المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب سجود القرآن أعلم ان الأئمة اختلفوا في وجوب سجود التلاوة وعدمه فذهب - شرح سنن ابن ماجه للسيوطي وغيره

[الجلال السيوطي]

فهرس الكتاب

- ‌شرح سنَن ابْن مَاجَه

- ‌ بَاب اتِّبَاع السّنة

- ‌أَبْوَاب الطَّهَارَة وسننها أَي من الحَدِيث والخبث وَأَصلهَا النَّظَافَة من كل عيب حسي

- ‌بَاب الِاسْتِبْرَاء بعد الْبَوْل اسْتِبْرَاء الذّكر استنقاء من الْبَوْل استنثر من الْبَوْل

- ‌بَاب الترجيع

- ‌بَاب سُجُود الْقُرْآن أعلم ان الْأَئِمَّة اخْتلفُوا فِي وجوب سُجُود التِّلَاوَة وَعَدَمه فَذهب

- ‌بَاب مَا جَاءَ فِي التقليس التقليس الضَّرْب بالدف والغناء واستقبال الْوُلَاة عِنْد

- ‌بَاب فِي لَيْلَة الْقدر إِنَّمَا سميت بهَا لِأَنَّهُ يقدر فِيهَا الارزاق وَيَقْضِي وَيكْتب

- ‌بَاب من اسْتَفَادَ مَالا المُرَاد بِالْمَالِ الْمُسْتَفَاد المَال الَّذِي حصل للرجل فِي

- ‌بَاب صَدَقَة الْفطر قد اخْتلف فِيهَا على ثَلَاثَة مقالات الأول فِي فرضيته فَفرض عِنْد

- ‌بَاب الْعَزْل الْعَزْل هُوَ ان يُجَامع فَإِذا قَارب الْإِنْزَال نزع وَانْزِلْ خَارج الْفرج وَهُوَ

- ‌قَوْله اللّعان من اللَّعْن وَهُوَ الطَّرْد والبعد سمى بِهِ لكَونه سَبَب الْبعد بَينهمَا

- ‌قَوْله من ورى فِي يَمِينه من التورية وَهِي كتمان الشَّيْء وَإِظْهَار خلاف ذَلِك

- ‌بَاب الْمُرْتَد عَن دينه الْمُرْتَد هُوَ الرَّاجِع عَن دين الْإِسْلَام أعلم إِذا ارْتَدَّ

- ‌بَاب من شرب الْخمر مرَارًا قَالَ النَّوَوِيّ وَأما الْخمر فقد اجْمَعْ الْمُسلمُونَ على

- ‌بَاب الْقسَامَة هُوَ اسْم بِمَعْنى الْقسم وَقيل مصدر يُقَال قسم يقسم قسَامَة إِذا حلف

- ‌بَاب فَرَائض الصلب وَهُوَ بِالضَّمِّ وبالتحريك عظم من لدن الْكَاهِل الى الْعَجز وَهُوَ

- ‌بَاب مَا يُرْجَى فِيهِ الشَّهَادَة قد اورد الْمُؤلف فِي هذاالباب أَحَادِيث ذكر فِيهَا

- ‌بَاب الظلال للْمحرمِ أَي الدَّوَام على التَّلْبِيَة وَذكر الله وَالْإِقَامَة عَلَيْهِ للْمحرمِ

- ‌التوقي فِي الْإِحْرَام عَمَّا لَا يحل لَهُ فِيهِ قَوْله

- ‌بَاب الْمُلْتَزم هُوَ مَا بَين الْحجر الْأسود وَالْبَاب من جِدَار بَيت الله تَعَالَى سمي

- ‌بَاب نزُول المحصب قَالَ النَّوَوِيّ فِي هَذَا الْبَاب الْأَحَادِيث فِي نزُول النَّبِي صَلَّى

- ‌قَوْله بِكَلِمَة الله قَالَ الْخطابِيّ المُرَاد بهَا قَوْله تَعَالَى أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان وَقيل

- ‌بَاب الْهدى من الاناث والذكور أَي الْهدى عَام من الْفَحْل وَالْأُنْثَى لِأَن الْجمل

- ‌بَاب السلخ هُوَ نزع الْجلد والمسلوخ شَاة نزع جلدهَا قَوْله

- ‌بَاب الدُّبَّاء هُوَ بِالْمدِّ اليقطين هَذَا هُوَ الْمَشْهُور وَحكى القَاضِي عِيَاض فِيهِ الْقصر

- ‌بَاب اطائب اللَّحْم الا طائب الْخِيَار من الشَّيْء وَلَا وَاحِد لَهَا وَالْمرَاد مِنْهُ ان

- ‌بَاب الشواء هُوَ اللَّحْم المنضوج وَفِي الْقَامُوس شوى اللَّحْم شَيْئا فاشتوى وانشوى

- ‌بَاب القديد هُوَ اللَّحْم المشرر المقدد أَو مَا قطع مِنْهُ طولا كَذَا فِي الْقَامُوس

- ‌بَاب الْحوَاري الْحوَاري بِضَم الْحَاء وَشدَّة الْوَاو وَفتح الرَّاء الدَّقِيق الْأَبْيَض وَهُوَ

- ‌بَاب الرقَاق الرقَاق الْخبز الرَّقِيق الْوَاحِد رقاقة وَلَا يُقَال رقاقة بِالْكَسْرِ فَإِذا

- ‌بَاب الإقتصاد فِي الْأكل الإقتصاد من الْقَصْد وأصل الْقَصْد الإستقامة فِي الطَّرِيق

- ‌بَاب صفة النَّبِيذ وشربه النَّبِيذ هُوَ مَا يعْمل من الْأَشْرِبَة من التَّمْر وَالزَّبِيب

- ‌بَاب التلبينة هِيَ حساء يعْمل من دَقِيق أَو نخالة وَرُبمَا جعل فِيهَا عسل وَيُشبه

- ‌بَاب دَوَاء الْمَشْي أَي الاسهال فِي الْقَامُوس المشو بِالْفَتْح وكعدو وغنى وَالسَّمَاء

- ‌بَاب مَا عوذ بِهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَمَا عوذ بِهِ الأول بِصِيغَة الْمَبْنِيّ

- ‌بَاب النشرة هُوَ بِالضَّمِّ ضرب من الرّقية والعلاج لمن ظن بِهِ مس من الْجِنّ وَسميت

- ‌بَاب لبس الصُّوف قَالَ بن بطال كره مَالك لبس الصُّوف لمن يجد غَيره أَيْضا لما فِيهِ

- ‌بَاب اتِّخَاذ الجمة والذوائب الجمة بِالضَّمِّ مُجْتَمع شعر الرَّأْس وَقَوله

- ‌بَاب المياثر الْحمر جمع ميثرة وَهِي قطيفة كَانَت النِّسَاء تصنع لبعولتهن وَكَانَت

- ‌بَاب الْجَوَامِع من الدُّعَاء إِلَى الجامعة لخير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَقيل هِيَ مَا كَانَ

- ‌بَاب الْمَلَاحِم هُوَ جمع ملحمة وَهِي الْقِتَال وَنَبِي الملحمة نَبينَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ

- ‌بَاب الأمل والاجل الأمل كحيل وَلحم وشبر الرَّجَاء وَالْمرَاد هُنَا طول الأمل

- ‌بَاب ذكر التَّوْبَة قَالَ النَّوَوِيّ أصل التَّوْبَة فِي اللُّغَة الرُّجُوع يُقَال تَابَ وثاب

الفصل: ‌باب سجود القرآن أعلم ان الأئمة اختلفوا في وجوب سجود التلاوة وعدمه فذهب

[1043]

ان تلتمع أَي مَخَافَة الا تلتمع أبصاركم أَي تختلس من التمع بِهِ إِذا اختلسه واختطف بِسُرْعَة كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح)

[1044]

أَو ليخطفن الله أَي ليسلبن الله أَبْصَارهم ان لم ينْتَهوا عَن ذَلِك قَالَ الطَّيِّبِيّ أَو هَهُنَا للتَّخْيِير تهديدا أَي ليَكُون أحد الامرين كَقَوْلِه تَعَالَى لنخرجنك يَا شُعَيْب وَالَّذين آمنُوا مَعَك من قريتنا أَو لتعودن فِي ملتنا وَفِي الْمشكاة بِرِوَايَة مُسلم لينتهين أَقوام عَن رفعهم أَبْصَارهم عِنْد الدُّعَاء فِي الصَّلَاة الى السَّمَاء أَي خُصُوصا عِنْد الدُّعَاء لإيهام ان الْمَدْعُو فِي الْجِهَة الْعليا مَعَ تعاليه عَن الْجِهَات كلهَا والا فَرفع الابصار مُطلقًا فِي الصَّلَاة مَكْرُوه وَقَالَ القَاضِي عِيَاض اخْتلفُوا فِي كَرَاهَة رفع الْبَصَر الى السَّمَاء فِي الدُّعَاء فِي غير الصَّلَاة فكره القَاضِي شُرَيْح وَآخَرُونَ وَجوزهُ الْأَكْثَرُونَ لِأَن السَّمَاء قبْلَة الدُّعَاء كَمَا ان الْكَعْبَة قبْلَة الصَّلَاة فَلَا يكره رفع الْبَصَر اليه كَمَا لَا يكره رفع الْيَد فِي الدُّعَاء انْتهى وَصَحَّ أَيْضا أَنه صلى الله عليه وسلم كَانَ يرفع بَصَره الى السَّمَاء فَلَمَّا نزل الَّذين هم فِي صلَاتهم خاشعون طأطأ رَأسه (مرقاة)

قَوْله اوكلكم يجد ثَوْبَيْنِ هُوَ بِهَمْزَة الِاسْتِفْهَام فَإِن قلت مَا الْمَعْطُوف عَلَيْهِ بِالْوَاو قلت مُقَدّر أَي أَنْت سَائل عَن مثل هَذَا الْكَلَام وَمَعْنَاهُ لَا سُؤال عَن مثل هَذَا الظَّاهِر ولاثوبين لكلكم إِذْ الِاسْتِفْهَام للانكار كَذَا فِي الْكرْمَانِي وَفِي الْخَيْر الْجَارِي وَيُسْتَفَاد مِنْهُ الحكم بِجَوَاز الصَّلَاة فِي ثوب وَاحِد وَهُوَ مَذْهَب الْجُمْهُور من الْعلمَاء انْتهى قَالَ الْعَيْنِيّ كل مَا روى من منع الصَّلَاة فِي ثوب وَاحِد فَهُوَ مَحْمُول على الْأَفْضَل لَا على عدم الْجَوَاز وَقيل هُوَ مَحْمُول عَليّ التَّنْزِيه

قَوْله متوشحا التوشح ان يَأْخُذ طرف ثوب أَلْقَاهُ على مَنْكِبه الْأَيْمن من تَحت يَده الْيُسْرَى وَيَأْخُذ طرفه الَّذِي أَلْقَاهُ على الْأَيْسَر تَحت يَده الْيُمْنَى ثمَّ يعقدها على صَدره والمخالفة بَين طَرفَيْهِ والاشتمال بِالثَّوْبِ بِمَعْنى التوشح مجمع

قَوْله على عَاتِقيهِ العاتق مَا بَين الْمنْكب الى أصل الْعُنُق وَالْحكمَة فِي ذَلِك ان لَا يخلوا العاتق من شَيْء لِأَنَّهُ أقرب الى الْأَدَب وأنسب الى الْحيَاء من الرب وأكمل فِي أَخذ الزِّينَة وَالله أعلم قَالَ النَّوَوِيّ قَالَ مَالك وَأَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَالْجُمْهُور هَذَا الْأَمر للنَّدْب لَا للْوُجُوب وَلَو صلى فِي ثوب وَاحِد سَاتِر عَوْرَته لَيْسَ على عَاتِقه شَيْء صحت صلَاته مَعَ الْكَرَاهَة وَأما أَحْمد وَبَعض السّلف فَذَهَبُوا الى أَنه لَا يَصح صلَاته عملا بِظَاهِر الحَدِيث (مرقاة)

قَوْله

‌بَاب سُجُود الْقُرْآن أعلم ان الْأَئِمَّة اخْتلفُوا فِي وجوب سُجُود التِّلَاوَة وَعَدَمه فَذهب

الامام أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد الى الْوُجُوب والائمة الثَّلَاثَة على أَنَّهَا سنة وفعلها أفضل من تَركهَا وَفِي رِوَايَة عَن أَحْمد أَيْضا وَاجِبَة إِن كَانَت فِي الصَّلَاة وَفِي خَارِجهَا الا وَالْحجّة لنا قَوْله تَعَالَى فَمَا لَهُم لَا يُؤمنُونَ وَإِذا قرئَ عَلَيْهِم الْقُرْآن لَا يَسْجُدُونَ الدَّال على إِنْكَار ترك السَّجْدَة عِنْد تِلَاوَة الْقُرْآن وقرنه مَعَ عدم الْإِيمَان كَانَ تَركهَا وَعدم الْإِيمَان من قبيل وَاحِد وَأَيْضًا السَّجْدَة جُزْء الصَّلَاة اقْتصر عَلَيْهَا للتَّخْفِيف فَيكون فرضا كالقيام فِي صَلَاة الْجِنَازَة لمعات

قَوْله

[1052]

يَا ويله قَالَ بن الْملك أَصله يَا ويلي قلبت الْيَاء هَاء وَالْوَيْل الْحزن والهلاك كَأَنَّهُ يَقُول يَا حزني وَيَا هلاكي احضر فَهَذَا وقتك وأوانك قَالَ الطَّيِّبِيّ نِدَاء الويل للتحسر على مَا فَاتَ مِنْهُ من الْكَرَامَة وعَلى حُصُول اللَّعْن والخيبة (مرقاة)

قَوْله

[1053]

فَأَتَاهُ رجل قَالَ ميرك هُوَ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ كَمَا جَاءَ مُصَرحًا فِي رِوَايَة وَقيل ملك من الْمَلَائِكَة كَذَا فِي الْمرقاة وَقَالَ بن الْهمام وَيَقُول فِي سَجْدَة التِّلَاوَة مَا يَقُول فِي سَجْدَة الصَّلَاة على الْأَصَح وَاسْتحبَّ بَعضهم سُبْحَانَ رَبنَا ان كَانَ وعد رَبنَا لمفعولا لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ ويخرون للاذقان سجدا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبنَا ان كَانَ وعد رَبنَا لمفعولا

قَوْله

ص: 73

[1055]

إِحْدَى عشرَة هَذَا لَا يُنَافِي فِي الزِّيَادَة غَايَته ان أَبَا الدَّرْدَاء يسْجد مَعَه إِحْدَى عشرَة سَجْدَة وَلم يحضر فِي غَيرهَا وَلَكِن الْعدَد الَّذِي يَأْتِي فِي الحَدِيث الَّاتِي يُنَافِي سَجْدَة النَّجْم فَلَعَلَّ هَذَا وهم من بعض الروَاة (إنْجَاح)

قَوْله ثَلَاث من الْمفصل وَهِي النَّجْم وَإِذا انشقت واقرأ قَالَ أَبُو دَاوُد وروى أَبُو الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِحْدَى عشرَة سَجْدَة وَإِسْنَاده واه انْتهى قَالَ الْمُنْذِرِيّ حَدِيث أبي الدَّرْدَاء الَّذِي أَشَارَ اليه أَبُو دَاوُد وَأخرجه التِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَقَالَ التِّرْمِذِيّ غَرِيب انْتهى وَقَالَ بن الْهمام حَدِيث عَمْرو بن الْعَاصِ أخرجه أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة عَن عبد الله بن منين بميم مَضْمُومَة وبنونين وَهُوَ ضَعِيف قَالَ الطَّيِّبِيّ وَاخْتلفُوا فِي عدَّة سَجدَات الْقُرْآن فَقَالَ أَحْمد خمس عشرَة أخذا بِظَاهِر حَدِيث عَمْرو هَذَا فَادْخُلْ سَجْدَة ص فِيهَا وَقَالَ الشَّافِعِي أَربع عشرَة سَجْدَة مِنْهَا ثِنْتَانِ فِي الْحَج وَثَلَاث فِي الْمفصل وَلَيْسَت سَجْدَة ص مِنْهُنَّ بل هِيَ سَجْدَة شكر كَمَا جَاءَ مُصَرحًا فِي قَوْله صلى الله عليه وسلم سجدها دَاوُد تَوْبَة وَنحن نسجدها شكرا أَي على النِّعْمَة الَّتِي آتاها الله تَعَالَى دَاوُد وَهِي قبُول التَّوْبَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة أَربع عشرَة فأسقط الثَّانِيَة من الْحَج وَأثبت سَجْدَة ص وَقَالَ مَالك أحدى عشرَة فاسقط سَجْدَة ص وسجدات الْمفصل وَهُوَ القَوْل الْقَدِيم للشَّافِعِيّ وَاتَّفَقُوا على الْإِتْيَان بهَا فرضا أَو نفلا وَذهب بَعضهم ان مَا كَانَ مِنْهَا فِي آخر سُورَة فالركوع يَكْفِي عَن السَّجْدَة وَهُوَ قَول بن مَسْعُود انْتهى وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة وتفصيله مَا ذكر فِي شرح الْمنية كل سَجْدَة وَجَبت فِي الصَّلَاة فَرَكَعَ ونواها فِيهِ أَو لم ينْو فَسجدَ للصَّلَاة سَقَطت مِنْهُ إِذا لم يقْرَأ بعْدهَا ثَلَاث آيَات (مرقاة)

قَوْله سجدنا الخ وروى أَبُو دَاوُد عَن بن عَبَّاس ان النَّبِي صلى الله عليه وسلم لم يسْجد فِي شَيْء من الْمفصل مُنْذُ تحول الى الْمَدِينَة وَبِه أَخذ مَالك وَقَالَ التوربشتي ذَلِك الحَدِيث ان صَحَّ لم يلْزم فِيهِ حجَّة لما صَحَّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ سجدنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي إِذا السَّمَاء انشقت الحَدِيث وَأَبُو هُرَيْرَة مُتَأَخّر وَلِأَن كثيرا من الصَّحَابَة يروونها فِيهِ فالاثبات أولى بِالْقبُولِ وَلِأَن بن عَبَّاس يروي فِي الصِّحَاح أَنه صلى الله عليه وسلم سجد فِي النَّجْم وَلَا شكّ ان الحَدِيث الْمَرْوِيّ فِي الصِّحَاح أقوى من الْمَرْوِيّ فِي الحسان مرقاة لمولانا على الْقَارِي

ص: 74

[1060]

ارْجع فصل الخ امْرَهْ بِالْإِعَادَةِ لكَونه لم يتم الرُّكُوع وَالسُّجُود صرح بذلك بن أبي شيبَة وَلَفظه دخل رجل فصلى صَلَاة خَفِيفَة لم يتم ركوعها وسجودها الخ كَذَا فِي الْعَيْنِيّ والقسطلاني اسْتدلَّ بِهَذَا الحَدِيث الشَّافِعِي وَأحمد وَأَبُو يُوسُف على فَرضِيَّة الطُّمَأْنِينَة والقومة والجلسة فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم نفى عَن الرجل الصَّلَاة وَكَانَ قد ترك الطُّمَأْنِينَة والقومة والجلسة وَعند أبي حنيفَة وَمُحَمّد الاطمينان فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود فِي ظَاهر الرِّوَايَة على تَخْرِيج الْكَرْخِي وَاجِب يجب سَجْدَة السَّهْو بتركة وعَلى تَخْرِيج الْجِرْجَانِيّ سنة وَأما القومة والجلسة فَسنة وَعَلِيهِ بعض الْمَالِكِيَّة وَمِمَّنْ قَالَ أَنَّهَا لَيست بِفَرْض حمل الحَدِيث على الزّجر والتهديد وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا روى التِّرْمِذِيّ عَن رِفَاعَة بن رَافع بعد هَذَا الحَدِيث من قَوْله صلى الله عليه وسلم فَإِذا فعلت ذَلِك فقد تمت صَلَاتك وَإِن انتقصت مِنْهُ شَيْئا انتقصت من صَلَاتك وَكَانَ هَذَا أَهْون عَلَيْهِم من الأولى انه من انْتقصَ من ذَلِك انْتقصَ من صلَاته وَلم تذْهب كلهَا لمعات

قَوْله إِذا قُمْت الخ إِنَّمَا أخر صلى الله عليه وسلم تَعْلِيمه الى آخر ثَلَاث مَرَّات للتهديد أَو لَعَلَّه يفهم من إِنْكَاره فَلَمَّا علم غباوته أظهر الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالسّنة فِي الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ أَولا الْإِشَارَة وَالْكِنَايَة وَآخر التَّصْرِيح والتشريح وَالله أعلم (إنْجَاح)

قَوْله متوركا اخْتلف الْعلمَاء فِي هَذِه المسئلة على أَرْبَعَة أَقْوَال فَقَالَ بَعضهم بتوركه فِي التشهدين وَهُوَ قَول مَالك وَقَالَ بَعضهم بالافتراش فيهمَا وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَبَعْضهمْ بالتورك فِي تشهد بعده السَّلَام سَوَاء كَانَ هُنَاكَ تشهدان أَو تشهد وَاحِد وَفِي غَيره الافتراش وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقل بَعضهم كل صَلَاة فِيهَا تشهدان فَفِي الْأَخير مِنْهُمَا يتورك وان كَانَ فِيهَا تشهد وَاحِد يفترش وَهُوَ مَذْهَب أَحْمد وَقيل وَجه قَول أبي حنيفَة ان فِي كثير من الْأَحَادِيث وَقع ذكر الافتراش مُطلقًا فَبَان أَن السّنة فِي التَّشَهُّد هَذَا وَأَن جُلُوس النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي التَّشَهُّد كَانَ هَكَذَا من غير تَقْيِيد بِالْأولَى أَو بِالْأُخْرَى فَفِي مُسلم عَن عَائِشَة رض كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يفْتَتح الصَّلَاة بِالتَّكْبِيرِ الى أَن قَالَت وَكَانَ يفترش رجله الْيُسْرَى وينقلب رجله الْيُمْنَى وَفِي سنَن النَّسَائِيّ عَن بن عمر عَن أَبِيه قَالَ من سنة الصَّلَاة نصب الْقدَم الْيُمْنَى واستقباله بأصابعها الْقبْلَة وَالْجُلُوس على اليسرة كَذَا قَالَ بن

الْهمام وَأَيْضًا هَذَا الْجُلُوس أشق وَأَشد وَأفضل للأعمال احمزها وَقد وَقع فِي بعض الْأَحَادِيث التورك فِي تشهد الاخر فحملوها على حَالَة الْعذر أَو كبر السن أَو طول الْأَدْعِيَة لِأَن الْمَشَقَّة فِيهِ أقل لمعات

