الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[3839]
وَمن شَرّ مَا لم اعْمَلْ قيل استعاذ من ان يعْمل فِي مُسْتَقْبل الزَّمَان مَالا يرضاه الله فَإِنَّهُ لَا يَأْمَن مكر الله الا الْقَوْم الخاسرون وَقيل من ان يكون معجبا بِنَفسِهِ فِي ترك القبائح وَسَأَلَهُ ان يرى ذَلِك من فضل ربه طيبي
[3842]
تعوذوا بِاللَّه من الْفقر أَي فقر النَّفس أَو قلَّة المَال مَعَ عدم الصَّبْر قَالَ المغيث قَوْله صلى الله عليه وسلم أعوذ بك من الْفقر لَا يُنَافِي حَدِيث احيني مِسْكينا لِأَن المسكنة هِيَ التَّوَاضُع وَعدم التكبر وَلَو كَانَ المسكنة هُوَ الْفقر يلْزم عدم استجابة دُعَائِهِ إِذْ توفى صلى الله عليه وسلم غَنِيا مُوسِرًا بأنواع الْفَيْء وان كَانَ لم يضع درهما على دِرْهَم وَلَا يُقَال لمن ترك مثله بساتين بِالْمَدِينَةِ وفدك واموالا انه مَاتَ فَقِيرا وَقد قَالَ ووجدك عائلا فأغنى وَلَو كَانَ الْفقر خيرا لما من الله عَلَيْهِ بالغنى وَأما حَدِيث ان الْفقر بِالْمُؤمنِ أحسن من الْعَذْرَاء الْحسن على خد الْفرس فَلِأَنَّهُ مُصِيبَة يُوجب بالرضى عَلَيْهِ زِينَة الدُّنْيَا ورتبة العقبي كَغَيْرِهِ من الْأَمْرَاض وَتَأْويل الْفقر بفقر النَّفس غلط وَلَا نعلم أحدا من الْأَنْبِيَاء وَلَا من الصَّحَابَة سَأَلَ الْفقر أَو الْبلَاء بل الْعَافِيَة مِنْهُمَا وَقَالَ مطرف لِأَن اعافى فأشكر ان خير من ابتلى فأصبر وَمن دُعَائِهِ صلى الله عليه وسلم أعوذ بك من غنى مبطر وفقر مترب ويروى مكب وَهُوَ المقعد بِالْأَرْضِ وَلَو كَانَ للفقر فصيلة فِي كل حَال كَانَ الْأَنْبِيَاء صلى الله عَلَيْهِم وَسلم وصحابتهم أولى بِهِ فَإنَّا لَا نعلم أحدا من افاضلهم كَانَ خَفِيف الحاذ الا عِيسَى وَيحيى عليهما السلام وَالصديق ترك نخلا وَبِمَا لَهُ الَّذِي انفقه فِي الله نَالَ الزلفة وَعمر قد ورث ووقف وارتزق من الْفَيْء مَا قد علمت وَهَذَا أَبُو ذَر وَبِه يحْتَج المفضلون للفقر كَانَ لَهُ فرق من الْإِبِل وَالْغنم وَترك الزبير وَطَلْحَة وَعبد الرَّحْمَن مَا تركُوا وَقَالَ بن عَبَّاس عِنْدِي نَفَقَة ثَمَانِينَ سنة كل يَوْم الف وَقَالَ سعيد بن الْمسيب لَا خير فِيمَن لَا يجمع المَال فَيَقْضِي بِهِ دينه ويصل رَحمَه ويكف بِهِ وَجهه وَمَات سُفْيَان وَله مائَة وَخَمْسُونَ دِينَارا بضَاعَة انْتهى
قَوْله الْقلَّة أَي من قلَّة الْعدَد وَلِهَذَا دَعَا صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ زِدْنَا وَلَا تنْقصنَا وَفِي الْمجمع أَي قلَّة الصَّبْر فِي أُمُور الْخَيْر لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يوثر الإقلال فِي الدُّنْيَا أَو من قلَّة المَال فيعجز عَن وظائف الْعِبَادَات والذلة أَن يكون ذليلا يحقره النَّاس ويستحقونه انْتهى (إنْجَاح)
قَوْله
بَاب الْجَوَامِع من الدُّعَاء إِلَى الجامعة لخير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَقيل هِيَ مَا كَانَ
لَفظه قَلِيلا وَمَعْنَاهُ كثيرا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى رَبنَا اتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة وقنا عَذَاب النَّار وَمثل الدُّعَاء بِحسن الْعَافِيَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة (إنْجَاح)
قَوْله
[3847]
مَا أحسن دندنتك الدندنة الصَّوْت الْخَفي وَهُوَ ان يتَكَلَّم بِمَا لَا يسمع نغمته وَلَا يفهم ومعاذ كَانَ امام قوم فَهَذَا الرجل قَالَ لَا ادرى مَا تَدْعُو بِهِ أَنْت يَا رَسُول الله وَمَا يَدْعُو بِهِ معَاذ امامنا فَقَالَ صلى الله عليه وسلم حولهما ندندن أَي حول هذَيْن الدعائين من طلب الْجنَّة والاستعاذة من النَّار وَمر الحَدِيث فِي أول الْكتاب (إنْجَاح)
قَوْله
[3848]
سل رَبك الْعَفو أَي عَن الذُّنُوب والعافية وَهِي السَّلامَة عَن جَمِيع الافات الظَّاهِرَة والباطنة وَيدخل فِيهِ الْإِيمَان وَلذَلِك سمى هَذَا الدُّعَاء أفضل لمعات
قَوْله
[3849]
عَلَيْكُم بِالصّدقِ فَإِنَّهُ مَعَ الْبر الخ وَفِي رِوَايَة لمُسلم فَإِن الصدْق يهدي الى الْبر قلت الْبر اسْم جَامع للخير كُله وَقيل الْبر الْجنَّة وَيجوز ان يتَنَاوَل الْعَمَل الصَّالح وَالْجنَّة والفجور هُوَ الْميل عَن الاسْتقَامَة وَقيل الانبعاث فِي الْمعاصِي وَمعنى الحَدِيث ان الصدْق يُوصل الى الْعَمَل الصَّالح الْخَالِص من كل مَذْمُوم بل يصاحبه وَالْكذب يُوصل الى الْعَمَل السؤبل يصاحبه فالزموا عَلَيْكُم الصدْق واعتنوا بِهِ وَاجْتَنبُوا عَن الْكَذِب واحذروا عَنهُ (فَخر)
قَوْله وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تباغضوا الخ قَالَ النَّوَوِيّ الْحَسَد تمني زَوَال النعم وَهُوَ حرَام والتدابر والمعاداة وَقيل المقاطعة لِأَن كل وَاحِد يولي صَاحبه دبره وَمعنى كونُوا عباد الله اخوانا أَي تعاملوا وتعاشروا مُعَاملَة الاخوة ومعاشرتهم فِي الْمَوَدَّة والمرفق والشفقة والملاطفة والتعاون فِي الْخَيْر وَنَحْو ذَلِك مَعَ صفاء الْقُلُوب والنصيحة بِكُل حَال قَالَ بعض الْعلمَاء وَفِي النَّهْي عَن التباغض إِشَارَة الى النَّهْي عَن الْهَوَاء المضلة الْمُوجبَة للتباغض انْتهى
قَوْله وَلَا تقاطعوا أَي الرَّحِم قَالَ القَاضِي عِيَاض الرَّحِم الَّتِي توصل وتقطع تبتر إِنَّمَا هِيَ معنى من الْمعَانِي لَيست بجسم وَإِنَّمَا هِيَ قرَابَة وَنسبَة تجمعه رحم وَالِدَة ويتصل بعضه بِبَعْض فَسمى ذَلِك الِاتِّصَال رحما وَالْمعْنَى لَا يَتَأَتَّى مِنْهَا الْقيام وَلَا الْكَلَام فَيكون ذكر قِيَامهَا وتعلقها فِي حَدِيث قَامَت الرَّحِم وَفِي حَدِيث الرَّحِم معلقَة بالعرش ضرب مثل وَحسن اسْتِعَارَة على عَادَة الْعَرَب وَالْمرَاد تَعْظِيم شَأْنهَا وفضيلة واصليها وعظيم اثم قاطعيها بعقوقهم وَحَقِيقَة الصِّلَة الْعَطف وَالرَّحْمَة قَالَ وَلَا خلاف ان صلَة الرَّحِم وَاجِبَة فِي الْجُمْلَة وقطيعتها مَعْصِيّة كَبِيرَة وَالْأَحَادِيث تشهد لهَذَا وَلَكِن للصلة دَرَجَات بَعْضهَا ارْفَعْ من بعض وادناها ترك المهاجرة وصلتها بالْكلَام وَلَو بِالسَّلَامِ وَيخْتَلف ذَلِك باخْتلَاف الْقُدْرَة وَالْحَاجة فَمِنْهَا وَاجِب وَمِنْهَا مُسْتَحبّ لَو وصل بعض الصِّلَة وَلم يصل غايتها لَا يُسمى قَاطعا وَلَو قصر عَمَّا يقدر عَلَيْهِ يَنْبَغِي لَهُ لم يسم واصلا وَاخْتلفُوا فِي حد الرَّحِم الَّتِي تجب صلتها فَقيل هُوَ كل رحم محرم بِحَيْثُ لَو كَانَ أَحدهمَا ذكر والاخر أُنْثَى حرمت مناكحتها فعلى هَذَا لَا يدْخل أَوْلَاد الاعمام وَلَا أَوْلَاد الاخوال وَاحْتج هَذَا الْقَائِل بِتَحْرِيم الْجمع بَين الْمَرْأَة وعمتها أَو خَالَتهَا فِي النِّكَاح وَنَحْوه وَجَوَاز ذَلِك فِي بَنَات الاعمام والاخوال وَقيل هُوَ عَام فِي كل رحم
من ذَوي الْأَرْحَام فِي الْمِيرَاث يَسْتَوِي الْمحرم وَغَيره وَيدل عَلَيْهِ قَوْله صلى الله عليه وسلم ثمَّ ادناك ادناك هَذَا كَلَام القَاضِي وَهَذَا القَوْل الثَّانِي هُوَ الصَّوَاب
قَوْله وَلَا تدابروا أَي لَا يعْطى كل وَاحِد اخاه دبره وَقَفاهُ فَيعرض عَنهُ ويهجره (إنْجَاح)
[3852]
وأخا عَاد هُوَ هود عليه السلام الْمَذْكُور فِي التَّنْزِيل وَاذْكُر أَخا عَاد إِذا نذر قومه بالاحقاف الْآيَة (إنْجَاح)
قَوْله
[3853]
يُسْتَجَاب لاحدكم مَا لم يعجل الخ وَفِي رِوَايَة لمُسلم لَا يزَال يُسْتَجَاب للْعَبد مَا لم يدع بإثم أَو قطيعة رحم مَا لم يستعجل قيل يَا رَسُول الله مَا الاستعجال قَالَ يَقُول دَعَوْت فَلم يستجب لي فيستحسر عِنْد ذَلِك ويدع الدُّعَاء قَالَ أهل اللُّغَة يُقَال حسر واستحسر إِذا عيى وَانْقطع عَن الشَّيْء وَالْمرَاد هُنَا انه يَنْقَطِع عَن الدُّعَاء وَمِنْه قَوْله تَعَالَى لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَن عِبَادَته وَلَا يستحسرون أَي لَا ينقطعون عَنْهَا فَفِيهِ انه يَنْبَغِي ادامة الدُّعَاء وَلَا يستبطئ الْإِجَابَة قَالَه النَّوَوِيّ
قَوْله
[3854]
وليعزم المسئلة فَإِن الله لَا مكره لَهُ قَالَ الْعلمَاء عزم المسئلة الشدَّة فِي طلبَهَا والجزم بِهِ من غير ضعف فِي الطّلب وَلَا تَعْلِيق على مشْيَة وَنَحْوهَا وَقيل هُوَ حسن الظَّن بِاللَّه تَعَالَى فِي الْإِجَابَة وَمعنى الحَدِيث اسْتِحْبَاب الْجَزْم فِي الطّلب وَكَرَاهَة التَّعْلِيق على المشية قَالَ الْعلمَاء سَبَب كَرَاهَته انه لَا يتَحَقَّق اسْتِعْمَال المشية الا فِي حق من يتَوَجَّه عَلَيْهِ الْإِكْرَاه وَالله تَعَالَى منزه عَن ذَلِك وَهُوَ معنى قَوْله صلى الله عليه وسلم فِي آخر الحَدِيث فَإِنَّهُ لَا مكره لَهُ وَقيل سَبَب الْكَرَاهَة ان فِي هَذَا اللَّفْظ صُورَة اسْتغْنَاء عَن الْمَطْلُوب وَالْمَطْلُوب مِنْهُ
قَوْله
[3856]
فِي سور ثَلَاث أما فِي الْبَقَرَة فَفِي فَاتِحَة اية الْكُرْسِيّ الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم واما فِي آل عمرَان فَفِي فاتحتها الم الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم واماطة فَفِي اية الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاء الْحسنى (إنْجَاح)
قَوْله
[3857]
باسمه الْأَعْظَم اعْلَم انه اخْتلفت فِي الِاسْم الْأَعْظَم فَقَالَ الْأَشْعَرِيّ والباقلاني وَغَيرهمَا ان أَسمَاء الله كلهَا عَظِيمَة لَا يجوز تَفْضِيل بَعْضهَا على بعض وَمَا ورد من ذكر الِاسْم الْأَعْظَم المُرَاد بِهِ الْعَظِيم وَقَالَ بن حبَان الاعظمية الْوَارِدَة فِي الاخبار المُرَاد بهَا مزِيد ثَوَاب الدَّاعِي بذلك يَعْنِي لَيْسَ فِي ذَاته زِيَادَة عَظِيمَة بل ذَلِك بِاعْتِبَار أَمر خَارج وَقيل لَا يُعلمهُ الا هُوَ وَلم يطلع أحد من خلقه عَلَيْهِ كَمَا قيل بذلك فِي لَيْلَة الْقدر وَسَاعَة الْجُمُعَة وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَقد عينه بَعضهم بِظَاهِر مَا ورد فِي الْأَحَادِيث لمعات مَعَ تَغْيِير
قَوْله إِذا سُئِلَ بِهِ أعْطى الخ السُّؤَال ان يَقُول العَبْد اعطني الشَّيْء الْفُلَانِيّ فَيعْطى وَالدُّعَاء ان يُنَادي وَيَقُول يَا رب فيجيب الرب تَعَالَى وَيَقُول لبيْك يَا عَبدِي فَفِي مُقَابلَة السُّؤَال الْإِعْطَاء وَفِي مُقَابلَة الدُّعَاء الْإِجَابَة وَهَذَا هُوَ الْفرق بَينهمَا وَيذكر أَحدهمَا مقَام الاخر أَيْضا فَتدبر (إنْجَاح)
قَوْله
[3860]
ان لله تِسْعَة وَتِسْعين اسْما الخ قَالَ الامام أَبُو الْقَاسِم القيشيري فِيهِ دَلِيل على ان الِاسْم هوالمسمى إِذْ لَو كَانَ غَيره لكَانَتْ الْأَسْمَاء لغيره لقَوْله تَعَالَى وَللَّه الْأَسْمَاء الْحسنى قَالَ الْخطابِيّ وَغَيره وَفِيه دَلِيل على ان اشهر أَسْمَائِهِ تَعَالَى الله لاضافة هَذِه الْأَسْمَاء اليه وَقد روى ان الله هُوَ اسْمه الْأَعْظَم قَالَ أَبُو الْقَاسِم الطَّبَرِيّ واليه ينْسب كل اسْم لَهُ فَيُقَال الرؤوف الْكَرِيم من أَسمَاء الله تَعَالَى وَلَا يُقَال من الرؤوف أَو الْكَرِيم الله وَاتفقَ الْعلمَاء على ان هَذَا الحَدِيث لَيْسَ فِيهِ حصر لاسمائه سُبْحَانَهُ تَعَالَى فَلَيْسَ مَعْنَاهُ انه لَيْسَ لَهُ أَسمَاء غير هَذِه التِّسْعَة وَالتسْعين نوانما مَقْصُود الحَدِيث ان لهَذِهِ التِّسْعَة وَالتسْعين من أحصاها دخل الْجنَّة فَالْمُرَاد الاخبار عَن دُخُول الْجنَّة باحصائها لَا الاخبار بحصر الْأَسْمَاء وَلِهَذَا جَاءَ فِي الحَدِيث الاخر أَسأَلك بِكُل اسْم سميت بِهِ نَفسك أَو استأثرت بِهِ فِي علم الْغَيْب عنْدك وَقد ذكر الْحَافِظ أَبُو بكر بن الْعَرَبِيّ الْمَالِكِي عَن بَعضهم انه قَالَ لله تَعَالَى الف اسْم قَالَ بن الْعَرَبِيّ وَهَذَا قَلِيل فِيهَا وَأما تعْيين هَذِه الْأَسْمَاء فقد جَاءَ فِي التِّرْمِذِيّ وَغَيره وَفِي بعض اسمائها خلاف وَقيل انها مخفية التَّعْيِين كالاسم الْأَعْظَم وَلَيْلَة الْقدر ونظائرها (نووي)
قَوْله ان لله تِسْعَة وَتِسْعين فَإِن قلت مَا وَجه حصر الْأَسْمَاء فِي التِّسْعَة وَالتسْعين والافعال والاضافات والسلوب أَكثر من ذَلِك قُلْنَا أَسمَاء الله توقيفية على الْمَذْهَب الْمُخْتَار وَلَعَلَّ التَّوْقِيف ورد بِهَذِهِ الاسمامي وَهَذَا الْجَواب غير مرضِي لِأَن التَّوْقِيف ورد باسامي سواهَا فَالْحق فِي الْجَواب ان الحَدِيث الْوَارِد فِي الْحصْر يَشْمَل على قَضِيَّة وَاحِدَة لَا على قضيتين فينحصر أَسمَاء الله تَعَالَى فِي هَذَا الْعدَد بِاعْتِبَار هَذِه الْخَاصَّة الْمَذْكُورَة وَهِي ان من أحصاها دخل الْجنَّة كالملك الَّذِي لَهُ الف عبد مثلا فَيَقُول الْقَائِل ان للْملك تسعا وَتِسْعين عبدا من استظهر بهم لم يقادمه الْأَعْدَاء فَيكون التَّخْصِيص لاجل حُصُول الِاسْتِظْهَار بهم اعْلَم ان أَسمَاء الله تَعَالَى توقيفية بِمَعْنى انه لَا يجوز ان يُطلق اسْم مَا لم يَأْذَن لَهُ الشَّرْع وإنكان الشَّرْع قد ورد بِإِطْلَاق مَا يرادفه واليه ذهب الْأَشْعَرِيّ وَقَالَت الْمُعْتَزلَة وَالْقَاضِي أَبُو بكر الباقلاني ان ذَلِك جَائِز بطرِيق الْعقل فَمَا يجوز الْعقل اتصافه سُبْحَانَهُ بِهِ جَازَ التَّسْمِيَة بِهِ الا مَا منع الشَّرْع من ذَلِك أَو شعر بِنَقص لمعات مُخْتَصرا
[3861]
انه وتر يحب الْوتر قَالَ النَّوَوِيّ الْوتر الْفَرد وَمَعْنَاهُ فِي حق الله تَعَالَى الْوَاحِد الَّذِي لَا شريك لَهُ وَلَا نَظِير وَمعنى يحب الْوتر تَفْضِيل الْوتر فِي الْأَعْمَال وَكثير من الطَّاعَات فَجعل الصَّلَاة خمْسا ووالطهارة ثَلَاثًا وَالطّواف سبعا وَالسَّعْي سبعا وَرمى الْجمار سبعا وَأَيَّام التَّشْرِيق ثَلَاثًا والاستنجاء ثَلَاثًا وَكَذَا الاكفان وَفِي الزَّكَاة خَمْسَة أوسق وَخمْس أَوَاقٍ من الْوَرق ونصاب الْإِبِل وَغير ذَلِك وَجعل كثيرا من عَظِيم مخلوقاته وتزامنها السَّمَاوَات والارضون والبحار وَأَيَّام الاسبوع وَغير ذَلِك وَقيل ان مَعْنَاهُ منصرف الى صفة من يعبد الله بالوحدانية والتفرد مخلصا لَهُ انْتهى
قَوْله من حفظهَا دخل الْجنَّة وَفِي الرِّوَايَة السَّابِقَة من أحصاها قَالَ النَّوَوِيّ وَاخْتلفُوا فِي المُرَاد باحصائها فَقَالَ البُخَارِيّ وَغَيره من الْمُحَقِّقين مَعْنَاهُ حفظهَا وَهَذَا هُوَ الْأَظْهر لِأَنَّهُ جَاءَ مُفَسرًا فِي هَذِه الرِّوَايَة من حفظهَا وَقيل احصائها عدهَا فِي الدُّعَاء بهَا وَقيل اطاقها أَي أحسن المراعاة لَهَا والمحافظة على مَا يَقْتَضِيهِ وتصديق بمعانيها وَقيل مَعْنَاهُ الْعَمَل بهَا وَالطَّاعَة بِكُل اسْمهَا والايمان بِمَا لَا يَقْتَضِي عملا وَقَالَ بَعضهم المُرَاد حفظ الْقُرْآن وتلاوته كُله لِأَنَّهُ مستوف لَهَا وَهُوَ ضَعِيف وَالصَّحِيح الأول انْتهى
قَوْله الله الْوَاحِد الخ اعْلَم ان تعدد أَسْمَائِهِ تَعَالَى فِي هَذِه الرِّوَايَة وَالرِّوَايَة الَّتِي رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ مائَة الا وَاحِد الا ان فِي روايتهما أَسمَاء يُخَالف مَا فِي هَذِه الرِّوَايَة والبائنة بَينهمَا بَيِّنَة وَلَعَلَّ كلا التعدادين بحفظهما تاثير فِي دُخُول الْجنَّة وَالله وَاسع عليم (إنْجَاح)
قَوْله الأول الاخر الظَّاهِر الْبَاطِن واما تَسْمِيَة سُبْحَانَهُ تَعَالَى بالاخر فَقَالَ الامام أَبُو بكر بن الباقلاني مَعْنَاهُ الْبَاقِي بصفاته من الْعلم وَالْقُدْرَة وَغَيرهمَا الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا فِي الازل وَيكون كَذَلِك بعد موت الْخَلَائق وَذَهَاب علومهم وقدرهم وحواسهم وتفرق اجسامهم قَالَ وتعلقت الْمُعْتَزلَة بِهَذَا الِاسْم فاحتجوا بِهِ لمذهبهم فِي فنَاء الْأَجْسَام وذهابها بِالْكُلِّيَّةِ قَالُوا وَمَعْنَاهُ الْبَاقِي بعد فنَاء خلقه وَمذهب أهل الْحق خلاف ذَلِك وان المُرَاد الاخر بصفاته بعد ذهَاب صفاتهم وَلِهَذَا يُقَال اخر من بَقِي من بني فلَان فلَان يُرَاد حيوته وَلَا يُرَاد فنَاء اجسام موتاهم وَعدمهَا هَذَا كَلَام بن الباقلاني واما معنى الظَّاهِر من أَسمَاء الله فَقيل هُوَ من الظُّهُور بِمَعْنى الْقَهْر وَالْغَلَبَة
وَكَمَال الْقُدْرَة وَمِنْه ظهر فلَان على فلَان وَقيل الظَّاهِر بالدلائل القطعية وَالْبَاطِن المحتجب عَن خلقه وَقيل الْعَالم بالخفيات (نووي)
قَوْله
[3865]
ان ربكُم حييّ الخ هُوَ بِكَسْر أولى اليائين مُخَفّفَة وَرفع الثَّانِيَة مُشَدّدَة يَعْنِي ان الله تَعَالَى تَارِك للقبائح سَاتِر الْعُيُوب والفضائح وَهُوَ تَعْرِيض للعباد وحث لَهُم على تحري الْحيَاء قَوْله فَيَرُدهُمَا صفرا أَي خَالِيَة من صفر بِالْكَسْرِ صفرا بالحركة إِذا خلى وأصغرته اخليته قَوْله أَو قَالَ خائبتين الخيبة الحرمان والخسران خَابَ يخيب ويخوب وَهَذَا الحَدِيث يدل على ان رفع الْيَدَيْنِ للدُّعَاء مُسْتَحبّ (فَخر)
قَوْله
[3866]
وَلَا تدع بظهورهما هَذَا فِي غير الاسْتِسْقَاء وَأما فِيهِ فقد ورد فِي رِوَايَة الْمُسلم ان النَّبِي صلى الله عليه وسلم استسقى فَأَشَارَ بِظهْر كفيه الى السَّمَاء (إنْجَاح)
قَوْله
[3867]
