المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ما جاء في التقليس التقليس الضرب بالدف والغناء واستقبال الولاة عند - شرح سنن ابن ماجه للسيوطي وغيره

[الجلال السيوطي]

فهرس الكتاب

- ‌شرح سنَن ابْن مَاجَه

- ‌ بَاب اتِّبَاع السّنة

- ‌أَبْوَاب الطَّهَارَة وسننها أَي من الحَدِيث والخبث وَأَصلهَا النَّظَافَة من كل عيب حسي

- ‌بَاب الِاسْتِبْرَاء بعد الْبَوْل اسْتِبْرَاء الذّكر استنقاء من الْبَوْل استنثر من الْبَوْل

- ‌بَاب الترجيع

- ‌بَاب سُجُود الْقُرْآن أعلم ان الْأَئِمَّة اخْتلفُوا فِي وجوب سُجُود التِّلَاوَة وَعَدَمه فَذهب

- ‌بَاب مَا جَاءَ فِي التقليس التقليس الضَّرْب بالدف والغناء واستقبال الْوُلَاة عِنْد

- ‌بَاب فِي لَيْلَة الْقدر إِنَّمَا سميت بهَا لِأَنَّهُ يقدر فِيهَا الارزاق وَيَقْضِي وَيكْتب

- ‌بَاب من اسْتَفَادَ مَالا المُرَاد بِالْمَالِ الْمُسْتَفَاد المَال الَّذِي حصل للرجل فِي

- ‌بَاب صَدَقَة الْفطر قد اخْتلف فِيهَا على ثَلَاثَة مقالات الأول فِي فرضيته فَفرض عِنْد

- ‌بَاب الْعَزْل الْعَزْل هُوَ ان يُجَامع فَإِذا قَارب الْإِنْزَال نزع وَانْزِلْ خَارج الْفرج وَهُوَ

- ‌قَوْله اللّعان من اللَّعْن وَهُوَ الطَّرْد والبعد سمى بِهِ لكَونه سَبَب الْبعد بَينهمَا

- ‌قَوْله من ورى فِي يَمِينه من التورية وَهِي كتمان الشَّيْء وَإِظْهَار خلاف ذَلِك

- ‌بَاب الْمُرْتَد عَن دينه الْمُرْتَد هُوَ الرَّاجِع عَن دين الْإِسْلَام أعلم إِذا ارْتَدَّ

- ‌بَاب من شرب الْخمر مرَارًا قَالَ النَّوَوِيّ وَأما الْخمر فقد اجْمَعْ الْمُسلمُونَ على

- ‌بَاب الْقسَامَة هُوَ اسْم بِمَعْنى الْقسم وَقيل مصدر يُقَال قسم يقسم قسَامَة إِذا حلف

- ‌بَاب فَرَائض الصلب وَهُوَ بِالضَّمِّ وبالتحريك عظم من لدن الْكَاهِل الى الْعَجز وَهُوَ

- ‌بَاب مَا يُرْجَى فِيهِ الشَّهَادَة قد اورد الْمُؤلف فِي هذاالباب أَحَادِيث ذكر فِيهَا

- ‌بَاب الظلال للْمحرمِ أَي الدَّوَام على التَّلْبِيَة وَذكر الله وَالْإِقَامَة عَلَيْهِ للْمحرمِ

- ‌التوقي فِي الْإِحْرَام عَمَّا لَا يحل لَهُ فِيهِ قَوْله

- ‌بَاب الْمُلْتَزم هُوَ مَا بَين الْحجر الْأسود وَالْبَاب من جِدَار بَيت الله تَعَالَى سمي

- ‌بَاب نزُول المحصب قَالَ النَّوَوِيّ فِي هَذَا الْبَاب الْأَحَادِيث فِي نزُول النَّبِي صَلَّى

- ‌قَوْله بِكَلِمَة الله قَالَ الْخطابِيّ المُرَاد بهَا قَوْله تَعَالَى أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان وَقيل

- ‌بَاب الْهدى من الاناث والذكور أَي الْهدى عَام من الْفَحْل وَالْأُنْثَى لِأَن الْجمل

- ‌بَاب السلخ هُوَ نزع الْجلد والمسلوخ شَاة نزع جلدهَا قَوْله

- ‌بَاب الدُّبَّاء هُوَ بِالْمدِّ اليقطين هَذَا هُوَ الْمَشْهُور وَحكى القَاضِي عِيَاض فِيهِ الْقصر

- ‌بَاب اطائب اللَّحْم الا طائب الْخِيَار من الشَّيْء وَلَا وَاحِد لَهَا وَالْمرَاد مِنْهُ ان

- ‌بَاب الشواء هُوَ اللَّحْم المنضوج وَفِي الْقَامُوس شوى اللَّحْم شَيْئا فاشتوى وانشوى

- ‌بَاب القديد هُوَ اللَّحْم المشرر المقدد أَو مَا قطع مِنْهُ طولا كَذَا فِي الْقَامُوس

- ‌بَاب الْحوَاري الْحوَاري بِضَم الْحَاء وَشدَّة الْوَاو وَفتح الرَّاء الدَّقِيق الْأَبْيَض وَهُوَ

- ‌بَاب الرقَاق الرقَاق الْخبز الرَّقِيق الْوَاحِد رقاقة وَلَا يُقَال رقاقة بِالْكَسْرِ فَإِذا

- ‌بَاب الإقتصاد فِي الْأكل الإقتصاد من الْقَصْد وأصل الْقَصْد الإستقامة فِي الطَّرِيق

- ‌بَاب صفة النَّبِيذ وشربه النَّبِيذ هُوَ مَا يعْمل من الْأَشْرِبَة من التَّمْر وَالزَّبِيب

- ‌بَاب التلبينة هِيَ حساء يعْمل من دَقِيق أَو نخالة وَرُبمَا جعل فِيهَا عسل وَيُشبه

- ‌بَاب دَوَاء الْمَشْي أَي الاسهال فِي الْقَامُوس المشو بِالْفَتْح وكعدو وغنى وَالسَّمَاء

- ‌بَاب مَا عوذ بِهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَمَا عوذ بِهِ الأول بِصِيغَة الْمَبْنِيّ

- ‌بَاب النشرة هُوَ بِالضَّمِّ ضرب من الرّقية والعلاج لمن ظن بِهِ مس من الْجِنّ وَسميت

- ‌بَاب لبس الصُّوف قَالَ بن بطال كره مَالك لبس الصُّوف لمن يجد غَيره أَيْضا لما فِيهِ

- ‌بَاب اتِّخَاذ الجمة والذوائب الجمة بِالضَّمِّ مُجْتَمع شعر الرَّأْس وَقَوله

- ‌بَاب المياثر الْحمر جمع ميثرة وَهِي قطيفة كَانَت النِّسَاء تصنع لبعولتهن وَكَانَت

- ‌بَاب الْجَوَامِع من الدُّعَاء إِلَى الجامعة لخير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَقيل هِيَ مَا كَانَ

- ‌بَاب الْمَلَاحِم هُوَ جمع ملحمة وَهِي الْقِتَال وَنَبِي الملحمة نَبينَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ

- ‌بَاب الأمل والاجل الأمل كحيل وَلحم وشبر الرَّجَاء وَالْمرَاد هُنَا طول الأمل

- ‌بَاب ذكر التَّوْبَة قَالَ النَّوَوِيّ أصل التَّوْبَة فِي اللُّغَة الرُّجُوع يُقَال تَابَ وثاب

الفصل: ‌باب ما جاء في التقليس التقليس الضرب بالدف والغناء واستقبال الولاة عند

[1284]

فَحَدثني أخي عَنهُ وَفِي الْأَطْرَاف اسْم أَخِيه سعيد وَقيل أسعث وَفِي التَّقْرِيب لَهُ أَرْبَعَة أخوة أَشْعَث وخَالِد والنعمان وَسَعِيد (إنْجَاح)

[1291]

لم يصل قبلهَا وَلَا بعْدهَا فِيهِ دَلِيل على أَنه لَا صَلَاة قبل الْعِيد وَلَا بعْدهَا قَالَ التِّرْمِذِيّ وَفِي الْبَاب عَن عبد الله بن عمر وَأبي سعيد وَحَدِيث بن عَبَّاس حَدِيث حسن صَحِيح وَالْعَمَل عَلَيْهِ عِنْد بعض أهل الْعلم من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَغَيرهم وَقد رأى طَائِفَة من أهل الْعلم الصَّلَاة بعد صَلَاة الْعِيدَيْنِ وَقبلهَا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَغَيرهم وَالْقَوْل الأول أصح انْتهى وَفِي شرح كتاب الْخرقِيّ فِي مَذْهَب أَحْمد اسْتخْلف على رض أَبَا مَسْعُود على النَّاس فَخرج يَوْم عيد فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس انه لَيْسَ من السّنة ان يُصَلِّي قبل الامام رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَقَالَ الزُّهْرِيّ لم اسْمَع أحدا من عُلَمَائِنَا يذكر أَي أحد من سلف هَذِه الْأمة كَانَ يُصَلِّي قبل تِلْكَ الصَّلَاة وَبعدهَا رَوَاهُ الْأَثْرَم وروى عَن أبي سعيد أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يُصَلِّي قبل الْعِيد شَيْئا فَإِذا رَجَعَ الى منزله صلى رَكْعَتَيْنِ رَوَاهُ بن ماجة وَأحمد وَفِي الْهِدَايَة وَلَا يتَنَفَّل فِي الْمصلى قبل صَلَاة الْعِيد لِأَنَّهُ عليه السلام لم يفعل مَعَ حرصه على الصَّلَاة ثمَّ قيل الْكَرَاهَة فِي الْمصلى خَاصَّة وَقيل فِيهِ وَفِي غَيره عَامَّة لِأَنَّهُ عليه السلام لم يَفْعَله انْتهى وَقَالُوا المُرَاد بِهَذَا النَّفْي أَنه لَيْسَ قبل الصَّلَاة صَلَاة مسنونة لَا أَنَّهَا يكره فِي حد ذَاته وَفِي فتح الْبَارِي قَالَ الْكُوفِيُّونَ يصلونَ بعْدهَا لَا قبلهَا والبصريون يصلونَ قبلهَا لَا بعْدهَا والمدنيون لَا قبلهَا وَلَا بعْدهَا وبالاول قَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري وَالْحَنَفِيَّة وَبِالثَّانِي قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ وَجَمَاعَة وبالثالث قَالَ الزُّهْرِيّ وَابْن جريج وَأحمد وَالشَّافِعِيّ وَجَمَاعَة من السّلف لَا كَرَاهَة فِي الصَّلَاة قبلهَا وَلَا بعْدهَا انْتهى لمعات

قَوْله

[1298]

الى البلاط بِفَتْح مُوَحدَة وَقيل بِكَسْرِهَا ضرب من الْحِجَارَة يفرش بِهِ الأَرْض ثمَّ سمى بِهِ الْمَكَان اتساعا وَهُوَ مَوضِع بِالْمَدِينَةِ بَين مَسْجده والسوق مجمع

قَوْله

[1299]

وَيرجع فِي غير الطَّرِيق الخ قَالَ التِّرْمِذِيّ قد اسْتحبَّ بعض أهل الْعلم للامام إِذا خرج فِي طَرِيق أَن يرجع فِي غَيره اتبَاعا للْحَدِيث بِهِ وَقَالَ الشَّافِعِي وَقَالَ فِي الْفَتْح وَالَّذِي فِي الام أَنه يسْتَحبّ للامام وَالْمَأْمُوم وَبِه قَالَ أَكثر الشَّافِعِيَّة وَقَالَ الرَّافِعِيّ لم يتَعَرَّض فِي الْوَجِيز الا للامام وبالتعميم قَالَ أَكثر أهل الْعلم انْتهى ثمَّ قد كثرت الْأَقْوَال فِي ذَلِك فَمِنْهَا أَنه فعل ذَلِك يشْهد لَهُ بقاع ومواضع متكثرة مُخْتَلفَة وَيشْهد الطريقان وسكانهما من الْجِنّ والأنس وَقيل ليسوي بَينهمَا فِي مزية الْفضل بمروره صلى الله عليه وسلم وَقيل لإِظْهَار شَعَائِر الْإِسْلَام فيهمَا وَقيل لإِظْهَار ذكر الله وإشاعته وَقيل تغيظا الْكَافرين وترهيبهم بِإِظْهَار شَوْكَة الْإِسْلَام ورفعة اعلام الدّين ولعزة أَهله وكثرتهم لمعات مُخْتَصرا

قَوْله

‌بَاب مَا جَاءَ فِي التقليس التقليس الضَّرْب بالدف والغناء واستقبال الْوُلَاة عِنْد

قدومهم بأصناف اللَّهْو كَذَا فِي الْقَامُوس وَفِي الْعَيْنِيّ قَالَ الْقُرْطُبِيّ اما الْغناء فَلَا خلاف فِي تَحْرِيمه لِأَنَّهُ من اللَّهْو واللعب المذموم بالِاتِّفَاقِ فَأَما مَا يسلم من الْمُحرمَات فَيجوز الْقَلِيل مِنْهُ فِي الاعراس والاعياد وشبههما وَمذهب أبي حنيفَة تَحْرِيمه وَبِه يَقُول أهل الْعرَاق وَمذهب الشَّافِعِي كَرَاهَته وَهُوَ الْمَشْهُور من مَذْهَب مَالك وَاسْتدلَّ جمَاعَة من الصُّوفِيَّة بِحَدِيث الْبَاب وَمَا فِي البُخَارِيّ على إِبَاحَة الْغناء وسماعه بالة وَغير الة وَقَالَ بعض مشائخنا مُجَرّد الْغناء وَالِاسْتِمَاع اليه مَعْصِيّة حَتَّى قَالُوا اسْتِمَاع الْقُرْآن بالألحان مَعْصِيّة حَتَّى قَالُوا اسْتِمَاع الْقُرْآن بالألحان مَعْصِيّة التَّالِي وَالسَّامِع اثمان وَاسْتَدَلُّوا بقوله تَعَالَى وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث جَاءَ فِي التَّفْسِير المُرَاد بِهِ الْغناء انْتهى وَفِي مجمع الْبحار قَالَ الطَّيِّبِيّ وَأما مَا أحدثه المتصوفة من السماع بالأبا فَلَا خلاف فِي تَحْرِيمه (إنْجَاح)

قَوْله

[1302]

تقلسون قَالَ يُوسُف بن عدي أحد رُوَاة الحَدِيث التقليس ان تقف الْجَوَارِي وَالصبيان على أَفْوَاه الطَّرِيق يَلْعَبُونَ بالطبل وَغير ذَلِك رَوَاهُ الْخَطِيب وَابْن عَسَاكِر فِي تاريخهما وَفِي مُسْند أَحْمد عَن الشّعبِيّ قَالَ هُوَ اللّعب وَفِي تَارِيخ بن عَسَاكِر قَالَ زِيَاد بن أَيُّوب سُئِلَ هشيم عَن التقليس الضَّرْب بالدف قَالَ نعم (زجاجة)

قَوْله

[1304]

والعنزة تحمل بِفَتَحَات وَهِي أقصر من الرمْح فِي طرفها زج وَاسْتشْكل بِمَا فِي البُخَارِيّ وَسَيَجِيءُ فِي هَذَا الْكتاب أَيْضا فِي بَاب لبس السِّلَاح فِي يَوْم الْعِيد من النَّهْي عَن حمل السِّلَاح يَوْم الْعِيد وَأجِيب بَان النَّهْي إِنَّمَا هُوَ عِنْد خوف التأذي بِهِ قَالَه الْقُسْطَلَانِيّ

قَوْله فَإِذا بلغ الْمُصَلِّي هُوَ بِضَم الْمِيم مَوضِع بِالْمَدِينَةِ مَعْرُوف بَينه وَبَين بَاب الْمَسْجِد ألف ذِرَاع عَيْني

قَوْله

[1307]

جِلْبَاب هُوَ بِكَسْر الْجِيم وَسُكُون اللَّام وبموحدتين بَينهمَا ألف ثوب أقصروا عرض من الْخمار أَو هُوَ المقنعة أَو ثوب وَاسع يُغطي صدرها وظهرها أَو هُوَ كالملحفة أَو هُوَ كالازار أَو الْخمار قسطلاني

قَوْله

ص: 92

[1308]

الْحيض بِضَم حاء وَتَشْديد يَاء جمع حَائِض الْأَمر بالاعتزال والاجتناب اما لِئَلَّا يلْزم الِاخْتِلَاف بَين النَّاس من صَلَاة بَعضهم وَترك صَلَاة بَعضهم اولئلا يَتَنَجَّس الْموضع أولئلا تؤذي ان حدث أَذَى مِنْهَا ثمَّ أعلم ان هَذَا كَانَ فِي ذَلِك الزَّمَان لَا مِنْهُنَّ عَن الْمفْسدَة بِخِلَاف الْيَوْم وَلِهَذَا صَحَّ عَن عَائِشَة م قَالَت لَو رأى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا أحدث النِّسَاء لمنعهن من الْمَسْجِد كَمَا منعت نسَاء بني إِسْرَائِيل فَإِذا كَانَ الْأَمر قد تغير فِي زمن عَائِشَة حَتَّى قَالَت هَذَا القَوْل فَمَاذَا يكون الْيَوْم الَّذِي عَم الْفساد فِيهِ ونشب الْمعاصِي فِي الصغار والكبار 12 عُمْدَة القاريء

[1310]

ثمَّ رخص الخ لَو اجْتمع العيدان فِي يَوْم وَاحِد لم يلْزم الا صَلَاة أَحدهمَا لما أخرجه أَبُو دَاوُد ان مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان سَأَلَ زيد بن أَرقم قَالَ شهِدت مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَذكر الحَدِيث وَعند النَّسَائِيّ صلى الْعِيد أول النَّهَار ثمَّ رخص فِي الْجُمُعَة وَعند أبي دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة ان رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ اجْتمع فِي يومكم هَذَا عيدَان فَمن شَاءَ أَجزَأَهُ من الْجُمُعَة وَإِنَّا مجمعون وَثَبت عِنْد البُخَارِيّ من حَدِيث عَليّ وَأخرج النَّسَائِيّ عَن عَطاء بن أبي رَبَاح قَالَ اجْتمع عيدَان على عهد بن الزبير فَأخر الْخُرُوج حَتَّى تَعَالَى النَّهَار ثمَّ خرج فَخَطب فَأطَال الْخطْبَة ثمَّ نزل فصلى وَلم يصل النَّاس يَوْمئِذٍ الْجُمُعَة فَذكر ذَلِك لِابْنِ عَبَّاس فَقَالَ أصَاب السّنة أَي فِي ترك الْجُمُعَة لِأَن بن عَبَّاس نَهَاهُ عَن تَقْدِيم الْخطْبَة كَمَا ثَبت عِنْد البُخَارِيّ وَقيل الأولى الِاكْتِفَاء بِصَلَاة الْجُمُعَة لفرضيتها وَقيل بِصَلَاة الْعِيد لإِظْهَار شرفها وَيُؤَيِّدهُ مَا قدمْنَاهُ من الْأَحَادِيث وَاتِّبَاع السّنة أولى وَمن أَرَادَ تَفْصِيله فَعَلَيهِ لحاشية الدّرّ لاستاذنا الشَّيْخ عَابِد السندي (إنْجَاح)

قَوْله

[1313]

فِي الْمَسْجِد أَي مَسْجِد الْمَدِينَة قَالَ بن الْملك يَعْنِي كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي صَلَاة الْعِيد فِي الصَّحرَاء الا إِذا اصابهم مطر فَيصَلي فِي الْمَسْجِد والافضل ادائها فِي سَائِر الْبِلَاد وَفِي مَكَّة خلاف انْتهى وَالظَّاهِر ان الْمُعْتَمد فِي مَكَّة أَن يُصَلِّي فِي الْمَسْجِد الْحَرَام على مَا عَلَيْهِ الْعَمَل فِي هَذِه الْأَيَّام وَلم يعرف خلاف عَنهُ عليه السلام وَلَا عَن أحد من السّلف الْكِرَام فَإِنَّهُ مَوْضُوع بِحكم قَوْله تَعَالَى ان أول بَيت وضع للنَّاس لعُمُوم عباداتهم من صَلَاة الْجَمَاعَة وَالْجُمُعَة والعيد وَالِاسْتِسْقَاء والجنازة والكسوف والخسوف وَهُوَ وَجه مَا قَالَ بعض علماءنا ان الصَّلَاة على الْمَيِّت غير مَكْرُوهَة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام (مرقاة)

قَوْله

[1314]

نهى عَن ان يلبس الخ لِأَن لبس السِّلَاح فِي المجامع والاعياد يُوجب اضرار الْمُسلمين وَيحْتَمل خُرُوج السِّلَاح من غمده فِي حَالَة الْغَضَب إِذا كَانَ بَينهم مناقشة فَهَذَا تَركه أولى (إنْجَاح)

قَوْله

[1316]

وَيَوْم عَرَفَة قَالَ فِي الدّرّ وَسن غسل فِي عَرَفَة بعد الزَّوَال قَالَ فِي النَّهر وَلَا بُد فِي تَحْصِيل السّنة من كَون الِاغْتِسَال فِي الْجَبَل وَمثله فِي الْبَحْر قَالَ الرحمتي لم يظْهر وَجهه إِذْ الْمُتَعَيّن فِي السّنة وُقُوع الْغسْل دَاخل حُدُود عَرَفَة سَوَاء كَانَ فِي الْجَبَل أَو فِي السهل وَقَالَ بن أَمِير الْحَاج وَلَا أَظن أحدا أَنه قَالَ لليوم فَقَط بل الظَّاهِر أَنه للوقوف وَلذَا قيد ببعد الزَّوَال (إنْجَاح)

قَوْله

[1317]

حِين التَّسْبِيح أَي وَقت صَلَاة السبحة وَهِي النَّافِلَة وَفِي الزجاجة الى حِين تصلي صَلَاة الضُّحَى وَقَالَ الْعَيْنِيّ وَذَلِكَ إِذا مضى وَقت الْكَرَاهَة وَفِي رِوَايَة صَحِيحَة للطبراني وَذَلِكَ حِين تسبح الضُّحَى

قَوْله

[1319]

صَلَاة اللَّيْل مثنى مثنى وَفِي رِوَايَة صَلَاة اللَّيْل وَالنَّهَار كَمَا سَيَجِيءُ احْتج بِهِ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد أَن صَلَاة اللَّيْل مثنى مثنى وَهُوَ أَن يسلم فِي آخر كل رَكْعَتَيْنِ وَأما صَلَاة النَّهَار فأربع عِنْدهمَا وَعند أبي حنيفَة أَربع فِي اللَّيْل وَالنَّهَار وَعند الشَّافِعِي فيهمَا مثنى مثنى ذكر الْعَيْنِيّ مَعَ الدَّلَائِل لكل وَاحِد مِنْهُم قلت لَا كَلَام فِي الْجَوَاز لِأَن الاخبار وَردت على كلا النحوين وَإِنَّمَا الْكَلَام فِي أَن أَيهمَا أفضل فَكل قَالَ بِمَا ترجح عِنْده (فَخر)

قَوْله

ص: 93

[1320]

اوتر بِوَاحِدَة قَالَ بن الْهمام لَيْسَ فِي الحَدِيث دلَالَة على ان الْوتر وَاحِدَة بتحريمة مستأنفة فَيحْتَاج الى الِاشْتِغَال بجوابه إِذْ يحْتَمل كلا من ذَلِك وَمن كَونه إِذا خَافَ الصُّبْح صلى وَاحِدَة مُتَّصِلَة فانى يُقَاوم الصرائح الَّتِي ذَكرنَاهَا وَغَيرهَا كثيرا تَرَكْنَاهُ مَخَافَة الطول مَعَ ان أَكثر الصَّحَابَة عَلَيْهِ أَي على ان الْوتر ثَلَاث رَكْعَات بتحريمة انْتهى

[1325]

وَتشهد الخ قَالَ الْحَافِظ أَبُو الْفضل الْعِرَاقِيّ فِي شرح التِّرْمِذِيّ الْمَشْهُور فِي هَذِه الرِّوَايَة انها افعال مضارعة حذف مِنْهَا إِحْدَى التائين وَيدل عَلَيْهِ قَوْله فِي دواية أبي دَاوُد وان تشهد وَوَقع فِي بعض الرِّوَايَات بِالتَّنْوِينِ فِيهَا على الاسمية وَهُوَ تَصْحِيف من بعض الروَاة لما فِيهِ من الِابْتِدَاء بالنكرة الَّتِي لم تُوصَف وَأَيْضًا فَلَا يتَقَيَّد قَوْله وتباءس وَمَا بعده يكون ذَلِك فِي كل رَكْعَتَيْنِ وَلَا يكون الْكَلَام تَاما لعدم الْخَبَر الْمُفِيد الا ان يكون قَوْله تشهد بَيَانا لقَوْله مثنى مثنى وَيكون قَوْله وتباءس وَمَا بعده مَعْطُوفًا على خبر قَوْله الصَّلَاة أَي الصَّلَاة مثنى مثنى وتباءس وتمسكن وَقَالَ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ يجوز أَن يكون أمرا أَو خَبرا انْتهى فعلى الِاحْتِمَال الأول يكون تشهد وَمَا بعده خبر وَمَا على الْأَمر وَفِيه بعد قَوْله بعد ذَلِك وتقنع فَالظَّاهِر أَنه خبر انْتهى وَقَالَ فِي النِّهَايَة تباءس من البوس الخضوع والفقر وَيجوز أَن يكون أمرا أَو خَبرا وتمسكن أَي تذل وتخضع وَهُوَ تفعل من السّكُون وَالْقِيَاس ان يُقَال تسكن وَهُوَ الْأَكْثَر الافصح وَقد جَاءَ على الأول أحرف قَليلَة قَالُوا تمدرع وتمنطق وتمندل وتقنع يَديك أَي ترفعهما (زجاجة)

قَوْله

[1328]

وسننت الخ فَإِن قلت كَيفَ يَسْتَقِيم قَوْله سننت لكم مَعَ أَنه صلى الله عليه وسلم مَا كَانَ ينْطق عَن الْهوى ان هُوَ الا وحى يُوحى فَكيف نسب الى ذَاته سنية الْقيام قلت لَيْسَ الْغَرَض مِنْهُ فعله من الرَّأْي بل لما علم بِالْوَحْي شرف قيام رَمَضَان فعل ذَلِك لتستنوا بسنته فَإِن فَضِيلَة الشَّيْء لَا يعرف الا بِالْوَحْي ثمَّ التَّحْقِيق ان اجْتِهَاده صلى الله عليه وسلم قد يكون بِلَا نزُول وَحي من جِهَة الرَّأْي كَمَا فِي اسارى بدر وَغَيرهَا وَالِاجْتِهَاد يحْتَمل الخطاء وَالصَّوَاب وَلَكِن فِي غير النَّبِي الثَّبَات على الخطاء جَائِز وخطاه عَفْو بل يُثَاب عَلَيْهِ وَفِي حقة صلى الله عليه وسلم مَمْنُوع لِأَنَّهُ لَو كَانَ كَذَلِك أَي ثَبت على الخطاء لارتفع الْأمان عَن الشَّرْع لِأَنَّهُ مصدر الْوَحْي وَالتَّحْقِيق فِي كتب الْأُصُول (إنْجَاح)

قَوْله

[1330]

بَال فِي اذنيه لِاسْتِحَالَة ان يكون حَقِيقَة لِأَنَّهُ ثَبت أَنه يَأْكُل وَيشْرب وينكح وَقَالَ الطَّحَاوِيّ هُوَ اسْتِعَارَة عَن تحكمه فِيهِ وانقياده لَهُ وَخص الْإِذْن دون الْعين فَإِن المسامع هِيَ موارد الانتباه وَخص الْبَوْل من الاخبثين لِأَنَّهُ أسهل مدخلًا فِي التجاويف كرماني

قَوْله

[1332]

قَالَت أم سُلَيْمَان الخ هَذَا الحَدِيث أوردهُ بن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات وَأعله بِيُوسُف بن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر فَإِنَّهُ مَتْرُوك قَالَ فِيهِ أَبُو زرْعَة أَنه صَالح الحَدِيث وَقَالَ بن عدي ارجو انه لَا بَأْس بِهِ (زجاجة)

قَوْله

[1333]

حسن وَجهه الخ هَذَا الحَدِيث مدرج عده شَارِح النخبة من الْقسم الرَّابِع فِي المدرج وَهُوَ أَن يَسُوق الْإِسْنَاد فَيعرض لَهُ عَارض فَيَقُول كلَاما من قبل نَفسه فيظن بعض من سَمعه ان ذَلِك الْكَلَام هُوَ متن ذَلِك الْإِسْنَاد فيرويه عَنهُ كَذَلِك قَالَ صَاحب امعان النّظر مِثَاله حَدِيث روى بن ماجة عَن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد الطلح عَن ثَابت بن مُوسَى الزَّاهِد عَن شريك الحَدِيث قَالَ الْحَاكِم دخل ثَابت بن مُوسَى على شريك بن عبد الله القَاضِي وَالْمُسْتَمْلِي بَين يَدَيْهِ وَشريك يَقُول حَدثنَا الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر رض قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَلم يذكر الْمَتْن فَلَمَّا نظر الى ثَابت بن مُوسَى قَالَ من كثرت صلَاته بِاللَّيْلِ حسن وَجهه بِالنَّهَارِ وَإِنَّمَا أَرَادَ ثَابتا لزهده وورعه فطن ثَابت انه روى هَذَا الحَدِيث مَرْفُوعا بِهَذَا الْإِسْنَاد فَكَانَ ثَابت يحدث بِأَنَّهُ عَن شريك عَن الْأَعْمَش الخ لَكِن قَالَ بن حبَان هَذَا قَول شريك قَالَ عقيب حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي جَابر يعْقد الشَّيْطَان على قافية رَأس أحدكُم فادرجه ثَابت ذَا الْخَبَر ثمَّ سَرقه مِنْهُ جمَاعَة ضعفاء لرد حد ثَوَابه عَن شريك وَقَالَ الْعِرَاقِيّ فِي الألفية فِي بحث الْمَوْضُوع وَمِنْه نوع وَضعه لم يقْصد نَحْو حَدِيث ثَابت من كَثْرَة صَوته وَهَذَا مَا اختصرت من بعض حَوَاشِي شرح نخبة الْفِكر من أَرَادَ التَّفْصِيل فَعَلَيهِ بحواشيه (إنْجَاح)

قَوْله حسن وَجهه الخ قَالَ الْعقيلِيّ هَذَا الحَدِيث بَاطِل لَيْسَ لَهُ أصل وَلَا يُتَابع ثَابتا عَلَيْهِ ثِقَة وَأوردهُ بن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات وَقَالَ هَذَا الحَدِيث لَا يعرف الا لِثَابِت وَهُوَ رجل صَالح وَكَانَ دخل على شريك الى آخر الْقِصَّة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن كَامِل أبي الاصبغ قَالَ قلت لمُحَمد بن عبد الله بن نمير مَا تَقول فِي ثَابت بن مُوسَى قَالَ شيخ لَهُ فضل واسلام وَدين وَصَلَاح وَعبادَة قلت مَا تَقول فِي هَذَا الحَدِيث قَالَ غلط من الشَّيْخ وَأما غير ذَلِك فَلَا يتَوَهَّم عَلَيْهِ وَقد تواردت أَقْوَال الْأَئِمَّة على ان هَذَا الحَدِيث من الْمَوْضُوع على سَبِيل الْغَلَط لَا التعمد (زجاجة)

قَوْله

ص: 94

[1334]

انجفل أَي أَسْرعُوا الذّهاب اليه قَالَ فِي الدّرّ النثير أَي ذَهَبُوا مُسْرِعين (إنْجَاح)

[1337]

نزل بحزن أَي بِسَبَب حزن وأجله بِحَيْثُ يخَاف الْإِنْسَان مواعيده ينظر مَا هُوَ كَائِن وكل كتاب الله نَذِير قَالَ الله تَعَالَى وَهَذَا كتاب انزلناه مُبَارَكًا مُصدق الَّذِي بَين يَدَيْهِ ولتنذر أم الْقرى وَمن حولهَا الْآيَة وَهَذَا لَا يُخَالف الْبشَارَة للْمُؤْمِنين فَإِن الْعلَّة الغائبة فِي إرْسَال الرُّسُل الى الْكفَّار التنذير ليؤمنوا بِهِ والبشارة متفرعة على الْإِيمَان فالتقدم الذاتي التنذير وَالْمُؤمن وَاحِد من ألف فَلِذَا غَلبه على الْبشَارَة وَالله أعلم (إنْجَاح)

قَوْله فَمن لم يَتَغَنَّ بِهِ قَالَ فِي النِّهَايَة أَي من لم يسْتَغْن بِهِ عَن غَيره من تَغَنَّيْت وَتَغَانَيْت واستغنيت وَقيل أَرَادَ من لم يجْهر بِالْقِرَاءَةِ وَيشْهد لَهُ الحَدِيث الاخر زَينُوا الْقُرْآن بِأَصْوَاتِكُمْ وكل من رفع صَوته ووالاه فصوته عِنْد الْعَرَب غناء قَالَ بن الْأَعرَابِي كَانَت الْعَرَب تتغنى بالركباني إِذا ركبت وَإِذا جَلَست فِي الافنية وعَلى أَكثر أحوالها فَلَمَّا نزل الْقُرْآن أحب النَّبِي صلى الله عليه وسلم ان يكون هجيراهم بِالْقُرْآنِ مَكَان التَّغَنِّي بالركباني (زجاجة)

قَوْله فَمن لم يَتَغَنَّ بِهِ قَالَ الطَّيِّبِيّ يحْتَمل كَونه بِمَعْنى التَّغَنِّي وَبِمَعْنى الِاسْتِغْنَاء لما لم يكن مُبينًا بالسابق واللاحق وَرجح الِاسْتِغْنَاء بِأَن فَلَيْسَ منا أَي من أهل سنتنا وَعِيد وَلَا خلاف ان قاريه من غير تَحْسِين صَوته يُثَاب فَكيف يسْتَحق الْوَعيد وَأَقُول يُمكن كَون مَعْنَاهُ لَيْسَ منا معشر الْأَنْبِيَاء مِمَّن يحسن صَوته وَيسمع الله مِنْهُ بل يكون من جملَة من هُوَ نَازل عَن مرتبتهم كَذَا فِي الْمجمع

قَوْله

[1338]

هَذَا سَالم الخ وَسَالم هَذَا من أفضل الصَّحَابَة وقرائهم وَإِنَّمَا هُوَ مولى امْرَأَة من قُرَيْش وَنسب الى أبي حُذَيْفَة لِأَنَّهُ تبناه وَفِيه جَوَاز اسْتِمَاع المراة قِرَاءَة الرجل الصَّالح (إنْجَاح)

قَوْله

[1339]

حسبتموه يخْشَى الله كَانَ هَذَا مَأْخُوذ من قَوْله لَو خشع قلب هَذَا لخشعت جوارحه أخرجه الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَه صلى الله عليه وسلم حِين رأى رجلا يعبث فِي الصَّلَاة وَقد قيل كل اناء يترشح بِمَا فِيهِ وَفِيه جَوَاز الِاسْتِدْلَال بِظَاهِر الْحَال على مريرة البال وَالله أعلم (إنْجَاح)

قَوْله

[1340]

لله أَشد اذنا الخ أَي مستمعا من اذن يَأْذَن اذنا بِالتَّحْرِيكِ اسْتمع أَي أَشد مُقبلا بالرأفة وَالرَّحْمَة والقنية الْمَرْأَة الْمُغنيَة (إنْجَاح)

قَوْله

[1342]

زَينُوا الْقُرْآن بِأَصْوَاتِكُمْ قيل هُوَ قلب أَي زَينُوا أَصْوَاتكُم بِالْقُرْآنِ بِمَعْنى الهجوا بقرَاءَته وتزينوا بِهِ وَلَيْسَ ذَلِك على تطريب القَوْل والتحزين كَقَوْلِه من لم يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ أَي يلهج بتلاوته كَمَا يلهج سَائِر النَّاس بِالْغنَاءِ والطرب وَقيل لَا قلب بل مَعْنَاهُ الْحَث على ترتيل أَمر بِهِ فَكَانَ الزِّينَة للمرتل لَا لِلْقُرْآنِ كَمَا يُقَال ويل للشعر من رُوَاته السوء فَهُوَ رَاجع الى الرَّاوِي لَا الشّعْر فَكَأَنَّهُ تَنْبِيه للمقصر فِي الرِّوَايَة على اللّحن والتصحيف وَسُوء الْأَدَاء وحث لغيره على التوقي مِنْهُ فَكَذَا هَذَا يدل على مَا يزين من الترتيل والتدبر ومراعاة الاعراب وَقيل أَرَادَ بِالْقُرْآنِ الْقِرَاءَة أَي زَينُوا قراءتكم الْقُرْآن بِأَصْوَاتِكُمْ وَيشْهد لَهُ وان لَا قلب فِيهِ حَدِيث لكل شَيْء حلية وَحلية الْقُرْآن حسن الصَّوْت انْتهى كَذَا فِي الزجاجة