قَوْله صَلَاة السّفر رَكْعَتَانِ قَالَ بن الْملك ذهب الشَّافِعِي الى جَوَاز الْقصر والاتمام فِي السّفر وَعند أبي حنيفَة لَا يجوز الاتمام بل يَأْثَم وَاسْتدلَّ أَبُو حنيفَة بِمَا رَوَاهُ البُخَارِيّ عَن عَائِشَة قَالَت الصَّلَاة أول مَا فرضت رَكْعَتَانِ فأقرت صَلَاة السّفر وأتمت صَلَاة الْحَضَر قَالَ الْعَيْنِيّ حَدِيث عَائِشَة وَاضح فِي أَن الرَّكْعَتَيْنِ للْمُسَافِر فرض فَلَا يجوز خِلَافه وَلَا الزِّيَادَة عَلَيْهِ وَمِمَّنْ ذهب الى هَذَا عمر بن عبد الْعَزِيز ان صَحَّ عَنهُ فِي السّفر رَكْعَتَانِ لَا يَصح غَيرهمَا ذكره بن خرم محتجا بِهِ وَحَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَبَعض أَصْحَاب مَالك وروى عَن مَالك أَيْضا وَهُوَ الْمَشْهُور عَنهُ انه قَالَ من أتم فِي السّفر أعَاد فِي الْوَقْت وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيث عمر بن الْخطاب صَلَاة السّفر رَكْعَتَانِ تَمام غير قصر الحَدِيث وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ أَيْضا بِسَنَد صَحِيح وَعند بن حزم صَحَّ عَن بن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم السّفر رَكْعَتَانِ من ترك السّنة كفر وَعَن بن عَبَّاس من صلى فِي السّفر أَرْبعا كمن صلى فِي الْحَضَر رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ قَول عمر وَعلي وَابْن عَبَّاس وَابْن مَسْعُود وَجَابِر وَابْن عَمْرو الثَّوْريّ وَأما إتْمَام عُثْمَان رض فَاخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيله قيل أَنه رأى الْقصر والاتمام جائزين وَقيل لِأَنَّهُ تأهل بِمَكَّة وَقيل لِأَن الاعراب حَضَرُوا مَعَه فَفعل ذَلِك لِئَلَّا يَظُنُّوا أَن فرض الصَّلَاة رَكْعَتَانِ ابدا أَي حضرا وسفرا لَكِن بَقِي الاشكال فِي إتْمَام عَائِشَة لِأَنَّهَا أخْبرت بفرضية الرَّكْعَتَيْنِ فِي حق الْمُسَافِر ثمَّ أتمتها فَكيف تتمّ فَلِذَا سَأَلَ الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة مَا بَال عَائِشَة تتمّ فَأجَاب بقوله تأولت مَا تَأَول عُثْمَان فَأُجِيب بِأَن سَبَب إتْمَام عُثْمَان أَنه كَانَ يرى الْقصر مُخْتَصًّا بِمن كَانَ شاخصا سائرا وَأما من أَقَامَ فِي أثْنَاء السّفر فَهُوَ يتم لِأَنَّهُ فِي حكم الْمُقِيم وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد حسن عَن عباد بن عبد الله بن الزبير قَالَ لما قدم علينا مُعَاوِيَة حَاجا صلى بِنَا الظّهْر رَكْعَتَيْنِ بِمَكَّة ثمَّ انْصَرف الى دَار الندوة فَدخل عَلَيْهِ مَرْوَان وَعَمْرو بن عُثْمَان فَقَالَا لقد عبت أَمر بن عمك وَقَالَ وَكَأن عُثْمَان أتم الصَّلَاة إِذا قدم مَكَّة ثمَّ إِذا خرج الى منى وعرفة قصر الصَّلَاة فَإِذا فرغ من الْحَج وَأقَام بمنى أتم

الصَّلَاة انْتهى فَبِهَذَا التَّأْوِيل يرْتَفع الِاخْتِلَاف بَين خبر عَائِشَة وفعلها عَيْني

قَوْله وَلَا نجد صَلَاة السّفر الخ فَإِن قلت كَيفَ يَصح قَوْله وَلَا نجد صَلَاة السّفر فِي الْقُرْآن مَعَ أَنه تَعَالَى قَالَ وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الارض فَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تقصرُوا من الصَّلَاة الْآيَة قلت كَانَ السَّائِل حمل هَذِه الْآيَة على صَلَاة الْخَوْف بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى وان خِفْتُمْ وَجعل الْخَوْف شرطا للقصر بِحَسب الظَّاهِر مَعَ أَنه لَا مَفْهُوم لهَذَا الشَّرْط عِنْد الْجُمْهُور وَوَقع صَرِيحًا على مَا كَانَ الْأَمر عِنْد نزُول الْآيَة فَبين بن عمر أَنه صلى الله عليه وسلم قصرالصلاة فِي السّفر مَعَ عدم الْخَوْف وَكَانَ أعلم بِتَأْوِيل الْآيَة فاستننا بسنته واقتدينا بقدوته (إنْجَاح الْحَاجة)

[1069]

كَانَ يجمع بَين الْمغرب وَالْعشَاء الخ قَالَ الْعَيْنِيّ سلمنَا ان الْجمع رخصَة لَكِن حملناه على الْجمع الصُّورِي حَتَّى لَا يُعَارض الْخَبَر الْوَاحِد الْآيَة القطعية هُوَ قَوْله تَعَالَى حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى أَي ادوها فِي وَقتهَا وَقَوله تَعَالَى ان الصَّلَاة كَانَت على الْمُؤمنِينَ كتابا موقوتا وَمَا قُلْنَا هُوَ الْعَمَل بِالْآيَةِ وَالْخَبَر وَبِه يحصل التَّوْفِيق بَين الَّتِي ظَاهرهَا معَارض وَمَا قَالُوا يُؤَدِّي إِلَى ترك الْعَمَل بِالْآيَةِ وَفِي الْمُوَطَّأ قَالَ مُحَمَّد بلغنَا عَن عمر بن الْخطاب رَضِي أَنه فِي كتب فِي الْآفَاق ينهاهم أَن يجمعوا بَين الصَّلَاتَيْنِ ويخبرهم أَن الْأَحَادِيث الْجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقت وَاحِد كَبِيرَة من الْكَبَائِر أخبرنَا بذلك الثِّقَات عَن الْعَلَاء بن الْحَارِث عَن مَكْحُول انْتهى

قَوْله

[1071]

فَلم يزدْ على رَكْعَتَيْنِ أَي على الْفَرْض يَعْنِي لَا يتَنَفَّل بالنوافل والرواتب وَقَالَ التِّرْمِذِيّ اخْتلف أهل الْعلم بعد النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَرَأى بعض أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم ان يتَطَوَّع الرجل فِي السّفر وَبِه يَقُول أَحْمد وَإِسْحَاق وَلم ير طَائِفَة من أهل الْعلم أَن يُصَلِّي قبلهَا وَلَا بعْدهَا وَمعنى من لم يتَطَوَّع فِي السّفر قبُول الرُّخْصَة وَمن تطوع فَلهُ فِي ذَلِك فضل كثير وَهُوَ قَول أَكثر أهل الْعلم يختارون التَّطَوُّع فِي السّفر لَكِن روى التِّرْمِذِيّ عَن بن أبي ليلى حَدِيث بن عمر وَفِيه صليت مَعَه صلى الله عليه وسلم الظّهْر فِي السّفر رَكْعَتَيْنِ وَبعدهَا رَكْعَتَيْنِ وَكَذَا قَالَ فِي الْمغرب قَالَ الْعَيْنِيّ فَيحمل حَدِيث النَّفْي على الْغَالِب من أَحْوَاله وَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ على أَنه فعله فِي بعض الْأَوْقَات لبَيَان الِاسْتِحْبَاب انْتهى والاوجه أَن يحمل حَدِيث النَّفْي على حَالَة السّير وَحَدِيث الثُّبُوت على حَالَة الْقَرار كَمَا هُوَ الْمُخْتَار من مَذْهَبنَا

قَوْله

[1073]

ثَلَاثًا لِلْمُهَاجِرِ بعد الصَّدْر أَي بعد الرُّجُوع من منى وَهَذَا كَانَ خُصُوصِيَّة لأَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم الَّذين هَاجرُوا من مَكَّة كَيْلا يتعلقوا بوطنهم وَيرغبُوا فِي مسكنهم وَلِأَنَّهُم لَو أَقَامُوا كثيرا لَا يُؤمن عَلَيْهِم فِيهَا الْمَوْت وَالْمَوْت فِي بلد هَاجر مِنْهُ غير مستحسن وَلِهَذَا أَرِنِي صلى الله عليه وسلم سعد بن خَوْلَة أَن مَاتَ بِمَكَّة وَأما مُنَاسبَة هَذَا الحَدِيث بِالْبَابِ فَلَيْسَ بِظَاهِر اللَّهُمَّ الا أَن يحمل على أَن الْإِقَامَة فِي موسم الْحَج وَثَلَاثَة أَيَّام بعده لَا يخرج عَن كَونه مُسَافِرًا لِأَنَّهُ لَو كَانَ قَوْلنَا لمنعهم صلى الله عليه وسلم عَن الْإِقَامَة بِمَكَّة (إنْجَاح)

قَوْله

[1074]

قدم النَّبِي صلى الله عليه وسلم الخ مُنَاسبَة الحَدِيث بِالْبَابِ مَا تقدم فَإِنَّهُ إِذا دخل فِي الرَّابِعَة وَصدر من منى فِي الثَّالِث عشر وَأقَام بعده ثَلَاثَة أَيَّام لَكَانَ الْمَجْمُوع اثْنَي عشر يَوْمًا فَعلم ان الْإِقَامَة بِهَذَا الْمِقْدَار لَا يُخرجهُ عَن كَونه مُسَافِرًا للحجاج وَلغيره (إنْجَاح الْحَاجة)

قَوْله

[1078]

بَين العَبْد أَي الْمُسلم خبر مقدم وَقَوله ترك الصَّلَاة مبتداء مُؤخر تَقْدِيره تَركهَا وصلَة بَينه وَبَينهَا قَالَ القَاضِي يحْتَمل أَن يؤول ترك الصَّلَاة بِالْحَدِّ الْوَاقِع بَينهمَا فَمن تَركهَا دخل الْحَد وَحَام حول الْكفْر دونا مِنْهُ أَو يُقَال ان ترك الصَّلَاة وصلَة بَين العَبْد وَالْكفْر وَالْمعْنَى أَنه يُوصل اليه وَيحْتَمل ان يُقَال الْكَلَام على خلاف الظَّاهِر إِذْ ظَاهره ان يُقَال بَين الْإِيمَان أَو بَين الْمُؤمن وَالْكَافِر فَوضع العَبْد مَوضِع الْمُؤمن لِأَن الْعُبُودِيَّة ان يخشع لمَوْلَاهُ ويشكر نعمه فَكَأَنَّهُ قيل الْفرق بَين الْمُؤمن وَالْكَافِر ترك أَدَاء الشُّكْر فعلى هَذَا الْكفْر بِمَعْنى الكفران فِي شرح السّنة اخْتلف فِي تَكْفِير تَارِك صَلَاة الْفَرْض عمدا قَالَ عمر رض لاحظ لَهُ فِي الْإِسْلَام وَقَالَ بن مَسْعُود تَركه كفر وَقَالَ عبد الله بن شَقِيق كَانَ أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم لَا يرَوْنَ شَيْئا من الْأَعْمَال تَركه كفرا غير الصَّلَاة وَقَالَ بعض الْعلمَاء الحَدِيث مَحْمُول على تَركهَا جحود أَو على الزّجر والوعيد وَقَالَ حَمَّاد بن زيد وَمَكْحُول وَمَالك وَالشَّافِعِيّ تَارِك الصَّلَاة كالمرتد وَقَالَ أَصْحَاب الرَّأْي لَا يقتل بل يحبس حَتَّى يُصَلِّي وَبِه قَالَ الزُّهْرِيّ انْتهى وَمن تأويلات أبي حنيفَة أَن يكون مستحلا لتركها أَو تَركهَا يُؤَدِّي الى الْكفْر فَإِن الْمعْصِيَة يزِيد الْكفْر أَو يخْشَى على تاركها أَن يَمُوت كَافِرًا أَو فعله مشابه فعل الْكَافِر مرقات

قَوْله

ص: 75

[1079]

الْعَهْد الَّذِي بَيْننَا وَبينهمْ الصَّلَاة قَالَ الْبَيْضَاوِيّ الضَّمِير الْغَائِب لِلْمُنَافِقين شبه الْمُوجب لابقاءهم وحقن دِمَاءَهُمْ بالعهد الْمُقْتَضِي لَا بَقَاء الْمعَاهد والكف عَنهُ وَالْمعْنَى ان الْعُمْدَة فِي إِجْرَاء احكام الْإِسْلَام عَلَيْهِم تشبههم بِالْمُسْلِمين فِي حُضُور صلَاتهم وَلُزُوم جَمَاعَتهمْ وانقيادهم للْأَحْكَام الظَّاهِرَة فَإِذا تركُوا ذَلِك كَانُوا هم وَسَائِر الْكفَّار سَوَاء وَقَالَ الطَّيِّبِيّ يُمكن أَن يكون الضَّمِير عَاما فِيمَن تَابع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِالْإِسْلَامِ سَوَاء كَانَ منافقا أم لَا زجاجة قَوْله عبد الله بن مُحَمَّد الْعَدوي رَمَاه وَكِيع بِالْوَضْعِ

[1082]

وَالله ان ذَا الْعَجز الخ أَي عده سوال وَجه الاسْتِغْفَار لَهُ لعجز أَي حمق وَظَاهر هَذَا الحَدِيث يُخَالف الحَدِيث السَّابِق فَإِن ظَاهر الحَدِيث يدل على ان هَذَا القَوْل مِنْهُ صلى الله عليه وسلم صدر فِي أول خطْبَة خطبهَا فِي مَسْجِد الْجُمُعَة حِين قدم الْمَدِينَة كَمَا هُوَ الْمُتَبَادر وَفهم من ذَلِك انها لم تكن وَاجِبَة قبل ذَلِك فَهُوَ مُخَالف لما هُوَ فِي هَذَا الحَدِيث وَوجه التطبيق مَا قَالَ فقهاؤنا من انها وَجَبت بِمَكَّة وَلم تقم بهَا لعدم الْقُدْرَة على اظهارها لِأَن اظهارها أقوى من إِظْهَار جمَاعَة الصَّلَوَات الْخمس وَقَالَ الْحلَبِي فِي سيرته وَفِي الإتقان مِمَّا تَأَخّر نُزُوله عَن حكمه آيَة الْجُمُعَة لِأَنَّهَا مَدَنِيَّة وَالْجُمُعَة فرضت بِمَكَّة (إنْجَاح)

قَوْله

[1083]

اضل الله عَن الْجُمُعَة الخ فِيهِ دلَالَة لمَذْهَب أهل السّنة أَن الْهدى والاضلال وَالْخَيْر وَالشَّر كُله بِإِرَادَة الله تَعَالَى وَهُوَ فعله خلافًا للمعتزلة قَالَ القَاضِي الظَّاهِر انه فرض عَلَيْهِم تَعْظِيم يَوْم الْجُمُعَة بِغَيْر تعْيين ووكل الى اجتهادهم لإِقَامَة شرائعهم فِيهِ فَاخْتلف اجتهادهم فِي تَعْيِينه وَلم يهدهم الله لَهُ وفرضه على هَذِه الْأمة مُبينًا وَلم يكله الى اجتهادهم ففازوا بتفضيله قَالَ وَقد جَاءَ ان مُوسَى عليه السلام أَمرهم بِالْجمعَةِ وأعلمهم بفضلها فناظروه ان السبت أفضل فَقيل لَهُ دعهم قَالَ القَاضِي وَلَو كَانَ مَنْصُوصا لم يَصح اخْتلَافهمْ فِيهِ بل كَانَ يَقُول خالفوا فِيهِ قلت وَيُمكن ان يكون أمروا بِهِ صَرِيحًا وَنَصّ على عينه فَاخْتَلَفُوا فِيهِ بل يلْزم تَعْيِينه أم لَهُم ابداله وابدلوه وغلطوا فِي ابداله (نووي)

قَوْله

[1084]

فِيهِ خمس خلال الخ قَالَ الْبَيْضَاوِيّ لَا شكّ ان خلق أَدَم عليه السلام فِيهِ يُوجب لَهُ شرفا ومزية وَكَذَا وَفَاته فَإِنَّهُ سَبَب لوصوله الجناب الاقدس والخلاص عَن المنكبات وَكَذَا قيام السَّاعَة لِأَنَّهُ من أَسبَاب توصل أَرْبَاب الْكَمَال الى مَا أعد لَهُم من النَّعيم الْمُقِيم قَالَ الرَّاغِب الْمَوْت أحد الْأَسْبَاب الموصلة الى النَّعيم فَهُوَ وَإِن كَانَ فِي الظَّاهِر فنَاء واضمحلالا لَكِن فِي الْحَقِيقَة ولادَة ثَانِيَة وَهُوَ بَاب من أَبْوَاب الْجنَّة مِنْهُ يتَوَصَّل إِلَيْهَا وَلَو لم يكن لم تكن الْمنية من الله تَعَالَى على الْإِنْسَان قَالَ الله تَعَالَى خلق الْمَوْت والحيوة وَقدم الْمَوْت على الْحَيَاة تَنْبِيها على أَنه يتَوَصَّل مِنْهُ الى الْحَيَاة الْحَقِيقِيَّة وعده من الالاء فِي قَوْله تَعَالَى كل من عَلَيْهَا فان (زجاجة)

قَوْله خمس خلال الخ قَالَ القَاضِي عِيَاض الظَّاهِر أَن هَذِه الْفَضَائِل المعدودة لَيست لذكر فَضِيلَة لِأَن إِخْرَاج ادم وَقيام السَّاعَة لَا يعد فَضِيلَة وَإِنَّمَا هُوَ بَيَان لما وَقع فِيهِ من الْأُمُور الْعِظَام وَمَا سيقع لتأهب العَبْد فِيهِ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَة لنيل رَحْمَة الله وَدفع نقمته وَقَالَ أَبُو بكر الْعُزَّى الْجَمِيع من الْفَضَائِل وَخُرُوج آدم من الْجنَّة هُوَ سَبَب وجود الذُّرِّيَّة وَهَذَا النَّسْل الْعَظِيم وَوُجُود الرُّسُل والأنبياء وَالصَّالِحِينَ والأولياء وَلم يخرج مِنْهَا طردا بل لقَضَاء طَار ثمَّ يعود إِلَيْهَا وَأما قيام السَّاعَة فسبب لتعجيل جَزَاء الْأَنْبِيَاء وَالصديقين وَغَيرهم وَإِظْهَار كرامتهم وشرفهم

قَوْله وَقد أرمت قَالَ الحبر لي كَذَا يرويهِ المحدثون وَلَا أعرف وَجهه وَالصَّوَاب ارمت فَتكون التَّاء لتأنيث الْعِظَام أَو رممت أَي صرت رميما وَقَالَ غَيره إِنَّمَا هُوَ أرمت بِوَزْن ضربت وَأَصله ارممت أَي بليت فحذفت إِحْدَى الميمين كَمَا قَالُوا احست فِي احسست وَقيل إِنَّمَا هُوَ ارمت بتَشْديد التَّاء على أَنه ادغم إِحْدَى الميمين فِي التَّاء وَهَذَا قَول سَاقِط لِأَن الْمِيم لَا تُدْغَم فِي التَّاء ابدا وَقيل يجوز ان يكون ارمت بِضَم الْهمزَة بِوَزْن أمرت من قَوْلهم ارمت الْإِبِل تأرم إِذا تناولت الْعلف وقلعته من الأَرْض (زجاجة)

قَوْله

[1087]

من غسل الخ قَالَ فِي النِّهَايَة ذهب كثير من النَّاس ان غسل أَرَادَ بِهِ المجامعة قبل الْخُرُوج الى الصَّلَاة لِأَن ذَلِك يجمع غض الطّرف فِي الطَّرِيق يُقَال غسل الرجل امْرَأَته بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيف إِذا جَامعهَا وَقد روى مخففا وَقيل أَرَادَ غسل غَيره واغتسل هُوَ لِأَنَّهُ إِذا جَامع زَوجته احوجها الى الْغسْل وَقيل أَرَادَ بِغسْل غسل أعضاءه للْوُضُوء ثمَّ تغسل للْجُمُعَة وَقيل هَذَا بِالْمَعْنَى وَاحِد وكرره للتَّأْكِيد (زجاجة)

قَوْله

[1089]

على كل محتلم أَي بَالغ قَالَ النَّوَوِيّ المُرَاد بِالْوُجُوب وجوب اخْتِيَار كَقَوْل الرجل لصَاحبه حَقك وَاجِب على وَقَالَ مُحَمَّد فِي الْمُوَطَّأ بِسَنَدِهِ عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ أَي حَمَّاد سَأَلته عَن الْغسْل يَوْم الْجُمُعَة وَالْغسْل عَن الْحجامَة وَالْغسْل فِي الْعِيدَيْنِ قَالَ ان اغْتَسَلت فَحسن وان تركت فَلَيْسَ عَلَيْك فَقلت لَهُ الم يقل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من رَاح الى الْجُمُعَة فليغتسل قَالَ بلَى وَلَكِن لَيْسَ من الْأُمُور الْوَاجِبَة وَإِنَّمَا هُوَ كَقَوْلِه تَعَالَى واشهدوا إِذا تبايعتم الْآيَة وَيُؤَيِّدهُ مَا أخرجه أَبُو دَاوُد عَن عِكْرِمَة ان نَاسا من أهل الْعرَاق جاؤوا فَقَالُوا يَا بن عَبَّاس اترى الْغسْل وَاجِبا يَوْم الْجُمُعَة فَقَالَ لَا وَلكنه طهُور وَخير لمن اغْتسل وَمن لم يغْتَسل فَلَيْسَ عَلَيْهِ بِوَاجِب وَسَأُخْبِرُكُمْ كَيفَ بَدَأَ الْغسْل كَانَ النَّاس مجهودين يلبسُونَ الصُّوف ويعملون على ظُهُورهمْ وَكَانَ مَسْجِدهمْ ضيقا مُتَقَارب السّقف إِنَّمَا هُوَ عَرِيش فَخرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي يَوْم حَار وعرق النَّاس فِي ذَلِك الصُّوف حَتَّى ثارت مِنْهُم ريَاح حَتَّى أَذَى بَعضهم بَعْضًا فَلَمَّا وجد عليه السلام تِلْكَ الرِّيَاح قَالَ يَا أَيهَا النَّاس إِذا كَانَ هَذَا الْيَوْم فاغتسلوا الى أَن قَالَ بن عَبَّاس ثمَّ جَاءَ الله بِالْخَيرِ ولبسوا غير الصُّوف وَكفوا الْعَمَل ووسع مَسْجِدهمْ هُوَ وَذهب بعض الَّذِي كَانَ يُؤْذى بَعضهم بَعْضًا من الْعرق فَهَذَا يُشِير الى أَن الْغسْل كَانَ وَاجِبا كَمَا ذهب اليه مَالك ثمَّ صَار سنة كَمَا ذهب اليه الْجُمْهُور شرح مؤطا للقاري

قَوْله

[1091]

فبها ونعمت الْبَاء مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف أَي اخذ بالخصلة المحسنة ونعمت لتِلْك الْخصْلَة انجاح الْحَاجة قَوْله

ص: 76

[1082]

نَقِيع هُوَ مَوضِع بنواحي الْمَدِينَة وَقَوله هزم هُوَ مَوضِع بهَا قَوْله لم تغش أَي لم تباشر قَوْله بكر أَي اتى الصَّلَاة أول وَقتهَا وابتكر أَي أدْرك أول الْخطْبَة وهما بِمَعْنى كرر للتَّأْكِيد نِهَايَة قَوْله وَاجِب أَي متأكد قَوْله وَمن مس الْحَصَى المُرَاد بِمَسّ الْحَصَى تَسْوِيَة الأَرْض للسُّجُود

[1092]

الأول فَالْأول قَالَ النَّوَوِيّ فِي المسئلة خلاف مَشْهُور فمذهب مَالك وَبَعض الشَّافِعِيَّة كامام الْحَرَمَيْنِ ان المُرَاد بالساعات لحظات لَطِيفَة بعد الزَّوَال لِأَن رواح الْمَذْكُور فِي رِوَايَة البُخَارِيّ وَكَانَ التهجير الذّهاب بعد الزَّوَال لُغَة وَمذهب الْجُمْهُور اسْتِحْبَاب التَّكْبِير إِلَيْهَا من أول النَّهَار وَقَالَ الْأَزْهَرِي فِي لُغَة الْعَرَب الرواح الذّهاب سَوَاء كَانَ أول النَّهَار وَآخره أَو فِي اللَّيْل وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب الَّذِي يَقْتَضِيهِ الحَدِيث لِأَنَّهُ لَا فَضِيلَة لمن أَتَى بعد الزَّوَال لِأَن التَّخَلُّف بعد النداء حرَام وَلِأَن ذكر السَّاعَات إِنَّمَا هُوَ للحث على التبكير إِلَيْهَا وَالتَّرْغِيب فِي فَضِيلَة السَّبق وانتظارها والاشتغال بالنفل وَالذكر وَنَحْوه وَهَذَا يحصل بالذهاب بعد الزَّوَال كَذَا فِي الْكرْمَانِي والعيني