كَانَ لَهُ عدل رَقَبَة الْعدْل بِفَتْح الْعين وَكسرهَا رِوَايَتَانِ بِمَعْنى الْمثل من ولد إِسْمَاعِيل هُوَ بفحتين وبالضم وَسُكُون اللَّام جمع ولد أَي كَانَ لَهُ ثَوَاب عتق رَقَبَة لمعات
قَوْله
[3868]
اللَّهُمَّ بك أَصْبَحْنَا الْبَاء مُتَعَلق بِمَحْذُوف وَهُوَ خبر أصبح وَلَا بُد من تَقْدِير مُضَاف أَي أَصْبَحْنَا متلبسين بنعمتك أَي بحياتك وكلاءتك أَو بذكرك واسمك قَوْله وَبِك نحيى وَبِك نموت حِكَايَة عَن الْحَال الْآتِيَة يَعْنِي يسْتَمر حَالنَا على هَذَا فِي جَمِيع الْأَوْقَات وَسَائِر الْأَحْوَال مَعْنَاهُ أَنْت تحييني وَأَنت تميتني كَذَا فِي الطَّيِّبِيّ
قَوْله
[3869]
وَكَانَ أبان هُوَ بِفَتْح الْهمزَة وَتَخْفِيف الْمُوَحدَة يصرف وَلَا يصرف وَالْأول اشهر لكَونه على وزن فعال وعَلى الثَّانِي يَجْعَل على وزن افْعَل وَقَوله قد اصابه طرف من الفالج وَهُوَ بِفَتْح اللَّام عِلّة مَعْرُوفَة والفلج بِسُكُون اللَّام ومحركة النّصْف وهما فلجان قَوْله فَجعل الرجل يَعْنِي الرجل الَّذِي كَانَ يرْوى الحَدِيث عَنهُ ينظر اليه تَعَجبا وَإِنْكَارا بأنك كنت تَقول هَذِه الْكَلِمَة كل صباح وَمَسَاء فَكيف اصابك الضّر ان كَانَ الحَدِيث صَحِيحا فَقَالَ أبان رفعا لتعجبه اما ان الحَدِيث صَحِيح لكني لم أَقَله يَوْمئِذٍ ليمضي الله من الامضاء وَاللَّام فِيهِ للعاقبة وَالتَّقْدِير لم يوفقني الله بِهِ ليمضي الله على قدره لمعات
قَوْله
[3870]
عَن أبي سَلام خَادِم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَذَا وَقع فِي الأَصْل وَالصَّوَاب عَن أبي سَلام واسْمه مَمْطُور الْأسود الحبشي عَن رجل خدم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (فَخر)
[3871]
أَسأَلك الْعَفو والعافية الْعَفو التجاوز من الذَّنب والعافية السَّلامَة من الافات والشدائد واستر عوراتي وَهِي بِسُكُون الْوَاو جمع عَورَة وَهِي كل مَا يتسحيى مِنْهُ ويسوء صَاحبه ان يرى مِنْهُ قَوْله وآمن روعاتي هِيَ جمع روعة وَهِي الْمرة من الروع الْفَزع (فَخر)
قَوْله وَأَعُوذ بك ان اغتال بِلَفْظ الْمَجْهُول أَي اذْهَبْ من حَيْثُ لَا اشعر فِي الْقَامُوس غاله اهلكه كاغتاله واخذه من حَيْثُ لم يدر كَذَا فِي اللمعات قَالَ السَّيِّد عَم الْجِهَات لِأَن الْآفَات مِنْهَا وَبَالغ من جِهَة السّفل لرداءة الافة انْتهى
قَوْله
[3873]
اللَّهُمَّ رب السَّمَاوَات وَالْأَرْض إِشَارَة الى أصُول الْأَسْبَاب الْكُلية بِبَقَاء الْعَالم وَقَوله وَرب كل شَيْء تَعْمِيم لربوبيته تَعَالَى أَي من العناصر والمواليد وافرادها وجزئياتها وفالق الْحبّ والنوى إِشَارَة الى الارزاق الجسمانية الَّتِي بهَا بَقَاؤُهَا وَالْحب يسْتَعْمل فِي الطَّعَام والنوى فِي التَّمْر وَنَحْوه ومنزل التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَالْقُرْآن إِشَارَة الى الارزاق الروحانية الْمُتَعَلّقَة بتدبير أَحْوَال الْآخِرَة وأحكامها وَلم يذكر الزبُور لعدم اشتماله على الاحكام والشرائع كَذَا قيل قَوْله اخذ بناصيتها هَذَا عبارَة عَن الْقُدْرَة وَالْغَلَبَة قَوْله فَلَيْسَ دُونك هُوَ هَهُنَا بِمَعْنى نقيض فَوق وَالظَّاهِر يكون فَوق الشَّيْء فالباطن يكون تَحْتَهُ فنفى الْفَوْقِيَّة يُنَاسب الظُّهُور وَنفي الدونية الْبُطُون فَافْهَم لمعات
قَوْله
[3874]
ثمَّ لينفض بهَا أَي بداخلة إزَاره أَي بطرفه وحاشيته من دَاخل أَي يسْتَحبّ ان ينفض فرَاشه حذرا عَن حَيَّة أَو عقرب أَو فارة أَو تُرَاب أَو قذاة قَالَ فِي النِّهَايَة وَأمر بداخلته لِأَن الموتزر يَأْخُذ الْإِزَار بِيَمِينِهِ ثمَّ يضع مَا بِيَمِينِهِ فَوق داخلته فَمَتَى عاجله أَمر وخشى سُقُوط إزَاره امسكه بِشمَالِهِ وَدفع عَن نَفسه بِيَمِينِهِ فَإِذا صَار الى فرَاشه فَحل إزَاره فَإِنَّمَا يحل بِيَمِينِهِ خَارِجَة الْإِزَار وَتبقى الدَّاخِلَة معلقَة وَبهَا يَقع النفض لِأَنَّهَا غير مَشْغُول الْيَد انْتهى قَوْله فَإِنَّهُ لَا يدْرِي مَا خَلفه أَي قَامَ مقَامه بعده (فَخر)
قَوْله فَإِنَّهُ لَا يدْرِي مَا خَلفه عَلَيْهِ قَالَ فِي النِّهَايَة لَعَلَّ هَامة وَبت فَصَارَت فِيهِ بعده واخرج الخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن أبي امامة قَالَ ان الشَّيْطَان ليَأْتِي الى فرَاش الرجل بَعْدَمَا يفرشه أَهله ويتهيئه فيلقي الْعود وَالْحجر ليغضبه على أَهله فَإِذا وجد أحدكُم ذَلِك فَلَا يغْضب على أَهله فَإِنَّهُ عمل الشَّيْطَان مِصْبَاح الزجاجة للامام جلال الدّين السُّيُوطِيّ
قَوْله
[3875]
نفث فِي يَدَيْهِ وَقَرَأَ وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ فَقَرَأَ بِالْفَاءِ ظَاهره على تَقْدِير فَقَرَأَ بِالْفَاءِ انه نفث اولا ثمَّ قَرَأَ وَلم يقل بِهِ أحد لِأَن النفث يَنْبَغِي ان يكون بعد التِّلَاوَة ليوصل بركَة الْقُرْآن الى بَشرته فَقيل أَرَادَ النفث وَقَرَأَ وَهُوَ الصَّوَاب وَقيل لَعَلَّ سر تَقْدِيمه مُخَالفَة السَّحَرَة البطلة وَفَائِدَة النفث التَّبَرُّك بالهوى وَالنَّفس الْمُبَاشر للرقية كَمَا يتبرك بغسالة مَا يكْتب من الذّكر والأسماء الْحسنى (فَخر)
قَوْله نفث فِي يَدَيْهِ وَقَرَأَ بالمعوذتين فِيهِ تَقْدِيم وَتَأْخِير لِأَن النفث بعد قرءاة المعوذتين وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ عَن عَائِشَة ان النَّبِي صلى الله عليه وسلم كلما اوى الى فرَاشه كل لَيْلَة جمع كفيه ثمَّ نفث فيهمَا فَقَرَأَ قل هُوَ الله أحد وَقل أعوذ بِرَبّ الفلق وَقل أعوذ بِرَبّ النَّاس ثمَّ يمسح بهما اسْتَطَاعَ من جسده يبْدَأ بهما على رَأسه وَوَجهه وَمَا اقبل من جسده يفعل ذَلِك ثَلَاث مَرَّات ظَاهره أَيْضا انه لنفث اولا ثمَّ قَرَأَ قَالَ فِي المفاتيح لم يقل بِهِ أحد وَلَيْسَ فِيهِ فَائِدَة وَلَعَلَّ هَذَا سَهْو من الْكَاتِب أَو من الرَّاوِي قلت بَالغ الطَّيِّبِيّ فِي تشنيع هَذَا القَوْل وَقَالَ تخطية الْعُدُول والثقات اوهن من بَيت العنكبوت فَهَلا قَاس على قَوْله تَعَالَى فتوبوا الى بارئكم فَاقْتُلُوا أَنفسكُم (إنْجَاح)
قَوْله
[3876]
وَلَا منجأ بِالْهَمْزَةِ ومادته بِلَا همزَة لِأَنَّهُ من النجَاة وَهَذَا للمزاوجة وَقد يُخَفف همزَة الملجأ لهَذِهِ المزاوجة أَيْضا (إنْجَاح)
قَوْله
[3878]
من تعار من اللَّيْل بِفَتْح تَاء وَرَاء مُشَدّدَة بعد الف أَي اسْتَيْقَظَ وَلَا يكون الا يقظة مَعَ كَلَام أَي انتبه بِصَوْت من اسْتِغْفَار أَو تَسْبِيح أَو غَيرهمَا وَقَوله فَقَالَ حِين يَسْتَيْقِظ لَا إِلَه إِلَّا الله الخ تَفْسِير لَهُ وَإِنَّمَا يُوجد ذَلِك لمن تعود الذّكر حَتَّى صَار حَدِيث نَفسه فِي نَومه ويقظته وَقيل هُوَ تمطي كَذَا فِي الْمجمع وَذكر فِي الْقَامُوس التعار السهر والتقلب على الْفراش يعلا مَعَ كَلَام انْتهى (إنْجَاح)
قَوْله
[3879]
الْهوى بِالْفَتْح وَتَشْديد الْيَاء الزَّمَان الطَّوِيل وَقيل مُخْتَصّ بِاللَّيْلِ كَذَا فِي الْمجمع فَهُوَ مفعول فِيهِ لقَوْله يَقُول من اللَّيْل أَو لقَوْله كَانَ يسمع أَي كَانَ ربيعَة يسمع قَوْله صلى الله عليه وسلم هَذِه الْكَلِمَة زَمَانا طَويلا (إنْجَاح)
[3880]
أَحْيَانًا بعد مَا اماتنا أَي انامنا وَهُوَ تَشْبِيه فِي زَوَال الْعقل وَالْحَرَكَة لَا تَحْقِيق وَقيل الْمَوْت فِي الْعَرَب يُطلق على السّكُون كماتت الرّيح إِذا سكنت وَيَقَع على أَنْوَاع بِحَسب أَنْوَاع الْحَيَاة بِإِزَاءِ الْقُوَّة النامية فِي الْحَيَوَان والنبات كحيي الأَرْض بعد مَوتهَا ولزوال الْقُوَّة الحسية كياليتني مت قبل هَذَا وَزَوَال الْقُوَّة الْعَاقِلَة وَهِي الْجَهْل كاومن كَانَ مَيتا فأحييناه والحزن وَالْخَوْف المكدر للحياة كيأتيه الْمَوْت من كل مَكَان والمنام كَالَّتِي لم تمت فِي منامها وَقد قيل الْمَنَام الْمَوْت الْخَفِيف ويستعار للاحوال الشاقة والفقر والذل والسوال والهرم وَالْمَعْصِيَة وَغَيرهَا نِهَايَة
قَوْله
[3883]
كَانَ يَقُول عِنْد الكرب الخ فَإِن قيل فَهَذَا ذكر وَلَيْسَ فِيهِ دُعَاء يزِيل الكرب فَجَوَابه من وَجْهَيْن أَحدهمَا ان هَذَا الذّكر يستفتح بِهِ الدُّعَاء ثمَّ يَدْعُو بِمَا شَاءَ وَالثَّانِي بِأَن الدُّعَاء قد يكون صَرِيحًا كَمَا تَقول اللَّهُمَّ اعطني وَقد يكون تعريضا كَمَا إِذا اثنى على الله تَعَالَى فَإِن الثَّنَاء على الْكَرِيم سوال كَمَا قيل لمعات
قَوْله قَالَ وَكِيع مرّة لَا إِلَه إِلَّا الله فِيهَا كلهَا أَي فِي ابْتِدَاء كل وَاحِدَة من الْكَلِمَات الثَّلَاثَة فَقَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله الْحَلِيم الْكَرِيم لَا إِلَه إِلَّا الله رب الْعَرْش الْعَظِيم لَا إِلَه إِلَّا الله رب السَّمَاوَات السَّبع وَرب الْعَرْش الْكَرِيم (إنْجَاح)
قَوْله
[3884]
اني أعوذ بك ان اضل من الضَّلَالَة أَو ازل من زلَّة الْقدَم كِنَايَة عَن وُقُوع الذَّنب من غير قصد أَو اجهل أَي افْعَل فعل الْجُهَّال من الاضرار والايذاء أَو يجهل على أَي يفعل النَّاس بِنَا ذَلِك لمعات
قَوْله
[3886]
فليلقاه قريناه أَي من الشَّيَاطِين لِأَن كل رجل مَعَه قرين من الْمَلَائِكَة وقرين من الْجِنّ ثمَّ هَذَا الحَدِيث يدل على ان لكل رجل قرينين من الْمَلَائِكَة وقرينين من الشَّيَاطِين وَفِي حَدِيث مُسلم عَن بن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا مِنْكُم من أحد الا وَقد وكل بِهِ قرين من الْجِنّ وقرين من الْمَلَائِكَة فَيحمل على ان يكون لكل انسان قرين وَمَعَ بَعضهم قرينان أَو يكون الْوَاحِد كالرئيس وَالثَّانِي كالتابع وَالله اعْلَم إنْجَاح الْحَاجة
قَوْله
[3888]
من وعثاء السّفر أَي شدته ومشقته واصله من الوعث وَهُوَ الرمل وَالْمَشْي فِيهِ يشق على صَاحبه وَفِي الْمُسْتَدْرك من حَدِيث أبي هُرَيْرَة من عوثاء السّفر وَكَأَنَّهُ مَقْلُوبَة مِصْبَاح الزجاجة
قَوْله وكآبة المنقلب هُوَ بِفَتْح كَاف وبمد همزَة قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ تغير النَّفس بالانكسار من شدَّة الْغم والحزن من كاب واكتاب الْمَعْنى ان يرجع من سَفَره بِأَمْر يحزنهُ بِآفَة اصابه من سَفَره أَو يعود غير مقضي الْحَاجة أَو اصابت مَاله آفَة أَو تقدم على أَهله فيجدهم مرضى أَو فقد بَعضهم انْتهى مِصْبَاح الزجاجة للامام جلال الدّين السُّيُوطِيّ
قَوْله والحور بعد الكور أَي من النُّقْصَان بعد الزِّيَادَة قيل من فَسَاد امورنا بعد صَلَاحهَا وَقيل من الرُّجُوع عَن الْجَمَاعَة بعد ان كُنَّا مِنْهُم واصله من نقض الْعِمَامَة بعد لفها كَذَا قَالَ بن الْأَثِير فِي النِّهَايَة قَالَ الطَّيِّبِيّ وروى بعد الْكَوْن بنُون أَي الرُّجُوع من الْحَالة المستحسنة بعد ان كَانَ عَلَيْهَا وَفِي شرح جَامع الْأُصُول الْكَوْن من كَانَ التَّامَّة أَي من التَّغَيُّر بعد الثَّبَات انْتهى (فَخر)
قَوْله
[3889]
اللَّهُمَّ سيبا نَافِعًا قَالَ فِي النِّهَايَة أَي عَطاء وَيجوز ان يُرِيد مَطَرا صائبا أَي جَارِيا (زجاجة)
قَوْله
[3890]
صيبا أَي مِنْهُم اسند فقا واصله صيوب لِأَنَّهُ من صاب يصبوب إِذا انْزِلْ فأبدلت الْوَاو يَاء وادغمت كسيد من سَاد يسود (زجاجة)
قَوْله
[3891]
إِذا رآى مخيلة قَالَ فِي النِّهَايَة المخيلة مَوضِع الْخَيل وَهُوَ الظَّن كالمظنة وَهِي السحابة الخليقة بالمطر وَيجوز ان يكون مُسَمَّاة بالمخيلة الَّتِي هِيَ مصدر كالمحبسة من الْحَبْس (زجاجة)
قَوْله إِذْ رآى مخيلة قَالَ الْكرْمَانِي هُوَ بِفَتْح الْمِيم وَإِنَّمَا تغير لَونه خوفًا ان يُصِيب أمته عُقُوبَة ذَنْب الْعَامَّة انْتهى
[3893]
الرُّؤْيَا الْحَسَنَة وَفِي رِوَايَة الصَّالِحَة قَالَ الْكرْمَانِي الرُّؤْيَا بِالْهَمْزَةِ وَالْقصر وَمنع الصّرْف مَا يرى فِي الْمَنَام وَوَصفه بالصالحة للايضاح لِأَن غير الصَّالِحَة يُسمى الْحلم أَو التَّخْصِيص بِاعْتِبَار صورتهَا أَو تعبيرها وَيُقَال الصادقة والحسنة والحلم ضدها وقسموا الرُّؤْيَا الى حَسَنَة ظَاهرا أَو بَاطِنا كالمتكلم مَعَ الْأَنْبِيَاء أَو ظَاهرا لَا بَاطِنا كسماع الملاهي والى رُؤْيَة ظَاهر أَو بَاطِنا كلدغ الْحَيَّة أَو ظَاهر الا بَاطِنا كذبح الْوَلَد قَالُوا ان الله يخلق فِي قلب النَّائِم اعتقادات كَمَا يخلق فِي قلب الْيَقظَان وَرُبمَا جعلهَا علما على أُمُور اخر تلحقها فِي ثَانِي الْحَال والجميع يخلقه لَكِن جعل عَلامَة مَا يضرّهُ بِحُضُور الشَّيْطَان فنسب اليه لذَلِك ولانها على شاكلته وطبعه واضيف المحبوبة اليه تَشْرِيفًا انْتهى
قَوْله جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْء الخ قَالَ النَّوَوِيّ الرِّوَايَات الَّتِي رَوَاهَا مُسلم ثَلَاث الْمَشْهُور سِتَّة وَأَرْبَعين وَالثَّانيَِة خَمْسَة وَأَرْبَعين وَالثَّالِثَة سبعين جُزْء وَفِي غير مُسلم من رِوَايَة بن عَبَّاس من أَرْبَعِينَ جُزْء وَفِي رِوَايَة من تِسْعَة وَأَرْبَعين وَفِي رِوَايَة الْعَبَّاس من خمسين وَمن رِوَايَة بن عمر سِتَّة وَعشْرين وَمن رِوَايَة عبَادَة ن أَرْبَعَة وَأَرْبَعين وَقَالَ القَاضِي أَشَارَ الطَّبَرِيّ الى ان هَذَا الِاخْتِلَاف رَاجع الى اخْتِلَاف حَال الرَّائِي فالمؤمن الصَّالح تكون رُؤْيَاهُ جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْء وَالْفَاسِق جُزْء من سبعين جُزْء وَقيل المُرَاد ان الْخَفي مِنْهَا جُزْء من سبعين والجلي جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين قَالَ الْخطابِيّ قَالَ بعض الْعلمَاء أَقَامَ صلى الله عليه وسلم يُوحى اليه ثَلَاث وَعشْرين سنة مِنْهَا عشر سِنِين بِالْمَدِينَةِ وَثَلَاث عشرَة بِمَكَّة وَكَانَ قبل ذَلِك سِتَّة اشهر يرى فِي الْمَنَام يُوحى وَهِي جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْء قَالَ الْمَازرِيّ وَيحْتَمل ان يكون المُرَاد ان الْمَنَام فِيهِ أَخْبَار الْغَيْب وَهُوَ إِحْدَى ثَمَرَات النُّبُوَّة وَهُوَ يسير فِي جنب النُّبُوَّة لِأَنَّهُ يجوز ان يبْعَث الله تَعَالَى نَبيا ليشرع الشَّرَائِع وَيبين الاحكام وَلَا يخبر بِغَيْب ابدا وَلَا يقْدَح ذَلِك فِي نبوته وَلَا يُؤثر فِي
مقصودها وَهَذَا الْجُزْء من النُّبُوَّة وَهُوَ الاخبار بِالْغَيْبِ إِذا وَقع لَا يكون الا صدقا قَالَ الْخطابِيّ هَذَا الحَدِيث توكيد لامر الرُّؤْيَا وَتَحْقِيق منزلتها وَقَالَ وَإِنَّمَا كَانَت جُزْء من أَجزَاء النُّبُوَّة فِي حق الْأَنْبِيَاء دون غَيرهم وَكَانَ الْأَنْبِيَاء صلوَات الله عَلَيْهِم يُوحى إِلَيْهِم فِي منامهم كَمَا يُوحى إِلَيْهِم فِي الْيَقَظَة وَقَالَ بعض الْعلمَاء معنى الحَدِيث ان الرُّؤْيَا تَأتي على مُوَافقَة النُّبُوَّة لِأَنَّهَا جُزْء بَاقٍ من النُّبُوَّة وَالله اعْلَم انْتهى
قَوْله جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْء من النُّبُوَّة أَي فِي حق الْأَنْبِيَاء فانهم يوحون فِي الْمَنَام وَقيل أَي الرُّؤْيَا تَأتي على وفْق النُّبُوَّة لِأَنَّهَا جُزْء بَاقٍ مِنْهَا وَقيل من الانباء أَي انباء وَصدق من الله لَا كذب فِيهِ وَلَا حرج فِي الاخذ بِظَاهِرِهِ فَإِن أَجزَاء النُّبُوَّة لَا يكون بنوة فَلَا يُنَافِي حَدِيث ذهب النُّبُوَّة ثمَّ رويا الْكَافِر قد يصدق لَكِن لَا يكون جُزْء مِنْهَا إِذْ المُرَاد الرُّؤْيَا الصَّالِحَة من الْمُؤمن الصَّالح جُزْء مِنْهَا كَمَا فِي حَدِيث الْكتاب كرماني
قَوْله
[3897]
الرُّؤْيَا الصَّالِحَة الخ قَالَ الْكرْمَانِي صَلَاحهَا بِاعْتِبَار صورتهَا أَو تعبيرها أَو صدقهَا والرؤيا الصادقة الْمُوَافقَة للْوَاقِع فَإِن قلت الرُّؤْيَا الصَّالِحَة أَعم لاحْتِمَال كَونه مُنكرَة إِذا الصّلاح بِاعْتِبَار تَأْوِيلهَا قُلْنَا يرجع الى المبشرة نعم يخرج مَا لَا صَلَاح لَهَا لَا صُورَة وَلَا تَأْوِيلا انْتهى قَوْله جُزْء من سبعين الخ وَفِي شرح جَامع الْأُصُول وَمن رَوَاهُ جُزْء من سبعين فَلَا اعْلَم لَهُ وَجها انْتهى
قَوْله
[3899]
كشف رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الستارة وَهِي الْحجاب الَّذِي كَانَ على بَاب بَيت عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا (إنْجَاح)
قَوْله
[3900]
