسر والوضع عَنهُ اما كل الدّين واما بعضه من كثير أَو قَلِيل وَفضل الْمُسَامحَة فِي الِاقْتِضَاء وَفِي الِاسْتِيفَاء سَوَاء استوفى من مُوسر أَو مُعسر وَفضل الْوَضع من الدّين وانه لَا يحتقر شَيْء من افعال الْخَيْر فَلَعَلَّهُ سَبَب السَّعَادَة وَالرَّحْمَة انْتهى
قَوْله
[2422]
خُذ حَقك فِي عفاف الْعِفَّة كف عمالا يحل لَهُ وَلَا يجمل كَذَا فِي الْقَامُوس وَالْمرَاد هَهُنَا وَالله اعْلَم اجمال الطّلب بِلَا فجور فِي القَوْل وَالْعَمَل فَإِنَّهُ قد عد من آيَات الْمُنَافِق قَالَ صلى الله عليه وسلم إِذا خَاصم فجروان يطْلب مِنْهُ المَال الَّذِي يكْتَسب فِي الْعِفَّة لَا بِالْكَسْبِ الْمحرم كالعقود الْفَاسِدَة والاعمال الشنيعة قَوْله واف أَو غير واف أَي يطْلب الْحَلَال سَوَاء وَفِي بِحقِّهِ أَو لم يَفِ فَإِن اخذ المَال لَا يطيب وَالله اعْلَم (إنْجَاح)
قَوْله
[2425]
فَتكلم بِبَعْض الْكَلَام مثل قَوْله انكم يَا بني عبد الْمطلب كثير المطل وَاسم هَذَا الرجل زيد كَمَا أخرجه الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ ذكره الشَّيْخ عبد الْعَزِيز الدهلوي فِي تَفْسِير انك لعَلي خلق عَظِيم (إنْجَاح)
قَوْله
[2426]
حَتَّى قَالَ لَهُ احرج عَلَيْك الا قضيتني من الْحَرج وَهُوَ الضّيق أَي اوقعك فِي الْحَرج والضيق الا قضيتني بديني وَقَوله هلا مَعَ صَاحب الْحق كُنْتُم أَي اللَّائِق بشأنكم ان تَكُونُوا مَعَ صَاحب الْحق وَهُوَ الْأَعرَابِي الَّذِي تقاضاه صلى الله عليه وسلم انجاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي قَوْله فَأَما ذكر أَو ذكر أَي ذكر بِذَاتِهِ من غير تلقين أحد أَو ذكر من الله أَو من قبل الْمَلَائِكَة والتجوز فِي السِّكَّة ان يَأْخُذ الزيف مثلا بدل الرائجة والتجوز فِي النَّقْد ان يُؤَخر فِي طلبه وَانْظُر الْمُعسر أَي امهله حَتَّى يتسهل عَلَيْهِ الْأَدَاء انجاح الْحَاجة لَا قدست امة أَي لَا زكيت وَلَا طهرت وَغير متعتع أَي بِلَا اكراه فِي الْقَامُوس تعتعه تلتله وحركه العنف واكره فِي الْأَمر حَتَّى قلق وَفِي الْكَلَام تردد من حصر أَو عي انْتهى وَهَذَا من كَمَال رافته وشفقته على النَّاس قيل ان الرجل كَانَ كَافِرًا فَأسلم بمشاهدة هَذَا الْخلق الْأَعْظَم وَقَالَ يَا رَسُول الله مَا رَأَيْت اصبر مِنْك لِأَن ظَاهر هَذِه الْقِصَّة ان الرجل هُوَ زيد كَمَا مضى (إنْجَاح)
قَوْله بَاب الْحَبْس فِي الدّين قَالَ بن الْهمام الْحَبْس مَشْرُوع بِالْكتاب لِأَنَّهُ المُرَاد بِالنَّفْيِ الْمَذْكُور فِي قَوْله تَعَالَى أَو ينفوا من الأَرْض وبالسنة على مَا سلف انه صلى الله عليه وسلم حبس رجلا فِي تُهْمَة وَذكر الْخصاف ان نَاسا من أهل الْحجاز اقْتَتَلُوا فَقتل بَينهم قَتِيلا فَبعث إِلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فحبسهم وَلم يكن فِي عَهده صلى الله عليه وسلم وَأبي بكر سجن إِنَّمَا كن يحبس فِي الْمَسْجِد أَو الدهليز حَتَّى اشْترى عمر رض دَارا بِمَكَّة بأَرْبعَة آلَاف دِرْهَم واتخذه محبسا وَقيل بل لم يكن فِي زمن عمر وَلَا عُثْمَان أَيْضا الى زمن عَليّ فبناه وَهُوَ أول سجن بني فِي الْإِسْلَام قَالَ فِي الْفَائِق ان عليا بنى سجنا من قصب فَسَماهُ نَافِعًا فنقبه اللُّصُوص وتسيب النَّاس مِنْهُ ثمَّ بنى سجنا من مدر فَسمى محبسا أَو المخبس مَوضِع التخبيس وَهُوَ التذليل والمحبوس فِي الدّين لَا يخرج لصوم رَمَضَان وَلَا لعيد وَلَا لجمعة وَلَا لصَلَاة جمَاعَة وَلَا لحج فَرِيضَة وَلَا لحضور جَنَازَة بعض أَهله وَلَو أعْطى كَفِيلا بِنَفسِهِ لِأَنَّهُ يشرع لتضجر قلبه فيسارع لقَضَاء وَلِهَذَا قَالُوا يَنْبَغِي ان يكون موضعا خشنا وَلَا يبسط لَهُ فرَاش وَلَا وطأ وَلَا يدْخل لَهُ أحد يسْتَأْنس بِهِ انْتهى
قَوْله
[2427]
قَالَ وَكِيع واثنى عَلَيْهِ خير أَي اثنى وبر على مُحَمَّد بن مَيْمُون وَقَوله هَذَا يدل على توثيقه (إنْجَاح)
قَوْله لي الْوَاجِد أَي مطله يُقَال لواه يلويه ليا واصله لويا فأدغمت الْوَاو فِي الْيَاء وَقَوله يحل عرضه وعقوبته فسر عبد الله بن الْمُبَارك احلال عرضه باغلاظ القَوْل لَهُ وعقوبته بِالْحَبْسِ وَمعنى الحَدِيث ان الصاحب الدّين ان يذمه ويصفه بِسوء الْقَضَاء وَطلب من القَاضِي حَبسه (فَخر)
قَوْله
[2429]
تقاضى بن أبي حَدْرَد دينا الخ أَي طَالبه بِهِ وَأَرَادَ الْقَضَاء وَفِي هَذَا الحَدِيث جَوَاز الْمُطَالبَة بِالدّينِ فِي الْمَسْجِد والشفاعة الى صَاحب الْحق والاصلاح بَين الْخُصُوم وَحسن التَّوَسُّط بَينهم وَقبُول الشَّفَاعَة فِي غير مَعْصِيّة وَجَوَاز الْإِشَارَة واعتمادها لقَوْله فاومى بِيَدِهِ الشّطْر (نووي)
قَوْله
[2430]
الى عطائه أَي الى الاجل الَّذِي يُعْطي فِيهِ أَمْوَال النَّاس وحقوقهم من بَيت المَال وَهَذَا يدل على ان الْقَرْض الى اجل كَانَ جَائِزا عِنْده والا فالأجل فِي الْقَرْض لَغْو عندنَا وَقَوله فَللَّه أَبوك هَذِه كلمة مدح يعْتَاد الْعَرَب الثَّنَاء بهَا فَإِذا وجد مِنْهُ مَا يحمد عَلَيْهِ قيل لله أَبوك حَيْثُ اتى بمثلك كَذَا ذكره بن الْملك (إنْجَاح)
قَوْله الا كَانَ كصدقتها مرّة ظَاهر هَذَا الحَدِيث منَاف للْحَدِيث الَّاتِي ان الصَّدَقَة بِعشْرَة امثالها وَالْقَرْض بِثمَانِيَة عشر فَإِن فِيهِ ازدياد ثَوَاب الْقَرْض على الصَّدَقَة فِي أول الوهلة فَلَعَلَّ هَذَا باخْتلَاف نيات الْأَشْخَاص وَاعْتِبَار التسامح فِي الِاقْتِضَاء غَيره أَو يحمل على ان الْعدَد لَا مَفْهُوم لَهُ فِيهِ أَو كَثْرَة الثَّوَاب وَلَكِن يردهُ قَوْله صلى الله عليه وسلم مَا بَال الْقَرْض أفضل من الصَّدَقَة أَو الثَّانِي يحمل على الْحَاجة وَالْأول على غَيرهَا (إنْجَاح الْحَاجة)