قَوْله الدَّجَاجَة والبيضة وهم ليسَا من الْهدى وَإِنَّمَا هُوَ من الْإِبِل وَالْبَقر وَفِي الْغنم خلاف فَهُوَ من بَاب اكلت طَعَاما أَو شرابًا ومتقلدا سَيْفا ورمحا مجمع

قَوْله فَإِنَّمَا يَجِيء لحق الى الصَّلَاة أَي بِحَق وَاجِب الَّذِي وَجب عَلَيْهِ لَا لنيل الثَّوَاب وَالْفرق بَينهمَا ظَاهر لِأَن من جَاءَ لطلب الثَّوَاب يحصل لَهُ الثَّوَاب وَمن جَاءَ لإِزَالَة الْحق واسقاطه عَنهُ فَإِنَّمَا ينجو من الْعقَاب (إنْجَاح)

قَوْله

[1094]

وَمَا رَابِع أَرْبَعَة بِبَعِيد الظَّاهِر من هَذَا الْكَلَام التَّعَجُّب والاستفهام أَي أَي مِقْدَار رَابِع أَرْبَعَة من بعيد الثَّوَاب أَي بعده من الثَّوَاب أَي مِقْدَار يَعْنِي كثير فَكَأَنَّهُ هدد نَفسه بِالتَّأْخِيرِ وَقَالَ الْغَزالِيّ أول بِدعَة حدثت فِي الْإِسْلَام تَأْخِير الرواح الى الْجُمُعَة وفقنا الله تَعَالَى بِحسن عِبَادَته وَيحْتَمل ان يكون مَا نَافِيَة فَمَعْنَاه لَيْسَ رَابِع أَرْبَعَة بِبَعِيد أَن يبعد من الْخَيْر وَالْجنَّة وَالله أعلم

قَوْله مهنته بِفَتْح الْمِيم وَكسرهَا وَسُكُون الْهَاء أَي بذلة وخدمة يَعْنِي غير الثَّوْبَيْنِ اللَّذين مَعَه فِي سَائِر الْأَيَّام نِهَايَة والمرقاة

قَوْله

[1099]

مَا كُنَّا نقِيل بِفَتْح النُّون من القيلولة وَهِي الاسْتِرَاحَة فِي نصف النَّهَار وَلَا نتغدى بِالدَّال الْمُهْملَة هُوَ الطَّعَام الَّذِي يُوكل قبل نصف النَّهَار قَوْله الا بعد الْجُمُعَة قَالَ الطَّيِّبِيّ هَذَا كِنَايَة عَن التبكير أَي لَا يتغدون وَلَا يستريحون وَلَا يشتغلون بمهم وَلَا يهتمون بِأَمْر سواهُ انْتهى وَالْمعْنَى انهم يَفْعَلُونَ مَا ذكر بعد الْجُمُعَة عوضا عَمَّا فاتهم وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنه يَقع تفديهم وَمَقِيلهمْ بعد الْجُمُعَة حَقِيقَة لكَون الْخطْبَة وَالصَّلَاة قبل الزَّوَال فَيكون حجَّة لِأَحْمَد لِأَن عِنْده صَلَاة الْجُمُعَة قبل الزَّوَال جَائِزَة قَالَ بن الْهمام اما مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره من حَدِيث عبد الله بن سيدان قَالَ شهِدت الْجُمُعَة مَعَ أبي بكر الصّديق رض فَكَانَ خطبَته قبل الزَّوَال وَذكر عَن عمر رض عُثْمَان رض نَحوه فقد اتَّفقُوا على ضعف بن سيدان (مرقاة)

قَوْله فَيْئا الْفَيْء هُوَ مَا بعد الزَّوَال من الظل سمي بِهِ لرجوعه من جَانب إِلَى جَانب كَذَا فِي الْعَيْنِيّ وَلَيْسَ فِيهِ نفيا للفيء مُطلقًا بل للفيء الْكثير الَّذِي يستظل ويستراح بِهِ فَلَا يكون حجَّة لِأَحْمَد 12

قَوْله وَهُوَ قَائِم قَالَ الْعَيْنِيّ قَالَ شَيخنَا فِيهِ شرح التِّرْمِذِيّ فِيهِ اشْتِرَاط الْقيام فِي الْخطْبَتَيْنِ الا عِنْد الْعَجز واليه ذهب الشَّافِعِي وَأحمد فِي رِوَايَة انْتهى قلت لَا يدل الحَدِيث على الِاشْتِرَاط غَايَة مَا فِي الْبَاب إِنَّه يدل على السّنيَّة وَالْجَوَاب عَن كل حَدِيث ورد فِيهِ الْقيام وَعَن قَوْله

ص: 77

[1108]

وَتَرَكُوك قَائِما بِأَن ذَلِك أَخْبَار عَن حَالَته الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا عِنْد انفضاضهم وَبِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يواظب على الشَّيْء الْفَاضِل مَعَ جَوَاز غَيره وَنحن نقُول بِهِ وَمن أقوى الْحجَج لنا مَا رَوَاهُ البُخَارِيّ جلس ذَات يَوْم على الْمِنْبَر وَجَلَسْنَا حوله وَحَدِيث سهل مرى غلامك النجار يعْمل الى أَعْوَاد اجْلِسْ عَلَيْهِنَّ إِذا كلمت انْتهى قَالَ بن الْهمام دخل كَعْب بن عجْرَة الْمَسْجِد يَوْم الْجُمُعَة وَابْن أم الحكم يخْطب قَاعِدا فَقَالَ انْظُرُوا الى هَذَا الْخَبيث يخْطب قَاعِدا وَالله تَعَالَى يَقُول وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة أَو لهوا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوك قَائِما رَوَاهُ مُسلم وَلم يحكم هُوَ وَلَا غَيره بِفساد تِلْكَ الصَّلَاة فَعلم أَنه لَيْسَ بِشَرْط عِنْدهم فتح الْقَدِير

قَوْله إِذا خطب فِي الْحَرْب الخ وَهَذِه الْخطْبَة لَيست خطْبَة الْجُمُعَة بل خطْبَة الْوَعْظ والنصيحة لِأَن الْحَرْب قَلما وَقع فِي الْحَضَر وَلَيْسَ على الْمُسَافِر صَلَاة الْجُمُعَة وَسبب الاتكاء على الْقوس التفاؤل بِالْفَتْح لِأَن الْقوس وَالسيف آلتا الْحَرْب وَفِي الدّرّ وحاشيته لاستاذنا الشَّيْخ عَابِد السندي يخْطب الامام بِسيف فِي بَلْدَة فتحت بِهِ أَي بِالسَّيْفِ كمكة وَالْحكمَة فِي مشروعيته ثمَّ أَن يُرِيهم أَنهم إِذا رجعُوا عَن الْإِسْلَام نحاربهم فَإِنَّهُ مَا زَالَ فِي أَيْدِينَا والا لَا يَأْخُذ الْخَطِيب السَّيْف بل إنْشَاء توكأ بعصا كالمدينة فَإِنَّهَا فتحت طَوْعًا بِلَا سيف وَفِي الْحَاوِي الْقُدسِي وَإِذا فرغ الْمُؤَذّن قَامَ الامام الْخَطِيب وَالسيف بيساره وَهُوَ متكأ عَلَيْهِ قَالَ فِي النَّهر يُمكن الْجمع بِأَن يتقلد مَعَ الاتكاء وَفِي الْخُلَاصَة يكره الاتكاء على قَوس أَو عَصا لَكِن فِي الْقُهسْتَانِيّ ان اخذ الْعَصَا سنة كالقيام كَمَا فِي الجلالي وَقد أخرج بن أبي شيبَة فِي مُصَنفه عَن يزِيد بن الْبَراء عَن أَبِيه ان النَّبِي صلى الله عليه وسلم خطبهم يَوْم عيد وَفِي يَده قَوس أَو عَصا وَعَن يحيى قَالَ رَأَيْت عمر بن عبد الْعَزِيز يخْطب وَبِيَدِهِ قضيب انْتهى انجاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي طَوَوْا الصُّحُف أَي طوى الْمَلَائِكَة صحف دَرَجَات السَّابِقين ويستمعون الْخطْبَة شيخ لنا هَذَا الشَّيْخ مُحَمَّد بن عمر الْوَاقِدِيّ ثِيَاب النمار وروى النمور جمع نمر أَي جُلُود السبَاع لم يفرق بَين اثْنَيْنِ أَي بَين اثْنَيْنِ لَا فُرْجَة بَينهمَا ليحصل لَهما الْأَذَى فليغتسل فِيهِ إِشَارَة الى أَن الْغسْل للصَّلَاة لَا لليوم وَهُوَ الصَّحِيح اللَّهُمَّ اغْفِر لمؤلفه وكاتبه وَلمن سعى فِيهِ قَوْله يجلس بَينهمَا الخ

الْقعدَة بَينهمَا سنة عِنْد الْحَنَفِيَّة وَعند الشَّافِعِي وَاجِب ف عبد الرَّحْمَن بن سعد ضَعِيف سلم مَذْهَب الشَّافِعِي وَأحمد أَن الامام إِذا صعد على الْمِنْبَر يسلم وَعند أبي حنيفَة وَمَالك لَا يسلم والْحَدِيث الَّذِي روى الْمُؤلف ضَعِيف لحَال بن لَهِيعَة قَالَ بن حجر هُوَ صَدُوق من السَّابِعَة اخْتَلَط بعد احتراق كتبه وَأما عَمْرو بن خَالِد الْقرشِي مَوْلَاهُم أَبُو خَالِد كُوفِي نزيل وَاسِط مَتْرُوك ورماه وَكِيع بِالْكَذِبِ من الثَّامِنَة وَمَا روى عَنهُ من السِّتَّة أحد غير بن ماجة واما عَمْرو بن خَالِد التَّمِيمِي الَّذِي هُوَ من الْعَاشِرَة فَثِقَة فَإِن كَانَ هُوَ فَالْحَدِيث مُنْقَطع لِأَن الْعَاشِرَة مِمَّن لم يلق التَّابِعين وَمَعْلُوم ان بن لَهِيعَة عَن كبار اتِّبَاع التَّابِعين وَبَين موتيهما خمس وَخَمْسُونَ سنة (إنْجَاح)

قَوْله

[1112]

فصل رَكْعَتَيْنِ قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا صَرِيح فِي الدّلَالَة لمَذْهَب الشَّافِعِي وَأحمد وَإِسْحَاق وفقهاء الْمُحدثين أَنه إِذا دخل الْجَامِع يَوْم الْجُمُعَة والأمام يخْطب يسْتَحبّ لَهُ ان يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ تَحِيَّة الْمَسْجِد وَيكرهُ الْجُلُوس قبل أَن يُصَلِّيهمَا وَأَنه يتجوز فيهمَا ليستمع الْخطْبَة وَحكى هَذَا أَيْضا عَن الْحسن الْبَصْرِيّ وَغَيره من الْمُتَقَدِّمين وَقَالَ القَاضِي قَالَ مَالك وَاللَّيْث وَأَبُو حنيفَة وَجُمْهُور السّلف وَالصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ لَا يُصَلِّيهمَا وَهُوَ مَرْوِيّ عَن عمر وَعُثْمَان وعَلى رض وحجتهم الْأَمر بالإنصات للامام وَأولُوا حَدِيث الْبَاب وَنَحْوه أَنه كَانَ عُريَانا فَأمره النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِالْقيامِ ليراه النَّاس ويتصدقوا عَلَيْهِ وَهَذَا تَأْوِيل بَاطِل يردهُ صَرِيح قَوْله إِذا جَاءَ أحدكُم يَوْم الْجُمُعَة والأمام يخْطب فليركع رَكْعَتَيْنِ ويتجوز فيهمَا وَهَذَا نَص لَا يتَطَرَّق اليه تَأْوِيل قلت أجَاب أَصْحَابنَا أَي الْحَنَفِيَّة بأجوبة غير هَذَا الأول انه صلى الله عليه وسلم انصت لَهُ حَتَّى فرغ من صلَاته وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا أخرجه بن أبي شيبَة بِسَنَدِهِ عَن مُحَمَّد بن قيس ان النَّبِي صلى الله عليه وسلم حَيْثُ امْرَهْ أَن يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ امسك عَن الْخطْبَة حَتَّى فرغ من ركعتيه ثمَّ عَاد الى الْخطْبَة وَكَذَا يُؤَيّدهُ مَا روى الدَّارَقُطْنِيّ مُسْندًا ومرسلا وَقَالَ وَهَذَا الْمُرْسل هُوَ الصَّوَاب وَالثَّانِي ان ذَلِك كَانَ قبل شُرُوعه صلى الله عليه وسلم فِي الْخطْبَة وصرحه النَّسَائِيّ فِي سنَنه الْكُبْرَى وَبَوَّبَ عَلَيْهِ وَالثَّالِث ان ذَلِك كَانَ مِنْهُ قبل أَن ينْسَخ الْكَلَام فِي الصَّلَاة ثمَّ لما نسخ فِي الصَّلَاة نسخ أَيْضا فِي الْخطْبَة لِأَنَّهَا شطر صَلَاة الْجُمُعَة وَشَرطهَا كَمَا صرحه الطَّحَاوِيّ عُمْدَة الْقَارِي

قَوْله

[1116]

من تخطى الخ قَالَ الْبَيْضَاوِيّ أَي من تجَاوز رقابهم بالخطو عَلَيْهَا وروى اتخذ مَبْنِيا للْفَاعِل وَمَعْنَاهُ أَن صَنِيعه هَذَا يُؤَدِّيه الى جَهَنَّم فَكَأَنَّهُ جسر اتَّخذهُ الى جَهَنَّم وبالبناء للْمَفْعُول وَمَعْنَاهُ أَنه يَجْعَل يَوْم الْقِيَامَة جِسْرًا يمر عَلَيْهِ من يساق الى جَهَنَّم مجازاة لَهُ بِمثل عمله (زجاجة)

قَوْله

[1117]

إِذا نزل مَذْهَب أبي حنيفَة أَن من وَقت خُرُوج الامام للخطبة الى أَن شرع فِي الصَّلَاة الصَّلَاة وَالْكَلَام كِلَاهُمَا حرَام وَعِنْدَهُمَا لَا بَأْس بالْكلَام بعد الْخُرُوج قبل الشُّرُوع وَبعد النُّزُول عَن الْمِنْبَر لمعات

قَوْله

[1121]

من أدْرك من الْجُمُعَة رَكْعَة الخ قَالَ فِي الْهِدَايَة وَمن أدْرك الامام يَوْم الْجُمُعَة صلى مَعَه مَا أدْركهُ وَبنى عَلَيْهِ الْجُمُعَة لقَوْله عليه السلام مَا ادركتم فصلوا وَمَا فاتكم فاقضوا وان كَانَ أدْركهُ فِي التَّشَهُّد أَو فِي سُجُود السَّهْو بنى عَلَيْهَا الْجُمُعَة عِنْدهمَا وَقَالَ مُحَمَّد أَن أدْرك مَعَه أَكثر الرَّكْعَة الثَّانِيَة بنى عَلَيْهَا الْجُمُعَة وان ادركها اقلها بنى الظّهْر انْتهى وَالْمرَاد بادراك أَكثر الرَّكْعَة الثَّانِيَة ادراكها فِي الرُّكُوع لَا بعد الرّفْع مِنْهُ قَالَ الشَّيْخ بن الْهمام وَلَهُمَا إِطْلَاق الحَدِيث الْمَذْكُور وَمَا رَوَاهُ من أدْرك رَكْعَة من الْجُمُعَة أضَاف إِلَيْهَا رَكْعَة أُخْرَى والاصلى أَرْبعا ثمَّ يثبت لمعات

قَوْله

ص: 78

[1124]

ان أهل قبا كَانُوا يجمعُونَ الخ وروى التِّرْمِذِيّ عَن رجل من أهل قبَاء عَن أَبِيه قَالَ أمرنَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن فَشهد الْجُمُعَة من قبَاء قبَاء بِضَم الْقَاف وخفة الْمُوَحدَة مَعَ مد وَقصر مَوضِع بميلين أَو ثَلَاثَة من الْمَدِينَة وَقَالَ التِّرْمِذِيّ هَذَا حَدِيث لَا نعرفه الا من هَذَا الْوَجْه وَلَا يَصح فِي هَذَا الْبَاب عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم شَيْء وَقد روى عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ الْجُمُعَة على من أَواه اللَّيْل الى أَهله هَذَا حَدِيث إِسْنَاده ضَعِيف وَمعنى الحَدِيث أَن الْجُمُعَة وَاجِبَة على من كَانَ بَين وَطنه وَبَين الْموضع الَّذِي يصلى فِيهِ الْجُمُعَة مَسَافَة يُمكن لَهُ الرُّجُوع بعد أَدَاء الْجُمُعَة إِلَى وَطنه قبل اللَّيْل وَيُسمى هَذَا مَسَافَة الْعَدْوى على خلاف مَسَافَة الْقصر الَّذِي يصير بِهِ مُسَافِرًا قَالَ الطَّيِّبِيّ وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حنيفَة رض بشرطان يكون وَطنه ينْقل الى ديوَان الْمصر الَّذِي يَأْتِيهِ للْجُمُعَة وان كَانَ لوطنه ديوَان غير ديوَان الْمصر لم يجب عَلَيْهِ الْإِتْيَان قَالَ بن الْهمام وَمن كَانَ من تَوَابِع الْمصر فَحكمه حكم أهل الْمصر فِي وجوب الْجُمُعَة عَلَيْهِ وَاخْتلفُوا فِيهِ فَعَن أبي يُوسُف ان كَانَ الْموضع يسمع فِيهِ النداء من الْمصر فَهُوَ من تَوَابِع الْمصر والا فَلَا وَعنهُ أَنَّهَا تجب فِي ثَلَاث فراسخ وَقَالَ بَعضهم قدر ميل وَقيل قدر ميلين وَقيل سِتَّة أَمْيَال وَقيل أَن أمكنه ان يحضر الْجُمُعَة ويبيت بأَهْله من غير تكلّف تجب عَلَيْهِ الْجُمُعَة والا فَلَا قَالَ فِي الْبَدَائِع وَهَذَا حسن انْتهى وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد وَإِسْحَاق لَا تجب الْجُمُعَة الا على من سمع النداء فَخر الْحسن فقد لغوت يحرم فِي الْخطْبَة الْكَلَام وَإِن كَانَ أَمر بِالْمَعْرُوفِ أَو تسبيحا 12 ف عَنهُ أنيت أَي أخرت الْمَجِيء وأبطأت

[1125]

من ترك الْجُمُعَة أَي اكْتفى بِالظّهْرِ عَن الْجُمُعَة تهاونا بهَا الظَّاهِر أَن المُرَاد بالتهاون التكاسل وَعدم الْجد فِي أَدَائِهِ لَا الاهانة وَالِاسْتِخْفَاف فَإِنَّهُ كفر وَالْمرَاد بَيَان كَونه مَعْصِيّة عَظِيمَة تَقْتَضِي الى الطَّبْع وَالدّين وَجَاء عَن بن عَبَّاس ان من ترك الْجُمُعَات مُتَوَالِيَة فقد نبذ الْإِسْلَام وَرَاء ظَهره لمعات

قَوْله طبع على قلبه أَي ختم قَالَ القَاضِي اخْتلف المتكلمون فِي هَذَا اخْتِلَافا كثيرا فَقيل هُوَ اعدام اللطف وَأَسْبَاب الْخَيْر وَقيل هُوَ خلق الْكفْر فِي صُدُورهمْ وَهُوَ قَول أَكثر مُتَكَلم أهل السّنة قَالَ غَيرهم هم الشَّهَادَة عَلَيْهِم وَقيل هُوَ عَلامَة جعلهَا الله تَعَالَى فِي قُلُوبهم لتعرف بهَا الْمَلَائِكَة من يمدح وَمن يذم انْتهى

قَوْله

[1127]

ان يتَّخذ الصبة بصاد مُهْملَة وموحدة قَالَ فِي النِّهَايَة أَي جمَاعَة مِنْهَا تَشْبِيها بِجَمَاعَة النَّاس وَقد اخْتلف فِي عَددهَا فَقيل مَا بَين الْعشْرين الى الْأَرْبَعين من الضَّأْن والمعز وَقيل من الْمعز خَاصَّة وَقيل نَحْو الْخمسين وَقيل مَا بَين السِّتين الى السّبْعين والصبة من الْإِبِل نَحْو خمس أَو سِتّ (زجاجة)

قَوْله ان يتَّخذ الصبة بِالضَّمِّ أَي جمَاعَة مِنْهَا وَهِي مَا بَين الْعشْرين الى الْأَرْبَعين من الضان والمعز كَذَا فِي الْمجمع قَوْله فيتعذر عَلَيْهِ الْكلأ وَهُوَ الْحَشِيش الْيَابِس بِقرب الْبَلَد فيرتفع أَي يبعد لطلب الْكلأ الى مواقع الْقطر والمطر فيثقل عَلَيْهِ الذّهاب الى الْجُمُعَة حَتَّى يتَكَرَّر تَركهَا فيطبع الله على قلبه بالقسوة والغفلة فَيكون من أحد الاعراب قَالَ الله تَعَالَى الاعراب أَشد كفرا ونفاقا وَفِيه وَعِيد شَدِيد لمن يضيع نَفسه لحظ الدُّنْيَا وَيتْرك الْآخِرَة هَذَا إِذا كَانَ لانهماكه فِي الدُّنْيَا وَأما إِذا عزل عَن النَّاس لطلب السَّلامَة للدّين فَلَيْسَ هُوَ بمذموم لحَدِيث النَّبِي صلى الله عليه وسلم يُوشك أَن يكون خير مَال الْمُسلم غنم يتبع بهَا شعف الْجبَال ومواقع الْقطر يفر بِدِينِهِ وَأما تَحْقِيق الْمقَام فمحله أدب الصُّحْبَة من كتاب الاحياء للغزالي نفعنا الله تَعَالَى بأنفاسه المقدسة (إنْجَاح الْحَاجة)

قَوْله

[1128]

فليتصدق الخ قَالَ بن حجر وَهَذَا التَّصَدُّق لَا يرفع اثم التّرْك أَي بِالْكُلِّيَّةِ حَتَّى يُنَافِي خبر من ترك الْجُمُعَة من غير عذر لم يكن لَهَا كَفَّارَة دون الْقِيَامَة وَإِنَّمَا يُرْجَى بِهَذَا التَّصَدُّق تَخْفيف الْإِثْم وَذكر الدِّينَار وَنصفه لبَيَان الاكمل فَلَا يُنَافِي ذكر الدِّينَار وَنصفه صَاع حِنْطَة وَنصفه فِي رِوَايَة أبي دَاوُد (مرقاة)

قَوْله

[1130]