قَوْله

[1345]

فنزلوا الاحلاف الخ أَي نزل أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الاحلاف وهم قوم من ثَقِيف كَذَا فِي الْقَامُوس وَإِنَّمَا نزلوهم على الْمُغيرَة لِأَن الْمُغيرَة هُوَ بن شُعْبَة بن أبي عَامر بن مَسْعُود بن معقب الثَّقَفِيّ كَذَا فِي التَّقْرِيب فَكَانَ نزولهم عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْمُنَاسبَة (إنْجَاح)

قَوْله حَتَّى يراوح الخ أَي يعْتَمد على أحداهما مرّة وعَلى الْأُخْرَى أُخْرَى ليوصل الرَّاحَة الى كل مِنْهُمَا مِصْبَاح الزجاجة

قَوْله قَالُوا ثَلَاث وَخمْس الخ أَي ثَلَاث سور فِي الحزب الأول وَهِي الْبَقَرَة وَآل عمرَان وَالنِّسَاء وَخمْس سور فِي الحزب الثَّانِي وَهِي الْمَائِدَة والانعام والاعراف والانفال والبراءة وَسبع سور فِي الحزب الثَّالِث وَهِي يُونُس وَهود ويوسف ورعد وَإِبْرَاهِيم وَالْحجر والنحل وتسع فِي الرَّابِع وَهِي بني إِسْرَائِيل والكهف وَمَرْيَم وطه والأنبياء وَالْحج والمؤمنون والنور وَالْفرْقَان وَإِحْدَى عشرَة فِي الْخَامِس وَهِي الشُّعَرَاء والنمل والقصص وَالْعَنْكَبُوت وَالروم ولقمان والسجدة والاحزاب وسبأ والفاطر وَيس وَثَلَاث عشرَة فِي السَّادِس وَهِي الصافات وَالصَّاد وَالزمر والحواميم السَّبع وَمُحَمّد وَالْفَتْح والحجرات وحزب الْمفصل وَهُوَ السَّابِع من سُورَة قَاف الى سُورَة النَّاس آخر الْقُرْآن وَهِي المنالز السَّبع الْمَشْهُورَة بفمي بشوق (إنْجَاح)

قَوْله

ص: 95

[1346]

استمتع من قوتي الخ أَي انْتفع فِي زمن قوتي وشبابي فَإِن الشَّيْخ الْكَبِير يكْتب لَهُ مَا كَانَ يعْمل فِي حَال اجْتِهَاده وقوته وَلما علم صلى الله عليه وسلم انه لَا يُطيق ذَلِك بل يقتر ويكسل أَحْيَانًا مَنعه عَن ذَلِك م وَلِأَن الْغَرَض من الْقِرَاءَة الترتيل وتدبر الْمعَانِي كَمَا قَالَ جلّ ذكره ورتل الْقُرْآن ترتيلا وَذَا لَا يحصل بِقِرَاءَة الْقُرْآن فِي لَيْلَة وَاحِدَة كَمَا هُوَ مشَاهد فِي زَمَاننَا فَكَانَ الإكتفاء على رِعَايَة الْحَال أولى 12 إنْجَاح فاقرأه فِي سبع وَفِي البُخَارِيّ وَلَا تزد على ذَلِك قَالَ الْقُسْطَلَانِيّ وَغَيره لَيْسَ النَّهْي للتَّحْرِيم كَمَا ان الْأَمر فِي جَمِيع مَا مر فِي الحَدِيث لَيْسَ للْوُجُوب خلافًا لبَعض الظَّاهِرِيَّة حَيْثُ قَالَ بِحرْمَة قِرَاءَته فِي أقل من ثَلَاث قَالَ النَّوَوِيّ وَأكْثر الْعلمَاء على أَنه لَا تَقْدِير فِي ذَلِك وَإِنَّمَا بِحَسب النشاط وَالْقُوَّة فعلى هَذَا يخْتَلف باخْتلَاف الْأَحْوَال والاشخاص فَمن كَانَ من أهل الْفَهم وتدقيق الْفِكر اسْتحبَّ لَهُ ان يقْتَصر على الْقدر الَّذِي لَا يخل بِهِ الْمَقْصُود من التدبر واستخراج الْمعَانِي وَكَذَا من كَانَ لَهُ شغل بِالْعلمِ أَو غَيره من مهمات الدّين ومصالح الْمُسلمين يسْتَحبّ لَهُ ان يقْتَصر على الْقدر الَّذِي لَا يخل بِمَا هُوَ فِيهِ وَمن لم يكن كَذَلِك فَالْأولى لَهُ الاستكثار مَا أمكنه من غير خُرُوج الى الملال هَذَا كُله من الْفَتْح وَفِي الإتقان قَالَ أَبُو اللَّيْث فِي الْبُسْتَان يَنْبَغِي للقاري ان يخْتم فِي السّنة مرَّتَيْنِ ان لم يقدر على الزِّيَادَة وَقد روى الْحسن بن زِيَاد عَن أبي حنيفَة انه قَالَ من قَرَأَ الْقُرْآن فِي كل سنة مرَّتَيْنِ فقدأدى حَقه لِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَرَأَ على جِبْرَائِيل عليه السلام فِي السّنة الَّتِي قبض فِيهَا مرَّتَيْنِ وَقَالَ غَيره وَيكرهُ تَأْخِير خَتمه أَكثر من أَرْبَعِينَ يَوْمًا نَص عَلَيْهِ أَحْمد انْتهى

قَوْله

[1347]

لم يفقه الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ أَي لم يفهم ظَاهر مَعَانِيه وَأما فهم دقائقه فَلَا يَفِي بِهِ الاعمار وَالْمرَاد نفي الْفَهم لَا نفي الثَّوَاب وَقَالَ الشَّيْخ ظَاهره الْمَنْع من ختم الْقُرْآن فِي أقل من هَذِه الْمدَّة وَلَكنهُمْ قَالُوا قد اخْتلفت عادات السّلف فِي مُدَّة الْخَتْم فَمنهمْ من كَانَ يخْتم فِي كل شَهْرَيْن ختمة وَآخَرُونَ فِي كل شهر وَفِي كل عشر وَفِي اسبوع الى أَربع وكثيرون فِي ثَلَاث وكثيرون فِي يَوْم وَلَيْلَة وَجَمَاعَة ثَلَاث ختمات فِي يَوْم وَلَيْلَة وَختم بعض ثَمَانِي ختمات فِي يَوْم وَلَيْلَة وَالْمُخْتَار أَنه يكره التَّأْخِير فِي الختمة أَكثر من أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَكَذَا التَّعْجِيل من ثَلَاثَة أَيَّام وَالْأولَى أَن يخْتم فِي الاسبوع وَالْحق أَن ذَلِك يخْتَلف باخْتلَاف الْأَشْخَاص انْتهى

قَوْله

[1350]

ان تُعَذبهُمْ الخ هَذِه الْآيَة من قَول عِيسَى عليه السلام فِي حق قومه وَكَأَنَّهُ عرض رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَال أمته على الله سُبْحَانَهُ واستغفر لَهُم لمعات

قَوْله

[1354]

رُبمَا جهر الخ فَيجوز كل من الامرين وَاخْتلفُوا فِي الْأَفْضَل خَارج الصَّلَاة وَرجح كلا الطَّائِفَة والمختاران مَا كَانَ اوفر فِي الْخُشُوع وَأبْعد عَن الرِّيَاء فَهُوَ أفضل

قَوْله

ص: 96

[1355]

إِذا تهجد من اللَّيْل فِي الْقَامُوس الهجود النّوم كالتهجد وهجدوته جد اسْتَيْقَظَ ضِدّه غلب فِي الصَّلَاة بِاللَّيْلِ وَقيل التَّهَجُّد بِمَعْنى ترك الهجود والتجنب عَنهُ كالتاثم بِمَعْنى التجنب عَن الْإِثْم وَقَوله أَنْت نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض قَالَ الطَّيِّبِيّ أَي منورهما يَعْنِي كل شَيْء استنار مِنْهَا واستضاء فبقدرتك ووجودك والاجرام النيرة بَدَائِع فطرتك والحواس وَالْعقل خلقك وعطيتك وَقَالَ الشَّيْخ أَي منورهما وهادي أهلهما وَقيل أَنْت المنزه عَن كل عيب يُقَال فلَان منور أَي مبرأ من كل عيب وَقيل هُوَ اسْم مدح يُقَال فلَان نور الْبَلَد أَي مزينه كَذَا فِي بعض الشُّرُوح وَعند أهل التَّحْقِيق هُوَ مَحْمُول على ظَاهره والنور عِنْدهم هُوَ الظَّاهِر بِنَفسِهِ والمظهر لغيره وَقَوله أَنْت قيام الخ الْقيام والقيم والقيوم بِمَعْنى الدَّائِم الْقَائِم بتدبير الْخلق الْمُعْطِي لَهُم مَا بِهِ قوامهم أَو الْقَائِم بِنَفسِهِ الْمُقِيم لغيره وروى بالألفاظ الثَّلَاثَة وَقَوله وَمن فِيهِنَّ التَّخْصِيص بالعقلاء لشرفهم وللاهتمام بِذكر قيوميته لَهُم لِأَن وجود الْعقل رُبمَا يُوهم بقيامهم بِأَنْفسِهِم وتدبيرهم لَهُم وَقَوله أَنْت الْحق أَي الْمُحَقق الْمَوْجُود الثَّابِت بِلَا توهم عدم وَقَوله وَوَعدك الْحق الْحصْر للْمُبَالَغَة وَهَذِه النُّكْتَة تجْرِي فِي قَوْله وقولك حق لَكِن وعده سُبْحَانَهُ لما تضمن أُمُور عَجِيبَة لَا تتناهى من نعيم الْجنَّة ورؤية وَجهه الْكَرِيم خص الْمُبَالغَة بِهِ وَقَوله ولقاؤك حق أَي المصيرة الى الْآخِرَة وَقيل رؤيتك وَقد يُرَاد بِهِ الْمَوْت لكَونه وَسِيلَة الى اللِّقَاء وَقَوله أسلمت أَي خضعت واستسلمت وَإِلَيْك انبت أَي رجعت فِي جَمِيع اموري فِي الظَّاهِر وَالْبَاطِن وَالتَّوْبَة والانابة كِلَاهُمَا بِمَعْنى الرُّجُوع ومقام الانابة أَعلَى وَأَرْفَع وَقَوله وَبِك خَاصَمت أَي بحجتك وقوتك ونصرتك خَاصَمت الْأَعْدَاء وَقَوله إِلَيْك حاكمت أَي رفعت أَمْرِي إِلَيْك فَلَا حكم الا لَك والمحاكمة رفع الْأَمر الى القَاضِي وَقَوله وَلَا إِلَه غَيْرك تَأْكِيد وتصريح بِنَفْي الوهية الْغَيْر بَعْدَمَا علم من حصر الالوهية فِيهِ سُبْحَانَهُ لمعات

[1359]

ثَلَاث عشرَة رَكْعَة ورد فِي هَذَا الْبَاب رِوَايَات مُخْتَلفَة قَالَ الْقُسْطَلَانِيّ أَي تَارَة سبع رَكْعَات وَتارَة تسع رَكْعَات وَتارَة إِحْدَى عشرَة رَكْعَة بِحَسب اتساع الْوَقْت وتضييقة أَو عذر من مرض وَغَيره أَو كبر سنّ

قَوْله

[1361]

مِنْهَا ثَمَان الخ أَي للتهجد سور الْوتر ويوتر بِثَلَاث وَرَكْعَتَيْنِ بعد الْفجْر هما سنة الْفجْر (إنْجَاح)

قَوْله

[1362]

عتبته الخ العتبة محركة اسكفة الْبَاب والعليا مِنْهَا والفسطاط الخباء وَنَحْوهَا كَذَا فِي الْقَامُوس (إنْجَاح)

قَوْله خفيفتين لعلهما رَكعَتَا الْوضُوء وَيسْتَحب فِيهَا التَّخْفِيف لوُرُود الاخبار بِهِ فعلا وقولا لمعات

قَوْله

[1363]

فَوضع الخ قَالَ فِي شرح السّنة فِي الحَدِيث فَوَائِد مِنْهَا جَوَاز الصَّلَاة نَافِلَة بِالْجَمَاعَة وَمِنْهَا جَوَاز الْعَمَل الْيَسِير فِي الصَّلَاة وَفِي الْهِدَايَة وان صلى خَلفه أَو يسَاره جَازَ وَهُوَ مسيئ وَأورد عَلَيْهِ كَيفَ النَّفْل بِجَمَاعَة وَهُوَ بِدعَة أُجِيب بِأَنَّهُ إِذا كَانَ بِلَا اذان وَإِقَامَة بِوَاحِد أَو اثْنَيْنِ يجوز على انا نقُول كَانَ التَّهَجُّد عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فرضا فَهُوَ اقْتِدَاء المتنفل بالمفترض (مرقاة)

قَوْله

[1364]

اللَّيْل الْأَوْسَط بَيَان للجوف وَهُوَ بِعَيْنِه جَوف اللَّيْل وَهَذَا لَا يُنَافِي الحَدِيث الَّاتِي بنزول الرب تبارك وتعالى حِين يبْقى ثلث اللَّيْل الاخر لَان الْجوف يُطلق على مَا بَين المبتداء والمنتهى فوسط اللَّيْل النّصْف الْأَوْسَط مثلا وَالثلث الاخر أفضل سَاعَات تِلْكَ الْجوف فَإِن بعض سَاعَة أفضل من بعض وَذَلِكَ حِين النُّزُول (إنْجَاح)

قَوْله

[1366]

ينزل رَبنَا النُّزُول والصعود والحركات من صِفَات الْأَجْسَام وَالله تَعَالَى متعال عَنهُ وَالْمرَاد نزُول الرَّحْمَة وقربه تَعَالَى من الْعباد بانزال الرَّحْمَة وافاضة الْأَنْوَار وَإجَابَة الدَّعْوَات واعطاء الْمسَائِل ومغفرة الذُّنُوب وَعند أهل التَّحْقِيق النُّزُول صفة الرب تَعَالَى وتقدس يتجلى بهَا فِي هَذَا الْوَقْت يُؤمن بهَا ويكف عَن التَّكَلُّم بكيفيتها كَمَا هُوَ حكم سَائِر الصِّفَات المتشابهات مِمَّا ورد فِي الشَّرْع كالسمع وَالْبَصَر وَالْيَد والاستواء وَنَحْوهَا وَهَذَا هُوَ مَذْهَب السّلف وَهُوَ أسلم والتأويل طَريقَة الْمُتَأَخِّرين وَهُوَ أحكم وَبِالْجُمْلَةِ هُوَ وَقت جعله الله تَعَالَى مَحل ظُهُور الاسرار وهبوط الْأَنْوَار كَمَا يجده أهل الذَّوْق والعرفان لمعات

قَوْله ينزل رَبنَا الخ قَالَ النَّوَوِيّ فِيهِ مذهبان مشهوران للْعُلَمَاء ومختصرهما ان أَحدهمَا وَهُوَ مَذْهَب جُمْهُور السّلف وَبَعض الْمُتَكَلِّمين انه يُؤمن بِأَنَّهَا حق على مَا يَلِيق بِاللَّه تَعَالَى وان ظَاهرهَا الْمُتَعَارف فِي حَقنا غير مُرَاد وَلَا يتَكَلَّم فِي تَأْوِيلهَا مَعَ اعْتِقَاد تَنْزِيه الله تَعَالَى عَن صِفَات الْمَخْلُوق وَعَن الِانْتِقَال والحركات وَسَائِر سمات الْخلق وَالثَّانِي مَذْهَب أَكثر الْمُتَكَلِّمين وجماعات من السّلف وَهُوَ محكي هُنَا عَن مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ انها تتَنَاوَل على مَا يَلِيق بهَا بِحَسب مواطنها فعلى هَذَا تأولوا هَذَا الحَدِيث تأويلين أَحدهمَا تَأْوِيل مَالك بن أنس وَغَيره مَعْنَاهُ تنزل رَحمته وَأمره أَو مَلَائكَته كَمَا يُقَال فعل السُّلْطَان كَذَا إِذا فعله اتِّبَاعه بأَمْره وَالثَّانِي أَنه على الِاسْتِعَارَة وَمَعْنَاهُ الإقبال على الداعين بالإجابة واللطف وَالله أعلم

قَوْله حِين يبْقى ثلث اللَّيْل الاخر وَفِي رِوَايَة لمُسلم حِين يمْضِي ثلث اللَّيْل الأول وَفِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة فِي بن ماجة إِذا ذهب من اللَّيْل نصفه أَو ثُلُثَاهُ قَالَ القَاضِي عِيَاض الصَّحِيح رِوَايَة حِين يبْقى ثلث اللَّيْل الْآخِرَة كَذَا قَالَه شُيُوخ الحَدِيث وَهُوَ الَّذِي تظاهرت عَلَيْهِ الاخبار بِلَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ قَالَ وَيحْتَمل ان يكون النُّزُول بِالْمَعْنَى المُرَاد بعد الثُّلُث الأول وَقَول من يسألني بعد الثُّلُث الْأَخير هَذَا كَلَام القَاضِي قلت وَيحْتَمل ان يكون النَّبِي صلى الله عليه وسلم أعلم بِأحد الْأَمريْنِ فِي وَقت فَأخْبر بِهِ ثمَّ أعلم بالاخر فِي وَقت اخر فَاعْلَم وَسمع أَبُو هُرَيْرَة الْخَبَرَيْنِ فنقلهما جَمِيعًا وَسمع أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ خبر الثُّلُث الأول فَقَط فَأخْبر بِهِ مَعَ أبي هُرَيْرَة كَمَا ذكره مُسلم فِي الرِّوَايَة الْأَخِيرَة وَهَذَا ظَاهر وَفِيه

رد لما أَشَارَ اليه القَاضِي من تَضْعِيف رِوَايَة الثُّلُث الأول وَكَيف يضعفها وَقد رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه بِإِسْنَاد وَلَا مطْعن فِيهِ عَن صحابيين أبي سعيد وَأبي هُرَيْرَة (نووي)

قَوْله

[1367]

ان الله يُمْهل أَي يُمْهل النائمين والشاغلين لكَي يستريحوا من تَعب النَّهَار كَأَنَّهُ أَشَارَ صلى الله عليه وسلم الى أَن أول اللَّيْل صَالح للتجلي وَالنُّزُول وَلكنه تَعَالَى يمهلهم فِي ذَلِك الْوَقْت لهَذَا الْمَعْنى (إنْجَاح)

قَوْله

ص: 97

[1370]

فيسب نَفسه أَي إِذا دَعَا لنَفسِهِ فَهُوَ لَا يعقل يَدْعُو على نَفسه كَذَا فِي اللمعات وَقَالَ بن الْملك أَي يقْصد أَن يسْتَغْفر لنَفسِهِ بِأَن يَقُول اللَّهُمَّ اغْفِر مثلا فيسب نَفسه بَان يَقُول اللَّهُمَّ اعفر والعفر التُّرَاب فَيكون دُعَاء عَلَيْهِ بالذل والهوان

[1371]

فليقعد أَي عَن الْقيام بِالْعبَادَة الْحَاصِل أَن سالك طَرِيق الْآخِرَة يَنْبَغِي أَن يجْتَهد فِي الْعِبَادَة من الصَّلَاة وَغَيرهَا بِقدر الطَّاقَة ويختار سَبِيل الاقتصاد فِي الطَّاعَة ويحترز عَن السلوك على وَجه السامة والملالة فَإِن الله لَا يَنْبَغِي أَن يُنَاجِي عَن ملالة وكسالة وَإِذا فتر وَضعف وَقعد عَن الْقيام واشتغل بِنَوْع من الْمُبَاحَات من الْكَلَام والمنام على قصد حُصُول النشاط فِي الْعِبَادَة فَإِنَّهُ يعد طَاعَة وَإِن كَانَ من الْعَادة وَلذَا قيل نوم الْعَالم عبَادَة (مرقاة)

قَوْله

[1372]

فاستعجم فِي الْقَامُوس استعجم الْقُرْآن أَو الْقِرَاءَة لم يقدر عَلَيْهَا الْغَلَبَة النعاس (إنْجَاح)

قَوْله

[1374]

من صلى الخ ضعف التِّرْمِذِيّ هَذَا الحَدِيث من جِهَة عمر بن أبي خثعم قَالَ ميرك نَاقِلا عَن التَّصْحِيح وَالْعجب من مُحي السّنة كَيفَ سكت عَلَيْهِ وَهُوَ ضَعِيف بِإِجْمَاع أهل الحَدِيث قلت يُنَافِيهِ مَا رَوَاهُ بن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه مَعَ أَنهم اجْمَعُوا على جَوَاز الْعَمَل بِالْحَدِيثِ الضَّعِيف فِي فَضَائِل الْأَعْمَال قَالَ ميرك وَعَن مُحَمَّد بن عمار بن يَاسر يُصَلِّي بعد الْمغرب سِتّ رَكْعَات وَقَالَ رَأَيْت حَبِيبِي الرَّسُول صلى الله عليه وسلم صلى بعد الْمغرب سِتّ رَكْعَات وَقَالَ من صلى بعد الْمغرب سِتّ رَكْعَات غفر لَهُ ذنُوبه وان كَانَت مثل زبد الْبَحْر حَدِيث غَرِيب رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الثَّلَاثَة (مرقاة)

قَوْله

[1377]

لَا تَتَّخِذُوا الخ أَي لَا تجعلوها كالقبور فَلَا تصلوها فِيهَا كالميت لَا يُصَلِّي فِي قَبره وَأَيْضًا من لَا يذكر الله كالميت وبيته كالقبر لَهُ وَقيل لَا تجعلوها كمقابر لَا يجوز فِيهَا الصَّلَاة وَالْأول أوجه إِذا الْمُنَاسب على الثَّانِي الْمَقَابِر لَا الْقُبُور وَكَذَا فِي الْمجمع هَذَا يدل على أَفضَلِيَّة النَّوَافِل فِي الْبَيْت مُطلقًا قَالَه الْقُسْطَلَانِيّ وَفِي حَاشِيَة الْهِدَايَة من جَامع الصَّغِير أَن صلى الْمغرب فِي الْمَسْجِد صلى السّنة فِيهِ وان خَافَ الشّغل بعد الرُّجُوع الى الْبَيْت وان لم يخف ذَلِك فَالْأَفْضَل أَن يكون فِي الْبَيْت انْتهى وَمَا ورد عَنهُ صلى الله عليه وسلم انه كَانَ يُطِيل الْقِرَاءَة فِي الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْمغرب حَتَّى يتفرق أهل الْمَسْجِد رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَيحمل على بَيَان الْجَوَاز لمعات

قَوْله

[1379]

غير أم هَانِئ أَي بنت أبي طَالب وَاسْمهَا فاخته قَالَ بن بطال لَا حجَّة فِي هَذَا القَوْل وَيرد عَلَيْهِ مَا روى عَنهُ صلى الله عليه وسلم صلى الضُّحَى وَأمر بصلاتها من طرق صَحِيحَة هَذَا مَا ذكره الْعَيْنِيّ وَأورد خَمْسَة وَعشْرين طَرِيقا فِي ثُبُوته

قَوْله

[1381]

نعم أَرْبعا أَي لَا ينقص عَن أَربع وَفِي الاحياء انه يَنْبَغِي ان يقْرَأ فِيهَا وَالشَّمْس وَاللَّيْل وَالضُّحَى والانشراح وروى عَن عَائِشَة فِي هَذَا الْبَاب أَحَادِيث مُخْتَلفَة فِي التِّرْمِذِيّ عَن عبد الله بن شَقِيق قَالَ قلت لعَائِشَة أَكَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الضُّحَى قَالَت لَا الا ان يَجِيء من مغيبة أَي سَفَره فمرادها من النَّفْي عدم المداومة كَمَا حكى النَّوَوِيّ فِي الْخُلَاصَة عَن الْعلمَاء ان معنى قَول عَائِشَة مَا رَأَيْته يسبح سبْحَة الضُّحَى أَي لم يداوم عَلَيْهَا وَكَانَ يُصليهَا فِي بعض الْأَوْقَات فَتَركهَا خشيَة أَن يفْرض وَبِهَذَا يجمع بَين الْأَحَادِيث وَكَذَا أَقُول بن عمر أَنَّهَا محدثة وَأَنَّهَا لمن أحسن مَا أَحْدَثُوا أجَاب القَاضِي عَنهُ أَنَّهَا بِدعَة أَي ملازمتها مرقاة وعيني مُخْتَصرا

قَوْله

[1383]

اني استخيرك الخ أَي اطلب مِنْك بَيَان مَا هُوَ خير لي بعلمك الْبَاء فِيهِ وَفِي قَوْله بقدرتك للتَّعْلِيل أَي بانك اعْلَم واقدر قَوْله واستقدرك أَي اطلب مِنْك ان تجْعَل لي قدرَة عَلَيْهِ وَأَسْأَلك من فضلك الْعَظِيم إِذْ كل عطاءك فضل لَيْسَ لأحد عَلَيْك حق فِي نعْمَة وَأَنت علام الغيوب استأثرت بهَا لَا يعلمهَا غَيْرك الا من ارتضيته عَيْني مُخْتَصرا

قَوْله

ص: 98

[1385]

اللَّهُمَّ اني أَسأَلك الخ هَذَا الحَدِيث أخرج النَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ فِي الدَّعْوَات مَعَ اخْتِلَاف يسير وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حسن صَحِيح وَصَححهُ الْبَيْهَقِيّ وَزَاد فَقَامَ وَقد أبْصر وَفِي رِوَايَة فَفعل الرجل فَيرى ذكر شَيخنَا عَابِد السندي فِي رسَالَته والْحَدِيث يدل على جَوَاز التوسل والاستشفاع بِذَاتِهِ المكرم فِي حَيَاته وَأما بعد مماته فقد روى الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن عُثْمَان بن حنيف الْمُقدم ان رجلا كَانَ يخْتَلف الى عُثْمَان بن عَفَّان رض فِي حَاجَة لَهُ فَكَانَ لَا يلْتَفت اليه وَلَا ينظر فِي حَاجته فلقي بن حنيف فَشكى اليه ذَلِك فَقَالَ لَهُ بن حنيف ائْتِ الْمِيضَاة فَتَوَضَّأ ثمَّ ائْتِ الْمَسْجِد فصل رَكْعَتَيْنِ ثمَّ قل اللَّهُمَّ اني أَسأَلك واتوجه إِلَيْك بنبينا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم بني الرَّحْمَة يَا مُحَمَّد إِنِّي اتوجه إِلَيْك الى رَبك فتقضي حَاجَتي وتذكر حَاجَتك فَانْطَلق الرجل فَصنعَ مَا قَالَ ثمَّ أَتَى بَاب عُثْمَان فجَاء البواب حَتَّى أَخذه بِيَدِهِ فَأدْخلهُ على عُثْمَان فأجلسه مَعَه على الطنفسة فَقَالَ حَاجَتك فَذكر حَاجته فقضاها لَهُ ثمَّ قَالَ مَا ذكرت حَاجَتك حَتَّى كَانَ السَّاعَة وَقَالَ مَا كَانَت لَك من حَاجَة فاذكرها ثمَّ ان الرجل خرج من عِنْده فلقي بن حنيف الْبَقِيَّة ص 99 وَلَا يلْتَفت الي حَتَّى كَلمته فِي فَقَالَ بن حنيف وَالله مَا كَلمته وَلَكِنِّي شهِدت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم واتاه ضَرِير فَشكى اليه ذهَاب بَصَره فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَو تصبر فَقَالَ يَا رَسُول الله لَيْسَ لي قَائِد وَقد شقّ عَليّ فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم ايت الْمِيضَاة وَتَوَضَّأ ثمَّ صل رَكْعَتَيْنِ ثمَّ ادْع بِهَذِهِ الدَّعْوَات قَالَ بن حنيف فوَاللَّه مَا تفرقنا وَلَا طَال بِنَا الحَدِيث حَتَّى دخل علينا الرجل كَأَن لم يكن بِهِ ضَرَر قطّ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من طَرِيقين نَحوه وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والمتوسط بِسَنَد فِيهِ روح بن صَلَاح وثقة بن حبَان وَالْحَاكِم وَفِيه ضعف وَبَقِيَّة رِجَاله رجال الصَّحِيح وَقد كتب شَيخنَا الْمَذْكُور رِسَالَة مُسْتَقلَّة فِيهَا التَّفْصِيل من أَرَادَ فَليُرَاجع إِلَيْهَا وَذكر فِيهَا حَدِيث الْبَيْهَقِيّ وَابْن أبي شيبَة عَن مَالك الدَّار قَالَ أصَاب النَّاس قحط فِي زمَان عمر بن الْخطاب فجَاء رجل الى قبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله استسق الله لامتك فَإِنَّهُم قد هَلَكُوا فَأَتَاهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي مَنَامه فَقَالَ ائْتِ عمر فاقرأه السَّلَام وَأخْبرهُ والقصة مَذْكُورَة فِي الِاسْتِيعَاب لِابْنِ عبد الْبر والمسئلة الْمَذْكُورَة قد

شغفت فِيهَا النَّاس فِي زَمَاننَا وفيهَا تَفْصِيل حسن وَلَكِن لَا يَلِيق بِهَذَا الْمقَام والْحَدِيث مَا قل وَكفى خير مِمَّا كثر والهى انجاح الحا مُتَعَلقَة ص 99

قَوْله

[1386]

الا احبوك أَي الا اعطيك من حبا يحبو إِذا أعطَاهُ والحباء الْعَطِيَّة وَقَوله رمل عالج بالتوصيف وَهُوَ مَا تراكم من الرمل وَدخل بعضه فِي بعض كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح)

قَوْله تقْرَأ فِي كل رَكْعَة الخ قَالَ بن الْملك هَذَا الحَدِيث يدل على ان التَّسْبِيح بعد الْقِرَاءَة وَبِه اخذ أَئِمَّتنَا وَكَانَ عبد الله بن الْمُبَارك يسبح قبل الْقِرَاءَة خمس عشرَة مرّة ثمَّ بعد الْقِرَاءَة عشرا وَلَا يسبح بعد الرّفْع من السَّجْدَتَيْنِ وَالْبَاقِي كَمَا فِي الحَدِيث وَيَنْبَغِي للمتعبدان يعْمل بِحَدِيث بن عَبَّاس تَارَة وبعمل بن الْمُبَارك أُخْرَى وَهِي ان يَفْعَلهَا بعد الزَّوَال قبل الظّهْر وان يقْرَأ فِيهَا تَارَة بالزلزلة وَالْعَادِيات وَالْفَتْح الْإِخْلَاص وان يكون دُعَائِهِ بعد التَّشَهُّد قبل السَّلَام ثمَّ يسلم وَيَدْعُو لِحَاجَتِهِ فَفِي كل شَيْء ذكرته وَردت السّنة وَاخْتلف المتقدمون والمتأخرون فِي تَصْحِيح هَذَا الحَدِيث فصححه بن خُزَيْمَة وَالْحَاكِم وَحسنه جمَاعَة قَالَ الْعَسْقَلَانِي هَذَا حَدِيث حسن وَقد أَسَاءَ بن الْجَوْزِيّ بِذكرِهِ فِي الموضوعات هَذَا كُله ملتقط من الْمرقاة

قَوْله

[1387]

الا افْعَل لَك عشر خِصَال الخ المُرَاد بهَا أَنْوَاع الذُّنُوب المتعددة بقوله أَوله وَآخره الى قَوْله سره وعلانيته وَالتَّقْدِير افْعَل لَك وَاعْلَم لَك بِمَا يكفر عشر خِصَال وَقيل المُرَاد بهَا التسبيحات فَإِنَّهَا فِيمَا سوى الْقيام عشرا عشرا وَالْمعْنَى افْعَل لَك امرك بهَا كَذَا ذكره الشَّيْخ (إنْجَاح)

قَوْله

[1389]

اكنت تَخَافِينَ ان يَحِيف الله الخ الحيف الظُّلم يَعْنِي اظننت اني ظلمتك بِجعْل نوبتك لغيرك وَهَذَا منَاف لمن تصدى بِمنْصب الرسَالَة وَقَوْلها قد قلت وَمَا بِي ذَلِك أَي لَيْسَ يَلِيق بشأني ان انسبك الى الحيف وَالظُّلم وَلَكِن ذهابك الى بعض نِسَائِك لَيْسَ بحيف وظلم حَقِيقَة لِأَن الْقِسْمَة بَينهُنَّ مَا كَانَت عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم بواجبه لقَوْله تَعَالَى ترجى من تشَاء مِنْهُنَّ وتووى إِلَيْك من تشَاء الى آخر الْآيَة انجاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي عَم فيضه

قَوْله

ص: 99

[1390]

أَو مُشَاحِن قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ المعادي قَالَ الْأَوْزَاعِيّ أَرَادَ بالمشاحن هُنَا صَاحب بِدعَة مفارق جمَاعَة وَلَعَلَّ المُرَاد مَا يَقع بَين الْمُسلمين من النَّفس الامارة لَا للدّين (زجاجة)

[1392]

فَخر سَاجِدا قد اخْتلف الْعلمَاء فِي السَّجْدَة المنفردة خَارج الصَّلَاة هَل هِيَ جَائِزَة ومسنونة وَعبادَة مُوجبَة للتقرب الى الله أم لافقال بَعضهم بِدعَة حرَام وَلَا أصل لَهَا فِي الشَّرْع وعَلى هَذَا يثبتون حُرْمَة السَّجْدَة بعد الْوتر وَمَا جَاءَ فِي الحَدِيث ان رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يُطِيل السُّجُود للدُّعَاء المُرَاد بهَا السَّجْدَة الصلواتية كَمَا يفهم من سِيَاق تِلْكَ الْأَحَادِيث صَرِيحًا وَعند بَعضهم جَائِزَة مسنونة وَنقل عَن بعض الْحَنَفِيَّة أَنَّهَا جَائِزَة مَعَ الْكَرَاهَة وَاسْتدلَّ المجوزون بِحَدِيث عَائِشَة فِي صَلَاة اللَّيْل قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي إِحْدَى عشرَة رَكْعَة يسلم من كل رَكْعَتَيْنِ ويوتر بِوَاحِدَة فَيسْجد السَّجْدَة من ذَلِك قدر مَا يقْرَأ أحدكُم خمسين آيَة قبل أَن يرفع رَأسه قَالُوا المُرَاد انه كَانَ يسْجد شكرا لتوفيقه بذلك هَذَا الْمِقْدَار وَمن فِي من ذَلِك تعليلية وَالْفَاء فِي فَيسْجد للتعقيب وَهَذَا الِاسْتِدْلَال ضَعِيف وَالظَّاهِر الْمُتَبَادر من تبعيضية وَالْفَاء لتفصيل الْإِجْمَال وَالْمرَاد بِالسَّجْدَةِ جِنْسهَا يَعْنِي كَانَ يُطِيل السُّجُود فِي الْوتر كَذَا قَالَ الطَّيِّبِيّ وتفصيل الْكَلَام ان السَّجْدَة خَارج الصَّلَاة على عدَّة أَقسَام أَحدهَا سَجْدَة السَّهْو وَهُوَ فِي حكم سَجْدَة الصَّلَاة وَثَانِيها سَجْدَة التِّلَاوَة وَلَا خلاف فِيهَا وَثَالِثهَا سَجْدَة الْمُنَاجَاة بعد الصَّلَاة وَظَاهر كَلَام الْأَكْثَرين انها مَكْرُوهَة وَرَابِعهَا سَجْدَة الشُّكْر على حُصُول نعْمَة واندفاع بلية وفيهَا اخْتِلَاف فَعِنْدَ الشَّافِعِي وَأحمد سنة وَهُوَ قَول مُحَمَّد وَالْأَحَادِيث والاثار فِي ذَلِك كَثِيرَة وَعند أبي حنيفَة وَمَالك لَيْسَ بِسنة بل هِيَ مَكْرُوهَة وهم يَقُولُونَ ان المُرَاد بِالسَّجْدَةِ الْوَاقِعَة فِي تِلْكَ الْأَحَادِيث والاثار الصَّلَاة عبر عَنْهَا بِالسَّجْدَةِ وَهُوَ كثير اطلاقا للجزء على الْكل أَو هُوَ مَنْسُوخ وَقَالُوا نعم الله لَا تعد وَلَا تحصى وَالْعَبْد عَاجز عَن أَدَاء شكرها فالتكليف بهَا وَلَو كَانَ بطرِيق السّنة والاستحباب يُؤَدِّي الى التَّكْلِيف بِمَا لَا يُطَاق هَذَا وَلَكِن العاملين بِهِ يُرِيدُونَ النعم الْعَظِيمَة الَّتِي تحدث نَادرا ينتظرها أَو لَا ينتظرها وَكَذَلِكَ وَقع فِي السّنة لأكل نعْمَة مثل الْوُجُود ولوازمه الدائمة الثَّابِتَة وَمَا وَقع ذَلِك من بعض الْخُلَفَاء الرَّاشِدين بعده صلى الله عليه وسلم يبطل القَوْل بالنسخ كَمَا روى عَن أبي بكر الصّديق بعد وُصُول من قتل مُسَيْلمَة الْكذَّاب وَعَن عَليّ بقتل ذِي الثدية الْخَارِجِي رَئِيس الْخَوَارِج وَعَن كَعْب بن مَالك لبشارة