قَوْله
[2431]
الصَّدَقَة بِعشر امثالها وَالْقَرْض بِثمَانِيَة عشر قَالَ الشَّيْخ سراج الدّين البُلْقِينِيّ الحَدِيث دَال على ان دِرْهَم الْقَرْض بدرهم صَدَقَة لَكِن الصَّدَقَة لم يعد مِنْهَا شَيْء وَالْقَرْض عَاد مِنْهُ دِرْهَم فَسقط مُقَابِله وَبَقِي ثَمَانِيَة عشر مِصْبَاح الزجاجة للسيوطي اللَّهُمَّ اغْفِر لمؤلفه ولكاتبه وَلمن سعى فِيهِ ولوالديهم أَجْمَعِينَ آمين
قَوْله
[2432]
الرجل تضعف قوته الْقُوَّة بتَشْديد الْوَاو أَي شوكته فيستدين لينفق من ذَلِك على العساكر أَو يؤلف قُلُوب بعض الْكفَّار وَيحْتَمل بتَخْفِيف الْوَاو أَيْضا فَيكون المُرَاد من الضعْف الْقلَّة أَي تقل قوته ورزقه فَيُصِيبهُ الْفَاقَة فَلَا يَسْتَطِيع مَعهَا الْحَرْب باعداء الله وَقَوله الغربة بِالْعينِ الْمُهْملَة وَالزَّاي الْمُعْجَمَة ثمَّ الْمُوَحدَة التجرد فِي الْقَامُوس العزب محركة من لَا أهل لَهُ وَالِاسْم الْعزبَة والعزوبة بضَمهَا وَالْفِعْل كنصر وتعزب ترك النِّكَاح انْتهى
[2441]
لَا يغلق الرَّهْن وروى الشَّافِعِي الحَدِيث بِتَمَامِهِ عَن سعيد مُرْسلا ان رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا يغلق الرَّهْن الرَّهْن من صَاحبه الَّذِي رَهنه لَهُ غنمه وَعَلِيهِ غرمه فالرهن الأول مصدر وَالثَّانِي بِمَعْنى الْمَفْعُول أَي لَا يمْنَع الارهان الْمَرْهُون من الرَّاهِن أَي يسع المراهن التَّصَرُّف فِيهِ من الرّكُوب والحلب وَغَيرهمَا فَكَانَ الارهان لاعتماد الْمُرْتَهن خَالِصا وَلَيْسَ لَهُ التَّصَرُّف فِي ذَلِك وَعَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ انه سُئِلَ عَن غلق الرَّهْن فَكَانَ يَقُول ان لم افتكه الى غَد فَهُوَ لَك ذكره الطَّيِّبِيّ نجاح
قَوْله لَا يغلق الرَّهْن قَالَ فِي النِّهَايَة يُقَال غلق الرَّهْن يغلق غلوقا إِذا بَقِي فِي يَد الْمُرْتَهن لَا يقدر راهنه على تخليصه وَالْمعْنَى انه لَا يسْتَحقّهُ الْمُرْتَهن إِذا لم يستفكه صَاحبه وَكَانَ هَذَا من فعل الْجَاهِلِيَّة ان الرَّاهِن إِذا لم يؤد مَا عَلَيْهِ فِي الْوَقْت الْمعِين ملك الْمُرْتَهن الرَّهْن فابطله الْإِسْلَام (زجاجة)
قَوْله
[2442]
وَمن كنت خَصمه خصمته أَي غلبته فَهُوَ من قبيل المغالبة أَي من خاصمته فَخَصمته الْبَتَّةَ للْحَدِيث الصَّحِيح من نُوقِشَ فِي الْحساب عذب أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم (إنْجَاح)
قَوْله رجل أعْطى بِي حذف فِيهِ الْمَفْعُول تَقْدِيره أعْطى الْعَهْد باسمى وَالْيَمِين بِهِ ثمَّ نقض الْعَهْد وَلم يَفِ بِهِ قَوْله وَرجل بَاعَ حرا أَي عَالما مُتَعَمدا فَإِن كَانَ جَاهِلا فَلَا يدْخل فِي هَذَا قَوْله فَأكل ثمنه خص الْأكل بِالذكر لِأَنَّهُ أعظم مَقْصُود كَذَا فِي الْفَتْح والعيني
قَوْله
[2445]
وَعقبَة رجْلي الْعقبَة بِالضَّمِّ النّوبَة وَالْبدل كَذَا فِي الْقَامُوس وَيُقَال لمن ركب بَعِيرًا نوبَة بعد نوبَة لَهُ عقبَة من فلَان فَكَأَنَّهُ شَرط فِي الْأجر طَعَام بَطْنه وركوب الْبَعِير بالنوبة وَإِضَافَة الرجل الى الْعقبَة لملابسة بَينهمَا وَقَوله جعل أَبَا هُرَيْرَة إِمَامًا أَي قدوة فِي الدّين فَهَذَا إِظْهَار نعْمَة الله تَعَالَى متمسكا بقوله تَعَالَى وَأما بِنِعْمَة رَبك فَحدث وأمثال هَذَا كَثِيرَة من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ والأولياء الصَّالِحين وَإِنَّمَا الْمَمْنُوع مدح النَّفس على وَجه الْفَخر وَالْخُيَلَاء وَقَالَ صلى الله عليه وسلم انا سيد ولد ادم وَلَا فَخر (إنْجَاح)
قَوْله
[2447]
وَيشْتَرط جلدَة أَي صلبه مستوية قَوْله فخيره الْيَهُودِيّ أَي أعطَاهُ الْيَهُودِيّ الْخِيَار من التَّمْر لِأَن الْعَجْوَة أَعلَى انواعها (إنْجَاح)
قَوْله
[2446]
عَجْوَة الْعَجْوَة نوع من التَّمْر يضْرب الى السوَاد فِيهِ من يصبح بسبعة تمرات عَجْوَة لم يضرّهُ سحر وَلَا سم وَهُوَ من أَجود تمر الْمَدِينَة وَدفع السحر والسم من خاصية ذَلِك النَّوْع أَو من دُعَائِهِ صلى الله عليه وسلم بِالْبركَةِ مجمع
قَوْله وَاشْترط انها جلدَة هِيَ بِالْفَتْح وَالْكَسْر الْيَابِسَة الى جَيِّدَة كَذَا فِي الدّرّ النثير وَيُسْتَفَاد مِنْهُ ان اشْتِرَاط الاجير النَّوْع الْجيد من الشَّيْء يجوز وَعند عدم الِاشْتِرَاط يجب الْوسط (إنْجَاح)
قَوْله
[2448]
لونك منكفئا أَي متغيرا الخمص الْجُوع وَكَذَا المخمصة لحذرة مَا اسود بِإِظْهَار والتارزة حَشَفَة يابسة وكل قوي صلب يَابِس تأرز وسمى الْمَيِّت تأرز اليسبه كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح)
قَوْله
[2449]
نهى عَن المحاقلة وَهِي مفاعلة من الحقل وَهُوَ الزَّرْع إِذا تشعب قبل ان تغلظ سوقه وَقيل الأَرْض الَّتِي تزرع وَيُسمى القراح والمحاقلة هُنَا هِيَ اكتراء الأَرْض بِالْحِنْطَةِ وَقيل هِيَ الْمُزَارعَة على النَّصِيب الْمَعْلُوم كالثلث وَالرّبع وَنَحْوهمَا وَقيل بيع الطَّعَام فِي سنبله بِالْبرِّ وَقيل بيع الزَّرْع قبل ادراكه وَإِنَّمَا نهى عَنْهَا لِأَنَّهَا من الْمكيل وَلَا يجوز فِيهِ إِذا كَانَا من جنس وَاحِد الا مثلا بِمثل ويدا بيد وَهَذَا مَجْهُول لَا يدْرِي أَيهمَا أَكثر وَفِيه النَّسِيئَة كَذَا فِي مجمع الْبحار وَهَذِه الْعلَّة تُوجد فِي المزانبة فَلِذَا نهى عَنْهَا أَيْضا إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ الدهلوي