فصلى سَجْدَتَيْنِ فِي بَيته وَبِه يَقُول الشَّافِعِي وَأحمد وَعند ابيحنيفة يصلى بعد الْجُمُعَة أَرْبعا للْحَدِيث الَّاتِي إِذا صليتم بعد الْجُمُعَة فصلوا أَرْبعا وَبِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من كَانَ مِنْكُم مُصَليا بعد الْجُمُعَة فَليصل أَرْبعا وَقَالَ هَذَا حَدِيث حسن صحيخ وَبِه قَالَ الثَّوْريّ وَابْن الْمُبَارك وَعند أبي يُوسُف وَمُحَمّد يُصَلِّي سِتّ رَكْعَات لما فِي التِّرْمِذِيّ وروى عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه أَمر أَن يُصَلِّي بعد الْجُمُعَة رَكْعَتَيْنِ ثمَّ أَرْبعا وَبِمَا روى التِّرْمِذِيّ عَن عَطاء قَالَ رَأَيْت بن عمر صلى بعد الْجُمُعَة رَكْعَتَيْنِ ثمَّ صلى بعد ذَلِك أَرْبعا قَالَ الشَّيْخ فِي اللمعات وَأما الصَّلَاة قبل الْجُمُعَة فثابتة وَقد أنكرهُ بعض الْمُحدثين وبالغوا فِي الْإِنْكَار وَقَالَ صَاحب سفر السَّعَادَة الَّذين قَالُوا بسنية الْجُمُعَة قبلهَا إِنَّمَا قَالُوا بهَا قِيَاسا على الظّهْر واثبات السّنَن بِالْقِيَاسِ غير جَائِز أعلم ان فِي جَامع الْأُصُول عَن ثَعْلَبَة بن أبي مَالك الْقرظِيّ أَنه قَالَ كَانُوا فِي زمن عمر بن الْخطاب رض يصلونَ يَوْم الْجُمُعَة قبل الْخطْبَة وَإِذا خرج جلس على الْمِنْبَر فَأذن الْمُؤَذّن الحَدِيث وَفِي صَحِيح مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة من اغْتسل ثمَّ اتى الْجُمُعَة فصلى مَا قدر لَهُ ثمَّ أنصت وَأورد فِي السّنة قبل الْجُمُعَة وَأورد السُّيُوطِيّ فِي جمع الْجَوَامِع من كَانَ مُصَليا يَوْم الْجُمُعَة فَليصل قبلهَا أَرْبعا وَبعدهَا أَرْبعا وَفِي أداب أَيْضا من حَدِيث أبي دَاوُد عَن نَافِع قَالَ كَانَ بن عمر يُطِيل فِي الصَّلَاة قبل الْجُمُعَة وَبعدهَا وَيَقُول هَكَذَا كَانَ يَفْعَله رَسُول الله صلى الله عليه وسلم انْتهى قلت وَفِي التِّرْمِذِيّ وروى عَن عبد الله بن مَسْعُود أَنه كَانَ يُصَلِّي قبل الْجُمُعَة أَرْبعا وَفِي الْبَاب السَّابِق من هَذَا الْكتاب عَن بن عَبَّاس قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يرْكَع قبل الْجُمُعَة أَرْبعا لَا يفصل فِي شَيْء مِنْهُنَّ (فَخر)

قَوْله

[1137]

ان فِي الْجُمُعَة سَاعَة أعلم ان الْأَقْوَال فِي تعْيين هَذِه السَّاعَة كَثِيرَة تبلغ كَمَا ذكرُوا الى ثَلَاثَة وَثَلَاثِينَ قولا أرجحها وأقواها قَولَانِ أَحدهمَا مَا بَين ان يجلس الامام الى أَن يقْضِي الصَّلَاة وَثَانِيهمَا آخر ساعةمن الْيَوْم وَقَالَ فِي فتح الْبَارِي وَمَا عداهما مُوَافق لأَحَدهمَا أَو ضَعِيف الْإِسْنَاد وَمَوْقُوف اسند قَائِله بِاجْتِهَادِهِ من غير سَماع وتوقيف ثمَّ الْأَكْثَرُونَ على أَن ارجحه القَوْل الْأَخير قَالَ الامام أَحْمد أَكثر الْأَحَادِيث فِي هَذَا الْجَانِب وَقَالَ بن عبد الْبر اثْبتْ شَيْء فِي هَذَا الْبَاب حَدِيث عبد الله بن سَلام وَرجحه أَكثر الْأَئِمَّة وَنَصّ الشَّافِعِي عَلَيْهِ وَحَدِيث أبي مُوسَى سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول فِي شَأْن سَاعَة الْجُمُعَة هِيَ مَا بَين ان يجلس الامام الى أَن تقضي الصَّلَاة وان كَانَ مَذْكُورا فِي صَحِيح مُسلم لَكِن فِي إِسْنَاده مقَالا وَهَذِه من جملَة السَّاعَات الَّتِي وَقعت فِي بعض أَحَادِيث مُسلم وَرجح جمَاعَة من الْعلمَاء القَوْل الأول وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ قَالَ مُسلم حَدِيث أبي مُوسَى أصح وأجود شَيْء فِي هَذَا الْبَاب وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ هَذَا الحَدِيث نَص فِي مَوضِع الْخلاف فليلتفت الى غَيره وَقَالَ النَّوَوِيّ هُوَ الصَّحِيح بل الثَّوَاب الَّذِي لَا يجوز غَيره قَالَ العَبْد الضَّعِيف وَقد صَحَّ عَن سيدتنا فَاطِمَة الزهراء انها كَانَت تسلط خادمة ترقب آخر سَاعَة من الْيَوْم فيذكر الله ويدعوه وَقيل ان هَذِه السَّاعَة كَانَت فِي زمن الرَّسُول صلى الله عليه وسلم ثمَّ رفعت نَقله بن عبد الْبر عَن قوم وزيفه وَالصَّحِيح أَنَّهَا بَاقِيَة لمعات

قَوْله

ص: 79

[1139]

فَأَشَارَ الى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَو بعض سَاعَة كَأَنَّهُ أَشَارَ بذلك الى تقليلها أَي ان تِلْكَ أقل من أَن يُطلق عَلَيْهَا اسْم السَّاعَة بل قريب ان يُقَال هِيَ بعض السَّاعَة وَفِيه إِشَارَة الى تقليلها جدا انجاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي رَحمَه الله تَعَالَى

[1140]

وَرَكْعَتَيْنِ قبل الظّهْر بِهِ يَقُول الشَّافِعِي وَأحمد وَالْأَحَادِيث فِي أَربع قبل الظّهْر كَثِيرَة وَجَاء عَن الشَّافِعِي وَأحمد أَيْضا أَربع وَلَكِن بتسليمتين وَبِالْجُمْلَةِ وَجه التطبيق بَين الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي الْأَرْبَع والواردة فِي الرَّكْعَتَيْنِ أما بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي فِي بَيته أَرْبعا فرأته عَائِشَة وَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ إِذا أَتَى الْمَسْجِد تَحِيَّة فَظن أَبُو هُرَيْرَة أَنَّهُمَا سنة الظّهْر وَأما بِأَن اعْتِقَاد أبي هُرَيْرَة أَن سنة الظّهْر رَكْعَتَانِ والاربع صَلَاة آخرى كَانَ يُصليهَا فِي وَقت الزَّوَال لِأَنَّهَا تفتح عِنْدهَا أَبْوَاب السَّمَاء كَذَا فِي اللمعات

قَوْله وَرَكْعَتَيْنِ أَظُنهُ قَالَ قبل الْعَصْر لَعَلَّ الظَّن من أبي صَالح وَالِد سُهَيْل لِأَن التِّرْمِذِيّ ذكر الحَدِيث عَن عَائِشَة ثمَّ قَالَ وَفِي الْبَاب عَن أم حَبِيبَة وَأبي هُرَيْرَة وَأبي مُوسَى وَابْن عمر فَلَو كَانَ الشَّك من أبي هُرَيْرَة لذكره أَيْضا وَذكر فِي حَدِيث عَائِشَة أَربع رَكْعَات قبل الظّهْر وَلم يذكر الْعَصْر خلاف مَا فِي هَذِه الرِّوَايَة وَهَذَا الظَّن لَا يبعد أَن يكون خلافًا للْوَاقِع فَإِن فِي الرِّوَايَات المتيقنة فِي الثُّبُوت وَلَيْسَت رَكْعَتَيْنِ قبل الظّهْر بل أَربع رَكْعَات وَأما قبل الْعَصْر فقد ثَبت الركعتان وَأَرْبع رَكْعَات أَيْضا الا على سَبِيل التَّأْكِيد وَلم يُصَرح أحد من الْفُقَهَاء بتوكيد سنة الْعَصْر فَكَانَ الْمصير الى مَا جَاءَ فِي الرِّوَايَات الصَّحِيحَة أولى وَقَالَ النَّوَوِيّ لَيْسَ فِي الصحيحن ذكر رَكْعَتَيْنِ قبل الْعَصْر (إنْجَاح الْحَاجة)

قَوْله

[1144]

كَانَ الْأَذَان فِي اذنيه المُرَاد من الْأَذَان الْإِقَامَة أَي كَأَنَّهُ يسمع صَوت الْمُؤَذّن حِين يقوم وَهَذَا كِنَايَة عَن التَّعْجِيل والسرعة (إنْجَاح)

قَوْله

[1148]

قرا فِي الرَّكْعَتَيْنِ الخ وَالْحكمَة فِي تَخْصِيص هَاتين السورتين لِأَنَّهُمَا اشتملتا من عبَادَة الله وتوحيده وتنزيهه وَالرَّدّ على الْكَافرين فِيمَا يتعتقدونه وَيدعونَ اليه فَكَانَ الِافْتِتَاح بهما أول الصُّبْح ليشهد بِهِ الْمَلَائِكَة وَلذَلِك قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيث نَوْفَل الْأَشْجَعِيّ اقْرَأ قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ ثمَّ نم علىخاتمها فَإِنَّهَا بَرَاءَة من الشّرك كَذَا فِي الْمرقاة

قَوْله

[1151]

إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة الخ قَالَ بن الْملك سنة الْفجْر مَخْصُوصَة عَن هَذَا القَوْل النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَا تدعوهما وان طردتكم الْخَيل رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فَقُلْنَا يُصَلِّيهمَا مَا لم يخْش فَوت الرَّكْعَة الثَّانِي انْتهى قَالَ فِي الْهِدَايَة وَمن انْتهى الى الامام فِي صَلَاة الْفجْر وَهُوَ لم يصل رَكْعَتي الْفجْر ان خشِي ان تفوته رَكْعَة وَيدْرك الْأُخْرَى يُصَلِّي رَكْعَتي الْفجْر عِنْد بَاب الْمَسْجِد لِأَنَّهُ أمكنه الْجمع بَين الفضيلتين وان خشِي فوتهما دخل مَعَ الامام لِأَن ثَوَاب الْجَمَاعَة أعظم والوعيد بِالتّرْكِ الزم وَالتَّقْيِيد الْأَدَاء عِنْد بَاب الْمَسْجِد يدل على الْكَرَاهَة فِي الْمَسْجِد إِذا كَانَ الامام فِي الصَّلَاة قَالَ بن الْهمام لما روى عَنهُ عليه السلام إِذا اقيمت الصَّلَاة فَلَا صَلَاة الا الْمَكْتُوبَة وَلِأَنَّهُ يشبه مُخَالفَة للْجَمَاعَة فَيَنْبَغِي ان لَا يُصَلِّي فِي الْمَسْجِد إِذا لم يكن عِنْد بَاب الْمَسْجِد مَكَان لِأَن ترك المركوه مقدم على فعل السّنة غير ان الْكَرَاهَة تَتَفَاوَت وان كَانَ الامام فِي الصَّيف فصلانه فِي الشتوي اخف من صلَاته فِي الصيفي وَأَشد مَا يكون كَرَاهَة ان يُصَلِّيهمَا مخالطا للصف كَمَا يَفْعَله كثير من الجهلة انْتهى

قَوْله

[1153]

أَرْبعا يُرِيد انه لَا يشرع بعد إِقَامَة الْفجْر الا الْفَرِيضَة فَإِن من صلى السّنة بعْدهَا صَار كَأَنَّهُ صلى أَرْبعا فَرِيضَة مجمع

قَوْله

[1154]

فَسكت الخ وَفِي التِّرْمِذِيّ فَلَا إِذن قَالَ بن الْملك هَذَا يدل على جَوَاز قَضَاء سنة الصُّبْح بعد فَرْضه لمن لم يصلها قبله وَبِه قَالَ الشَّافِعِي قَالَ الْقَارِي ان الحَدِيث لل يثبت كَمَا قَالَ التِّرْمِذِيّ وَإسْنَاد هَذَا الحَدِيث لَيْسَ بِمُتَّصِل مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ لم يسمع من قيس فَلم يكن حجَّة على أبي حنيفَة (مرقاة)

قَوْله

ص: 80

[1158]

صلاهَا بعد الرَّكْعَتَيْنِ الخ هَذَا الحَدِيث يُؤَيّد قَول أبي يُوسُف حَيْثُ يَقُول يقْضِي الْأَرْبَع بعد شُفْعَة كَمَا فِي الْجَامِع الصَّغِير للحسامي وَعند مُحَمَّد يقْضِي قبل شُفْعَة وَفِي الْمَنْظُومَة وشروحها الْخلاف على الْعَكْس وَفِي غَايَة الْبَيَان يحْتَمل أَن يكون عَن كل من الامامين رِوَايَتَانِ وبتقديم الْأَرْبَع على الرَّكْعَتَيْنِ يُفْتِي جَوْهَرَة وَرجح فِي فتح الْقَدِير تَقْدِيم الرَّكْعَتَيْنِ لِأَن الْأَرْبَع فَاتَت عَن موضعهَا الْمسنون فَلَا يفوت الثنتان بِلَا ضَرُورَة أَقُول هَذَا هُوَ الْحق إنْشَاء الله تَعَالَى للْحَدِيث الْوَارِد بِهِ وَالله اعْلَم انجاح الْحَاجة قَوْله من ثابر أَي واظب انجاح الْحَاجة عبد الله بن مَالك بِالتَّنْوِينِ لَان بُحَيْنَة أم عبد الله ومالكا أَبوهُ وهما صفتان لعبد الله منْجَاب هُوَ بمكسورة وَسُكُون نون بن الْحَارِث مُغنِي

[1159]

فصليتهما الخ هَذَا يدل على أَن قَضَاء السّنة سنة وَبِه اخذ الشَّافِعِي وَالظَّاهِر ان هَذَا من خصوصياته صلى الله عليه وسلم لعُمُوم النَّهْي للْغَيْر وَلِأَنَّهُ ورد فِي حَدِيث أَنه كَانَ يُصَلِّيهمَا دَائِما وَقد ذكر الطَّحَاوِيّ بِسَنَدِهِ حَدِيث أم سَلمَة وَزَاد فَقلت يَا رَسُول الله فنقضيهما إِذا فاتنا قَالَ لَا انتهي فَمَعْنَى الحَدِيث كَمَا قَالَه بن حجر أَي وَقد علمت ان من خصائصي اني إِذا عملت عملا وادمت عَلَيْهِ فَمن ثمَّ فعلتهما ونهيت غَيْرِي عَنْهُمَا لَكِن خَالف كَلَامه حَيْثُ قَالَ وَمن هَذَا اخذ الشَّافِعِي ان ذَات السَّبَب لَا تكره فِي تِلْكَ الْأَوْقَات وَلَا يخفي أَنه إِذا كَانَ من خصوصياته فَلَا يصلح للاستدلال وَالله أعلم بِحَقِيقَة الْحَال قَالَ القَاضِي اخْتلفُوا فِي جَوَاز الصَّلَاة فِي أَوْقَات الثَّلَاثَة وَبعد صَلَاة الصُّبْح الى الطُّلُوع وَبعد صَلَاة الْعَصْر الى الْغُرُوب فَذهب دَاوُد الى جَوَاز الصَّلَاة فِيهَا مُطلقًا وَقد روى عَن جمع من الصَّحَابَة فلعلهم لم يسمعوا نَهْيه صلى الله عليه وسلم وَحَمَلُوهُ على التَّنْزِيه دون التَّحْرِيم وَخَالفهُم الْأَكْثَرُونَ فَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز فِيهَا فعل صَلَاة لَا سَبَب لَهَا أما الَّذِي لَهُ سَبَب كالمنذورة وَقَضَاء الْفَائِتَة فَجَاز كَحَدِيث كريب وَاسْتثنى أَيْضا مَكَّة واستواء الْجُمُعَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة يحرم فعل كل صَلَاة فِي الْأَوْقَات الثَّلَاثَة سوى عصر يَوْمه عِنْد الاصفرار وَيحرم الْمَنْذُورَة والنافلة بعد الصَّلَاتَيْنِ دون الْمَكْتُوبَة الْفَائِتَة وَسجْدَة التِّلَاوَة وَصَلَاة الْجِنَازَة (مرقاة)

قَوْله

[1161]

إِذا كَانَت الشَّمْس الخ حَاصِل الحَدِيث إِذا ارْتَفَعت الشَّمْس من جَانب الْمشرق مِقْدَار ارتفاعها وَقت الْعَصْر صلى الضُّحَى وَهَذِه هِيَ الضحوة الصُّغْرَى وَهُوَ وَقت الْإِشْرَاق وَهَذَا الْوَقْت هُوَ أَوسط وَقت الْإِشْرَاق واعلاها واما دُخُول وقته فَبعد طُلُوع الشَّمْس وارتفاعها مِقْدَار رمح أَو رُمْحَيْنِ حِين تصير الشَّمْس بازغة وَيَزُول وَقت الْكَرَاهَة وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي هَذِه الصَّلَاة غَالِبا رَكْعَتَيْنِ وَقد أَمر بالاربع أَيْضا وَفِي الحَدِيث الْقُدسِي يَا بن ادم اركع لي أَربع رَكْعَات أول النَّهَار اكفك آخِره وَأما الصَّلَاة الثَّانِيَة فَهِيَ الضحوة الْكُبْرَى فَكَانَ يُصليهَا أَحْيَانًا وَيَتْرُكهَا أَحْيَانًا ووقتها فِي الحَدِيث الاخر حِين ترمض الفصال وَهَذِه السَّاعَة حِين تبقى السَّاعَة النجومية من الزَّوَال غَالِبا وَهَذَا الْمِقْدَار أدنى رَكْعَات الضُّحَى وَقد جَاءَ ثَمَانِيَة واثنتا عشرَة وَأما الصَّلَاة الثَّالِثَة فَهِيَ أما فَيْء الزَّوَال أَو سنة الظّهْر (إنْجَاح)

قَوْله بِالتَّسْلِيمِ الخ لَيْسَ المُرَاد مِنْهُ تَسْلِيم التَّحْلِيل بل الدُّعَاء بِالتَّسْلِيمِ على الْمَلَائِكَة المقربين والنبين كَمَا هُوَ فِي التَّشَهُّد (إنْجَاح)

قَوْله

[1162]

بَين كل اذانين صَلَاة أَي بَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة قَالَ بن الْجَوْزِيّ فَائِدَة هَذَا الحَدِيث أَنه يُمكن ان يتَوَهَّم المتوهم ان الْأَذَان للصَّلَاة يمْنَع ان يفعل سوى الصَّلَاة الَّتِي اذن لَهَا فَتبين ان التَّطَوُّع بَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة جَائِز كَذَا ذكر فِي فتح الْبَارِي وَالصَّوَاب أَن المُرَاد بَيَان أَن مَعَ كل فَرِيضَة نفلا وَيَنْبَغِي ان يُصَلِّي بَينهمَا نَافِلَة لشرف الْوَقْت وَكَثْرَة الثَّوَاب وَأما الاشكال بالمغرب فَجَوَابه القَوْل بالنسخ فِيهَا وَأَنَّهَا خصت من الْعُمُوم وَكَذَا قَالَ الشَّيْخ فِي اللمعات قَالَ التوربشتي إِنَّمَا ذهب أَبُو حنيفَة الى كَرَاهَة النَّافِلَة قبل صَلَاة الْمغرب لحَدِيث بُرَيْدَة الْأَسْلَمِيّ رضي الله عنه ان النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَبا بكر وَعمر لم يصلوها وَمَا رَوَاهُ غَيره من الصَّحَابَة فَهُوَ مَنْسُوخ وَعَن بن عمر قَالَ مَا رَأَيْت أحدا يُصَلِّيهمَا على عهد النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَفِيهِ دَلِيل على نسخ مَا كَانَ قبل رويته وَتَمَامه فِي فتح الْقَدِير (إنْجَاح)

قَوْله

[1163]

فَيرى انها الْإِقَامَة الخ أَي فيظن ان النَّاس قد قَامُوا الصَّلَاة الْمغرب وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك لأَنهم كَانُوا يقومُونَ عِنْد اسْتِمَاع الْأَذَان لاداء هَاتين الرَّكْعَتَيْنِ (إنْجَاح)

قَوْله

[1167]

سِتّ رَكْعَات الْمَفْهُوم ان الرَّكْعَتَيْنِ الراتبتين داخلتان فِي السِّت قَالَه الطَّيِّبِيّ فَيصَلي المؤكدتين بِتَسْلِيمَة وَفِي الْبَاقِي الْخِيَار قَوْله لم يتَكَلَّم فِيمَا بَينهُنَّ أَي فِي أثْنَاء ادائهن وَقَالَ بن حجر إِذا اسْلَمْ من كل رَكْعَتَيْنِ قَوْله بسؤاي بِكَلَام سيء وَبِمَا يُوجب سوء قَوْله عدلن بِصِيغَة الْمَجْهُول وَقيل بالمعلوم كَذَا فِي الْمرقاة

قَوْله عدلن الخ قَالَ الْبَيْضَاوِيّ فَإِن قلت كَيفَ تعادل الْعِبَادَة القليلة الْعِبَادَات الْكَثِيرَة فَإِن تَضْييع لما زَاد عَلَيْهَا من الْأَفْعَال الصَّالِحَة قلت الفعلان ان اخْتلفَا نوعا فَلَا اشكال وان اتفقَا فَلَعَلَّ الْقَلِيل يكْتَسب بمقارنة مَا يَخُصُّهُ من الْأَوْقَات والاحوال مَا يرجحه على أَمْثَاله (زجاجة)

قَوْله

[1168]

الزوفي بِفَتْح الزَّاي وَسُكُون الْوَاو وبفاء نِسْبَة الى الزوف هُوَ بطن من مُرَادة وَلَيْسَ لَهُ ولشيخه عبد الله بن أبي عَمْرو مرّة الزوفي وَلَا لشيخ شَيْخه خَارِجَة بن حذافة عِنْد المُصَنّف وَأبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ إِلَّا هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد وَلَيْسَ لَهُم رِوَايَة فِي بَقِيَّة الْكتب السِّتَّة وَقَالَ البُخَارِيّ وَرِوَايَته عَن خاجرة مُنْقَطع 12 (إنْجَاح)

قَوْله

ص: 81

[1169]

لَيْسَ بحتم الخ قَالَ الْعَيْنِيّ لم يقل أحد أَن وجوب الْوتر كوجوب الصَّلَاة انْتهى فَحِينَئِذٍ لَا يُخَالف قَول أبي حنيفَة هَذَا الحَدِيث لِأَن قَوْله بِوُجُوب الْوتر لَا يُرِيد بِهِ أَنه كَالصَّلَاةِ الْخمس قَالَ القَاضِي أَبُو الطّيب وَأَبُو حَامِد ان الْعلمَاء كَافَّة قَالَت انه سنة حَتَّى أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَحده وأجب هَكَذَا اذكر الْعَيْنِيّ ثمَّ رد كَلَامهمَا وَأثبت قَول عدَّة من الْعلمَاء بِوُجُوب وَلَو سلم فَلَا يضر أَبَا حنيفَة خلاف أحد إِذا كَانَ استدلاله بالأخبار مِنْهَا مَا فِي السّنَن الا التِّرْمِذِيّ قَالَ صلى الله عليه وسلم الْوتر حق وَاجِب على كل مُسلم الحَدِيث قَالَ بن الْهمام وَرَوَاهُ بن حبَان وَالْحَاكِم وَقَالَ على شَرطهمَا وَمِنْهَا حَدِيث أبي سعيد قَالَ قَالَ صلى الله عليه وسلم من نَام عَن وتر أَو نَسيَه فليصله إِذا أصبح أَو ذكره وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد قَالَ صلى الله عليه وسلم الْوتر حق فَمن لم يُوتر فَلَيْسَ منا كَرَّرَه وَهَذَا الحَدِيث صَحِيح وَلِهَذَا أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَصَححهُ وَتَمام المبحث فِي فتح الْقَدِير والعمدة للعيني قَوْله مَا بَين كل اذانين الخ أَي بَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة السّنَن الرَّوَاتِب نِهَايَة وانجاح قَوْله فِي بُيُوتكُمْ أَي الْأَفْضَل كَونهَا فِيهَا لِأَنَّهُ أبعد من الرِّيَاء وَلِأَن فِيهِ حَظّ الْبيُوت من الْبركَة عَن عبد الله بن أبي عَمْرو مرّة الزوفي صَوَابه عبد الله بن مرّة وَابْن أبي هرة قَوْله ان الله قد أمدكم أَي زادكم وَالْأَصْل فِي الْمَزِيد أَن يكون من جنس الْمَزِيد عَلَيْهِ فَخر الْحسن