فقد رَآنِي فِي الْيَقَظَة أَي فَكَأَنَّهُ قد رَآنِي فِي الْيَقَظَة والمناسبة فِي الْمُشبه والمشبه بِهِ لَيست بضرورية من كل الْوُجُوه فَإِنَّهُ قد تحقق ان النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَو امْرَهْ فِي الْمَنَام بِشَيْء يُخَالف شَرعه لَا يُتَابع ذَلِك الْبَتَّةَ وَقد يطْلب لَهُ محملًا صَحِيحا أَو يذكر لمن يعلم أسرار تَعْبِير الرُّؤْيَا وَقد نقل عَن الْبَعْض ان النَّبِي صلى الله عليه وسلم امْرَهْ بِشرب الْخمر فتحير فِي ذَلِك حَتَّى ذكره عِنْد بعض عُلَمَاء الْمغرب فَقَالَ ذَلِك الْعَالم انك قد سَهَوْت بل قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَا تشرب الْخمر وظننت انه قَالَ اشرب الْخمر فَوجدَ صَاحب الرُّؤْيَا لَهُ محملًا صَحِيحا وَقد نقل الشَّيْخ المجدد عَن الشَّيْخ الْأَكْبَر مُحي الدّين بن الْعَرَبِيّ انه قد خصص بِالرُّؤْيَةِ على صورته الَّتِي كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَلَيْهَا وَهِي المدفونة فِي التربة المقدسة فَلَو رآى انسانا على صُورَة الكوسج لَا يكون رُؤْيَته حَقِيقَة وَقَالَ السَّيِّد جمال الدّين قيل مَعْنَاهُ من رَآنِي بِأَيّ صُورَة كَانَت فَإِنَّهُ رأى حَقِيقَة لِأَن تِلْكَ الصُّورَة مِثَال لروحه الْمُقَدّس سَوَاء كَانَت صورته الْمَخْصُوصَة أَو غَيرهَا فَإِن الشَّيْطَان لَا يتَمَثَّل بمثال على انه مِثَال لَهُ صلى الله عليه وسلم ثمَّ يَنْبَغِي ان يعلم ان لَا يغتر الرائ ان امْرَهْ بِأَمْر يُخَالف شَرعه فَإِن شَرعه الشريف بَين لَا يحْتَمل التاويل وَهَذَا مظنون وَالْيَقِين لَا يصادمه الظَّن وَقد خلط الشَّيْطَان فِي تِلَاوَته سُورَة النَّجْم بقوله تِلْكَ الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجى فِي مدح الْأَصْنَام وَسجد الْمُشْركُونَ فَرحا واهتم بذلك الْمُسلمُونَ وَلم يشْعر بِهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَلما أخبر بذلك اهتم هما شَدِيدا حَتَّى نزل وَمَا ارسلنا من قبلك من رَسُول وَلَا نَبِي الا إِذا تمنى ألْقى الشَّيْطَان فِي امنيته فَينْسَخ الله مَا يلقى الشَّيْطَان ثمَّ يحكم الله آيَاته فَلَمَّا كَانَ للشَّيْطَان مدخلًا فِي مَجْلِسه فَمَا ظَنك بعد وَفَاته لَكِن الثُّبُوت والقرار على ذَلِك الْأَمر محَال فِي ذَاته المكرم لِأَنَّهُ مَا ينْطق عَن الْهوى ان هُوَ الا وَحي يُوحى فالغرض ان فِي المنامات واسرارها علما لَا يُعلمهُ كل أحد من النَّاس وَكَانَ لمُحَمد بن سِيرِين علم فِي التَّعْبِير وَله فِي ذَلِك غرائب منقولة فِي التواريخ ذكرهَا الامام اليافعي وَغَيره وَقد بسط القَوْل فِي رُؤْيا النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَغَيره الشَّيْخ الْأَكْبَر فِي الفصوص وَالشَّيْخ المجدد فِي مكاتيبه من شَاءَ فليراجعهما (إنْجَاح)
قَوْله
[3905]
فقد رَآنِي قَالَ الْكرْمَانِي أَي رُؤْيَته لَيست اضغاث احلام وَلَا تخيلات الشَّيْطَان كَمَا روى فقد رأى الْحق ثمَّ الرُّؤْيَة بِخلق الله لَا يشْتَرط فِيهَا مُوَاجهَة وَلَا مُقَابلَة فَإِن قيل كثيرا مَا يرى على خلاف صفة وَيَرَاهُ شخصان فِي حَاله فِي مكانين قلت ذَلِك ظن الرَّائِي انه كَذَلِك وَقد يظنّ الظَّان بعض الخيالات مرئيا لكَونه مرتبطا بِمَا يرَاهُ عَادَة فذاته الشَّرِيفَة هِيَ مرئية قطعا لَا خيال فِيهِ وَلَا ظن فَإِن قلت الْجَزَاء هُوَ الشَّرْط قلت أَرَادَ لَازمه أَي فليستبشر فَإِنَّهُ رأى وَقَالَ الْغَزالِيّ لَا يُرِيد انه رأى جسمي بل رأى مِثَالا صَار الة يتَأَدَّى بهَا معنى فِي نَفسِي اليه وَصَارَ وَسِيلَة بيني وَبَينه فِي تَعْرِيف الْحق إِيَّاه بل الْبدن فِي القيظة أَيْضا لَيْسَ إِلَّا آلَة النَّفس وَكَذَا من رأى الله بمثال محسوس من نور يكون ذَلِك صَادِقا وواسطة فِي التَّعْرِيف فَيَقُول الرَّائِي رَأَيْت الله تَعَالَى لَا بِمَعْنى رَأَيْت ذَاته وَالْحق ان مَا يرَاهُ حَقِيقَة روحه الْمُقَدّس صلى الله عليه وسلم وَيعلم الرَّائِي كَونه النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِخلق علم لَا غير وَقَالَ الطَّيِّبِيّ قَوْله فقد رَآنِي اتِّحَاد الشَّرْط وَالْجَزَاء يدل على الْمُبَالغَة أَي رأى حقيقتي على كمالها قَالَ الباقلاني أَي رُؤْيَاهُ صَحِيحَة لَيست بأضغاث احلام وَلَا من تشبيهات الشَّيْطَان إِذْ قد يرَاهُ على خلاف صفته أَو شخصان فِي حَالَة فِي مكانين وَقَالَ اخرون بل هُوَ على ظَاهره وَخلاف صفته تَغْيِير فِي الصّفة لَا فِي الذَّات وَكَذَا لَو رَآهُ يَأْمر بقتل من يحرم قَتله كَانَ هَذَا صِفَاته المتخيلة لَا المرئية قَالَ القَاضِي لَعَلَّه مُقَيّد بِمَا رَآهُ على صفته وان خَالف كَانَ رُؤْيا تَأْوِيل لَا رُؤْيا حَقِيقَة وَهُوَ ضَعِيف وَالصَّحِيح انه يرَاهُ حَقِيقَة سَوَاء كَانَ على صفته أَو خلَافهَا وروى فسيراني مَوضِع فقد رَآنِي وَالْمرَاد حنيئذ أهل عصره أَي يوفقه لِلْهِجْرَةِ اليه أَو يرى تَصْدِيق رُؤْيَاهُ فِي الْآخِرَة أَو يرَاهُ رُؤْيَة خَاصَّة فِي الْقرب مِنْهُ والشفاعة أَو يرَاهُ كشفا وعيانا بعد قطع العلائق وصفاء الْقلب كَمَا نقل عَن بعض الصلحاء هَذَا زبدة مَا فِي شُرُوح البُخَارِيّ وَالْمُسلم وَغَيرهمَا (فَخر)
[3906]
وتخويف من الشَّيْطَان وَفِي رِوَايَة الرُّؤْيَا من تحزين الشَّيْطَان أَي من فعل الشَّيْطَان يلْعَب بالإنسان ويريه مَا يحزنهُ وَله مَكَائِد يحزن بني ادم (إنْجَاح)
قَوْله
[3907]
وَمِنْهَا جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين الخ قَالَ فِي النِّهَايَة إِذْ كَانَ عمره ثَلَاثًا وَسِتِّينَ وَمُدَّة وحيه ثَلَاثًا وَعشْرين وَمُدَّة الرُّؤْيَا سِتَّة اشهر وروى جُزْء من خمس وَأَرْبَعين وَوَجهه انه مَاتَ فِي اثناء السّنة الثَّالِثَة بعد السِّتين وروى من أَرْبَعِينَ فَيحمل على من روى ان عمره سِتِّينَ سنة قَالَ النَّوَوِيّ وَجه الطَّبَرِيّ اخْتِلَاف الرِّوَايَات فِي عدد مَا هِيَ جُزْء مِنْهُ باخْتلَاف حَال الرَّائِي بالصلاح والعنق وَقيل بِاعْتِبَار الْخَفي والجلي من الرُّؤْيَا وَقيل كَانَ مُدَّة النُّبُوَّة ثَلَاثًا وَعشْرين وَمُدَّة الرُّؤْيَا قبلهَا سِتَّة اشهر فَهِيَ جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين وَفِيه نظر إِذْ لم يثبت ان مدَّتهَا قبلهَا سِتَّة اشهر وَلِأَنَّهُ رآى بعْدهَا منامات كَثِيرَة وَلِأَنَّهُ لَا يطرد فِي جَمِيع الرِّوَايَات وَلَو تكلّف وَقيل ان للمنامات شبها مِمَّا حصل لَهُ وميز بِهِ من النُّبُوَّة بِجُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين لَكَانَ لَهُ وَجه (فَخر)
قَوْله
[3909]
الرُّؤْيَا من الله والحلم من الشَّيْطَان ذكر فِي الْمجمع هما مَا يرَاهُ المنائم لَكِن غلب الرُّؤْيَا على الْخَيْر وَالْحسن والحلم فِي السيء والقبيح قَوْله فليبصق عَن يسَاره ثَلَاثًا يَعْنِي طردا للشَّيْطَان (إنْجَاح)
قَوْله
[3914]
الرُّؤْيَا على رجل طَائِر الخ رجل طَائِر بِكَسْر رَاء وَسُكُون جِيم أَي على رجل تدرجا وَقَضَاء مَاض من خير أَو شَرّ وَأَنه هُوَ الَّذِي قسمه الله تَعَالَى لصَاحِبهَا من قَوْلهم اقتسموا دَارا فطاوسهم فلَان فِي ناحيتها أَي وَقع سَهْمه وَخرج وكل حَرَكَة من كَلمته أَو شَيْء تجْرِي لَك فَهُوَ طَائِر يَعْنِي ان الرُّؤْيَا هِيَ الَّتِي يعبرها الْمعبر الأول فَكَانَت على رجل طَائِر فَسَقَطت حَيْثُ عبرت كَمَا يسْقط مَا يكون على رجل طَائِر أدنى حَرَكَة كَذَا فِي الْمجمع وَقيل شبه بِرَجُل طَائِر لِأَنَّهَا لَا يثبت فِي مَكَان فَكَذَلِك الرُّؤْيَا مَتى لم تعبر لمن تكن ثَابِتَة فَإِذا عبرت سَقَطت واستقرت (إنْجَاح)
قَوْله الرُّؤْيَا على رجل طَائِر الخ فَإِن قيل كَيفَ يكون على رجل طَائِر وَكَيف يُؤَخر عَمَّا تبشر بِهِ أَو تنذر مِنْهُ بِتَأْخِير التَّعْبِير وَتَقَع إِذا عبرت وَهَذَا يدل على انها ان لم تعبر لم تقع الْجَواب انه من قَوْلهم هُوَ على رجل طَائِر إِذا لم يسْتَقرّ يُرِيد انه لَا يطمئن وَلَا يقف فَالْمُرَاد انها تجول فِي الْهَوَاء حَتَّى تعبر فَإِذا عبرت وَقعت وَلم يرد ان كل من عبرها من النَّاس وَقعت كَمَا عبر بل أَرَادَ الْعَالم الْمُصِيب الْمُوفق وَكَيف يكون الْجَاهِل المخطي عابرا وَهُوَ لم يصب وَلم يُقَارب وَلَا أَرَادَ ان كل رُؤْيا تعبر وتتاول لِأَن أَكْثَرهَا اضغاث احلام فَمِنْهَا مَا يكون عَن غَلَبَة طبيعة أَو حَدِيث نفس أَو شَيْطَان وَإِنَّمَا الصَّحِيحَة مَا يَأْتِيهِ ملك الرويا عَن أم الْكتاب فِي الْحِين بعد الْحِين قَالَه المغيث
قَوْله
[3915]
اعتبروها بأسمائها أَي اخْرُجُوا تعبيرها من الِاسْم واجعلوه عِبْرَة وَقِيَاسًا مِثَاله مَا روى مُسلم عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رَأَيْت ذَات لَيْلَة فِيمَا يرى النَّائِم كَأَنِّي فِي دَار عقبَة بن رَافع فأتينا برطب من رطب بن طَابَ فأولت ان الرّفْعَة لنا فِي الدُّنْيَا والعافية فِي الْآخِرَة وان ديننَا قد طَابَ (إنْجَاح)
قَوْله وكنوها بكناها الكنى جمع كنية من كنوت عَنهُ وكنيت عَنهُ إِذا اوريت عَنهُ بِغَيْرِهِ أَرَادَ مثلوها امثالا إِذا عبرتموها وَهِي الَّتِي يضْربهَا ملك الرُّؤْيَا للرجل فِي مَنَامه لِأَنَّهُ يكنى بهَا عَن أَعْيَان الْأُمُور كَقَوْلِهِم فِي تَعْبِير النّخل انها رجال ذَوُو احساب من الْعَرَب وَفِي الْجَوْز انها رجال من الْعَجم لِأَن النّخل أَكثر مَا يكون فِي بِلَاد الْعَرَب والجوز أَكثر مَا يكون فِي بِلَاد الْعَجم ذكره فِي الْمجمع (إنْجَاح)
قَوْله
[3916]
من تحلم حلما كَاذِبًا أَي ادّعى الرُّؤْيَا كَذَا بأكلف ان يعْقد بَين شعيرتين وَإِنَّمَا زَاد عُقُوبَة مَعَ ان كذبه فِي مَنَامه لَا يزِيد على كذبه فِي يقظته لِأَن الرُّؤْيَا بِحكم هَذَا الحَدِيث جُزْء من النُّبُوَّة وَهِي وَحي فالكذب فِيهِ كذب على الله وَهُوَ أعظم فِرْيَة من الْكَذِب على الْخلق أَو على نَفسه وَقَالَ الْكرْمَانِي الرُّؤْيَا والحلم مُتَرَادِفَانِ لُغَة والتخصيص شَرْعِي والتكليف بِالْعقدِ نوع تَعْذِيب فَلَا يدل على تَكْلِيف مَالا يُطَاق انْتهى (فَخر)
قَوْله
[3917]
إِذا قرب الزَّمَان الخ أَي اقْترب أَو ان فنائه إِشَارَة الى قرب الْقِيَامَة لِأَن الشَّيْء إِذا قل تقَارب اطرافه وَفِي حَدِيث الزَّمَان حَتَّى يكون السّنة كشهر الحَدِيث وَهُوَ زمَان الْمهْدي وَقيل يقترب زمَان الْمَوْت وَصَارَ الرجل فِي سنّ الكهولة لاعتدال الطَّبْع حِينَئِذٍ وَقيل أَرَادَ بِهِ تَسَاوِي الزَّمَان بَين الصَّيف والشتاء وَحِينَئِذٍ يعتدل مزاج الْإِنْسَان لعدم فَسَاد الاخلاط الروية لِأَن وساوس النَّفس أَكثر مَا يكون من غَلَبَة الْخَلْط فالدموي مثلا يرى الْأَشْيَاء الْحمر والصفراوي يرى النيرَان (إنْجَاح)
[3918]
اني رَأَيْت فِي الْمَنَام ظلة الظلة بِضَم الظَّاء السحابة الْقَرِيبَة من الرَّأْس كَأَنَّهَا تظلله تنطف أَي تقطر قَلِيلا قَلِيلا قَوْله ويتكففون أَي يَأْخُذُونَ بالاكف فَمنهمْ المستكثر فِي الاخذ وَمِنْهُم المستقل فِيهِ وَالسَّبَب هُوَ الْحَبل والواصل من الْوَصْل بِمَعْنى الْمَوْصُول والاخذون بِالسَّبَبِ الْخُلَفَاء وَالَّذِي انْقَطع بِهِ وَوصل لَهُ هُوَ عمر قتل فوصل لَهُ بِأَهْل الشورى بعثمان (فَخر)
قَوْله أصبت بَعْضًا وأخطأت بَعْضًا قَالَ الْكرْمَانِي الْخَطَأ تَعْبِير السّمن وَالْعَسَل بِالْقُرْآنِ وَحقه ان يعبرا بِالْكتاب وَالسّنة أَو اقدامه للتعبير بِحُضُورِهِ صلى الله عليه وسلم أَو قَوْله ثمَّ يُوصل لَهُ إِذْ لَيْسَ فِي الرُّؤْيَا الا الْوَصْل وَهُوَ قد يكون لغيره أَو ترك تعْيين الرِّجَال الاخذين بِالسَّبَبِ لم يبين صلى الله عليه وسلم خطاه لمفاسد فِيهِ مثل بَيَان قتل عُثْمَان وَفِي إِنْكَار مبادرة الصّديق توبيخه بَينهم وابراز بمقسم خص بِمَا لَا مفْسدَة فِيهِ أَو بِمَا لَا يكون فِيهِ اطلَاع على الْغَيْب انْتهى وَقَالَ النَّوَوِيّ الْخَطَأ فِي ثمَّ يُوصل لَهُ فيعلو بِهِ وَعُثْمَان قد خلع وَولى غَيره فَالصَّوَاب ان يحمل وَصله على ولَايَة غَيره من قومه وَلم يُبينهُ لمفسدة فِي بَيَان الحروب والفتن انْتهى
قَوْله أصبت بَعْضًا الخ قيل أَرَادَ بِهِ انك أصبت فِي التَّعْبِير وأخطأت فِي ترك الْأَدَب حَيْثُ لم تتركني للتعبير وَقيل كَانَ اللَّائِق لَهُ ان يعبر الْعَسَل وَالسمن بِالْكتاب وَالسّنة وانه ذكر فِي التَّعْبِير الْقُرْآن فَقَط (إنْجَاح)
قَوْله
[3920]
فِي مَنْهَج هُوَ الطَّرِيق الْوَاضِح كَذَا فِي الْقَامُوس والزلق الَّذِي يزل عَلَيْهِ الاقدام (إنْجَاح)
قَوْله فزجل بِي من التزجيل وَهُوَ التقوية أَي قوى بِي وَفِي رِوَايَة الشَّيْخَيْنِ فَقيل لي ارقه فَقلت لَا أَسْتَطِيع فَأَتَانِي منصف فَرفع ثِيَابِي من خَلْفي فرقيت حَتَّى كنت فِي أَعْلَاهُ قلت وَالْمنصف الْخَادِم وَهُوَ بِكَسْر الْمِيم وَقد تفتح من نصفته إِذا اخدمته (إنْجَاح)
قَوْله
[3921]
فَذهب وهلي هُوَ بِسُكُون الْهَاء وَيفتح أَي وهمي الى انها الْيَمَامَة فِي الْقَامُوس الْيَمَامَة الْقَصْد كاليمام وَجَارِيَة ارقاء كَانَت تبصر الرَّاكِب من مسيرَة ثَلَاثَة أَيَّام وبلاد الجو منسوبة إِلَيْهَا سميت باسمها أَكثر تخيلا من سَائِر الْحجاز وَبهَا تبنى مُسَيْلمَة الْكذَّاب وَهِي دون الْمَدِينَة فِي وسط الشرق عَن مَكَّة على سِتَّة عشر مرحلة من الْبَصْرَة وَعَن الْكُوفَة نَحْوهَا وَالنِّسْبَة يمامي انْتهى أَو هجر بِفَتْح الْهَاء وَالْجِيم وَهُوَ غير منصرف وَقد ينْصَرف بِاعْتِبَار الْبقْعَة فَفِي الْقَامُوس هجر محركة بلد بِالْيمن قَوْله فَإِذا هِيَ الْمَدِينَة يثرب قد جَاءَ فِي الحَدِيث النَّهْي عَن تَسْمِيَتهَا بِيَثْرِب لكَرَاهَة لفظ التثريب فَقيل يحْتَمل ان هَذَا قبل النَّهْي وَقيل انه لبَيَان الْجَوَاز وان النَّهْي للتنزيه وَقيل خُوطِبَ بِهِ من يعرفهَا وَلِهَذَا جمع بَينه وَبَين اسْمهَا الشَّرْعِيّ مرقاة مُخْتَصرا
قَوْله وَالله خير مُبْتَدأ وَخبر أَي وَرَأَيْت كَانَ قَائِلا يَقُول وَالله خير وَقَوله فَإِذا هم النَّفر من الْمُؤمنِينَ يَوْم أحد أَي اصيبوا واستشهدوا فَكَانَ ذبح الْبَقر كَمَا فِي رِوَايَة كَذَا قَالَ النَّوَوِيّ كِنَايَة من اصابتهم يَوْم أحد (إنْجَاح)
قَوْله
[3922]
سِوَارَيْنِ من ذهب فَإِنَّمَا يعبر بِالذَّهَب من الذَّاهِب أَي الشَّيْء الْبَاطِل الزائل والعنسي قَتله فَيْرُوز الديلمي فِي مرض وَفَاته صلى الله عليه وسلم والمسيلمة قَتله وَحشِي قَاتل حَمْزَة فِي خلَافَة الصّديق (إنْجَاح)
قَوْله
[3923]
بِلَبن قثم هُوَ بن عَبَّاس وَأم الْفضل زَوجته لَكِن يشكل عَلَيْهِ ان قدوم أم الْفضل على النَّبِي صلى الله عليه وسلم سنة الْفَتْح وَهِي سنة ثَمَانِيَة من الْهِجْرَة وَذَاكَ الزَّمَان كَانَ الْحسن وَالْحُسَيْن فطيمان لِأَن ولادَة الْحسن فِي السّنة الثَّالِثَة وولادة الْحُسَيْن فِي الرَّابِعَة غَايَة مَا فِي الْبَاب لَو صَحَّ رِوَايَة قَتَادَة على حسب مَا ذكر بن الْأَثِير فِي أَسد الغابة ان وِلَادَته أَي الْحُسَيْن سنة سِتّ وَخَمْسَة أشهر وَنصف فعلى هَذَا ولاته فِي رَجَب سنة السَّابِع من الْهِجْرَة وقدوم أم الْفضل فِي رَمَضَان فِي التَّاسِع فعلى هَذَا يكون بَين الْولادَة والقدوم سنتَانِ وشهران فينطبق على مَذْهَب أبي حنيفَة بِأَن الرَّضَاع ثَلَاثِينَ شهل وَالله أعلم (إنْجَاح)
[3924]
حَتَّى قَامَت بالمهيعة هِيَ الْجحْفَة قَالَ فِي النِّهَايَة وَهِي مِيقَات أهل الشَّام وَبهَا غَدِير خم وَهِي شَدِيدَة الوخم قَالَ الْأَصْمَعِي لم يُولد بغدير خم أحد فَعَاشَ الى ان يَحْتَلِم الا ان يتَحَوَّل مِنْهَا
قَوْله
[3926]
أكره الغل لِأَنَّهُ صفة أهل النَّار قَالَ الله تَعَالَى ان الاغلال فِي اعناقهم والسلاسل يسْحَبُونَ فِي الْحَمِيم ثمَّ فِي النَّار يسجرون (إنْجَاح)
قَوْله الْقَيْد ثبات فِي الدّين قَالَ الْبَغَوِيّ فِي سنَنه لِأَنَّهُ يمنعهُ من التقلب وَكَذَا الْوَرع يمْنَع من التقلب فِي المشتهيات وَهَذَا إِذا كَانَ مُقَيّدا فِي مَسْجِد أَو فِي عمل الْخيرَات وسبل الطَّاعَات فَإِن رَآهُ مُسَافر فَهُوَ إِقَامَة من السّفر وان رَآهُ مَرِيض أَو مَحْبُوس طَال مَرضه وحبسه أَو مكروب طَال كربه والغل كفر لقَوْله تَعَالَى غلت أَيْديهم ولعنوا وَقد يكون بخلا وَقد يكون بِأَن يرى لرجل صَالح روى انه رآى أَبُو بكر قد جمعت يَدَاهُ الى عُنُقه فَأخْبر بِهِ فَقَالَ الله أكبر جمعت بيَدي عَن الشَّرّ الى يَوْم الْقِيَامَة انْتهى
قَوْله
[3927]
الا بِحَقِّهَا أَي بِحَق تِلْكَ الْكَلِمَة وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ الا بِحَق الْإِسْلَام ومالهما وَاحِد قَالَ فِي الْمجمع الا بِحَق الْإِسْلَام من قتل نفس أَو حد أَو غَرَامَة اتلاف مَال أَو ترك صَلَاة قلت لَكِن الْأَخير هُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي (إنْجَاح)
قَوْله أمرت ان اقْتُل النَّاس قَالَ الْبَيْضَاوِيّ إِذا قَالَ من اشْتهر بِطَاعَة رَئِيس أمرت فهم مِنْهُ ان الرئيس امْرَهْ فَقَوْل النَّبِي صلى الله عليه وسلم أمرت يفهم مِنْهُ ان الله امْرَهْ وَإِذا قَالَ الصَّحَابِيّ أمرت فهم انه صلى الله عليه وسلم امْرَهْ انْتهى وَقَالَ الْخطابِيّ وَمن الْمَعْلُوم ان المُرَاد بِهَذَا أَي بِالنَّاسِ أهل الْأَوْثَان دون أهل الْكتاب لأَنهم يَقُولُونَ لَا إِلَه إِلَّا الله ثمَّ يُقَاتلُون وَلَا يرفع عَنْهُم السَّيْف انْتهى وَقَالَ الطَّيِّبِيّ أَكثر الشَّارِحين قَالُوا أَرَادَ بِالنَّاسِ عَبدة الْأَوْثَان دون أهل الْكتاب وَالظَّاهِر الْعُمُوم والاستغراق قَالَ تَعَالَى قل يَا أَيهَا النَّاس اني رَسُول الله اليكم جَمِيعًا الْآيَة انْتهى قَوْله
[3929]