قَوْله نهى الخ هَذَا دَلِيل لمَانع الْمُزَارعَة وَحمل المجوزون الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي النَّهْي على مَا إِذا اشْترطَا لكل وَاحِد مِنْهُمَا قِطْعَة مُعينَة من الأَرْض وَأعلم ان الْأَحَادِيث فِي هَذَا الْبَاب جَاءَت مُخْتَلفَة وَحَدِيث النَّهْي عَن رَافع بن خديج أَيْضا جَاءَت مُخْتَلفَة تَارَة قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَتارَة قَالَ حَدثنِي بعض عمومتي وَتارَة أَخْبرنِي اعمامي وَلِهَذَا اخْتلف الْعلمَاء فِي حكمه فَذهب أَبُو حنيفَة الى فَسَادهَا مُطلقًا والى فَسَاد الْمُسَاقَاة أَيْضا وَذهب صَاحِبَاه وَأحمد وَإِسْحَاق وَكثير من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ الى جَوَازهَا مُطلقًا وَذهب الشَّافِعِي الى جَوَازهَا تبعا للمساقاة إِذا كَانَ الْبيَاض خلال النخيل بِحَيْثُ لَا يُمكن أَو يعسر افرادها بِالْعَمَلِ كَمَا فِي خَيْبَر وَلَا يجوز افرادها لهَذَا الحَدِيث وَأَبُو حنيفَة تَأَول مُعَامَلَته صلى الله عليه وسلم مَعَ يهود خَيْبَر بِأَنَّهُ إِنَّمَا استعملهم بدل الْجِزْيَة وان الشّطْر الَّذِي دفع إِلَيْهِم كَانَ منحه مِنْهُ صلى الله عليه وسلم ومعونة لَهُم على مَا كلفهم من الْعَمَل وَبِالْجُمْلَةِ بَاب التَّأْوِيل من الْجَانِبَيْنِ مَفْتُوح وَالْفَتْوَى عِنْد الْحَنَفِيَّة أَيْضا على الْجَوَاز دفعا للْحَاجة كَذَا فِي الطَّيِّبِيّ واللعمات
قَوْله
[2451]
فَإِن أَبى فليمسك ارضه دلّ الحَدِيث على ان مواجرة الأَرْض مَمْنُوعَة مُطلقًا سَوَاء كَانَ بِالثُّلثِ أَو بِالربعِ أَو بِالذَّهَب وَالْفِضَّة لَكِن الثَّانِي جَائِز بِالْإِجْمَاع وَقد دلّ على جَوَازه حَدِيث سعيد بن الْمسيب عَن رَافع الَّذِي رَوَاهُ الْمُؤلف فِي أول الْبَاب وَكَذَلِكَ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ رجل استكرى ارضا بِذَهَب أَو فضَّة الحَدِيث وَأما الِاخْتِلَاف فِي المخابرة فمشهور فِي كتب الْفِقْه والْحَدِيث وَتَأْويل الحَدِيث وَالله اعْلَم انه صلى الله عليه وسلم حكم بذلك حِين رأى فِي النَّاس الْخَصَاصَة والفاقة كَمَا نهى عَن ترك لُحُوم الْأَضَاحِي فَوق ثَلَاثَة أَيَّام فَلَمَّا وسع الله تَعَالَى على الْمُسلمين إجَازَة بِالذَّهَب وَالْفِضَّة لعدم الْمُنَازعَة وَعدم الْجَهَالَة أَي فِي ذَلِك العقد وَلَكِن المخابرة لَا يَخْلُو عَن جَهَالَة لِأَن الثُّلُث وَالرّبع ليسَا بمشخصين فَلذَلِك اخْتلف الْفُقَهَاء فِيهَا وَحَدِيث رَافع فِي هَذَا الْبَاب لَا يَخْلُو عَن اضْطِرَاب وَلذَا رده بعض الصَّحَابَة وَالله أعلم (إنْجَاح)
[2453]
فَترك عبد الله كراءها وَالْبُخَارِيّ لم يذكر هَذِه الزِّيَادَة وَذكر بعده فَقَالَ بن عمر قد علمت انا كُنَّا نكرِي مزارعنا على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِمَا على الْأَرْبَعَاء وَشَيْء من التِّبْن وَقَالَ عَلَيْهِ الْكرْمَانِي قد علمت الْخطاب لرافع وَالْأَرْبِعَاء جمع ربيع وَهُوَ النَّهر الصَّغِير حَاصِل حَدِيث بن عمر هَذَا انه انكر على رَافع إِطْلَاقه فِي النَّهْي عَن كِرَاء الأَرْض وَيَقُول الَّذِي نهى عَنهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم هُوَ الَّذِي كَانُوا يدْخلُونَ فِيهِ الشُّرُوط الْفَاسِدَة وَهِي أَنهم كَانُوا يشترطون مَا على الْأَرْبَعَاء وَطَائِفَة من التِّبْن وَهُوَ مَجْهُول وَقد يسلم هَذَا ويصيب ذَاك آفَة أَو بِالْعَكْسِ فتضيع الْمُزَارعَة وَيبقى الْمزَارِع أَو رب الأَرْض بِلَا شَيْء وَأما النَّهْي عَن كِرَاء الأَرْض بِبَعْض مَا يخرج مِنْهَا إِذا كَانَ ثلثا أَو ربعا أَو مَا اشبه ذَلِك فَلم يثبت (إنْجَاح)
قَوْله
[2456]
لما سمع اكثار النَّاس الخ أَي بالطعن والتشنيع فِي حق من كرى الأَرْض لحَدِيث رَافع بن خديج وَقَوله الا منحها أَي هلا اعارها أحدكُم اخاه الْمُسلم فَكَأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اسْتحبَّ إِذا كَانَ لرجل ارْض فاضلة ان يعير الْمُسلم وَلم يحرم نفس كرائها وَقَالَ البُخَارِيّ زارع عَليّ وَسعد بن مَالك وَعبد الله بن مَسْعُود وَعمر بن عبد الْعَزِيز وَالقَاسِم وَعُرْوَة وَآل أبي بكر وَآل عمر وَآل عَليّ على الثُّلُث وَالرّبع وَكَذَلِكَ روى عَن عمر (إنْجَاح)
قَوْله
[2459]
وَاشْترط ثلث جداول والقصارة بِضَم الْقَاف مَا يبْقى فِي النّخل بعد الانتخال أَو مَا يخرج من القت عد دوسته الأولى أَو القشرة الْعليا من الْحبَّة وَفِي بعض النّسخ العصارة بِالْعينِ المضمومة من قَوْلهم عصر الزَّرْع تعصير انبتت اكمام سنبله وَالْمرَاد هَهُنَا وَالله أعلم التِّبْن كَمَا صرح فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى (إنْجَاح)
قَوْله
[2461]
فَسمع رَافع قَوْله أَي قَول النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَلَا تكروا المزرع وَلم يعلم انه مُعَلّق على الشَّرْط السَّابِق وَهُوَ صُورَة النزاع والجداول فتعميم رَافع غير صَحِيح وَلَعَلَّ هَذَا الْخَبَر لما بلغ رَافعا رَجَعَ عَن التَّعْمِيم كَمَا روى عَن حَنْظَلَة بن قيس انه سُئِلَ عَنهُ فَقَالَ لم ننه ان نكرِي الأَرْض بالورق كَمَا مر الحَدِيث إنْجَاح الْحَاجة
قَوْله
[2465]