[1170]

لَيْسَ لَك الخ أَشَارَ عبد الله الى ان الاعراب لَيست بداخلة فِي أَمر هَذَا الحَدِيث لِأَن أَكْثَرهم جُفَاة غِلَاظ لَا يتعلمون الْقُرْآن فَكَانَ عِنْد عبد الله سنية الْوتر لأَصْحَاب الْقُرْآن الَّذين يتلونه اناء اللَّيْل وهم يَسْجُدُونَ وَعند الْجُمْهُور من آمن بِالْقُرْآنِ فَهُوَ من أَهله فَدخل جَمِيع الْمُسلمين فِي الْخطاب وَالله أعلم (إنْجَاح)

قَوْله

[1172]

قَالَ يُونُس بن أبي إِسْحَاق حَدثنِي أبي قَالَ شَبابَة ان يُونُس بن أبي إِسْحَاق حَدثنَا عَن أَبِيه وَهُوَ أَبُو إِسْحَاق فَلَعَلَّ تَأْخِير الْفِعْل عَن معموله للاختصاص فَإِن تَقْدِيم مَا حَقه التَّأْخِير يُوجب الِاخْتِصَاص وَحَاصِله ان شَبابَة قَالَ حَدثنَا يُونُس (إنْجَاح)

قَوْله

[1173]

وَفِي الثَّالِثَة الخ قَالَ الْقَارِي ان أَبَا دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة رووا الحَدِيث عَن أبي وَلم يذكرُوا المعوذتين فَلَا اعْتِمَاد على حَدِيث عَائِشَة لِأَن عبد الْعَزِيز بن جريج على مَا ذكره فِي التَّقْرِيب لين وَقَالَ الْعجلِيّ لم يسمع عَن عَائِشَة وَأَخْطَأ خصيف فَصرحَ بِسَمَاعِهِ عَن عَائِشَة

قَوْله

[1174]

ويوتر بِرَكْعَة قَالَ النَّوَوِيّ وَهُوَ مَذْهَبنَا وَمذهب الْجُمْهُور وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يَصح الايتار بِوَاحِدَة وَلَا يكون الرَّكْعَة الْوَاحِدَة صَلَاة قطّ وَالْأَحَادِيث الصَّحِيحَة ترد عَلَيْهِ قلت مَعْنَاهُ يُوتر بِسَجْدَة الى رَكْعَة وَرَكْعَتَيْنِ قبلهَا فَيصير وتره ثَلَاثًا وَلأبي حنيفَة أَيْضا أَحَادِيث صَحِيحَة ترد عَلَيْهِم مِنْهَا مَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي سنَنه بِإِسْنَادِهِ الى عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُوتر بِثَلَاث لَا يسلم الا فِي آخِرهنَّ ذكره الْعَيْنِيّ وَأورد رِوَايَات اخر أَيْضا وَقَالَ روى بن أبي شيبَة ناحفص بن عمر عَن الْحسن الْبَصْرِيّ قَالَ اجْمَعْ الْمُسلمُونَ على ان الْوتر ثَلَاث لَا يسلم الا فِي آخِرهنَّ وَقَالَ بن الْهمام روى الْحَاكِم وَقَالَ على شَرطهمَا عَن عَائِشَة ان رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُوتر بِثَلَاث لَا سلم الا فِي آخِرهنَّ وَكَذَا روى النَّسَائِيّ عَنْهَا الى ان قَالَ مَعَ ان أَكثر الصَّحَابَة عَلَيْهِ انْتهى مُخْتَصرا 12

قَوْله اجْعَل أَرَأَيْت الخ هَذَا من بن عمر على أبي مجلز فَإِنَّهُ لما حدث عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَارضه أَبُو مجلز بقوله أَرَأَيْت غضب عَلَيْهِ وَكَانَ الصَّحَابَة رض يكْرهُونَ أَشد الْكَرَاهَة مُعَارضَة الحَدِيث حَتَّى بن عَمْرو رَضِي ترك الْكَلَام مَعَ ابْنه بِلَال حِين حدث عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا تمنعوا اماء الله مَسَاجِد الله فعارضه وَلَده بِلَال فَقَالَ وَالله لنمنعنهن فَغَضب عَلَيْهِ بن عمر وسبه حَتَّى قيل انه لم يتَكَلَّم مَعَه فِي حَيَاته وَكَذَلِكَ لما حدث أَبُو هُرَيْرَة بقوله صلى الله عليه وسلم الْوضُوء مِمَّا غيرت النَّار وَقَالَهُ بن عَبَّاس انتوضأ من الْحَمِيم فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة يَا بن أخي إِذا سَمِعت الحَدِيث من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَلَا تضرب لَهُ مثلا وَكَذَلِكَ عمرَان بن حُصَيْن وَغَيرهم من الصَّحَابَة فَالْحَاصِل ان بن عمر عَاتب أَبَا مجلز وَقَالَ أجعَل أَي قَوْلك أَرَأَيْت عِنْد ذَلِك النَّجْم وَهِي كِنَايَة عَن غَايَة الْبعد أَي بعد عَنَّا قَوْلك كبعد مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض والسماك ككتاب نجمان نيران وَقيل هما رجلا الْأسد والاسد برج من بروج السَّمَاء ثمَّ أعَاد بن عمر الحَدِيث تهديد اله

وَالله أعلم (إنْجَاح)

قَوْله

[1176]

البتيراء بِالتَّصْغِيرِ من البتر وَهُوَ الْقطع والابتر مَقْطُوع الذَّنب وسمى الرَّكْعَة الْوَاحِدَة البتيراء لِأَنَّهَا مَقْطُوعَة من شُفْعَة وَكَانُوا يرونها مَكْرُوهَة (إنْجَاح)

قَوْله

[1177]

ويوتر بِوَاحِدَة روى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث عَليّ بن أبي طَالب كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يُوتر بِثَلَاث الحَدِيث وَقَالَ فِي الْبَاب عَن عمرَان بن حُصَيْن وَعَائِشَة وَابْن عَبَّاس وَأبي أَيُّوب وَقد ذهب قوم من أهل الْعلم من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَغَيرهم الى هَذَا وراو ان يُوتر الرجل بِثَلَاث وَقَالَ سُفْيَان ان شِئْت أوتر بِثَلَاث وَإِن شِئْت أوتر بِرَكْعَة وَقَالَ وَالَّذِي نستحب أَن يُوتر بِثَلَاث رَكْعَات وَهُوَ قَول بن الْمُبَارك وَأهل الْكُوفَة وَقَالَ فِي الْهِدَايَة رَوَت عَائِشَة رض ان النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يُوتر بِثَلَاث رَكْعَات بِتَسْلِيمَة وَاحِدَة وَقَالَ بن الْهمام رَوَاهُ الْحَاكِم وَقَالَ على شَرطهمَا وروى النَّسَائِيّ عَنْهَا قَالَت كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَا يسلم فِي رَكْعَتي الْوتر وَقَالَ الْحَاكِم قيل لِلْحسنِ ان بن عمر كَانَ يسلم فِي الرَّكْعَتَيْنِ من الْوتر فَقَالَ عمر كَانَ افقه مِنْهُ وَكَانَ ينْهض فِي الثَّانِيَة بِالتَّكْبِيرِ وَقَالَ الطَّحَاوِيّ بِإِسْنَادِهِ عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي زايد عَن أَبِيه قَالَ ادعيت عَن الْفُقَهَاء السَّبْعَة ان الْوتر ثَلَاث لَا يسلم الا فِي آخِرهنَّ وروى عَن أبي الْعَالِيَة أَنه قَالَ علمنَا أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ان الْوتر مثل صَلَاة الْمغرب ملتقط من اللمعات

قَوْله

[1178]

عَن أبي الجوراء هُوَ بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْوَاو وبراء وَمد كنية ربيعَة بن شَيبَان كَذَا فِي الْمُغنِي (إنْجَاح)

قَوْله فِي قنوت الْوتر الْقُنُوت يَجِيء لمعان فِي الْقَامُوس الْقُنُوت الطَّاعَة وَالسُّكُوت وَالدُّعَاء وَالْقِيَام فِي الصَّلَاة والانصات عَن الْكَلَام واقنت دَعَا على عدوه وَأطَال الْقيام فِي الصَّلَاة وادام الْحَج وادام الْغَزْو تواضع لله وَالْمرَاد هَهُنَا الذّكر وَالدُّعَاء الْمَخْصُوص على مَذْهَب الْأَكْثَرين بِخِلَاف مَا نقل عَن بعض المشائخ ويروى ذَلِك عَن مُحَمَّد أَنه لَا يُوَقت دُعَاء فِي الْقُنُوت وَفِي غَيره من مَوَاضِع الدُّعَاء كالطواف وَنَحْوه لِأَن تعْيين الدُّعَاء يذهب برقة الْقلب وَيُورث السامة والاكثرون على التَّوْقِيت لِأَنَّهُ رُبمَا يجْرِي على اللِّسَان مِمَّا يشبه كَلَام النَّاس إِذا لم يُوَقت فَيفْسد الصَّلَاة وَلَا شكّ ان هَذَا الْخلاف لَا يكون فِيمَا ثَبت توقيته فِي الشَّرْع وَفِيه يلْزم التَّوْقِيت إِمَّا وجوبا فِيمَا يجب اواستحبابا فِيمَا يسْتَحبّ وَاسْتثنى فِي الْمُحِيط والذخيرة من عدم التَّعْيِين اللَّهُمَّ انا نستعينك واللهم اهدنا وَعِنْدنَا الموقت من الْقُنُوت هُوَ اللَّهُمَّ انا نستعينك لِأَن الصَّحَابَة اتَّفقُوا عَلَيْهِ وَلَو اكتفوا بِهِ جازوا الأولى ان يقْرَأ بعده اللَّهُمَّ أَحَدنَا فِيمَن هديت وَذكر الشمني عَن أبي اللَّيْث اللَّهُمَّ اغْفِر لي ثَلَاث مَرَّات انْتهى وَقيل يَقُول رَبنَا اتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة الخ وَقيل من لم يحسن الْقُنُوت يقْرَأ باللهم اغْفِر لي وربنا اتنا كَذَا فِي شرح بن الْهمام وَهَذَا عندنَا وَعند الشَّافِعِيَّة يقرؤون اللَّهُمَّ اهدنا ويكتفون بِهِ وَلَا يرَوْنَ انا نستعينك من الْقُنُوت وَقَالُوا لَيْسَ رِوَايَة فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالسّنَن الْمَعْرُوفَة وَلَكِن أَئِمَّتنَا اثبتوه بطرق صَحِيحَة عَن الطَّبَرَانِيّ وَغَيره وَأورد بن الْهمام عَن أبي دَاوُد من حَدِيث خَالِد بن أبي عمرَان بَيْنَمَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَدْعُو على مُضر إِذا جَاءَهُ جِبْرَائِيل فَأَوْمأ عَلَيْهِ ان اسْكُتْ فَسكت فَقَالَ يَا مُحَمَّد ان الله لم يَبْعَثك سبابا وَلَا لعانا وَإِنَّمَا بَعثك رَحْمَة للْعَالمين لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء ثمَّ علمه اللَّهُمَّ انا نستعينك ونؤمن بك ونخضع ونترك من يكفرك اللَّهُمَّ الى قَوْله ان عذابك بالكفار مُلْحق لمعات

قَوْله

ص: 82

[1180]

لَا يرفع يَد الخ وَالْغَرَض بِنَفْي رفع الْيَدَيْنِ هَهُنَا نفي رفعهما على خلاف الْعَادة الْمَعْرُوفَة فِي الدُّعَاء لَا نفي نفس الرّفْع لِأَن الرّفْع مَنْدُوب الِاتِّفَاق وَلِهَذَا فسر الرّفْع فِي آخر الحَدِيث بقول حَتَّى يرى بَيَاض إبطَيْهِ وَوجه الْمُنَاسبَة بالترجمة ان رفع الْيَدَيْنِ عِنْد الدُّعَاء من الْآدَاب والقنوت دُعَاء فَرفع الْيَدَيْنِ عِنْده يكون ادبا واليه ذهب الشَّافِعِي وَالله أعلم انجاح قَوْله حَدثنَا أَحْمد بن مَنْصُور طعن فِيهِ أَبُو دَاوُد لمذهبه فِي الْوَقْف فِي الْقُرْآن

[1182]

فيقنت قبل الرُّكُوع وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة وَفِي النَّسَائِيّ كَانَ يُوتر بِثَلَاث يقرء فِي الأولى بسبح اسْم رَبك الْأَعْلَى وَفِي الثَّانِيَة بقل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ وَفِي الثَّالِثَة بقل هُوَ الله أحد ويقنت قبل الرُّكُوع فَإِن قلت روى هَذَا الحَدِيث غير وَاحِد وَلم يذكر قبل الرُّكُوع قلت لَا بَأْس بِهِ لِأَن زِيَادَة الثِّقَة مَقْبُولَة وَمَا فِي حَدِيث أنس انه صلى الله عليه وسلم قنت بعد الرُّكُوع كَمَا هُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي وَأحمد وَهُوَ رِوَايَة عَن مَالك فَالْمُرَاد مِنْهُ ان ذَلِك كَانَ شهرا فَقَط بِدَلِيل مَا فِي الصَّحِيح عَن عَاصِم الْأَحول قَالَ سَأَلت أنسا عَن الْقُنُوت فِي الصَّلَاة قَالَ نعم فَقلت قبل الرُّكُوع أَو بعده قَالَ قبله قلت فَإِن فلَانا أَخْبرنِي عَنْك انك قلت بعده قَالَ كذب إِنَّمَا قلت بعد الرُّكُوع شهرا فَعلم ان مَا رَوَاهُ أَصْحَاب السّنَن أَنه صلى الله عليه وسلم قنت بعد الرُّكُوع المُرَاد بِهِ أَنه قنت شهرا فِي صَلَاة الصُّبْح يَدْعُو على احياء من الْعَرَب وَأما فِي الْوتر فقنت قبل الرُّكُوع دَائِما مَعَ أَن أَكثر الصَّحَابَة يقنتون قبل الرُّكُوع روى بن أبي شيبَة عَن عَلْقَمَة عَن بن مَسْعُود ان أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانُوا يقنتون فِي الْوتر قبل الرُّكُوع (فَخر)

قَوْله

[1189]

فِي هَذَا الحَدِيث دَلِيل الخ قلت لَا مُخَالفَة بَين الْحَدِيثين فَإِن هَذَا الحَدِيث لبَيَان وقته والْحَدِيث الأول للُزُوم قَضَائِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الحَدِيث الأول ان وقته الصُّبْح فَلَا أَدْرِي ان مُحَمَّد بن يحيى مَا عَنى بذلك اللَّهُمَّ الا ان يكون سَببا غامضا فِي الْإِسْنَاد مَا فهمناه وَالله أعلم (إنْجَاح الْحَاجة)

قَوْله

[1190]

فَمن شَاءَ فليوتر بِخمْس الخ قَالَ الطَّحَاوِيّ وَلَوْلَا الْإِجْمَاع على خلاف هَذَا لَكَانَ جَائِز ان يُقَال من أوتر فَهُوَ مُخَيّر فِي وتره كَمَا جَاءَ فِي هَذَا الْخَبَر لَكِن دلّ الْإِجْمَاع على نسخ هَذَا انْتهى اللَّهُمَّ اغْفِر لَهُ

قَوْله

ص: 83

[1195]

مَيْمُون بن مُوسَى المرئي هُوَ بِفتْحَتَيْنِ مَقْصُورا مَنْسُوب الى امْرِئ الْقَيْس وَقَوله عَن الْحسن عَن أمه اسْمهَا خيرة مولاة لأم سَلمَة كَذَا فِي التَّقْرِيب (إنْجَاح)

قَوْله كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بعد الْوتر وَهَذَا الْبَيَان جَوَاز الصَّلَاة بعد الْوتر وَقد جَاءَ ذَلِك فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَائِشَة كَانَ يُصَلِّي ثَلَاث عشر رَكْعَة يُصَلِّي ثَمَان رَكْعَات ثمَّ يُوتر ثمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالس الحَدِيث وروى أَحْمد فِي مُسْنده عَن أم سَلمَة وَأبي امامة ان رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بعد الْوتر رَكْعَتَيْنِ الخ وروى ذَلِك عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة غير من ذكر وَلَكِن هَذَا مَعَ حَدِيث اجعلوا آخر صلواتكم بِاللَّيْلِ وترا معَارض وَاسْتشْكل ذَلِك على كثير من الْعلمَاء وَأنكر الامام مَالك حَدِيث الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْوتر وَقَالَ لم يَصح وَقَالَ الامام أَحْمد لَا أصليهما وَلَا أمنع مِنْهُمَا وَأحمد وجماهير الْعلمَاء قَائِلُونَ بذلك لوروده فِي الصِّحَاح وَقَالُوا إِنَّمَا صلاهما بَيَانا لجَوَاز التَّنَفُّل بعد الْوتر وعَلى هَذَا يكون قَوْله اجعلوا آخر صَلَاتكُمْ بِاللَّيْلِ وترا مَحْمُولا على الِاسْتِحْبَاب لَا الْوُجُوب وَذَلِكَ أحب وافضل قَالَ النَّوَوِيّ الصَّوَاب ان هَاتين الرَّكْعَتَيْنِ فعلهمَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بعد الْوتر جَالِسا لبَيَان جَوَاز الصَّلَاة بعد الْوتر ولبيان جَوَاز النَّفْل جَالِسا وَلم يواظب على ذَلِك بل فعله مرّة أَو مرَّتَيْنِ أَو مَرَّات قَليلَة وَلَا تغتر بقولِهَا كَانَ يُصَلِّي فَإِن الْمُخْتَار الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ ان لَفْظَة كَانَ لَا يلْزم مِنْهَا الدَّوَام وَلَا التّكْرَار وَإِنَّمَا هِيَ فعل مَاض يدل على وُقُوعه مرّة فَإِن دلّ دَلِيل على التّكْرَار عمل بِهِ والا فَلَا تَقْتَضِيه بوضعها وَإِنَّمَا تأولنا حَدِيث الرَّكْعَتَيْنِ جَالِسا لِأَن الرِّوَايَات الْمَشْهُورَة فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا مصرحة بِأَن آخر صلَاته صلى الله عليه وسلم فِي اللَّيْل كَانَ وترا وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَحَادِيث كَثِيرَة مَشْهُورَة بِالْأَمر بِجعْل آخر صَلَاة اللَّيْل وترا مِنْهَا اجعلوا آخر صَلَاتكُمْ بِاللَّيْلِ وترا فَكيف يظنّ بِهِ مَعَ هَذِه الْأَحَادِيث انه يداوم على رَكْعَتَيْنِ بعد الْوتر ويجعلهما آخر صَلَاة اللَّيْل وَأما مَا أَشَارَ اليه القَاضِي عِيَاض من تَرْجِيح الْأَحَادِيث الْمَشْهُورَة ورد رِوَايَة الرَّكْعَتَيْنِ فَلَيْسَ بصواب لِأَن الْأَحَادِيث إِذا صحت وَأمكن الْجمع بَينهمَا تعين وَقد جَمعنَا بَينهَا انْتهى مُخْتَصرا قَوْله سنة أَي طَريقَة مسلوكة مستمرة لَا تتْرك فِي السّفر كالنوافل (مرقاة)

[1198]

إِذا صلى رَكْعَتي الْفجْر اضْطجع الخ قَالَ القَاضِي فِي هَذَا الحَدِيث ان الِاضْطِجَاع بعد رَكْعَتي الْفجْر وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى عَن عَائِشَة عِنْد مُسلم ان الِاضْطِجَاع كَانَ بعد صَلَاة اللَّيْل وَقبل رَكْعَتي الْفجْر قَالَ وَفِيه رد على الشَّافِعِي فِي قَوْله ان الِاضْطِجَاع بعد رَكْعَتي الْفجْر سنة قَالَ وَذهب مَالك وَجُمْهُور الْعلمَاء وَجَمَاعَة من الصَّحَابَة كإبن مَسْعُود الى أَنه بِدعَة وَأَشَارَ الى أَن رِوَايَة الِاضْطِجَاع بعد رَكْعَتي الْفجْر مرجوحة قَالَ وَيقدم رِوَايَة الِاضْطِجَاع قبلهمَا قَالَ وَلم يقل أحد فِي الِاضْطِجَاع قبلهمَا أَنه سنة فَكَذَا بعدهمَا قَالَ وَقد ذكر مُسلم عَن عَائِشَة فَإِن كنت مستيقظة حَدثنِي والا اضْطجع فَهَذَا يدل على أَنه لَيْسَ بِسنة وَأَنه تَارَة كَانَ يضطجع قبل وَتارَة بعد وَتارَة لَا يضطجع قَالَ النَّوَوِيّ وَالصَّوَاب ان الِاضْطِجَاع بعد سنة الْفجْر سنة لحَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا صلى أحدكُم رَكْعَتي الْفجْر فليضطجع رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح على شَرط البُخَارِيّ وَمُسلم قَالَ التِّرْمِذِيّ هُوَ حَدِيث حسن صَحِيح فَهَذَا صَرِيح فِي الامرر بالاضطجاع فَإِن حَدِيث عَائِشَة بالاضطجاع بعْدهَا وَقبلهَا وَحَدِيث بن عَبَّاس قبلهَا فَلَا يُخَالف هَذَا فَإِنَّهُ لَا يلْزم من الِاضْطِجَاع قبلهَا أَن لَا يضطجع بعْدهَا وَلَعَلَّه صلى الله عليه وسلم ترك الإضطجاع بعْدهَا فِي بعض الْأَوْقَات بَيَانا للْجُوَاز لَو ثَبت التّرْك وَلم يثبت فَلَعَلَّهُ كَانَ يضطجع قبل وَبعد وَإِذا صَحَّ الحَدِيث فِي الْأَمر بالاضطجاع بعْدهَا مَعَ رِوَايَات الْفِعْل الْمُوَافقَة لِلْأَمْرِ بِهِ تعين الْمصير اليه وَإِذا أمكن الْجمع بَين الْأَحَادِيث لم يجز رد بَعْضهَا انْتهى قلت وَقَالَ الامام أَبُو حنيفَة ان كَانَ للاستراحة وَدفع الثّقل الْحَاصِل من صَلَاة اللَّيْل فَحسن وَفعله صلى الله عليه وسلم كَانَ لهَذَا

قَوْله

[1200]