حرم عَليّ دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالهمْ وَفِي مُسلم فقد عصم مني مَاله وَنَفسه قَالَ القَاضِي اخْتِصَاص عصمَة المَال وَالنَّفس بِمن قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله تَعْبِير عَن الْإِجَابَة الى الْإِيمَان وان المُرَاد بِهَذَا مُشْرِكُوا الْعَرَب وَأهل الْأَوْثَان وَمن لَا يوحد وهم كَانُوا أول من دعى الى الْإِسْلَام وقوتل عَلَيْهِ فَأَما غَيرهم مِمَّن يقر بِالتَّوْحِيدِ فَلَا يَكْتَفِي فِي عصمته بقوله لَا إِلَه إِلَّا الله أَو كَانَ يَقُولهَا فِي كفره وَهِي من اعْتِقَاده فَلذَلِك جَاءَ فِي الحَدِيث الاخر واني رَسُول الله وَيُقِيم الصَّلَاة وَيُؤْتى الزَّكَاة انْتهى وَقَالَ النَّوَوِيّ وَلَا بُد مَعَ هَذَا من الْإِيمَان بِجَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَمَا جَاءَ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى لأبي هُرَيْرَة الْمَذْكُورَة فِي مُسلم حَتَّى يشْهدُوا ان لَا إِلَه إِلَّا الله ويؤمنوا بِي وَبِمَا جِئْت بِهِ انْتهى هَذَا زبدة مَا فِي الشُّرُوح (فَخر)
قَوْله
[3930]
فَهَلا شققت عَن بَطْنه الخ يَعْنِي انك إِنَّمَا كلفت بِالْعَمَلِ بِالظَّاهِرِ وَمَا ينْطق بِهِ اللِّسَان واما الْقلب فَلَيْسَ لَك طَرِيق الى معرفَة مَا فِيهِ فَأنْكر عَلَيْهِ امْتِنَاعه من الْعَمَل بِمَا ظهر بِاللِّسَانِ وَقَالَ أَفلا شققت عَن قلبه لتنظر هَل قَالَهَا بقلب واعتقدها وَكَانَت فِيهِ أم لم تكن فِيهِ بل جرت على اللِّسَان فَحسب يَعْنِي وَأَنت لست بِقَادِر على هَذَا وَاقْتصر على اللِّسَان وَلَا تطلب غَيره (نووي)
قَوْله
[3931]
فِي حجَّة الْوَدَاع الْمَعْرُوف فِي الرِّوَايَة بِفَتْح الْحَاء وَقَالَ الْهَرَوِيّ وَغَيره من أهل اللُّغَة المسموع من الْعَرَب فِي وَاحِدَة الْحَج حجَّة بِكَسْر الْحَاء قَالُوا وَالْقِيَاس فتحهَا لكَونهَا اسْما للمرة الْوَاحِدَة وَلَيْسَت عبارَة عَن الْهَيْئَة حَتَّى تكسر قَالُوا فَيجوز الْكسر بِالسَّمَاعِ وَالْفَتْح بِالْقِيَاسِ انْتهى وَسميت بذلك لِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم ودع النَّاس فِيهَا وعلمهم فِي خطْبَة فِيهَا أَمر دينهم واوصاهم بتبليغ الشَّرْع الى من غَابَ وَقَالَ الا فليبلغ الشَّاهِد الْغَائِب وَقَوله كَحُرْمَةِ يومكم أَي كَحُرْمَةِ انتهاك الدَّم والاموال والاعراض فِي هَذَا الْيَوْم والشهر والبلد وَلَا يلْزم تَشْبِيه الشَّيْء بِنَفسِهِ فَإِن الثَّانِيَة اغلظ وَمُسلم عِنْد الْخصم وَمعنى الحَدِيث ان دماؤكم واموالكم متأكدة التَّحْرِيم شديدته وَفِي هَذَا دَلِيل بِضَرْب الْأَمْثَال والحاق النظير بالنظير قِيَاسا (فَخر)
[3932]
وان نظن بِهِ الْأَخير الظَّاهِر انه عطف على مَاله وَدَمه وهما مَعَ مَا عطف عَلَيْهِمَا بِالْجَرِّ بدل من الْمُؤمن فِي قَوْله لحُرْمَة الْمُؤمن أَي كَحُرْمَةِ مَال الْمُؤمن وَدَمه وَحُرْمَة الظَّن بِهِ سوى الْخَيْر أعظم حُرْمَة مِنْك أَي حرَام علينا ان نظن بِالْمُسلمِ الا ظن الْخَيْر قَالَ فِي الْمجمع هُوَ تحذير عَن الظَّن بالسوء على الْمُسلمين وَفِيمَا يجب لَهُ الْقطع فِي الاعتقاديات فَلَا يُنَافِي ظن الْمُجْتَهد والمقلد فِي الاحكام والمكلف فِي المشتبهات وَلَا حَدِيث الحزم سؤ الظَّن فَإِنَّهُ فِي أَحْوَال نَفسه خَاصَّة قلت المُرَاد من أَحْوَال نَفسه خَاصَّة ان لَا يخْتَلط بِكُل وَاحِد من النَّاس ويحترز بدمه وَمَاله لَا سِيمَا فِي زَمَاننَا لِكَثْرَة الخداع والغرور وَقد ورد احترسوا من النَّاس سوء الظَّن وَمَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن عدي فِي الْكَامِل ذكره السُّيُوطِيّ فِي الْجَامِع الصَّغِير وَإِنَّمَا قَالَ حُرْمَة الْمُؤمن أعظم عِنْد الله حُرْمَة مِنْك لِأَن فيهم الْأَنْبِيَاء والصلحاء لَا سِيمَا النُّور الأول المحمدي صلى الله عليه وسلم وَإِنَّمَا شرف الْكَعْبَة لتعبد الْمُؤمن اليه فَهَذَا يدل على مسجودية وان المسجودية لَا تدل على الْفَضِيلَة الْكُلية وَفضل الْكَعْبَة فضل جزئ وَفضل الْإِنْسَان كلي ومثاله ان نَبينَا صلى الله عليه وسلم أَمر بِاتِّبَاع الْملَّة الابراهيمة بِسَبَب فضل هُوَ النحلة فَإِنَّهُ عليه السلام رَئِيس ذَلِك الْمقَام وَغَيره تبع لَهُ فَأمر نَبينَا صلى الله عليه وسلم لنيل ذَلِك الْمقَام وَذَلِكَ باتباعه عليه السلام (إنْجَاح)
قَوْله
[3933]
وَعرضه هُوَ بِكَسْر عين قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ مَوضِع الْمَدْح والذم من الْإِنْسَان سَوَاء كَانَ فِي نَفسه أَو سلفه أَو من يلْزمه امْرَهْ وَقيل هُوَ جَانب الَّذِي يصونه من نَفسه وحسبه ويحامي عَنهُ ان ينتقص ويثلب وَقيل نَفسه وبدنه لَا غير انْتهى
قَوْله
[3934]
الْمُؤمن من امنه النَّاس أَي الْكَامِل لِأَن مَادَّة الْإِيمَان الامن وَهَكَذَا فِي المُهَاجر لِأَن الْهِجْرَة من دَار الْكفْر الى دَار الْإِسْلَام جملَة مِنْهَا وان السّكُون فِي دَارهم خَطِيئَة فَهَذِهِ هِجْرَة كبرى وَهِي هِجْرَة صغرى كَمَا ان جِهَاد النَّفس الْجِهَاد الْأَكْبَر وَجِهَاد الْكفَّار الْجِهَاد الْأَصْغَر كَمَا روى رَجعْنَا من الْجِهَاد الْأَصْغَر الى الْجِهَاد الْأَكْبَر (إنْجَاح)
قَوْله
[3935]
نهبة مَشْهُورَة صفة كاشفة للنهبة لِأَن النهبة أَكثر مَا يكون بالشهرة وَالْفِسْق الظَّاهِر أَشد من الْفسق الْخَفي (إنْجَاح)
قَوْله
[3936]
لَا يَزْنِي الزَّانِي الخ ذَر أَو مُسلم فِي رِوَايَة التَّوْبَة معروضة بعد قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا الحَدِيث مِمَّا اخْتلف الْعلمَاء فِي مَعْنَاهُ فَالْقَوْل الصَّحِيح الَّذِي قَالَه الْمُحَقِّقُونَ ان مَعْنَاهُ لَا يفعل هَذِه الْمعاصِي وَهُوَ كَامِل الْإِيمَان وَهَذَا من الْأَلْفَاظ الَّتِي تطلق على نفي الشَّيْء وَيُرَاد نفي كَمَاله ومختاره كَمَا يُقَال لَا علم الا مَا نفع وَلَا مَال الا الْإِبِل ولاعيش الا عَيْش الْآخِرَة وَإِنَّمَا تأولناه على مَا ذَكرْنَاهُ لحَدث أبي ذَر وَغَيره من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله دخل الْجنَّة وان زنا وان سرق وَحَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت الصَّحِيح الْمَشْهُور انهم بَايعُوهُ صلى الله عليه وسلم على ان لَا يسرقوا وَلَا يزنوا وَلَا يعصوا الى آخِره ثمَّ قَالَ لَهُم عليه السلام فَمن وفى مِنْكُم فاجره على الله وَمن فعل شَيْئا من ذَلِك فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَة وَمن فعل وَلم يُعَاقب فَهُوَ الى الله ان شَاءَ عفى عَنهُ وان شَاءَ عذبه فهذان الحديثان مَعَ نظائرهما فِي الصَّحِيح مَعَ قَول الله عز وجل ان الله لَا يغْفر ان يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء مَعَ إِجْمَاع أهل الْحق على ان الزَّانِي وَالسَّارِق وَالْقَاتِل وَغَيرهم من أَصْحَاب الْكَبَائِر غير الشرَاك لَا يكفرون بذلك بل هم مُؤمنُونَ ناقصوا الْإِيمَان ان تَابُوا سَقَطت عقوبتهم وان مَاتُوا مصرين على الْكَبَائِر كَانُوا فِي المشية فَإِن شَاءَ الله تَعَالَى عَفا عَنْهُم وادخلهم الْجنَّة اولا وان شَاءَ عذبهم ثمَّ ادخلهم الْجنَّة فَكل هَذِه الدَّلَائِل تضطرنا الى تَأْوِيل هَذَا الحَدِيث وَشبهه ثمَّ ان هَذَا التَّأْوِيل ظَاهر شَائِع فِي اللُّغَة مُسْتَعْمل فِيهَا كثيرا وَإِذا ورد حديثان مُخْتَلِفَانِ ظَاهرا وَجب الْجمع بَينهمَا وَقد وردا هَهُنَا فَيجب الْجمع وَقد جمعناه وَتَأَول بعض الْعلمَاء هَذَا الحَدِيث على من فعل ذَلِك مستحلا مَعَ علمه بورود الشَّرْع بِتَحْرِيمِهِ وَقَالَ الْحسن وَأَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن جرير الطَّبَرِيّ مَعْنَاهُ ينْزع مِنْهُ اسْم الْمَدْح وَالَّذِي يُسمى بِهِ أَوْلِيَاء الله الْمُؤمنِينَ وَيسْتَحق اسْم الذَّم فَيُقَال سَارِق وزان وَفَاجِر وفاسق وَحكى عَن بن عَبَّاس رَضِي ان مَعْنَاهُ ينْزع مِنْهُ نور الْإِيمَان وَفِيه حَدِيث مَرْفُوع وَقَالَ بن الْمسيب ينْزع مِنْهُ بصيرته فِي طَاعَة الله تَعَالَى وَذهب الزُّهْرِيّ الى ان هَذَا الحَدِيث وَمَا اشبه يُؤمن بهَا وتمر على مَا جَاءَت وَلَا يخاض فِي مَعْنَاهَا وَإِنَّا لَا نعلم مَعْنَاهَا وَقَالَ أمروها كَمَا أمرهَا من قبلكُمْ انْتهى وَقَالَ القَاضِي أَشَارَ بعض الْعلمَاء إِلَى أَن مَا فِي هَذَا الحَدِيث تَنْبِيه على
جَمِيع أَنْوَاع الْمعاصِي والتحذير مِنْهَا فنبه بِالزِّنَا على جَمِيع الشَّهَوَات وبالسرقة على الرَّغْبَة فِي الدُّنْيَا والحرص على الْحَرَام وبالخمر على الْجَمِيع مَا يصد عَن الله تَعَالَى وَيُوجب الْغَفْلَة عَن حُقُوقه وبالانتهاب الْمَوْصُوف على الاستخفاف بعباد الله وَترك توقيرهم وَالْحيَاء مِنْهُم وَجمع الدُّنْيَا من غير وَجههَا انْتهى قلت هَذَا مَذْهَب أهل الْحق وخالفت الْمُعْتَزلَة فِي هَذَا فَقَالُوا مرتكبوا الْكَبَائِر كافرون وَيرد قَوْلهم هَذَا الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع كَمَا لَا يخفى هَكَذَا قيل فِي هَذَا الْمقَام (فَخر)
قَوْله
[3938]
ان النهبة لَا تحل لَيْسَ المُرَاد ان النهبة من الْكفَّار لَا تحل بل لِأَن المَال غير مقسوم مشَاع ملك الْغَانِمين (إنْجَاح)
قَوْله
[3939]
سباب الْمُسلم فسوق الخ قَالَ النَّوَوِيّ السب فِي اللُّغَة الشتم والتكلم فِي عرض الْإِنْسَان بِمَا يعِيبهُ وَالْفِسْق فِي اللُّغَة الْخُرُوج وَالْمرَاد بِهِ فِي الشَّرْع الْخُرُوج عَن الطَّاعَة وَأما معنى الحَدِيث فسب الْمُسلم بِغَيْر حق حرَام بِإِجْمَاع الْأمة وفاعله فَاسق كَمَا أخبر بِهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم واما قِتَاله بِغَيْر حق فَلَا يكفر بِهِ عِنْد أهل الْحق كفرا يخرج بِهِ عَن الْملَّة الا إِذا استحله فَإِذا تقرر هَذَا فَقيل فِي تَأْوِيل الحَدِيث قَالَ أَحدهَا انه فِي المستحل وَالثَّانِي ان المُرَاد كفر الْإِحْسَان وَالنعْمَة وأخوة الْإِسْلَام لَا كفر الْجُحُود وَالثَّالِث انه يؤل الى الْكفْر بشومه وَالرَّابِع انه كَفعل الْكفَّار ثمَّ ان الظَّاهِر من قِتَاله الْمُقَاتلَة الْمَعْرُوفَة وَقَالَ القَاضِي وَيجوز ان يكون المُرَاد المشاجرة والمدافعة انْتهى
قَوْله
[3942]
لَا ترجعوا بعدِي كفَّارًا الخ قيل فِي مَعْنَاهُ سَبْعَة أَقْوَال أَحدهَا أَن ذَلِك كفر فِي حق المستحل بِغَيْر حق وَالثَّانِي أَن المُرَاد كفر النِّعْمَة وَحقّ الْإِسْلَام وَالثَّالِث انه يقرب من الْكفْر وَيُؤَدِّي اليه وَالرَّابِع انه فعل كَفعل الْكفَّار وَالْخَامِس المُرَاد حَقِيقَة الْكفْر وَمَعْنَاهُ لَا تكفرُوا بل دوموا مُسلمين وَالسَّادِس حَكَاهُ الْخطابِيّ وَغَيره ان المُرَاد بالكفار المتكفرون بِالسِّلَاحِ يُقَال تكفر الرجل بسلاحه إِذا لبسه قَالَ الْأَزْهَرِي فِي كِتَابه تَهْذِيب اللُّغَة يُقَال للابس السِّلَاح كَافِر وَالسَّابِع قَالَه الْخطابِيّ مَعْنَاهُ لَا يكفر بَعْضكُم بَعْضًا فتستحلوا قتال بَعْضكُم بَعْضًا واظهر الْأَقْوَال القَوْل الرَّابِع وَهُوَ اخْتِيَار القَاضِي عِيَاض وَقَوله بعدِي فَقَالَ الطَّبَرِيّ مَعْنَاهُ بعد فراقي من موقفي هَذَا وَكَانَ هَذَا يَوْم النَّحْر بمنى فِي حجَّة الْوَدَاع أَو يكون بعدِي أَي خلافي أَي لَا تخلفوني فِي أَنفسكُم بِغَيْر الَّذِي أَمرتكُم بِهِ أَو يكون تحقق صلى الله عليه وسلم ان هَذَا لَا يكون فِي حَيَاته فنهاهم عَنهُ بعد مماته انْتهى (نووي)
[3948]
من قَاتل تَحت راية عمية الخ بِكَسْر عين وَضمّهَا وبكسر مِيم وبياء مشدتين أَي الْأَمر الْأَعْمَى لَا يستبين وَجهه كقاتل الْقَوْم عصبية فَهُوَ فعيلة من الْعَمى الضَّلَالَة والعصبية معاونة ظلم للتعصب والمحاماة والموافقة عَمَّن يلزمك امْرَهْ أَو تلتزمه لغَرَض وَقَوله فَقتلته جَاهِلِيَّة أَي من صَنِيع أهل الْجَاهِلِيَّة وَالْكفْر والجاهلية زمَان الفترة بَين نَبينَا وَعِيسَى عَلَيْهِم الصَّلَوَات إنْجَاح الْحَاجة
قَوْله
[3950]
فَعَلَيْكُم بِالسَّوَادِ الْأَعْظَم أَي جملَة النَّاس ومعظمهم الَّذين يَجْتَمعُونَ على طَاعَة السُّلْطَان وسلوك النهج الْمُسْتَقيم كَذَا فِي الْمجمع فَهَذَا الحَدِيث معيار عَظِيم لأهل السّنة وَالْجَمَاعَة شكر الله سَعْيهمْ فانهم هم السوَاد الْأَعْظَم وَذَلِكَ لَا يحْتَاج الى برهَان فَإنَّك لَو نظرت الى أهل الْأَهْوَاء بأجمعهم مَعَ انهم اثْنَان وَسَبْعُونَ فرقة لَا يبلغ عَددهمْ عشر أهل السّنة واما اخْتِلَاف الْمُجْتَهدين فِيمَا بَينهم وَكَذَلِكَ اخْتِلَاف الصُّوفِيَّة الْكِرَام والمحدثين الْعِظَام والقراء الاعلام فَهُوَ اخْتِلَاف لَا يضلل أحدهم الاخر بل قيل الصُّوفِيَّة بِخَير مَا تنافروا وَقَالَ شيخ الْإِسْلَام الْأنْصَارِيّ أَي مَا لم يَأْمر أحدهم الاخر بِالْعرْفِ والمرشد وَاجْتنَاب المنهيات لم يكن فيهم خير قَالَ امام الْمُحدثين السُّيُوطِيّ فِي إتْمَام الدِّرَايَة نعتقد ان امامنا الشَّافِعِي ومالكا وَأَبا حنيفَة وَأحمد رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم وَسَائِر الْأَئِمَّة على الْهدى من رَبهم فِي العقائد وَغَيرهَا ونعقد ان الامام أَبَا الْحسن الْأَشْعَرِيّ امام فِي السّنة أَي الطَّرِيقَة المعتقدة وقدموه فِيهَا على غَيره ونعتقد ان طَريقَة أبي الْقَاسِم الْجُنَيْد سيد الطَّائِفَة الصُّوفِيَّة علما وَعَملا طَرِيق مقدم فَهُوَ خَال عَن الْبِدْعَة دائر على التَّدْبِير وَالتَّسْلِيم والتبري عَن النَّفس يَبْنِي على الْكتاب وَالسّنة كَذَا فِي بحرالمذاهب (إنْجَاح)
قَوْله
[3952]
زويت لي الأَرْض أَي جمعت فِي هَذَا الحَدِيث إِشَارَة الى ان ملكه يكون مُعظم امتداده فِي جهتي الْمشرق وَالْمغْرب وَهَكَذَا وَقع قَالَه النَّوَوِيّ قلت وَفِي هَذَا الحَدِيث معجزات ظَاهره وَقد وَقعت كلهَا بِحَمْد الله واما الْملك فقد بلغ من أول الْمشرق من بِلَاد التّرْك الى اخر الْمغرب من بَحر الأندلس وبلاد البربر وَلم يَتَّسِع فِي الْجنُوب وَالشمَال وَالْمرَاد بالكنزين كنزي كسْرَى وَقَيْصَر ملكي الْعرَاق وَالشَّام (فَخر)
قَوْله وان بَين يَدي السَّاعَة دجالين أَي خلاطين بَين الْحق وَالْبَاطِل يدعونَ النُّبُوَّة لَا الإلهية وَبِه فَارق الدجالين الدَّجَّال الْأَعْظَم فَإِنَّهُ يَدعِي الإلهية وَيحْتَمل ان يُرَاد بهَا جمَاعَة يدعونَ اهواء فَاسِدَة ويسندون اعتقاداتهم الْفَاسِدَة اليه صلى الله عليه وسلم كَأَهل الْبدع كلهم (فَخر)
قَوْله دجالين كَذَّابين قَرِيبا من ثَلَاثِينَ الخ قَالَ بن حجر فِي فتح الْبَارِي مِنْهُم مُسَيْلمَة والعنسي وَالْمُخْتَار وطليحة بن خويلد وسجاح اليميمية وَتَابَ طليحة وَمَات على الْإِسْلَام فِي خلَافَة عمر وَلَيْسَ المُرَاد من يدعى النُّبُوَّة مُطلقًا فانهم لَا يُحصونَ كَثْرَة لكَون غالبهم ينشأ لَهُم عَن جُنُون أَو سَوْدَاء وَإِنَّمَا المُرَاد من قَامَت لَهُ شَوْكَة وبدت لَهُ شُبْهَة وَمِنْهُم الْمُخْتَار بن عبيد غلب على الْكُوفَة زمن بن الزبير فاظهر محبت أهل الْبَيْت ودعا النَّاس الى طلب قتلة الْحُسَيْن فَقتل كثيرا مِمَّن بَاشر ذَلِك أَو أعَان عَلَيْهِ فَأَحبهُ النَّاس ثمَّ انه زين لَهُ الشَّيْطَان دَعْوَى النُّبُوَّة انْتهى
قَوْله
[3954]
الا من احياه الله بِالْعلمِ اشعار الى قَوْله جلّ ذكره أَو من كَانَ مَيتا فأحييناه وَجَعَلنَا لَهُ نورا يمشي بِهِ فِي النَّاس كمن مثله فِي الظُّلُمَات لَيْسَ بِخَارِج مِنْهَا وَالْمرَاد من هَذَا الْعلم الْعلم الكشفي الْحَاصِل بعد الفناء فِي الله والبقاء بِاللَّه الَّذِي يحصل بالسلوك والرياضات فَهُوَ تفضل من الله على من يَشَاء من عباده واما الْعلم الاستدلالي فَلَيْسَ لَهُ حَظّ فِي ذَلِك الموطن لِأَن الدَّلِيل لَا يُؤمن عَلَيْهِ وَقد نفى الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَوَات والتسليمات الشَّك بِهَذَا الْعلم أَولا حَيْثُ قَالَت رسلهم أَفِي الله شكّ فاطر السَّمَاوَات وَالْأَرْض (إنْجَاح)
[3955]
قَالَ انك لجرئ أَي ذُو جرْأَة وشجاعة حَيْثُ تحفظ من علم الْغَيْب وَقَالَ فِي الْمجمع لجرئ بِفَتْح جِيم وَمد أَي كثير السُّؤَال عَن الْفِتْنَة فِي أَيَّامه صلى الله عليه وسلم فَأَنت الْيَوْم جرى على ذكره عَالم أَو قَالَه على جِهَة الْإِنْكَار أَي انك لجسور مِقْدَام على قَول النَّبِي صلى الله عليه وسلم غير هائب تجاسرت على مَالا اعرفه وَلَا يعرفهُ أَصْحَابك انْتهى (إنْجَاح)
قَوْله فيكسر الْبَاب أَو يفتح قيل المُرَاد بِالْكَسْرِ شَهَادَة عمر رَضِي وبالفتح مَوته فَهَذِهِ إِشَارَة الى فتْنَة عُثْمَان رَضِي لِأَنَّهَا ابْتِدَاء الْفِتَن فَكَانَ ابتداؤه بعد شَهَادَة عمر ثمَّ بعد ذَلِك وَقعت فتن تصم عَن سماعهَا الْأَذَان اعاذنا الله من شَرّ الْفِتَن مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن وَقَوله بالاغاليط هِيَ جمع اغلوطة وَهِي المسئلة يغلط بهَا (إنْجَاح)
قَوْله
[3956]
فِي جشره هُوَ بِفتْحَتَيْنِ وَالْجِيم فِي أَوله قوم يخرجُون بدوابهم الى المرعى ويبيتون مكانهم والجشر بِالسُّكُونِ إِخْرَاج الدَّوَابّ الى المرعى (إنْجَاح)