فَلَا يكريها بِطَعَام مُسَمّى قَالَ النَّوَوِيّ اخْتلفت الْعلمَاء فِي كِرَاء الأَرْض فَقَالَ طَاوس وَالْحسن الْبَصْرِيّ لَا يجوز لكل حَال سَوَاء أكرأها بِطَعَام أَو ذهب أَو فضَّة أَو بِجُزْء عَن زَرعهَا لإِطْلَاق حَدِيث النَّهْي عَن كِرَاء الأَرْض وَقَالَ الشَّافِعِي وَأَبُو حنيفَة وكثيرون تجوز إِجَارَتهَا بِالذَّهَب وَالْفِضَّة وبالطعام وَالثيَاب وَسَائِر الْأَشْيَاء سَوَاء كَانَ من جنس مَا يزرع فِيهَا أم من غَيره وَلَكِن لَا تجوزاجارتها بِجُزْء مَا يخرج مِنْهَا كالثلث وَالرّبع وَهِي المخابرة وَلَا يجوز أَيْضا ان يشْتَرط لَهُ زرع قِطْعَة مُعينَة وَقَالَ ربيعَة يجوز الذَّهَب وَالْفِضَّة فَقَط وَقَالَ مَالك يجوز بِالذَّهَب وَالْفِضَّة وَغَيرهمَا الا الطَّعَام وَقَالَ أَحْمد وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد بن الْحسن وَجَمَاعَة من الْمَالِكِيَّة وَآخَرُونَ يجوز اجارتها بِالذَّهَب وَالْفِضَّة وَتجوز الْمُزَارعَة بِالثُّلثِ وَالرّبع وَغَيرهمَا وَبِهَذَا قَالَ بن شُرَيْح وَابْن خُزَيْمَة والخطابي وَغَيرهم من محققي أَصْحَابنَا وَهُوَ الرَّاجِح الْمُخْتَار وَأما الشَّافِعِي وموافقوه فاعتمدوا بِصَرِيح رِوَايَة رَافع بن خديج وثابت الضَّحَّاك فِي جَوَاز الاجارة بِالذَّهَب وَالْفِضَّة وَنَحْوهمَا وتأولوا أَحَادِيث النَّهْي بتأويلين أَحدهمَا حملهَا على إِجَارَتهَا بِمَا على الماذيانات أَو بزرع قِطْعَة مُعينَة أَو بِالثُّلثِ وَالرّبع وَيجوز ذَلِك كَمَا فسره الروَاة فِي هَذِه الْأَحَادِيث الَّتِي ذَكرنَاهَا وَالثَّانِي حملهَا على كَرَاهَة التَّنْزِيه والارشاد الى اعارتها كَمَا نهى عَن بيع الْغرَر نهى تَنْزِيه بل يتواهبونه وَنَحْو ذَلِك وَهَذَانِ التأويلان لَا بُد مِنْهُمَا أَو من أَحدهمَا للْجمع بَين الْأَحَادِيث وَقد أَشَارَ الى هذاالتأويل الثَّانِي البُخَارِيّ وَغَيره وَمَعْنَاهُ عَن بن عَبَّاس انْتهى
قَوْله
[2467]
عَامل أهل خَيْبَر بِشَطْر الخ قَالَ النَّوَوِيّ فِي هَذِه الْأَحَادِيث جَوَاز المساقات وَبِه قَالَ مَالك وَالثَّوْري وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَجَمِيع فُقَهَاء الْمُحدثين وَأهل الظَّاهِر وجماهير الْعلمَاء وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يجوز وَتَأَول هَذِه الْأَحَادِيث على ان خَيْبَر فتحت عنْوَة وَكَانَ أَهلهَا عبيد لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَمَا اخذه فَهُوَ لَهُ وَمَا تَركه فَهُوَ لَهُ وَاحْتج الْجُمْهُور بظواهر هَذِه الْأَحَادِيث وَبِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم اقركم مَا اقركم الله وَهَذَا صَرِيح فِي أَنهم لم يَكُونُوا عبيدا قَالَ القَاضِي وَقد اخْتلفُوا فِي خَيْبَر هَل فتحت عنْوَة أَو صلحا أَو بجلاء أَهلهَا عَنْهَا أَو بِغَيْر قتال أَو بَعْضهَا صلحا وَبَعضهَا عنْوَة وَبَعضهَا جلاء عَنهُ أَهله أَو بَعْضهَا صلحا وَبَعضهَا عنْوَة قَالَ وَهَذَا أصح الْأَقْوَال وَهِي رِوَايَة عَن مَالك وَبِه قَالَ بن عُيَيْنَة قَالَ وَفِي كل قَول اثر مَرْوِيّ وَفِي رِوَايَة لمُسلم ان رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا ظهر على خَيْبَر أَرَادَ إِخْرَاج الْيَهُود مِنْهَا وَكَانَت الأَرْض حِين ظهر عَلَيْهَا لله وَلِرَسُولِهِ وللمسلمين وَهَذَا يدل لمن قَالَ عنْوَة إِذْ حق الْمُسلمين إِنَّمَا هُوَ فِي العنوة وَظَاهر قَول العنوة وَظَاهر قَول من قَالَ صلحا انهم صولحوا على كَون الأَرْض للْمُسلمين انْتهى من ثَمَر أَو زرع يحْتَج بِهِ الشَّافِعِي وموافقوه وهم الْأَكْثَرُونَ فِي جَوَاز الْمُزَارعَة تبعا للمساقاة وان كَانَت الْمُزَارعَة لَا تجوز مُنْفَرِدَة وَقَالَ مَالك لَا يجوز الْمُزَارعَة لَا مُنْفَردا وَلَا تبعا الا مَا كَانَ من الأَرْض بَين الشّجر وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَزفر الْمُزَارعَة وَالْمُسَاقَاة فاسدتان سَوَاء جَمعهمَا أَو فرقهما وَقَالَ بن أبي ليلى وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَسَائِر الْكُوفِيّين وفقهاء الْمُحدثين وَأحمد بن خُزَيْمَة وَابْن شُرَيْح وَآخَرُونَ تجوز الْمُسَاقَاة والمزارعة مجتمعتين وَيجوز كل وَاحِدَة مِنْهُمَا مُنْفَرِدَة وَهَذَا هُوَ الظَّاهِر الْمُخْتَار بِحَدِيث خَيْبَر وَلِأَن الْمُسلمين فِي جَمِيع الْأَمْصَار والاعصار مستمرون على الْعلم بالمزارعة والمشاقاة كالمزارعة (نووي)
قَوْله
[2470]
فاتركوه فنزلوا عَنْهَا وَفِي رِوَايَة مُسلم فَتَرَكُوهُ فنقصت فَمَعْنَاه نَقَصُوا بثمرة النّخل عَن الْمِقْدَار السَّابِق وَقَوله إِنَّمَا هُوَ الظَّن ان كَانَ يُغني شَيْئا تلميح الى قَوْله تَعَالَى ان الظَّن لَا يُغني من الْحق شَيْئا فَعلم ان هَذَا الْأَمر مِنْهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ بطرِيق الِاجْتِهَاد والمشورة فَمَا كَانَ وَاجِب الِاتِّبَاع قَالَ الطَّيِّبِيّ وَفِي الحَدِيث دلَالَة على ان رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا الْتفت الى الْأُمُور الدُّنْيَوِيَّة قطّ وَمَا كَانَ على بَال مِنْهُ سوى الْأُمُور الاخروية قلت ان كَانَ مُرَاده من الْأُمُور الدُّنْيَوِيَّة مَا يتَعَلَّق بِأَهْل الحرفة كالمزارع وَالتِّجَارَة مثلا فَمُسلم وان كَانَ المُرَاد بهَا مَا يتَعَلَّق بقوام الابدان وَإِصْلَاح مَا بَينه فَلهُ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِك شَأْن خَاص يتحير فِيهِ الفهوم والمواجيد كأحكام الْمَوَارِيث وَإِقَامَة الحروب والمعاملات الدُّنْيَوِيَّة من البيع وَالشِّرَاء فَمَا ذَلِك الا من مدد سماوي فَتَأمل (إنْجَاح)
قَوْله
[2471]
يؤبرونه التَّأْبِير هُوَ إصْلَاح النّخل وتلقيحها قَوْله فَصَارَ شيصا فِي الْقَامُوس الشيص بِالْكَسْرِ ثمولا يشْتَد نواة كالشصاء أَو ارْض التَّمْر وَالْوَاحد بهَا انْتهى وَفِي الْمجمع وَقد لَا يكون لَهُ النَّوَوِيّ وَهُوَ الروي من الْبُسْر انْتهى (إنْجَاح)
قَوْله
[2474]