كَانَ يُوتر على بعيره دلّ هَذَا الحَدِيث على جَوَاز الْوتر على الرَّاحِلَة وَأورد مُحَمَّد فِي مؤطاه اثار كَثِيرَة عَن بن عَمْرو غَيره من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ انهم كَانُوا ينزلون للوتر وَأورد عَن مُجَاهِد قَالَ صَحِبت بن عمر من مَكَّة الى الْمَدِينَة فَكَانَ يُصَلِّي الصَّلَوَات كلهَا على رَاحِلَته مُتَوَجها الى جِهَة الْمَدِينَة الى أَن قَالَ الا الْفَرَائِض وَالْوتر فَإِنَّهُ كَانَ ينزل لَهَا فَسَأَلته عَن ذَلِك فَقَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يفعل كَذَلِك وروى الطَّحَاوِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح عَن بن عمر انه كَانَ يُصَلِّي على رَاحِلَته ويوتر بِالْأَرْضِ وَيَزْعُم ان رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَذَلِك كَانَ يفعل وَإِذا تَعَارَضَت النُّصُوص وَجب الْمصير الى جَانب الِاحْتِيَاط وَالِاحْتِيَاط فِي أَن يُوتر على الأَرْض فَخر قَوْله صلى الله عليه وسلم فَزَاد أَو نقص الخ قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد مَا روى عَن زيد بن أَرقم قَالَ كُنَّا نتكلم خلف رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلَاة يكلم الرجل منا صَاحبه الى جنبه حَتَّى نزلت وَقومُوا لله قَانِتِينَ فَأمرنَا بِالسُّكُوتِ ونهينا عَن الْكَلَام وَالْعَمَل عَلَيْهِ عِنْد أَكثر أهل الْعلم قَالُوا إِذا تكلم الرجل عَامِدًا فِي الصَّلَاة أَو نَاسِيا أعَاد الصَّلَاة وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَابْن الْمُبَارك وَقَالَ بَعضهم إِذا تكلم عَامِدًا فِي الصَّلَاة أعَاد الصَّلَاة وان كَانَ نَاسِيا أَو جَاهِلا أجزاه وَبِه يَقُول الشَّافِعِي انْتهى وَقَالَ الْعَيْنِيّ وَاسْتدلَّ بِهِ قوم على ان الْكَلَام فِي الصَّلَاة من الْمَأْمُومين على وَجه إصْلَاح الصَّلَاة لَا يُفْسِدهَا وان كَانَ من الامام والمأمومين فِيهَا على السَّهْو لَا يقطع الصَّلَاة وَهُوَ مَذْهَب مَالك وَرَبِيعَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالثَّوْري فِي الْأَصَح تبطل صلَاته نَاسِيا كَانَ أَو جَاهِلا وَأَجَابُوا عَن الحَدِيث بِأَنَّهُ مَنْسُوخ وَذَلِكَ ان عمر بن الْخطاب عمل بعد النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِخِلَاف مَا كَانَ صلى الله عليه وسلم عمله يَوْم ذِي الْيَدَيْنِ وَالْحَال أَنه مِمَّن حضر يَوْم ذِي الْيَدَيْنِ فلولا الانتساخ عِنْده لما فعل وَأَيْضًا فَإِن عمر فعل بِحَضْرَة الصَّحَابَة وَلم يُنكره أحد فَصَارَ إِجْمَاعًا انْتهى

قَوْله

[1208]

فَلم يستتم قَائِما الخ هَذَا فِي ظَاهر الْمَذْهَب وَهُوَ الْأَصَح فتح وَكَذَا فِي التَّبْيِين والبرهان وَقَالَ فِي الامداد وَاتَّبَعنَا متن مواهب الرَّحْمَن وَشَرحه الْبُرْهَان بِصَرِيح الحَدِيث الَّذِي روينَاهُ وَهُوَ ظَاهر الرِّوَايَة وَفِي الْهِدَايَة والكنز انكان الى الْقعُود أقرب عَاد وان كَانَ الى الْقيام أقرب لَا يعود وَذَلِكَ لِأَن الأَصْل أَن مَا يقرب الى الشَّيْء يَأْخُذ حكمه كفناء الْمصر وحريم البير وقربه الى الْقعُود بِأَن رفع اليتيه من الأَرْض وَركبَتَاهُ عَلَيْهَا أَو مَا لم ينصب النّصْف الاسفل وَصَححهُ فِي الْكَافِي فَكَأَنَّهُ لم يقم أصلا وان كَانَ الى الْقيام أقرب فَكَأَنَّهُ قد قَامَ وَهُوَ فرض قد تلبس بِهِ فَلَا يجوز رفضه لاجل وَاجِب وَهَذَا التَّفْصِيل مَرْوِيّ عَن أبي يُوسُف وَاخْتَارَهُ مشائخ بخارا وارتضاه أَصْحَاب الْمُتُون وَقد جزم فِي المبسوطان ظَاهر الرِّوَايَة عوده مَا لم يستتم قَائِما وَلَا يعدل عَن ظَاهر الرِّوَايَة كَذَا فِي طوالع الْأَنْوَار شرح در الْمُخْتَار مَعَ الِاخْتِصَار (إنْجَاح)

قَوْله

ص: 84

[1209]

فليجعلها وَاحِدَة الخ أعلم ان ظَاهر هَذَا الحَدِيث يدل على أَنه مَبْنِيّ على مَا يستيقن وَلَا يعْمل بِالتَّحَرِّي وَهُوَ مَذْهَب الْجُمْهُور وَقَالَ أَبُو حنيفَة يعيدان شكّ أول مرّة أَي لم يكن الشَّك عَادَة لَهُ والا يتحَرَّى بِالظَّنِّ الْغَالِب وَيعْمل بِهِ وَبعد التَّحَرِّي ان لم يحصل غَلَبَة الظَّن فِي جَانب وَاحِد يَبْنِي على الاقل وَيسْجد للسَّهْو لِأَن الْبناء على الظَّن الْغَالِب أصل مُقَرر فِي الشَّرْع كَمَا فِي الْقبْلَة وَغَيرهَا وَقد جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن بن مَسْعُود أَنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا شكّ أحد فليتحر بِالصَّوَابِ وَيتم عَلَيْهِ وَفِي جَامع الْأُصُول من حَدِيث النَّسَائِيّ عَن بن مَسْعُود من أوهم فِي صلَاته فليتحر الصَّوَاب ثمَّ يسْجد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس وَقَالَ مُحَمَّد فِي مؤطاه ان الْآثَار فِي بَاب التَّحَرِّي كَثِيرَة وَقَالَ ان لم يَجْعَل كَذَلِك فَالنَّجَاةُ من السَّهْو وَالشَّكّ مُتَعَذر وَفِي صُورَة كثير الشَّك حرج عَظِيم وَالْحَاصِل أَنه ثَبت فِي هَذَا الْبَاب أَحَادِيث ثَلَاثَة أَحدهَا إِذا شكّ أحدكُم فِي الصَّلَاة فليستأنف أَو كَمَا قَالَ وَثَانِيها من شكّ فِي صلَاته فليتحر الصَّوَاب وَثَالِثهَا هَذَا الحَدِيث الَّذِي فِي الْكتاب النَّاطِق بِالْبِنَاءِ على مَا استيقن فَجمع أَبُو حنيفَة بَينهَا بِحمْل الأول على عرُوض الشَّك أول مرّة وَالثَّانِي على صُورَة وُقُوع التَّحَرِّي على أحد الْجَانِبَيْنِ وَالثَّالِث على عدم وُقُوع التَّحَرِّي عَلَيْهِ وَهَذَا كَمَال الجامعية الَّذِي ابتنى مَذْهَب أبي حنيفَة رح عَلَيْهِ وَالوهم مني فَإِن قلت كَيفَ يَتَأَتَّى الْوَهم من إِبْرَاهِيم مَعَ مُلَاحظَة قَوْله ازيد فِي الصَّلَاة شَيْء فَإِنَّهُ صَرِيح فِي انه زَاد قلت يحْتَمل أَن يكون مَعْنَاهُ ازيد فِي بَاب الصَّلَاة حكم جَدِيد أَو ورد بتنقيصها فَلَا يُنَافِي الْوَهم عبد الْعَزِيز

[1212]

ثمَّ يسْجد سَجْدَتَيْنِ لَيْسَ فِيهِ تعْيين مَحل السُّجُود وَقد روى الدَّارَقُطْنِيّ مَرْفُوعا إِذا سهى أحدكُم فَلم يدر ازاد أَو نقص فليسجد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس ثمَّ يسلم وروى أَبُو دَاوُد نَحوه فَإِن قلت هَذِه الرِّوَايَات تدل على أَن سَجْدَتي السَّهْو قبل السَّلَام قلت رِوَايَات الْفِعْل متعارضة فَبَقيَ لنا رِوَايَة القَوْل وَهُوَ حَدِيث ثَوْبَان لكل سَهْو سَجْدَتَانِ بعد مَا يسلم من غير فصل من الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان سالما من الْمعَارض فتعمل بِهِ ثمَّ اخْتلفُوا فِي المُرَاد بِالْحَدِيثِ فَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ وظائفة من السّلف بِظَاهِرِهِ وَقَالُوا إِذا شكّ الْمُصَلِّي فَلم يدر زَاد أَو نقص فَلَيْسَ عَلَيْهِ الا سَجْدَتَيْنِ وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَآخَرُونَ مَتى شكّ فِي صلَاته لزمَه الْبناء على الْيَقِين عملا بِحَدِيث أبي سعيد رَوَاهُ مُسلم قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا شكّ أحدكُم فِي صلَاته فَلم يدر كم صلى اثلاثا أم أَرْبعا فليطرح الشَّك وليبن على مَا استيقن ثمَّ يسْجد سَجْدَتَيْنِ قبل أَن يسلم الحَدِيث هَذَا زبدة مَا فِي الْعَيْنِيّ

قَوْله قَالَ الطنافسي هَذَا الأَصْل الطنافسي هُوَ عَليّ بن مُحَمَّد بن إِسْحَاق هُوَ بِفَتْح الْمُهْملَة وَتَخْفِيف النُّون وَبعد الالف فَاء ثمَّ مُهْملَة نِسْبَة الى الطنافس جمع طنفسه مُثَلّثَة الطَّاء وَالْفَاء وبكسر الطَّاء وَفتح الْفَاء وَبِالْعَكْسِ وَهِي الْبسط والثبات كَذَا فِي الْقَامُوس وَهَذَا الأَصْل أَي هَذَا الأَصْل مُتَّفق عَلَيْهِ عِنْد الْعلمَاء لَا يَصح لأحد ان يُخَالِفهُ وَإِنَّمَا الِاخْتِلَاف فِي أُمُور أخر (إنْجَاح)

قَوْله

[1213]

إِذا فَصليت الخ أَي إِذا كَانَ الْأَمر كَذَلِك من عدم التَّقْصِير فِي الصَّلَاة فَمَا هُوَ الا النسْيَان فَاعْلَم انك صليت رَكْعَتَيْنِ واخرج مُحَمَّد فِي الْمُوَطَّأ ان النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِنَّمَا انسى لاسن أَي إِنَّمَا يعرض على النسْيَان من جَانب الله تَعَالَى لاقتدى بذلك النسْيَان وَذَلِكَ رَحْمَة من الله تَعَالَى على أمته لكَي يعلمُوا فعل نَبِيّهم صلى الله عليه وسلم وَهَذَا من الْعَوَارِض البشرية نظرا على النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَغَيْرِهِ وَتَحْقِيق الْمقَام فِي الشِّفَاء للْقَاضِي عِيَاض من شَاءَ فليراجعه (إنْجَاح)

قَوْله

[1214]

فهاباه الخ الْمَعْنى إِنَّمَا غلب عَلَيْهِمَا احترامه وتعظيمه أَي عَن الِاعْتِرَاض عَلَيْهِ وَأما ذُو الْيَدَيْنِ فغلب عَلَيْهِ حرصه على تَعْلِيم الْعلم كَذَا فِي فتح الْبَارِي

قَوْله فَقَالَ يَا رَسُول الله اسْتدلَّ بِهِ قوم على أَن الْكَلَام فِي الصَّلَاة من الْمَأْمُومين على وَجه إصْلَاح الصَّلَاة لَا يُفْسِدهَا وان كَانَ من الامام والمأمومين فِيهَا على السَّهْو لَا يقطع الصَّلَاة وَهُوَ مَذْهَب مَالك وَرَبِيعَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالثَّوْري فِي الْأَصَح تبطل صلَاته نَاسِيا كَانَ أَو جَاهِلا وَأَجَابُوا عَن الحَدِيث أَنه مَنْسُوخ وَذَلِكَ أَن عمر بن الْخطاب عمل بعد النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِخِلَاف مَا كَانَ صلى الله عليه وسلم عمله يَوْم ذِي الْيَدَيْنِ وَالْحَال أَنه مِمَّن حضر يَوْم ذِي الْيَدَيْنِ فلولا ثَبت الانتساخ عِنْده لما فعل وَأَيْضًا فَإِن عمر فعل بِحَضْرَة الصَّحَابَة وَلم يُنكره وَاحِدًا فَصَارَ إِجْمَاعًا عَيْني مُخْتَصرا

قَوْله فَقَامَ فصلى اسْتشْكل فِيهِ لِأَنَّهُ كَانَ قَائِما أُجِيب بِأَن المُرَاد بقوله فَقَامَ أَي اعتدل لِأَنَّهُ كَانَ مُسْتَندا الى الْخَشَبَة وَقيل هُوَ كِنَايَة عَن الدُّخُول فِي الصَّلَاة كَذَا فِي الْعَيْنِيّ

قَوْله

[1220]

خرج النَّبِي صلى الله عليه وسلم الخ قلت استنباط صِحَة الْبناء من هَذَا الحَدِيث غير صَحِيح لِأَن التَّحْرِيمَة لم تَنْعَقِد مَعَ الْجَنَابَة بِإِجْمَاع الْعلمَاء فَكيف يَصح الْبناء وَمعنى الحَدِيث أَنه صلى بهم الصَّلَاة استينافا وابتداءها بِتَحْرِيمِهِ على حِدة وَقد جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات مَا يشد أَرْكَان مَا ذكرنَا مَوْلَانَا شاه عبد الْعَزِيز قدس سره

قَوْله وَكبر وَفِي البُخَارِيّ انتظرنا ان يكبر وَفِي رِوَايَة مُسلم قبل ان يكبر وَمَا ورد فِي أبي دَاوُد دخل فِي صَلَاة الْفجْر فَكبر ثمَّ أَوْمَأ إِلَيْهِم وَمَا رَوَاهُ مَالك أَنه صلى الله عليه وسلم كبر فِي صلَاته من الصَّلَوَات ثمَّ أَشَارَ بِيَدِهِ ان امكثوا وَنَحْوه روى بن ماجة فَإِذا قيل أَنَّهُمَا وَاقِعَتَانِ فَلَا تعَارض والا فَمَا فِي الصَّحِيح أصح عَيْني مُخْتَصرا

قَوْله

[1221]

أَو قلس هُوَ بِفَتْح أَوله وَسُكُون ثَانِيه مَا يخرج من الْحلق مَلأ الْفَم أَو دونه وَلَيْسَ بقيء فَإِن عَاد فَهُوَ قيء كَذَا فِي الْقَامُوس وَفِي الْمجمع القلس بالحركة وَقيل بِسُكُون (إنْجَاح)

قَوْله ثمَّ ليبن الخ الحَدِيث مُوَافق للحنفية وَأما الحَدِيث السَّابِق فَلَيْسَ فِيهِ الْمُطَابقَة للتَّرْجَمَة فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذكر الْبناء وَلما كَانَ قَرِيبا من مَعْنَاهُ فِي الصُّورَة حَيْثُ خرج صلى الله عليه وسلم وَكبر ثمَّ أَشَارَ إِلَيْهِم ثمَّ جَاءَ فصلى فَنَاسَبَ بِهَذَا الْمَعْنى للتَّرْجَمَة وَلَا نعلم اخْتِلَافا بَين الْعلمَاء فِي أَن الْجنب لَا يَصح شُرُوعه فِي الصَّلَاة وان كَانَ الْمُؤلف فهم هَذَا الْمَعْنى بقوله ثمَّ أَشَارَ إِلَيْهِم فَلَيْسَ بِبَعِيد وَالله أعلم انجاح وَلقَائِل ان يَقُول ان حَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ الثَّالِث فِي صَحِيح مُسلم فَإِنَّهُ تكلم فِي الصَّلَاة حِين سلم النَّبِي صلى الله عليه وسلم على الرَّكْعَتَيْنِ سَاهِيا وتكليم بعض الصَّحَابَة وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَانَ حجَّة لِلْجُمْهُورِ بِأَن كَلَام النَّاسِي وَمن يظنّ انه لَيْسَ فِيهَا لَا يُفْسِدهَا فَإِن أُجِيب بِأَن حَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ مَنْسُوخ كَانَ الْكَلَام فِيهَا مُبَاحا مَمْنُوع لرِوَايَة أبي هُرَيْرَة وَهُوَ مُتَأَخّر الْإِسْلَام وان أُجِيب بِجَوَاز ان يرويهِ عَن غَيره وَلم يكن حَاضر افغير صَحِيح لما فِي صَحِيح مُسلم عَنهُ بَينا أَنا أُصَلِّي مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وسَاق الْوَاقِعَة وَهُوَ صَرِيح فِي حُضُوره وَلم أر عَنهُ جَوَابا شافيا بَحر الرَّائِق قَوْله العشى هُوَ آخر النَّهَار قَوْله فَخرج سرعَان النَّاس وَهُوَ أَوَائِل النَّاس خُرُوجًا من الْمَسْجِد وهم أَصْحَاب الْحَاجَات غَالِبا توشيح قَوْله

ص: 85

[1222]

فليمسك على أَنفه أَي ليحتال أَنه مرعوف وَلَيْسَ هَذَا من الْكَذِب بل من التعاريض بِالْفِعْلِ

[1223]

فعلى جنب قلت جَاءَ فِي هَذِه الرِّوَايَة على جنب وَفِي رِوَايَة الدَّارَقُطْنِيّ عَنهُ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الْمَرِيض الى أَن قَالَ فَإِن لم يسْتَطع صلى مُسْتَلْقِيا رِجْلَاهُ مِمَّا يَلِي الْقبْلَة فَقَالَ فقهاؤنا كلا الْفِعْلَيْنِ جائزان لَكِن الْأَفْضَل الاستلقاء لِأَن فِي حَالَة الاستلقاء يَقع إِشَارَة جبهة الْمُصَلِّي الى الْقبْلَة بِخِلَاف حَالَة الِاضْطِجَاع فَخر قلت وَيُمكن التَّوْفِيق بَين الرِّوَايَتَيْنِ بِأَن نقُول أَنه صلى الله عليه وسلم أَمر عمرَان بن الْحصين أَن يُصَلِّي على جنب أَن لم يسْتَطع الْقيام وَلَا الْقعُود لِأَنَّهُ كَانَ يشتكي ناصور فَلَعَلَّهُ كَانَ الناصور بِحَيْثُ لم يسْتَطع الاستلقاء

قَوْله

[1224]

على يَمِينه الضَّمِير يحْتَمل أَن يكون رَاجعا اليه صلى الله عليه وسلم فَمَعْنَاه كَانَ جُلُوسه على شقَّه وَقدمه الْأَيْمن لَا على هَيْئَة التورك وَيحْتَمل أَن يكون رَاجعا الى وَائِل فَيكون فِيهِ الْتِفَات من التَّكَلُّم الى الْغَيْبَة انجاح أَقُول أَن ارجاع الضَّمِير الى وَائِل لَيْسَ مِمَّا يَنْبَغِي فَإِن المُرَاد بقوله وَهُوَ وجع ان صَلَاة النَّبِي صلى الله عليه وسلم جَالِسا على يَمِينه كَانَ بِسَبَب الْمَرَض

قَوْله ركع قَاعِدا لَا تعَارض بَين الْحَدِيثين لِأَن الْكَيْفِيَّة مُخْتَلفَة بِحَسب الْأَوْقَات فَإِن المتطوع أَمِير نَفسه ان شَاءَ صلى قَائِما وان شَاءَ صلى قَاعِدا وَإِن شَاءَ شرع قَائِما حَتَّى إِذا اثقل عَلَيْهِ الْقيام وَجلسَ وَركع وَسجد جَالِسا وان شَاءَ شرع قَاعِدا فَلَمَّا يبْقى من قِرَاءَته مَا لَا يثقل عَلَيْهِ الْقيام فِيهَا قَامَ وَركع وَسجد قَائِما وَالله اعْلَم (إنْجَاح)

قَوْله

[1229]

وَهُوَ يُصَلِّي جَالِسا أَي النَّفْل أما صَلَاة الْفَرْض قَاعِدا مَعَ الْقُدْرَة على الْقيام فَبَاطِل إِجْمَاعًا بل من انكر وجوب الْقيام كفر لِأَنَّهُ مَعْلُوم من الدّين بِالضَّرُورَةِ فتح الْبَارِي

قَوْله على النّصْف قَالَ بن الْملك هَذَا الحَدِيث مَحْمُول على التَّنَفُّل قَاعِدا مَعَ الْقُدْرَة على الْقيام لِأَن المتنفل قَاعِدا مَعَ الْعَجز عَن الْقيام يكون ثَوَابه كثوابه قَائِما انْتهى

قَوْله

[1231]

وَمن صلى نَائِما أَي مُسْتَلْقِيا أَو على جنب قَالَ الشَّيْخ الحَدِيث يدل على أَنه يجوز أَن يتَطَوَّع نَائِما مَعَ الْقُدْرَة على الْقيام وَالْقعُود وَقد ذهب قوم الى جَوَازه وَقيل هُوَ قَول الْحسن وَهُوَ الْأَصَح وَقَالَ الْقَارِي وَمذهب أبي حنيفَة أَنه لَا يجوز والْحَدِيث فِي حق المفترض الْمَرِيض الَّذِي أمكنه الْقيام أَو الْقعُود مَعَ شدَّة وَزِيَادَة فِي الْمَرَض أَقُول وان امعنت النّظر فيلوح لَك ان قَول الْحسن حسن جدير بِأَن يتلَقَّى بِالْقبُولِ وان الحَدِيث لَيْسَ فِي حق المفترض الْمَرِيض فَتدبر

قَوْله

[1232]

فانكن الخ الْخطاب لجنس عَائِشَة أَي أنتن صَوَاحِب يُوسُف فِي التظاهر على مَا ترَوْنَ وَكَثْرَة الحاحكن هَكَذَا فِي الْمجمع وَقَالَ بن حجر وَوجه المشابهة ان زليخا استدعت النسْوَة واظهرت لَهُنَّ الاكرام بالضيافة ومرادها زِيَادَة على ذَلِك وَهُوَ أَن ينظرن الى حسن يُوسُف عليه السلام ويعذرنها فِي محبتها وان عَائِشَة اظهرت ان سَبَب ارادتها صرف الْإِمَامَة عَن أَبِيهَا كَونه لَا يسمع الْمَأْمُومين الْقِرَاءَة لبكائه ومرادها زِيَادَة على ذَلِك وَهُوَ أَن لَا يتشاؤم النَّاس بِهِ وَقد صرحت هِيَ بذلك فَقَالَت قد راجعت وَمَا حَملَنِي على كَثْرَة مراجعتي بِهِ الا انه لم يَقع فِي قلبِي ان يحب النَّاس بعده رجلا قَامَ مقَامه ابدا لحَدِيث كَمَا فِي البُخَارِيّ فتح الْبَارِي

قَوْله وَالنَّاس يأتمون بِأبي بكر أَي بِاعْتِبَار أَنه كَانَ مبلغا لَهُم وَكَانَ يرفع صَوته بِالتَّكْبِيرِ وَذَلِكَ لِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ قَاعِدا وَغلب عَلَيْهِ الضعْف فَلم يرفع صَوته بِالتَّكْبِيرِ بِحَيْثُ يبلغهم جَمِيعًا كَذَا فِي الْخَيْر الْجَارِي وَقَالَ الْعَيْنِيّ قَالَ الشَّافِعِي لم يصل بِالنَّاسِ فِي مرض مَوته فِي الْمَسْجِد الا مرّة وَاحِدَة وَهِي هَذِه الَّتِي صلى فِيهَا قَاعِدا وَكَانَ أَبُو بكر فِيهَا إِمَامًا ثمَّ صَار مَأْمُوما يسمع النَّاس التَّكْبِير فلأجل ذَلِك كَانَ أَبُو بكر كالامام فِي حَقهم وَاسْتدلَّ بِهِ الْبَعْض على جَوَاز اسْتِخْلَاف الامام بِغَيْرِهِ ضَرُورَة بصنع أبي بكر انْتهى وَحمل الْبَعْض اسْتِخْلَاف أبي بكر على الْحصْر عَن الْقِرَاءَة كَمَا فِي الدّرّ الْمُخْتَار يجوز أَن يسْتَخْلف إِذا حصر عَن الْقِرَاءَة قدر الْمَفْرُوض لحَدِيث أبي بكر فَإِنَّهُ لما احس النَّبِي صلى الله عليه وسلم حصر عَن الْقِرَاءَة فَتَأَخر فَتقدم صلى الله عليه وسلم وَأتم قلت وَفِي قلبِي من هَذَا الْوَجْه شَيْء فَإِن الْأَلْفَاظ الْوَارِدَة فِي الْأَحَادِيث الاخر تأبى عَن ذَلِك الْوَجْه فَتدبر وَالظَّاهِر أَنه لَفْظَة حصر هَهُنَا للامتناع عَن الْقِرَاءَة أَي السُّكُوت عَنْهَا لَا الْمَعْنى الَّذِي أَرَادَهُ فِي الدّرّ الْمُخْتَار وَالله أعلم