قَوْله ترقق بَعْضهَا بَعْضًا بالقافين أَي يشوق بتحسينها وتسديلها فيرغب النَّاس إِلَيْهَا وَقيل يصير بعض الْفِتَن بَعْضًا رَقِيقا أَي خَفِيفا لعظم مَا بعده وَقيل يشبه بَعْضهَا بَعْضًا وَقيل يَدُور بَعْضهَا فِي بعض وَيذْهب ويجئ بِهِ وروى يرفق بِفَتْح يَاء وكسون رَاء ففاء مَضْمُومَة وروى يدفق بدال سَاكِنة وَفَاء مَكْسُورَة أَي يدْفع وَيصب إنْجَاح الْحَاجة
قَوْله وليأت الى النَّاس الخ إِشَارَة الى ان يحب لِلْمُؤمنِ مَا يحب لنَفسِهِ وَقَوله وَثَمَرَة قلبه أَي خَالص عَهده (إنْجَاح)
قَوْله فَأعْطَاهُ صَفْقَة يَمِينه أَي عَهده وميثاقه لِأَن المتعاهدين يضع أَحدهمَا يَده فِي يَد الاخر كَفعل الْمُتَبَايعين وَهِي الْمرة من التصفيق باليدين قَوْله وَثَمَرَة قلبه كِنَايَة عَن الْإِخْلَاص فِي الْعَهْد والتزامه مِصْبَاح الزجاجة وجامع الْأُصُول
قَوْله
[3957]
يغربل النَّاس غربلة إِشَارَة الى انه يهْلك الصلحاء وَيبقى مَالا مَنْفَعَة فِيهِ كَمَا ان الغربال ينقى الدَّقِيق وَيبقى الحثالة بِلَا مَنْفَعَة فِي الْقَامُوس الحثالة مَا تناثر من ورق الشّجر انْتهى (إنْجَاح)
قَوْله قد مرجت عهودهم أَي اخْتلطت وفسدت وَشَبك بَين اصابعه أَي يمرج بَعضهم بِبَعْض وتلبس أَمر دينهم فَلَا يعرف الْأمين من الخائن وَلَا الْبر من الْفَاجِر وتقبلون على خاصتكم رخصَة فِي ترك أَمر الْمَعْرُوف إِذا كثر الاشرار وَضعف الأخيار طيبي
قَوْله
[3958]
حَتَّى يقوم الْبَيْت بالوصيف وَالْمرَاد بِالْبَيْتِ الْقَبْر وبالوصيف الْخَادِم وَالْعَبْد أَي يكون العَبْد قيمَة الْقَبْر بِسَبَب كَثْرَة الْأَمْوَات لَعَلَّ هَذَا إِشَارَة الى طاعون عمواس وَقعت فِي الشَّام كَانَت الْقَبِيلَة تَمُوت بأسرها وَذَلِكَ فِي خلَافَة عمر رَضِي (إنْجَاح)
قَوْله حَتَّى تغرق حِجَارَة الزَّيْت بِالدَّمِ حِجَارَة الزَّيْت اسْم مَوضِع بِالْمَدِينَةِ وَلَعَلَّ هَذَا إِشَارَة الى وقْعَة الْحرَّة حِين نقض أهل الْمَدِينَة بيعَة يزِيد وَبعث عسكرا عَظِيما فَلَمَّا توجه عسكره الى مَكَّة مَاتَ هُوَ بِالشَّام (إنْجَاح)
قَوْله
[3959]
لَا تنْزع عقول أَكثر ذَلِك الزَّمَان فَقَوله لَا نفي لما قبله وتنزع بَيَان ذَلِك النَّفْي أَي لَا يكون ذَلِك مَعَ عقولكم بل ينْزع عقول أَكثر ذَلِك الزَّمَان لشدَّة الْحِرْص وَالْجهل والهباء الذرات الَّتِي تظهر فِي الكوة بشعاع الشَّمْس وَالْمرَاد هَهُنَا الحثالة من النَّاس (إنْجَاح)
قَوْله هباء من النَّاس أَي رعاع والهباء فِي الأَصْل مَا ارْتَفع من تَحت سنابك الْخَيل وَالشَّيْء المنبث الَّذِي ترَاهُ فِي ضوء الشَّمْس فشبهوا بِهِ (زجاجة)
قَوْله
[3960]
جردان هُوَ بِضَم جِيم وَاد بَين عمقين كَذَا فِي الْقَامُوس وَقَوله فَاتخذ سَيْفا من خشب كِنَايَة عَن ترك الْقِتَال (إنْجَاح)
[3961]
يصبح الرجل مُؤمنا ويمسي كَافِرًا أَي يصبح محرما لدم أَخِيه وَعرضه وَمَاله ويمسي مستحلا لَهُ (إنْجَاح)
قَوْله الْقَاعِد فِيهَا خير من الْقَائِم الخ قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ بَيَان عَظِيم خطرها والحث على تجنبها والهرب مِنْهَا وَمن التَّسَبُّب فِي شَيْء وان شَرها وفتنتها يكون على حسب التَّعَلُّق بهَا انْتهى
قَوْله واضربوا بسيوفكم الْحِجَارَة قَالَ النَّوَوِيّ قيل المُرَاد كسر السَّيْف حَقِيقَة على ظَاهر الحَدِيث ليسد على نَفسه بَاب هَذَا الْقِتَال وَقيل هُوَ مجَاز وَالْمرَاد ترك الْقِتَال وَالْأول صَحَّ وَهَذَا الحَدِيث وَالْأَحَادِيث قبله مِمَّا يحْتَج بِهِ من لَا يرى الْقِتَال فِي الْفِتْنَة لكل حَال وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِي ذَلِك الْفِتْنَة فَقَالَ الطَّائِفَة لَا يُقَاتل الْمُسلمين وان دخلُوا عَلَيْهِ بَيته وطلبوا قَتله فَلَا يجوز لَهُ المدافعة عَن نَفسه لِأَن الطَّالِب متأول وَهَذَا مَذْهَب أبي بكرَة الصَّحَابِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَغَيره وَقَالَ بن عمر وَعمْرَان بن الْحصين وَغَيرهمَا رضي الله عنهم لَا يدْخل فِيهَا لَكِن ان قصدُوا قَتله دفع عَن نَفسه فهذان المذهبان متفقان على ترك الدُّخُول فِي جَمِيع فتن الْإِسْلَام وَقَالَ مُعظم الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَعَامة عُلَمَاء الْإِسْلَام يجب نصر الْحق فِي الْفِتَن وَالْقِيَام مَعَه لمقاتلة الباغين كَمَا قَالَ الله تَعَالَى فَقَاتلُوا الَّتِي تبغي الْآيَة وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح وتتأول الْأَحَادِيث على من لم يظْهر لَهُ الْحق أَو على طائفتين ظالمتين لَا تَأْوِيل لوَاحِدَة مِنْهُمَا وَلَو كَانَ كَمَا قَالَ الاولون لظهر الْفساد واستطال أهل الْبَغي والمبطلون وَالله أعلم انْتهى
قَوْله كخير ابْني ادم وَهُوَ هابيل قَتله اخوه قابيل إنْجَاح الْحَاجة للشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي
قَوْله
[3962]
حَتَّى تَأْتِيك يَد خاطئة وَهِي الَّتِي تقتل الْمُؤمن ظلما أَي حَتَّى تقتل ظلما وَتَمُوت بِقَضَاء قدرك (إنْجَاح)
قَوْله
[3963]
مَا من مُسلمين التقيا باسيافهما الخ ظَاهر هَذَا الحَدِيث مُخَالف لما فِي رِوَايَة البُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ان الله تجَاوز عَن أمتِي مَا وسوست بِهِ صدورها مَا لم تعْمل بِهِ أَو تَتَكَلَّم وَفِي روايتهما أَيْضا عَن بن عَبَّاس من هم بسيئة فَلم يعملها كتبهَا الله عِنْده حَسَنَة كَامِلَة وان هم بهَا فعملها كتبت سَيِّئَة وَاحِدَة وَبَيَان ذَلِك مَا نقل بن حجر الْمَكِّيّ فِي شرح الْأَرْبَعين عَن السُّبْكِيّ مَا حَاصله مَا يَقع فِي النَّفس من قصد الْمعْصِيَة على خمس مَرَاتِب الأولى الهاجس وَهُوَ مَا يلقى فِيهَا ثمَّ جَرَيَانه فِيهَا وَهُوَ الخاطر ثمَّ حَدِيث النَّفس وَهُوَ مَا يَقع فِيهَا من التَّرَدُّد هَل يفعل اولا ثمَّ الْهم وَهُوَ تَرْجِيح قصد الْفِعْل ثمَّ الْعَزْم وَهُوَ قُوَّة ذَلِك الْقَصْد والجزم بِهِ فالهاجس لَا يواخذ بِهِ إِجْمَاعًا لِأَنَّهُ لَيْسَ من فعله إِنَّمَا هُوَ شَيْء طرقه عَلَيْهِ قهرا وَمَا بعده من الخاطر وَحَدِيث النَّفس وان قدر على دفعهما لَكِن الله رفعهما كَمَا نطق بِالْحَدِيثِ الصَّحِيح ان الله تجَاوز لامتي الخ واما الْهم فقد بَين الحَدِيث انه بِالْحَسَنَة يكْتب حَسَنَة وبالسيئة لَا تكْتب ثمَّ ينظر فَإِن تَركهَا لله سُبْحَانَهُ كتبت حَسَنَة وان فعلهَا كتبت سَيِّئَة وَاحِدَة وَأما الْعَزْم فالمحققون على انه يواخذ بِهِ وَخَالف بَعضهم وَنسب الى بن عَبَّاس وَالشَّافِعِيّ وَاحْتج الاولون بِحَدِيث الْبَاب وعَلى الْإِجْمَاع على مواخذة افعال الْقُلُوب كالحسد وَالْعجب لقَوْله تَعَالَى وَمن يرد فِيهِ بالحاد بظُلْم نذقه من عَذَاب اليم وَقيل انه يواخذ بالهم وَالْمَعْصِيَة فِي حرَام يَكْتُبهُ دون غَيرهَا وروى عَن بن مَسْعُود مَرْفُوعا وموقوفا وَالْمَوْقُوف أصح (إنْجَاح)
قَوْله الا كَانَ الْقَاتِل والمقتول فِي النَّار قَالَ النَّوَوِيّ واما كَون الْقَاتِل والمقتول من أهل النَّار فَمَحْمُول على من لَا تَأْوِيل لَهُ وَيكون قتالهما عصبية وَنَحْوهَا ثمَّ كَونه فِي النَّار فَمَعْنَاه انه مُسْتَحقّ لَهَا وَقد يجازى بذلك وَقد يعفوا الله تَعَالَى عَنهُ هَذَا مَذْهَب أهل الْحق وعَلى هَذَا يتَأَوَّل كل مَا جَاءَ من نَظَائِره وَاعْلَم ان الدِّمَاء الَّتِي جرت بَين الصَّحَابَة لَيست بداخلة فِي هَذَا الْوَعيد وَمذهب أهل السّنة إِحْسَان الظَّن بهم والامساك مِمَّا شجر بَينهم وَتَأْويل قِتَالهمْ وانهم مجتهدون متاولون لم يقصدوا مَعْصِيّة وَلَا مَحْض الدُّنْيَا بل اعْتقد كل فريق انه المحق ومخالفه بَاغ فَوَجَبَ عَلَيْهِ قِتَاله ليرْجع الى أَمر الله وَكَانَ بَعضهم مصيبا وَبَعْضهمْ مخطئا مَعْذُورًا فِي
الْخَطَأ لِأَنَّهُ لاجتهاد والمجتهد إِذا أَخطَأ لَا اثم عَلَيْهِ وَكَانَ عَليّ رَضِي هُوَ المحق الْمُصِيب فِي ذَلِك الحروب هَذَا مَذْهَب أهل السّنة وَكَانَت القضايا مشتبهة حَتَّى ان جمَاعَة من الصَّحَابَة تحيروا فِيهَا فاعتزلوا الطَّائِفَتَيْنِ وَلم يقاتلوا وَلَو يتقنوا الصَّوَاب لم يتأخروا عَن مساعدته انْتهى
قَوْله
[3965]
فهما على جرف جَهَنَّم الجرف بِضَم جِيم أَو بِضَمَّتَيْنِ مَا تجرفته السُّيُول وأكلته من الأَرْض كَذَا فِي الْقَامُوس وَقَالَ فِي الْمجمع وَهُوَ فِي أَكْثَرهَا بجيم وَضم رَاء وسكونها وَفِي بَعْضهَا بحاء وهما بِمَعْنى أَي على جَانبهَا انْتهى (إنْجَاح)
قَوْله
[3966]
عبد اذْهَبْ اخرته بدنياه غَيره بِأَن يشْهد لَهُ على الْجور أَو يمدحه عِنْد السُّلْطَان وَهُوَ على خلاف ذَلِك وأمثال ذَلِك ومطابقة الحَدِيث بِالْبَابِ ان الْقِتَال على الْجور أَكثر مَا يكون بِسَبَب الْغَيْر كالعصبية أَو مَعَ السُّلْطَان الجائر فَلَو فرض قتل الْعَدو لَا يكون فِيهِ نفع للْقَاتِل بل لَو فرض النَّفْع وَلَو دنيويا يكون لمن يُقَاتل بِسَبَبِهِ فَهَذَا الْقَاتِل هُوَ الَّذِي ذهب اخرته بدنيا غَيره (إنْجَاح)
قَوْله
[3967]
فتْنَة تستنظف الْعَرَب بالنُّون والظاء الْمُعْجَمَة أَي تستوعبهم هَلَاكًا من استنظفته إِذا اخذته كُله (إنْجَاح)
[3972]
قل رَبِّي الله ثمَّ اسْتَقِم وَفِي رِوَايَة مُسلم قل امنت بِاللَّه ثمَّ اسْتَقِم قَالَ بن حجر وَهَاتَانِ الجملتان منتزعتان من قَوْله تَعَالَى ان الَّذين قَالُوا رَبنَا الله ثمَّ استقاموا وَجَاء عَن أبي بكر رَضِي انه فَسرهَا بِأَنَّهُم لم يلتفتوا الى غير الله تَعَالَى وَهَذَا هُوَ غَايَة الاسْتقَامَة ونهايتها فَهَذَا الأَصْل مَا خُذ التصوف وَالْإِحْسَان لِأَنَّهَا هِيَ الدرجَة القصوى الَّتِي بهَا كَمَال للعارف والاحوال وصفاء الْقُلُوب فِي الْأَعْمَال وتنزيه العقائد عَن مفاسد الْبدع والضلال وَمن ثمَّ قَالَ الْأُسْتَاذ أَبُو الْقَاسِم الْقشيرِي من لم يكن مُسْتَقِيمًا فِي حَاله ضَاعَ سَعْيه وخاب جده وَنقل انه لَا يطيقها الا الأكابر لِأَنَّهَا الْخُرُوج عَن المألوفات ومفارقة الرسوم والعادات وَالْقِيَام بَين يَدي الله تَعَالَى على حَقِيقَة الصدْق ولعزتها أخبر صلى الله عليه وسلم ان النَّاس لَا يطيقونها فقد اخْرُج أَحْمد اسْتَقِيمُوا وَلنْ تُطِيقُوا وَلذَلِك قَالَ بن عَبَّاس مَا نزل على النَّبِي صلى الله عليه وسلم اية أَشد من هَذِه الْآيَة وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أسْرع إِلَيْك الشيب قَالَ شيبتني هود واخواتها واخرج بن أبي حَاتِم لما نزلت هَذِه الْآيَة اغتم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا أرى ضَاحِكا ثمَّ الْجُمْلَة الثَّانِيَة مبينَة على ان أعظم مَا يُرَاعِي استقامته بعد الْقلب من الْجَوَارِح اللِّسَان فَإِنَّهُ ترجمان الْقلب والمعبريه وَمن ثمَّ اخْرُج أَحْمد لَا يَسْتَقِيم ايمان عبد حَتَّى يَسْتَقِيم قلبه وَلَا يَسْتَقِيم قلبه حَتَّى لَا يَسْتَقِيم لِسَانه وَنسب الى الشَّافِعِي احفظ لسَانك أَيهَا الْإِنْسَان لَا يلدغنك انها ثعبان كم فِي الْمَقَابِر من قَتِيل لِسَانه كَأَنَّهُ يُخَالف لقاءه الشجعان إنْجَاح الْحَاجة
قَوْله
[3973]
الا حصائد السنتهم أَي محصوداتها جَمِيع حصيدة بِمَعْنى محصودة شبه مَا تكسبه الْأَلْسِنَة من الْكَلَام الْحَرَام بحصائد الزَّرْع بِجَامِع الْكسْب وَالْجمع وَشبه اللِّسَان فِي تكَلمه بذلك الْكَلَام بحدة المنجر الَّذِي يحصد النَّاس بِهِ الزَّرْع (إنْجَاح)
قَوْله
[3976]
من حسن إِسْلَام المرأ تَركه مَالا يعنيه قَالَ بن عبد الْبر رُوَاته ثِقَات وَهَذَا الحَدِيث ربع الْإِسْلَام على مَا قَالَه أَبُو دَاوُد بل قَالَ بن حجر هُوَ نصف الْإِسْلَام لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَن فعل مَا لَا يَعْنِي وَترك مَالا يَعْنِي فَإِن نَظرنَا لمنطوقه الْمُصَرّح الثَّانِي كَانَ نصفا وان نَظرنَا لمفهومه كَانَ كلا وَهُوَ أصل كَبِير فِي تَهْذِيب النَّفس وتأديبها وَعَلِيهِ مدَار الطَّائِفَة الصُّوفِيَّة رَحِمهم الله تَعَالَى وَعَن الْحسن عَلامَة اعراض الله تَعَالَى عَن العَبْد ان يَجْعَل شغله فِيمَا لَا يعنيه وَنقل بن صَلَاح عَن بن أبي زيد انه قَالَ جماع اداب الْخَيْر وازمته يتَفَرَّع على أَرْبَعَة أَحَادِيث هَذَا الحَدِيث وَحَدِيث الشخين لَا يُؤمن أحدكُم حَتَّى يحب لِأَخِيهِ مَا يحب لنَفسِهِ وَحَدِيث الشَّيْخَيْنِ أَيْضا من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الاخر فَلْيقل خيرا أَو ليصمت وَحَدِيث البُخَارِيّ ان رجلا قَالَ يَا رَسُول الله اوصني فَقَالَ لَا تغْضب فردد مرَارًا فَقَالَ لَا تغْضب (إنْجَاح)
قَوْله
[3977]
خير معايش النَّاس لَهُم الخ المعايش جمع معاش وَهُوَ التعيش والحيوة والهيعة صَوت تفزع مِنْهُ وَقَوله مظانه بدل اشْتِمَال أَو ظرف ليبتغي والشعفة بشين مُعْجمَة وَعين مُهْملَة رَأس الْحَبل وَحَاصِل الحَدِيث الْحَث على مجاهدة أَعدَاء الدّين ومجاهدة النَّفس والشيطان والاعراض عَن اسْتِيفَاء اللَّذَّات (إنْجَاح)
قَوْله خير معايش النَّاس لَهُم رجل مُمْسك المعايش جمع معاش قَالَ النَّوَوِيّ هُوَ الْعَيْش وَهُوَ الحيوة وَتَقْدِيره وَالله اعْلَم من خير أَحْوَال عيشهم رجل مُمْسك قَوْله ويطير على مَتنه الخ مَعْنَاهُ يُسَارع على ظَهره وَهُوَ مَتنه كلما سمع هيعة وَهُوَ الصَّوْت عِنْد حُضُور الْعَدو وَهِي بِفَتْح الْهَاء وَإِسْكَان الْيَاء والفزعة بِإِسْكَان الزائ النهوض الى الْعَدو وَمعنى يَبْتَغِي الْقَتْل مظانه يَطْلُبهُ فِي مواطنه الَّتِي يُرْجَى فِيهَا لشدَّة رغبته فِي الشَّهَادَة وَفِي هَذَا الحَدِيث فَضِيلَة الْجِهَاد والرباط والحرص على الشَّهَادَة وَقَوله رجل فِي غنيمَة فِي رَأس شعفة الْغَنِيمَة بِضَم الْغَيْن تَصْغِير الْغنم أَي قِطْعَة مِنْهَا والشعفة بِفَتْح الشين وَالْعين أَعلَى الْجَبَل انْتهى
قَوْله
[3978]
أَي النَّاس أفضل قَالَ رجل مُجَاهِد الخ قَالَ القَاضِي هَذَا عَام مَخْصُوص وَتَقْدِيره هَذَا من أفضل النَّاس والا فَالْعُلَمَاء أفضل وَكَذَا الصديقون كَمَا جَاءَت بِهِ الْأَحَادِيث قَوْله ثمَّ امرء فِي شعب الخ فِيهِ دَلِيل من قَالَ بتفضيل الْعُزْلَة على الِاخْتِلَاط وَفِي ذَلِك خلاف مَشْهُور فمذهب الشَّافِعِي وَأكْثر الْعلمَاء ان الِاخْتِلَاط أفضل بِشَرْط رَجَاء السَّلامَة من الْفِتَن وَمذهب طوائف ان الاعتزال أفضل وَأجَاب الْجُمْهُور عَن هَذَا الحَدِيث بِأَنَّهُ مَحْمُول على الاعتزال فِي زمن الْفِتَن والحروب أَو هُوَ فِيمَن لَا يسلم النَّاس مِنْهُ وَلَا يصبر عَلَيْهِم أَو نَحْو ذَلِك من الْخُصُوص وَقد كَانَت الْأَنْبِيَاء صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِم وجماهير الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَالْعُلَمَاء والزهاد مختلطين فيحصلون مَنَافِع الِاخْتِلَاط كشهود الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَة والجنائز وعيادة المرضى وَحلق الذّكر وَغير ذَلِك وَأما الشّعب فَهُوَ مَا انفرج بَين جبلين وَلَيْسَ المُرَاد نفس الشّعب خُصُوصا بل المُرَاد الِانْفِرَاد والاعتزال وَذكر الشّعب مِثَالا لِأَنَّهُ خَال عَن النَّاس غَالِبا وَهَذَا الحَدِيث نَحْو الحَدِيث الاخر حِين سُئِلَ صلى الله عليه وسلم عَن النجَاة فَقَالَ امسك عَلَيْك لسَانك وليسعك بَيْتك وابك على خطيتك (نووي)
قَوْله
[3982]
لَا يلْدغ الْمُؤمن من جُحر مرَّتَيْنِ لِأَنَّهُ من جرب المجرب حلت بِهِ الندامة فَإِن تضرر الْمُؤمن فِي دينه مرّة وَاحِدَة لَا يقدم عَلَيْهِ كرة ثَانِيَة إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي
[3984]
اسْتَبْرَأَ لدينِهِ وَعرضه اسْتَبْرَأَ بِالْهَمْزَةِ أَي طلب البرأة لدينِهِ من النَّقْص ولعرضه من الطعْن فِيهِ قَالَ النَّوَوِيّ اتّفق الْعلمَاء على عظم موقع هَذَا الحَدِيث وَكَثْرَة فَوَائده فَإِنَّهُ أحد الْأَحَادِيث الَّتِي عَلَيْهَا مدَار الْإِسْلَام والحمى هُوَ المرعى الَّذِي حماه السُّلْطَان فمثال الْحَلَال البيع وَمِثَال الْحَرَام الرِّبَا فَإِنَّهُ أحل الله البيع وَحرم الرِّبَا فَإِن الرِّبَا فِي الْأَشْيَاء السِّتَّة منصوصة عَلَيْهَا وَمَا عدا ذَلِك أَمر مُبْهَم اخْتلف اراء الْمُجْتَهدين فِيهِ فالبعض جعل الْعلَّة الادخار والتقويت وَالْبَعْض المعيار والكيل وَلذَا روى بن ماجة والدارمي عَن عمر بن الْخطاب ان اخر مَا نزلت اية الرِّبَا وان رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قبض وَلم يُفَسِّرهَا لنا فدعوا الرِّبَا والريبة حَتَّى قَالُوا بترك سَبْعُونَ جُزْء من الْحَلَال الْحَرَام وَاحِد واليه الْإِشَارَة بقوله صلى الله عليه وسلم دع مَا يريبك الى مَا لَا يريبك وَقد اورد البُخَارِيّ فِي هَذَا الْبَاب مِثَالا وَأورد حَدِيث احتجاب سَوْدَة أم الْمُؤمنِينَ من عبد بن زَمعَة مَعَ اثبات النّسَب من زَمعَة لشبهه بِعتبَة بن أبي وَقاص الَّذِي اوصى الى أَخِيه سعد بن أبي وَقاص ان عبد بن زَمعَة مني فاقبضه فَبلغ النزاع الى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَالْحَقْهُ بِعتبَة وَقَالَ احتجبي مِنْهُ يَا سَوْدَة وَمثل بِحَدِيث عقبَة الْحَارِث انه تزوج ابْنة لأبي اهاب فَأَتَت امْرَأَة فَقَالَت ارضعت عقبَة وَالَّتِي تزوج بهَا وَلم يُعلمهُ عقبَة وَلَا أحد من أهل بَيت الْمَرْأَة ذَلِك فاتى النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَيفَ وَقد قيل فَلم ينْه صلى الله عليه وسلم وَلَكِن عرضه بالمفارقة بقوله كَيفَ وَقد قيل لعدم نِصَاب الشَّهَادَة ثمَّ فِي قَوْله ان فِي الْجَسَد مُضْغَة الخ دَلِيل وَاضح لاكابر النقشبندية حَيْثُ يقدمُونَ تَهْذِيب الْقلب ويلقون فِيهِ ذكر الله تَعَالَى حَتَّى يسري الى الْجَسَد كُله فَللَّه دِرْهَم مَا أحسن برهم (إنْجَاح)