يَا حميراء الخ قَالَ فِي النِّهَايَة الْحُمَيْرَاء تَصْغِير الْحَمْرَاء يُرِيد الْبَيْضَاء وَقد تكَرر فِي الحَدِيث وَهَذَا الحَدِيث أوردهُ بن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات واعله بعلي بن زيد بن جدعَان وَقَالَ بَعضهم كل حَدِيث ورد فِيهِ الْحُمَيْرَاء ضَعِيف وَاسْتثنى من ذَلِك مَا أخرجه الْحَاكِم من طَرِيق عبد الْجَبَّار بن الْورْد عَن عمار الذَّهَبِيّ عَن سَالم بن أبي الْجَعْد عَن أم سَلمَة قَالَت ذكر النَّبِي خُرُوج بعض أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ فَضَحكت عَائِشَة فَقَالَ انظري يَا حميراء وان لَا تَكُونِي أَنْت الحَدِيث قَالَ الْحَاكِم صَحِيح على شَرط البُخَارِيّ وَمُسلم (زجاجة)
قَوْله وَمن سقى مُسلما الخ قَالَ الوكاني رَوَاهُ بن عدي من حَدِيث عَائِشَة من سقى مُسلما الخ وَفِيه فَكَأَنَّمَا احيى نسمَة مُؤمنَة قَالَ وَفِيه مُتَّهم مَتْرُوك (إنْجَاح)
قَوْله
[2475]
ملح سد مأرب اسْم مَوضِع فِي الْقَامُوس مارب كمنزل مَوضِع بِالْيمن مملحة وَالْمَاء الْعد بِالْكَسْرِ هُوَ مَاله مَادَّة لَا تَنْقَطِع كَالْعَيْنِ وَالْكثير وَالْقَدِيم وَالظَّاهِر هُنَا بِمَعْنى الْكَثْرَة كَذَا فِي اللمعات وَقَوله قد اقلتك على ان تَجْعَلهُ مني صَدَقَة أَي بِشَرْط ان لَا تهبه غَيْرِي وتجعله وَقفا للْمُسلمين وَقَوله جَوف مُرَاد قَالَ فِي الْقَامُوس هُوَ مَوضِع بِأَرْض مُرَاد وَهُوَ الْمَذْكُور فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى انا ارسلنا نوحًا الى قومه (إنْجَاح)
قَوْله فاستقال الخ قَالَ السُّبْكِيّ الظَّاهِر ان استقالته تطييب لِقَلْبِهِ تكرما مِنْهُ صلى الله عليه وسلم وَقَوله هُوَ مِنْك صَدَقَة مُبَالغَة فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق (زجاجة)
قَوْله
[2476]
وَرَأى نَاسا يبيعون المَاء أَي المَاء الْغَيْر المحرز فَإِن المحرز بِإِنَاء أوجب يُفِيد الْملك فَلَا ينْتَفع بِهِ أحد الا بِإِذن صَاحبه باحرازه كَذَا فِي الدّرّ (إنْجَاح)
قَوْله
[2477]
عَن بيع فضل المَاء أَي إِذا كَانَ لَهُ مَاء فَإِن فضل عَن حَاجته وَالنَّاس يَحْتَاجُونَ اليه لم يجز لَهُ ان يمنعهُ وكذك حكم الكلاء الا ان يحميه الْوَالِي (إنْجَاح)
قَوْله
[2478]
لَا يمْنَع أحدكُم فضل مَاء ليمنع بِهِ الكلاء قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ ان تكون لإِنْسَان بير مَمْلُوكَة لَهُ بالفلاة وفيهَا مَاء فَاضل عَن حَاجته وَيكون هُنَاكَ كلاء لَيْسَ عِنْده مَاء الا هَذِه فَلَا يُمكن أَصْحَاب الْمَوَاشِي رعيه الا إِذا حصل لَهُم السَّقْي من هَذِه الْبِئْر فَيحرم عَلَيْهِ منع فضل هَذَا المَاء للماشية وَيجب بذله بِلَا عوض لِأَنَّهُ إِذا منع بذله امْتنع النَّاس من رعي ذَلِك الكلاء خوفًا على مَوَاشِيهمْ من الْعَطش وَيكون بِمَنْعه المَاء مَانِعا من رعي الكلاء وَأما الرِّوَايَة الأولى نهى عَن بيع فضل المَاء فَهِيَ مَحْمُولَة على هَذَا الثَّانِيَة الَّتِي فِيهَا ليمنع بِهِ الكلاء وَيحْتَمل انه فِي غَيره وَيكون نهي تَنْزِيه قَالَ أَصْحَابنَا يجب بذلك أفضل المَاء بالفلاة وَأعلم ان الْمَذْهَب الصَّحِيح ان من نبع فِي ملكه مَاء صَار مَمْلُوكا لَهُ وَقَالَ بعض أَصْحَابنَا لَا يملكهُ اما إِذا اخذ المَاء اناء من المَاء الْمُبَاح فَإِنَّهُ يملكهُ هَذَا هُوَ الصَّوَاب وَقد نقل بَعضهم الْإِجْمَاع انْتهى
قَوْله
[2479]
وَلَا يمْنَع نقع الْبِئْر أَي فضل مَائِهَا لِأَنَّهُ ينقع بِهِ الْعَطش أَي يرْوى يُقَال شرب حَتَّى نقع أَي روى وَقيل النَّقْع المَاء الناقع وَهُوَ الْمُجْتَمع (زجاجة)
قَوْله
[2480]
فِي شراج الْحرَّة الشراج بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة جمع شرجة هِيَ مسيل المَاء من الْحرَّة أَي الأَرْض ذَات الْحِجَارَة الى السهل فَتَلَوَّنَ أَي تغير بسب الْغَضَب وَقَوله حَتَّى يرجع الى الْجدر الْجدر بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الدَّال الْحَائِط أَي حَتَّى يبلغ المَاء الى جَمِيع الأَرْض وقدروه بِأَن تبلغ كَعْب الْإِنْسَان كَذَا فِي اللمعات وَالرجل هُوَ حَاطِب وَقيل غَيره وَمن نسبه الى النِّفَاق فَهُوَ مجترئ لِأَنَّهُ لَا يُطلق الْأنْصَارِيّ على من اتهمَ بِهِ كَذَا فِي الْمجمع
قَوْله
[2481]
فِي سيل مهزور بِتَقْدِيم الزَّاي على الرائ وَادي بني قُرَيْظَة بالحجاز فَأَما بِتَقْدِيم الرَّاء على الزَّاي فموضع سوق الْمَدِينَة تصدق بِهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على الْمُسلمين (زجاجة)
قَوْله فِي سيل المهز وراسم وَاد قَوْله الْأَعْلَى على فَوق الاسفل أَي فِي اسْتِحْقَاق المَاء وَجُمْلَة يسقى الا على الخ كالتفسير لَهُ (إنْجَاح)
[2483]
وَكَذَلِكَ أَي يصل الْحق فِي المَاء من الْأَعْلَى الى الاسفل حَتَّى تتمّ الْبَسَاتِين أَو يفنى المَاء وَعلم مِنْهُ ان المَاء إِذا لم يسْتَوْف الْبَسَاتِين كلهَا لَيْسَ لصَاحب الاسفل النزاع مَعَ الْأَعْلَى فِي اخذ المَاء مَا لم يبلغ الْأَعْلَى الى الْكَعْبَيْنِ (إنْجَاح)
قَوْله
[2484]
تبدأ الْخَيل ضبط بَعضهم هَذَا اللَّفْظ مهمزا من التبدأته هُوَ من البدأ فَمَعْنَاه تبدأ الْخَيل يَوْم وردهَا على المَاء على غَيرهَا من الْمَوَاشِي كالابل وَالْغنم وَذَلِكَ الِابْتِدَاء كشرفها لِأَنَّهَا الى الْجِهَاد وَيحْتَمل ان يكون اللَّفْظ مضاعفا من بدد بِمَعْنى التَّفْرِيق فِي الْقَامُوس جَاءَت الْخَيل بدادا وبددا مُتَفَرِّقَة فعلى هَذَا مَعْنَاهُ ان لَا يزاحم الْخَيل على المَاء بل يجاء بِوَاحِد بِعَدَد أحد مُتَفَرِّقَة لكَي لَا يتَأَذَّى بِهِ النَّاس أَو الدَّوَابّ من حوافها (إنْجَاح)