قبُول تَوْبَته الَّذِي تخلف عَن غَزْوَة تَبُوك لمعات

قَوْله

[1396]

عَن سُفْيَان بن عبد الله فِي بعض الْحَوَاشِي صَوَابه سُفْيَان بن عبد الرَّحْمَن قَالَه الْبَاجِيّ وَكَذَا قَالَ فِي الْأَطْرَاف وَالصَّوَاب عَن سُفْيَان بن عبد الرَّحْمَن كَمَا فِي حَدِيث قُتَيْبَة (إنْجَاح)

قَوْله غَزْوَة السلَاسِل الخ السلَاسِل هُوَ رمل ينْعَقد بعضه على بعض كَذَا فِي الْقَامُوس وَهَذِه الْغَزْوَة كَانَ فِي زمن مُعَاوِيَة وَلَيْسَت هَذِه الْغَزْوَة غَزْوَة عمر بن الْعَاصِ لِأَنَّهَا كَانَت فِي زَمَنه صلى الله عليه وسلم سنة ثَمَان وَقَوله فرابطوا المرابطة ربط الْخَيل فِي الثغور مُقَابل الْعد وَكَذَا فِي الْقَامُوس وَقَوله فاتنا الْغَزْوَة الخ لَعَلَّ فَوت الْغَزْوَة كَانَ بِسَبَب الْقُصُور مِنْهُم وَلِهَذَا تدارك عَاصِم بِالْعَمَلِ الصَّالح بعْدهَا والا فَلَيْسَ فِيهِ مَعْصِيَته أصلا وان لم يكن لَهُ عذر وَقَوله فِي الْمَسَاجِد الْأَرْبَعَة وَهِي الْمَسْجِد الْحَرَام وَالْمَسْجِد النَّبَوِيّ وَالْمَسْجِد الْأَقْصَى وَمَسْجِد القباء (إنْجَاح)

قَوْله

[1398]

طرفِي النَّهَار قَالُوا المُرَاد بطرفي النَّهَار صَلَاة الْفجْر وَالظّهْر إِذْ هما فِي الطّرف الأول من الْيَوْم وَالْعصر وَالْمغْرب إِذْ هما فِي الطّرف الثَّانِي مِنْهُ وَجعل الْمغرب فِيهِ تَغْلِيب إِذْ هُوَ مجَاز الْمُجَاورَة وَفسّر صَاحب الْكَشَّاف وَتَبعهُ الْبَيْضَاوِيّ طرفِي النَّهَار بالغدوة والعشية وَفسّر صَلَاة الغدوة بِصَلَاة الصُّبْح وَصَلَاة العشية بالمغرب وَالْعشَاء وَلَكِن الْبَيْضَاوِيّ خص صَلَاة العشية بالعصر وَصَاحب الْكَشَّاف فَسرهَا بِالظّهْرِ وَالْعصر لِأَن مَا بعد الزول عشى وعَلى قَول الْبَيْضَاوِيّ لَا يَشْمَل الْآيَة الصَّلَوَات الْخمس وَلَا بَأْس بِهِ وَزلفًا من اللَّيْل بِضَم الزَّاي وَفتح اللَّام جمع زلفة بِسُكُون اللَّام كالظلم فِي ظلمَة من ازلفه إِذا قربه وَالْمرَاد بِهِ السَّاعَات لِأَنَّهَا يقرب بَعْضهَا مَعَ بعض وَلِأَنَّهَا يقرب من النَّهَار لمعات

قَوْله

[1399]

فَوضع عني شطرها وَبعده فراجعت رَبِّي فَقَالَ هِيَ خمس وَهِي خَمْسُونَ وَهَذَا الْمَذْكُور هَهُنَا لَا يُخَالف مَا فِي رِوَايَة الْمُسلم عَن أنس بن مَالك فحط عني خمْسا الى آخِره فَالْمُرَاد بحط الشّطْر هَهُنَا أَنه حط مَرَّات بمراجعات فَهَذَا هُوَ الظَّاهِر وَقَالَ القَاضِي عِيَاض المُرَاد بالشطر هَهُنَا الْجُزْء وَهُوَ الْخمس وَلَيْسَ المُرَاد بِهِ النّصْف وَهَذَا الَّذِي قَالَه مُحْتَمل وَلَكِن لَا ضَرُورَة اليه فَإِن هَذَا الحَدِيث أَي حَدِيث الْكتاب مُخْتَصر لم يذكر فِيهِ كرات الْمُرَاجَعَة وَالله أعلم وَاحْتج الْعلمَاء بِهَذَا الحَدِيث على جَوَاز نسخ الشَّيْء قبل فعله كَذَا فِي النَّوَوِيّ

قَوْله

[1400]

فنازل أَي النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَعْنِي طلب النُّزُول والانحطاط وراجع وسال مرّة بعد أُخْرَى عَن ربكُم وَفِي بعض الْحَوَاشِي أورد الحَدِيث فِي الْأَطْرَاف عَن بن ماجة فِي مُسْند بن عَبَّاس ثمَّ قَالَ كَذَا قَالَ وَالصَّوَاب عَن بن عمر (إنْجَاح)

قَوْله

ص: 100

[1401]

عَن المخدجي ذكر فِي التَّقْرِيب هُوَ مزابي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة قَالَ رَاوِي حَدِيث الْوتر عَن عبَادَة بن الصَّامِت قيل اسْمه رفيع وَغير ذَلِك (إنْجَاح)

قَوْله عهد أَي وعد والعهد حفظ الشَّيْء مراعاته حَالا فحالا سمى مَا كَانَ من الله تَعَالَى عهدا مجَازًا وَلِأَنَّهُ وعد القائمين بِحِفْظ عَهده ان لَا يعذبهم ووعده حقيق بِأَن لَا يخلفه فَسمى وعده عهدا لِأَنَّهُ أوثق من كل وعد (مرقاة)

قَوْله عهدا قَالَ الْبَيْضَاوِيّ شبه وعد الله باثابة الْمُؤمنِينَ اعمالهم بالعهد الموثوق الَّذِي لَا يُخَالف ووكل أَمر التارك إِلَى مشيته تجويزا للعفو وَإنَّهُ لَا يجب على الله شَيْء وَمن ديدن الْكِرَام مُحَافظَة الْوَعْد والمسامحة فِي الْوَعيد 12 مِصْبَاح الزجاجة السُّيُوطِيّ التارك الى مَشِيئَته تجوزي الْعَفو وَأَنه لَا يجب على الله شَيْء وَمن ديدن الْكِرَام مُحَافظَة الْوَعْد والمسامحة فِي الْوَعيد مِصْبَاح الزجاجة للسيوطي بَين ظهرانيهم أَي بَينهم فَلفظ ظهراني مقحم وَفِي الْقَامُوس وظهرانيهم وَلَا تكسر النُّون أَي وَسطهمْ وَفِي الدّرّ النثير زيدت فِي الظّهْر الف وَنون مَفْتُوحَة توكيدا وَمَعْنَاهُ ان ظهرا مِنْهُم قدامه وظهرا وَرَاءه فَهُوَ مكفوف من جانبيه انْتهى (إنْجَاح)

قَوْله

[1404]

فِي مَسْجِدي هَذَا بِالْإِشَارَةِ يدل على ان تَضْعِيف الصَّلَاة فِي مَسْجِد الْمَدِينَة يخْتَص بمسجده صلى الله عليه وسلم الَّذِي كَانَ فِي زَمَانه مَسْجِد دون مَا حدث فِيهِ بعده من الزِّيَادَة فِي زمن الْخُلَفَاء الرَّاشِدين تَغْلِيبًا لاسم الْإِشَارَة وَبِه صرح النَّوَوِيّ فَخص التَّضْعِيف بذلك بِخِلَاف الْمَسْجِد الْحَرَام فَإِنَّهُ لَا يخْتَص بِمَا كَانَ لِأَن الْكل يعمه اسْم الْمَسْجِد الْحَرَام ذكره الْعَيْنِيّ قَالَ الْقَارِي وَاعْترض عَلَيْهِ بن تَيْمِية وَأطَال فِيهِ والمحب الطَّبَرِيّ وَأورد آثَار واستدلالا بهَا وَبَان الْإِشَارَة فِي الحَدِيث إِنَّمَا هِيَ لاخراج غَيره من الْمَسَاجِد المنسوبة اليه صلى الله عليه وسلم وَبَان الامام مَالك سُئِلَ عَن ذَلِك فَأجَاب بِعَدَمِ الخصوصية انْتهى مُخْتَصرا قَالَ الشَّيْخ وَالْمُخْتَار عِنْد الْجُمْهُور أَن الحكم بالمضاعفة يَشْمَل لما زيد عَلَيْهِ فقد ورد لَو مد هَذَا الْمَسْجِد الى صنعاء الْيمن كَانَ مَسْجِدي وَقد نقل الْمُحب الطَّبَرِيّ رُجُوع النَّوَوِيّ عَن تِلْكَ الْمقَالة وَاسم الْإِشَارَة للتميز والتعظيم أَو للِاحْتِرَاز عَن مَسْجِد قبَاء ثمَّ لَا يخفى ان الحكم فِي غير الصَّلَاة من الْعِبَادَات كَذَلِك فِي المضاعفة وَقد روى ذَلِك الْبَيْهَقِيّ عَن جَابر رض كَذَا ذكر فِي فتح الْبَارِي

قَوْله أفضل من الف صَلَاة الخ قَالَ الْكرْمَانِي الِاسْتِثْنَاء يحْتَمل أمورا ثَلَاثَة ان يكون الْمَسْجِد الْحَرَام مُسَاوِيا لمَسْجِد رَسُول الله وَأفضل مِنْهُ وادون مِنْهُ وَقَالَ الْجُمْهُور مَسْجِد مَكَّة أفضل من مَسْجِد الْمَدِينَة وَعكس الامام مَالك رح انْتهى وَعَامة أهل الْفِقْه والأثر ان الصَّلَاة فِي مَسْجِد الْحَرَام أفضل بِظَاهِر الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة فِيهِ ذكر الْعَيْنِيّ وَيدل عَلَيْهِ رِوَايَة بن ماجة صَلَاة فِي مَسْجِدي بِخَمْسِينَ الف صَلَاة وَصَلَاة فِي مَسْجِد الْحَرَام بِمِائَة الف صَلَاة وَالله تَعَالَى أعلم قَالَ الْقُسْطَلَانِيّ وَاسْتثنى القَاضِي عِيَاض الْبقْعَة الَّتِي دفن فِيهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَحكى الِاتِّفَاق على أَنَّهَا أفضل بقاع الأَرْض بل قَالَ بن عقيل الْحَنْبَلِيّ انها أفضل من الْعَرْش انْتهى

قَوْله

[1408]

حكما يُصَادف حكمه أَي سَأَلَ ربه ان يوتيه حكما يُوَافق حكم الله تَعَالَى واليه إِشَارَة فِي قَوْله تَعَالَى ففهمناها سُلَيْمَان 12 (إنْجَاح)

قَوْله وأمااثنتان فقد أعطيهما الخ أَي الحكم وَالْملك وَأما الحكم فقد علم من قَوْله تَعَالَى ففهمناها سُلَيْمَان وَأما الْملك فَمن قَوْله تَعَالَى وسخرنا لَهُ الرّيح تجْرِي بأَمْره رخاء حَيْثُ أصَاب وَالشَّيَاطِين كل بِنَاء وغواص وَآخَرين مُقرنين فِي الأصفاد وَأما الدُّعَاء الثَّالِث وَهُوَ طلب الْمَغْفِرَة لمن أَتَى مَسْجده فاستجابته متوقعة أَيْضا لِأَن الله تَعَالَى لما اسْتَجَابَ دعاءه فِي أَمر الدُّنْيَا فَكيف لَا يستجيب دعاءه فِي أَمر الآخرى 12 (إنْجَاح)

قَوْله

ص: 101

[1409]

لَا تشدوا الرّحال هُوَ كِنَايَة عَن السّفر أَي لَا يقْصد مَوضِع بنية التَّقَرُّب إِلَى الله إِلَّا إِلَى هَذِه الثَّلَاثَة تَعْظِيمًا لشأنها وَاخْتلف فِي شدها إِلَى قُبُور الصَّالِحين وَإِلَى الْمَوَاضِع الفاضلة فمحرم ومبيح كَذَا فِي الْمجمع قَالَ بن حجر قَالَ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ يحرم عملا بِظَاهِر الحَدِيث وَأَشَارَ القَاضِي حُسَيْن إِلَى اخْتِيَاره وَبِه قَالَ عِيَاض وَطَائِفَة وَيدل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ أَصْحَاب السّنَن من إِنْكَار أبي بصرى الْغِفَارِيّ على أبي هُرَيْرَة خُرُوجه إِلَى الطّور وَقَالَ لَهُ لَو أَدْرَكتك قبل أَن تخرج مَا خرجت وَاسْتدلَّ بِهَذِهِ الحَدِيث وَوَافَقَهُ أَبُو هُرَيْرَة وَالصَّحِيح عِنْد إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَغَيره من الشَّافِعِيَّة أَنه لَا يحرم وَأَجَابُوا عَن الحَدِيث بأجوبة مِنْهَا أَن المُرَاد أَن الْفَضِيلَة التَّامَّة فِي شدّ الرّحال إِلَى هَذِه الْمَسَاجِد بِخِلَاف غَيره فَإِنَّهُ جَائِز وَمِنْهَا أَن المُرَاد أَنه لَا تشد الرّحال إِلَى مَسْجِد من الْمَسَاجِد للصَّلَاة فِيهِ غير هَذِه وَأما قصد زِيَارَة قبر صَالح وَنَحْوهَا فَلَا يدْخل تَحت النَّهْي وَيُؤَيِّدهُ مَا فِي مُسْند أَحْمد قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا يَنْبَغِي للْمُصَلِّي أَن يشد رحاله إِلَى مَسْجِد غير الْمَسْجِد الْحَرَام وَالْمَسْجِد الْأَقْصَى ومسجدي انْتهى قَالَ الْقَارِي الرّحال جمع رحْلَة وَهُوَ كور الْبَعِير وَالْمرَاد نفي فَضِيلَة شدها ومربطها إِلَّا ثَلَاثَة مَسَاجِد قيل نفى مَعْنَاهُ نهى أَي لَا تشد الرّحال إِلَى غَيرهَا لِأَن مَا سوى الثَّلَاثَة متساو فِي الرُّتْبَة غير متفاوت فِي الْفَضِيلَة وَكَانَ الترحل إِلَيْهِ ضائعا عَيْشًا وَفِي شرح مُسلم للنووي قَالَ أَبُو مُحَمَّد يحرم شدّ الرّحال الى غير الثَّلَاثَة وَهُوَ غلط وَفِي الاحياء ذهب بعض الْعلمَاء الى الِاسْتِدْلَال بِهِ على الْمَنْع من الرحلة لزيارة الْمشَاهد وقبور الْعلمَاء وَالصَّالِحِينَ وَمَا تبين الى ان الْأَمر كَذَلِك بل الزِّيَارَة مامور بهَا بِخَبَر كنت نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة الْقُبُور الا فزوروها والْحَدِيث إِنَّمَا ورد نهيا عَن الشد بِغَيْر الْمَسَاجِد لتماثلها بل لَا بلد الا وفيهَا مَسْجِد فَلَا معنى للرحلة الى مَسْجِد آخر وَأما الْمشَاهد فَلَا تساوى بل بركَة زيارتها على قدر درجاتهم عِنْد الله ثمَّ لَيْت شعري هَل يمْنَع ذَلِك الْقَائِل شدّ الرّحال لقبور الْأَنْبِيَاء كإبراهيم ومُوسَى وَيحيى وَالْمَنْع من ذَلِك فِي غَايَة الاحالة وَإِذا جوز ذَلِك لقبور الْأَنْبِيَاء والأولياء فِي معناهم فَلَا يبعد ان يكون ذَلِك من أغراض الرحلة كَمَا أَن زِيَارَة الْعلمَاء فِي الْحَيَاة من الْمَقَاصِد (مرقاة)

[1413]

وَصلَاته فِي الْمَسْجِد الْحَرَام الخ فِي الدّرّ أفضل الْمَسَاجِد مَكَّة ثمَّ الْمَدِينَة ثمَّ الْمُقَدّس ثمَّ قبَاء ثمَّ الاقدم ثمَّ الْأَعْظَم ثمَّ الْأَقْرَب وَمَسْجِد أستاذه لدرسه أَو لسَمَاع الاخبار أفضل اتِّفَاقًا وَمَسْجِد حيه أفضل من الْجَامِع وَفِي الطوالع شَرحه قيل الْأَفْضَلِيَّة بِالنِّسْبَةِ الى أهل الْمحلة دون غَيرهم لِئَلَّا يودي الى تَعْطِيل مَسْجِد الْمحلة وَهَذَا مُخَالف لما ذكره صَاحب الْأَشْبَاه فِي أَحْكَام الْمَسْجِد من ان الْجَوَامِع أفضل من مَسَاجِد الْمحَال وَذَلِكَ لِأَن فِيهِ خلافًا فهما قَولَانِ قَالَ التُّمُرْتَاشِيّ فِي شرح الْجَامِع الصَّغِير ترك الْجَمَاعَة فِي مَسْجِد حيه وَصلى عَامَّة صلواته أَو بَعْضهَا فِي جمَاعَة جَامع مصره أَيهمَا أفضل قيل جمَاعَة مَسْجِد حيه أفضل وَقيل جمَاعَة الْمَسْجِد الْجَامِع أفضل وَلَو كَانَ متفقها فجماعة مَسْجِد أستاذه أفضل انْتَهَت عبارَة الطوالع مُخْتَصرا قلت والتطبيق بَين الرِّوَايَتَيْنِ ان الْجَامِع أفضل من حَيْثُ الكمية وَمَسْجِد حيه أفضل من حَيْثُ الْكَيْفِيَّة فَإِن الْعدَد زَائِد فِي الْجَامِع وَهُوَ خَمْسمِائَة ومسجده وان لم يكن فِيهِ ذَلِك الْعدَد لَكِن كَيْفيَّة الثَّوَاب ازيد من كميته الا ترى ان الْفُلُوس أَكثر عددا من الدِّينَار فَلْيحْفَظ (إنْجَاح)

قَوْله

[1414]

فَقَالَ رجل الخ فَإِن قلت ان فِي الحَدِيث الصَّحِيح ان النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَمر امْرَأَة من الْأَنْصَار ان مري غلامك النجار أَن يعْمل الى اعوادا اكلم النَّاس عَلَيْهَا وَفِي هَذَا الحَدِيث سوال الرجل من اصحابه ليعْمَل ذَلِك الْمِنْبَر فَالْجَوَاب ان الرجل لَعَلَّ هُوَ ذَلِك الْغُلَام فَطلب مِنْهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم تعميل ذَلِك الْمِنْبَر وَكَانَ عبد الْأَنْصَارِيَّة طلب النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْإِجَازَة من سيدته الْأَنْصَارِيَّة فَلَمَّا امرته بذلك عمله وَاسم الْغُلَام باتوم الرُّومِي (إنْجَاح)

قَوْله فَهِيَ الَّتِي على الْمِنْبَر أَي تِلْكَ الدَّرَجَات الثَّلَاث الَّتِي كَانَت لمنبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَي الَّتِي الْيَوْم على الْمِنْبَر كَمَا هُوَ مشَاهد فِي أَكثر الْمَسَاجِد وَأما الزِّيَادَة على الثَّلَاث فَلَيْسَتْ بمسنونة لِأَنَّهَا للتجمل وَالله أعلم (إنْجَاح)

قَوْله خار أَي صات صَوت الْبَقَرَة لفراقه صلى الله عليه وسلم مَأْخُوذ من الخوار بِالضَّمِّ صَوت الْبَقَرَة (إنْجَاح)

قَوْله الارضة وَهِي بِالتَّحْرِيكِ دويبة صَغِيرَة مثل الْقمل تَأْكُل الْخشب يسميها أهل الْهِنْد ديمك (إنْجَاح)

قَوْله وَعَاد رفاتا من رفت فأرفت وترفت أَي تكسر والرفات كل مَا رق وَكسر كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح)

قَوْله

[1416]

اثل الغابة قَالَ الْخطابِيّ هُوَ شَجَرَة الطرفا والغابة أَرض على تِسْعَة أَمْيَال من الْمَدِينَة وَبهَا وَقعت قصَّة العرينيين وَقَالَ الْكرْمَانِي الغابة الاجمة وَمَوْضِع بالحجاز

قَوْله عمله فلَان اخْتلفُوا فِيهِ على سَبْعَة أَقْوَال وأشبه الْأَقْوَال انه شَمْعُون وَالْجمع بَين الْأَقْوَال الْمَذْكُورَة بِأَن يحمل على وَاحِد بِعَيْنِه والبقية أعوانه وَلَا يجوز أَن يكون الْكل قد اشْتَركُوا فِي الْعَمَل لِأَن الرِّوَايَات الْكَثِيرَة تدل على أَنه لم يكن بِالْمَدِينَةِ الا نجارا وَاحِد عَيْني وَقَوله

ص: 102

[1421]

طول الْقُنُوت أَي أفضل أَرْكَان الصَّلَاة وأفعالها طول الْقيام أَو أفضل الصَّلَاة صَلَاة فِيهِ الْقُنُوت والقنوت يَجِيء لمعان كَثِيرَة فِي الْقَامُوس الْقُنُوت الطَّاعَة وَالسُّكُوت وَالدُّعَاء وَالْقِيَام فِي الصَّلَاة والامساك عَن الْكَلَام واقنت دَعَا على عدوه وَأطَال الْقيام فِي صلَاته وادام الْحَج وادام الغرو وتواضع لله والاكثرون على ان المُرَاد فِي الحَدِيث الْقيام وَقد وَقع الِاخْتِلَاف بَين الْعلمَاء فِي أَن الْقيام أفضل أَو السُّجُود فَقَالَ طَائِفَة مِنْهُم الْقيام أفضل فَيكون تطويله وتكميله أهم لِأَنَّهُ ادخل فِي الْخدمَة وَالْمَشَقَّة وَالْقِيَام بهَا أَكثر لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي صَلَاة اللَّيْل يطول قِيَامه وَلَو كَانَ السُّجُود أفضل لَكَانَ طوله وَلِأَن الذّكر الَّذِي شرع فِي الْقيام أفضل الْأَذْكَار وَهُوَ الْقُرْآن فَيكون هَذَا الرُّكْن أفضل الْأَركان وَلقَوْله صلى الله عليه وسلم أفضل الصَّلَاة طول الْقُنُوت وَالْمرَاد بِالْقُنُوتِ هَهُنَا الْقيام بالِاتِّفَاقِ وَقَالَت طَائِفَة السُّجُود أفضل لِأَنَّهُ ورد فِي الحَدِيث أقرب مَا يكون العَبْد من ربه وَهُوَ ساجد وَلقَوْله صلى الله عليه وسلم لمن سَأَلَ مرافقته فِي الْجنَّة اعني م بِكَثْرَة السُّجُود وَلِأَن السُّجُود دلّ على الذلة والخضوع وَقَالَ بَعضهم فِي صَلَاة اللَّيْل طول الْقيام أفضل وَفِي النَّهَار كَثْرَة الرُّكُوع وَالسُّجُود وَقيل هما متساويان ذكره فِي اللمعات 12

[1425]

أول مَا يُحَاسب الخ قَالَ الْأَبْهَرِيّ وَجه الْجمع بَين هَذَا وَبَين قَوْله صلى الله عليه وسلم أول مَا يقْضِي بَين النَّاس يَوْم الْقِيَامَة الدِّمَاء ان الأول من حق الله وَالثَّانِي من حُقُوق الْعباد انْتهى وَالْأول من الْعِبَادَات وَالثَّانِي من فعل السَّيِّئَات (مرقاة)

قَوْله

[1429]

عَن نقرة الْغُرَاب قَالَ فِي النِّهَايَة يُرِيد تَخْفيف السُّجُود وَأَنه لَا يمْكث فِيهِ الا قدر وضع الْغُرَاب منقاره فِيمَا يُرِيد أكله وَقَوله وَعَن فرشة السَّبع وَهُوَ أَن يبسط ذِرَاعَيْهِ فِي السُّجُود وَلَا يرفعهما عَن الأَرْض كَمَا يبسط الْكَلْب وَالذِّئْب ذِرَاعَيْهِ قَوْله وان يوطن الرجل الخ قَالَ فِي النِّهَايَة مَعْنَاهُ ان يألف الرجل مَكَانا مَعْلُوما من الْمَسْجِد مَخْصُوصًا يُصَلِّي فِيهِ كالبعير لَا يأوي من عطن الا الى مَكَان دمث قد أوطنه واتخذه منَاخًا وَقيل مَعْنَاهُ ان يبرك على رُكْبَتَيْهِ قبل يَدَيْهِ إِذا سجد كبروك الْبَعِير أَو طَنَّتْ الأَرْض ووطنتها واستوطنتها أَي اتخذتها وطنا ومحلا مِصْبَاح الزجاجة

قَوْله وَعَن فرشة السَّبع قَالَ بن حجر يكره ذَلِك لقبح الْهَيْئَة المنافية للخشوع والاداب الا لمن أَطَالَ السُّجُود وشق عَلَيْهِ اعْتِمَاد كفيه فَوضع ساعديه على رُكْبَتَيْهِ لخَبر شكى أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مشقة السُّجُود عَلَيْهِم إِذا تفرجوا فَقَالَ صلى الله عليه وسلم اسْتَعِينُوا بالركب رَوَاهُ جمَاعَة مَوْصُولا انْتهى

قَوْله ان يوطن الرجل الخ قَالَ النَّوَوِيّ انما ورد النَّهْي عَن ايطان مَوضِع فِي الْمَسْجِد للخوف من الرِّيَاء لَا فِي الْبَيْت لحَدِيث عتْبَان أَيْن تحب ان أُصَلِّي من بَيْتك فأشرت الى نَاحيَة

قَوْله

[1430]

فَأَقُول لَهُ قَائِله يزِيد وَيزِيد هَذَا كَانَ مولى لسَلمَة وَكَانَ فِي مَسْجده صلى الله عليه وسلم مَوضِع خَاص للمصحف كَانَ ثمه من عهد عُثْمَان قَوْله فَيَقُول اني رَأَيْت الخ هَذَا تَوْجِيه تحريه وَأما وَجه تحري النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِيَّاهَا فَلم يعلم من ذَلِك وَأما وَجه تَخْصِيص وضع الْمُصحف عِنْدهَا فَلَعَلَّهُ هُوَ تحري النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِيَّاهَا للصَّلَاة وَالله تَعَالَى أعلم كَذَا فِي الْخَيْر الْجَارِي

قَوْله يتحَرَّى هَذَا الْمقَام ظَاهره يُخَالف للْحَدِيث السَّابِق فَإِنَّهُ نهى فِيهِ ان يوطن الرجل الْمَكَان الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ والتطبيق بَينهمَا ان التَّحَرِّي دون التوطين لِأَن التوطين يَسْتَدْعِي التَّمَلُّك وَلَيْسَ الْمَسْجِد مَحل التَّمَلُّك بِخِلَاف مَا لَو تحرى الْمَكَان المتبرك بِلَا إِرَادَة التوطن فَإِن بَينهمَا بونا بَعيدا أَو جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات ان الصَّحَابَة قَالُوا يَا رَسُول الله الا نَبْنِي لَك بِنَاء فِي المنا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَا المنا مناخ من سبق وَهَكَذَا فِي جَمِيع مجَالِس الْخَيْر من الذّكر والوعظ وَكَثِيرًا مَا نشاهد فِي زَمَاننَا من الجهلة الْعَوام انهم يُقَاتلُون على الْمَكَان الْمَخْصُوص فِي الْجَامِع ومجالس الذّكر والوعظ وَأعظم من ذَلِك انهم ياتونه مُتَأَخِّرًا ويقدمون خدمهم لحراسة الْمَكَان فَمَا اجهله اما لَو قصدُوا أَو سبقوا الى الْمَكَان المتبرك بِلَا جِدَال وَلَا نزاع فَمَا أحسن هَذَا قَالَ الله تَعَالَى وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مصلى وَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَو يعلمُونَ مَا فِي الصَّفّ الأول لاستهموا (إنْجَاح الْحَاجة)

قَوْله

[1432]

فتوذي من خَلفك لِأَنَّك إِذا وضعتهما وَرَاءَك تَكُونَانِ قُدَّام من كَانَ فِي الصَّفّ الْمُؤخر فَيَتَأَذَّى وَرَحْمَة الله تَعَالَى يواجه الْمُصَلِّي فَيكون هَذَا الْفِعْل اساءة فَتعين وضع النِّعَال بَين الْقَدَمَيْنِ لَا غير وَالصَّلَاة مَعَهُمَا (إنْجَاح)

قَوْله

ص: 103

[1433]

للْمُسلمِ على الْمُسلم سِتَّة يدل على ان العيادة واخواته من حُقُوق الْإِسْلَام غير مَخْصُوص بالصحبة وَيفهم عَن بعض الْكتب انها من حُقُوق الصُّحْبَة وَلِهَذَا اورد فِي جَامع الْأُصُول بَاب العيادة فِي حُقُوق الصُّحْبَة وَذكرهَا الامام حجَّة الْإِسْلَام فِي حُقُوق الْإِسْلَام أَو الأول مُسَامَحَة لجعل الْإِسْلَام فِي حكم الصُّحْبَة فَإِن الْمُسلمين كلهم كَانُوا فِي عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اصحابه بِالْمَعْنَى الْأَعَمّ قَوْله يسلم عَلَيْهِ وَهِي سنة لكنه أفضل من الْفَرْض لما فِيهِ من التَّوَاضُع والتسبب لاداء الْوَاجِب واما رد السَّلَام فَفرض كِفَايَة وَقَوله ويجيبه إِذا دَعَاهُ أَي للضيافة إِذا لم يكن هُنَاكَ بِدعَة من الملاهي والمناهي قَالَ الامام الْغَزالِيّ وَمن جملتهما طَعَام المباهاة والمفاخرة فَإِن السّلف كَانُوا يكرهونها قَوْله ويشمته الخ التشميت بالشين وَالسِّين جَوَاب الْعَاطِس بيرحمك الله وَالْأول أفْصح وأبلغ فبالمعجمة مُشْتَقّ مِمَّا اشتق مِنْهُ الشوامت بِمَعْنى قَوَائِم الدَّابَّة فَكَأَنَّهُ دُعَاء بثبات الْقدَم على الْخَيْر وَمن شماته بِمَعْنى الْفرج ببلية الْعَدو وَبَاب التفعيل للإبعاد والازالة وبالمهملة من السمت وَالْهدى والتشميت مُسْتَحبّ وَقيل سنة عين على الْوَاحِد وَسنة كِفَايَة على الْجمع قَوْله ويعوده أَي يزوره إِذا مرض مُسلم أَو ذمِّي قريب للعائد صلَة لرحم وَحقا لجوار قَوْله وَيتبع جنَازَته المُرَاد بِهِ مَا يَشْمَل صلَاتهَا فَإِنَّهَا فرض كِفَايَة وَذكر الِاتِّبَاع اهتماما واشارة الى أَنه يَنْبَغِي ان يتَوَقَّف بعد الصَّلَاة ويتبعها والتوقف الى الدّفن أفضل وَفِي شرح السّنة هَذِه كلهَا من حُقُوق الْإِسْلَام يَسْتَوِي فِيهَا جَمِيع الْمُسلمين برهم وفاجرهم دون الْفَاجِر الْمظهر بِفُجُورِهِ قَالَ الْمظهر إِذا دَعَا الْمُسلم الْمُسلم الى الضِّيَافَة والمعادة يجب عَلَيْهِ طَاعَته إِذا لم يكن ثمَّة مَا يتَضَرَّر بِهِ فِي دينه من الملاهي ورد السَّلَام وَاتِّبَاع الْجِنَازَة فرض كِفَايَة واما تشميت الْعَاطِس إِذا حمد الله وعيادة الْمَرِيض فَسنة وَيجوز ان يعْطف السّنة على الْوَاجِب ان دلّ عَلَيْهِ الْقَرِينَة كَمَا يُقَال صم رَمَضَان وَسِتَّة من شَوَّال ذكره الطَّيِّبِيّ هَذَا زبدة مَا فِي الْمرقاة واللمعات

[1436]

مَاشِيا فِيهِ اسْتِحْبَاب الْمَشْي الى أُمُور الْخَيْر من عِيَادَة الْمَرِيض وَاتِّبَاع الْجَنَائِز وَالصَّلَاة وإنجاح الْحَوَائِج وَغير ذَلِك قَالَ الله تَعَالَى انا نكتب مَا قدمُوا واثارهم الا بِعُذْر إنْجَاح الْحَاجة

قَوْله

[1437]

لَا يعود مَرِيضا الا بعد ثَلَاث حكم الذَّهَبِيّ وَغَيره بِأَن هَذَا الحَدِيث مَوْضُوع قَالَ على الْقَارِي اما حَدِيث أنس هَذَا فضعيف جدا تفرد بِهِ مسلمة بن على وَهُوَ مَتْرُوك وَقد سُئِلَ عَنهُ أَبُو حَاتِم فَقَالَ هُوَ حَدِيث بَاطِل قَالَ الْجُمْهُور العيادة لَا تتقيد بِزَمَان لإِطْلَاق قَوْله صلى الله عليه وسلم عودوا الْمَرِيض انْتهى (إنْجَاح)

قَوْله

[1438]

فنفسوا لَهُ التَّنْفِيس التَّفْرِيج أَي فَرجوا لَهُ واذهبوا كربه فِيمَا يتَعَلَّق باجله بِأَن تدعوا لَهُ بطول الْعُمر وَذَهَاب الْمَرَض وان تَقولُوا لَا بَأْس طهُور وَلَا تخف سيشفيك الله وَلَيْسَ من مرضك صعبا وَمَا أشبه ذَلِك فَإِنَّهُ وان لم يرد شَيْئا من الْمَوْت الْمُقدر وَلَا يطول عمره لَكِن يطيب نَفسه ويفرجه وَيصير ذَلِك سَببا لانتعاس طَبِيعَته وتقويتها فيضعف الْمَرَض وَقَوله يطيب بِنَفسِهِ الْبَاء زَائِدَة فِي الْفَاعِل نَحْو كفى بِاللَّه أَو للتعدية وَفِي بعض النّسخ ويطيب نَفسه من التطييب وَنَفسه مفعول لمعات

قَوْله

[1439]

إِذا اشْتهى مَرِيض أحدكُم الخ أَي اشتهاء صَادِقا فَإِنَّهُ عَلامَة الصِّحَّة وَقد لَا يضر لبَعض المرضى الْأكل مِمَّا يَشْتَهِي إِذا كَانَ قَلِيلا ويقوى الطبيعة ويفضي الى الصِّحَّة وَلَكِن فِيمَا لَا يكون ضَرَره غَالِبا وَبِالْجُمْلَةِ لَيْسَ هَذَا حكما كليا بل جزئيا وَقَالَ الطَّيِّبِيّ مَبْنِيّ على التَّوَكُّل أَو على الياس من حَيَاته وَقد جَاءَ فِي الحَدِيث لَا تكْرهُوا مرضاكم على الطَّعَام وَالشرَاب فَإِن الله يُطعمهُمْ ويسقيهم وَالْحكمَة فِيهِ ظَاهِرَة لِأَن طبيعة الْمَرِيض مَشْغُول بانضاج مادته واخراجه وَلَو أكره على الطَّعَام وَالشرَاب بِكُل الطبيعة من فعلهَا وتشغل بهضمها وَيبقى الْمَادَّة فجَاء لَا ينضج لمعات

قَوْله

[1442]