قَوْله

[1233]

أَي كَمَا أَنْت مَا مَوْصُولَة وَأَنت مبتداء وَخَبره مَحْذُوف أَي أَنْت عَلَيْهِ أَو فِيهِ أَي كن أَنْت مشابها لما أَنْت عَلَيْهِ وَيجوز ان يكون الْكَاف زَائِدَة أَي الزم الَّذِي أَنْت عَلَيْهِ وَهُوَ الْإِمَامَة (إنْجَاح)

قَوْله

ص: 86

[1234]

أَنبأَنَا عبد الله بن دَاوُد من كِتَابه فِي بَيته الْجَار وَالْمَجْرُور أما مُتَعَلق بأنبأنا أَي قَالَ نصر أَنبأَنَا عبد الله فِي بَيته والتخصيص لإِرَادَة ان هَذَا الانباء مَا كَانَ فِي مجْلِس التدريس وَيحْتَمل أَن يكون مُتَعَلقا بالمحذوف فَمَعْنَاه من كِتَابه الكائنة فِي بَيته وَالله أعلم انجاح الْحَاجة قَوْله يهادي بَين رجلَيْنِ أَي يمشي بَينهمَا مُعْتَمدًا عَلَيْهِمَا من الضعْف قَوْله ان مَكَانك أَي الزم مَكَانك فَجَاءَت بَرِيرَة لَعَلَّهَا جَاءَت فأقامت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ثمَّ لحق مَعهَا الْعَبَّاس كَمَا فِي رِوَايَة صَحِيحَة ان أَحدهمَا الْعَبَّاس والاخر عَليّ وَقد يضْطَر الْمَرِيض الى رجال بِسَبَب ضعفه وَالله أعلم (إنْجَاح)

قَوْله

[1235]

نَدْعُو لَك أَبَا بكر الخ لَا يَقْتَضِي هَذَا الحَدِيث ان عَائِشَة أنْكرت دُعَاء عَليّ بل لما رَأَتْ انه صلى الله عليه وسلم دَعَا عليا علمت ان هَذَا الدُّعَاء لَا يَخْلُو عَن الْحِكْمَة والمصلحة فَأَرَادَتْ ان يُصِيب هَذَا الْخَيْر أَبَا بكر كَمَا يُصِيب عليا وكذل حَفْصَة وَأم الْفضل وَلِهَذَا لم يُنكر النَّبِي صلى الله عليه وسلم قولهن وَالظَّاهِر ان هَذِه الْوَاقِعَة كَانَت لَيْلَة الْجُمُعَة من ربيع الأول لِأَن أول صَلَاة صلاهَا أَبُو بكر صَلَاة الْعشَاء فَإِنَّهُ روى البُخَارِيّ عَن بن عَبَّاس انه قَالَ ان أم الْفضل سمعته وَهُوَ يقْرَأ بالمرسلات عرفا فَقَالَ يَا بني لقد ذَكرتني بِقِرَاءَتِك هَذِه السُّورَة انها لآخر مَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يقْرَأ بهَا فِي الْمغرب وَفِي رِوَايَة عقيل عَن بن شهَاب انها آخر صَلَاة النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَذكر البُخَارِيّ فِي بَاب الْوَفَاة وَلَفظه ثمَّ مَا صلى لنا بعْدهَا حَتَّى قَبضه الله تَعَالَى وَلَكِن هَذَا معَارض لما رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي بَاب إِنَّمَا جعل الامام ليؤتم بِهِ من حَدِيث عَائِشَة ان الصَّلَاة الَّتِي صلاهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِأَصْحَابِهِ فِي مرض مَوته كَانَت صَلَاة الظّهْر وعَلى هَذَا كَانَت هَذِه الْوَاقِعَة يَوْم الْخَمِيس وَلَعَلَّ هَذِه الْوَاقِعَة هِيَ الَّتِي طلب فِيهَا القرطاس وَأما التطبيق بَين الْحَدِيثين فَقَالَ الْعَيْنِيّ ان الصَّلَاة الَّتِي حكتها عَائِشَة كَانَت فِي مَسْجِد النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَالَّتِي حكتها أم الْفضل كَانَت فِي بَيته كَمَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ صلى بِنَا الْمغرب فِي بَيته فَقَرَأَ المرسلات فَمَا صلاهَا بعد حَتَّى قبض وَمَا ورد فِي رِوَايَة أم الْفضل خرج إِلَيْنَا الحَدِيث فَمَحْمُول على أَنه خرج من مَكَانَهُ الَّذِي كَانَ رَاقِد فِيهِ وَالله أعلم (إنْجَاح)

قَوْله قَالَ وَكِيع وَكَذَا السّنة أَي الِاقْتِدَاء بالامامين والتأسي بِإِمَام فِي عين الصَّلَاة إِذا كَانَ أفضل من الأول جَائِز عِنْد بعض الْعلمَاء وَقَالُوا هَذَا آخر الْفِعْل مِنْهُ صلى الله عليه وسلم لَا يقبل النّسخ وَهُوَ قَول وَكِيع وَالْجُمْهُور خصوا بِهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالُوا ان غَيره لَا يُقَاس عَلَيْهِ (إنْجَاح)

قَوْله انما جعل الامام ليؤتم بِهِ فَمَعْنَاه عِنْد الشَّافِعِي وَطَائِفَة فِي الْأَفْعَال الظَّاهِرَة والا فيجوزان يُصَلِّي خلف المتنفل وَعَكسه وَالظّهْر خلف الْعَصْر وَعَكسه وَقَالَ مَالك وَأَبُو حينفة وَآخَرُونَ لَا يجوز ذَلِك وَقَالُوا معنى الحَدِيث ليؤتم بِهِ فِي الْأَفْعَال والنيات وَأما قَوْله صلى الله عليه وسلم وَإِذا صلى جَالِسا فصلوا جُلُوسًا فَاخْتلف

الْعلمَاء فِيهِ فَقَالَت طَائِفَة بِظَاهِرِهِ وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ أَحْمد وَالْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ مَالك فِي رِوَايَة لَا يجوز صَلَاة الْقَادِر على الْقيام خلف الْقَاعِد لَا قَائِما وَلَا قَاعِدا وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَجُمْهُور السّلف لَا يجوز للقادر على الْقيام ان يُصَلِّي خلف الْقَاعِد الا قَائِما وَاحْتَجُّوا بِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم صلى فِي مرض وَفَاته بعد هَذَا قَاعِدا وَأَبُو بكر وَالنَّاس خَلفه قيَاما وَإِن بعض الْعلمَاء زعم أَن أَبَا بكر كَانَ هُوَ الإِمَام وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مقتديه لَكِن الصَّوَاب أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ هُوَ الإِمَام وَقد ذكره مُسلم وَغَيره صَرِيحًا أَو كَالصَّرِيحِ فَقَالَ فِي رِوَايَته عَن أبي بكر بن أبي شيبَة بِإِسْنَادِهِ عَن عَائِشَة قَالَت فجَاء رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى جلس عَن يسَار أبي بكر وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِالنَّاسِ جَالِسا وَأَبُو بكر قَائِما يَقْتَدِي أَبُو بكر بِصَلَاة النَّبِي صلى الله عليه وسلم ويقتدى النَّاس بِصَلَاة أبي بكر قَالَه النَّوَوِيّ فَإِن قلت رِوَايَة التِّرْمِذِيّ عَن عَائِشَة قَالَت صلى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي مَرضه الَّذِي توفّي فِيهِ خلف أبي بكر قَاعِدا وَقَالَ حسن صَحِيح وَكَذَا مَا روى النَّسَائِيّ عَن أنس يدل على أَن بَابا بكر كَانَ إِمَامًا فَمَا هُوَ جَوَابه قلت جَوَابه مَا قَالَ الْبَيْهَقِيّ ان الصَّلَاة الَّتِي كَانَ فِيهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِمَامًا صَلَاة الظّهْر يَوْم السبت أَو الْأَحَد وَالَّتِي كَانَ فِيهَا مَأْمُوما صَلَاة الصُّبْح يَوْم الْإِثْنَيْنِ وَهِي آخر صَلَاة صلاهَا حَتَّى خرج من الدُّنْيَا (فَخر)

قَوْله

[1238]

وصلينا وَرَاءه قعُود هَذَا يُخَالف حَدِيث عَائِشَة لِأَن فِيهِ فصلوا قيَاما أُجِيب عَنهُ بأجوبة الأول ان فِي رِوَايَة أنس اختصارا وَكَأَنَّهُ اختصر على مَا على اليه الْحَال بعد أمره لَهُم بِالْجُلُوسِ الثَّانِي مَا قَالَه الْقُرْطُبِيّ وَهُوَ أَن يحْتَمل ان يكون بَعضهم قعد من أول الْحَال وَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ أنس وَبَعْضهمْ قَامَ حَتَّى أَشَارَ إِلَيْهِم بِالْجُلُوسِ وَهُوَ الَّذِي حكته عَائِشَة الثَّالِث مَا قَالَه قوم وَهُوَ احْتِمَال تعدد الْوَاقِعَة وَيدل رِوَايَة أبي دَاوُد عَن جَابر أَنهم دخلُوا يعودونه مرَّتَيْنِ فصلى بهم فيهمَا وَبَين ان الأولى كَانَت نَافِلَة وأقرهم على الْقيام وَهُوَ جَالس وَالثَّانيَِة كَانَت فَرِيضَة وابتدؤا قيَاما فَأَشَارَ إِلَيْهِم بِالْجُلُوسِ وَنَحْوه عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ عُمْدَة الْقَارِي قَوْله فجحش أَي خدش وقشر جلده (إنْجَاح)

قَوْله

ص: 87

[1241]

فَكَانُوا يقنتون فِي الْفجْر الخ اخْتلف فِي قنوت الصُّبْح وَالشَّيْخ بن الْهمام أورد الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي ذَلِك عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَعَن الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة وَغَيرهم كثيرا وَأجَاب عَن ذَلِك بتعليل تِلْكَ الْأَحَادِيث وتضعيف رواتها وَقرر بعد التنقيد وَالتَّحْقِيق ان ذَلِك كَمَا قَالَ صَاحب الْهِدَايَة مَنْسُوخ تمسكا بِمَا رَوَاهُ الْبَزَّار وَابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ والطَّحَاوِي كلهم من حَدِيث بن مَسْعُود أَنه قَالَ لم يقنت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي الصُّبْح الا شهرا ثمَّ تَركه ثمَّ لم يقنت قبله وَلَا بعده وَقَالَ روى الْخَطِيب فِي كتاب الْقُنُوت عَن أنس ان النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يقنت الا إِذا دَعَا لقوم أَو دَعَا عَلَيْهِم وَهُوَ صَحِيح وَمَا روى الْخَطِيب بِخِلَاف ذَلِك الْبَقِيَّة على ص 88 وَغَيره عَن أبي جَعْفَر الرَّازِيّ عَن أنس مَا زَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يقنت فِي الصُّبْح حَتَّى فَارق الدُّنْيَا فقد شنع عَلَيْهِ بن الْجَوْزِيّ بِمَا لَا يجوز ذكره وأبطله وَأسْندَ بعض الروَاة فِيهَا بِالْوَضْعِ على أنس وَقد صَحَّ حَدِيث أبي مَالك الْأَشْجَعِيّ عَن أَبِيه أَنه قَالَ أَي بني مُحدث يَعْنِي الْمُوَاظبَة والمداومة على قنوت الصُّبْح وَأخرج عَن بن أبي شيبَة عَن أبي بكر رض وَعمر وَعُثْمَان رض أَنهم كَانُوا لَا يقنتون فِي الْفجْر وَأخرج عَن عَليّ رض لما قنت فِي الصُّبْح انكر النَّاس عَلَيْهِ فَقَالَ استنصرنا على عدونا وَأخرج عَن بن عَبَّاس وَابْن مَسْعُود وَابْن عمر وَابْن الزبير أَنهم كَانُوا لَا يقنتون فِي صَلَاة الْفجْر وَبِالْجُمْلَةِ لَو كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قنت فِي صَلَاة الْفجْر كَانَت سنة راتبة لم يخف ذَلِك ونقلوه كنقل جهر الْقِرَاءَة وكل مَا روى عَن فعله صلى الله عليه وسلم ان صَحَّ فَهُوَ مَحْمُول على النَّوَازِل بِالدُّعَاءِ لقوم أَو عَليّ قوم وَهَذَا خُلَاصَة كَلَام بن الْهمام مَعَ اخْتِصَار لمعات الْحَاشِيَة الْمُتَعَلّقَة بصفحة هَذَا

قَوْله

[1244]

اللَّهُمَّ انج الْوَلِيد الخ هَذَا مِثَال للدُّعَاء لأحدكما ان قَوْله اللَّهُمَّ اشْدُد وطأتك الخ مِثَال للدُّعَاء على أحد وَكَانَ هَؤُلَاءِ الصَّحَابَة الَّذين دَعَا لَهُم بانجاء اسراء فِي أَيدي الْكفَّار بِمَكَّة قَالَ الْعَيْنِيّ وليد بن الْوَلِيد هُوَ أَخُو خَالِد بن الْوَلِيد وَحبس بِمَكَّة ثمَّ أفلت ببركة دُعَائِهِ صلى الله عليه وسلم وَسَلَمَة بن هِشَام هُوَ أَخُو أبي جهل قديم الْإِسْلَام عذب فِي الله ومنعوه أَن يُهَاجر وَعَيَّاش بن أبي ربيعَة هُوَ أَخُو أبي جهل لَامة أوثقه أَبُو جهل بِمَكَّة وَهَؤُلَاء الثَّلَاثَة أَسْبَاط الْمُغيرَة كل وَاحِد مِنْهُم بن عَم الاخر انْتهى

قَوْله

[1246]

لعن الله الْعَقْرَب الخ فِيهِ جَوَاز اللَّعْن على المؤذيات وَأما لعن الْحَيَوَانَات على التشخيص فَغير جَائِز لِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم هدد امْرَأَة لعنت ناقتها وَقَالَ لَا تصحبنا مَعنا لِأَنَّهَا ملعونة وَفِي الحَدِيث لَيْسَ الْمُؤمن بالطعان وَلَا بِاللّعانِ (إنْجَاح)

قَوْله

[1247]

ثَنَا منْدَل مثلث الْمِيم سَاكن النُّون بن عَليّ الْعَنزي وَيُقَال اسْمه عَمْرو ومندل لقبه (إنْجَاح)

قَوْله

[1248]

نهى عَن صَلَاتَيْنِ الخ قَالَ بن بطال تَوَاتَرَتْ الْأَحَادِيث عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه نهى عَن الصَّلَاة بعد الصُّبْح وَبعد الْعَصْر قَالَ الْعَيْنِيّ فَدلَّ على أَن صلَاته صلى الله عليه وسلم بعد الْعَصْر كَانَت مَخْصُوصَة بِهِ دون أمته خير جاري

قَوْله بَاب مَا جَاءَ فِي السَّاعَات الخ قَالَ فِي اللمعات هَذَا يَشْمَل السَّاعَات الثَّلَاثَة الَّتِي يحرم فِيهَا الصَّلَاة وَهِي وَقت الطُّلُوع والغروب والإستواء وَالَّتِي يكون فِيهَا وَهِي مَا بعد الْفجْر وَالْعصر ثمَّ عندنَا يَشْمَل النَّهْي الْفَرْض وَالنَّفْل فَفِي الثَّلَاثَة الأول لَا يجوز الصَّلَاة أَدَاء وَلَا قَضَاء الا عصر يَوْمه وَلَا صَلَاة الْجِنَازَة وَلَا سَجْدَة التِّلَاوَة وَقد جَاءَ فِي صَلَاة الْجِنَازَة إِذا حضرت فِي هَذِه الْأَوْقَات وَفِي سَجْدَة التِّلَاوَة إِذا تليت فِيهَا وَيجوز فِي الآخرين وَإِذا شرع فِي النَّفْل جَازَ وَقطع وَقضى فِي وَقت غير مَكْرُوه وان أتم خرج عَن الْعهْدَة وَالْقطع أفضل كَذَا فِي شرح بن الْهمام عَن الْمَبْسُوط وَعند الشَّافِعِي وَأحمد يجوز الْقَضَاء

قَوْله

[1251]

فَإِن جَهَنَّم تسجر قَالَ فِي النِّهَايَة أَي توقد كَأَنَّهُ أَرَادَ الابراد بِالظّهْرِ وَقيل أَرَادَ مَا فِي آخرَانِ الشَّمْس إِذا اسْتَوَت قارنها الشَّيْطَان فَلَعَلَّ سجر جَهَنَّم ح لمقارنته وتهيته لسجود عبادها انْتهى

قَوْله وتطلع بَين قَرْني الشَّيْطَان قَالَ فِي النِّهَايَة أَي ناحيتي رَأسه وَقيل الْقرن الْقُوَّة أَي حِين تطلع يَتَحَرَّك الشَّيْطَان وينشط فَيكون كالمعين لَهَا وَقيل بَين قرنيه أَي امتيه الْأَوَّلين والآخرين وَكله تَمْثِيل لمن يسْجد لَهُ وَكَانَ الشَّيْطَان رَسُول لَهُ ذَلِك فَإِذا سجد لَهَا كَانَ كَأَن الشَّيْطَان مقترن بهَا وَقَالَ النَّوَوِيّ أَي حزبيه اللَّذين يبعثهما للاغواء وَقيل جَانِبي رَأسه فَإِنَّهُ يدني رَأسه الى الشَّمْس فِي هذَيْن الْوَقْتَيْنِ ليَكُون الساجدون لَهَا كالساجدين لَهُ ويخيل لنَفسِهِ ولاغوائه انهم يَسْجُدُونَ لَهُ وح يكون لَهُ ولشيعته تسلط فِي تلبيس الْمُصَلِّين انْتهى

قَوْله

ص: 88

[1254]

لَا تمنعوا قَالَ الْمظهر فِيهِ دَلِيل على أَن صَلَاة التَّطَوُّع فِي الْأَوْقَات الْمَكْرُوهَة غير مَكْرُوهَة بِمَكَّة لشرفها لينال النَّاس فضيلتها فِي جَمِيع الْأَوْقَات وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَأحمد وَإِسْحَاق وَعند أبي حنيفَة قَوْله بن أبي امْرَأَة عبَادَة بن الصَّامِت هُوَ بن حرَام اسْمَع عبد الله بن عَمْرو صَحَابِيّ وَقَوله يَعْنِي أَي يروي حكمهَا حكم سَائِر الْبِلَاد فِي الْكَرَاهَة لعُمُوم النَّهْي وَقيل أَنه نَاسخ لما سواهُ وَلِأَن الْحرم رَاجِح قَالَ بن الْملك وَالظَّاهِر أَن المُرَاد بقوله صلى الله عليه وسلم آيَة سَاعَة شَاءَ فِي الْأَوْقَات الْغَيْر مَكْرُوهَة تَوْفِيقًا بَين النُّصُوص انْتهى كَذَا فِي الْمرقاة

[1258]

يُصَلِّي الخ قَالَ بن الْهمام لَا يخفى ان هَذَا الحَدِيث إِنَّمَا يدل على بعض مَا ذهب اليه أَبُو حنيفَة وَهُوَ مَشى الطَّائِفَة الأولى وإتمام الطَّائِفَة الثَّانِيَة فِي مَكَانهَا خلف الامام وَقد روى تَمَامه مَوْقُوفا على بن عَبَّاس من رِوَايَة أبي حنيفَة ذكره مُحَمَّد فِي كتاب الْآثَار وسَاق إِسْنَاد الامام وَلَا يخفى ان ذَلِك مِمَّا لَا مجَال فِيهِ لِأَنَّهُ تغير بالمثاني فِي الصَّلَاة فَالْمَوْقُوفُ فِيهِ كالمرفوع انْتهى

قَوْله

[1259]

وَيسْجد الخ قَالَ الْقَارِي اجْمَعُوا على ان صَلَاة الْخَوْف ثَابِتَة الحكم بعد موت النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَحكى عَن الْمُزنِيّ أَنه قَالَ مَنْسُوخَة وَعَن أبي يُوسُف أَنه مُخْتَصَّة برَسُول الله صلى الله عليه وسلم لقَوْله تَعَالَى وَإِذا كنت فيهم وَأجِيب بِأَنَّهُ قيد واقعي نَحْو قَوْله تَعَالَى ان خِفْتُمْ فِي صَلَاة الْمُسَافِر ثمَّ اتَّفقُوا على ان جَمِيع الصِّفَات المروية عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاة الْخَوْف مُعْتَد بهَا وَإِنَّمَا الْخلاف بَينهم فِي التَّرْجِيح قيل جَاءَت فِي الاخبار سِتَّة عشر نوعا وَقيل أقل وَقيل أَكثر وَقد اخذ بِكُل رِوَايَة جمع من الْعلمَاء وَمَا أحسن قَول أَحْمد وَلَا حرج على من صلى بِوَاحِدَة لما صَحَّ عَنهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ بن حجر وَالْجُمْهُور على أَن الْخَوْف لَا يُغير عدد الرَّكْعَات (مرقاة)

قَوْله لمَوْت احداي خير وَلَا لِحَيَاتِهِ أَي وَلَا لولادة شرير فِي شرح السّنة زعم أهل الْجَاهِلِيَّة ان كسوف الشَّمْس وخسوف الْقَمَر يُوجب حُدُوث تغير فِي الْعَالم من موت وولادة وضرر وقحط وَنَحْوهَا فَأعْلم النَّبِي صلى الله عليه وسلم ان كل ذَلِك بَاطِل ذكره الْعلي الْقَارِي وَقَالَ الْعَيْنِيّ فَإِن قلت الحَدِيث ورد فِي حق من زعم ان ذَلِك لمَوْت إِبْرَاهِيم بن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَمَا فَائِدَة قَوْله

[1262]

وَلَا لِحَيَاتِهِ إِذْ لم يقل بِهِ أحد قلت فَائِدَته دفع توهم من يَقُول لَا يلْزم من نفى كَونه سَببا للفقدان ان لَا يكون سَببا للايجاد فَعم الشَّارِع النَّفْي عَيْني وكرماني

قَوْله فَإِذا تجلى الله الخ أَي تجلى بِالنورِ الَّذِي هُوَ نوره انطمس ضوء مَا كَانَ من خلقه بِسَبَب الْخُشُوع وَهَذَا الحَدِيث يدل على أَن كسوف الشَّمْس وخسوف الْقَمَر لَا ينْحَصر بحيلولة الاجرام كَمَا زعمت الْحُكَمَاء وان كَانَ الْأَمر أَحْيَانًا بِحَسب قواعدهم (إنْجَاح)