قَوْله
[2485]
كل قسم قسم فِي الْجَاهِلِيَّة الخ أَي كل قسم من الْمَوَارِيث وَحُقُوق المَاء وَغَيرهَا قسم قبل مَجِيء الْإِسْلَام لَا يُغير الْإِسْلَام ذَلِك التَّقْسِيم (إنْجَاح)
قَوْله
[2487]
مدر شائها أَي مِقْدَار مد حبالها يُدْلِي بهَا الى الْبِئْر قَالَ فِي الدّرّ حَرِيم بِئْر الناضح كبئر العطن وَهِي الَّتِي ينْزع المَاء مِنْهَا بِالْيَدِ والعطن مناخ الْإِبِل حول الْبِئْر أَرْبَعُونَ ذِرَاعا من كل جَانب وَقَالا ان كَانَ للناضح فستون وَفِي شرح الشَّرّ نبلالية عَن شرح الْجمع لَو عمق الْبِئْر فَوق أَرْبَعِينَ يُزَاد عَلَيْهَا انْتهى لَكِن نسبه الْقُهسْتَانِيّ لمُحَمد ثمَّ قَالَ ويفتى بقول الامام انْتهى (إنْجَاح)
قَوْله
[2488]
قضى فِي النَّخْلَة والنخلتين الخ أَي قضى لرجل تكون الشَّجَرَة أَو الشجرتان فِي النّخل أَي فِي الْبُسْتَان فالنخلة الأولى بِمَعْنى الشَّجَرَة وَالثَّانِي بِمَعْنى الْبُسْتَان وَيُطلق على الْبُسْتَان مجَاز فيختلفون فِي حُقُوق ذَلِك أَي يخْتَلف صَاحب الْبُسْتَان من صَاحب النخيل المعدودة فِي قطع حريمها لِأَن الشّجر إِذا كَانَ قَرِيبا من الاخر يجتذب قوته الى الثَّانِي وَذَلِكَ مُخْتَلف باخْتلَاف الْأَشْجَار ولذك يحرم لكل شَجَرَة مَا يَقْتَضِي قوتها فِي تجربتهم فَحرم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم للنخلة مِقْدَار طولهَا وَهُوَ المُرَاد من مبلغ جريدها وَفِي الدّرّ وحريم الشّجر يغْرس فِي أَرض الْموَات خَمْسَة أَذْرع من كل جَانب فَلَيْسَ لغيره ان يغْرس فِيهِ إنْجَاح الْحَاجة
قَوْله
[2490]
قمنا ان لَا يُبَارك لَهُ أَي حقيق وجدير يَعْنِي بيع الأَرْض والدور وَصرف ثمنهَا فِي المنقولات غير مُسْتَحبّ لِأَنَّهَا كَثِيرَة الْمَنَافِع قَليلَة الافة لَا يسرقها سَارِق وَلَا يلْحقهَا غَارة ذكره الطَّيِّبِيّ (إنْجَاح)
قَوْله من بَاعَ رباعا الرباع بِالْكَسْرِ الرَّاء جمع ربع بِالْفَتْح وَهِي الدَّار بِعَينهَا حَيْثُ كَانَت والمحلة والمنزل (إنْجَاح)
قَوْله
[2495]
أَحَق بسقبه السقب محركا الْقرب وَهَذَا الحَدِيث يدل على ثُبُوت الشُّفْعَة للْجَار وَالثَّانِي يأوله للشَّرِيك فَإِنَّهُ يُسمى جارا وَقد يَجْعَل الْبَاء للسَّبَبِيَّة الْأَصْلِيَّة أَحَق وَيُرَاد أَنه أَحَق بِالْبرِّ والمعونة بِسَبَب قربه وجواره وَقَالَ التوربشتي هَذَا تعسف وَقد علم ان الحَدِيث قد روى عَن الصَّحَابِيّ فِي قصَّة صَار الْبَيَان مَقْرُونا بِهِ وَلِهَذَا أوردهُ عُلَمَاء النَّقْل فِي كتب الْأَحْكَام فِي بَاب الشُّفْعَة وأولهم وأفضلهم البُخَارِيّ ذكره بِقصَّة عَمْرو بن الشريد انْتهى وَفِي الْهِدَايَة آخر هَذَا الحَدِيث قيل يَا رَسُول الله مَا سقبه قَالَ شفعته لمعات
قَوْله
[2497]
قضى بِالشُّفْعَة الخ الشُّفْعَة مُشْتَقَّة من الشفع وَهُوَ الضَّم سميت بهَا لما فِيهَا من ضم الْمُشْتَرَاة إِلَى عقار الشكيع احْتج هَذَا الحَدِيث الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة قَالُوا إِنَّمَا يثبت الشُّفْعَة للشَّرِيك وَلَا يثبت للْجَار وَعند أبي حنيفَة وَفِي رِوَايَة عَن أَحْمد يثبت للْجَار أَيْضا وَاحْتج بِحَدِيث جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْجَار أَحَق بشفعة جَاره ينْتَظر بِمَا رَوَاهُ الْخَمْسَة قَالَ التِّرْمِذِيّ إِنَّه حسن غَرِيب لَكِن قد تكلم فِيهِ بَعضهم وَقَالَ بعض الْمُحدثين انه صَحِيح وَمن تكلم فِيهِ تكلم بِلَا حجَّة وَعَن أنس ان رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ جَار الدَّار أَحَق بِالدَّار رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْن حبَان كَذَا فِي اللمعات
قَوْله مُحَمَّد بن حَمَّاد الطهراني بِكَسْر الطَّاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْهَاء ثِقَة حَافظ قَالَ فِي اللّبَاب نسبته الى طهران الرّيّ وَفِي الْقَامُوس طهران بالكسرة قَرْيَة بأصبهان وقرية بِالريِّ انْتهى (إنْجَاح)
قَوْله
[2500]
الشُّفْعَة كحل العقال يَعْنِي انها لَا تبقى كَمَا ان الْإِبِل إِذا حلت عقالها لَا يمْكث حينا مَا لِأَنَّك إِذا سَمِعت بِبيع الأَرْض الاحقة من ارضك وَسكت عَلَيْهِ خرجت من حَقك فَلَا يسع لَك طلب الشُّفْعَة بعد السُّكُوت وَهَذَا مُوَافق لما هُوَ فِي جَوَاهِر الْفَتَاوَى انه على الْفَوْر وَعَلِيهِ الْفَتْوَى بِخِلَاف مَا فِي الْمُتُون يطْلبهَا الشَّفِيع فِي مجْلِس علمه وان امْتَدَّ الْمجْلس كَذَا فِي الدّرّ (إنْجَاح)
قَوْله الشُّفْعَة كحل العقال قَالَ السُّبْكِيّ فِي شرح الْمِنْهَاج الْمَشْهُور ان مَعْنَاهُ إِنَّهَا تفوت إِذا لم يبتدر إِلَيْهَا كالبعير الشرد إِذا يحل عقاله وَقيل مَعْنَاهُ حل البيع من الشَّخْص وإيجابه للْغَيْر (زجاجة)
[2501]
إِذا سبق بِالشِّرَاءِ لَعَلَّ هَذَا مَحْمُول على علم الشَّرِيك الاخر وسكوته والا فَالشُّفْعَة بِقدر رُؤُوس الشفعاء عندنَا وَهَذَا الحَدِيث مُخَالف أَيْضا للْحَدِيث السَّابِق فِي الْبَاب الأول الْمَرْوِيّ عَن جَابر ينْتَظر بهَا انكان غَائِبا قَالَ فِي الدّرّ لَو كَانَ بَعضهم غَائِبا يقْضِي بِالشُّفْعَة بَين الْحَاضِرين فِي الْجَمِيع لاحْتِمَال عدم طلبه فَلَا يُؤَخر بِالشَّكِّ وَكَذَا لَو كَانَ الشَّرِيك غَائِبا فَطلب الْحَاضِر يقْضِي لَهُ بِالشُّفْعَة كلهَا ثمَّ إِذا حضر وَطلب قضى لَهما فَلَو مثل الأول قضى لَهُ بِبَعْضِه وَلَو فَوْقه فبكله وَلَو دونه مَنعه وَفِيه أَيْضا صبي شَفِيع لاولى لَهُ لَا تبطل شفعته فَحَدِيث الْبَاب لَا يَخْلُو عَن اشكال لِأَن الْمسَائِل الثَّلَاث الْمَذْكُورَة فِي الحَدِيث الْمَذْهَب فِي كلهَا خِلَافه وَفِي إِسْنَاده مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الْبَيْلَمَانِي وَهُوَ ضَعِيف قد اتهمه بن عدى وَابْن حبَان ذكره بن حجر وَمُحَمّد بن الْحَارِث ان كَانَ هُوَ بن زِيَاد بن الرّبيع الْحَارِثِيّ الْبَصْرِيّ فضعيف أَيْضا كَذَا ذكره فِي التَّقْرِيب (إنْجَاح)