فِي خرافة الْجنَّة قَالَ فِي النِّهَايَة الخرفة بِالضَّمِّ اسْم لما يخْتَرف من النخيل حِين يدْرك يَعْنِي ان الْعَائِد فِيمَا يجوز من الثَّوَاب كَأَنَّهُ على نخيل الْجنَّة يخْتَرف ثمارها وَقيل الْمَعْنى أَنه على طَرِيق تُؤَدِّيه الى الْجنَّة وَقَالَ الْبَيْضَاوِيّ الخرفة مَا يجتني من الثِّمَار وَقد يتجوز بهَا عَن الْبُسْتَان من حَيْثُ أَن محلهَا وَهُوَ الْمَعْنى بهَا هُنَا أَو على تَقْدِير الْمُضَاف أَي فِي مَوضِع خزفتها (زجاجة)

قَوْله

[1448]

اقرؤها عِنْد مَوْتَاكُم أَي الَّذِي حَضَره الْمَوْت قَالَ الطَّيِّبِيّ والسر فِي ذَلِك وَالْعلم عِنْد الله ان السُّورَة الْكَرِيمَة مشحونة بتقرير أُمَّهَات علم الْأُصُول وَجَمِيع الْمسَائِل الْمُعْتَبرَة من النُّبُوَّة وَكَيْفِيَّة الدعْوَة وأحوال الْأُمَم واثبات ان افعال الْعباد مستندة الى الله تَعَالَى واثبات التَّوْحِيد وَنفي الضِّدّ وامارات السَّاعَة وَبَيَان الْإِعَادَة والحشر وَغير ذَلِك قَالَ بن حبَان المُرَاد بِهِ من حَضَره الْمَوْت وَيُؤَيِّدهُ مَا أخرج بن أبي الدُّنْيَا وَابْن مرْدَوَيْه مَا من ميت يقْرَأ عِنْد رَأسه يس الا هون الله عَلَيْهِ وَخَالفهُ بعض الْمُتَأَخِّرين فَأخذ بِظَاهِر الحَدِيث فَقَالَ بل تقْرَأ عَلَيْهِ بعد مَوته وَذهب بعض الى أَنه يقْرَأ عَلَيْهِ عِنْد الْقَبْر وَيُؤَيِّدهُ خبر بن أبي عدي وَغَيره من زار قبر وَالِديهِ أَو أَحدهمَا فِي كل جُمُعَة فَقَرَأَ عِنْدهمَا يس غفر لَهُ بِعَدَد كل حرف مِنْهَا مرقاة مَعَ اخْتِصَار

قَوْله

[1449]

يَقُول ان الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ جَوَاب عَن اعتذار نَحن اشغل أَي أَنْت مِمَّن لَا يشغل عَمَّا كلفتك بل أَنْت مِمَّن قَالَ فِيهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَيْت وَكَيْت وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ ذهب بعض الْعلمَاء الى أَن أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ كلهم فِي الْجنَّة يَعْنِي انه غير مُخْتَصّ بِالشُّهَدَاءِ

قَوْله

[1451]

وَعِنْدهَا حميم لَهَا أَي قريب لَهَا يخنقه الْمَوْت الخنق بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة ثمَّ النُّون ثمَّ الْقَاف حبس النَّفس واضطراره وَالْحَاصِل ان قَرِيبا لعَائِشَة قد اضطره الْمَوْت بِسوء التنفس كَمَا يحصل عِنْد الغرغرة فَحصل لَهَا الْحزن بِسَبَب الخنق واضطراره فَدفعهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِأَن هَذِه عَلامَة صَالِحَة لِلْمُؤمنِ فَإِن الدُّنْيَا سجن الْمُؤمن وَلَا تبئى مادته الْبَأْس وَهُوَ الْعَذَاب والشدة فِي الْحَرْب وَالْغَرَض هَهُنَا ان لَا تحزني سَكَرَات الْمَوْت فَإِنَّهُ رَحْمَة من الله تَعَالَى والمتبائس الكاره والحزين كَمَا فِي الْقَامُوس انجاح كعكا هُوَ خبز فَارسي مُعرب قَوْله لقنوا مَوْتَاكُم المُرَاد من حَضَره الْمَوْت

قَوْله

ص: 104

[1449]

ان لقِيت فلَانا المُرَاد بِهِ وَلَدهَا بشر

قَوْله فِي طير خضر أَي على صورتهَا

قَوْله تعلق بشجر الْجنَّة أَي تَأْكُل أثمارها

[1452]

يَمُوت بعرق الجبين هَذَا كِنَايَة عَن الشدَّة فِي الْمَوْت ليمحص من ذنُوبه أَو يرفع درجاته أَو كِنَايَة عَن كدة فِي طلب الْحَلَال والرياضة فِي الْعِبَادَة الى وَقت الْمَوْت وان عرق الجبين عَلامَة تتبين من الْمُؤمن عِنْد مَوته نقل ذَلِك عَن بن سِيرِين لمعات

قَوْله

[1453]

إِذا عاين من المعاينة وَهِي الْمُشَاهدَة فالكافر يرى مَلَائِكَة الْعَذَاب وَالْمُؤمن يرى مَلَائِكَة الرَّحْمَة فَحِينَئِذٍ يَنْقَطِع مَعْرفَته من النَّاس وَأما مَا يحصل لبَعض الْمَوْتَى ذهولهم عَن النَّاس قبل مَوته أَيَّامًا فَهُوَ بِسَبَب شدَّة الْمَرَض والغشى لَا بِسَبَب المعاينة وَالله أعلم (إنْجَاح)

قَوْله

[1458]

ان رايتن أَي احتجتن الى أَكثر من ثَلَاث أَو خمس للانقاء قَوْله بِمَاء وَسدر مُتَعَلق باغسلنها قَالَ القَاضِي هَذَا لَا يَقْتَضِي اسْتِعْمَال السدر فِي جَمِيع الغسلات وَالْمُسْتَحب اسْتِعْمَاله فِي الكرة الأولى لتنزيل الاقذار وَيمْنَع مِنْهُ تسارع الْفساد وَيدْفَع الْهَوَام وَقَوله فأذنني بِالْمدِّ وَكسر الذَّال وَتَشْديد النُّون الأولى أَمر لجَماعَة النِّسَاء من الايذان وَهُوَ الاعلام وَقَوله آذناه بِالْمدِّ أَي اعلمناه (مرقاة)

قَوْله اشعرنها إِيَّاه من الاشعار وَهُوَ الْبَأْس الشعار والشعار الثَّوْب الَّذِي يَلِي الْجَسَد وَالضَّمِير الأول للغاسلات وَالثَّانِي للْمَيت وَالثَّالِث للحق وَكَذَا قَالَ الْقُسْطَلَانِيّ وَقَالَ الشَّيْخ وَهَذَا الحَدِيث أصل فِي التَّبَرُّك باثار الصَّالِحين ولباسهم كَمَا يَفْعَله بعض مريدي المشائخ من لبس أقمصهم فِي الْقَبْر وَالله أعلم لمعات

قَوْله

[1459]

ومشطناها الخ أَي جعلنَا شعائرها ثَلَاثَة ضفائر بعد أَن حللناه بالمشط وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَعند الْحَنَفِيَّة يَجْعَل ضفيرتان على صدرها وَأما قَوْلهَا فمشطناها لَيْسَ فِي الحَدِيث إِشَارَة من النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَى ذَلِك وَإِنَّمَا هُوَ قَول أم عَطِيَّة 12 عَيْني

قَوْله

[1460]

وَلَا تنظر الخ مُطَابقَة الحَدِيث بِالْبَابِ ان الْغَاسِل يَنْبَغِي ان يستر عَورَة الْمَيِّت وَلَا ينظر إِلَيْهَا وَهُوَ من أدب الْغسْل وَقد علم مِنْهُ ان عَورَة الْمَيِّت كعورة الْحَيّ وَقد ذكر فقهاؤنا ان الْعُضْو الْمَقْطُوع من مَحل الْعَوْرَة عَورَة كشعر الْعَانَة وَالذكر الْمَقْطُوع فَلَا يحل النّظر اليه وَقد علم مِنْهُ ان القاء شعر الْعَانَة فِي الحمامات مَكْرُوه وَحرَام بِسَبَب ان أَجزَاء الْإِنْسَان مكرمَة وَلِهَذَا أمروا بدفن الاشعار مُطلقًا والاظفار وَهَذِه المسئلة كثير وُقُوعهَا وَالنَّاس عَنْهَا غافلون (إنْجَاح)

قَوْله

[1461]

المأمونون من الْأَمَانَة فِي الدّين لِئَلَّا يذكر مساوي الْمَيِّت عِنْد النَّاس لِأَن الْمُؤمن المؤتمن لَا يفضح الْمُؤمن وَفِي حَدِيث مُسلم كل الْمُسلم على الْمُسلم حرَام دَمه وَمَاله وَعرضه (إنْجَاح)

قَوْله

[1463]

من غسل مَيتا فليغتسل وَفِي التِّرْمِذِيّ من غسله الْغسْل وَمن حمله الْوضُوء قَالَ الْخطابِيّ لَا أعلم من الْفُقَهَاء مَا يُوجب الْغسْل من غسل الْمَيِّت وَلَا الْوضُوء من حمله وَلَعَلَّه أَمر ندب قلت بل هُوَ مسنون وَذهب بَعضهم إِلَى وُجُوبه وَأَكْثَرهم حملُوا على إِصَابَة رشاشة من نَجَاسَة رُبمَا كَانَت على بدن الْمَيِّت وَلَا يدْرِي مَكَانَهُ وَمن حمله أَي مَسّه فَليَتَوَضَّأ وَقيل مَعْنَاهُ ليكن على وضوء حَال حمله ليتهيأ للصَّلَاة عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمجمع وَفِي الْمُوَطَّأ لمُحَمد لَا وضوء على من حمل جَنَازَة وَلَا من حنط مَيتا أَو كَفنه أَو غسله وَهُوَ قَول أبي حنيفَة انْتهى قَالَ شَارِحه عَليّ الْقَارِي فَمَا أخرجه أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَابْن حبَان عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا من غسل الْمَيِّت فليغتسل وَمن حمله فَليَتَوَضَّأ مَحْمُول على الِاحْتِيَاط أَو على من لَا يكون لَهُ طَهَارَة فَيكون مستعد للصَّلَاة فَلَا يفوتهُ شَيْء مِنْهَا انْتهى

قَوْله

[1464]

لَو كنت اسْتقْبلت الخ أَي لَو علمت قبل هَذَا الاوان مَا علمت دبره مَا غسل النَّبِي صلى الله عليه وسلم غير نِسَائِهِ لِأَن عصمَة نِكَاح النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَا تَنْقَطِع بِالْمَوْتِ كَمَا روى البُخَارِيّ عَن عمار بن يَاسر انه قَالَ فِي عَائِشَة رضي الله عنها أَنَّهَا زَوجته فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَإِذا كَانَ الْأَمر كَذَلِك فَغسل من يحل نظره الى عَورَة الْمَيِّت أولى من غسل غَيره لِأَنَّهُ رُبمَا ينْكَشف من عَورَة الْمَيِّت مَعَ التستر شَيْء فَلهَذَا غسل على فَاطِمَة رض لِأَنَّهَا كَانَت زَوجته فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَبِهَذَا تمسك الشَّافِعِي بِغسْل الْمَرْأَة زَوجهَا أما الْحَنَفِيَّة فَإِنَّهُم لَا يجوزونه بِسَبَب قطه عصمَة النِّكَاح وَالْقِيَاس على أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَو على فَاطِمَة رضي الله عنها قِيَاس مَعَ الْفَارِق وَتَمَامه فِي كتب الْفِقْه (إنْجَاح)

قَوْله

[1466]

عَن بن بُرَيْدَة الخ بن بُرَيْدَة هَهُنَا هُوَ سُلَيْمَان بن بُرَيْدَة قَالَ فِي التَّقْرِيب بن بُرَيْدَة هُوَ عبد الله وَأَخُوهُ سُلَيْمَان قَالَ الْبَزَّار حَيْثُ روى عَلْقَمَة بن مرْثَد ومحارب وَمُحَمّد بن حجادة عَن بن بُرَيْدَة فَهُوَ سُلَيْمَان وَكَذَا الْأَعْمَش عِنْدِي واما من عداهم فَهُوَ عبد الله إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ الدهلوي

قَوْله

[1451]

لَا تبئسي لَا تحزني

قَوْله

[1454]

وَقد شقّ بَصَره أَي انْفَتح

قَوْله فاغمضه أَي اغمض صلى الله عليه وسلم عينه لِئَلَّا يقبح منظره

قَوْله تبعه الْبَصَر أَي فِي الذّهاب فَلم يبْق لانفتاح بَصَره فَائِدَة

قَوْله

ص: 105

[1456]

عُثْمَان بن مَظْعُون وَهُوَ أَخ رضاعي لَهُ صلى الله عليه وسلم

قَوْله حنطه الحنوط طيب مخلوط من كافور وصندل أَو نَحْوهمَا انجاح الْحَاجة لمولانا شاه عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي رَحمَه الله تَعَالَى

[1467]

مَا يلْتَمس من الْمَيِّت أَي مِمَّا يخرج من الْمخْرج من الْأَذَى فقد يحصل هَذَا للْمَيت لاسترخاء المفاصل وَقَوله فَقَالَ بِأبي أَي يفْدِيه بِأَبِيهِ أَنْت الطّيب الخ (إنْجَاح)

قَوْله

[1468]

بير غرس فِي الْقَامُوس بير غرس بير بِالْمَدِينَةِ وَمِنْه الحَدِيث غرس من عُيُون الْجنَّة انْتهى (إنْجَاح)

قَوْله

[1471]

فِي ثَلَاثَة أَثوَاب قَمِيصه الخ وَهَذَا الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وروى مُحَمَّد بن الْحسن فِي الْآثَار عَن أبي حنيفَة عَن حَمَّاد بن سُلَيْمَان عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ ان النَّبِي صلى الله عليه وسلم كفن فِي حلَّة يَمَانِية وقميص وَأخرجه عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه وَأخرج عبد الْحق نَحوه وروى عبد الله بن الْمُغَفَّل ان النَّبِي صلى الله عليه وسلم كفن فِي قَمِيصه الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة وَلذَلِك اسْتحبَّ مَالك الْقَمِيص كَقَوْلِنَا الا أَنه قَالَ لَيْسَ الْقَمِيص من الثَّلَاثَة بل خَارِجا عَنْهَا فَالسنة عِنْده أَرْبَعَة اثواب وَلَكِن قَوْله مُخَالف لما أخرجه أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَغَيرهمَا من التَّثْلِيث فِي الْعدَد وَهَذَا مُخَالف من حَدِيث الصَّحِيحَيْنِ عَن عَائِشَة لَيْسَ فِيهَا قَمِيص وَلَا عِمَامَة وَقد احْتج بِهِ الشَّافِعِي على ان الْمَيِّت يُكفن فِي ثَلَاث لفائف وَبِه قَالَ أَحْمد (إنْجَاح)

قَوْله

[1476]

ينْهَى عَن النعي النعي الاعلام بِالْمَوْتِ قَالَ التِّرْمِذِيّ قد كره بعض أهل الْعلم النعي والنعي عِنْدهم ان يُنَادي فِي النَّاس بِأَن فلَانا مَاتَ ليشهدوا جنَازَته وَقَالَ بعض أهل الْعلم لَا بَأْس بِأَن يعلم الرجل قرَابَته انْتهى وَالظَّاهِر أَن المُرَاد بالنعي الْمنْهِي عَنهُ النداء فِي الشوارع والاسواق لِأَنَّهُ رسم الْجَاهِلِيَّة وَهُوَ مَنْهِيّ عَنهُ وَكَانُوا يبعثون الى الْقَبَائِل ينعون مَعَ صِيحَ وعويل فَمَا لم يكن كَذَلِك وَكَانَ الْمَيِّت عَالما زاهدا فَلَا يكره لِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم نعى النَّجَاشِيّ فِي الْيَوْم الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَأَيْضًا نعى جَعْفَر بن أبي طَالب وَزيد بن حَارِثَة وَعبد الله بن رَوَاحَة وَتَمَامه فِي حَاشِيَة الشَّيْخ عَابِد السندي على الدّرّ (إنْجَاح)

قَوْله

[1477]

أسْرع الخ قَالَ الْعَيْنِيّ المُرَاد التَّوَسُّط بَين شدَّة السَّعْي وَالْمَشْي الْمُعْتَاد بِدَلِيل قَوْله فِي حَدِيث أبي بكرَة وانا لنكاد ان نرمل مُقَارنَة الرمل لَيْسَ بالسعي الشَّديد وَيدل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ بن أبي شيبَة من حَدِيث عبد الله بن عمر وان أَبَاهُ اوصاه قَالَ أَنْت إِذا حَملتنِي على السرير فامش مشيا بَين المشيتين وَكن خلف الْجِنَازَة فَإِن مقدمها للْمَلَائكَة وَخَلفهَا النَّبِي آدم انْتهى

قَوْله

[1480]

وَأَنْتُم ركبان فِي الازهار كره الرّكُوب خلف الْجِنَازَة لِأَنَّهُ تنعم وتلذذ وَهُوَ غير لَائِق فِي هَذِه الْحَالة قلت حمل فعل الصَّحَابَة على هَذَا لَا سِيمَا فِي حَضرته صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ماش مستبعد جدا قَالَ وَالْجمع بَين هَذَا الحَدِيث وَبَين قَوْله صلى الله عليه وسلم فِي الحَدِيث اللَّاحِق الرَّاكِب خلف الْجِنَازَة ان ذَلِك فِي حق الْمَعْذُور بِمَرَض أَو شلل أَو عرج وَنَحْو ذَلِك وَهَذَا فِي غير الْمَعْذُور وَهَذَا الحَدِيث يدل على أَن الْمَلَائِكَة تحضر الْجِنَازَة وَالظَّاهِر أَن ذَلِك عَام مَعَ الْمُسلمين بِالرَّحْمَةِ وَمَعَ الْكفَّار باللعنة قَالَ أنس مرت جَنَازَة برَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَامَ فَقيل انها جَنَازَة يَهُودِيّ فَقَالَ انا قمنا للْمَلَائكَة رَوَاهُ النَّسَائِيّ انْتهى وَفِيه إِيمَاء الى ندب الْقيام لتعظيم الكبراء والفضلاء (مرقاة)

قَوْله

[1482]

يَمْشُونَ أَمَام الْجِنَازَة اخْتلفُوا فِي الْمَشْي مَعَ الْجِنَازَة فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالْأَوْزَاعِيّ الْمَشْي خلفهَا أحب وَقَالَ الثَّوْريّ وَطَائِفَة كِلَاهُمَا سَوَاء وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد قدامها أفضل كَذَا قَالَ الشمني وَقَالَ لنا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة ان النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ من صلى على جَنَازَة فَلهُ قِيرَاط وَمن اتبعها حَتَّى يوضع فِي الْقَبْر فَلهُ قيراطان وروى عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه عَن معمر عَن بن طَاوس عَن أَبِيه قَالَ مَا مَشى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى مَاتَ الا خلف الْجِنَازَة ومروي هُوَ وَابْن أبي شيبَة عَن عبد الرَّحْمَن بن ابزى قَالَ كنت فِي جَنَازَة وَأَبُو بكر وَعمر يمشيان امامها وَعلي خلفهَا فَقلت لعَلي أَرَاك تمشي خلف الْجِنَازَة قَالَ هُوَ أظهر وادخل فِي الايقاظ والتفكر وَأقرب الى المعاونة إِذا احْتِيجَ إِلَيْهَا وروى التِّرْمِذِيّ وَأَبُو دَاوُد عَن بَان عمرَان الْجِنَازَة متبوعة وَمن تقدمها فَكَأَنَّهُ لَيْسَ مَعهَا وَدَلِيل الثَّلَاثَة هَذَا الحَدِيث الْمَذْكُور فِي الْكتاب وَقَالُوا أَيْضا ان الْقَوْم شُفَعَاء وَالشَّفِيع يتَقَدَّم فِي الْعَادة وَمن سوى الامرين قَالَ الدَّلَائِل متعارضة فَيجوز الامران وَلِحَدِيث الْمُغيرَة بن شُعْبَة الْمَذْكُور فِي الْبَاب الْمُتَقَدّم وَأَيْضًا روى زين عَن أنس أَنه قَالَ أَنْتُم شُفَعَاء فامشوا عَن خلف وامام وَيَمِين وشمال وروى فِي كتب الْفِقْه عَن أبي حنيفَة انه قَالَ لَا بَأْس بِالْمَشْيِ أَمَام الْجِنَازَة وَعَن يَمِينه ويساره لمعات

قَوْله

[1484]

الْجِنَازَة متبوعة هَذَا الحَدِيث أَيْضا يُؤَيّد مَذْهَب أبي حنيفَة وَأَبُو ماجد الرَّاوِي رجل مَجْهُول وَنقل عَن ميزَان الِاعْتِدَال ان أَبَا ماجد عَن بن مَسْعُود لَا يعرف وَقَالَ النَّسَائِيّ هُوَ مُنكر الحَدِيث وَقَالَ البُخَارِيّ ضَعِيف انْتهى لمعات

قَوْله

[1469]

حبرَة الْحبرَة من الْبرد مَا كَانَ موشيا مخططا

قَوْله

[1470]

ثَلَاث رياط الرياط جمع ريطة وَهِي كل ملاءة لَيست بلفقين أَو كل ثوب رَقِيق

قَوْله سحُولِيَّة هُوَ بِالْفَتْح منسوبة الى سحول قَرْيَة بِالْيمن وبالضم الثِّيَاب الْبيض

قَوْله

[1471]

الْحلَّة وَهِي ازار من برود الْيمن وَلَا يُطلق الا على الثَّوْبَيْنِ من جنس وَاحِد

قَوْله

ص: 106

[1474]

فليحسن كَفنه أَي ينظفه ويعطره أَي ليختير انظف الثِّيَاب وَلم يرد بِهِ مَا يَفْعَله المبذرون رِيَاء

[1486]

لَا تُؤخر الْجِنَازَة إِذا حضرت فِي الدّرّ كره تَأْخِير الْجِنَازَة وَصلَاته وَدَفنه ليُصَلِّي عَلَيْهِ جمع عَظِيم بعد صَلَاة الْجُمُعَة الا إِذا خيف فَوتهَا وَذكر شَيخنَا العابد السندي أَي صَلَاة الْجُمُعَة بِسَبَب دَفنه وَلَو اجهز الْمَيِّت صَبِيحَة يَوْم الْجُمُعَة يكره تَأْخِير الصَّلَاة وَدَفنه ليُصَلِّي عَلَيْهِ الْجمع الْعَظِيم وَلَو خَافُوا فَوت الْجُمُعَة بِسَبَب دَفنه يُؤَخر الدّفن وَيقدم صَلَاة الْعِيد على صَلَاة الْجِنَازَة وَيقدم الْجِنَازَة على الْخطْبَة قَالَ الشَّيْخ الرحمتي أَنه لَا يُؤَخر الا الدّفن دون الصَّلَاة حَيْثُ لم يُوجد مَا يُوجب تَأْخِيرهَا قَالَ وَفِي تَأْخِير الصَّلَاة مضرَّة لِأَنَّهُ رُبمَا يخرج من الْمَيِّت مَا يتلوث بِهِ الاكفان فَيمْتَنع عَن صِحَة الصَّلَاة عَلَيْهِ لاشْتِرَاط طَهَارَة بدنه وكفنه (إنْجَاح)

قَوْله

[1487]

لَا تتبعوني بمجمر هُوَ كمنبر على اسْم الالة وَهُوَ مَا يُوقد فِيهِ الطّيب وَإِنَّمَا مَنعه صلى الله عليه وسلم لِأَن فِي إِحْضَار النَّار تفاولا شرا وَبِهَذَا علم كَرَاهَة وقود النَّار وَلَو للطيب عِنْد الْمَقَابِر وَفِي حَدِيث أبي دَاوُد لعن الله زوارات الْقُبُور والمتخذين عَلَيْهَا الْمَسَاجِد والسرج (إنْجَاح)

قَوْله

[1492]

إِنَّكُم شُهَدَاء الله الْخطاب للصحابة وَمن كَانَ على صفتهمْ من الْإِيمَان وَحكى بن التِّين ان ذَلِك مَخْصُوص بالصحابة لأَنهم كَانُوا ينطقون بالحكمة بِخِلَاف من بعدهمْ ثمَّ قَالَ وَالصَّوَاب ان ذَلِك يخْتَص بالثقات والمتقين وَحَاصِل الْمَعْنى ان ثناؤهم عَلَيْهِ بِالْخَيرِ يدل على ان أَفعاله كَانَت خيرا فَوَجَبت لَهُ الْجنَّة وثناؤهم عَلَيْهِ بِالشَّرِّ يدل على ان أَفعاله كَانَت شرا فَوَجَبت لَهُ النَّار وَذَلِكَ لِأَن الْمُؤمنِينَ شُهَدَاء بَعضهم على بعض كَذَا فِي الْعَيْنِيّ

قَوْله

[1493]

فَقَامَ وَسطهَا الرِّوَايَة الْمَشْهُورَة بِالتَّحْرِيكِ وَقد يسكن وَالْفرق بَينهمَا ان المتحرك مَا بَين الطَّرفَيْنِ والساكن اسْم قَالُوا المتحرك سَاكن والساكن متحرك وَاسْتدلَّ بِهِ الشَّافِعِي على ان الْمُسْتَحبّ ان يقف الامام عِنْد عجيزة الْمَرْأَة وَالْمذهب عندنَا ان يقوم الامام حذاء صدر الْمَيِّت رجلا كَانَ أَو امْرَأَة ويناسبه رِوَايَة وسط وَقَالَ الشَّيْخ بن الْهمام هَذَا لَا يُنَافِي كَونه الصَّدْر بل الصَّدْر وَسطه بِاعْتِبَار توَسط الْأَعْضَاء إِذْ فَوْقه يَدَاهُ وراسه وَتَحْته بَطْنه وفخذاه وَيحْتَمل انه وقف كَمَا قُلْنَا الا انه مَال الى العجيزة فِي حَقّهَا فَظن الرَّاوِي ذَلِك لتقارب المحلين وَقد قَالَ الشمني انه روى عَن أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف انه يقوم من الْمَرْأَة حذاء العجيزة كَمَا هُوَ مَذْهَب الْجَمَاعَة لمعات

قَوْله

[1495]

قَرَأَ على الْجِنَازَة بِفَاتِحَة الْكتاب قَالَ عُلَمَاؤُنَا لَا يقْرَأ الْفَاتِحَة الا ان يَقْرَأها بنية الثَّنَاء وَلم يثبت الْقِرَاءَة عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَفِي موطأ مَالك عَن نَافِع ان بن عمر كَانَ لَا يقْرَأ فِي صَلَاة الْجِنَازَة وَيُصلي بعد التَّكْبِيرَة الثَّانِيَة كَمَا يُصَلِّي فِي التَّشَهُّد وَهُوَ الأولى كَذَا قَالَ الشَّيْخ بن الْهمام وَهَذَا مَذْهَب أبي حنيفَة وَمَالك وَالثَّوْري وَكَانَ عمل الصَّحَابَة فِي ذَلِك مُخْتَلفا وَقَالَ الطَّحَاوِيّ لَعَلَّ قِرَاءَة بعض الصَّحَابَة الْفَاتِحَة فِي صَلَاة الْجِنَازَة كَانَ بطرِيق الثَّنَاء وَالدُّعَاء لَا على وَجه الْقِرَاءَة وَعند مَالك وَالشَّافِعِيّ يقْرَأ الْفَاتِحَة وَيظْهر من كَلَام فتح الْبَارِي ان مُرَادهم بذلك مَشْرُوعِيَّة الْقِرَاءَة لَا وُجُوبهَا وَقَالَ الْكرْمَانِي يجب لمعات وإنجاح الْحَاجة للشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه شاه عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي قدس سره

قَوْله

ص: 107

[1498]

وصغيرنا قَالَ بن حجر الدُّعَاء للصَّغِير ليرْفَع الدَّرَجَات ويدفعه مَا ورد فِي الْمُوَطَّأ عَن أبي هُرَيْرَة انه صلى الله عليه وسلم صلى على طِفْل لم يعْمل خَطِيئَة قطّ فَقَالَ اللَّهُمَّ قه من عَذَاب الْقَبْر وضيقه وَيُمكن ان يكون المُرَاد بالصغير وَالْكَبِير الشَّاب وَالشَّيْخ فَلَا اشكال وَنقل التوربشتي عَن الطَّحَاوِيّ انه سُئِلَ عَن الاسْتِغْفَار للصبيان فَقَالَ مَعْنَاهُ السوال من الله ان يغْفر لَهُ مَا كتب فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ ان يَفْعَله بعد الْبلُوغ من الذُّنُوب كَذَا فِي الزجاجة والمرقاة

قَوْله فتوفه على الْإِيمَان خصّه بِالْإِيمَان لِأَن الْإِسْلَام أَكثر مَا يُطلق على الْأَعْمَال الظَّاهِرَة وَلَيْسَ هَذَا وَقتهَا كَذَا قيل وَالْحق أَنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ يدل عَلَيْهِ تعكيس الْعبارَة فِي الرِّوَايَات الْأُخْرَى وَقَالَ الطَّيِّبِيّ المُرَاد بِالْإِسْلَامِ فِي الرِّوَايَة الأولى الانقياد والاعمال الظَّاهِرَة وَفِي الثَّانِيَة الاستسلام وإخلاص الْعَمَل وَهُوَ فَوق الْإِيمَان قَالَه الشَّيْخ فِي اللمعات وَقَالَ الطَّحَاوِيّ لَا يخفي مُنَاسبَة الْإِيمَان بِالْمَوْتِ فَإِن الْإِسْلَام يكون بِالْأَعْمَالِ الْمُكَلف بهَا وَذَلِكَ لَا يكون الا فِي الْحَيَاة وَصِحَّة الْبدن والايمان مَدَاره الِاعْتِقَاد وَذَلِكَ هُوَ الْمُعْتَبر عِنْد الْمَوْت انْتهى

[1499]

فِي ذِمَّتك وحبل جوارك قَالَ فِي النِّهَايَة كَانَ من عَادَة الْعَرَب ان يخيف بَعضهم بَعْضًا وَكَانَ الرجل إِذا أَرَادَ سفرا اخذ عهدا من سيد كل قَبيلَة فَيَأْمَن بِهِ مَا دَامَ فِي حُدُودهَا حَتَّى يَنْتَهِي الى الْأُخْرَى فَيَأْخُذ مثل ذَلِك فَهَذَا حَبل الْجوَار أَي مَا دَامَ مجاور أرضه أَو هُوَ من الاجارة الْأمان والنصرة (زجاجة)

قَوْله

[1501]

لم يُوَقت من التَّوْقِيت بِمَعْنى التَّعْيِين أَي لم يعينوا دُعَاء مَخْصُوصًا فَإِن قلت الْأَمر كَذَلِك فِي ادعية الصَّلَاة فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ ثمَّ ليتخير بعده مَا شَاءَ من دُعَاء قُلْنَا الْفرق بَين ادعية الصَّلَاة وَبَين ادعية الْجِنَازَة ان صَلَاة الْجِنَازَة قد شرعت للدُّعَاء الْمَحْض وَلذَلِك لَا يجوز الْحَنَفِيَّة قِرَاءَة الْفَاتِحَة الْأَبْنِيَة الدُّعَاء فالامر فِيهِ التَّخَلُّص فِي الدُّعَاء وَلذَا ترى فِي الحَدِيث السَّابِق التَّخْصِيص بِأَن فلَان بن فلَان فِي ذِمَّتك وحبل جوارك الخ وان كَانَ هَذَا الْكَلَام يشبه كَلَام النَّاس وَالدُّعَاء بِهَذَا النمط فِي صَلَاة ذَات رُكُوع مَمْنُوع فَافْتَرقَا وَالْمرَاد من التخير فِي دُعَاء الصَّلَوَات اخْتِيَار مَا كَانَ مأثورا وَلَا يشبه كَلَام النَّاس (إنْجَاح)

قَوْله

[1502]

وَكبر عَلَيْهِ أَرْبعا وَفِي رِوَايَة زيد بن أَرقم بعد هَذَا الْبَاب خمْسا قَالَ القَاضِي اخْتلفت الْآثَار فِي ذَلِك فجَاء من رِوَايَة بن أبي خَيْثَمَة ان النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يكبر أَرْبعا وخمسا وستا وَسبعا وَثَمَانِية حَتَّى مَاتَ النَّجَاشِيّ فَكبر عَلَيْهِ أَرْبعا وَثَبت على ذَلِك حَتَّى توفّي صلى الله عليه وسلم قَالَ وَاخْتلفت الصَّحَابَة فِي ذَلِك من ثَلَاث تَكْبِيرَات الى تسع وروى عَن عَليّ أَنه كَانَ يكبر على أهل بدر سِتا وعَلى سَائِر الصَّحَابَة خمْسا وعَلى غَيرهم أَرْبعا قَالَ بن عبد الْبر وانعقد الْإِجْمَاع بعد ذَلِك على أَربع واجمع الْفُقَهَاء وَأهل الْفَتْوَى بالأمصار على أَربع على مَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيث الصِّحَاح وَمَا سوى ذَلِك عِنْدهم شذوذ لَا يلْتَفت اليه قَالَ وَلَا نعلم أحدا من فُقَهَاء الْأَمْصَار يُخَمّس الا بن أبي ليلى انْتهى قَالَ الْعَيْنِيّ وَبِه احْتج جَمَاهِير الْعلمَاء مِنْهُم أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَقد أجمع عَلَيْهِ أَي على الْأَرْبَع فِي زمن عمر بن الْخطاب كَمَا ذكر الطَّحَاوِيّ انْتهى وروى الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَاد من أبي وَائِل قَالَ كَانُوا يكبرُونَ على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سبعا وخمسا وستا وأربعا فَجمع عمر النَّاس على أَربع وَقَالَ الشمني قَالَ مُحَمَّد فِي الْآثَار عَن أبي حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم ان النَّاس كَانُوا يكبرُونَ على الْجَنَائِز خمْسا وستا وأربعا حَتَّى قبض النَّبِي صلى الله عليه وسلم ثمَّ كبروا ذَلِك فِي ولَايَة أبي بكر ثمَّ ولى عمر فَفَعَلُوا ذَلِك فَقَالَ لَهُم عمر انكم أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم مَتى تختلفون يخْتَلف النَّاس بعدكم وَالنَّاس حَدِيث عهد بِجَهْل فَأَجْمعُوا على كل شَيْء يجمع عَلَيْهِ من بعدكم فَاجْتمع رَأْي أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ان ينْظرُوا اخر جَنَازَة كبر عَلَيْهَا فيأخذونه ويرفضوا مَا سواهُ فوجدوا اخر جَنَازَة كبر عَلَيْهَا أَرْبعا فَأَجْمعُوا عَلَيْهِ انْتهى ثمَّ أَنه لَا دُعَاء بعد التَّكْبِيرَة الرَّابِعَة بل يسلم من غير ذكر بعْدهَا فِي ظَاهر الرِّوَايَة وَاسْتحْسن بعض المشائخ رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة وقنا عَذَاب النَّار وربنا لَا تزغ قُلُوبنَا بعد إِذْ هديتنا الايتين كَذَا فِي فتح الْقَدِير

قَوْله

[1507]

الطِّفْل يُصَلِّي عَلَيْهِ قَالَ الشَّيْخ عندنَا وَعند الشَّافِعِي هَذَا مَخْصُوص بِأَن يستهل وَهُوَ ان يكون مِنْهُ مَا يدل على الْحَيَاة من حَرَكَة عُضْو أَو رفع صَوت وَالْمُعْتَبر فِي ذَلِك خُرُوج أَكْثَره حَيا حَتَّى لَو خرج أَكْثَره وَهُوَ يَتَحَرَّك صلى عَلَيْهِ وَفِي الْأَقَل لَا وروى النَّسَائِيّ عَن جَابر إِذا اسْتهلّ الصَّبِي صلى عَلَيْهِ وَورث وَرَوَاهُ الْحَاكِم عَن أَبى الزبير وَقَالَ صَحِيح والْحَدِيث الْمَذْكُور صَححهُ التِّرْمِذِيّ بِإِسْنَادِهِ لَكِن الْحصْر مقدم على الْإِطْلَاق عِنْد التَّعَارُض كَذَا قَالَ بن الْهمام وَعند أَحْمد يصلى عَلَيْهِ من غير استهلال لهَذَا الحَدِيث وَلِحَدِيث بن عمر جَاءَ فِي مَعْنَاهُ وَقَالَ إِذا بلغ أَرْبَعَة اشهر فِي الْبَطن جَازَ وان لم يستهل لِأَنَّهُ ينْفخ فِيهِ الرّوح فِي هَذِه الْمدَّة غَايَته انه خرج مَيتا وَصَلَاة الْجِنَازَة إِنَّمَا يكون على الْمَيِّت وهم يَقُولُونَ انه لَا يُسمى مَيتا الا إِذا خرج حَيا ثمَّ مَاتَ لمعات وإنجاح الْحَاجة