قَوْله فَإذْ تجلى الله الخ قَالَ بن الْقيم فِي كِتَابه مِفْتَاح دَار السَّعَادَة قَالَ أَبُو حَامِد الْغَزالِيّ هَذِه الزِّيَادَة لم يَصح نقلهَا فَيجب تَكْذِيب ناقلها وَلَو صحت لَكَانَ تَأْوِيلهَا أَهْون من مُكَابَرَة أُمُور قَطْعِيَّة فكم ظواهر أولت بالأدلة الْعَقْلِيَّة الَّتِي لَا تَنْتَهِي فِي الوضوح الى هَذَا الْحَد قَالَ بن الْقيم وَإسْنَاد هَذِه الزِّيَادَة لَا مطْعن فِيهِ ورواتها كلهم ثِقَات حفاظ لَكِن لَعَلَّ هَذِه اللَّفْظَة مدرجة فِي الحَدِيث من كَلَام بعض الروَاة وَلِهَذَا لَا تُوجد فِي سَائِر أَحَادِيث الْكُسُوف فقد رَوَاهَا عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم بضعَة عشر صحابيا فَلم يذكر أحد مِنْهُم فِي حَدِيثه هَذِه اللَّفْظَة فَمن هُنَا يخَاف ان تكون ادرجت فِي الحَدِيث ادراجا وَلَيْسَت من لفظ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على أَن هُنَا مسلكا بديع المأخذ يقبله الْعقل السَّلِيم وَهُوَ أَن كسوف الشَّمْس وَالْقَمَر يُوجب لَهما من الْخُشُوع والخضوع بانمحاء نورهما وانقطاعه عَن هَذَا الْعَالم مَا لم يكن فِيهِ ذهَاب سلطانهما وبهائهما وَذَلِكَ مُوجب لَا محَالة لَهما من الْخُشُوع والخضوع لرب الْعَالمين وعظمته وجلاله مَا يكون سَببا لتجلى الرب تبارك وتعالى لَهما وَلَا يستنكر أَن يكون تجلى الله سُبْحَانَهُ لَهما فِي وَقت معِين كَمَا يدنو من أهل الْموقف عَشِيَّة عَرَفَة فَيحدث لَهما ذَلِك التجلي خشوعا آخر لَيْسَ هُوَ الْكُسُوف وَلم يقل النَّبِي صلى الله عليه وسلم ان الله إِذا تجلى لَهما انكسفا وَلَكِن اللَّفْظَة عِنْد أَحْمد وَالنَّسَائِيّ ان الله إِذا بدا لشَيْء من خلقه خشع لَهُ ولظف بن ماجة فَإِذا تجلى الله الخ فههنا خشوعان خشوع أوجب كسوفهما بذهاب ضوءهما فتجلى الله فيهمَا فَحدث لَهما عِنْد تجليه خشوع آخر بِسَبَب التجلي كَمَا حدث للجبل إِذْ تجلى الله تَعَالَى ان صَار دكا وساخ فِي الأَرْض وَهُوَ غَايَة الْخُشُوع لَكِن الرب تَعَالَى ابقاهما عناية بخلقة لانتظام مصالحهم بهما انْتهى وَقَالَ القَاضِي تَاج الدّين السُّبْكِيّ

انكاران الله إِذا تجلى لشَيْء من خلقه خشع لَهُ لَيْسَ بجيد فَإِنَّهُ مَرْوِيّ فِي النَّسَائِيّ وَغَيره وَلَكِن تَأْوِيله ظَاهر فَأَي بعد فِي أَن الْعَالم بالجزئيات وَمِقْدَار الكائنات سبحانه وتعالى يقدر فِي أزل الآزال خسوفهما بتوسط الأَرْض بَين الْقَمَر وَالشَّمْس وَفَوق جرم الْقَمَر بَين النَّاظر وَالشَّمْس وَيكون ذَلِك هُوَ وَقت تجليه سُبْحَانَهُ عَلَيْهِمَا فالتجلي سَبَب لكسوفهما فقضاء الْعَادة بذلك يقارن توَسط الأَرْض وَفَوق جرم الْقَمَر وَلَا مَانع من ذَلِك انْتهى قلت وَهَذَا التَّأْوِيل أقرب الى لفظ الحَدِيث من تَأْوِيل بن الْقيم (زجاجة)

قَوْله

ص: 89

[1263]

ثمَّ كبر فَرَكَعَ الخ قَالَ الْخطابِيّ اخْتلفت الرِّوَايَات فِي هَذَا الْبَاب فروى انه ركع رَكْعَتَيْنِ فِي أَربع رَكْعَات وَأَرْبع سَجدَات وروى أَنه ركعهما فِي رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبع سَجدَات وروى أَنه ركع رَكْعَتَيْنِ فِي سِتّ رَكْعَات وَأَرْبع سَجدَات وروى أَنه ركع رَكْعَتَيْنِ فِي عشر ركوعات وَأَرْبع سَجدَات وَقد ذكر أَبُو دَاوُد أنواعا مِنْهَا قَالَ الْعَيْنِيّ قَالَ الطَّيِّبِيّ صَلَاة الْكُسُوف والخسوف رَكْعَتَانِ بِالصّفةِ الَّتِي ذكرت أَي بتكرير الرُّكُوع عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد وَأما عِنْد أبي حنيفَة فَهِيَ رَكْعَتَانِ فِي كل رَكْعَة رُكُوع وَاحِد وسجودان وَيُصلي الْكُسُوف والخسوف بِجَمَاعَة عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد وفرادى عِنْد أبي حنيفَة أَي أَن لم يُوجد أَمَام الْجَمَاعَة عِنْد الْكُسُوف وَأما عِنْد مَالك فَيصَلي كسوف الشَّمْس جمَاعَة وخسوف الْقَمَر فُرَادَى وركوعها كَسَائِر الصَّلَاة قَالَ الشَّيْخ الدهلوي ثمَّ عندنَا صَلَاة كسوف الشَّمْس رَكْعَتَانِ بِالْجَمَاعَة كَهَيئَةِ النَّافِلَة فِي كل رَكْعَة رُكُوع وَاحِد مَعَ تَطْوِيل الْقِرَاءَة من غير خطْبَة وَلَيْسَ فِي خُسُوف الْقَمَر جمَاعَة وَعند الشَّافِعِي يُصَلِّي كل مِنْهُمَا بِجَمَاعَة وخطبة وركوعين فِي كل رَكْعَة وَكَذَا عِنْد أَحْمد فِي الْمَشْهُور من مذْهبه وَلنَا حَدِيث بن عمر النَّاطِق بِمَا ذكر كَذَا فِي الْهِدَايَة وَأورد الامام بن الْهمام أَحَادِيث بروايات مُتعَدِّدَة صَحِيحَة وحسنة مثبتة لمَذْهَب الْحَنَفِيَّة وَتكلم على أَحَادِيث تعدد الرُّكُوع فَإِنَّهَا اضْطَرَبَتْ فِيهِ الروَاة فَإِن مِنْهُم من روى ركوعين وَثَلَاث وَنَحْوهَا وَالِاضْطِرَاب مُوجب للضعف فَوَجَبَ ان يُصَلِّي على هُوَ الْمَعْهُود وَهُوَ الْمُوَافق لروايات الْإِطْلَاق نَحْو قَوْله صلى الله عليه وسلم فَإِذا كَانَ ذَلِك فصلوا كَمَا مر قَوْله أبي أبي امْرَأَة عبَادَة بن الصَّامِت هُوَ بن حرَام اسْمه عبد الله بن عَمْرو صَحَابِيّ وَقَوله يَعْنِي أَي يروي قَوْله يجر ثَوْبه أَي من العجلة قَوْله حَتَّى انجلت أَي انْكَشَفَ وَعَاد نورها قَوْله فَإِذا تجلى الخ أَي إِذا ظهر نوره أَي ظهر ظهورا بِلَا كَيفَ

[1264]

فَلَا نسْمع الخ هَذَا يدل على أَن الامام لَا يجْهر بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاة الْكُسُوف وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة وَتَبعهُ الشَّافِعِي وَغَيره فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن رِوَايَة عَائِشَة جهر النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاة الْكُسُوف وَبِه احْتج أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَأحمد وَإِسْحَاق فَإِذا حصل التَّعَارُض وَجب التَّرْجِيح بِأَن الأَصْل فِي النَّهَار الْإخْفَاء (مرقاة)

قَوْله

[1265]

دنت وَفِي البُخَارِيّ رَأَيْت الظَّاهِر أَنه كشف الله تَعَالَى الْحجاب وطوى الْمسَافَة الَّتِي بَينه وَبَين الْجنَّة حَتَّى أمكنه ان يتَنَاوَل مِنْهَا عنقودا وَمن الْعلمَاء من حمل هَذَا على ان الْجِنّ مثلت لَهُ فِي الْحَائِط كَمَا ترى الصُّورَة فِي الْمَرْأَة فَرَأى جَمِيع مَا فِيهَا كَمَا ورد لقد مثلت وَفِي رِوَايَة مُسلم لقد صورت وَمِنْهُم من تَأَول الرُّؤْيَة بِالْعلمِ وَقد أبعد لعدم الْمَانِع من الاخذ بِالْحَقِيقَةِ والعدول عَن الأَصْل من غير ضَرُورَة عَيْني

قَوْله وَأَنا فيهم قد أنزل الله تَعَالَى الامانين فِي هَذِه الْأمة الاسْتِغْفَار وَوُجُود نَبينَا صلى الله عليه وسلم فِينَا قَالَ الله تَعَالَى وَمَا كَانَ الله ليعذبهم وَأَنت فيهم وَمَا كَانَ الله معذبهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ فَلَمَّا رأى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَذَاب النَّار هاله ذَلِك فَقَالَ اتعذب وانا فيهم وَقد وَعَدتنِي بِعَدَمِ تعذيبهم مَعَ وجودي فيهم (إنْجَاح)

قَوْله

[1266]

كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيد ظَاهر هَذَا الحَدِيث يُؤَيّد مَذْهَب الشَّافِعِي حَيْثُ اعْتبر التَّكْبِيرَات الزَّائِدَة وَتَقْدِيم الصَّلَاة على الْخطْبَة وتأوله الْجُمْهُور على أَن المُرَاد كَصَلَاة الْعِيد فِي الْعدَد والجهر بِالْقِرَاءَةِ وَفِي كَونهَا قبل الْخطْبَة لَا فِي التَّكْبِيرَات (مرقاة)

قَوْله

[1267]

وقلب رِدَاءَهُ أَي فَجعل عطافه الْأَيْمن على عَاتِقه الْأَيْسَر وعطافه الْأَيْسَر على عَاتِقه الْأَيْمن رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَاد حسن كَذَا فِي الْقُسْطَلَانِيّ قَالَ أَبُو حنيفَة ان التَّحْوِيل لَيْسَ بِسنة لِأَن الاسْتِسْقَاء دُعَاء وَسَائِر الْأَدْعِيَة لَا يقلب فِيهِ الرِّدَاء وَمَا فعله صلى الله عليه وسلم كَانَ تفاؤلا وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا جَاءَ مُصَرحًا بِهِ فِي الْمُسْتَدْرك من حَدِيث جَابر وَصَححهُ قَالَ وحول رِدَاءَهُ لِيَتَحَوَّل الْقَحْط وَنَحْوه فِي مُسْند إِسْحَاق من قَول وَكِيع وَكَذَا فِي الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث أنس هَذَا زبدة مَا قَالَه بن الْهمام أَو عرف صلى الله عليه وسلم بِالْوَحْي تغير الْحَال عِنْد قلبه الرِّدَاء فَلَو فعل غَيره يتَعَيَّن ان يكون تفاؤلا وَهُوَ تَحت الِاحْتِمَال فَلَا يتم بهَا الِاسْتِدْلَال كَذَا فِي شرح الْمُوَطَّأ

قَوْله

[1268]

فصلى بِنَا رَكْعَتَيْنِ قَالَ مُحَمَّد وَأَبُو يُوسُف السّنة ان يُصَلِّي الامام رَكْعَتَيْنِ بِجَمَاعَة كَهَيئَةِ صَلَاة الْعِيد وَبِه قَالَ مَالك وَأحمد وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَيْسَ فِي الاسْتِسْقَاء صَلَاة مسنونة فِي جمَاعَة فَإِن صلى النَّاس وحدانا جَازَ إِنَّمَا الاسْتِسْقَاء الدُّعَاء وَالِاسْتِغْفَار لقَوْله تَعَالَى اسْتَغْفرُوا ربكُم انه كَانَ غفارًا يُرْسل السَّمَاء عَلَيْكُم مدرارا علق بِهِ نزُول الْغَيْث لَا بِالصَّلَاةِ فَكَانَ الأَصْل فِيهِ الدُّعَاء وَيُؤَيِّدهُ مَا فِي سنَن سعيد بن مَنْصُور بِسَنَد جيد الى الشّعبِيّ قَالَ خرج يَوْمًا عمر يَسْتَسْقِي فَلم يزدْ على الاسْتِغْفَار فَقَالُوا مَا رَأَيْنَاك اسْتَسْقَيْت فَقَالَ طلبت الْغَيْث بِمَجَادِيح السَّمَاء الَّذِي يسْتَنْزل بِهِ الْمَطَر ثمَّ قَرَأَ اسْتَغْفرُوا ربكُم ثمَّ تُوبُوا اليه وَأجِيب عَن الْأَحَادِيث الَّتِي فِيهَا الصَّلَاة بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم فعلهَا مرّة وَتركهَا أُخْرَى وذالا يدل على السّنة وَإِنَّمَا يدل على الْجَوَاز كَذَا فِي الْعَيْنِيّ

قَوْله

[1269]

مريعا بِفَتْح الْمِيم وَضمّهَا أَي كثيرا فِي شرح السّنة ذَا مرعة وخصب ويروى مربعًا بِالْبَاء أَي بِفَتْح الْمِيم وَكسر الْبَاء أَي منبتا للربع ويروى مرتعا أَي بِفَتْح التَّاء أَي ينْبت مَا ترتع الْإِبِل وكل مخصب يرتع وَمِنْه يرتع ويلعب طيبي

قَوْله فَمَا جمعُوا أَي مَا صلوا صَلَاة الْجُمُعَة حَتَّى احيوا أَي امطروا وَالظَّاهِر أَن هَذَا الرجل هُوَ الَّذِي طلب الاسْتِسْقَاء فِي الْخطْبَة وَحَدِيثه مشتهرا أخرجه البُخَارِيّ وَغَيره (إنْجَاح)

قَوْله

[1272]

وأبيض يستسقى الخ هَذَا الْبَيْت من قصيدة طَوِيلَة انشدها أَبُو طَالب أَولهَا لما رَأَيْت الْقَوْم لَا ود فيهم وَقد قطعُوا كل العرى والوسائل وَكَانَ استسقى بِهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ صَغِير فِي زمن عبد الْمطلب كَمَا قَالَ بَعضهم وَقيل كَانَ هَذِه الْقِصَّة بَعْدَمَا ألْقى بعض الاشقياء فرث الْجَزُور على ظَهره صلى الله عليه وسلم فعلى هَذَا كَانَت الْقِصَّة بعد الْبعْثَة وَقَالَ الشَّيْخ الدهلوي وَقَول أبي طَالب لَا يَقْتَضِي وُقُوع الاسْتِسْقَاء بل يَقْتَضِي أَنه لَو استسقى بِهِ لسقى الله الْخلق بدعائه كَذَا فِي المدارج مُخْتَصرا وَالْمرَاد من الْأَبْيَض ذَاته ويستسقى صفته أَي لَونه أَبيض وَصفته أَنه يستسقى بِهِ وثمال ككتاب الغياث الَّذِي يقوم بِأَمْر قومه كَذَا فِي الْقَامُوس أَي هُوَ غياث الْيَتَامَى بِأَنَّهُم رزقوا بِسَبَبِهِ والارملة المحتاجة أَو المسكينة والعصمة الْعِفَّة أَي سَبَب لعفة الارامل من السُّؤَال والاحتياج أَو من الزِّنَا لِأَن الْفقر يسود وَجه الْإِنْسَان كَمَا قيل الْفقر سَواد الْوَجْه فِي الدَّاريْنِ انجاح قَوْله فَلَا نسْمع لَهُ صَوتا قَالَ بن حجر ان ثَبت هَذَا الحَدِيث لَا يدل على نفي الْجَهْر قَوْله تخدشها أَي تفرس جلدهَا قَوْله خشَاش الأَرْض وَهِي حشرات الأَرْض قَوْله أَمِير هُوَ الْوَلِيد بن عقبَة قَوْله متبذلا التبذل ترك التزين قَوْله مترسلا الترسل التمهل وَالثَّانِي

قَوْله

ص: 90

[1270]

طبقًا أَي ماليا للْأَرْض وَقَوله غير رائث قَوْله مَا يتزود لَهُم رَاع أَي لَيْسَ لَهُم رَاع بِسَبَب هَلَاك الْمَوَاشِي وَقَوله فَلَا يخْطر لَهُم فَحل أَي لَا يَتَحَرَّك ذَنبه هز الا لشدَّة الْقَحْط وَإِنَّمَا يَفْعَله عِنْد الشِّبَع والامن قَوْله مغيثا أَي مشبعا قَوْله مريئا أَي مَحْمُود الْعَافِيَة غير ضار قَوْله غدقا أَي المَاء الْكثير

[1275]

أخرجت الْمِنْبَر الخ وَأعلم أَنه قد ذكر فِي هَذَا الحَدِيث حكمان أَحدهمَا أَنه لم يكن فِي الْمصلى فِي زمن النَّبِي صلى الله عليه وسلم مِنْبَر وَقد ورد فِي الصَّحِيح أَنه كَانَ ينْصَرف من الصَّلَاة فَيقوم مُقَابل النَّاس وَلابْن خُزَيْمَة خطب يَوْم عيد قَائِما على رجلَيْهِ وَمُقْتَضى ظَاهر هَذَا الحَدِيث ان من اتخذ الْمِنْبَر هُوَ مَرْوَان وَقَالَ مَالك ان أول من خطب النَّاس فِي الْمصلى على الْمِنْبَر عُثْمَان بن عَفَّان كَلمهمْ على مِنْبَر من طين بناه كثير بن الصَّلْت لَكِن هَذَا معضل وَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أصح وَيحْتَمل ان يكون عُثْمَان فعل ذَلِك مرّة ثمَّ أَعَادَهُ مَرْوَان وَلم يطلع على ذَلِك أَبُو سعيد وَثَانِيهمَا أَن السّنة فِي الْعِيدَيْنِ الصَّلَاة قبل الْخطْبَة وَعمل أَبُو بكر رض وَعمر رضي الله عنه بعده كَذَلِك وَقَالَ التِّرْمِذِيّ وَعَلِيهِ الْعَمَل عِنْد أهل الْعلم من الصَّحَابَة وَغَيرهم وَقَالُوا أول من خطب قبل الصَّلَاة مَرْوَان حِين كَانَ أَمِير الْمَدِينَة من قبل مُعَاوِيَة وَقَالَ فِي فتح الْبَارِي اخْتلف فِي أول من غير ذَلِك فرواية طَارق بن شهَاب عَن أبي سعيد صَرِيحَة فِي أَنه مَرْوَان وَقيل بل سبقه الى ذَلِك عُثْمَان رض فروى بن الْمُنْذر بِإِسْنَاد صَحِيح الى الْحسن الْبَصْرِيّ قَالَ أول من خطب قبل الصَّلَاة عُثْمَان صلى بِالنَّاسِ ثمَّ خطبهم يَعْنِي على الْعَادة فَرَأى نَاسا لم يدركوا الصَّلَاة فَفعل ذَلِك أَي صَار يخْطب قبل الصَّلَاة وَهَذِه الْعلَّة غير الَّتِي اعتل بهَا مَرْوَان وان عُثْمَان راعي مصلحَة الْجَمَاعَة فِي ادراكهم الصَّلَاة وَأما مَرْوَان فراعى مصلحتهم فِي اسماعهم الْخطْبَة لَكِن قيل انهم كَانُوا فِي زمن مَرْوَان يتعمدون ترك سَماع الْخطْبَة لما فِيهَا من سبّ من لَا يسْتَحق السب والافراط فِي مدح بعض النَّاس فعلى هَذَا إِنَّمَا رَاعى مصلحَة نَفسه وَيحْتَمل أَن يكون عُثْمَان فعل ذَلِك أَحْيَانًا بِخِلَاف مَرْوَان فواظب عَلَيْهِ فَلذَلِك نسب اليه بِدَلِيل ان البُخَارِيّ وَمُسلمًا وَأَبا دَاوُد وَالنَّسَائِيّ اخْرُجُوا عَن بن عَبَّاس قَالَ حضرت يَوْم الْعِيد مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأبي بكر وَعمر وَعُثْمَان فَكَانُوا يصلونَ قبل الْخطْبَة قَالَ القَاضِي وروى عبد الرَّزَّاق عَن بن جريج عَن الزُّهْرِيّ قَالَ من أحدث الْخطْبَة قبل الصَّلَاة فِي الْعِيد مُعَاوِيَة وروى بن الْمُنْذر عَن بن سِيرِين انه فعل ذَلِك زِيَاد بِالْبَصْرَةِ قَالَ وَلَا مُخَالفَة بَين هذَيْن الاثرين وَأثر مَرْوَان لِأَن كلا من مَرْوَان وَزِيَاد كَانَ عَاملا لمعاوية فَيحمل على أَنه ابْتَدَأَ ذَلِك فَتَبِعَهُ عماله انْتهى لمعات مُخْتَصرا

قَوْله

[1277]

فِي الأولى سبعا الخ أعلم ان الْأَحَادِيث فِي تَكْبِيرَات الْعِيدَيْنِ جَاءَت مُخْتَلفَة وَلذَلِك اخْتلفت مَذَاهِب الْأَئِمَّة فَعِنْدَ الثَّلَاثَة سبع فِي الرَّكْعَة الأولى وَخمْس فِي الثَّانِيَة وَعند الامام أَبُو حنيفَة ثَلَاث فِي الأولى وَثَلَاث فِي الْآخِرَة زَائِدَة على تَكْبِيرَة الِافْتِتَاح وَالرُّكُوع وَهَذَا مَذْهَب بن مَسْعُود وَمَا ذهب اليه الشَّافِعِي وَغَيره مَذْهَب بن عَبَّاس وَقد وَقع الْكَلَام فِي أَسَانِيد مذاهبهم وَنقل الشَّيْخ بن الْهمام عَن أَحْمد بن حَنْبَل أَنه قَالَ لَيْسَ فِي تَكْبِيرَات الْعِيدَيْنِ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم حَدِيث صَحِيح وَإِنَّمَا أَخذ فِيهَا بِفعل أبي هُرَيْرَة وَلَكِن قَالَ فِي شرح كتاب الْخرقِيّ روى عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم ذكر ثِنْتَيْ عشرَة تَكْبِيرَة سبعا فِي الأولى وخمسا فِي الْآخِرَة رَوَاهُ أَحْمد وَابْن ماجة وَقَالَ أَحْمد انا اذْهَبْ الى ذَلِك وَكَذَلِكَ ذهب اليه بن الْمَدِينِيّ وَصحح الحَدِيث وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَلِحَدِيث عَمْرو بن عَوْف الْمُزنِيّ مَعَ أَنه روى عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة انْتهى وَقَالَ بن الْهمام ان أَبَا دَاوُد ان روى مَا ذكرنَا وَلَكِن روى مَا يُعَارضهُ أَيْضا وَهُوَ ان سعيد بن أبي الْعَاصِ سَأَلَ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَحُذَيْفَة بن الْيَمَان كَيفَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يكبر فِي الْأَضْحَى وَالْفطر فَقَالَ أَبُو مُوسَى كَانَ تكبيره أَربع تَكْبِيرَة على الْجَنَائِز فَقَالَ حُذَيْفَة صدق فَقَالَ أَبُو مُوسَى كَذَلِك كنت أكبر فِي الْبَصْرَة حَيْثُ كنت عَلَيْهِم وَسكت عِنْد أَبُو دَاوُد ثمَّ الْمُنْذِرِيّ فِي مُخْتَصره وَهُوَ نَاطِق بحديثين إِذْ تَصْدِيق حُذَيْفَة رِوَايَة كمثله وسكوت أبي دَاوُد وَالْمُنْذِرِي تَصْحِيح أَو تَحْسِين مِنْهُمَا مَعَ ان الْمَرْوِيّ عَن بن عَبَّاس مُضْطَرب انْتهى مُخْتَصرا لمعات

قَوْله

ص: 91