قَوْله
[2502]
ضَالَّة الْمُسلم حرق النَّار هُوَ بالحركة وَقد يسكن أَي ضَالَّة الْمُؤمن إِذا اخذها انسان ليستملكها ادته الى النَّار كَذَا فِي مجمع الْبحار وَقَالَ الشَّيْخ فِي اللمعات هَذَا وَعِيد لمن لم يراع احكام الشَّرْع فِيهَا قَالَ فِي الدّرّ الْمُخْتَار ندب دَفعه لمَالِكهَا لَا لنَفسِهِ ان امن على نَفسه تَعْرِيفهَا والا فالترك أولى وَفِي الْبَدَائِع وان اخذها لنَفسِهِ حرم لِأَنَّهَا كالغصب وَجب لخوف ضياعها (إنْجَاح)
قَوْله
[2503]
كنت مَعَ أبي بالبوازيج بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَالْوَاو كسر الزاء الْمُعْجَمَة وَإِسْكَان الْيَاء ثمَّ الْجِيم قَالَ فِي الْقَامُوس بلد قريب تكريت فتحهَا جرير البَجلِيّ مِنْهُ مَنْصُور بن الْحسن البَجلِيّ والجريري وَمُحَمّد بن عبد الْكَرِيم البوازيجيان انْتهى قَوْله فراحت الْبَقر من الرواح وَهُوَ طرد النعم الى مراحها والمراح بِالضَّمِّ المأوى إنْجَاح الْحَاجة
قَوْله لَا يأوي الضَّالة الا ضال قَالَ فِي النِّهَايَة الضَّالة الضائعة من كل مَا يفنى من الْحَيَوَان وَغَيره يُقَال ضل الشَّيْء إِذا ضَاعَ وَهُوَ فِي الأَصْل فاعلة ثمَّ اتَّسع فِيهَا فَصَارَت من الصِّفَات الْغَالِبَة وَتَقَع على الذّكر وَالْأُنْثَى والاثنين وَالْجمع وَالْمرَاد بهَا فِي الحَدِيث الضَّالة من الْإِبِل وَالْبَقر مِمَّا يحمي نَفسه وَيقدر على الابعاد فِي طلب المرعى وَالْمَاء بِخِلَاف الْغنم (زجاجة)
قَوْله
[2504]
اعرف عفاصها هُوَ بِكَسْر الْعين الْوِعَاء الَّذِي يكون فِيهِ النَّفَقَة من جلد أَو خرقَة وَغير ذَلِك من العفص وَهُوَ الثني والعطف وَبِه سمى الْجلد الَّذِي يَجْعَل على راس القارورة عفاصا وَقَوله ووكائها بِكَسْر الْوَاو الْمَدّ الَّذِي يرْبط بِهِ الصرة والكيس وَغَيرهمَا مِصْبَاح الزجاجة
قَوْله
[2505]
فليشهد من الاشهاد وَهُوَ أَمر ندب وَقيل أَمر وجوب قَالُوا وَالْحكمَة فِيهِ دفع طمع النَّفس وان لَا يعد من تركته على تَقْدِير الْفُجَاءَة أَقُول وان لَا يدعى صَاحبهَا الزِّيَادَة عَن حَقه وَهُوَ ظَاهر لمعات
قَوْله
[2506]
ثمَّ عرفهَا سنة وَمحل تَعْرِيف مَحل وجدانها ان أمكن والاسواق وأبواب الْمَسَاجِد فِي ادبار الصَّلَوَات وَنَحْو ذَلِك من مجامع النَّاس وَلَا يعرف فِي الْمَسْجِد للنَّهْي عَن ذَلِك وَوَقته النَّهَار وَصفَة التَّعْرِيف ان يَقُول من ضَاعَ لَهُ شَيْء أَو تفقد أَو ذهب وَلَا يذكر الصّفة ثمَّ التَّقْدِير بِسنة هُوَ قَول مُحَمَّد وَالشَّافِعِيّ وَمَالك وَأحمد بِظَاهِر الحَدِيث وَالصَّحِيح عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف انه غير مُقَيّد بِمدَّة مَعْلُومَة وَذكر السّنة فِي الحَدِيث وَقع اتِّفَاقًا بِاعْتِبَار الْغَالِب قَالَ فِي الْهِدَايَة ان كَانَ أقل من عشرَة دَرَاهِم عرفهَا أَيَّامًا وان كَانَت عشرَة فَصَاعِدا عرفهَا شهرا وان كَانَت مائَة أَو أَكثر عرفهَا حولا وَهَذِه رِوَايَة عَن أبي حنيفَة وَقَوله أَيَّامًا على حسب مَا يرى وَقدره مُحَمَّد فِي الأَصْل بالحول من غير تَفْصِيل بَين الْقَلِيل وَالْكثير وَقيل الصَّحِيح ان شَيْئا من هَذِه التقادير لَيْسَ بِلَازِم ويفرض الى رَأْي الْمُلْتَقط فيعرفها الى ان يغلب على ظَنّه ان صَاحبهَا لَا يطْلب بعد ذَلِك والتعريف فِيمَا لَا يبْقى كالاطعمة الْمعدة للْأَكْل وَبَعض الثِّمَار الى ان يخَاف فَسَاده قَوْله فَإِن جَاءَ من يعرفهَا أَي فَردهَا اليه فعندنا يجب الرَّد ان أَقَامَ الْبَيِّنَة وَلَا يجب بِدُونِهِ وَحل الدّفع عِنْد إِعْطَاء الْعَلامَة وَلَا يجْبر على ذَلِك عندنَا وَهُوَ قَول الشَّافِعِي والعلامة مثل ان يُسمى وزن الدَّرَاهِم وعددها ووكائها ووعائها قَوْله والا سَبِيل مَالك ذهب الشَّافِعِي وَأحمد الى أَنه بعد السّنة يتملكها الْمُلْتَقط غَنِيا كَانَ أَو فَقِيرا وَذهب بعض الصَّحَابَة الى انه يتَصَدَّق بهَا الْغَنِيّ وَلَا يتملكها وَهُوَ قَول بن عَبَّاس وَالثَّوْري وَابْن الْمُبَارك وَأَصْحَاب أبي حنيفَة ثمَّ بعد التَّصَدُّق ان جَاءَ صَاحبهَا فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ اخْتَار ثَوَاب الصَّدَقَة وَإِن شَاءَ ضمن الْمُلْتَقط ملتقط من اللمعات
قَوْله ثمَّ عرفهَا سنة قَالَ الْعَيْنِيّ اخْتلف الرِّوَايَات فِيهِ فَفِي رِوَايَة عرفهَا ثَلَاثًا وَفِي الْأُخْرَى حولا وَفِي الْأُخْرَى حَوْلَيْنِ قَالَ الْمُنْذِرِيّ لم يقل أحد من أَئِمَّة الْفَتْوَى ان اللّقطَة تعرف ثَلَاثَة اعوام الارواية عَن عمر رض وَقد روى عَن عمر أَيْضا انها تعرف سنة
قَوْله
[2508]
مَا اخْرُج الجرذ الجرذ كصرو ضرب من الفار جمعه جرذان وَفَائِدَة التَّرْجَمَة ان مَا أخذت الطُّيُور أَو حشرات الأَرْض من مَال فَحكمه حكم اللّقطَة (إنْجَاح)
قَوْله فَإِنَّمَا يبعر كَمَا تبعر الْإِبِل أَي بِسَبَب قلَّة الْغذَاء وَعدم الدسومة يضعون كَمَا تضع الشَّاة وَالْبَعِير من البعرات (إنْجَاح)
قَوْله فشلت على وزن قلت بالشين الْمُعْجَمَة أَي رفعت من شالت النَّاقة بذنبها أَي رفعته وَفِي بعض النّسخ بِالسِّين واللامين مضاعفا من سل يسل وَهُوَ الانتزاع من قَوْله فسللت السَّيْف أَي نتزعته (إنْجَاح)