قَوْله

ص: 108

[1511]

وَلَو عَاشَ لعتقت أَخْوَاله القبط الخ لِأَن أمهَا مَارِيَة كَانَت من القبط وهم قوم من أهل مصر وَكَانَت أم إِسْمَاعِيل عليه السلام هَاجر أَيْضا مِنْهُم وَهَذِه الشّرطِيَّة الْمُتَّصِلَة بالشرطية السَّابِقَة أَي لَو عَاشَ إِبْرَاهِيم لَكَانَ صديقا نَبيا وعتقت أَخْوَاله لكرامته بِالنُّبُوَّةِ والا فَنَفْس الْولادَة كَانَت مُوجبَة لهَذِهِ الْكَرَامَة وَقد تكلم بعض النَّاس فِي صِحَة هَذَا الحَدِيث كَمَا ذكره السَّيِّد جمال الدّين الْمُحدث فِي رَوْضَة الأحباب وَقَالَ بن عبد الْبر لَا أَدْرِي مَا معنى هَذَا القَوْل لِأَن أَوْلَاد نوح عليه السلام مَا كَانُوا أَنْبيَاء قَالَ الشَّيْخ الدهلوي وَهَذِه جرْأَة عَظِيمَة قلت ان كَانَ معني هَذَا القَوْل ان هَذَا الحَدِيث لم يَصح رَفعه من حَيْثُ انه روى بن ماجة بِسَنَد فِيهِ أَبُو شيبَة إِبْرَاهِيم بن عُثْمَان الْعَبْسِي قَاضِي وَاسِط وَهُوَ مَتْرُوك الحَدِيث كَمَا قَالَ بن حجر فَمُسلم وَلَكِن لَا يخفى ان الطَّرِيق الْمَوْقُوف الَّذِي أخرجه البُخَارِيّ فِي بَاب من تسمى بأسماء الْأَنْبِيَاء صَحِيح لَا شكّ فِي صِحَّته وَقد أخرج الْمُؤلف أَيْضا بِهَذَا الطَّرِيق من حَدِيث مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير عَن مُحَمَّد بن بشر عَن إِسْمَاعِيل قَالَ قلت لعبد الله بن أبي أوفى الخ وَلَا يخفى ان الحَدِيث الْبَقِيَّة ص 109 كَمَا بَين فِي أصُول الحَدِيث وَهَذَا الحَدِيث كَذَلِك لِأَنَّهُ لما علم ان ولد النَّبِي لَا يلْزم ان يكون نَبيا لزم ان يكون هَذَا القَوْل أَي لَو قضى ان يكون بعد مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم نَبِي لعاش ابْنه من جِهَة سَمَاعه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لِأَن الرَّأْي يُخَالِفهُ وَالْكَلَام فِي الحَدِيث من حَيْثُ مَعْنَاهُ مُشكل لِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم خَاتم النَّبِيين فَأُجِيب بِأَن التَّعْلِيق بالمحال يسْتَلْزم الْمحَال وَلَا يُنَافِي ذَلِك أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم ختم بِهِ النُّبُوَّة وَأَمْثَاله فِي كتاب الله تَعَالَى كَثِيرَة كَقَوْلِه تَعَالَى وَلَئِن اتبعت أهواءهم بعد مَا جَاءَك من الْعلم مَالك من الله من ولي وَلَا نصير وَقَوله تَعَالَى وَلَوْلَا ان ثَبَّتْنَاك لقد كدت تركن إِلَيْهِم شَيْئا قَلِيلا إِذا لاذقناك ضعف الْحَيَاة وَضعف الْمَمَات ثمَّ لَا تَجِد لَك علينا نَصِيرًا وَالْغَرَض أَن الشّرطِيَّة المحالية لَا تَسْتَلْزِم الْوُقُوع وَلَو كَانَ كَذَلِك لزم كذب الْمُتَكَلّم تَعَالَى الله عَن ذَلِك علوا كَبِيرا وَقد بحث الشَّيْخ عبد الْحق الْمُحدث الدهلوي فِي هَذِه المسئلة فِي مدارجه تَحت حَدِيث لَو بَقِي إِبْرَاهِيم لَكَانَ نَبيا فَليُرَاجع إنْجَاح الْحَاشِيَة الْمُتَعَلّقَة بصفحة هَذِه

قَوْله وَمَا اسْترق الخ أَي

إِذا غزا عَسْكَر الْإِسْلَام مَعَهم لم يسعهم استرقاق القبط (إنْجَاح)

قَوْله

[1512]

درت لبنية الْقسم أَي كثر لبن ثديها وامتلئت من درت الثدي إِذا وفر لبنهما واللبينة أَي ذَات اللَّبن أَي الَّتِي كَانَت ترْضِعه فِي الْقَامُوس شَاة لبون ولبنة ولبينة وملبن كمحسن ذَات لبن أَو نزل فِي ضرْعهَا (إنْجَاح)

قَوْله

[1513]

فَجعل يُصَلِّي الخ هَذَا الحَدِيث يدل على مَشْرُوعِيَّة الصَّلَاة على الشَّهِيد كَمَا هُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة وَهُوَ معَارض بِمَا فِي البُخَارِيّ عَن جَابر أَنه عليه السلام لم يصل على قَتْلَى أحد قُلْنَا حَدِيث جَابر معَارض بِحَدِيث عَطاء بن أبي رَبَاح ان النَّبِي صلى الله عليه وسلم صلى على قَتْلَى أحد أخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيل وَهَذَا مُثبت وَحَدِيث البُخَارِيّ ناف والمثبت أولى من النَّافِي كَمَا فِي الْأُصُول والمرسل عِنْد الْمُخَالف حجَّة إِذا اعتضد بِرَفْع مَعْنَاهُ وَقد روى الحاتم عَن جَابر قَالَ فقد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَمْزَة حِين فَاء النَّاس من الْقِتَال فَقَالَ رجل رَأَيْته عِنْد تِلْكَ الشَّجَرَة فجَاء رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نَحوه فَلَمَّا رَآهُ وراى مَا مثل بِهِ شهق وَبكى فَقَامَ رجل من الْأَنْصَار فَرمى عَلَيْهِ بِثَوْب ثمَّ جِيءَ بِحَمْزَة فصلى عَلَيْهِ ثمَّ بِالشُّهَدَاءِ فيوضعون الى جَانب حَمْزَة فَيصَلي عَلَيْهِم ثمَّ يرفعون وَيتْرك حَمْزَة حَتَّى صلى على الشُّهَدَاء كلهم قَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد الا ان فِي سَنَده مفضل بن صَدَقَة أَبَا حَمَّاد الْحَنَفِيّ وَهُوَ وان ضعفه يحيى وَالنَّسَائِيّ فقد قَالَ الْأَهْوَازِي كَانَ عَطاء بن مُسلم يوثقه وَكَانَ عَمْرو بن مُحَمَّد بن شُعَيْب يثني عَلَيْهِ ثَنَاء تَاما وَقَالَ بن عدي مَا أرى بِهِ بَأْسا فَلَا يقصر عَن دَرَجَة الْحسن سِيمَا إِذا اعضده غَيره وَقد أخرج أَحْمد عَن بن مَسْعُود وضع عليه السلام وَحَمْزَة وَجِيء بِرَجُل من الْأَنْصَار فَوضع على جنبه فَصلي عَلَيْهِ فَرفع الْأنْصَارِيّ وَترك حَمْزَة ثمَّ ذكر الحَدِيث حَتَّى قَالَ فصلى عَلَيْهِ يَوْمئِذٍ سبعين صَلَاة وَهَذَا أَيْضا لَا يسْقط عَن دَرَجَة الْحسن لِأَن زَاوِيَة عَطاء بن السَّائِب وان تغير فِي آخر عمره لَكِن يحْتَمل ان حَمَّاد بن سَلمَة اخذ عَنهُ قبل التَّغَيُّر قَالَ بن الْهمام وَبسط فِيهِ القَوْل وَفِيه أَيْضا ثمَّ قدم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَمْزَة فَكبر عَلَيْهِ عشرا ثمَّ يجاء بِالرجلِ فَيُوضَع وَحَمْزَة مقَامه حَتَّى صلى عَلَيْهِ سبعين صَلَاة وَكَانَ الْقَتْلَى يَوْمئِذٍ سبعين وَهَذَا لَا ينزل عَن دَرَجَة الْحسن وَذكر الْوَاقِدِيّ قصَّة جَيش عَمْرو بن الْعَاصِ فِي زمن أبي بكر رضي الله عنه حِين

بَعثه الى أَيْلَة وَأَرْض فلسطين وَذكر ان عَمْرو بن الْعَاصِ صلى على الْمُسلمين وَقد اسْتشْهدُوا مِنْهُم ثَلَاثُونَ وَمِائَة وَكَانَ مَعَ عَمْرو تِسْعَة آلَاف من الْمُسلمين (إنْجَاح)

قَوْله

[1518]

الا فِي الْمَسْجِد فِي هَذَا الحَدِيث دَلِيل لمن يَقُول بِجَوَاز صَلَاة الْجِنَازَة فِي الْمَسْجِد لِأَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صلى فِي الْمَسْجِد واستدلت عَائِشَة على الصَّحَابَة فَلم ينكروا بل سكتوا فَصَارَ إِجْمَاعًا والْحَدِيث السَّابِق ضَعِيف ضعفه أَحْمد بن حَنْبَل أَو مؤول كَمَا بَسطه النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم فَليُرَاجع اليه مُحَمَّد طَاهِر

قَوْله

[1524]

وكفنه فِي قَمِيص فَإِن قلت مَا وَجه إِعْطَاء الْقَمِيص مَعَ انه راس الْمُنَافِقين قيل أعطَاهُ اكراما لِابْنِهِ الصَّالح وَقيل تأليفا لغيره مَعَ علمه ان قَمِيصه لَا يَنْفَعهُ مَعَ كفره فروى أَنه اسْلَمْ من الْخَزْرَج الف لما راوه يطْلب الِاسْتِشْفَاء بِثَوْبِهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ أَكْثَرهم إِنَّمَا البسه مكافاة لما صنع فِي الباس عَبَّاس عَمه صلى الله عليه وسلم قَمِيصه يَوْم بدر كَمَا ذكره البُخَارِيّ ملتقط من عَيْني

قَوْله وَلم يصل عَلَيْهِم وَلم يغسلوا وَهَذَا مِمَّا اتّفق عَلَيْهِ الْعلمَاء

قَوْله

[1519]

حِين يقوم قَائِم الظهيرة أَي حِين تقوم الشَّمْس وَقت الزَّوَال فِي عين النَّاظر

قَوْله حِين تضيف أَي تميل

قَوْله

[1520]

ادخل رجلا قَبره هُوَ عبد الله ذُو النجادين

قَوْله

ص: 109

[1523]

مَا ذَاك لَك أَي مَا يَنْبَغِي ذَلِك بشأنك فَإِنَّهُ مُنَافِق أَو نقبر فِيهِنَّ المُرَاد مِنْهُ صَلَاة الْجِنَازَة لِأَن الدّفن غير مَكْرُوه وَقَالَ بن حجر مَكْرُوه

[1525]

صلوا على كل ميت هَذَا مَخْصُوص بِالْمُسْلِمين وَأهل الْقبْلَة لِأَن فِي الحَدِيث الاخر صلوا على كل بر وَفَاجِر وَلِهَذَا قَالَ فِي السراج ان الصَّلَاة خلف الْفَاسِق أفضل من الِانْفِرَاد (إنْجَاح)

قَوْله

[1526]

فدب أَي مَشى اليه بالبطؤ كدبيب النَّمْل وَعدم صلواته صلى الله عليه وسلم كَانَ للزجر والا فقاتل النَّفس لَيْسَ بِكَافِر وَكَذَلِكَ لم يصل صلى الله عليه وسلم على من مَاتَ مديونا ويستنبط مِنْهُ ان الامام الْأَعْظَم إِذا لم يصل على مِثَال هَؤُلَاءِ للزجر يسع ذَلِك لَهُ وَلَا يسع لغيره من الْمُسلمين (إنْجَاح)

قَوْله

[1527]

فصلى عَلَيْهَا أعلم ان الصَّلَاة على الْقَبْر مُخْتَلف فِيهِ بَين الْعلمَاء فَذهب الْجُمْهُور الى مشروعيتها سَوَاء صلى اولا أَو لَا وَالنَّخَعِيّ وَمَالك وَأَبُو حنيفَة على أَنه يُصَلِّي ان لم يصل اولا والا فَلَا وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف مَا جَاءَ من ذَلِك لم يكن على وَجه الصَّلَاة وَإِنَّمَا كَانَ دُعَاء واستغفار أَو كَانَ ذَلِك من خَصَائِص النُّبُوَّة كَمَا يفهم من قَوْله وان الله ينورها لَهُم بصلاتي عَلَيْهِم كَذَا فِي اللمعات واليه أَشَارَ مُحَمَّد فِي مؤطأه حَيْثُ قَالَ وَلَيْسَ صَلَاة النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا كَغَيْرِهِ الا ترى انه صلى على النَّجَاشِيّ بِالْمَدِينَةِ وَقد مَاتَ بِالْحَبَشَةِ فَصَلَاة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بركَة وطهور فَلَيْسَتْ كَغَيْرِهَا من الصَّلَوَات وَهُوَ قَول أبي حنيفَة انْتهى

قَوْله

[1528]

كنت قَائِلا صَائِما هَذَا يدل على ان دَفنهَا كَانَ بِالنَّهَارِ وَأكْثر رِوَايَات الصِّحَاح تدل على انها مَاتَت بِاللَّيْلِ فَلم يشْعر بهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَمَا فِي آخر الْبَاب من هَذَا الْكتاب فَيحمل على تعدد الْوَاقِعَة وَلَكِن فِيهِ اشكالا آخر وَهُوَ أَنه صلى الله عليه وسلم لما مَنعهم عَن دفن الْمَيِّت بِلَا استيذانه مرّة فَكيف فعلوا خِلَافه مرّة أُخْرَى فغايته ان يكون هَذَا وهما من بعض رُوَاته وَالله اعْلَم (إنْجَاح)

قَوْله

[1534]

ان النَّجَاشِيّ الخ لقب ملك الْحَبَشَة بتَخْفِيف الْيَاء قَالَ صَاحب الْمغرب سَمَاعا من الثِّقَات وَهُوَ اخْتِيَار الفارابي وَعَن صَاحب التكملة بِالتَّشْدِيدِ وَعَن الْهَرَوِيّ كلتا اللغتين وَأما تَشْدِيد الْجِيم فخطأ كَذَا فِي الْعَيْنِيّ قَالَ الشَّيْخ وَهُوَ لقب ملك الْحَبَشَة كَانَ رجلا صَالحا واسْمه اصحمة وَهُوَ بِالْعَرَبِيَّةِ عَطِيَّة والْحَدِيث متمسك الشَّافِعِي فِي الصَّلَاة على الْغَائِب وَنحن نقُول رفع سَرِيره حَتَّى رَآهُ بِحَضْرَتِهِ أَو كشف لَهُ فَيكون صَلَاة من خَلفه كَالصَّلَاةِ على ميت رَآهُ الامام بِحَضْرَتِهِ دون الْمَأْمُومين وَهَذَا غير مَانع من الِاقْتِدَاء وَقيل ذَلِك مَخْصُوص بالنجاشي فَلَا يلْحق بِهِ غَيره وَقَالَ الْقَارِي وَعَن بن عَبَّاس قَالَ كشف النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن سَرِير النَّجَاشِيّ حَتَّى رَآهُ وَصلى عَلَيْهِ

قَوْله

[1538]

فَكبر أَرْبعا يدل على ان تَكْبِيرَات الْجِنَازَة أَربع وَبِه احْتج جَمَاهِير الْعلمَاء مِنْهُم أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَقد أجمع عَلَيْهِ فِي زمن عمر بن الْخطاب كَذَا ذكره الطَّحَاوِيّ عَيْني

قَوْله

[1539]

مَا القيراطان الخ القيراط بِكَسْر الْقَاف قَالَ الْجَوْهَرِي هُوَ نصف دانق والدانق سدس دِرْهَم قَالَه الْقُسْطَلَانِيّ وَفِي الْقَامُوس القيراط والقراط بكسرهما يخْتَلف وَزنه بِحَسب الْبِلَاد فبمكة أَربع سدس دِينَار وبالعراق نصف عشرَة انْتهى وَفِي الْمجمع هُوَ عبارَة عَن ثَوَاب مَعْلُوم عِنْد الله وَفسّر بجبل عَظِيم وَتَفْسِيره بِالْجَبَلِ تَفْسِير للمقصود لَا للفظ وَيحْتَمل الْحَقِيقَة بِأَن يَجْعَل عمله جسما قدر جبل فيوزن والاستعارة عَن نصيب كَبِير انْتهى

قَوْله

[1526]

مشاقص جمع مشقص وَهُوَ نصل السهْم إِذا كَانَ طَويلا غير عريض (زجاجة)

قَوْله

[1527]

كَانَت تقم الْمَسْجِد أَي تكنسه (زجاجة)

قَوْله

[1528]

كنت قَائِلا هُوَ من القيلولة انجاح الْحَاجة

ص: 110

[1542]

حَتَّى تخلفكم بِضَم التَّاء وَكسر اللَّام الْمُشَدّدَة أَي تصيرون وَرَاءَهَا غائبين عَنْهَا قَالَ القَاضِي اخْتلف النَّاس فِي هَذِه المسئلة فَقَالَ مَالك وَأَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ الْقيام مَنْسُوخ وَقَالَ أَحْمد وَإِسْحَاق وَابْن حبيب والماجشون المالكيان هُوَ مُخَيّر قَالَ وَاخْتلفُوا فِي قيام من يشيعها عِنْد الْقَبْر فَقَالَ جمَاعَة من الصَّحَابَة وَالسَّلَف لَا يقْعد حَتَّى تُوضَع قَالُوا والنسخ إِنَّمَا هُوَ فِي قيام من مرت بِهِ وَبِهَذَا قَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَمُحَمّد بن الْحسن قَالَ اخْتلفُوا فِي الْقيام على الْقَبْر حَتَّى تدفن فكرهه قوم وَعمل بِهِ آخَرُونَ روى عَن عُثْمَان وعَلى وَابْن عمر رض وَغَيرهم هَذَا كَلَام القَاضِي وَالْمَشْهُور فِي مَذْهَبنَا ان الْقيام لَيْسَ مُسْتَحبّ وَقَالُوا هُوَ مَنْسُوخ بحدي على وَاخْتَارَ الْمُتَوَلِي من أَصْحَابنَا انه مُسْتَحبّ وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَار فَيكون الْأَمر بِهِ للنَّدْب وَالْقعُود بَيَانا للْجُوَاز وَلَا يَصح دَعْوَى النّسخ فِي مثل هَذَا لَان النّسخ إِنَّمَا يكون إِذا تعذر الْجمع بَين الْأَحَادِيث وَلم يتَعَذَّر (نووي)

قَوْله

[1549]

كَانَ على رؤوسهم الطير قَالَ الطَّيِّبِيّ هُوَ كِنَايَة عَن اطراقهم رؤوسهم وسكوتهم وَعدم التفاتهم يَمِينا وَشمَالًا أَي على رَأس كل وَاحِد الطير يُرِيد صيدها وَلَا يَتَحَرَّك وَهَذِه كَانَت صفة مجْلِس رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا تكلم اطرق جلساءه كَأَنَّهَا على رؤوسهم الطير وَأَصله ان الْغُرَاب إِذا وَقع على رَأس الْبَعِير فيلتقط مِنْهُ الحلمة والحمنانة فَلَا يُحَرك الْبَعِير رَأسه لِئَلَّا ينفر عَنهُ الْغُرَاب (مرقاة)

قَوْله

[1550]

وَفِي سَبِيل الله مُتَعَلق بِفعل مَحْذُوف وَفِي بِمَعْنى على أَي تدفنه فِي سَبِيل الله وَالْغَرَض مِنْهُ ان تشيعنا الْجِنَازَة وصلاتنا عَلَيْهَا ودفننا لَهَا بِسَبَب حكم الله وَدينه قَالَ الله تَعَالَى قل هَذِه سبيلي ادعوا الى الله على بَصِيرَة انا وَمن اتبعني الْآيَة فَسمى الدّين سَبِيلا وَالله أعلم (إنْجَاح)

قَوْله

[1551]

وسل رَسُول رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سَعْدا الخ أَي جرد السل والاسلال انتزاع الشَّيْء واخراجه فِي رفق كسل السَّيْف وَذَلِكَ بِأَن يوضع الْجِنَازَة فِي مُؤخر الْقَبْر ثمَّ أخرج من قبل رَأسه وادخل الْقَبْر وَبِه اخذ الشَّافِعِي وَعِنْدنَا السّنة ان يوضع الْجِنَازَة الى الْقبْلَة من الْقَبْر وَيحمل مِنْهُ الْمَيِّت وَيُوضَع فِي الْقَبْر وَهَكَذَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يدْخل الْمَيِّت فِي الْقَبْر كَمَا روى التِّرْمِذِيّ عَن بن عَبَّاس ان النَّبِي صلى الله عليه وسلم دخل قبرا لَيْلًا فأسرج لَهُ بسراج فَأخذ من قبل الْقبْلَة لِأَن جَانب الْقبْلَة مُعظم فَيُسْتَحَب الادخال مِنْهُ والاخبار فِي دفن النَّبِي صلى الله عليه وسلم جَاءَت متعارضه لِأَن فِي رِوَايَة الشَّافِعِي عَن بن عَبَّاس سل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من قبل رَأسه وَفِي رِوَايَة بن ماجة عَن أبي سعيد ان رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَخذ من قبل الْقبْلَة واستقبل اسْتِقْبَالًا فتساقطا وَلم يكن فِي حجرَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم سَعَة فِي ذَلِك الْجَانِب لِأَن قَبره ملصق بالجدار وَكَذَلِكَ هُنَا للضَّرُورَة فان قلت مَا روى التِّرْمِذِيّ عَن بن عَبَّاس ان النَّبِي صلى الله عليه وسلم دخل قبرا لَيْلًا الخ إِسْنَاده ضَعِيف كَمَا قَالَ مُحي السّنة فِي شرح السّنة لِأَن فِيهِ الْحجَّاج بن أَرْطَاة ومنهال بن خَليفَة وَقد اخْتلفُوا فيهمَا قلت بذلك ينحط الحَدِيث عَن دَرَجَة الصَّحِيح لَا الْحسن وَلذَا حسنه التِّرْمِذِيّ وَقَالَ أَيْضا وَفِي الْبَاب عَن جَابر وَيزِيد بن ثَابت هُوَ أَخُو زيد بن ثَابت وَحَدِيث بن عَبَّاس حَدِيث حسن صَحِيح وَقد ذهب بعض أهل الْعلم وَقَالُوا يدْخل الْمَيِّت الْقَبْر من قبل الْقبْلَة وَقَالَ بَعضهم ويسل سلا انْتهى (فَخر)

قَوْله

[1554]

اللَّحْد لنا والشق لغيرنا قَالَ النَّوَوِيّ اللَّحْد بِفَتْح اللَّام وَضمّهَا مَعْرُوف وَهُوَ الشق تَحت الْجَانِب القبلي من الْقَبْر وَفِيه دَلِيل لمَذْهَب الشَّافِعِي والاكثرين فِي ان الدّفن فِي اللَّحْد أفضل من الشق إِذا أمكن اللَّحْد واجمعوا على جَوَاز اللَّحْد والشق انْتهى وَقَالَ الشَّيْخ ان كَانَ المُرَاد بضمير الْجمع لنا الْمُسلمُونَ وبغيرنا الْيَهُود وَالنَّصَارَى مثلا فَلَا شكّ انه يدل على أَفضَلِيَّة اللَّحْد بل على كَرَاهَة غَيره وان كَانَ المُرَاد بغيرنا الْأُمَم السَّابِقَة فَفِيهِ أَيْضا أشعار بالأفضلية وعَلى كل تَقْدِير لَيْسَ اللَّحْد وَاجِبا والشق مَنْهِيّا عَنهُ والا لما كَانَ يَفْعَله أَبُو عُبَيْدَة وَهُوَ لَا يكون الا بِأَمْر من الرَّسُول أَو تَقْرِير مِنْهُ وَأَيْضًا لم يتفقوا على أَن أَيهمَا جَاءَ أَو لَا عمل عمله فَهَذَا من الاختيارات دون السّنَن أَي اللَّحْد هُوَ الَّذِي نؤثره ونختاره والشق اخْتِيَار من قبلنَا وَقيل المُرَاد بغيرنا غير أهل الْمَدِينَة من مَكَّة وَغَيرهَا لِأَن أَرض الْمَدِينَة صلبة صَالِحَة للحد بِخِلَاف ارْض مَكَّة وَهَذَا مَحل نظر وَقَالَ الطَّيِّبِيّ وَيُمكن أَنه صلى الله عليه وسلم عَنى بضمير الْجمع نَفسه أَي اوثر لي اللَّحْد وَهُوَ أَخْبَار عَن الْكَائِن فَيكون معْجزَة وَالله أعلم لمعات

قَوْله

ص: 111

[1556]

الحدوا اللَّحْد بِفَتْح اللَّام وبضم والالحاد فِي اللُّغَة الْميل وَفِي الشَّرْع الشق الَّذِي يحْفر فِي عرض الْقَبْر فِي جَانب الْقبْلَة يُقَال لحد الْقَبْر كمنع والحده عمل لَهُ لحد أَو لحد الْمَيِّت دَفنه وَالْحَد وأجاء بوصل الْهمزَة من اللَّحْد وبقطعها من الْإِلْحَاد وَاللَّبن بِفَتْح اللَّام وَكسر الْبَاء ككتف واللبنة وَاحِدهَا على مِثَال كلم وَكلمَة وَجَاء بكسرتين وَقَالَ النَّوَوِيّ فِيهِ اسْتِحْبَاب اللَّحْد وَنصب اللَّبن وَأَنه فعل ذَلِك برَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِاتِّفَاق الصَّحَابَة رضي الله عنهم وَقد نقلوا ان عدد لبنَاته صلى الله عليه وسلم تسع انْتهى

[1557]

رجل يلْحد الرِّوَايَة بِفَتْح الْيَاء من بَاب فتح وَهُوَ أَبُو طَلْحَة الْأنْصَارِيّ وَآخر يضرح أَي يشق وَهُوَ أَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح فَإِنَّهُ كَانَ يشق فِي وسط الْقَبْر وَيُطلق عَلَيْهِ الشق بِفَتْح الشين هُوَ الضريح والضريح يُقَال للقبر أَيْضا باللحد وَبلا لحد من الضرح بِمَعْنى الدّفع وضرح للْمَيت حفر لَهُ ضريحا وَاخْتلفت الصَّحَابَة فِي أَيهمَا يفعل للنَّبِي صلى الله عليه وسلم فاتفقوا على ان أَي الرجلَيْن جَاءَ اولا عمل عمله فجَاء أَبُو طَلْحَة فلحد فَلَا شكّ ان اللَّحْد يكون هُوَ الْأَفْضَل وَمَعَ ذَلِك قيل اللَّحْد أفضل ان كَانَت الأَرْض صلبة والشق أفضل ان كَانَت رخوة كَذَا نقل عَن الْجَزرِي لمعات

قَوْله

[1561]

أعلم قبر عُثْمَان بن مَظْعُون من الاعلام وَفِيه ان جعل الْعَلامَة على الْقَبْر وَوضع الْأَحْجَار ليعرفه النَّاس سنته وَهُوَ أَي عُثْمَان بن مَظْعُون أول من مَاتَ من الْمُهَاجِرين بِالْمَدِينَةِ وَأول من دفن بِالبَقِيعِ مِنْهُم وَمَا شرب الْخمر فِي الْجَاهِلِيَّة وَقَالَ لَا اشرب مَا يضْحك من هُوَ دوني وَكَانَ من أكَابِر أهل الصّفة وَأول من ضم اليه إِبْرَاهِيم بن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَلما مَاتَت زَيْنَب بنت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ الحقي بسلفنا الْخَيْر عُثْمَان بن مَظْعُون كَذَا فِي اللمعات

قَوْله

[1562]

نهى عَن تقصيص الْقُبُور قَالَ النَّوَوِيّ التقصيص بِالْقَافِ والصادين الْمُهْمَلَتَيْنِ هُوَ التجصيص والقصة بِفَتْح الْقَاف وَتَشْديد الصَّاد هِيَ الجص وَفِي هَذَا الحَدِيث كَرَاهَة تجصيص الْقَبْر وَفِي الحَدِيث الَّاتِي كَرَاهَة الْبناء عَلَيْهِ هَذَا مَذْهَب الشَّافِعِي وَجُمْهُور الْعلمَاء قَالَ أَصْحَابنَا تجصيص الْقَبْر مَكْرُوه وَالْقعُود عَلَيْهِ حرَام وَكَذَا الِاسْتِنَاد اليه والاتكاء عَلَيْهِ واما الْبناء عَلَيْهِ فَإِن كَانَ فِي ملك الْبَانِي فمكروه وان كَانَ فِي مَقْبرَة مسبلة فَحَرَام نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي والاصحاب قَالَ الشَّافِعِي فِي الام وَرَأَيْت الْأَئِمَّة بِمَكَّة يأمرون بهدم مَا يبْنى وَيُؤَيّد لهَذَا قَوْله صلى الله عليه وسلم وَلَا قبرا مشرفا الا سويته انْتهى

قَوْله

[1567]

عَن أبي الْخَيْر مرْثَد بن عبد الله الْيَزنِي مَنْسُوب الى يزن محركة أَصله يزان بطن من حمير كَذَا فِي الْقَامُوس (إنْجَاح)

قَوْله أَو اخصف نَعْلي برجلي أَي اخرزوا خيط وَهُوَ كِنَايَة عَن تحمل التَّعَب وَالْمَشَقَّة فَإِن خصف النَّعْل بِالرجلِ عسير جدا أفلو فرض فلايا من الرجل إِذا خصف نَعله بِرجلِهِ ان يجرح ابرته الرجل وَهَذَا الحَدِيث دَلِيل لمن كره الْمَشْي وَالْجُلُوس على الْمَقَابِر وروى عَن أبي حنيفَة وَمَالك جَوَازه وتأولوا الحَدِيث الْوَارِدَة فِيهِ على الْجُلُوس للْحَدَث وَالْغَائِط وَقد بسط الْعَيْنِيّ كَلَامه فِي شرح البُخَارِيّ وَعلم مِنْهُ ان الْمَيِّت لَهُ شُعُور وَلِهَذَا منع عَن التكشف فِي الْمَقَابِر كَمَا ان قَضَاء الْحَاجة فِي وسط السُّوق مَمْنُوع للتكشف للنَّاس (إنْجَاح)

قَوْله

[1568]

مَا تنقم على الله الخ من نقم كضرب وَعلم كره الْأَمر وَمَا استفهامية وَالْمرَاد مِنْهُ أَي شَيْء تكره على الله تَعَالَى مَعَ أَنه أنعمك هَذِه النِّعْمَة الْعَظِيمَة حَيْثُ تمشي مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَالْغَرَض إِظْهَار نعْمَة الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَلِهَذَا أقرّ بن الخصاصية بذلك ثمَّ أعلم ان الْمَشْي فِي النِّعَال فِي الْقُبُور كرهه قوم بِهَذَا الحَدِيث لِأَن السبتية نعل تتَّخذ من جُلُود الْبَقر المدبوغة بالقرظ وَسميت بذلك لِأَن شعرهَا قد سبت عَنْهَا أَي حلق وازيل كَذَا فِي الدّرّ النثير وَجوزهُ آخَرُونَ لحَدِيث مُسلم ان الْمَيِّت يسمع قرع نعَالهمْ وَيحْتَمل ان يكون النَّهْي للتنزيه أَو المُرَاد من قرع النِّعَال صَوتهَا خَارج الْمَقَابِر (إنْجَاح)

قَوْله

ص: 112

[1571]

فزوروها قَالَ الطَّيِّبِيّ زِيَارَة الْقَبْر مَأْذُون فِيهَا الرِّجَال وَعَلِيهِ عَامَّة أهل الْعلم واما النِّسَاء فقد روى عَن أبي هُرَيْرَة ان رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لعن زوارات الْقُبُور فَرَأى بعض أهل الْعلم ان هَذَا كَانَ قبل أَن يرخص فِي زِيَارَة الْقُبُور فَلَمَّا رخص عَمت الرُّخْصَة لَهُنَّ فِيهِ انْتهى قَالَ الْقَارِي أَقُول هَذَا الْبَحْث مَوْقُوف على التَّارِيخ والا فَظَاهر هَذَا الحَدِيث الْعُمُوم لِأَن الْخطاب فِي نَهَيْتُكُمْ كَمَا انه عَام للرِّجَال وَالنِّسَاء على وَجه التغليب وأصالة الرِّجَال فَكَذَلِك الحكم فِي فزوروها مَعَ ان مَا قيل من ان الرُّخْصَة عَامَّة لَهُنَّ واللعن كَانَ قبل الرُّخْصَة مَبْنِيّ على الِاحْتِمَال أَيْضا وَقيل يكره لَهُنَّ الزِّيَارَة لقلَّة صبرهن وجزعهن قَالَ النَّوَوِيّ واجمعوا على ان زيارتها سنة لَهُم وَهل يكره للنِّسَاء وَجْهَان قطع الْأَكْثَرُونَ بِالْكَرَاهَةِ وَمِنْهُم من قَالَ يكره وَقَالَ الْعَيْنِيّ زِيَارَة الْقُبُور مَكْرُوهَة للنِّسَاء بل حرَام فِي هَذَا الزَّمَان قلت لِأَن فِي خروجهن فتْنَة وَلما يكره خروجهن الى الْمَسَاجِد لخوف الْفِتْنَة فَهَذَا يكره بِالْأولَى لَكِن لَا يكره زِيَارَة قَبره صلى الله عليه وسلم لَهُنَّ عِنْد الْجُمْهُور فَخر فَقَالُوا نستخير رَبنَا الخ أَي نطلب الْخَيْر ورضاء الرَّحْمَن فِيمَا يفعل فَإِنَّهُ لَا يفعل بِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم الا مَا كَانَ خيرا فَأَيّهمَا من صَاحب اللَّحْد اوالضريح أَي الشق سبق تَرَكْنَاهُ يفعل فعله (إنْجَاح الْحَاجة)

[1573]

ان أبي كَانَ يصل الرَّحِم وَكَانَ وَكَانَ أَي عد مَنَاقِب أَبِيه من افعال الْبر وَالْخَيْر فَكَأَنَّهُ قَالَ وَكَانَ يطعم الْمِسْكِين وَكَانَ يفك الرَّقَبَة مثلا فَسَأَلَ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم ان أَبَاهُ مَعَ هَذِه الْأَوْصَاف الجميلة أَيْن مدخله أَي فِي الْجنَّة أم فِي النَّار فَأَجَابَهُ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّهُ فِي النَّار ثمَّ فسره وَرفع حزنه بِأَن الْمُشرك لَا يَنْفَعهُ شَيْء من الصَّدقَات والمبرات وَأما وَالِد النَّبِي صلى الله عليه وسلم ففيهما أَقْوَال المتقدمون بأجمعهم على أَنَّهُمَا مَاتَا على الْكفْر وَهُوَ مَرْوِيّ عَن أبي حنيفَة وتمسكوا بِحَدِيث الْبَاب وَغَيره وَبَعض الْمُتَأَخِّرين اثبتوا اسلامهما فَتَارَة يَقُولُونَ انهما احييا وأسلما وَهَذَا القَوْل واه حَيْثُ رده الْقُرْآن وَالْأَحَادِيث الصَّحِيحَة قَالَ الله تَعَالَى فَلَمَّا رَأَوْا بأسنا قَالُوا آمنا بِاللَّه وَحده وكفرنا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكين فَلم يَك يَنْفَعهُمْ ايمانهم لما رَأَوْا بأسنا وَقَالَ تَعَالَى وَلَيْسَت التَّوْبَة للَّذين يعْملُونَ السَّيِّئَات حَتَّى إِذا حضر أحدهم الْمَوْت قَالَ اني تبت الان وَلَا الَّذين يموتون وهم كفار وَأما حَدِيث ذهبت بِقَبْر أُمِّي فَسَأَلت ان يُحْيِيهَا الخ رَوَاهُ الْخَطِيب عَن عَائِشَة مَرْفُوعا وَرَوَاهُ بن شاهين عَنْهَا قَالَ بن الْبَاجِيّ هُوَ مَوْضُوع وَفِي إِسْنَاده مُحَمَّد بن زِيَاد النقاش لَيْسَ بِثِقَة وَأحمد بن يحيى البيرمي وَمُحَمّد بن يحيى البيرمي مَجْهُولَانِ وَقد أَطَالَ فِي اللالي الْكَلَام على هَذَا الحَدِيث وَقَالَ الصَّوَاب الحكم عَلَيْهِ بالضعف لَا بِالْوَضْعِ وَحَدِيث شفعت فِي هَؤُلَاءِ النَّضر أُمِّي وَأبي وَعمي أبي طَالب وَأخي من الرضَاعَة يَعْنِي بن السعدية رَوَاهُ الْخَطِيب عَن بن عَبَّاس مَرْفُوعا وَقَالَ بَاطِل ذكره الشَّوْكَانِيّ وَتارَة بِأَن أهل الفترة مَا كَانُوا مُشْرِكين وَلَا يخفى سخافة هَذَا القَوْل وَقد صنف الْحَافِظ السُّيُوطِيّ رِسَالَة مختصرة فِي هَذَا الْبَاب قلت وَالْقَوْل الثَّالِث السُّكُوت فِي هَذَا الْبَحْث فَإِن الْكَلَام فِيهِ رُبمَا يطول فيخل بِحَضْرَة النُّبُوَّة بِمَا هُوَ أهل لذَلِك صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِ وَتَأَول حَدِيث الْبَاب من قَالَ بإسلامهما بِأَن المُرَاد من أَبِيه أبي طَالب عَمه والْحَدِيث الأول بِأَنَّهَا مَاتَت معصومة فَلَا تحْتَاج الى الاسْتِغْفَار كَمَا ان الصَّبِي لَا يسْتَغْفر لَهُ (إنْجَاح)