قَوْله
[3986]
بَدَأَ الْإِسْلَام غَرِيبا الخ قَالَ فِي النِّهَايَة أَي كَانَ فِي أول امْرَهْ كوحيد لَا أهل عِنْده لقلَّة وَسَيَعُودُ أَي يقلون فِي آخرالزمان فطوبى أَي الْجنَّة للغرباء أَي للْمُسلمين فِي أَوله وَآخره لصبرهم على أَذَى الْكفَّار ولزومهم الْإِسْلَام انْتهى وَقَالَ النَّوَوِيّ قيل مَعْنَاهُ فِي الْمَدِينَة وَظَاهره الْعُمُوم وروى تَفْسِير الغرباء بنزاع من الْقَبَائِل وَقيل هم الْمُهَاجِرُونَ انْتهى
قَوْله
[3987]
ان الْإِسْلَام بَدَأَ غَرِيبا قَالَ الرَّافِعِيّ فِي تَارِيخ قزوين قَوْله بَدَأَ ان قرئَ بِغَيْر همزَة فَهُوَ ظَاهر يُقَال بَدَأَ الشَّيْء يَبْدُو أَي ظهر وَقد يسْبق الذِّهْن الى لفظ بَدَأَ بِالْهَمْزَةِ لِأَنَّهُ ذكر الْعود على الْأَثر والابتداء والإعادة متقابلان بَدَأَ بالشَّيْء وابتدأ بِهِ وعَلى هَذَا فالمبتدأ بِهِ مَحْذُوف كَأَنَّهُ قَالَ ابْتَدَأَ الْإِسْلَام بِصُحْبَة الْقرن الأول والغريب الْبعيد عَن الوطن وسمى الْإِسْلَام فِي أول الْأَمر غَرِيبا لبعده عَمَّا كَانُوا عَلَيْهِ من الشّرك وأعمال الْجَاهِلِيَّة وَيعود غَرِيبا لفساد النَّاس اخرا وَظُهُور الْفِتَن وبعدهم عَن الْقيام بِوَاجِب الْإِيمَان انْتهى (زجاجة)
قَوْله
[3988]
النزاع من الْقَبَائِل ذكر فِي الْقَامُوس النزيع الْغَرِيب كالنازع جمعه نزاع انْتهى وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ ورد تفسيرهم الَّذين يصلحون مَا افسد النَّاس من بعدِي من سنتي أَي يعْملُونَ بهَا ويظهرونها على قدر طاقتهم فَهَذَا الرجل يصبح فِي قومه مُعْتَزِلا مَهْجُورًا كالغريب لِأَنَّهُ سنة الله الَّتِي قد خلت من قبل بالرسل والأنبياء وَلَكِن الله يعنيهم فَإِن الْعَاقِبَة لِلْمُتقين وَلذَا ورد الْعِبَادَة فِي الْهَرج كهجرة الى كَمَا مر (إنْجَاح)
قَوْله
[3989]
يخرجُون من كل غبراء مظْلمَة أَي من عُهْدَة كل مَسْأَلَة مشكلة وبلية معضلة قَالَ الطَّيِّبِيّ هُوَ كِنَايَة عَن حقارة مساكنهم وانها مظْلمَة مغبرة لفقدان أَدَاة مَا يتنور ويتنظف بِهِ وَورد الابدال من الموَالِي حَالهم كَذَلِك وَهَذَا الْفقر اخْتِيَاري والا فهم سلاطين الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَنعم مَا قيل بِالْفَارِسِيَّةِ درسفالين كاسه رندان بخوارى منكريد كين حريفان فدمت جَام جمال بَين كرده اند قد سيال بِي بيره إند أزرعة كاس الْكِرَام أَيْن تطاول بَين كه با عشاق مِسْكين كروه إندو (إنْجَاح)
قَوْله
[3990]
لَا تكَاد تَجِد فِيهَا رَاحِلَة فَكَذَا النَّاس لَا تَجِد فيهم من يحمل الْأَمَانَة من الْعلم والعرفان الا وَاحِدًا بعد وَاحِد وَهَذَا فِي اوان النَّبِي صلى الله عليه وسلم والا فَلَا تَجِد فِي الف الف على هَذَا الْمِثَال قَالَ الله تَعَالَى إِنَّا عرضنَا الْأَمَانَة على السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال فابين ان يحملنها واشفقن مِنْهَا وَحملهَا الْإِنْسَان انه كَانَ ظلوما جهولا قَالَ الشَّيْخ الامام الرباني المجدد الالف الثَّانِي انه ظلوما على نَفسه بِحَيْثُ يُغني نَفسه فِي ذَات الله تَعَالَى لَا يبْقى لَهَا اثر ثمَّ يجهل ويتحير وَهَذِه الْحيرَة مقَام الْعلمَاء الصديقين وعد الشَّيْخ مقَام الْحيرَة والنكارة أَعلَى مقَام الْمعرفَة إِذا عرف الله كل لِسَانه وَلما سمع بعض الأكابر عَن بعض المشائخ انه يعبر عَن الْقرب فَقَالُوا قُولُوا لَهُ الْمقَام الَّذِي ظن فِيهِ الْقرب هُوَ عين الْبعد إنْجَاح الْحَاجة
[3995]
زهرَة الدُّنْيَا أَي نعيمها وَقَوله اياتي الْخَيْر أَي حُصُول الْغَنَائِم الَّذِي هُوَ خير هَل يكون سَببا للشر (إنْجَاح)
قَوْله اياتي الْخَيْر بِالشَّرِّ أَي تصير النِّعْمَة نقمة وَقد سمى الله المَال خيرا فِي وانه لحب الْخَيْر لشديد وَقَوله صلى الله عليه وسلم ان الْخَيْر لَا يَأْتِي الا بِخَير يَعْنِي ان الْخَيْر الْحَقِيقِيّ لَا يَأْتِي الا بِالْخَيرِ لَكِن هَذَا لَيْسَ خيرا حَقِيقِيًّا لما فِيهِ من الْفِتْنَة والاشتغال عَن الإقبال الى الله وَقَوله أَو خير بِفَتْح وَاو إِنْكَار كَون كل الزهرة خيرا بل فِيهَا مَا يؤوى الى الْفِتَن (فَخر)
قَوْله يقتل حَبطًا أَو يلم قَالَ فِي النِّهَايَة الحبط بالحركة الْهَلَاك ويلم يقرب أَي يدنو من الْهَلَاك وَالْخضر بِكَسْر الضَّاد نوع من الْبُقُول لَيْسَ من اصرارها وجيدها وثلط الْبَعِير يثلط إِذا ألْقى رجيعه سهلا رَقِيقا ضرب فِي هَذَا الحَدِيث مثلين أَحدهمَا للمفرط فِي جمع الدُّنْيَا وَالْمَنْع من حَقّهَا والاخر للمقتصد فِي اخذها والنفع بهَا فَقَوله ان كل مَا ينْبت الخ مثل للمفرط الاخذ بِغَيْر حَقّهَا فَإِن الرّبيع ينْبت احرار الْبُقُول فتستكثر الْمَاشِيَة مِنْهُ لاستطابتها إِيَّاه حَتَّى تنتفخ بطونها عِنْد مجاوزتها حد الِاحْتِمَال فَتَنْشَق امعائها فتهلك أَو تقَارب الْهَلَاك وَكَذَا جَامع الدُّنْيَا من غير حل ومانعها من الْمُسْتَحق قد تعرض للهلاك بالنَّار وبأذى وحسدهم إِيَّاه وَغير ذَلِك وَقَوله الا اكلة الْخضر مثل للمقتصد فَإِنَّهُ لَيْسَ من جيد الْبُقُول الَّتِي ينبتها الرّبيع بتوالي امطاره فتحسن وتنعم وَلكنه من الْبُقُول الَّتِي ترعاها الْمَوَاشِي بعد هيج الْبُقُول ويبسها حَيْثُ لَا تَجِد سواهَا وَتسَمى الجبنة فَلَا تكْثر الْمَاشِيَة مِنْهَا فَأَكَلتهَا مثل لمن يقْتَصر فِي أَخذ الدُّنْيَا فَهُوَ ينجو من وبالها كَمَا نجت آكِلَة الْخضر فَإِنَّهَا إِذا شبعت مِنْهَا بَركت مُسْتَقْبلَة عين الشَّمْس تستمرئ مَا أكلت وتجتر وتثلط فتزول الحبط فَإِنَّهُ بالامتلاء وَعدم الثلط وانتفاخ الْجوف بِهِ انْتهى
قَوْله يقتل حَبطًا الحبط انتفاخ الْبَطن من الامتلاء وَهِي التُّخمَة أَو يلم أَي يقرب من الْقَتْل قَوْله فثلطت أَي القت روثها رَقِيقا سهلا إِشَارَة الى ان ضررها كثير ونفعها مَشْرُوط بالشرائط وَلذَا قَالَ بعض المشائخ الْفُقَرَاء لبَعض المشائخ الاغنياء مَالك تتلوث بالدنيا قَالَ من كَانَ عِنْده رقية الْحَيَّة لَا يضرّهُ السم فَقَالَ مَا الضَّرُورَة فِي لداغ الْحَيَّة اولا ثمَّ العلاج بالرقية وَلذَا ذهب الْجُمْهُور من الصُّوفِيَّة الْكِرَام ان الْفَقِير
الصابر أفضل من الْغَنِيّ الشاكر (إنْجَاح)
قَوْله الا اكلة الْخضر بِوَزْن فاعلة أَي من جملَة مَا ينبته الرّبيع شَيْء تقتل الا الخضراء إِذا اقتصد فِيهِ آكله وروى الا بخفة لَام استفتاحية أَي الا انْظُر والاكلة واعتبروا بهَا كرماني
قَوْله
[3996]
فتجعلون بَعضهم على رِقَاب بعض وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ فتحملون يَعْنِي لَا يكفيكم هَذِه الصِّفَات حَتَّى تأخذون حُقُوق مَسَاكِين الْمُهَاجِرين وَلَا يبْقى لَهُم مَا يرتحلون فتحملون اثم ضعفائهم على رِقَاب اقويائهم قبل ارتحالهم قد وَقع كُله فِي فتْنَة عُثْمَان ذكره بن الْملك فِي شرح الْمَشَارِق وَقد تشبث الرافضة فضحهم الله تَعَالَى فِي الطعْن على الصَّحَابَة بِهَذَا الحَدِيث بِأَنَّهُم صَارُوا كَذَلِك بعد موت النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَكِن لَا يخفى ان قَوْله صلى الله عليه وسلم ثمَّ تنطلقون الى مَسَاكِين الْمُهَاجِرين يشْعر ان هَذِه الْفرْقَة غير الْمُهَاجِرين بل الْمُهَاجِرُونَ هم المظلمون وَلم يَقع هَذَا الْأَمر من الْأَنْصَار أَيْضا لِأَنَّهُ لَو كَانَ كَذَلِك لنقل إِلَيْنَا فَلم يبْق محمله الا الْفرْقَة الْفَاجِرَة كمروان بن الحكم واشتر النَّخعِيّ هَذَا مُخْتَصر مَا ذكره شيخ مشائخنا الشَّيْخ عبد الْعَزِيز الدهلوي فِي التُّحْفَة (إنْجَاح)
قَوْله
[3997]
الى الْبَحْرين قَالَ الْكرْمَانِي هُوَ بلد بَين الْبَصْرَة وعمان قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ بِفَتْح بَاء أَو ضمهَا مَوضِع بِنَاحِيَة الْفَرْع من الْحجاز لَهُ ذكر فِي سَرِيَّة بن جحش انْتهى
قَوْله
[4000]
ان الدُّنْيَا خضرَة حلوة أَي لذيذة فِي قُلُوب النَّاس وناعمة طرية فِي اعينهم وَالْعرب يُسمى الشَّيْء الناعم خضرًا تَشْبِيها لَهُ بالخضراوات فِي سرعَة زَوَالهَا فَفِيهِ بَيَان انها غدارة وتفتن النَّاس بحسنها ولذتها وَقَوله مستخلفكم أَي جاعلكم خَليفَة أَي وَكيلا فَفِيهِ ان أَمْوَالكُم لَيست لكم بل الله سُبْحَانَهُ جعلكُمْ فِي التَّصَرُّف فِيهَا بِمَنْزِلَة وكلاء أَو جاعلكم خلفاء للْأَرْض مِمَّن كَانَ قبلكُمْ واعطاكم مَا كَانَ فِي أَيْديهم لمعات
قَوْله
[4003]
يَا معشر النِّسَاء تصدقن الخ قَالَ النَّوَوِيّ فِي هَذَا الحَدِيث اسْتِحْبَاب وعظ النِّسَاء وتذكيرهن الْآخِرَة واحكام الْإِسْلَام حقهن على الصَّدَقَة وَهَذَا إِذا لم يَتَرَتَّب على ذَلِك مفْسدَة وَخَوف على الْوَاعِظ والموعوظ وَغَيرهمَا قَوْله فَإِنِّي رأيتكن أَي على طَرِيق الْكَشْف أَو سَبِيل الْوَحْي انْتهى قَوْله فَقَالَت امْرَأَة مِنْهُنَّ جزلة أَي تَامَّة أَو ذَات كَلَام جزل أَي قوى شَدِيد قَوْله وتكفرن العشير قَالَ أهل اللُّغَة العشير المعاشر والمخالط وَحمله الْأَكْثَرُونَ على الزَّوْج وَقَالَ الاخرون هُوَ كل مخالط قَالَ الْخَلِيل يُقَال هُوَ العشير وَالشعِير على الْقلب وَمعنى الحَدِيث انهن يجحدن الْإِحْسَان لضعف عقلهن وَقلة معرفتهن فيستدل على ذمّ من يجْحَد إِحْسَان ذِي إِحْسَان وَقَالَ الْكرْمَانِي أَي تجحدن نعْمَة الزَّوْج وتستقلين مَا كَانَ مِنْهُ ويستدل من التوعيد بالنَّار على كفرانه وَكَثْرَة اللَّعْن على انهما من الْكَبَائِر انْتهى قَوْله للب الرجل اللب الْعقل الحازم أَي الضَّابِط امْرَهْ فَمَا ظَنك لغيره قَوْله فَهَذَا من نُقْصَان الْعقل وَلذَا قَالَ الله تَعَالَى ان تضل إِحْدَاهمَا فَتذكر إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى قَوْله فَهَذَا من نُقْصَان الدّين لِأَنَّهَا حرمت من ثَوَاب الصَّلَاة هَكَذَا قَالُوا (فَخر)
[4004]
قبل ان تدعوا فَلَا يُسْتَجَاب لكم أَي قبل ان ينزل عَلَيْكُم الْبلَاء بِسَبَب الْمعاصِي لِأَن الْبلَاء إِذا نزل لَا ينفع الدُّعَاء حِينَئِذٍ غَالِبا وَفِيه اشعار انه لَا بُد للْعُلَمَاء ان يامروا بِالْمَعْرُوفِ وينهوا عَن الْمُنكر والا فهم أَيْضا شُرَكَاء المرتكبين فِي الْوزر (إنْجَاح)
قَوْله
[4005]
انكم تقرؤن هَذِه الْآيَة يَعْنِي تجرونها على عمومها ويمتنعون عَن الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك فَإنَّا سمعنَا الخ وَذكر هَذِه لِأَن الْآيَة نزلت فِي أَقوام امروا ونهوا فَلم ينفع ذَلِك مِنْهُم وَحِينَئِذٍ فقد اتوا بِمَا عَلَيْهِم واهتدوا فَلَا يضرهم ضلال أُولَئِكَ بعد اتيانهم بِمَا عَلَيْهِم وَقيل ذَلِك إِذا علم عدم التَّأْثِير فَيسْقط الْوُجُوب ذكره السَّيِّد (إنْجَاح)
قَوْله
[4006]
ان يكون اكيله الخ الاكيل فعيل من الْأكل والشريب فعيل من الشَّرَاب أَي يكون صاحبا لَهُ فِي الْأكل وَالشرب وَلَا يحْتَرز مِنْهُ (إنْجَاح)
قَوْله فتاطروه على الْحق اطرا أَي لَا ينجون من الْعَذَاب حَتَّى يميلوهم من جَانب الْكفْر وَالْفِسْق الى جَانب الْحق وَالتَّقوى من اطرأت الْقوس إِذا احنيتها أَي يمنعوهم من الظُّلم ويميلوهم عَن الْبَاطِل الى الْحق وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد لتقصرنه على الْحق قصر أَي لتحبسوهم عَلَيْهِ (إنْجَاح)
قَوْله
[4007]
الا لَا يمنعن رجلا هَيْبَة النَّاس الخ قلت الهيبة قد تكون بخوف تلف النَّفس وَالْمَال فالامر للعزيمة لَا للْوُجُوب فَإِن الْإِجْمَاع على ان الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ يسْقط فِي هَذِه الْحَالة بل يجوز اجراء كلمة الْكفْر على اللِّسَان لقَوْله تَعَالَى الا من أكره وَقَلبه مطمئن بِالْإِيمَان وَقد يَجِيء فِي الْبَاب الَّاتِي مَا يدل على ذَلِك لَكِن الْعَزِيمَة فعله لِأَن أفضل الْجِهَاد كلمة عدل عِنْد سُلْطَان جَائِر وَقد فعل ذَلِك أَبُو سعيد حِين بنى كثير بن الصَّلْت منبرا فِي الْمصلى وَقدم مَرْوَان الْخطْبَة على الصَّلَاة فِي يَوْم الْعِيد وَأما الهيبة بِسَبَب الطعْن والملامة فَلَيْسَتْ بِشَيْء وَلَا يبعد ان تكون هِيَ مُرَادة فِي الحَدِيث فقد ورد قل الْحق وَلَو كَانَ مرا وَلَا تخف فِي الله لومة لائم فعلى هَذَا الحَدِيث على ظَاهره لَيْسَ للتأويل فِيهِ مساغ (إنْجَاح)
قَوْله
[4009]
هم أعز مِنْهُم وامنع أَي الشَّوْكَة والمنعة لَهُم والمرتكبون اقلاء فَأَما إِذا كَانُوا أَكثر من ضعفين فقد دخلُوا فِي حد المنعة والشوكة فَيسْقط عَنْهُم الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ (إنْجَاح)
قَوْله
[4010]
من عَجَائِز رها بَينهم قَالَ فِي النِّهَايَة الرهبان جمع رَاهِب وَقد يَقع على الْوَاحِد وَيجمع على رهابين ورهابنة والرهبنة فعلنة أَو فعللة والرهبانية منسوبة الى الرهبنة وَمِنْه لَا رَهْبَانِيَّة فِي الْإِسْلَام كَانَ النَّصَارَى يترهبون بالتخلي من اشغال الدُّنْيَا وَترك ملاذها وَالْعُزْلَة عَن أَهلهَا وتعمد مشاقها فَمنهمْ من يخصي نَفسه وَيَضَع السلسلة فِي عُنُقه وَغير ذَلِك من أَنْوَاع التعذيب فنفاها عَن الْإِسْلَام وَمِنْه عَلَيْكُم بِالْجِهَادِ فَإِنَّهُ رَهْبَانِيَّة أمتِي يُرِيد ان الرهبان وان تركُوا الدُّنْيَا فَلَا ترك أَكثر من بذل النَّفس وكما انه لَا أفضل من الترهب عِنْدهم فَفِي الْإِسْلَام لَا أفضل من الْجِهَاد انْتهى قَوْله قلَّة لمن مَاء هُوَ بِضَم الْقَاف جرة عَظِيمَة تسع قربتين أَو أَكثر وَقَالَ الطَّيِّبِيّ هُوَ جرة تسع خمس مائَة رَطْل وَجمعه قلال (فَخر)
قَوْله فخرت خريخر بِالضَّمِّ وَالْكَسْر إِذا سقط من علو وخر المَاء يخر بِالْكَسْرِ أَي سَقَطت الى الأَرْض قَوْله يَا غدر هُوَ كعمر معدول من غادر وَالْأُنْثَى غدار كقطام قَوْله كَيفَ يقدس الله امة أَي كَيفَ يطهرها (فَخر)
قَوْله
[4012]
فِي الغرز قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ ركاب كور الْجمل إِذا كَانَ من جلد أَو خشب وَقيل هُوَ للكور مُطلقًا كالركاب للسرج انْتهى
[4013]
وَلم يكن يبْدَأ بهَا هَذَا الحَدِيث يدل على ان أول من قدم الْخطْبَة على صَلَاة الْعِيد مَرْوَان وَالظَّاهِر انه فعله هَذَا فِي أَيَّامه وَقيل فِي خلَافَة مُعَاوِيَة وَقَالَ بَعضهم ان أول من قدمهَا مُعَاوِيَة وَقيل زِيَاد بِالْبَصْرَةِ فِي خلَافَة مُعَاوِيَة وَقيل فعله بن الزبير فِي آخر أَيَّامه وَقَالَ القَاضِي الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مَذَاهِب عُلَمَاء الْأَمْصَار وائمة الْفَتْوَى وَلَا خلاف بَين ائمتهم فِيهِ هُوَ ان خطْبَة الْعِيد بعد الصَّلَاة وَهُوَ فعل النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَالْخُلَفَاء الرَّاشِدين بعده الا مَا روى ان عُثْمَان فِي شطر خِلَافَته الْأَخير قدم الْخطْبَة لِأَنَّهُ رأى من النَّاس من تفوته الصَّلَاة وروى مثله عَن عمر وَلَيْسَ بِصَحِيح عَنهُ انْتهى وَوجه تَقْدِيمه الْخطْبَة مَا مر (فَخر)
قَوْله فَقَالَ أَبُو سعيد اما هَذَا فقد قضى مَا عَلَيْهِ وَفِي رِوَايَة مُسلم عَن أبي سعيد انه فعل ذَلِك بِذَاتِهِ فَقَالَ أَيْن الِابْتِدَاء بِالصَّلَاةِ فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا سعيد قد ترك مَا تعلم قَالَ أَبُو سعيد كلا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا تأتون بِخَير مِمَّا اعْلَم فَلَعَلَّ أَبَا سعيد انكر بِنَفسِهِ اولا ثمَّ ذَلِك الرجل ثَانِيًا أَو بِالْعَكْسِ فاعذره أَبُو سعيد لفعله (إنْجَاح)
قَوْله فَإِن لم يسْتَطع فبقلبه بِأَن لَا يرضى بِهِ وينكره فِي بَاطِنه على متعاطيه فَيكون تغيرا معنويا إِذْ لَيْسَ فِي وَسعه الا هَذَا الْقدر من التَّغَيُّر قَوْله وَذَلِكَ أَضْعَف الْإِيمَان أَي شُعْبَة أَو خِصَال أَهله وَالْمعْنَى انه اقلها ثَمَرَة فَمن ترك الْمَرَاتِب مَعَ الْقُدْرَة كَانَ عَاصِيا وَمن تَركهَا بِلَا قدرَة أَو يرى الْمفْسدَة أَكثر وَيكون مُنْكرا بِقَلْبِه فَهُوَ من الْمُؤمنِينَ وَقيل مَعْنَاهُ أَضْعَف زمن الْإِيمَان إِذْ لَو كَانَ ايمان أهل زَمَانه قَوِيا لقدر على الْإِنْكَار الْفعْلِيّ والقولي أَو ذَلِك الشَّخْص الْمُنكر بِالْقَلْبِ فَقَط أَضْعَف أهل الْإِيمَان فَإِنَّهُ لَو كَانَ قَوِيا صلبا فِي الدّين لما اكْتفى بِهِ وَقيل الْأَمر الأول للامراء وَالثَّانِي للْعُلَمَاء وَالثَّالِث لعامة الْمُؤمنِينَ وَقيل إِنْكَار الْمعْصِيَة بِالْقَلْبِ أَضْعَف مَرَاتِب الْإِيمَان ثمَّ اعْلَم انه إِذا كَانَ الْمُنكر حَرَامًا وَجب الزّجر عَنهُ وَإِذا كَانَ مَكْرُوها ينْدب وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ أَيْضا تبع لما يُؤمر بِهِ فَإِن وَجب وَجب وان ندب ندب (مرقاة)