قَوْله فَلم يفن اخرها حَتَّى مَاتَ الظَّاهِر ان هَذِه كلمة مدح أَي اسْتَجَابَ الله تَعَالَى دَعْوَة نبيه صلى الله عليه وسلم فِي الْبركَة فِيهِ حَيْثُ لم يفن ذَلِك المَال الى مَوته وَإِنَّمَا سَأَلَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَعَلَّك اتبعت يدك فِي الْحجر لِأَن هَذَا لشين بِهِ لِأَنَّهُ حرص على المَال فَإِنَّهُ روى عَنهُ صلى الله عليه وسلم انه قَالَ مَا جَاءَك من هَذَا المَال أَنْت غير مشرف وَلَا سَائل فَخذه ومالا فَلَا تتبعه نَفسك أخرجه الشَّيْخَانِ عَن عمر بن الْخطاب والمقداد مَاتَ سنة 33 صَحَابِيّ مَشْهُور من السَّابِقين ذكره بن حجر (إنْجَاح)
قَوْله
[2509]
وَفِي الرِّكَاز الْخمس المُرَاد بالوكاز عِنْد الْحَنَفِيَّة الْمَعْدن وَعند أهل الْحجاز دَفِين أهل الْجَاهِلِيَّة لمعات
قَوْله
[2512]
بَاعَ الْمُدبر أهل الحَدِيث على جَوَاز بيع الْمُدبر واليه ذهب الشَّافِعِي وَأحمد وَذهب أَبُو حنيفَة وَمَالك الى انه لَا يجوز وَأولُوا الحَدِيث بِأَن المُرَاد فِيهِ الْمُدبر الْمُقَيد بِأَن قَالَ إِن مت من مرضِي هَذَا وشهري هَذَا فَأَنت حر وَهَذَا الْمُدبر لَا يعْتق بِخِلَاف الْمُطلق بِدَلِيل أَحَادِيث الْأُخَر (إنْجَاح)
[2514]
الْمُدبر من المثلث نقل فِي بعض الْحَوَاشِي عَن شرح السّنة ان عتق الْمُدبر يكون من الثُّلُث عِنْد عَامَّة أهل الْعلم وَحكى عَن إِبْرَاهِيم وَسَعِيد بن جُبَير ومسروق ان الْمُدبر يعْتق من جَمِيع المَال وَالله أعلم (إنْجَاح)
قَوْله هَذَا خطأ لَعَلَّ هَذَا من قبل عَليّ بن ظبْيَان بِمُعْجَمَة مَفْتُوحَة ثمَّ مُوَحدَة سَاكِنة لِأَنَّهُ ضَعِيف كَمَا فِي التَّقْرِيب (إنْجَاح)
قَوْله
[2516]
ذكرت أم إِبْرَاهِيم أَي بن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهِي المارية الْقبْطِيَّة أهديت لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَولدت مِنْهُ إِبْرَاهِيم وَمَات وَهُوَ فِي أَيَّام الرَّضَاع إنْجَاح الْحَاجة
قَوْله قَالَ بن ماجة قَالُوا هَذَا لازواج النَّبِي صلى الله عليه وسلم خَاصَّة كَذَا فِي نُسْخَة أَي الْحجاب قبل الْأَدَاء خُصُوص بأزواجه صلى الله عليه وسلم وَأما غَيْرهنَّ فالاحتجاب لَهُنَّ من مواليهن بعد الْأَدَاء وَفِيه دَلِيل على ان عبد الْمَرْأَة محرمها وَبِه قَالَ الشَّافِعِي خلافًا لأبي حنيفَة قَالَ قاضيخان وَالْعَبْد فِي النّظر الى مولاته الْحرَّة الَّتِي لَا قرَابَة بَينه وَبَينهَا بِمَنْزِلَة الرجل الْأَجْنَبِيّ ذكر عَليّ الْقَارِي فَتَأْوِيل الحَدِيث بِأَن المُرَاد مِنْهُ الاحتجاب المفرط فَإِن العَبْد لِكَثْرَة دُخُوله وَخُرُوجه وخدمته لسيدته لَا تحتجب عَنهُ حق احتجاب كَالْكَلَامِ مَعَه وَالنَّظَر الى الْكَفَّيْنِ وَالْوَجْه كَمَا تحتجب من غَيره من الاجانب ذكر فِي المدارك فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى وَمَا ملكت ايمانهن قَالَ سعيد بن الْمسيب لَا يَغُرنكُمْ سُورَة النُّور فَإِنَّهَا فِي الاماء دون الذُّكُور (إنْجَاح)
قَوْله
[2521]
ان بَرِيرَة اتتها وَهِي مُكَاتبَة قَالَ النَّوَوِيّ فِي هَذَا الحَدِيث فَوَائِد أَحدهَا ان بَرِيرَة كَانَت مُكَاتبَة وباعها الموَالِي واشترتها عَائِشَة واقر النَّبِي صلى الله عليه وسلم بيعهَا فاحتج بِهِ طَائِفَة من الْعلمَاء فِي أَنه يجوز بيع الْمكَاتب وَمِمَّنْ جوزه عَطاء وَالنَّخَعِيّ وَأحمد وَمَالك فِي رِوَايَة عَنهُ وَقَالَ بن مَسْعُود وَرَبِيعَة وَأَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَبَعض الْمَالِكِيَّة وَمَالك فِي رِوَايَة عَنهُ لَا يجوز بَيْعه وَقَالَ بعض الْعلمَاء يجوز بَيْعه لِلْعِتْقِ لَا للاستخدام وَأجَاب من أبطل بَيْعه عَن حَدِيث بَرِيرَة بِأَنَّهَا عجزت نَفسهَا وفسخوا الْكِتَابَة الْموضع الثَّانِي قَوْله صلى الله عليه وسلم فافعلي وَفِي رِوَايَة مُسلم اشتريها واعتقيها واشترطي لَهُم الْوَلَاء وَهَذَا مُشكل من حَيْثُ انها اشترتها وشرطت لَهُم الْوَلَاء وَهَذَا الشَّرْط يفْسد البيع وَمن حَيْثُ انها خدعت البائعين وشرطت لَهُم مَالا يَصح وَلَا يحصل لَهُم وَكَيف اذن لعَائِشَة فِي هَذَا وَلِهَذَا الاشكال انكر بعض الْعلمَاء هَذَا الحَدِيث بجملته وَهَذَا مَنْقُول عَن يحيى بن أَكْثَم وَاسْتدلَّ بِسُقُوط هَذِه اللَّفْظَة فِي كثير من الرِّوَايَات وَقَالَ جَمَاهِير الْعلمَاء هَذِه اللَّفْظَة صَحِيحَة وَاخْتلفُوا فِي تَأْوِيلهَا فَقيل معنى اشترطي لَهُم الْوَلَاء أَي اظهري حكم الْوَلَاء وَقيل المُرَاد الزّجر والتوبيخ لَهُم لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ بَين لَهُم حكم الْوَلَاء وان هَذَا الشَّرْط لَا يحل فَلَمَّا لجوا فِي اشْتِرَاطه وَمُخَالفَة الْأَمر قَالَ لعَائِشَة هَذَا يَعْنِي لَا تبالي سَوَاء شرطته أم لَا فَإِنَّهُ شَرط بَاطِل مَرْدُود فعلى هَذَا لَا يكون لَفْظَة اشترطي أَو افعلي للْإِبَاحَة وَالأَصَح فِي تَأْوِيل الحَدِيث مَا قَالَه أَصْحَابنَا فِي كتب الْفِقْه ان هَذَا الشَّرْط خَاص فِي قصَّة عَائِشَة وَاحْتمل هَذَا الْإِذْن وإبطاله فِي هَذِه الْقِصَّة الْخَاصَّة وَهِي قَضِيَّة عين لَا عُمُوم لَهَا قَالُوا وَالْحكمَة فِي اذنه ثمَّ ابطاله ان يكون ابلغ فِي قطع عَادَتهم فِي ذَلِك وزجرهم عَن مثله كَمَا اذن لَهُم صلى الله عليه وسلم فِي الْإِحْرَام بِالْحَجِّ فِي حجَّة الْوَدَاع ثمَّ أَمرهم بفسخه وَجعله عمْرَة وَقد يتَحَمَّل الْمفْسدَة الْيَسِيرَة لتَحْصِيل مصلحَة عَظِيمَة انْتهى
قَوْله