قَوْله حَيْثُ مَا مَرَرْت الخ هَذَا من محَاسِن الْأَجْوِبَة فَإِنَّهُ لما وجد الْأَعرَابِي فِي نَفسه لاطفه النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَعدل الى جَوَاب عَام فِي كل مُشْرك وَلم يتَعَرَّض الى الْجَواب عَن وَالِده صلى الله عليه وسلم بِنَفْي

وَلَا اثبات وَيحْتَمل ان يكون المُرَاد بالاب الْمَسْئُول عَنهُ عَمه أَبَا طَالب فَإِنَّهُ رباه يَتِيما وَكَانَ يُقَال لَهُ أَبوهُ تكَرر ذَلِك فِي الْأَحَادِيث وَلم يعرف وَالِده صلى الله عليه وسلم حَالَة شرك مَعَ صغر سنه جدا فَإِنَّهُ توفّي وَهُوَ بن سِتّ عشرَة سنة وَقد قَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة فِي قَوْله تَعَالَى حِكَايَة عَن السَّيِّد إِبْرَاهِيم عليه السلام واجنبني وَبني ان نعْبد الْأَصْنَام مَا عبد أحد من ولد إِسْمَاعِيل صنما قطّ وَقد روى ان الله تَعَالَى احيى للنَّبِي صلى الله عليه وسلم والداه حَتَّى آمنا بِهِ وَالَّذِي نقطع بِهِ انهما فِي الْجنَّة ولي فِي ذَلِك عدَّة مؤلفات وعَلى ذَلِك حجج قَوِيَّة وَمن أقواها انهما من أهل الفترة وَقد أطبق أَئِمَّتنَا الشَّافِعِيَّة والاشعرية على ان من لم تبلغه الدعْوَة لَا يعذب وَيدخل الْجنَّة لقَوْله تَعَالَى وَمَا كُنَّا معذبين حَتَّى نبعث رَسُولا فَقَالَ الْحَافِظ بن حجر فِي كتاب الْإِصَابَة ورد عدَّة طرق فِي حق شيخ الْهَرم وَمن مَاتَ فِي الفترة وَمن ولد اكمه وَمن ولد مَجْنُونا أَو طَرَأَ عَلَيْهِ الْجُنُون قبل ان يبلغ وَنَحْو ذَلِك ان كلا مِنْهُم يُدْلِي بِحجَّة وَيَقُول لَو عقلت واذكرت لامنت فَترفع لَهُم نَار وَيُقَال ادخلوها فَمن دَخلهَا كَانَت لَهُ بردا وَسلَامًا وَمن امْتنع أدخلها كرها هَذَا معنى مَا ورد من ذَلِك قَالَ وَنحن نرجو ان يدْخل عبد الْمطلب وَأهل بَيته فِي جملَة من يدخلهَا طَائِعا فينجو الا أَبَا طَالب فَإِنَّهُ أدْرك الْبعْثَة وَلم يُؤمن وَثَبت فِي الصَّحِيح انه فِي ضحضاح من نَار (زجاجة)

قَوْله لقد كلفني الخ هَذَا مَخْصُوص بِهِ أَو الْأَمر للنَّدْب لَا للْوُجُوب وَالْمرَاد بالمشرك وَالْكَافِر من تَيَقّن كفره وَالله اعْلَم (إنْجَاح)

قَوْله

ص: 113

[1578]

هَل تدلين أَي تدخلين الْمَيِّت فِي الْقُبُور من الاولاء يُقَال اوليت الدَّلْو وليتها إِذا ارسلتها فِي البير كَذَا فِي الْمجمع ومازورات حَال أَي حَال كونكن مازورات من الْوزر وَهُوَ الْإِثْم وَهَذَا على سَبِيل المشاكلة وَالْقِيَاس موزورات وخروجهن مَعَ الْجَنَائِز مَنْهِيّ عَنهُ لِأَنَّهُ يُنَافِي التستر إنْجَاح الْحَاجة

[1587]

فَرَأى عمر امْرَأَة أَي تبْكي فصاح بهَا للزجر والتهديد وروى أَحْمد عَن بن عَبَّاس قَالَ مَاتَت زَيْنَب بنت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَبَكَتْ النِّسَاء فَجعل عمر يضربهن بِسَوْط فَأَخَّرَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ وَقَالَ مهلا يَا عمر ثمَّ قَالَ واياكن ونعيق الشَّيْطَان الحَدِيث (إنْجَاح)

قَوْله والعهد قريب أَي فالصبر صَعب وَلذَا قَالَ صلى الله عليه وسلم الصَّبْر أَي الْكَامِل عِنْد الصدمة الأولى وَالْوَاو لمُطلق الْجمع وَعكس فِيهِ التَّرْتِيب الطبيعي لِأَن قرب الْعَهْد يُورث شدَّة الْقلب وَهِي يُورث دمع الْعين ثمَّ الظَّاهِر ان بكاءها كَانَ بِصَوْت لَكِن لَا ترفعه فَنَهَاهَا عمر سد الْبَاب الذريعة حَتَّى لَا ينجر الى النِّيَاحَة الذمومة لَا سِيمَا فِي حَضْرَة النُّبُوَّة فَأمره صلى الله عليه وسلم بِتَرْكِهَا وَأظْهر عذرها فِي أفعالها وَعلم مِنْهُ ان مُجَرّد الْبكاء غير مَكْرُوه إِجْمَاعًا وَقد صدر الْبكاء عَنهُ صلى الله عليه وسلم عِنْد موت ابْنه إِبْرَاهِيم حَيْثُ قَالَ الْعين تَدْمَع وَالْقلب تحزن فالنهي فِي الحَدِيث الَّذِي أوردهُ مَحْمُول على الْبكاء المذموم مرقاة مُخْتَصرا

قَوْله

[1588]

لبَعض بَنَات الخ أَي زَيْنَب كَمَا صرح بِهِ بن أبي شيبَة قَالَه الْقَارِي وَالِابْن هُوَ عَليّ بن الْعَاصِ بن الرّبيع قَالَه الدمياطي وَقَالَ بن بطال بل بنتهَا امامة وَلم تمت فِي مَرضهَا ذَلِك وَقيل بل الْبِنْت الداعية فَاطِمَة وَالِابْن محسن بن عَليّ توشيح

قَوْله

[1589]

فَقَالَ لَهُ المعزي أما أَبُو بكر وَأما عمر هَذَا تَفْسِير لقَوْله المعزى فَكَانَ المعزي ظن ان بكاءه صلى الله عليه وسلم منَاف لمرتبة النُّبُوَّة لِأَنَّهُ حصل لَهُ بِسَبَب الْجزع على ابْنه فَعرض لقَوْله أَنْت أَحَق من عظم الله حَقه أَي من شَأْن الْأَنْبِيَاء ان يصبروا ويشكروا على المحن وَالْبَلَاء فَإِنَّهُ فعل المحبوب والمحبوب مُعظم وَهنا تَحْقِيق شرِيف وَهُوَ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم مُتَوَجّه الى الْخلق وَالْوَلِيّ مُتَوَجّه الى الْحق فَمن توجه الى الْحق لَا يلْتَفت الى مَا سواهُ لذهوله ونسيانه عَن الكائنات حَتَّى قَالَ قَائِلهمْ أُرِيد لانسى ذكرهَا فَكَأَنَّمَا مثل لي ليلى بِكُل مَكَان وَقد روى عَن بعض انه مَاتَ لَهُ ولد فَضَحِك وَعَن بَعضهم انه أخبر بِمَوْت وَلَده فَقَالَ جرو الْكَلْب مَاتَ وَلم يهتم بذلك وَهَذَا مقَام مزلة الصُّوفِيَّة اقدامهم فضلا عَن الْعَوام حَتَّى قَالَ بعض الكبراء أَن الْولَايَة أفضل من النُّبُوَّة وَأول الشُّرَّاح كَلَامه بِأَن ولَايَة ذَلِك النَّبِي أفضل من نبوته لِأَن الْوَلِيّ ملتفت الى الله وَالنَّبِيّ ملتفت الى الْخلق وَقد بَالغ شَيخنَا القطب الرباني المجدد للألف الثَّانِي فِي شناعة هَذَا القَوْل وَأطَال الْكَلَام فِيهِ وَحَاصِله ان التَّوَجُّه الى الْخلق عَيْني لَيْسَ كتوجه الْعَوام فَإِنَّهُ بعد وُصُوله الى مرتبَة عين الْيَقِين رَجَعَ الى الْخلق من الحكم الرباني وَهُوَ مَعَ ذَلِك كَائِن مَعَ النَّاس بَائِن عَنْهُم وَهُوَ يُعْطي كل ذِي حق حَقه فكينونته مَعَ الْخلق مَعَ هَذِه الْبَيْنُونَة ارْفَعْ حَالا مِمَّن كَانَ مَعَ الْحق فَقَط وَهَذَا التَّحْقِيق قَطْرَة من بحاره رضي الله عنه من أَرَادَ الِاطِّلَاع عَلَيْهِ فَعَلَيهِ بمكاتيبه (إنْجَاح)

قَوْله لَوْلَا أَنه الخ أَي لَو لم يكن الْمَوْت وَعدا صَادِقا واجتماعنا مَعَك فِي البرزخ أَو فِي الْآخِرَة مَوْعُود من الله تَعَالَى لحزننا عَلَيْك أَكثر مِمَّا حزننا هَذَا القَوْل مِنْهُ صلى الله عليه وسلم تَسْلِيَة لَهُ وَلمن مَاتَ لَهُ حميم فَإِن الْإِنْسَان إِذا تَأمل وَنظر أَن هَذِه الْمُفَارقَة قَليلَة وان الْمَآل الى الْآخِرَة وثمة يجْتَمع الاولون مَعَ الآخرين لهانت عَلَيْهِ مصائب الْفِرَاق إنْجَاح الْحَاجة

قَوْله

[1590]

ان للزَّوْج الى آخِره يَعْنِي ان للزَّوْج فِي قلب الْمَرْأَة لشعبة من الْمحبَّة والالفة لَيْسَ تِلْكَ الشعبة من الْمحبَّة لشَيْء اخر أَي لَاحَدَّ فِي قَلبهَا وَلِهَذَا إِذا سَمِعت بِمَوْت أَخِيهَا استرجعت فَقَط وَإِذا سَمِعت بِمَوْت زَوجهَا تندب بالتأوه والحزن 12 (إنْجَاح)

قَوْله

[1591]

وَلَا يبْكين الخ بكاءهن على موتاهن كَانَ قبل النَّهْي وَأما بعد وَاقعَة أحد فقد حرم فَلَا يَنْبَغِي لأحد ان يبكي بعد هَذِه الْوَاقِعَة وَالله أعلم (إنْجَاح)

قَوْله

[1592]

المراثي قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ ان ينْسب الْمَيِّت فَيُقَال وافلاناه قَالَ الْخطابِيّ انما كره من المراثي النِّيَاحَة على مَذْهَب الْجَاهِلِيَّة فَأَما الثَّنَاء وَالدُّعَاء للْمَيت فَغير مَكْرُوه لِأَنَّهُ رثى غير وَاحِد من الصَّحَابَة وَذكر فِيهِ وَفِي الصَّحَابَة كثير من المراثي (زجاجة)

قَوْله

[1594]

واكاسياه من قَوْلهم كسوت الرجل إِذا البست لَهُ الْكسْوَة وَهَذَا تجزع بِإِظْهَار مَا كَانَ يحصل لَهَا بِسَبَب الْمَيِّت من رَاحَة المعاش من الْكسْوَة وَالطَّعَام (إنْجَاح)

قَوْله يتعتع أَي يعنف من قَوْلهم تعتعه إِذا حركه بعنف أَي يزْجر الْمَيِّت بعد هَذِه الصِّفَات (إنْجَاح)

قَوْله

ص: 114

[1596]

إِنَّمَا الصَّبْر الخ قَالَ الْخطابِيّ الْمَعْنى ان الصَّبْر الَّذِي يحمد عَلَيْهِ صَاحبه مَا كَانَ عِنْد مفاجأة الْمُصِيبَة بِخِلَاف مَا بعد ذَلِك فَإِنَّهُ بعد الْأَيَّام يسلو وَقَالَ الطَّيِّبِيّ إِذْ هُنَاكَ سُورَة الْمُصِيبَة فيثاب على الصَّبْر وَبعدهَا تنكسر سورتها فَيصير الصَّبْر طبعا فَلَا يُثَاب عَلَيْهَا

[1599]

ورجاء ان يخلفه الله أَي يخلف الله أَبَا بكر فِي أمته وَقد فعله الله تَعَالَى مَا رجى فَإِنَّهُ أحكم دينه وابرم حكمه وَقَاتل الْمُرْتَدين والمعاندين فجزاه الله تَعَالَى عَن أمته خير الْجَزَاء (إنْجَاح)

قَوْله فليتعز بمصيبته أَي ليتسل قلبه عَن الْمُصِيبَة الَّتِي أَصَابَته بالمصيبة الَّتِي هِيَ بِسَبَب وفاتي لِأَنَّهُ لَا شَيْء أَشد على الْمُسلمين من موت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لِأَنَّهُ كَانَ امنة لأمته فَإِذا مَاتَ أصَاب النَّاس من الْفِتَن والاهواء والاعمال والتغير مَالا يكَاد يُحْصى (إنْجَاح)

قَوْله

[1602]

من عزى مصابا الخ هَذَا الحَدِيث أوردهُ بن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات وَقَالَ تفرد بِهِ عَليّ بن عَاصِم عَن مُحَمَّد بن سوقة وَقد كذبه شُعْبَة وَيزِيد بن هَارُون وَيحيى بن معِين وَقَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه يُقَال أَكثر مِمَّا ابْتُلِيَ بِهِ عَليّ بن عَاصِم بِهَذَا الحَدِيث نقموا عَلَيْهِ انْتهى وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ تفرد بِهِ عَليّ بن عَاصِم وَهُوَ أحد مَا أنكر عَلَيْهِ قَالَ وَقد روى أَيْضا عَن غَيره وَقَالَ الْخَطِيب هَذَا الحَدِيث مِمَّا أنكرهُ النَّاس على عَليّ بن عَاصِم وَكَانَ أَكثر كَلَامهم فِيهِ بِسَبَبِهِ وَقد رَوَاهُ عبد الحكم بن مَنْصُور وروى عَن سُفْيَان الثَّوْريّ وَشعْبَة وَإِسْرَائِيل وَمُحَمّد بن الْفضل وَعبد الرَّحْمَن بن مَالك بن مغول والْحَارث بن عمر بن الْمقري كلهم عَن بن سوقة وَلَيْسَ شَيْء مِنْهَا ثَابتا وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر كل المتابعين لعَلي بن عَاصِم أَضْعَف مِنْهُ بِكَثِير وَلَيْسَ فِيهَا رِوَايَة يُمكن التَّعَلُّق بهَا الا طَرِيق إِسْرَائِيل فقد ذكرهَا صَاحب الْكَمَال من طَرِيق وَكِيع عَنهُ وَلم أكف على اسنادها بعد وَقَالَ الصّلاح العلائي قد رَوَاهُ إِبْرَاهِيم بن مُسلم ذكره بن حبَان فِي الثِّقَات وَلم يتَكَلَّم فِيهِ أحد وَقيس بن الرّبيع صَدُوق مُتَكَلم فِيهِ لَكِن حَدِيثه يُؤَيّد رِوَايَة عَليّ بن عَاصِم وَيخرج بِهِ عَن ان يكون ضَعِيفا واهيا فضلا عَن أَن يكون مَوْضُوعا انْتهى (زجاجة)

قَوْله

[1603]

الا تَحِلَّة الْقسم قَالَ فِي النِّهَايَة قيل أَرَادَ بالقسم قَوْله تَعَالَى وان مِنْكُم الا واردها تَقول الْعَرَب ضَربته تحليلا وضربته تعزيرا إِذا لم يُبَالغ فِي ضربه وَهَذَا مثل فِي الْقَلِيل المفرط الْقلَّة وَهُوَ أَن يُبَاشر من الْفِعْل الَّذِي يقسم عَلَيْهِ الْمِقْدَار الَّذِي يبر بِهِ قسمه فَالْمَعْنى لَا تمسه النَّار الا مسته يسيرَة مثل تَحِلَّة قسم الْحَالِف وَيُرِيد بتحلته الْوُرُود على النَّار والاجتياز بهَا وَالتَّاء فِي التحلة زَائِدَة وَقَالَ القَاضِي عِيَاض قَوْله الا تَحِلَّة الْقسم مَحْمُولَة على الِاسْتِثْنَاء عِنْد الْأَكْثَر وَعبارَة عَن الْقلَّة عِنْد بَعضهم يُقَال مَا ضربه الا تحليلا إِذا لم يُبَالغ فِي الضَّرْب قدرا يُصِيب مِنْهُ مَكْرُوه وَقيل الا بِمَعْنى الْوَاو أَي لَا تمسه النَّار كثيرا وَلَا قَلِيلا وَلَا مِقْدَار تَحِلَّة الْقسم انْتهى وَقَالَ بن الْحَاجِب فِي أَمَالِيهِ الحَدِيث مَحْمُول على الْوَجْه الثَّانِي فِي قَوْلك مَا تَأْتِينَا فتحدثنا وَلَا يَسْتَقِيم على الْوَجْه الأول لِأَن معنى الأول ان يكون الْفِعْل الأول سَببا للثَّانِي كَقَوْلِك مَا تَأْتِينَا فتحدثنا أَي لَو اتيتنا وَلَيْسَ عِلّة لقَوْله لَا يَمُوت لرجل لِأَنَّهُ يُؤَدِّي الى عكس الْمَعْنى الْمَقْصُود وَيصير الْمَعْنى ان الْأَوْلَاد سَبَب لولوج النَّار وَالْمَقْصُود ضد الْمَعْنى الْمَذْكُور وَإِذا حمل على الْوَجْه الثَّانِي وَهُوَ ان الْغَرَض ان الثَّانِي لَا يكون عقب الأول أَفَادَ الْفَائِدَة الْمَقْصُودَة بِالْحَدِيثِ إِذْ يصير الْمَعْنى ان ولوج النَّار لَا يكون عقب موت الْأَوْلَاد وَهُوَ الْمَقْصُود فَإِنَّهُ إِذا لم يكن الولوج مَعَ موت الْأَوْلَاد وَجب دُخُول الْجنَّة إِذْ لَيْسَ بَين الْجنَّة وَالنَّار منزلَة أُخْرَى فِي الْآخِرَة فَثَبت ان الْخَبَر لَا يُمكن حمله الا على الْوَجْه الثَّانِي لَا على الْوَجْه الأول انْتهى وَقَالَ الاشرفي الْفَاء إِنَّمَا تنصب الْمُضَارع بتقديران إِذا كَانَ بَين مَا قبلهَا وَمَا بعْدهَا سَبَبِيَّة وَلَا سَبَبِيَّة هُنَا إِذْ لَا يجوز ان يكون موت الْأَوْلَاد وَعَدَمه سَببا لولوجهم النَّار فالفاء بِمَعْنى الْوَاو وَالَّتِي للجمعية وَتَقْدِيره لَا يجْتَمع لمُسلم موت ثَلَاثَة من الْأَوْلَاد وولوج النَّار وَنَظِيره مَا من عبد يَقُول بِسم الله الَّذِي لَا يضر مَعَ اسْمه شَيْء فيضره بِالنّصب وَتَقْدِيره لَا يجْتَمع لعَبْدِهِ هَذِه الْكَلِمَات ومضرة شَيْء إِيَّاه انْتهى (زجاجة)

قَوْله

[1604]

لم يبلغُوا الْحِنْث قَالَ فِي النِّهَايَة أَي لم يبلغُوا مبلغ الرِّجَال فَيجْرِي عَلَيْهِم الْقَلَم فَيكْتب عَلَيْهِم الْحِنْث وَهُوَ الْإِثْم قَالَ الْجَوْهَرِي بلغ الْغُلَام الْحِنْث أَي المعصة وَالطَّاعَة (زجاجة)

قَوْله

[1607]

لسقط الخ قَالَ فِي النِّهَايَة السقط بِالْكَسْرِ وَالْفَتْح وَالضَّم وَالْكَسْر أَكْثَرهَا الْوَلَد الَّذِي يسْقط من بطن أمه قبل تَمَامه يَعْنِي ان ثَوَاب السقط أَكثر من ثَوَاب كبار من الْأَوْلَاد وَلِأَن فعل الْكَبِير يَخُصُّهُ أجره وثوابه وان شَاركهُ الْأَب فِي بعضه وثواب السقط موفر على الْأَب (زجاجة)

قَوْله

ص: 115

[1610]

لما جَاءَ نعي جَعْفَر قَالَ فِي اللمعات النعي بفتحالنون وَسُكُون الْعين الاخبار بِمَوْت أحد والنعي على وزن فعيل بِمَعْنى خبر الْمَوْت وَقد جَاءَ بِمَعْنى الناعي أَي الْمخبر وَيصِح حمله عَلَيْهِ وَالْأول بل الثَّانِي أظهر وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَنه يسْتَحبّ للجيران والأقارب تهية طَعَام لأهل الْمَيِّت قَالَ بن الْهمام وَيسْتَحب لجيران أهل الْمَيِّت والاقرباء والاياعد تهيئة طَعَام لَهُم يشبعهم يومهم وليلتهم لقَوْله صلى الله عليه وسلم اصنعوا لآل جَعْفَر طَعَاما فقد أَتَاهُم مَا يشغلهم وَقيل ثَلَاثَة أَيَّام مُدَّة التَّعْزِيَة وَيكرهُ اتِّخَاذ الضِّيَافَة من أهل الْمَيِّت لِأَنَّهُ شرع فِي السرُور لَا فِي الشرور وَهِي بِدعَة مستقبحة انْتهى

[1611]

حَتَّى كَانَ حَدِيثا فَترك أَي ترك عمله أَو ترك من حَيْثُ السّنة بل صَار بِدعَة مذمومة قَالَ السُّيُوطِيّ فِي الدّرّ النثير الْأَمر الْحَادِث الْمُنكر الَّذِي لَيْسَ بِمَعْرُوف فِي السّنة والمفاد من هَذَا الحَدِيث وَالله أعلم ان هَذَا الْأَمر كَانَ فِي الِابْتِدَاء على الطَّرِيقَة المسنونة ثمَّ صَار حَدثا فِي الْإِسْلَام حَيْثُ صَار مفاخرة ومباهاة كَمَا هُوَ الْمَعْهُود فِي زَمَاننَا لِأَن النَّاس يَجْتَمعُونَ عِنْد أهل الْمَيِّت فيبعث اقاربهم اطعمة لَا تَخْلُو عَن التَّكَلُّف فَيدْخل بِهَذَا السَّبَب الْبِدْعَة الشنيعة فيهم وَأما صَنْعَة الطَّعَام من أهل الْمَيِّت إِذا كَانَ للْفُقَرَاء فَلَا بَأْس بِهِ لِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قبل دَعْوَة الْمَرْأَة الَّتِي مَاتَ زَوجهَا كَمَا فِي سنَن أبي دَاوُد وَأما إِذا كَانَ للأغنياء والاضياف فمنوع ومكروه لحَدِيث أَحْمد وَابْن ماجة فِي الْبَاب الَّاتِي كُنَّا نرى الِاجْتِمَاع وصنعة الطَّعَام من أهل الْمَيِّت من النِّيَاحَة أَي نعد وزره كوزر النوح (إنْجَاح)

قَوْله

[1613]

موت غربَة شَهَادَة هَذَا الحَدِيث أوردهُ بن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات من وَجه آخر عَن عبد الْعَزِيز وَلم يصب فِي ذَلِك وَقد سقت لَهُ طرقا كَثِيرَة فِي اللالئ المصنوعة قَالَ الْحَافِظ بن حجر فِي التَّخْرِيج إِسْنَاد بن ماجة ضَعِيف لِأَن الْهُذيْل مُنكر الحَدِيث وَذكر الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْعِلَل الْخلاف فِيهِ على الْهُذيْل وَصحح قَول من قَالَ عَن الْهُذيْل عَن عبد الْعَزِيز عَن نَافِع عَن بن عمر (زجاجة)

قَوْله موت غربَة شَهَادَة قَالَ أهل التَّحْقِيق الغربة غربتان غربَة بالجسم وغربة بِالْقَلْبِ وَهُوَ الْمشَار اليه بقوله صلى الله عليه وسلم كن فِي الدُّنْيَا كَأَنَّك غَرِيب أَو كعابر سَبِيل وعد نَفسك من أهل الْقُبُور وَهُوَ يحصل بتحصيل الْمَوْت الارادي وَترك التَّعَلُّق بِمَا سوى الله لمعات

قَوْله

[1614]

قيس لَهُ أَي قدر لَهُ الى مُنْقَطع اثره أَي مَوضِع انْقَطع فِيهِ سَفَره وانْتهى اليه فَمَاتَ فِيهِ وَالْمرَاد اثر اقدام وَقَالَ الطَّيِّبِيّ المُرَاد بالأثر الاجل يُسمى اثرا لِأَنَّهُ يتبع الْعُمر وَأَصله أَيْضا من أثر الاقدام فَإِن من مَاتَ لَا يبْقى لاقدامه اثر فأفهم وَقَوله فِي الْجنَّة مُتَعَلق بقيس وَظَاهر الْعِبَادَة انه يعْطى لَهُ فِي الْجنَّة مَكَان هَذَا الْمِقْدَار وَهَذَا لَيْسَ بِمُرَاد فَإِن هَذَا الْمِقْدَار من الْمَكَان لَا اعْتِبَار بِهِ فِي جنب سَعَة الْجنَّة الا ان يُقَال المُرَاد ثَوَاب عمل عمله فِي مثل هَذَا الْمسَافَة لَا يخْتَص بِعَمَلِهِ فِي مولده وَقَالَ الطَّيِّبِيّ المُرَاد أَنه يفسح لَهُ فِي قَبره مِقْدَار مَا بَين قَبره وَبَين مولده وَيفتح لَهُ بَاب الْجنَّة فَتَأمل لمعات

قَوْله

[1615]

من مَاتَ مَرِيضا الخ هَذَا الحَدِيث أوردهُ بن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات وَأعله إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أبي يحيى الْأَسْلَمِيّ فَإِنَّهُ مَتْرُوك قَالَ وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل إِنَّمَا هُوَ من مَاتَ مرابطا وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ ثَنَا بن مخلد ثَنَا أَحْمد بن عَليّ الابار ثَنَا بن أبي سكينَة الْحلَبِي قَالَ سَمِعت إِبْرَاهِيم بن أبي يحيى يَقُول حدثت بن جريج بِهَذَا الحَدِيث من مَاتَ مرابطا فروى عني من مَاتَ مَرِيضا وَمَا هَكَذَا حدثته مِصْبَاح الزجاجة

قَوْله

[1616]

ككسره حَيا يَعْنِي فِي الْإِثْم قَالَ الطَّيِّبِيّ الْإِشَارَة الى أَنه لَا يهان الْمَيِّت كَمَا لَا يهان الْحَيّ قَالَ بن عبد الْبر يُسْتَفَاد مِنْهُ أَن الْمَيِّت يتألم بِجَمِيعِ مَا يتالم بِهِ الْحَيّ وَمن لَازمه ان يستلذ بِمَا يستلذ بِهِ الْحَيّ وَالله أعلم انْتهى

قَوْله

[1618]

فَقلت أَي أمه هُوَ مخفف أُمَّاهُ وَالْهَاء للسكتة قَوْله اشْتَكَى أَي مرض فعلق ينفث أَي طفق وَشرع قَوْله فَجعلنَا نشبه نفثه الخ النفث كالنفخ الصَّوْت يخرج من الْفَم وان كَانَ مَعَ الرِّيق فَهُوَ التفل وَهَذَا أقل من التفل كَذَا فِي الْقَامُوس وَالْغَرَض مِنْهُ وَالله أعلم انه صلى الله عليه وسلم من شدَّة الْمَرَض والضعف ينفث على جسده الشريف كَمَا ينفث آكل الزَّبِيب زبيبه وَذَلِكَ أَن أكل الزَّبِيب ينفخه قَلِيلا لقلَّة التُّرَاب وَالْغُبَار عَلَيْهِ بِخِلَاف أكل الشّعير وَغَيره فَإِن فِيهِ النفخ أَشد لِأَنَّهُ مقشر وَقيل هَذَا تَشْبِيه لغلظة بزاقه لِأَنَّهُ من أكل زبيبا يغلظ بزاقه فَكَأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَار بزاقه بِسَبَب الْحمى غليظا وَذَلِكَ بِسَبَب يبس رطوبته الغريزية وَالله أعلم وَقَوله فَلَمَّا ثقل أَي اشْتَدَّ مَرضه وَقَوله ان يدرن عَلَيْهِ أَي كَمَا كَانَ صلى الله عليه وسلم يَدُور عَلَيْهِنَّ فِي حَال الصِّحَّة كَذَلِك يدرن عَلَيْهِ فِي حَالَة الْمَرَض (إنْجَاح)

قَوْله لم تسمه عَائِشَة فَإِن قلت فَلم لم تسم عَائِشَة قلت لِأَن الْعَبَّاس كَانَ دَائِما يلازم أحد جانبيه وَأما جَانب الاخر فَتَارَة كَانَ عَليّ فِيهِ وَتارَة أُسَامَة فلعدم ملازمته لذَلِك لم يذكرهُ لَا للعداوة وَلَا لنحوها حاشا من ذَلِك كرماني

قَوْله

[1619]

والحقني بالرفيق الْأَعْلَى الرفيق جمَاعَة الْأَنْبِيَاء الساكنين أَعلَى عليين فعيل بِمَعْنى جمَاعَة كالصديق والخليط يَقع على الْوَاحِد وَالْجمع وَمِنْه وَحسن أُولَئِكَ رَفِيقًا والرفيق الْمرَافِق فِي الطَّرِيق وَقيل مَعْنَاهُ الحقني بِاللَّه يُقَال الله رَفِيق بعباده من الرِّفْق والرأفة قَالَ الْكرْمَانِي أَي الْمَلأ الْأَعْلَى من الْمَلَائِكَة أَو الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم من النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ انْتهى

قَوْله

ص: 116

[1622]

أَشد عَلَيْهِ الوجع قَالَ الْقَارِي شدَّة الْمَوْت لَيست من المنذرات بِسوء الْعَاقِبَة بل لرفع الدَّرَجَات الْعَالِيَة

[1623]

بِالْمَاءِ أَي لتبريد حرارة الْمَوْت أَو لدفع الغشي أَو لتنظيف الْوَجْه عِنْد التَّوَجُّه الى ربه (مرقاة)

قَوْله

[1624]

كَأَنَّهُ ورقة مصحف قَالَ النَّوَوِيّ هُوَ عبارَة عَن الْجمال البارع وَحسن الْبشرَة وصفاء الْوَجْه واستنارته والمصحف مثلث الْمِيم (زجاجة)

قَوْله

[1626]

كَانَ وَصِيّا قَالَ الْقُرْطُبِيّ الشِّيعَة قد وضعُوا أَحَادِيث أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أوصى بالخلافة لعَلي فَرد عَلَيْهِم جمَاعَة من الصَّحَابَة ذَلِك وَكَذَا من بعدهمْ فَمن ذَلِك مَا استدلت بِهِ عَائِشَة كَمَا سَيَأْتِي وَمن ذَلِك ان عليا لم يدع لنَفسِهِ وَلَا بعد الْخلَافَة وَلَا ذكره أحد من الصَّحَابَة يَوْم السَّقِيفَة كَذَا فِي الْفَتْح وَفِي سر الْحلَبِي قَالَ على رضي الله عنه لَو كَانَ من النَّبِي صلى الله عليه وسلم عهد فِي ذَلِك مَا تركت الْقِتَال على ذَلِك وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لم يمت فِي مرّة بل مكث أَيَّامًا وليالي يَأْتِيهِ الْمُؤَذّن فيؤذنه بِالصَّلَاةِ فيأمر أَبَا بكر يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَهُوَ يرى مَكَاني فَلَمَّا مَاتَ صلى الله عليه وسلم اخترنا لدنيانا من رضيه صلى الله عليه وسلم لديننا فَبَايَعْنَاهُ انْتهى مُخْتَصرا

قَوْله

[1627]

ان يُمِيتك مرَّتَيْنِ قيل هُوَ على على حَقِيقَته وَأَشَارَ بذلك الى الرَّد على مَا قَالَ عمر رضي الله عنه وَغَيره انه سَيَجِيءُ فَيقطع أَيدي رجال لِأَنَّهُ لَو صَحَّ ذَلِك للَزِمَ ان يَمُوت موتَة أُخْرَى فَأخْبر أَنه أكْرم على الله من ان يجمع عَلَيْهِ موتتين كَمَا جمعهَا على غَيره كَالَّذِين اخْرُجُوا من دِيَارهمْ وهم الوف وكالذي مر على قَرْيَة وَهَذَا أوضح الْأَجْوِبَة وأسلمها وَقل أَرَادَ أَنه لَا يَمُوت موتَة أُخْرَى فِي الْقَبْر كَغَيْرِهِ أَو يحيى ليسأل ثمَّ يَمُوت وَهَذَا جَوَاب الدَّاودِيّ وَقيل كنى بِالْمَوْتِ الثَّانِي عَن الكرب إِذْ لَا يلقِي بعد كرب هَذَا الْمَوْت كربا آخر وَأغْرب من قَالَ المُرَاد بالموتة الْأُخْرَى موت الشَّرِيعَة لَا يجمع الله عَلَيْك موتك وَمَوْت شريعتك وَيُؤَيّد هَذَا القَوْل قَول أبي بكر بعد ذَلِك فِي خطبَته من كَانَ يعبد مُحَمَّدًا فَإِن مُحَمَّد قد مَاتَ وَمن كَانَ يعبد الله فَإِن الله حَيّ لَا يَمُوت قَالَه الْقُسْطَلَانِيّ وَقَالَ الْكرْمَانِي فِي الحَدِيث جَوَاز تَقْبِيل الْمَيِّت وان تسجية الْمَيِّت مُسْتَحبّ صِيَانة من الانكشاف وَستر صورته المتغيرة عَن الاعين

قَوْله

ص: 117

[1628]