قَوْله
[4014]
بل ائْتَمرُوا أَي امتثلوا أَي وَمِنْه الْأَمر بِهِ وَتَنَاهوا أَي انْتَهوا وَاجْتَنبُوا عَن الْمُنكر وَمِنْه الِامْتِنَاع عَن نَهْيه أَو الايتمار بِمَعْنى التأمر كالاختصام بِمَعْنى التخاصم وَيُؤَيِّدهُ التناهي وَالْمعْنَى ليامر بَعْضكُم بَعْضًا بِالْمَعْرُوفِ وَينْهى طَائِفَة مِنْكُم طَائِفَة عَن الْمُنكر وَدُنْيا مُؤثرَة قَالَ الطَّيِّبِيّ مفعولة من الايثار أَي يختارون الدُّنْيَا على الْآخِرَة ويحرصون على جمع المَال واعجاب كل ذِي رَأْي بِرَأْيهِ قَالَ الْقَارِي أَي من غير نظر الى الْكتاب وَالسّنة وَإِجْمَاع الْأمة وَالْقِيَاس على أقوى الْأَدِلَّة وَترك الِاقْتِدَاء بِنَحْوِ الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة والاعجاب بِكَسْر الْهمزَة هُوَ وجدان الشَّيْء حسنا ورويته مستحسنا بِحَيْثُ يصير صَاحبه بِهِ معجبا وَعَن قبُول كَلَام الْغَيْر مجتنبا وانكان قبيحا فِي نفس الْأَمر وَقَالَ الطَّيِّبِيّ واعجاب الْمَرْء بِرَأْيهِ ان لَا يرجع الى الْعلمَاء فِيمَا فعل بل يكون مفتي نَفسه فِيهِ وَرَأَيْت أَمر الايدان لَك قَالَ فِي المفاتيح شرح المصابيح يَعْنِي رَأَيْت النَّاس يعْملُونَ الْمعاصِي وَلَا بُد لَك من السُّكُوت لجزك فَعَلَيْك بِنَفْسِك واترك الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ انْتهى قلت وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ لَا بُد لَك بِضَم الْمُوَحدَة وَتَشْديد الْمُهْملَة قَالَ الطَّيِّبِيّ مَعْنَاهُ لَا فِرَاق لَك مِنْهُ أَي رَأَيْت أمرا يمِيل اليه هَوَاك ونفسك من الصِّفَات الذميمة فَإِن اقمت بَين النَّاس لَا محَالة ان تقع فِيهَا فَعَلَيْك نَفسك وَاعْتَزل النَّاس حذرا من الْوُقُوع وَمَعْنَاهُ على تَقْدِير ان يكون بالتحتية لَا يدلك كَمَا فِي بعض نسخ المصابيح أَو لَا يدان لَك كَمَا فِي هَذَا الْكتاب لَا قدرَة وَلَا طَاقَة أَي فَإِن كَانَ أَمر لَا طَاقَة لَك من دَفعه فَعَلَيْك نَفسك هَذَا زبدة مَا فِي الشُّرُوح (فَخر)
قَوْله لَا يدان لَك بِهِ بِكَسْر النُّون أَي لَا قدرَة وَلَا طَاقَة لَك على دَفعه وانكاره لِأَن الدفاع انما يكون بِالْيَدِ فكأنهما معدومتان لعَجزه عَن دَفعه وَالْقِيَاس لما يدين بِالْيَاءِ (إنْجَاح)
قَوْله
[4016]
يتَعَرَّض من الْبلَاء لما لَا يطيقه مطابقته بالترجمة بِأَنَّهُ إِذا سقط الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر بِسَبَب البلية والفتن فَلَيْسَ لكل وَاحِد ان يتَعَرَّض بالعزيمة لِأَنَّهُ لَا بُد إِذا أَمر بِالْمَعْرُوفِ وَنهى عَن الْمُنكر ان يُصِيبهُ الْبلَاء الْبَتَّةَ فَلَا يُطيق لحمله فَيكون سَببا لذهاب ايمانه فَإِن الصَّبْر فِيهِ كَالْقَبْضِ على الْجَمْر وَلَا يطيقه كل أحد نَعُوذ بِاللَّه من الْفِتَن مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن (إنْجَاح)
قَوْله
[4017]
فَإِذا ألْقى الله عبدا حجَّته فَإِذا بهت وَلم يتم لَهُ حجَّته أعلمها الله تَعَالَى والقاها فِي قلبه (إنْجَاح)
قَوْله
[4018]
لم يفلته أَي لم يخلصه ابدا ان كَانَ مُشْركًا وَمُدَّة طَوِيلَة ان كَانَ مُؤمنا (إنْجَاح)
قَوْله
[4019]
إِذا ابتليتم بِهن جَزَاؤُهُ مَحْذُوف وَهُوَ حل بكم من أَنْوَاع الْعَذَاب الَّذِي يذكر بعده وَقَوله وَأَعُوذ بِاللَّه الخ جملَة مُعْتَرضَة وَقَوله لم يظْهر بَيَان الْخمس (إنْجَاح)
قَوْله
[4020]
يسمونها بِغَيْر اسْمهَا كالنبيذ والمثلث وَالْمَعَازِف جمع معزف وَهِي رفوف وَغَيرهَا مِمَّا يضْرب وَقيل كل لعب عزف بمفتوحة وَسُكُون زاء ففاء كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح)
قَوْله
[4021]
قَالَ دَوَاب الأَرْض أَي قَالَ فِي تَفْسِير قَوْله اللاعنون دَوَاب الأَرْض أَي سكانها من الدَّوَابّ والحشرات وَغَيرهمَا وَهِي تَتِمَّة اية ان الَّذين يكتمون مَا انزلنا من الْبَينَات وَالْهدى من بعد مَا بَيناهُ للنَّاس فِي الْكتاب أُولَئِكَ يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون (إنْجَاح)
[4022]
لَا يزِيد فِي الْعُمر الا الْبر المُرَاد بازدياد الْعُمر بركته بأعمال الْخَيْر والبار من يصل الرَّحِم وَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَيْسَ الْوَاصِل بالمكافئ وَلَكِن الْوَاصِل الَّذِي إِذا قطعت رَحمَه وصل رَوَاهُ البُخَارِيّ وَقَوله وَلَا يرد الْقدر الا الدُّعَاء أَي وَلَا الْقدر الْمُعَلق (إنْجَاح)
قَوْله لَا يزِيد فِي الْعُمر الا الْبر قَالَ المغيث قيل أَرَادَ زِيَادَة الرزق فقد روى اوحى الى مُوسَى ان يَمُوت عَدوك ثمَّ رَآهُ مُوسَى بعد فَقَالَ يَا رب وَعَدتنِي بإماتته فَقَالَ قد افقرته وَلذَا قيل الْفقر هُوَ الْمَوْت الْأَكْبَر فبقياسه سمى الْغنى حَيَاة وَزِيَادَة عمر وَقيل أَرَادَ انه يوفق لصَلَاة اللَّيْل فَإِن النّوم أَخ الْمَوْت وَقيل يخلد لَهُ الثَّنَاء الْحسن فَإِنَّهُ الْعُمر الثَّانِي وَقيل قضى لَهُ ان وصل رَحمَه فعمره كَذَا والا فَكَذَا وَقيل هُوَ على ظَاهره فَإِنَّهُ يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَاعْترض بعض فضلاء الْعَصْر بَان نَحْو زِيَادَة الرزق وَغَيره من المقدرات فِي الازل كالعمر فَلَا يُفِيد التَّأْوِيل بِهِ قلت لَعَلَّ غَرَض التَّأْوِيل منافاته نصا فَإِذا جَاءَ اجلهم لَا يَسْتَأْخِرُونَ عَن مُعَارضَة الْقَضَاء انْتهى وَقَالَ الطَّيِّبِيّ مَعْنَاهُ إِذا ابر لَا يضيع عمره فَكَأَنَّهُ زَاد فَإِن من بورك فِي عمره يتدارك فِي يَوْم وَاحِد من فضل الله مَا لَا يتدارك غَيره فِي السّنة وَقيل قدر أَعمال الْبر اسبابا لطوله وسمى زِيَادَة بِاعْتِبَار طوله انْتهى
قَوْله
[4023]
قَالَ الْأَنْبِيَاء أَي هم أَشد النَّاس بلَاء أَي فِي الِابْتِدَاء لأَنهم يتلذذون بالبلاء كَمَا يتلذذ غَيرهم بالنعماء لأَنهم لَو لم يبتلوا ليوهم فيهم الالوهيته وليتوهن على الْأمة الصَّبْر على البلية وَهَذَا مَا قَالَه على الْقَارِي فِي الْمرقاة وَلِأَن من كَانَ أَشد بلَاء كَانَ أَشد تضرعا والتجاء الى الله تَعَالَى فَلَا يلهو عَن ذكر الله تَعَالَى هَذَا مَا يُسْتَفَاد من كَلَام الْغَزالِيّ ثمَّ الامثل فالامثل أَي الْأَشْرَف والاعلى فِي الْمرتبَة والمنزلة فالاشرف والاعلى (إنْجَاح)
قَوْله
[4026]
نَحن أَحَق بِالشَّكِّ أَي لم يشك إِبْرَاهِيم عليه السلام فَإِنَّهُ لَو كَانَ شكّ شككنا أَيْضا لأَنا على مِلَّته ذكر شَيخنَا المجدد ان الْعَارِف الْكَامِل مَتى توجه الى هِدَايَة الْخلق عرضت لَهُ مُنَاسبَة بالعوام لِأَنَّهُ لَو لم يكن لَا نسد بَاب النَّفْع فَمن كَانَ رُجُوعه الى الْخلق أكمل كَانَ ارشاده اوفر قَالَ المرتعش مَا وجدت باطني بباطن الْخَواص الا وجدت ظاهري بِظَاهِر الْعَوام فَرُبمَا يحْتَاج الى الِاسْتِدْلَال فَلَمَّا كَانَ إرشاد نَبينَا صلى الله عليه وسلم أَعم كَانَ ظَاهره مَعنا أتم وَلذَا قَالَ لارهبانية فِي الْإِسْلَام فعلى هَذَا كَانَ أَحَق بِالشَّكِّ من إِبْرَاهِيم عليه السلام ثمَّ طلب الدَّلِيل قد يكون بِالشَّكِّ وَقد يكون لإيضاح الْحق وَهَذَا من الْقسم الثَّانِي كَمَا انك إِذا سَمِعت صَوت زيد فِي الظلمَة تشْتَهي ان ترى شخصه وَلَيْسَ ذَلِك للشَّكّ بل للايضاح وَعَلِيهِ يحمل قَوْله تعلى فَإِن كنت فِي شكّ مِمَّا انزلنا إِلَيْك فاسئل الَّذين يقرؤون الْكتاب من قبلك الخ فَمَا كَانَ شاكا فِي ذَلِك فَلذَلِك قَالَ لم اشك وَلم اسْأَل (إنْجَاح)
قَوْله نَحن أَحَق بِالشَّكِّ من إِبْرَاهِيم قَالَ فِي النِّهَايَة لما نزلت رب ارني كَيفَ تحيي الْمَوْتَى قَالَ قوم شكّ إِبْرَاهِيم وَلم يشك نَبينَا فَقَالَ لَهُ صلى الله عليه وسلم تواضعا أَي انا لم اشك وانا دونه فَكيف يشك هُوَ انْتهى قَالَ النَّوَوِيّ أَي الشَّك مُسْتَحِيل فِي الْأَنْبِيَاء والا كنت أَحَق بِهِ مِنْهُ وَقد علمْتُم انى لم اشك واظهر مَا قيل فِي سوال الْخَلِيل انه أَرَادَ الطُّمَأْنِينَة بِعلم كَيْفيَّة الاحياء مُعَاينَة قَالَ الطَّيِّبِيّ إِذْ لَيْسَ الْخَبَر كالمعاينة 4 قَول وَيرْحَم الله لوطا الخ هَذَا استعظام مَا بَدَأَ مِنْهُ إِذْ لَا ركن أَشد واقوى من الله سُبْحَانَهُ وعصمته إِيَّاه وَقَوله لاجبت الدَّاعِي فِيهِ احماد لصبر يُوسُف عليه السلام (إنْجَاح)
قَوْله
[4027]
لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء أَي انك لَا تهدي من أَحْبَبْت وَلَكِن الله يهدي من يَشَاء وَعَلَيْك ان تصبر على اذاهم فَإنَّك بعثت رَحْمَة للْعَالمين وَقد ورد عَنهُ صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ اهد قومِي فَإِنَّهُم لَا يعلمُونَ وَالْجُمْلَة الأولى وَهِي قَوْله كَيفَ يفلح قوم الخ لَيْسَ بِالدُّعَاءِ عَلَيْهِم بل تعجب من فلاحهم فنفى الله عز وجل ذَلِك الْعجب ولنعم مَا قيل كرّ بكغر كشد سر سياه كارتي بود بِعَفْو توجيثم وأميد وأرتا إنْجَاح الْحَاجة
قَوْله
[4029]
مَا يُصَلِّي إِلَّا سرا وَقع ذَلِك فِي فتْنَة الْحرَّة روى عَن سعيد بن الْمسيب انه اختفى فِي مَسْجِد النَّبِي صلى الله عليه وسلم زمن الْحرَّة ثَلَاثًا فَكَانَ لَا يعرف وَقت الصَّلَاة الا بهمهمة يسْمعهَا من قبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم رَوَاهُ الدَّارمِيّ لَكِن لَا يخفي ان حُذَيْفَة لم يبْق الى زمن الْحرَّة بل مَاتَ فِي خلَافَة عَليّ فَلَعَلَّهُ أَشَارَ بِهِ الى فتْنَة عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ (إنْجَاح)
قَوْله
[4030]
ان الْخضر الخ قَالَ النَّوَوِيّ جُمْهُور الْعلمَاء على انه حَيّ مَوْجُود بَين اظهرنا وَذَلِكَ مُتَّفق عَلَيْهِ عِنْد الصُّوفِيَّة وَأهل الصّلاح والمعرفة وحكاياتهم فِي روية الِاجْتِمَاع بِهِ وَالْأَخْذ عَنهُ وسواله وَجَوَابه ووجوده فِي الْمَوَاضِع الشَّرِيفَة ومواطن الْخَيْر أَكثر من ان يحصر واشهر من ان تسطر وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو عَمْرو بن الصّلاح هُوَ حَيّ عِنْد جَمَاهِير الْعلمَاء وَالصَّالِحِينَ والعامة مَعَهم فِي ذَلِك قَالَ وَإِنَّمَا شَذَّ بانكاره بعض الْمُحدثين قَالَ الْجرْمِي الْمُفَسّر وَأَبُو عَمْرو هُوَ نَبِي وَاخْتلفُوا فِي كَونه مُرْسلا وَقَالَ الْقشيرِي وكثيرون هُوَ ولي وَحكى الْمَاوَرْدِيّ فِي تَفْسِيره ثَلَاثَة أَقْوَال أَحدهَا نَبِي وَالثَّانِي ولي وَالثَّالِث انه من الْمَلَائِكَة وَهَذَا غَرِيب بَاطِل قَالَ الْمَازرِيّ اخْتلف الْعلمَاء فِي الْخضر هَل هُوَ نَبِي أَو ولي قَالَ وَاحْتج من قَالَ بنبوته بقوله وَمَا فعلته عَن أَمْرِي فَدلَّ على انه نَبِي اوحي اليه وَبِأَنَّهُ اعْلَم من مُوسَى وَيبعد ان يكون ولي اعْلَم من نَبِي وَأجَاب الاخرون بِأَنَّهُ يجوز ان يكون قد اوحى الله الى نَبِي فِي ذَلِك الْعَصْر ان يَأْمر الْخضر بذلك وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ الْمُفَسّر الْخضر نَبِي معمر على جَمِيع الْأَقْوَال مَحْجُوب عَن الابصار يَعْنِي عَن أبصار أَكثر النَّاس قَالَ وَقيل انه لَا يَمُوت الا فِي آخر الزَّمَان حِين يرفع الْقُرْآن وَذكر الثَّعْلَبِيّ ثَلَاثَة أَقْوَال فِي ان الْخضر كَانَ فِي زمن إِبْرَاهِيم الْخَلِيل عليه السلام أم بعده بِقَلِيل أم بِكَثِير كنية الْخضر أَبُو الْعَبَّاس واسْمه بلياء بموحدة مَفْتُوحَة ثمَّ لَام سَاكِنة ثمَّ مثناة تحتية بن ملكان بِفَتْح الْمِيم واسكان اللَّام وَقيل كليان قَالَ بن قُتَيْبَة فِي المعارف قَالَ وهب بن مُنَبّه اسْم الْخضر بليا بن ملكان بن قَانِع بن عَامر بن شالخ بن ارفخشد بن سَام بن نوح قَالُوا وَكَانَ أَبوهُ من الْمُلُوك وَاخْتلفُوا فِي لقبه بالخضر فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ لِأَنَّهُ جلس على فَرْوَة بَيْضَاء فَصَارَت خضرًا والفروة وَجه الأَرْض وَقيل لِأَنَّهُ كَانَ إِذا صلى اخضر مَا حوله وَالصَّوَاب الأول فقد صَحَّ فِي البُخَارِيّ عَن أَي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ انما سمى الْخضر لِأَنَّهُ جلس على فَرْوَة فَإِذا هِيَ تهتز من خَلفه خضرًا انْتهى وَالْخضر بِفَتْح خاء وَكسر هَاء وَسُكُون ضاد وَكسرهَا وَالْأَكْثَر بِفَتْح خاء وَكسر ضاد
[4031]
عظم الْجَزَاء بِضَم الْعين وَسُكُون الظَّاء وَقيل بِكَسْر ثمَّ فتح أَي عَظمَة الثَّوَاب مقرون مَعَ عظم الْبلَاء كَيْفيَّة وكميته جَزَاء وفَاقا وَأَجرا طباقا قَوْله ابْتَلَاهُم بَان الْبلَاء للولاء والابتلاء للاولياء قَوْله وَمن سخط بِكَسْر الْخَاء أَي كره بلَاء الله وجزع وَلم يرض بقضاءه فَلهُ السخط (مرقاة)
قَوْله أعظم اجرامن الْمُؤمن الخ أَي لِأَن اخْتِلَاط النَّاس يُؤْذِي بِهِ بِالْحَاء شَتَّى من الايذاء ويصبر بالالام أَو التكاليف فِي الْوَاقِع فبسبب هَذَا الصَّبْر والتحمل يُؤَدِّي الى ذَلِك الْأجر الْعَظِيم وَالْجَزَاء الضخيم ومضمون ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أحسن ثَبت فِي حَقه (إنْجَاح)
قَوْله
[4034]
ان لَا تشرك بِاللَّه لِأَن الشّرك لَا يغْفر وَفِيمَا دونه يتَوَقَّع الْمَغْفِرَة كَمَا فِي التَّنْزِيل ان الله لَا يغْفر ان يُشْرك بِهِ الْآيَة إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي
قَوْله
[4036]
سَيَأْتِي على النَّاس سنوات خداعات الخداع الْمَكْر وَالْحِيلَة وَإِضَافَة الخداع الى السنوات مجازية وَالْمرَاد أهل السنوات (إنْجَاح)
قَوْله سَيَأْتِي على النَّاس سنوات خداعات أَي يكثر فِيهَا الامطار ويقل الرّيع فَذَلِك خداعها لِأَنَّهَا تطمعهم فِي الخضب بالمطر ثمَّ تخلف وَقيل الخداعة القليلة الْمَطَر من خدع الرِّيق إِذا جف (زجاجة)
قَوْله وينطق فِيهَا الرويبضة تَفْسِيره مَا مر من حَدِيث أنس قُلْنَا يَا رَسُول الله مَا ظهر فِي الْأُمَم قبلنَا قَالَ الْملك فِي صغاركم والفاحشة فِي كباركم وَالْعلم فِي رذالتكم وَالرجل التافه الرذيل والحقير والرويبضة تَصْغِير رابضة وَهُوَ الْعَاجِز الَّذِي ربض عَن معالي الْأُمُور وَقعد عَن طلبَهَا وتاء للْمُبَالَغَة (إنْجَاح)
قَوْله
[4039]
وَلَا الْمهْدي الا عِيسَى بن مَرْيَم هَذَا الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَقَالَ انه يعد فِي افراد الشَّافِعِي وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان هَذَا خبر مُنكر تفرد بِهِ يُونُس بن عبد الْأَعْلَى عَن الشَّافِعِي وَوَقع فِي جُزْء من حَدِيث يُونُس قَالَ حدثت عَن الشَّافِعِي فَهُوَ على هَذَا مُنْقَطع على ان جمَاعَة ردُّوهُ عَن يُونُس قَالَ حَدثنَا الشَّافِعِي وَالصَّحِيح انه لم يسمعهُ مِنْهُ وَمُحَمّد بن خَالِد قَالَ الْأَزْدِيّ مُنكر الحَدِيث وَقَالَ الْحَاكِم مَجْهُول وَكَذَا قَالَ بن الصّلاح فِي اماليه وَقد وَثَّقَهُ يحيى بن معِين وروى ثَلَاثَة رجال سوى الشَّافِعِي وَأَبَان بن صَالح صَدُوق مَا علمت بِهِ بَأْسا لَكِن قيل انه لم يسمع من الْحسن وَذكر بن الصّلاح للْحَدِيث عِلّة أُخْرَى قَالَ الْبَيْهَقِيّ انا الْحَاكِم ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن عبد الْأَعْلَى بن يزْدَاد الْمُذكر من كِتَابه ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحجَّاج بن رشد بن ثَنَا الْمُغَفَّل بن مُحَمَّد الجندي ثَنَا صَامت بن معَاذ قَالَ عدلت الى الْجند فَدخلت على مُحدث لَهُم فَوجدت عِنْده عَن مُحَمَّد بن خَالِد الجندي عَن أبان بن أبي عَيَّاش عَن الْحسن عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ الذَّهَبِيّ فانكشف انْتهى وَقَالَ الْحَافِظ جمال الدّين الْمزي فِي التَّهْذِيب قَالَ أَبُو بكر بن زِيَاد هَذَا لحَدِيث غَرِيب وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الابزي الْحَافِظ فِي مَنَاقِب الشافي قد تَوَاتَرَتْ الاخبار واستفاضت بِكَثْرَة رواتها عَن الْمُصْطَفى صلى الله عليه وسلم فِي الْمهْدي وانه من أهل بَيته وانه يملك سبع سِنِين ويملأ الأَرْض عدلا وانه يخرج مَعَ عِيسَى بن مَرْيَم فيساعده على قتل الدَّجَّال بِبَاب لد بِأَرْض فلسطين وانه يؤم هَذِه الْأمة وَعِيسَى عليه السلام يُصَلِّي خَلفه فِي طول من قصَّة وَمُحَمّد بن خَالِد الجندي وان كَانَ يذكر عَن يحيى بن معِين انه وَثَّقَهُ فَإِنَّهُ غير مَعْرُوف عِنْد أهل الصِّنَاعَة من أهل الْعلم وَالنَّقْل وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ هَذَا حَدِيث تفرد بِهِ مُحَمَّد بن خَالِد الجندي قَالَ أَبُو عبد الله الْحَافِظ وَهُوَ رجل مَجْهُول وَاخْتلفُوا عَلَيْهِ فِي إِسْنَاده فَرَوَاهُ صَامت بن معَاذ ثَنَا يحيى بن السكن ثَنَا مُحَمَّد بن خَالِد الجندي عَن أبان بن صَالح عَن الْحسن عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ صَامت بن معَاذ عدلت الْجند فَدخلت على مُحدث لَهُم وَطلبت هَذَا الحَدِيث فَوجدت عِنْده عَن مُحَمَّد بن خَالِد الجندي عَن أبان بن أبي عَيَّاش عَن الْحسن عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ الْبَيْهَقِيّ فَرجع الحَدِيث الى رِوَايَة مُحَمَّد بن خَالِد الجندي