يصلونَ قَالَ النَّوَوِيّ اخْتلف هَل صلى عَلَيْهِ فَقيل لم يصل عَلَيْهِ أحد أصلا وَإِنَّمَا كَانَ النَّاس يدْخلُونَ ارسالا يدعونَ وينصرفون وَاخْتلف هَؤُلَاءِ فِي عِلّة ذَلِك فَقيل لفضيلته فَهُوَ غَنِي عَن الصَّلَاة عَلَيْهِ وَهَذَا ينكسر بِغسْلِهِ وَقيل بل لِأَنَّهُ لم يكن هُنَاكَ امام وَهَذَا غلط فَإِن امامة الْفَرَائِض لم تتعطل وَلِأَن بيعَة أبي بكر كَانَت قبل دَفنه وَكَانَ إِمَام النَّاس قبل الدّفن الصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور أَنهم صلوا فُرَادَى فَكَانَ يدْخل فَوْج يصلونَ فُرَادَى ثمَّ يخرجُون ثمَّ يدْخل فَوْج آخر فيصلون كَذَلِك ثمَّ دخلت النِّسَاء بعد الرِّجَال ثمَّ الصّبيان وَإِنَّمَا اخروا دَفنه صلى الله عليه وسلم من يَوْم الْإِثْنَيْنِ الى لَيْلَة الْأَرْبَعَاء أَو آخر نَهَار الثلثاء للاشتغال بِأَمْر الْبيعَة ليَكُون لَهُم إِمَام يرجعُونَ الى قَوْله ان اخْتلفُوا فِي شَيْء من أُمُور تَجْهِيزه وَدَفنه وينقادون لأَمره لِئَلَّا يُؤَدِّي الى النزاع وَاخْتِلَاف الْكَلِمَة وَكَانَ هَذَا أهم الْأُمُور انْتهى قلت وَنقل عَن عَليّ أَنه قَالَ لم يؤم النَّاس على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أحد لِأَنَّهُ كَانَ إمامكم فِي الْحَيَّات وَبعد الْمَمَات وَأول من صلى عَلَيْهِ كَانَ أهل بَيته عَليّ وعباس وَبَنُو هَاشم ثمَّ الْمُهَاجِرُونَ ثمَّ الْأَنْصَار فَخر الْحسن

قَوْله اخذ قطيفة هُوَ كسَاء لَهُ خمل قَالَ النَّوَوِيّ القاها شقران وَقَالَ كرهت ان يلبسهَا أحد بعد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَقد نَص الشَّافِعِي وَالْعُلَمَاء على كَرَاهَة وضع قطيفة أَو مضربة أَو مخدة وَنَحْو ذَلِك تَحت الْمَيِّت وشذ عَنْهُم الْبَغَوِيّ فَقَالَ لَا بَأْس بذلك لهَذَا الحَدِيث وَالصَّوَاب كَرَاهَته كَمَا قَالَ الْجُمْهُور وَأَجَابُوا عَن الحَدِيث بِأَن شقران انْفَرد بِفعل ذَلِك وَإِنَّمَا فعله لما ذكرنَا عَنهُ من كَرَاهَة ان يلبسهَا أحد بعده وَخَالفهُ غَيره فروى الْبَيْهَقِيّ عَن بن عَبَّاس انه كره ان يَجْعَل تَحت الْمَيِّت ثوب فِي قَبره انْتهى وَقَالَ بن عبد الْبر انها أخرجت قبل اهالة التُّرَاب

[1631]

وَمَا نفضنا النفض هُوَ تَحْرِيك الشَّيْء ليزول عَنهُ التُّرَاب وَغَيره وَقَوله حَتَّى انكرنا قُلُوبنَا أَي تَغَيَّرت حَال قُلُوبنَا بِمُجَرَّد وَفَاتَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم (إنْجَاح)

قَوْله

[1633]

نَظرنَا هَكَذَا وَهَكَذَا كالمتحير إِذا ضل السَّبِيل وَلَا يجد من يسلكه لِأَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وان خلف بعده الْكتاب وَالسّنة لَكِن يحْتَاج فهيما الى الرَّأْي وَالِاجْتِهَاد وَهُوَ يحْتَمل الْخَطَأ وَالصَّوَاب (إنْجَاح)

قَوْله

[1634]

فَتلفت فِي الْقَامُوس لغته يلفته لواه وَصَرفه عَن رَأْيه وَمِنْه الِالْتِفَات والتلفت وغرضها رض ان حُضُور الصَّلَاة كَانَ مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على أتم الْوُجُوه لوُجُود المرشد الْكَامِل وَعدم الْفِتْنَة والحائل فَلذَلِك مَا كَانَ يعدو أَي يتَجَاوَز بصر أحدهم مَوضِع قَدَمَيْهِ وَتغَير حَالهم فِي خلَافَة الصّديق حَتَّى عدا بصرهم الى مَوضِع الجبين وَهُوَ مَوضِع السُّجُود والحظ فِي خلَافَة الْفَارُوق وَلَكِن لم يشتت بصرهم عَن الْقبْلَة وزالت فِي الدولة العثمانية بِسَبَب حُدُوث الْفِتْنَة وَفِيه ان الشَّيْخَيْنِ كَانَا أولى بالخلافة من الخلتين لِعَظَمَة شَأْنهمَا وَتحمل ثقل النُّبُوَّة وَقَالَ بن مَسْعُود مَا زلنا أعزة مذ أسلم عمر وَمَا زلنا اذلة مذ مَاتَ عمر أنجاح

قَوْله

[1635]

الى أم أَيمن هِيَ أم أُسَامَة بن زيد بن حَارِثَة كَانَت مولاة النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَكَانَ ورثهَا من أَبِيه وَهِي حاضنة وَكَانَ يُحِبهَا وَيُحب أَوْلَادهَا وَزوجهَا زيد بن حَارِثَة غُلَام خَدِيجَة الْكُبْرَى رض الَّذِي وهبته لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَكَذَا ذكره بعض الْمُحَقِّقين وَتوفيت بعد شَهَادَة عمر بِعشْرين يَوْمًا (إنْجَاح)

قَوْله

[1636]

وَفِيه النفخة أَي النفخة الثَّانِيَة الَّتِي توصل الْأَبْرَار الى النَّعيم الْمُقِيم الْبَاقِيَة وَفِيه الصعقة أَي الصَّيْحَة وَالْمرَاد بِهِ الصَّوْت الْحَائِل الَّذِي يَمُوت الْإِنْسَان من هوله وَهِي النفخة الأولى (مرقاة)

قَوْله معروضة عَليّ يَعْنِي على وَجه الْقبُول فِيهِ والا فَهِيَ دَائِما تعرض عَلَيْهِ بِوَاسِطَة الْمَلَائِكَة الا عِنْد رَوْضَة فيسمعها بِحَضْرَتِهِ (مرقاة)

قَوْله ارمت بِفَتْح الرَّاء وَإِسْكَان الْمِيم وَفتح التَّاء المخففة ويروى بِكَسْر الرَّاء أَي بليت وَقيل الْبناء للْمَفْعُول من الارم وَهُوَ الْأكل أَي صرت مَأْكُولا للْأَرْض وَقيل بِالْمِيم الْمُشَدّدَة التَّاء الساكنة أَي أرمت الْعِظَام وَصَارَت رميما ويروى أرممت بالميمين أَي صرت رميما (مرقاة)

قَوْله تَأْكُل اجساد الْأَنْبِيَاء وَكَذَلِكَ سَائِر الْأَمْوَات أَيْضا يسمعُونَ السَّلَام وَالْكَلَام ويعرض عَلَيْهِم أَعمال اقاربهم نعم الْأَنْبِيَاء يكون حياتهم على الْوَجْه الاكمل (مرقاة)

قَوْله

[1638]

كل عمل الخ قَالَ الْبَيْضَاوِيّ لما أَرَادَ بقوله كل عمل الْحَسَنَات من الْأَعْمَال وضع الْحَسَنَة فِي الْخَبَر مَوضِع الضَّمِير الرَّاجِع الى المبتداء وَالْمعْنَى ان الْحَسَنَات يضاعفن جزاءها من عشر أَمْثَالهَا الى سبع مائَة الا الصَّوْم فَإِن ثَوَابه لَا يقاده قدر وَلَا يقدر على احصائه الا الله تَعَالَى وَلذَلِك يتَوَلَّى جزاءه بِنَفسِهِ وَلَا يكله الى الْمَلَائِكَة والموجب لاخْتِصَاص الصَّوْم بِهَذَا الْفضل امران أَحدهمَا ان سَائِر الْعِبَادَات مِمَّا يطلع الْعباد عَلَيْهِ وَالصَّوْم سر بَينه وَبَين الله تَعَالَى خَالِصا لوجه الله تَعَالَى ويعامله بِهِ طَالبا الرضاه واليه أَشَارَ بقوله فَإِنَّهُ لي وَثَانِيهمَا ان سَائِر الْحَسَنَات رَاجِعَة الى صرف المَال والاشتغال الْبدن بِمَا فِيهِ رِضَاهُ وَالصَّوْم يتَضَمَّن كسر النَّفس وتعريض الْبدن للنقصان والنحول مَعَ مَا فِيهِ من الصَّبْر على مقبض الْجُوع وحرقة الْعَطش فبينه وَبَينهَا بعد بعيد واليه أَشَارَ بقوله يدع شَهْوَته وَطَعَامه من أَجلي انْتهى (زجاجة)

قَوْله أَنا اجزى بِهِ بَيَان لِكَثْرَة ثَوَابه لِأَن الْكَرِيم إِذا أخبر انه يتَوَلَّى بِنَفسِهِ الْجَزَاء اقْتضى عَظمَة وسعة أَي انا اجازيه لَا غَيْرِي بِخِلَاف سَائِر الْعِبَادَات فَإِن جزاءها قد يُفَوض الى الْمَلَائِكَة وَقد أَكْثرُوا فِي معنى قَوْله الصَّوْم لي وَأَنا اجزي بِهِ ملخصه ان الصَّوْم لَا يَقع فِيهِ الرِّيَاء كَمَا يَقع فِي غَيره لِأَنَّهُ لايطهر من بن ادم بِفِعْلِهِ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْء فِي الْقلب أَو انه احب الْعِبَادَات الى الله أَو الْإِضَافَة للتشريف وان الِاسْتِغْنَاء عَن الطَّعَام وَنَحْوه من صِفَات الرب فَلَمَّا يقرب الصَّائِم اليه بِمَا يُوَافق صِفَاته إِضَافَة إِلَيْهِ وَأَن الصّيام لم يعبد بِهِ غير الله تَعَالَى وَاتَّفَقُوا على ان المُرَاد بالصيام هُنَا صِيَام من سلم صِيَامه من الْمعاصِي قولا وفعلا فتح الْبَارِي وعيني مُخْتَصرا

قَوْله

ص: 118

[1642]

صفدت الشَّيَاطِين الخ قَالَ القَاضِي عِيَاض يحْتَمل انه على ظَاهره وَحَقِيقَته وان تصفيد الشَّيَاطِين وتغليق أَبْوَاب جَهَنَّم وتفتيح أَبْوَاب الْجنَّة عَلامَة لدُخُول الشَّهْر وتعظيم لِحُرْمَتِهِ وَيكون التصفيد ليمتنعوا من ايذاء الْمُسلمين والتهويش عَلَيْهِم قَالَ وَيجوز ان يكون المُرَاد الْمجَاز وَتَكون إِشَارَة الى كَثْرَة الثَّوَاب وَالْعَفو وَلِأَن الشَّيَاطِين يقل أغواءهم وايذاءهم فيصيرون كالمصفدين وَيكون تصفيدهم عَن أَشْيَاء دون أَشْيَاء وَالنَّاس دون نَاس وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة فتحت أَبْوَاب الرَّحْمَة وَجَاء فِي حَدِيث آخر صفدت مَرَدَة الشَّيَاطِين قَالَ القَاضِي وَيحْتَمل ان يكون فتح أَبْوَاب الْجنَّة عبارَة عَمَّا يَفْتَحهُ الله تَعَالَى لِعِبَادِهِ من الطَّاعَات فِي هَذَا الشَّهْر الَّتِي لَا تقع فِي غَيره عُمُوما كالصيام وَالْقِيَام وَفعل الْخيرَات والانكفاف عَن كثير من المخالفات وَهَذِه أَسبَاب لدُخُول الْجنَّة وأبواب لَهَا وَكَذَلِكَ تغليق أَبْوَاب النَّار وتصفيد الشَّيَاطِين عبارَة عَمَّا ينكفون عَنهُ من المخالفات وَمعنى صفدت غللت والصفد بِفَتْح الْفَاء الغل بِضَم الْغَيْن وَهُوَ معنى سلسلت فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى انْتهى

قَوْله صفدت بِلَفْظ الْمَجْهُول من التصفيد يصفده شده وأوثقه كأصفده وصفده وككتاب مَا يوثق بِهِ الاسير من قيد وَقَوله ومردة الْجِنّ بِفَتَحَات جمع مَا ورد وَهُوَ الغالي الشَّديد المتجرد للشر وَالْمرَاد من التصفيد والتغليق وَالْفَتْح الْمَذْكُورَة اما حقائقها أَو كِنَايَة عَن قلَّة اغواء الشَّيَاطِين وَفعل الْخيرَات والكف عَن المخالفات وَأغْرب من قَالَ بتخصيصه بِزَمَان النُّبُوَّة وَإِرَادَة الشَّيَاطِين المسترق للسمع وَالظَّاهِر الْعُمُوم وَلعدم خصوصها فِي ذَلِك الزَّمَان برمضان الا ان يُرَاد الْكَثْرَة أَو الْغَلَبَة لمعات وَفتحت أَبْوَاب الْجنَّة قَالَ الشَّيْخ فِي اللمعات فتح أَبْوَاب الْجنَّة كِنَايَة عَن التَّوْفِيق لِلْخَيْرَاتِ الَّذِي هُوَ سَبَب لدُخُول الْجنَّة وَكَذَلِكَ فتح أَبْوَاب السَّمَاء كَمَا فِي رِوَايَة كِنَايَة عَن تَنْزِيل الرَّحْمَة وَكَثْرَتهَا وتواترها وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة فتحت أَبْوَاب الرَّحْمَة وغلق أَبْوَاب جَهَنَّم كِنَايَة عَن تخلص نفوس الصوام من بواعث الْمعاصِي بقمع الشَّهَوَات وَلَا يحسن حملهَا على الظَّاهِر لِأَن ذكرهَا على سَبِيل لمن على الصوام وَأي فَائِدَة فِي فتح بَاب السَّمَاء وَكَذَا فِي فتح أَبْوَاب الْجنَّة وغلق أَبْوَاب جَهَنَّم لِأَنَّهُ لَا يدْخل فِيهَا أحد مَا دَامَ فِي هَذِه الدَّار الا ان يُقَال الْمَقْصُود بَيَان شرف رَمَضَان وفضله على سَائِر الشُّهُور وانزال الرَّحْمَة والتوفيق

والتخلص الْمَذْكُور حَاصِل أَيْضا أَو يحمل ذَلِك على أَن الْأَمر مُتَعَلق بِمن مَاتَ من صوام رَمَضَان من صالحي أهل الْإِيمَان وعصاتهم الَّذين استحقوا الْعقُوبَة فوصول الرّوح من الْجنَّة وَعدم إِصَابَة نفح جَهَنَّم وسمومها عَلَيْهِم فِي عَالم البرزخ أَكثر وأوفر على تَقْدِير الْفَتْح والغلق كَذَا قيل انْتهى

قَوْله ونادى مُنَاد يَا باغي الْخَيْر أقبل الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ أَي طَالب الثَّوَاب اقبل هَذَا أَو انك فَإنَّك تُعْطى ثَوابًا كثيرا لعلم قَلِيل وَذَلِكَ لشرف الشَّهْر وَيَا من يسْرع وَيسْعَى فِي الْمعاصِي تب وارجع الى الله هَذَا أَو أَن قبُول التَّوْبَة قَوْله وَللَّه عُتَقَاء ولعلك تكون مِنْهُم قَوْله وَذَلِكَ فِي كل لَيْلَة قَالَ الطَّيِّبِيّ الْإِشَارَة اما للبعيد وَهُوَ النداء أَو للقريب وَهُوَ لله عُتَقَاء قلت الثَّانِي أرجح بِدَلِيل الحَدِيث الَّذِي يَلِيهِ وَأما ونادى فَإِنَّهُ مَعْطُوف على صفدت الَّذِي هُوَ جَوَاب إِذا كَانَت أول لَيْلَة (زجاجة)

قَوْله

[1645]

من صَامَ هَذَا الْيَوْم أَي الْيَوْم الَّذِي يشك فِيهِ وَهُوَ الْيَوْم الْمُحْتَمل لِأَن يكون أول رَمَضَان بِأَن غم هلاله بغيم أَو غَيره وَالْمرَاد الصَّوْم بنية رَمَضَان وَالْمُخْتَار عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَمَالك وَأكْثر الْأَئِمَّة ان لَا يَصُوم يَوْم الشَّك وان صَامَ فليصم بنية النَّفْل وَيسْتَحب ذَلِك عندنَا لمن صَامَ يَوْمًا يعْتَاد وللخواص وَيفْطر غَيرهم بعد نصف النَّهَار وَقَالَ أَحْمد وَجَمَاعَة إِذا كَانَ بالسماء غيم فَلَيْسَ صَوْم الشَّك ويحسب صَوْمه عَن رَمَضَان وَكَانَ بن عَمْرو وَكثير من الصَّحَابَة إِذا مضى من شعْبَان تِسْعَة وَعِشْرُونَ يَوْمًا التمسوا الْهلَال فَإِن رَأَوْهُ أَو سمعُوا خَبره صَامُوا والا فَإِن كَانَ المطلع صافيا بِغَيْر عِلّة أَصْبحُوا مفطرين وان كَانَ فِيهِ عِلّة صَامُوا وَحمل الْجُمْهُور على صَوْم النَّفْل لمعات

قَوْله

[1654]

فَإِن غم عَلَيْكُم أَي حَال بَيْنكُم وَبَينه غيم فِيهِ دلَالَة لمَذْهَب مَالك وَأبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَالْجُمْهُور أَنه لَا يجوز صَوْم يَوْم الشَّك وَلَا يَوْم الثَّلَاثِينَ من شعْبَان عَن رَمَضَان إِذا كَانَت لَيْلَة الثَّلَاثِينَ لَيْلَة غيم قَوْله فاقدروا لَهُ بِكَسْر الدَّال وَضمّهَا وَقيل الضَّم خطاء رِوَايَة قَالَ النَّوَوِيّ اخْتلف الْعلمَاء فِي معنى فاقدروا لَهُ فَقَالَت طَائِفَة مَعْنَاهُ ضيقوا لَهُ وقدروه تَحت السَّحَاب وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا أَحْمد وَغَيره مِمَّن يجوز صَوْم لَيْلَة الْغَيْم عَن رَمَضَان وَقَالَ بن شُرَيْح وَجَمَاعَة فيهم مطرف بن عبد الله وَابْن قُتَيْبَة وَآخَرُونَ مَعْنَاهُ قدروه بِحِسَاب الْمنَازل وَذهب مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو حنيفَة وَجُمْهُور السّلف وَالْخلف الى ان مَعْنَاهُ قدرُوا لَهُ تَمام الْعدَد ثَلَاثِينَ يَوْمًا اواحتج الْجُمْهُور بالروايات الْمَذْكُورَة فِي مُسلم وَغَيره فأكملوا الْعدَد ثَلَاثِينَ وَهُوَ تَفْسِير لَا قدرُوا لَهُ وَلِهَذَا لم يجتمعا فِي رِوَايَة بل تَارَة يذكر هَذَا ويؤكده رِوَايَة فاقدروا ثَلَاثِينَ قَالَ الْمَازرِيّ حمل جُمْهُور الْفُقَهَاء قَوْله صلى الله عليه وسلم فاقدروا لَهُ على ان المُرَاد إِكْمَال الْعدة ثَلَاثِينَ كَمَا فسره فِي حَدِيث آخر قَالُوا وَلَا يجوز ان يكون المُرَاد حِسَاب المنجمين لِأَن النَّاس لَو كلفوا بِهِ ضَاقَ عَلَيْهِم لِأَنَّهُ لَا يعرفهُ الا افراد وَالشَّرْع انما يعرف النَّاس بِمَا يعرف جماهيرهم انْتهى

قَوْله

ص: 119

[1659]

شهرا عيد لَا ينقصان الخ أَي فِي الحكم وان نقصا فِي الْعدَد أَي يَنْبَغِي ان لَا يعرض فِي قُلُوبكُمْ شكّ إِذا صمتم تسعا وَعشْرين يَوْمًا أَو ان يَقع فِي الْحَج خطاء لم تكن فِي نسككم نقص (زجاجة)

قَوْله شهرا عيد لَا ينقصان الخ قَالَ النَّوَوِيّ وَالأَصَح ان مَعْنَاهُ لَا ينقص اجرهما وَالثَّوَاب الْمُرَتّب عَلَيْهِمَا وان نقص عددهما وَقيل مَعْنَاهُ لَا ينقصان جَمِيعًا فِي سنة وَاحِدَة غَالِبا وَقيل لَا ينقص ثَوَاب ذِي الْحجَّة عَن ثَوَاب رَمَضَان لِأَن فِيهِ الْمَنَاسِك حَكَاهُ الْخطابِيّ وَهُوَ ضَعِيف وَالْأول هُوَ الصَّوَاب الْمُعْتَمد وَمَعْنَاهُ ان قَوْله صلى الله عليه وسلم من صَامَ رَمَضَان إِيمَانًا واحتسابا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَقَوله صلى الله عليه وسلم من قَامَ ايمانا واحتسابا وَغير ذَلِك فَكل هَذِه الْفَضَائِل تحصل سَوَاء تمّ عدد رَمَضَان أم نقص وَالله أعلم انْتهى

[1661]

صَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي السّفر وَأفْطر اخْتلف الْعلمَاء فِي صَوْم رَمَضَان فِي السّفر فَقَالَ بعض أهل الظَّاهِر لَا يَصح صَوْم رَمَضَان فِي السّفر فَإِن صَامَهُ لم ينْعَقد وَيجب قَضَاءَهُ بِظَاهِر الْآيَة وَبِحَدِيث لَيْسَ من الْبر الصّيام فِي السّفر وَفِي الحَدِيث الاخر أُولَئِكَ العصاة وَقَالَ جَمَاهِير الْعلمَاء وَجَمِيع أهل الْفَتْوَى يجوز صَوْمه فِي السّفر وَينْعَقد ويجزيه وَاخْتلفُوا فِي ان الصَّوْم أفضل أم الْفطر أم هما سَوَاء فَقَالَ مَالك وَأَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَالْأَكْثَرُونَ ان الصَّوْم أفضل لمن اطاقه بِلَا مشقة ظَاهِرَة وَلَا ضَرَر فَإِن تضرر بِهِ فالفطر أفضل وَاحْتَجُّوا بِصَوْم النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَعبد الله بن رَوَاحَة وَغَيرهمَا وَبِغير ذَلِك من الْأَحَادِيث وَلِأَنَّهُ يحصل بِهِ بَرَاءَة الذِّمَّة فِي الْحَال وَقَالَ سعيد بن الْمسيب وَالْأَوْزَاعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَغَيرهم الْفطر أفضل مُطلقًا وَحَكَاهُ بعض بعض أَصْحَابنَا قولا للشَّافِعِيّ وَهُوَ غَرِيب وَاحْتَجُّوا بِمَا سبق لأهل الظَّاهِر وَبِحَدِيث حَمْزَة بن عَمْرو الْأَسْلَمِيّ الْمَذْكُور فِي مُسلم وَهُوَ قَوْله صلى الله عليه وسلم هِيَ رخصَة من الله فَمن اخذ بهَا فَحسن وَمن احب ان يَصُوم فَلَا جنَاح عَلَيْهِ فَظَاهره تَرْجِيح الْفطر وَأجَاب الْأَكْثَرُونَ بِأَن هَذَا كُله فِيمَن يخَاف ضَرَرا أَو يجد مشقة كَمَا هُوَ صَرِيح فِي الْأَحَادِيث واعتمدوا حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ الْمَذْكُور فِي مُسلم قَالَ كُنَّا نغزوا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي رَمَضَان فمنا الصَّائِم وَمنا الْمُفطر فَلَا يجد الصَّائِم على الْمُفطر وَلَا الْمُفطر على الصَّائِم يرَوْنَ أَن من وجد قُوَّة صَامَ فَإِن ذَلِك حسن ويرون أَن من وجد ضعفا فَأفْطر فَإِن ذَلِك حسن وَهَذَا صَرِيح فِي تَرْجِيح مَذْهَب الْأَكْثَرين وَهُوَ تَفْضِيل الصَّوْم لمن اطاقه بِلَا ضَرَر وَلَا مشقة ظَاهِرَة وَقَالَ بعض الْعلمَاء الْفطر وَالصَّوْم سَوَاء لتعادل الْأَحَادِيث وَالصَّحِيح قَول الْأَكْثَرين نووي قَوْله

[1663]

فِي الْيَوْم الْحَار الشَّديد الْحر الشَّديد الْحر صفة ثَانِيَة لليوم وَالْإِضَافَة لفظية لَا يُفِيد تعريفا فِي الْمُضَاف فَلهَذَا عرف بِاللَّامِ وَهَذَا الصّفة مَعْنَاهُ الْمُبَالغَة انجاح قَوْله 3 رخص رَسُول الله صلى الله عليه وسلم للحبلى الخ قَالَ بعض أهل الْعلم الْحَامِل والمرضع تفطران وتقضيان وتطعمان وَبِه يَقُول سُفْيَان وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَقَالَ بَعضهم يفطران ويطعمان وَلَا قَضَاء عَلَيْهِمَا وان شاءتا قضتا وَلَا إطْعَام عَلَيْهِمَا وَبِه قَالَ إِسْحَاق وَمذهب أَئِمَّتنَا ان تفطرا ان خافتا على ولديهما وتقضيا مَكَانَهُ وَلَا إطْعَام عَلَيْهِمَا (إنْجَاح)

قَوْله

[1671]

وَقعت على امْرَأَتي الخ مَذْهَب لعلماء كَافَّة وجوب الْكَفَّارَة على الْجَامِع عَامِدًا إِجْمَاعًا افسد بِهِ صَوْم يَوْم من رَمَضَان وَالْكَفَّارَة عتق رَقَبَة فَإِن عجز عَنْهَا فصوم شَهْرَيْن مُتَتَابعين فَإِن عجز فاطعام سِتِّينَ مِسْكينا فَعِنْدَ الشَّافِعِي لكل مِسْكين مد من طَعَام ورطل وَثلث بالبغدادي وَعند أبي حنيفَة لكل مِسْكين نصف صَاع فَإِن قلت فِي هَذَا الحَدِيث دلَالَة على مَذْهَب الشَّافِعِي لِأَن الْعرق مَا يسع فِيهِ خَمْسَة عشر صَاعا قلت قَالَ فِي الْمغرب الْعرق مَا يسع ثَلَاثِينَ صَاعا فَإِذن يدل هَذَا الحَدِيث على مَذْهَب أبي حنيفَة على انه لَا دلَالَة فِيهِ على ان الْعرق كل مَا وَجب عَلَيْهِ من الْكَفَّارَة (فَخر)

قَوْله إِذا اتى بمكتل يدعى الْعرق قَالَ فِي الدّرّ النثير المكتل بِكَسْر الْمِيم الزنبيل الْكَبِير قيل انه يسع خَمْسَة عشر صَاعا وَالْجمع مكاتل والعرق بِفَتْح الْعين وَالرَّاء زنبيل منسوج من خوص (إنْجَاح)

قَوْله فأطعمه عِيَالك إِنَّمَا اذن لَهُ فِي إطْعَام عِيَاله لِأَنَّهُ كَانَ مُحْتَاجا ومضطر الى الْإِنْفَاق على عِيَاله فِي الْحَال وَالْكَفَّارَة على التَّرَاخِي فَأذن لَهُ فِي أكله وإطعام عِيَاله وَبقيت الْكَفَّارَة فِي ذمَّته وَإِنَّمَا لم يبين لَهُ بَقَاؤُهَا فِي ذمَّته لِأَن تَأْخِير الْبَيَان الى وَقت الْحَاجة جَائِز عِنْد جَمَاهِير الاصوليين وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب فِي معنى الحَدِيث (نووي)

قَوْله

[1672]

لم يجزه صِيَام الدَّهْر كُله وَفِي رِوَايَة لم يقْضِي عَنهُ صَوْم الدَّهْر قَالَ الشَّيْخ فِي اللمعات هَذَا من بَاب التَّشْدِيد وَالْمُبَالغَة والا فالكفارة بصيام شَهْرَيْن تجزى عَنهُ انْتهى أَقُول وَيُمكن ان يكون مَعْنَاهُ ان صِيَام الدَّهْر كُله لَا يبلغ دَرَجَة صَوْم وَاحِد فِي الثَّوَاب أَو فِي الْكَيْفِيَّة وان كَانَ الْكَفَّارَة بصيام شَهْرَيْن ترفع الْوُجُوب عَن الذِّمَّة (إنْجَاح)

قَوْله

ص: 120

[1673]

فَإِنَّمَا أطْعمهُ الله الخ هَذَا بَيَان رَحْمَة الله يرحم الله تَعَالَى عباده بأنواع الرحمات لَا يعدها وَلَا يحصرها الْإِنْسَان الضَّعِيف العنوان (إنْجَاح)

[1677]

السِّوَاك قَالَ الْمظهر لَا يكره السِّوَاك فِي جَمِيع النَّهَار بل سنة عِنْد أَكثر أهل الْعلم وَهُوَ مَذْهَب مَالك وَأبي حنيفَة لِأَنَّهُ تَطْهِير وَقَالَ بن عمر رض يكره بعد الزَّوَال لِأَن خلوف الصَّائِم اثر الْعِبَادَة والخلوف يظْهر عِنْد خلو الْمعدة من الطَّعَام وخلو الْمعدة لَا يكون عِنْد الزَّوَال غَالِبا وَإِزَالَة اثر الْعِبَادَة مَكْرُوهَة وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَأحمد قَالَ الشمني الخلوف بِضَم الْخَاء تغير رَائِحَة الْفَم من خلو الْمعدة وَذَلِكَ لَا يَزُول بِالسِّوَاكِ بل إِنَّمَا يَزُول اثره الظَّاهِر على السنين من الاصفرار (مرقاة)

قَوْله

[1678]

اكتحل قَالَ الْمظهر الاكتحال لَيْسَ بمكروه وان ظهر طعمه فِي الْحلق عِنْد الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة وَكَرِهَهُ أَحْمد (مرقاة)

قَوْله

[1681]

وبإسناده عَن أبي قلَابَة أَي بِإِسْنَاد أَحْمد بن يُوسُف الى أبي قلَابَة وَفِي بعض النّسخ ثَنَا أَحْمد بن يُوسُف السّلمِيّ ثَنَا عبد الله الرَّحبِي ثَنَا شَيبَان عَن أبي قلَابَة (إنْجَاح)

قَوْله أفطر الحاجم والمحجوم قَالَ الْبَيْضَاوِيّ وَذهب الى ظَاهر الحَدِيث جمع من الْأَئِمَّة وَقَالُوا يفْطر الحاجم والمحجوم مِنْهُم الامام أَحْمد وَإِسْحَاق وَقَالَ آخَرُونَ تكره الْحجامَة للصَّائِم وَلَا يفْسد الصَّوْم بهَا وحملوا الحَدِيث على التَّشْدِيد وإنهما نقصا أجر صيامهما وابطلاه بارتكاب هَذَا الْمَكْرُوه أَو مَعْنَاهُ تعرضا للافطار كَمَا يُقَال هلك فلَان إِذا تعرض للهلاك (زجاجة)

قَوْله

[1682]

احْتجم الخ أَي وَلم يفْطر وَهَذَا هُوَ مَذْهَب الامام أبي حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَهُوَ الْمَرْوِيّ من فعله صلى الله عليه وسلم وَجَمَاعَة من الصَّحَابَة سعد بن أبي وَقاص وَعبد الله بن عمر وَزيد بن أَرقم وَأم سَلمَة رضي الله عنهم وَذهب الامام أَحْمد وَطَائِفَة من الْعلمَاء الى ان الْحجامَة تفطر الحاجم والمحجوم لحَدِيث مرو عُلَمَاء وَمذهب أَحْمد بالغوا فِي تَصْحِيحه وتأييد مَذْهَبهم ونصرته بالمعقول وَالْمَنْقُول وَالْجُمْهُور أولُوا ذَلِك الحَدِيث بِأَن المُرَاد بالإفطار التَّعَرُّض لَهُ والوقوع فِيهِ اما الحاجم فلوصول شَيْء إِلَى جَوْفه بمص القارورة وَأما المحجوم فلعروض الضعْف لمعات

قَوْله

[1683]

يقبل الخ قَالَ الشَّيْخ وَالْمذهب عندنَا انه لَا بَأْس بالقبلة إِذا آمن على نَفسه الْجِمَاع أَو الْإِنْزَال وَيكرهُ ان لم يَأْمَن لِأَن الْقبْلَة لَيْسَ بمفطر وَيُمكن ان يُفْضِي الى الْإِفْطَار فِي الْعَاقِبَة فَفِي حَالَة الامن يعْتَبر ذَاتهَا وَفِي غير حَالَة الا من يعْتَبر عَاقبَتهَا وَقَالَ مُحَمَّد فِي الْمُوَطَّأ والكف أفضل وَهُوَ قَول أبي حنيفَة والعامة والمباشرة فِي حكم التَّقْبِيل فِي ظَاهر الرِّوَايَة ويروى عَن مُحَمَّد أَنه يكره الْمُبَاشرَة الْفَاحِشَة لغَلَبَة خوف الْفِتْنَة فِيهَا وَفِي الْمَوَاهِب ان مَذْهَب الشَّافِعِي وَأَصْحَابه ان الْقبْلَة لَيست بمحرمة على من لم يَتَحَرَّك الشَّهْوَة بهَا لَكِن الأولى تَركهَا وَأما من تحرّك الشَّهْوَة فَهِيَ حرَام فِي حَقه على الْأَصَح لمعات

قَوْله

[1685]

عَن شُتَيْر بن شكل فِي الْقَامُوس شُتَيْر كزبير بن شكل بِفتْحَتَيْنِ تَابِعِيّ وَقَالَ فِي التَّقْرِيب يُقَال انه أدْرك الْجَاهِلِيَّة (إنْجَاح)

قَوْله

[1686]

قد أفطر هَذَا تحذير مِنْهُ صلى الله عليه وسلم انهما تعرضا للافطار وَلَعَلَّه صلى الله عليه وسلم قد علم من حَالهمَا انهما لَا يملكَانِ انفسهما عَن الوقاع والا فقد روى أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ انه عليه السلام رخص فِي الْقبْلَة للصَّائِم والحجامة رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَقَالَ رُوَاته كلهم ثِقَات كَذَا ذكر الشَّيْخ عَابِد السندي فِي حَاشِيَة الدّرّ (إنْجَاح)

قَوْله

[1689]

من لم يدع قَول الزُّور هُوَ الْكَذِب والبهتان وَالْعَمَل بِهِ أَي الْعَمَل بِمُقْتَضَاهُ من الْفَوَاحِش وَمَا نهى الله تَعَالَى عَنهُ فَلَا حَاجَة لله ان يدع طَعَامه وَشَرَابه قَالَ الْبَيْضَاوِيّ الْمَقْصُود من إِيجَاب الصَّوْم ومشروعيته لَيْسَ نفس الْجُوع والعطش بل مَا يتبعهُ من كسر الشَّهَوَات وإطفاء نائرة الْغَضَب وتطويع النَّفس الامارة للنَّفس المطمئنة فَإِذا لم يحصل لَهُ شَيْء من ذَلِك وَلم يكن لَهُ من صِيَامه الا الْجُوع والعطش لم يبال الله تَعَالَى بصومه وَلم ينظر اليه نظر قبُول وَقَوله فَلَا حَاجَة لله مجَاز عَن عدم الِالْتِفَات لَهُ وَالْقَبُول بِنَفْي السَّبَب وَإِرَادَة الْمُسَبّب مِصْبَاح الزجاجة للسيوطي رحمه الله

قَوْله

[1692]

تسحرُوا الخ قَالَ فِي النِّهَايَة السّحُور بِالْفَتْح اسْم مَا يتسحر بِهِ من الطَّعَام وَالشرَاب وبالضم الْمصدر وَالْفِعْل نَفسه وَأكْثر مَا يرْوى بِالْفَتْح وَقيل ان الصَّوَاب بِالضَّمِّ لِأَنَّهُ بِالْفَتْح الطَّعَام وَالْبركَة والاجر وَالثَّوَاب فِي الْفِعْل لَا فِي الطَّعَام انْتهى وَمن نظمي يَا معشر الصوام فِي الحرور ومبتغى الثَّوَاب والاجور تنزهواعن رفث وزور وان اردتم عرف الْقُصُور تسحرُوا فَإِن فِي السّحُور بركَة فِي الْخَبَر الْمَأْثُور (زجاجة)

قَوْله

ص: 121

[1695]

هُوَ النَّهَار كَانَ هَذَا القَوْل من حُذَيْفَة جَوَاب للسَّائِل حِين سَأَلَهُ أَي وَقت كَانَ إِذا تسحرت مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ فِي جَوَابه هُوَ النَّهَار وَهَذَا كِنَايَة عَن كَمَال تَأْخِير السّحُور يُقَال لمن قَارب الشَّيْء انه دخل فِيهِ وَكَقَوْلِه تَعَالَى إِذا بلغن الاجل أَي قاربن الاجل أَو انه كنى عَن الصُّبْح الْكَاذِب لِأَن الصُّبْح الْكَاذِب إِذا أَضَاء وهم النَّاظر أَن الصُّبْح الصَّادِق قد طلع أَو يحمل هَذَا على الْخُصُوص وَفِي بعض النّسخ عقيب هَذَا الحَدِيث قَالَ أَبُو إِسْحَاق حَدِيث حُذَيْفَة مَنْسُوخ لَيْسَ بِشَيْء (إنْجَاح الْحَاجة)

[1696]

وَلَيْسَ الْفجْر ان يَقُول هَكَذَا أَي يَسْتَنِير مستطيلا الى فَوق وَالْقَوْل يَجِيء بِمَعْنى كل فعل وَفِي الْمجمع وَفِيه فَقَالَ بِثَوْبِهِ الْعَرَب تجْعَل القَوْل عبارَة عَن جَمِيع الْأَفْعَال نَحْو قَالَ بِيَدِهِ أَي اخذ وَقَالَ بِرجلِهِ أَي مَشى وَقَالَت لَهُ العينان سمعا وَطَاعَة أَي أَوْمَأت وَقَالَ بِالْمَاءِ على يَده أَي قلب وَقَالَ بِثَوْبِهِ أَي رَفعه وَكله مجَاز كَمَا روى فِي حَدِيث السَّهْو مَا يَقُول ذُو الْيَدَيْنِ قَالُوا صدق روى أَنهم أومؤا برؤسهم أَي نعم وَلم يتكلموا وَيَجِيء بِمَعْنى أقبل وَمَال واستراح وَضرب وَغلب وَقَالَ بِأُصْبُعِهِ أَي أَشَارَ بهَا الى فَوق وَحَدِيث فَقَالَ نَبِي الله صلى الله عليه وسلم بالحجاب أَي اخذ ثمَّ قَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا أَي ضربهَا بِيَدِهِ انْتهى (إنْجَاح)

قَوْله

[1698]

فَإِن الْيَهُود الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ فِي هَذَا التَّعْلِيل دَلِيل على أَن قوام الدّين الحنيف على مُخَالفَة الْأَعْدَاء من أهل الْكتاب وَأَن فِي موافقتهم سلما للدّين (زجاجة)

قَوْله

[1700]

لَا صِيَام الخ يشْتَرط التبييت عِنْد مَالك فِي كل صَوْم فرضا كَانَ أَو نفلا نظرا الى عُمُوم الحَدِيث وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَأحمد فِي غير النَّفْل وَعند الْحَنَفِيَّة يجوز صَوْم رَمَضَان وَالنَّفْل وَالنّذر الْمعِين بنية من نصف النَّهَار الشَّرْعِيّ وَشرط للقضا وَالْكَفَّارَة وَالنّذر الْمُطلق ان يبيت النِّيَّة لِأَنَّهَا غير مُعينَة فَلَا بُد من التَّعْيِين فِي الِابْتِدَاء وَالدَّلِيل لنا فِي الْفَرْض مَا روى فِي سنَن الْأَرْبَعَة عَن بن عَبَّاس قَوْله صلى الله عليه وسلم بعد مَا شهد عِنْده الْأَعرَابِي بِرُؤْيَة الْهلَال الا من أكل فَلَا يَأْكُل بَقِيَّة يَوْمه وَمن لم يَأْكُل فليصم اما حَدِيث حَفْصَة مَعَ أَنه قد اخْتلف فِي رَفعه فَمَحْمُول على نفي الْكَمَال لمعات بِأَدْنَى تَغْيِير

قَوْله

[1702]

مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم قَالَه أَي مَا قلت هَذَا الحَدِيث من عِنْد نَفسِي بل اتبَاعا لقَوْل النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي بعض الرِّوَايَات أَن أَبَا هُرَيْرَة سمع هَذَا الحَدِيث عَن فضل بن عَبَّاس وَلم يسمع مِنْهُ صلى الله عليه وسلم وَذكر مُحَمَّد بن الْحسن فِي الْمُوَطَّأ ان أَبَا بكر بن عبد الرَّحْمَن يَقُول كنت انا وَأبي عِنْد مَرْوَان بن الحكم وَهُوَ أَمِير الْمَدِينَة فَذكر ان أَبَا هُرَيْرَة قَالَ من صبح جنبا أفطر فَقَالَ أَقْسَمت عَلَيْك يَا عبد الرَّحْمَن لتذهبن الى أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة وَأم سَلمَة تسألهما عَن ذَلِك فَذهب عبد الرَّحْمَن وَذَهَبت مَعَه حَتَّى دخلت على عَائِشَة فسلمنا عَلَيْهَا ثمَّ قَالَ عبد الرَّحْمَن يَا أم الْمُؤمنِينَ كُنَّا عِنْد مَرْوَان آنِفا فَذكر ان أَبَا هُرَيْرَة يَقُول من أصبح جنبا أفطر ذَلِك الْيَوْم قَالَت لَيْسَ كَمَا قَالَ أَبُو هُرَيْرَة وَذكر الْقِصَّة وَفِيه وَلما بعث مَرْوَان حَدِيث عَائِشَة الى أبي هُرَيْرَة فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة لَا علم لي بذلك إِنَّمَا أخبرنيه مخبر فَعلم ان أَبَا هُرَيْرَة رَجَعَ من هَذَا القَوْل وَالله تَعَالَى أعلم بِالصَّوَابِ (إنْجَاح)

قَوْله

[1705]

فَلَا صَامَ وَلَا أفطر اخْتلفُوا فِي تَوْجِيه مَعْنَاهُ فَقيل هَذَا دُعَاء عَلَيْهِ كَرَاهِيَة بصنعه وزجرا لَهُ عَن فعله وَالظَّاهِر أَنه أَخْبَار فَعدم افطاره فَظَاهر وَأما عدم صَوْمه فمخالفة السّنة وَقيل لِأَنَّهُ يسْتَلْزم صَوْم الْأَيَّام المنهية وَهُوَ حرَام وَقيل لِأَنَّهُ ضَرَر وَرُبمَا يُفْضِي الى القاء النَّفس الى التَّهْلُكَة والى الْعَجز عَن الْجِهَاد والحقوق الْآخِرَة لمعات

قَوْله

[1707]

يَأْمر بصيام الْبيض وَهِي الْأَيَّام الَّتِي لياليهن مُقْمِرَة وَهِي اللَّيَالِي اللَّاتِي لَا ظلمَة فِيهَا وَهِي لَيْلَة الْبَدْر وَمَا قبلهَا وَمَا بعْدهَا وَالْبيض بِكَسْر الْبَاء جمع أَبيض أضيف الْبيَاض الى الْأَيَّام تَقْدِيره الْأَيَّام اللَّاتِي لياليهن بيض قَالَه الطَّيِّبِيّ اخْتلف الْعلمَاء فِي تعْيين أَيَّام الْبيض حَاصِل الْخلاف فِي تَقْرِير أَيَّام الْبيض تِسْعَة أَقْوَال أَحدهَا لَا تعْيين وَيكرهُ تعينها الثَّانِي الثَّلَاثَة الأول من الشَّهْر وَالثَّالِث من الثَّانِي عشر الى الرَّابِع عشر الرَّابِع من الثَّالِث عشر الى الْخَامِس عشر وَهُوَ قَول أَكثر أهل الْعلم وَالْخَامِس أَولهَا أول سبت من أول الشَّهْر ثمَّ من أول ثلثاء من شهر الَّذِي يَلِيهِ وَهَكَذَا وَالسَّادِس أَولهَا أول خَمِيس من أول شهر ثمَّ من أول اثْنَيْنِ من الشَّهْر الَّذِي يَلِيهِ وَهَكَذَا أَو السَّابِع أول اثْنَيْنِ ثمَّ خَمِيس ثمَّ هَكَذَا الثَّامِن أول يَوْم والعاشر وَالْعشْرُونَ وَالتَّاسِع أول كل عشرَة قَالَ الْقُسْطَلَانِيّ بَقِي آخر وَهُوَ آخر ثَلَاث من الشَّهْر فَتلك عشرَة كَامِلَة هَذَا حَاصِل مَا قَالَه الْعَيْنِيّ

قَوْله

ص: 122

[1710]

كَانَ يَصُوم حَتَّى نقُول قد صَامَ أَي نَسْتَكْثِر صِيَامه ونقول قد صَامَ فَلَا يتْركهُ ابدا فَإِنَّهُ اعْتَادَ بذلك وَكَذَلِكَ فِي الْفطر (إنْجَاح)

قَوْله كَانَ يَصُوم شعْبَان الا قَلِيلا هَذَا تَفْسِير للْأولِ وَبَيَان ان قَوْلهَا كُله أَي غالبه وَقيل كَانَ يَصُومهُ كُله فِي وَقت ويصوم بعضه فِي سنة أُخْرَى وَقيل كَانَ يَصُوم تَارَة من أَوله وَتارَة من آخِره وَتارَة بَينهمَا وَمَا يخلي مِنْهُ شَيْئا بِلَا صِيَام لَكِن فِي سِنِين وَقيل فِي تَخْصِيص شعْبَان بِكَثْرَة الصَّوْم لكَونه ترفع فِيهِ أَعمال الْعباد وَقيل غير ذَلِك فَإِن فِي الحَدِيث الاخران أفضل الصَّوْم بعد رَمَضَان صَوْم الْمحرم فَكيف أَكثر مِنْهُ فِي شعْبَان دون الْمحرم فَالْجَوَاب لَعَلَّه لم يعلم بِفضل الْمحرم الا فِي آخر الْحَيَاة قبل التَّمَكُّن من صَوْمه أَو لَعَلَّه كَانَ يعرض فِيهِ اعذار تمنع من اكثار الصَّوْم فِيهِ كسفر وَمرض وَغَيرهمَا قَالَ الْعلمَاء وَإِنَّمَا لم يستكمل غير رَمَضَان لِئَلَّا يظنّ وُجُوبه (نووي)

[1713]

عَن عبد الله بن معبد الزماني بِكَسْر الزَّاي وَتَشْديد مَنْسُوب الى زمَان فِي الْقَامُوس زمَان بِالْكَسْرِ والشد جد للغند الزماني وَاسم الفند سهل بن شَيبَان بن ربيعَة بن زمَان بن مَالك بن صَعب بن عَليّ بن بكر بن وَائِل انْتهى (إنْجَاح)

قَوْله وددت اني طوقت ذَلِك لَعَلَّ المُرَاد مِنْهُ طَاقَة أمته صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُطيق أَكثر من ذَلِك وأكمل وَالله أعلم (إنْجَاح)

قَوْله وددت اني طوقت ذَلِك فِي النِّهَايَة أَي ليته جعل دَاخِلا فِي طاقتي وقدرتي وَلم يكن عَاجِزا عَن ذَلِك غير قَادر عَلَيْهِ لضعف فِيهِ وَلَكِن يحْتَمل أَنه خَافَ الْعَجز عَنهُ للحقوق الَّتِي يلْزمه لنسائه فَإِن ادامة الصَّوْم تخل لحظوظهن مِنْهُ (زجاجة)

قَوْله

[1714]

صَامَ نوح الدَّهْر الخ قَالَ النَّوَوِيّ ذهب جَمَاهِير الْعلمَاء الى جَوَاز صَوْم الدَّهْر إِذا لم يصم الْأَيَّام الْمنْهِي عَنْهَا وَهِي العيدان والتشريق ذهب الشَّافِعِي وَأَصْحَابه ان سرد الصّيام إِذا أفطر الْعِيدَيْنِ والتشريق لَا كَرَاهَة فِيهِ بل هُوَ مُسْتَحبّ بِشَرْط ان لَا يلْحقهُ بِهِ ضَرَر وَلَا يفوت حَقًا فَإِن تضرر أَو فَوت حَقًا فمكروه وَاسْتَدَلُّوا لحَدِيث حَمْزَة بن عمر رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم انه قَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي اسرد الصَّوْم أفأصوم فِي السّفر فَقَالَ إِن شِئْت فَصم وَلَفظ رِوَايَة مُسلم فأقره صلى الله عليه وسلم على سرد الصّيام وَلَو كَانَ مَكْرُوها لم يقره لَا سِيمَا فِي السّفر وَقد ثَبت عَن بن عمر أَنه كَانَ يسْرد الصّيام وَكَذَلِكَ أَبُو طَلْحَة وَعَائِشَة وخلائق من السّلف وَأَجَابُوا عَن حَدِيث لَا صَامَ من صَامَ الابد بأجوبة أَحدهَا انه مَحْمُول على حَقِيقَته بِأَن يَصُوم مَعَه الْعِيدَيْنِ والتشريق وَبِهَذَا أجابت عَائِشَة رض وَالثَّانِي انه مَحْمُول على من تضرر بِهِ أَو فَوت بِهِ حَقًا وَالثَّالِث ان معنى لَا صَامَ انه لَا يجد من مشقة مَا يجدهَا غَيره فَيكون خير الادعاء انْتهى مُخْتَصرا

قَوْله الا يَوْم الْفطر وَيَوْم الْأَضْحَى قد علم من هَذَا ان هذَيْن الْيَوْمَيْنِ كَانَا معظمين فِي الْأُمَم السَّابِقَة وَأَيْضًا لَا مُنَافَاة بِمَا ورد وَقد ابدلكم الله بهما خيرا يَعْنِي ان هذَيْن الْيَوْمَيْنِ خير من يَوْم النيروز والمهرجان وَكَانَ أهل الشّرك يظهرون السرُور فيهمَا إِذْ يجوز أَنَّهُمَا كَانَا معظمين سَابِقًا ثمَّ جَعلهمَا الله تَعَالَى شَرِيعَة لنبينا صلى الله عليه وسلم لإِظْهَار السرُور فيهمَا وَفِيه دَلِيل لمن يجوز صَوْم الدَّهْر (إنْجَاح)

قَوْله

[1716]

كَانَ كَصَوْم الدَّهْر وَذَلِكَ لِأَن الْحَسَنَة بِعشر امثالها فشهر رَمَضَان قَامَ مقَام عشرَة اشهر وَسِتَّة أَيَّام بِمَنْزِلَة شَهْرَيْن (إنْجَاح)

قَوْله

[1717]

من صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيل الله قَالَ المظهري يَعْنِي من جمع بَين تحمل مشقة الصَّوْم ومشقة الْغَزْو قَالَ الأشرقي وَيحْتَمل ان يكون مَعْنَاهُ من صَامَ يَوْمًا لله ولوجهه قَوْله

[1718]

زحزح الله أَي باعد الله عَن النَّار سبعين خَرِيفًا قَالَ فِي النِّهَايَة الخريف الزَّمَان الْمَعْرُوف من فُصُول السّنة مَا بَين الصَّيف والشتاء وَيُرَاد بِهِ السّنة لِأَن الخريف لَا يكون فِي السّنة الا مرّة وَاحِدَة فَإِذا انْقَضى الخريف انْقَضى السّنة (زجاجة)

قَوْله

[1719]

أَيَّام منى أَيَّام أكل وَشرب فِيهِ دَلِيل من قَالَ لَا يَصح صَومهَا بِحَال وَهُوَ أظهر الْقَوْلَيْنِ للشَّافِعِيّ وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة وَغَيرهمَا وَقَالَ جمَاعَة من الْعلمَاء يجوز صَومهَا لكل أحد تَطَوّعا وَغَيره حَكَاهُ بن الْمُنْذر عَن الزبير وَابْن عَمْرو بن سِيرِين وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَإِسْحَاق وَالشَّافِعِيّ فِي أحد قوليه يجوز صَومهَا للمتمتع إِذا لم يجد الْهدى وَلَا يجوز لغيره (نووي)

قَوْله

ص: 123

[1723]

نهى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن صَوْم يَوْم الْجُمُعَة الخ قَالَ النَّوَوِيّ فِي هَذَا الحَدِيث دلَالَة ظَاهِرَة لقَوْل جُمْهُور أَصْحَاب الشَّافِعِي وموافقيهم انه يكره إِفْرَاد يَوْم الْجُمُعَة بِالصَّوْمِ الا أَن يُوَافق عَادَة لَهُ فَإِن وَصله بِيَوْم قبله أَو بعده وَوَافَقَ عَادَة لَهُ بِأَن نذر ان يَصُوم يَوْم شِفَاء مريضه ابدا فَوَافَقَ يَوْم الْجُمُعَة لم يكره لهَذَا الحَدِيث وَأما قَول مَالك فِي الْمُوَطَّأ لم أسمع أحدا من أهل الْعلم وَالْفِقْه وَمن يَقْتَدِي بِهِ ينْهَى عَن صِيَام يَوْم الْجُمُعَة وصيامه حسن وَقد رَأَيْت بعض أهل الْعلم يَصُومهُ واراه كَانَ يتحراه فَهَذَا الَّذِي قَالَه هُوَ الَّذِي رَآهُ وَقد رآى غَيره خلاف مَا رآى هُوَ وَالسّنة مقدم على مَا رَآهُ هُوَ وَغَيره وَقد ثَبت النَّهْي عَن صَوْم يَوْم الْجُمُعَة فَيتَعَيَّن القَوْل بِهِ وَمَالك مَعْذُور فَإِنَّهُ لم يبلغهُ قَالَ الدَّاودِيّ من أَصْحَاب مَالك لم يبلغ مَالِكًا هَذَا الحَدِيث وَلَو بلغه لم يُخَالِفهُ قَالَ الْعلمَاء وَالْحكمَة فِي النَّهْي عَنهُ ان يَوْم الْجُمُعَة يَوْم دُعَاء وَذكر وَعبادَة من الْغسْل وَالتَّكْبِير الى الصَّلَاة وانتظارها واستماع الْخطْبَة واكثار الذّكر بعْدهَا فاستحب الْفطر فِيهِ ليَكُون اعون لَهُ على هَذِه الْوَظَائِف وادائها بنشاط وَهُوَ نَظِير الْحَاج يَوْم عَرَفَة بِعَرَفَة فَإِن السّنة لَهُ الْفطر فَإِن قيل لَو كَانَ كَذَلِك لم يزل النَّهْي وَالْكَرَاهَة بِصَوْم قبله أَو بعده لبَقَاء الْمَعْنى فَالْجَوَاب انه يحصل لَهُ بفضيلة الصَّوْم الَّذِي قبله وَبعده مَا يجر مَا قد يحصل من فتور أَو تَقْصِير فِي وظائف يَوْم الْجُمُعَة بِسَبَب صَوْمه وَقيل سَبَب خوف الْمُبَالغَة فِي تَعْظِيمه بِحَيْثُ يفتتن بِهِ كَمَا افْتتن قوم بالسبت وَهَذَا ضَعِيف منتقض بِصَلَاة الْجُمُعَة وَغَيرهَا مِمَّا هُوَ مَشْهُور من وظائف يَوْم الْجُمُعَة وتعظيمه وَقيل سَبَب النَّهْي لِئَلَّا يعتقدوا وُجُوبه وَهَذَا منتقض بِيَوْم الْإِثْنَيْنِ فَإِنَّهُ ينْدب صَوْمه وبيوم عَرَفَة وَيَوْم عَاشُورَاء فَالصَّوَاب مَا قدمنَا انْتهى

[1726]

لَا تَصُومُوا يَوْم السبت المُرَاد بِالنَّهْي إِفْرَاد السبت بِالصَّوْمِ الا الصَّوْم مُطلقًا لما روى عَن أم سَلمَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَصُوم يَوْم السبت وَيَوْم الْأَحَد أَكثر مَا يَصُوم من الْأَيَّام وَيَقُول انهما يَوْمًا عيد للْمُشْرِكين فانا أحب ان اخالفهم رَوَاهُ أَحْمد وَالْأولَى ان يُقَال انه عليه السلام أَمر بترك صَوْمه لِئَلَّا يلْزم تَعْظِيمه بِالصَّوْمِ فِيهِ فَفِيهِ مُخَالفَة للْيَهُود وان كَانُوا لَا يصومونه لاجل انه عيد لَهُم فهم يعظمونه بِالْوَجْهِ الآخر وَصَامَ صيامهما لمخالفتهم وَبِالْجُمْلَةِ سَبَب النَّهْي أَمر آخر وَسبب الْفِعْل أَمر آخر كَذَا سَمِعت (فَخر)

قَوْله

[1729]

مَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صَامَ الْعشْر قطّ أَي عشر ذِي الْحجَّة قَود ثَبت فِي الْأَحَادِيث فَضِيلَة الصَّوْم فِي هَذِه الْأَيَّام فَضِيلَة مُطلق الْعَمَل فِيهَا وَثَبت صَوْمه صلى الله عليه وسلم فِيهَا وَحَدِيث عَائِشَة لَا ينافيها لِأَنَّهَا انما أخْبرت عَن عدم رؤيتها فلعلها لم تطلع على عشرَة صِيَام النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِيهَا أَو كَانَ لَهُ مَانع من مرض أَو سفر أَو غَيرهمَا وَجَاء فِي البُخَارِيّ انه قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا من أَيَّام الْعَمَل الصَّالح فِيهَا أفضل من عشر ذِي الْحجَّة وَمثله روى بن ماجة وَفِي صَحِيح بن عوَانَة وصحيح بن حبَان عَن جَابر رضي الله عنه مَا من أَيَّام أفضل من عشر ذِي الْحجَّة وَلَو نذر أحد صِيَام أفضل أَيَّام السّنة انْصَرف الى هَذِه الْأَيَّام وان نذر صَوْم يَوْم أفضل من سَائِر الْأَيَّام فالى يَوْم عَرَفَة وان نذر صَوْم يَوْم من الاسبوع فالى يَوْم الْجُمُعَة وَالْمُخْتَار ان أَيَّام هَذِه الْعشْرَة أفضل لما فِيهَا من يَوْم عَرَفَة وليالي عشرَة رَمَضَان لما فِيهَا من لَيْلَة الْقدر وَهَذَا هُوَ القَوْل الْفَصْل لمعات

قَوْله

[1730]

وَالَّتِي بعده فَإِن قيل كَيفَ يكون ان يكفر السّنة الَّتِي بعده مَعَ أَنه لَيْسَ للرجل ذَنْب فِي تِلْكَ السّنة بعد قيل مَعْنَاهُ يحفظ الله تَعَالَى ان يُذنب أَو يُعْطِيهِ من الرَّحْمَة وَالثَّوَاب بِقدر مَا يكون كَفَّارَة للسّنة الْمَاضِيَة وَالسّنة الْقَابِلَة إِذا جَاءَت وَاتفقَ لَهُ فِيهَا ذنُوب مصابيح

قَوْله

[1733]

يَصُوم عَاشُورَاء ويامر بصيامه قَالَ القَاضِي عِيَاض وَكَانَ بعض السّلف يَقُول كَانَ صَوْم عَاشُورَاء فرضا وَهُوَ بَاقٍ على فرضيته لم ينْسَخ قَالَ وانقرض الْقَائِلُونَ بِهَذَا أَو حصل الْإِجْمَاع على أَنه لَيْسَ بِفَرْض وَإِنَّمَا هُوَ مُسْتَحبّ وروى عَن بن عمر كَرَاهَة قصد صَوْمه وتعيينه بِالصَّوْمِ وَالْعُلَمَاء مجمعون على اسْتِحْبَابه وتعيينه للأحاديث واما قَول بن مَسْعُود كُنَّا نصومه ثمَّ ترك فَمَعْنَاه انه لم يبْق كَمَا كَانَ من الْوُجُوب والتأكد لَا النّدب

قَوْله

[1734]

قَالُوا هَذَا يَوْم الخ قَالَ الْمَازرِيّ خبر الْيَهُود غير مَقْبُول فَيحْتَمل ان النَّبِي صلى الله عليه وسلم أوحى اليه بصدقهم فِيمَا قَالُوهُ أَو تَوَاتر عِنْده النَّقْل بذلك حَتَّى حصل لَهُ الْعلم بِهِ قَالَ القَاضِي عِيَاض ردا على الْمَازرِيّ قد روى مُسلم ان قُريْشًا كَانَت تصومه فَلَمَّا قدم النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَة صَامَهُ فَلم يحدث لَهُ بقول الْيَهُود حكم يحْتَاج الى الْكَلَام عَلَيْهِ وَإِنَّمَا هِيَ صفة حَال وَجَوَاب سُؤال فَقَوله صَامَهُ لَيْسَ فِيهِ أَنه ابْتَدَأَ صَوْمه حِينَئِذٍ بقَوْلهمْ وَلَو كَانَ هَذَا لحملناه أَنه أخبرهُ بِهِ من أسلم من عُلَمَائهمْ كَابْن سَلام وَغَيره قَالَ القَاضِي وَقد قَالَ بَعضهم يحْتَمل انه صلى الله عليه وسلم كَانَ يَصُومهُ بِمَكَّة ثمَّ ترك صِيَامه حَتَّى علم مَا عِنْد أهل الْكتاب فِيهِ فصامه قَالَ القَاضِي وَمَا ذَكرْنَاهُ أولى بِلَفْظ الحَدِيث قلت الْمُخْتَار قَول الْمَازرِيّ ومختصر ذَلِك أَنه صلى الله عليه وسلم كَانَ يَصُومهُ كَمَا يَصُومهُ قُرَيْش فِي مَكَّة ثمَّ قدم الْمَدِينَة فَوجدَ الْيَهُود يصومونه فصامه أَيْضا بِوَحْي أَو تَوَاتر أَو اجْتِهَاد لَا بِمُجَرَّد أَخْبَار أحادهم (نووي)

قَوْله نَحن أَحَق بمُوسَى مِنْكُم لأَنا مصدقون وعاملون بِحكمِهِ حَيْثُ أمرنَا بايمان مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم فَآمَنا بِهِ وعظمنا حق تَعْظِيم مُوسَى لَا بالافراط وَلَا بالتفريط ويستنبط من هَذَا الحَدِيث ان مُطلق التَّشْبِيه بالكفار لَيْسَ بممنوع بل الْمَمْنُوع مَا كَانَ من خصوصياتهم ان كَانُوا غير متبعين بالشريعة كالمجوس والهنود وَأما من كَانَ اتبع شَرِيعَة نبيه فَفعل فعلا حسنا وَلم ينْه عَنهُ نَبينَا صلى الله عليه وسلم فاتباعهم لَيْسَ بممنوع فِي ذَلِك فَكَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يحب مُوَافقَة أهل الْكتاب مِمَّا لم يُؤمر بِهِ وَاسْتدلَّ بِهَذَا الحَدِيث من جوز تعْيين الْأَيَّام بِعبَادة خَاصَّة بِسَبَب خَاص كالتصدق على أَرْوَاح الْأَمْوَات يَوْم وفاتهم لِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم خص عَاشُورَاء بِالصَّوْمِ وَخص يَوْم الْإِثْنَيْنِ كَذَلِك لِأَنَّهُ ولد فِيهِ وَفِيه انْزِلْ عَلَيْهِ الْوَحْي (إنْجَاح)

قَوْله

ص: 124

[1736]

لَئِن بقيت الى قَابل الخ قَالَ النَّوَوِيّ ذهب جَمَاهِير الْعلمَاء من السّلف وَالْخلف الى أَن عَاشُورَاء هُوَ الْيَوْم الْعَاشِر من الْمحرم وَهَذَا ظَاهر الْأَحَادِيث وَمُقْتَضى اللَّفْظ وَعَن بن عَبَّاس ان يَوْم عَاشُورَاء هُوَ الْيَوْم التَّاسِع من الْمحرم وان النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يَصُوم التَّاسِع ويتأوله على أَنه مَأْخُوذ من اظماء الْإِبِل فَإِن الْعَرَب تسمي الْيَوْم الْخَامِس من أَيَّام الْوُرُود ريعاء وكذابا فِي الْأَيَّام على هَذِه النِّسْبَة فَيكون التَّاسِع عشر وَهَذَا بعيد ثمَّ ان حَدِيث بن عَبَّاس هَذِه يرد عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَئِن بقيت الى قَابل لأصومن الْيَوْم التَّاسِع وَزَاد مُسلم قَالَ فَلم يَأْتِ الْعَام الْمقبل حَتَّى توفّي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهَذَا تَصْرِيح بِأَن الَّذِي كَانَ يَصُومهُ لَيْسَ هُوَ التَّاسِع فَتعين كَونه الْعَاشِر لَكِن يسْتَحبّ صَوْم التَّاسِع لِأَنَّهُ عليه السلام نوى صِيَامه وَلَعَلَّ السَّبَب فِي صَوْم التَّاسِع مَعَ الْعَاشِر ان لَا يتشبه باليهود فِي افراد الْعَاشِر وَفِي الحَدِيث إِشَارَة الى هَذَا انْتهى مَعَ تَغْيِير

[1741]

اشهر الْحرم وَهِي رَجَب وَذُو الْقعدَة وَذُو الْحجَّة وَالْمحرم وَهَذِه الْأَشْهر كَانَت مُحرمَة فِي دين إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل عليهما السلام وَكَانَت الْعَرَب تمسك بِهِ وَكَانُوا يعظمون ويحرمون الْقِتَال فِيهَا كَمَا فِي المدارك ثمَّ ان تعظيمها الان بَاقِيَة فِي شريعتنا اولا فالجمهور قَالُوا ان حُرْمَة الْقِتَال مَنْسُوخَة لقَوْله تَعَالَى فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَأما تَكْثِير الثَّوَاب فِي هَذِه الْأَشْهر فقد ثَبت بالأخبار فالحرمة بِهَذَا الْمَعْنى مَوْجُودَة فِي شريعتنا وَالله أعلم (إنْجَاح)

قَوْله صم شهر الصَّبْر المُرَاد بِشَهْر الصَّبْر شهر رَمَضَان وَقَوله وَيَوْما بعده أَي صم فِي اشهر الْبَاقِيَة يَوْمًا وَاحِدًا فِي كل شهر وَلَيْسَ المُرَاد صَوْم يَوْم الْفطر لِأَنَّهُ مَنْهِيّ عَنهُ وَفِي بعض النّسخ أَشَارَ لضعف هَذَا الحَدِيث حَيْثُ قَالَ قَالَ أَبُو إِسْحَاق أَبُو مجيبة الْبَاهِلِيّ لَا يعرف وَهُوَ ضَعِيف بِمَعْنى الحَدِيث وَيحْتَمل ان يكون المُرَاد من قَوْله بعده شهر شَوَّال فَقَط وَالله اعْلَم (إنْجَاح)

قَوْله

[1742]

شهر الله الَّذِي الخ الْإِضَافَة الى الله للتعظيم قَالَ الطَّيِّبِيّ أَرَادَ يَوْم عَاشُورَاء فَيكون من بَاب ذكر الْكل وَإِرَادَة الْبَعْض لَكِن الظَّاهِر ان المُرَاد جَمِيع شهر الْمحرم وَفِي خبر أبي دَاوُد وَغَيره صم من الْمحرم واترك صم من الْمحرم واترك صم من الْمحرم واترك وَأما أَحَادِيث صَوْم رَجَب فَقَالَ الْحَافِظ انها مَوْضُوعَة (مرقاة)

قَوْله

[1743]

نهى عَن صِيَام رَجَب وَهَذَا لِأَن أهل الْجَاهِلِيَّة كَانُوا يعظمونه وروى عَن خَرشَة بن الحراشة قَالَ رَأَيْت عمر بن الْخطاب يضْرب بأكف الرِّجَال على صَوْم رَجَب وَيَقُول رَجَب وَمَا رَجَب إِنَّمَا رَجَب شهر يعظمه أهل الْجَاهِلِيَّة فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام ترك رَوَاهُ بن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط ووردت الاخبار بِفضل صِيَامه أَيْضا لِأَنَّهُ من جملَة الْأَشْهر الْحرم فَلَعَلَّهُ نهى أَولا ثمَّ أجَاز أَو بِالْعَكْسِ وَمن أَرَادَ تَفْصِيل الْمقَام فَعَلَيهِ بِكِتَاب مَا ثَبت بِالسنةِ فِي أَيَّام السّنة للشَّيْخ عبد الْحق الْمُحدث الدهلوي (إنْجَاح)

قَوْله

[1745]

الصّيام نصف الصَّبْر لِأَن الزَّمَان مُشْتَمل على اللَّيْل وَالنَّهَار وَالصَّوْم يكون فِي النَّهَار وَكَمَال الصَّبْر بامساك الْفَم والفرج لما ورد من ضمن لي مَا بَين لحيتيه وَرجلَيْهِ ضمنت لَهُ بِالْجنَّةِ أَو يحمل الصَّبْر على اتيان الاوامر وَاجْتنَاب النواهي قاطبة وَيجْعَل المفطرات الثَّلَاث نصفه لِأَن مُعظم هَذِه الْأُمُور تداول بالفرج والفم فَلَمَّا امسكهما حصل لَهُ نصف الصَّبْر وَالله أعلم (إنْجَاح)

قَوْله

[1749]

وَفضل رزق بِلَال مُبْتَدأ أَي الرزق الْفَاضِل على مَا يَأْكُل فِي الْجنَّة أَي جَزَاء لَهُ عَن صَوْمه الْمَانِع عَن أكله قَالَ الطَّيِّبِيّ الظَّاهِر ان يُقَال ورزق بِلَال فِي الْجنَّة الا أَنه ذكر لَفْظَة وَفضل تَنْبِيها على أَنه رزق الَّذِي هُوَ بدل من هَذَا الرزق زَائِد عَلَيْهِ (مرقاة)

قَوْله تسبح عِظَامه لَا مَانع من حمله على حَقِيقَته وان الله تَعَالَى بفضله يكْتب لَهُ ثَوَاب ذَلِك التَّسْبِيح (مرقاة)

قَوْله

[1750]

فَلْيقل الخ قَالَ بن الْملك أَمر صلى الله عليه وسلم الْمَدْعُو حِين يُجيب الدَّاعِي أَن يعْتَذر عَنهُ بقوله إِنِّي صَائِم وَإِن كَانَ يسْتَحبّ إخفاء النَّوَافِل لِئَلَّا يُؤَدِّي ذَلِك الى عَدَاوَة وبغض فِي الدَّاعِي وَفِي رِوَايَة فَليصل أَي الرَّكْعَتَيْنِ وَقيل فَليدع والضابطة عِنْد الشَّافِعِي ان الضَّيْف ينظر فَإِن كَانَ المضيف يتَأَذَّى بترك الْإِفْطَار فالافضل الْإِفْطَار والا فَلَا (مرقاة)

قَوْله

[1752]

وَلَو بعد حِين الْحِين يسْتَعْمل لمُطلق الْوَقْت ولستة اشهر ولاربعين سنة وَالله أعلم بالمراد وَالْمعْنَى لَا أضيع حَقك وَلَو مضى زمَان طَوِيل (مرقاة)

قَوْله

[1753]

ان للصَّائِم الخ قَالَ الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول امة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم قد خصت من بَين الْأُمَم فِي شَأْن الدُّعَاء فَقيل ادْعُونِي استجب لكم وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِك للأنبياء فاعطيت هَذِه الْأمة مَا أَعْطَيْت الْأَنْبِيَاء فَلَمَّا دخل التَّخْلِيط فِي أُمُورهم من أهل الشَّهَوَات الَّتِي استولت على قُلُوبهم وحجبت قُلُوبهم وَالصَّوْم يمْنَع النَّفس عَن الشَّهَوَات فَإِذا ترك شَهْوَته من قلبه صفا الْقلب وَصَارَت دَعوته بقلب فارغ قد زايلته ظلمَة الشَّهَوَات ونورته الْأَنْوَار فَإِن كَانَ مَا سَأَلَ فِي الْمَقْدُور لَهُ عجل وان لم يكن كَانَ مذخورا لَهُ فِي الْآخِرَة مِصْبَاح الزجاجة قَوْله حَدثنَا دَاوُد بن عَطاء ضَعِيف قَوْله مُوسَى بن عُبَيْدَة ضَعِيف قَوْله من فطر صَائِما أَي اطعمه وسقاه عِنْد افطاره من كسب حَلَال كَمَا فِي رِوَايَة قَوْله

[1747]

وصلت عَلَيْكُم الْمَلَائِكَة أَي دعت لكم وبركت قَوْله الْغَدَاء بِالنّصب هُوَ بِالنّصب بِفعل مُضْمر أَي احضره أَو ائته قَوْله

[1752]

ودعوة الْمَظْلُوم يرفعها الله هَذَا كِنَايَة عَن ايصالها الى مصعد الْقبُول والاجابة قَوْله

[1754]

حَدثنَا جبارَة بن الْمُغلس ضَعِيف قَوْله منْدَل بن عَليّ ضَعِيف قَوْله

[1755]

لَا يَغْدُو يَوْم الْفطر أَي لَا يذهب الى الْمصلى

ص: 125