وَهُوَ مَجْهُول عَن أبان بن أبي عَيَّاش وَهُوَ مَتْرُوك عَن الْحسن عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُنْقَطع وَالْأَحَادِيث فِي التَّنْصِيص على خُرُوج الْمهْدي أصح إِسْنَادًا وروى الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم بن عَسَاكِر فِي تَارِيخ دمشق بِإِسْنَادِهِ عَن أَحْمد بن مُحَمَّد بن رَاشد قَالَ حَدثنِي أَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الله الوَاسِطِيّ قَالَ رَأَيْت مُحَمَّد بن إِدْرِيس الشَّافِعِي فِي الْمَنَام فَسَمعته يَقُول كذب عَليّ يُونُس فِي حَدِيث الجندي حَدِيث الْحسن عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي الْمهْدي قَالَ الشَّافِعِي مَا هَذَا من حَدِيثي وَلَا حدثت بِهِ كذب عَليّ يُونُس انْتهى وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب بَين خطأ من أَخطَأ على الشَّافِعِي هَذَا الحَدِيث مِمَّا انكر على الشَّافِعِي ثمَّ روى عَن أَحْمد بن سِنَان قَالَ كنت عِنْد يحيى بن معِين فَدخل عَلَيْهِ صَالح فَقَالَ بَلغنِي عَن الشَّافِعِي انه رَوَاهُ وَالشَّافِعِيّ عندنَا ثِقَة قَالَ الْبَيْهَقِيّ هَذَا الحَدِيث ان كَانَ مُنْكرا كَانَ الْحمل فِيهِ على مُحَمَّد بن خَالِد الجندي فَإِنَّهُ شيخ مَجْهُول لم يعرف بِمَا تثبت بِهِ عَدَالَته وَيُوجب قبُول خَبره وَقد رَوَاهُ غير الشَّافِعِي عَنهُ كَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِي ثمَّ رَوَاهُ من طَرِيق يحيى بن السكن عَنهُ قَالَ فالغلط من جِهَة فَإِن الحَدِيث مَعْرُوف من أوجه بِدُونِ قَوْله وَلَا الْمهْدي الا عِيسَى بن مَرْيَم انْتهى وَقَالَ الْحَافِظ عماد الدّين بن كثير فِي الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة هَذَا حَدِيث مَشْهُور بِمُحَمد بن خَالِد الجندي الْمُؤَذّن شيخ الشَّافِعِي وروى عَنهُ غير وَاحِد أَيْضا وَلَيْسَ هُوَ بِمَجْهُول كَمَا زَعمه الْحَاكِم بل قد روى عَن بن معِين انه وَثَّقَهُ وَلَكِن من الروَاة من حدث بِهِ عَنهُ عَن أبان بن أبي عَيَّاش عَن الْحسن مُرْسلا وَذكر الْحَافِظ جمال الدّين الْمزي عَن بَعضهم انه رأى الشَّافِعِي فِي الْمَنَام وَهُوَ يَقُول كذب عَليّ يُونُس لَيْسَ هَذَا من حَدِيثي قَالَ بن كثير يُونُس بن عبد الْأَعْلَى الصدني من الثِّقَات لَا يطعن فِيهِ بِمُجَرَّد مَنَام وَهَذَا الحَدِيث فِيمَا يظْهر ببادي الرَّأْي مُخَالف للأحاديث الْوَارِدَة فِي ثبات مهْدي غير عِيسَى بن مَرْيَم وَعند التَّأَمُّل لَا ينافيها بل يكون المُرَاد من ذَلِك ان الْمهْدي حق الْهدى هُوَ عِيسَى بن مَرْيَم وَلَا يَنْفِي ذَلِك ان يكون غَيره مهديا أَيْضا انْتهى زجاجة بعثت أَنا والساعة الخ فَإِن أمته صلى الله عليه وسلم آخر الْأُمَم وَحين فنائها تقوم السَّاعَة إنْجَاح تقوم السَّاعَة (إنْجَاح)
قَوْله
[4042]
فوجمت عِنْدهَا وجمة أَي حزنت حزنا شَدِيدا فِي الْقَامُوس الوجم ككتف صَاحب العبوس المطرق لشدَّة الْحزن وَحج كوعد جما ووجوما سكت على غيظ انْتهى (إنْجَاح)
قَوْله
[4044]
فِي خمس لَا يعلمهُنَّ الخ أَي علم السَّاعَة مَعْدُود فِي خمس فَإِن قلت مَا وَجه التَّخْصِيص بِخمْس مَعَ ان مَعْلُومَات الله تَعَالَى لَا متناهي وَلَيْسَ للْإنْسَان فِيهَا سَبِيل قلت لِأَنَّهَا أُمَّهَات المغيبات والبقية تبع لَهَا وَمَا ورد عَن بعض أَوْلِيَاء الله الْكِرَام من انهم اخبروا عَن بعض هَذِه الْأَشْيَاء أَيْضا فَوَقع كَمَا قَالُوا كَمَا أخبر الصّديق رضي الله عنه زَوجته بنت خَارِجَة انها حاملته بنت فَولدت بعد وَفَاته رَضِي أم كُلْثُوم بنت أبي بكر فَهَذَا من الفراسة وَالظَّن وَيصدق الله تَعَالَى فراسة الْمُؤمن وَمَعَ هَذَا لَا يخرج عَن دَرَجَة الظَّن وَلَا يدْخل فِي حد الْعلم فَافْتَرقَا إنْجَاح الْحَاجة
قَوْله ان من اشراطها أَي علاماتها وَاحِدهَا شَرط بِفَتْح الشين وَالرَّاء قَوْله ان يرفع الْعلم لَيْسَ مَعْنَاهُ انه يمحى من صُدُور الْعلمَاء بل مَعْنَاهُ انه يَمُوت حَملته ويتخذ النَّاس جُهَّالًا يحكلون بجهالاتهم كَمَا روى مُسلم عَنهُ عليه السلام انه قَالَ ان الله لَا ينتزع الْعلم من النَّاس انتزاعا وَلَكِن يقبض الْعلمَاء فيرفع الْعلم مَعَهم وَيبقى فِي النَّاس رؤسا جُهَّالًا فيضلون ويضلون قَوْله وَيظْهر الْجَهْل وَفِي رِوَايَة مُسلم يثبت الْجَهْل من الثُّبُوت وَفِي رِوَايَة يبث أَي ينشر ويفشوا الزناء أَي يتنشر وَيشْرب الْخمر أَي شربا فاشيا وَيذْهب الرِّجَال أَي بِسَبَب الْقَتْل وَيبقى النِّسَاء فتكثر فَلهَذَا يكثر الْجَهْل وَالْفساد (فَخر)
قَوْله
[4046]
حَتَّى يحسر الْفُرَات بِكَسْر سين وَفتحهَا أَي تكشف من حسرت الْعِمَامَة عَن رَأْسِي وَالثَّوْب عَن بدني أَي كشفتهما قَالَ الزَّرْكَشِيّ أَي ينْكَشف عَن الْكَنْز لذهاب مائَة فَلَا تَأْخُذ مِنْهُ شَيْئا لِأَنَّهُ مستعقب للبليات وَهُوَ أَيَّة من آيَات الله انْتهى قلت لما فِي مُسلم يقتتل النَّاس عَلَيْهِ فَيقْتل من كل مائَة تِسْعَة وَتسْعُونَ يَقُول كل رجل مِنْهُم لعَلي اكون انا الَّذِي انجو (فَخر)
قَوْله
[4048]
ثكلتك أمك أَي فقدتك والثكل فقد الْوَلَد وَامْرَأَة ثاكل وثكلى وَرجل ثاكل وثكلان كَأَنَّهُ دَعَا عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ لسوء فعله أَو قَوْله وَالْمَوْت يعم كل أحد فَأذن الدُّعَاء عَلَيْهِ كلا دُعَاء أَو أَرَادَ إِذا كنت هَكَذَا فالموت خير لَك لِئَلَّا تزداد سوء وَيجوز ان يكون من الْأَلْفَاظ الَّتِي تجْرِي على السّنة الْعَرَب وَلَا يُرَاد بهَا الدُّعَاء كَقَوْلِهِم تربت يدالك وقاتلك الله انْتهى وَهَذَا الثَّالِث ازحح مِصْبَاح الزجاجة
قَوْله يدرس وشيى الثَّوْب الخ وشى الثَّوْب يسجه على لونين كَذَا فِي الْمجمع وَفِي الْقَامُوس الوشي نقش الثَّوْب مَعْرُوفا وَيكون من كل لون انْتهى ويدرس أَي يذهب (إنْجَاح)
قَوْله وليسرى على كتاب الله فِي لَيْلَة أَي يذهب اللَّيْل فِي الْقَامُوس السّري كهي سير عَامَّة اللَّيْل وَأما قَوْله جلّ ذكره أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا تَأْكِيد وَمَعْنَاهُ سير لَيْلًا فَقَالَ لَهُ صلَة مَا يُغني مِنْهُم لَا إِلَه إِلَّا الله أَي قَالَ صلَة لِحُذَيْفَة وَلَعَلَّه صلَة بن زفر التَّابِعِيّ الْكَبِير من أهل الْكُوفَة وغرضه ان كلمة التَّوْحِيد لَا تنفعهم مَعَ تكر الْأَعْمَال فَأجَاب حُذَيْفَة ان نَفعهَا النجَاة من النَّار لَا الْفَوْز بالدرجات مَعَ المقربين والابرار وَهَذَا مَذْهَب أهل السّنة وَالْجَمَاعَة شكر الله سَعْيهمْ بِخِلَاف الْمُعْتَزلَة والخوارج (إنْجَاح)
[4052]
يتقارب الزَّمَان أَي تفنى بركتها فَيصير السّنة كالشهر والشهر كَالْجُمُعَةِ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيث الدَّجَّال (إنْجَاح)
قَوْله يتقارب الزَّمَان قَالَ فِي النِّهَايَة وَمِنْه حَدِيث الْمهْدي يتقارب الزَّمَان أَي يطيب الزَّمَان حَتَّى لَا يستطال وَأَيَّام السرُور قصير وَقيل هُوَ كِنَايَة عَن قصر الاعمار وَقلة الْبركَة قَالَ الْكرْمَانِي وَقيل لِكَثْرَة اهتمام النَّاس بالنوازل والشدائد وشغل قلبهم بالفتن لَا يَدْرُونَ كَيفَ يَنْقَضِي ايامهم وَالْحمل على امام الْمهْدي وَطيب الْعَيْش لَا يُنَاسِبه اخواته من ظُهُور الْفِتَن والهرج قيل انما أَوله بِهَذَا إِذْ لم يَقع نقص فِي زَمَانه والا فقد ودنا فِي زَمَاننَا هَذَا من سرعَة الْأَيَّام مَا لم نَكُنْ نجدة قبل وان لم يكن هُنَاكَ عَيْش مستلذ وَالْحق ان المُرَاد نزع الْبركَة من كل شَيْء من الزَّمَان وَقيل بِمَعْنى عدم ازدياد سَاعَات اللَّيْل وَالنَّهَار وانتقاصها بِأَن يتساويا طولا وقصرا قَالَ أهل الْهَيْئَة تنطبق دَائِرَة البروج على معدل النَّهَار انْتهى وَقَالَ الطَّيِّبِيّ وَقل أَي تقَارب أهل الزَّمَان بَعضهم بَعْضًا فِي الشَّرّ أَو أَرَادَ مقاربة الزَّمَان نَفسه فِي الشَّرّ حَتَّى يشبه أَوله آخِره أَو مسارعة الدول الى الِانْقِضَاء والقرون الى الانقراض فيتقارب زمانهم ويتداني ايامهم انْتهى وَقَالَ النَّوَوِيّ أَي يقرب من الْقِيَامَة قلت وَتعقب بِأَنَّهُ من أَشْرَاط والساعة فَيصير الْمَعْنى اشْتِرَاط السَّاعَة ان تقرب (فَخر)
قَوْله
[4053]
فِي جذر قُلُوب الرِّجَال أَي فِي أَصْلهَا أَي حصل لَهُم الْمَادَّة السليمة والفريحة المستقيمة ثمَّ تعلمُوا الْكتاب وَالسّنة فَصَارَت كأصل شَجَرَة طيبَة أَصْلهَا ثَابت وفرعها فِي السَّمَاء وَقَالَ الطنافسي هُوَ على بن مُحَمَّد شيخ الْمُؤلف ثِقَة عَابِد من الْعشْرَة (إنْجَاح)
قَوْله ينَام الرجل كِنَايَة عَن قلَّة الزَّمَان وَلَيْسَ المُرَاد نفس النّوم لِأَنَّهُ لَا اثر لَهُ فِي ذهَاب الْأَمَانَة فَمَعْنَاه يصير الرجل فِي مِقْدَار هَذَا الزَّمَان مَرْفُوع الْأَمَانَة وَذَلِكَ لشدَّة غَلَبَة الْهَوَاء وَفَسَاد الزَّمَان قَوْله الوكت بِفَتْح الْوَاو جمع وكتة وَهِي اثر فِي شَيْء كالنقطة من غير لَونه والمجل بِالْفَتْح غلظ الْجلد أَي يرْتَفع الْأَمَانَة شَيْئا فَشَيْئًا قَوْله منتبرا يَا مرتفعا والساعي السُّلْطَان أَو الدَّلال إنْجَاح الْحَاجة
قَوْله ليردن على إِسْلَامه الخ فِي شرح جَامع الْأُصُول يَعْنِي ان الْمُسلمين كَانُوا مهتمين بِالْإِسْلَامِ فيحفظون بِالصّدقِ والامانة والملوك ذُو عدل فَمَا كنت ابالي من اعامل ان كَانَ مُسلما رده الى بِالْخرُوجِ عَن الْحق عمله بِمُقْتَضى الْإِسْلَام وان كَانَ غير مُسلم انصفني مِنْهُ عَامله على الصَّدَقَة انْتهى
قَوْله ليردن على ساعيه قَالَ فِي النِّهَايَة يَعْنِي رئيسهم الَّذِي يصدرون عَن رَأْيه وَلَا يمضون أمرا دونه وَقيل أَرَادَ الْوَالِي الَّذِي عَلَيْهِ ينصفني مِنْهُ وكل من ولي أَمر قوم فَهُوَ ساع عَلَيْهِم (زجاجة)
قَوْله إِلَّا مقيتا ممقتا المقت الْغَضَب أَي تَجدهُ مغضوبا مبغضا من الله تَعَالَى وَإِنَّمَا قَالَ ممقتا للْمُبَالَغَة وَفِيه ارْتِكَاب الصَّغِيرَة يُفْضِي إِلَى الْكَبِيرَة والكبيرة تُفْضِي إِلَى الْكفْر نَعُوذ بِاللَّه من ذَلِك (إنْجَاح)
قَوْله
[4055]
عَن حذيقة بن اسيد بِفَتْح الْهمزَة وَكسر السِّين الْمُهْملَة أبي سريحَة بِوَزْن عَجِيبَة غَالب أَحَادِيثه من رِوَايَة أبي الطُّفَيْل الصَّحَابِيّ عَنهُ (زجاجة)
قَوْله حَتَّى تكون عشر آيَات الخ هَذَا لحَدِيث يُؤَيّد قَول من قَالَ ان الدُّخان دُخان يَأْخُذ بِأَنْفَاسِ الْكفَّار وَيَأْخُذ الْمُؤمن مِنْهُ كَهَيئَةِ الزُّكَام وانه لم يَأْتِ بعد وَإِنَّمَا يكون قَرِيبا من قيام السَّاعَة وَبِه قَالَ حُذَيْفَة وَابْن عَمْرو الْحسن وَرَوَاهُ حُذَيْفَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم انه يمْكث فِي الأَرْض أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَقَالَ بن مَسْعُود إِنَّمَا هُوَ عبارَة عَمَّا نَالَ قُريْشًا من الْقَحْط حَتَّى كَانُوا يرَوْنَ بَينهم وَبَين السَّمَاء كَهَيئَةِ الدُّخان وَقد وَافق بن مَسْعُود جمَاعَة فَيحْتَمل انهما دخانان للْجمع بَين هَذِه الْآثَار واما الدَّابَّة الْمَذْكُورَة فِي هَذَا الحَدِيث فَهِيَ الْمَذْكُورَة فِي قَوْله تَعَالَى وَإِذا وَقع القَوْل عَلَيْهِم اخرجنا لَهُم دَابَّة من الأَرْض قَالَ الْمُفَسِّرُونَ هِيَ دَابَّة عَظِيمَة تخرج من صدع فِي الصَّفَا وَعَن بن عَمْرو بن الْعَاصِ انها الْجَسَّاسَة واما ياجوج وَمَأْجُوج غير مهموزتين ومهموزان قرئَ فِي السَّبع بِالْوَجْهَيْنِ وَالْجُمْهُور يتْرك الْهَمْز فهما قبيلتان من ولد يافث بن نوح عليه السلام وَقيل هم نادرة من ولد آدم من غير حَوَّاء وَقيل ان ادم احْتَلَمَ فامتزجت نطفته بِالتُّرَابِ فخلوقا (فَخر)
قَوْله من قَعْر عدن أبين قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ بِوَزْن احمر قَرْيَة على جَانب الْبَحْر نَاحيَة الْيمن وَقيل هُوَ اسْم مَدِينَة عدن واضيف الى أبين اسْم رجل من حمير عدن بهَا أَي أَقَامَ انْتهى قَالَ الماروردي سميت عدنا من العدون وَهِي الْإِقَامَة لِأَن تبعا كَانَ يحبس فِيهَا أَصْحَاب الجرائم وَهَذِه النَّار الْخَارِجَة من قَعْر عدن واليمن هِيَ الحاشرة للنَّاس كَمَا صرح بِهِ فِي الحَدِيث (فَخر)
قَوْله
[4056]
بَادرُوا بِالْأَعْمَالِ سِتا أَي من الصمائب والدواهي وَمعنى مبادرتها بِالْأَعْمَالِ الانكماش فِي الْأَعْمَال الصَّالِحَة والاهتمام بهَا قبل وُقُوعهَا وَخُوَيصة أحدكُم قَالَ فِي النِّهَايَة يُرِيد حَادِثَة الْمَوْت الَّتِي تحضر كل انسان وَهِي تَصْغِير خَاصَّة وصغرت لاحتقارها فِي جنب مَا بعْدهَا من الْبَعْث وَالْعرض والحساب وَغير ذَلِك (زجاجة)
قَوْله
[4057]
عبد الله بن الْمثنى فِي التَّقْرِيب عبد الله بن الْمثنى بن عبد الله بن أنس بن مَالك الْأنْصَارِيّ أَبُو الْمثنى الْبَصْرِيّ صَدُوق كثير الْغَلَط من السَّادِسَة وَلم أجد فِيهِ عبد الله بن الْمثنى بن ثُمَامَة بن عبد الله بن أنس لَكِن وجدت فِي جَمِيع النّسخ الْمَوْجُودَة هَكَذَا (فَخر)
قَوْله الْآيَات بعد الْمِائَتَيْنِ هَذَا الحَدِيث أوردهُ بن الْجَوْزِيّ فِي الموضعات من طَرِيق مُحَمَّد بن يُونُس الْكُدَيْمِي عَن عون وَقَالَ هَذَا حَدِيث مَوْضُوع عون وَابْن الْمثنى ضعيفان غير ان الْمُتَّهم بِهِ الْكُدَيْمِي قلت وَقد تبين انه توبع عَلَيْهِ كَمَا ترى وَأخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك بِسَنَدِهِ عَن عون وَقَالَ صَحِيح وَتعقبه الذَّهَبِيّ فِي تلخيصه فَقَالَ عون ضَعَّفُوهُ وَقَالَ بن كثير هَذَا الحَدِيث لَا يَصح وَلَو صَحَّ فَمَحْمُول على مَا وَقع فِي الْفِتْنَة بِسَبَب القَوْل بِخلق الْقُرْآن للامام أَحْمد بن حَنْبَل وَأَصْحَابه من أَئِمَّة الحَدِيث (زجاجة)
قَوْله بعد الْمِائَتَيْنِ أَي من الْهِجْرَة أَو من دولة الْإِسْلَام أَو من وَفَاتَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم لمعات
قَوْله
[4058]
ثمَّ الْهَرج وَهُوَ بِفَتْح فَسُكُون الْفِتْنَة والاختلاط وَفسّر فِيهِ بِالْقَتْلِ هرجوا هرجا خلطوا وَاصل الْهَرج الْكَثْرَة فِي الشَّيْء والاتساع قَوْله النجا النجا أَي انجوا بِأَنْفُسِكُمْ والنجا السرعة نجا ينجو نجا إِذا أسْرع وَنَجَا من الْأَمر إِذا خلص وانجاه غَيره وَقَالَ النَّوَوِيّ أَي انجوا النجا أَي اطلبوه والمرعوف فِيهِ الْمَدّ إِذا افرد وَالْمدّ وَالْقصر إِذا كرر فَخر أمتِي على خمس طَبَقَات الخ هَذَا الحَدِيث أَيْضا أوردهُ بن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات من طَرِيق كَامِل بن طَلْحَة عَن عباد بن عبد الله عَن أنس وَقَالَ لَا أصل لَهُ وَالْمُتَّهَم بِهِ عباد وَقد تبين ان لَهُ متابعين عَن أنس وَله عدَّة شَوَاهِد سقتها فِي الموضوعات (زجاجة)
قَوْله
[4063]
ليؤمن هَذَا الْبَيْت جَيش أَي يقصدونه حَتَّى إِذا كَانُوا ببيداء من الأَرْض وَفِي رِوَايَة ببيداء الْمَدِينَة قَالَ الْعلمَاء الْبَيْدَاء كل ارْض ملساء لَا شَيْء بهَا وبيداء الْمَدِينَة الشّرف الَّذِي قُدَّام ذِي الحليفة أَي الى جِهَة مَكَّة (فَخر)
قَوْله
[4064]
خسف بأولهم واخرهم أَي يَقع الْهَلَاك فِي الدُّنْيَا على جَمِيعهم قَوْله يَبْعَثهُم الله على مَا فِي أنفسهم أَي يبعثون مُخْتَلفين على قدر نياتهم فيجازون بحسبها وَفِي هَذَا الحَدِيث من الْفِقْه التباعد من أهل الظُّلم والتحذير من مجالستهم ومجالسة الْبُغَاة وَنَحْوهم من المبطلين لِئَلَّا يَنَالهُ مَا يعاقبون بِهِ وَفِيه ان من كثر سَواد قوم جرى عَلَيْهِم حكمهم فِي ظَاهر عقوبات الدُّنْيَا قَالَه النَّوَوِيّ
قَوْله
[4066]
تخرج الدَّابَّة قَالَ فِي النِّهَايَة دَابَّة الأَرْض قيل طولهَا سِتُّونَ ذِرَاعا ذَات قَوَائِم ووبر وَقيل مُخْتَلفَة الْخلقَة يشبه عدَّة من الحيونات يتصدع جبل الصَّفَا فَتخرج مِنْهُ لَيْلَة جمع وَمَعَهَا عَصا مُوسَى وَخَاتم سُلَيْمَان عليهما السلام لَا يُدْرِكهَا طَالب وَلَا يعجزها هارب تضرب الْمُؤمن بالعصا وتكتب فِي وَجهه مُؤمن وتطبع الْكَافِر بالخاتم وتكتب فِي وَجهه كَافِر انْتهى
قَوْله
[4067]
فَإِذا فتر اتف فِي شبر فِي الْقَامُوس الفتر بِالْكَسْرِ مَا بَين طرف الْإِبْهَام وطرف المشيرة أَي السبابَة أَي أَشَارَ صلى الله عليه وسلم الى مَوضِع فَإِذا هُوَ بِهَذَا الْمِقْدَار أَي كالفتر فِي الشبر وَهَذَا الحَدِيث تفرد بِهِ بن ماجة من السِّتَّة كَمَا ذكر الْمزي فِي الْأَطْرَاف (إنْجَاح)
قَوْله
[4069]
أول الْآيَات خُرُوجًا طُلُوع الشَّمْس قَالَ بن كثير أَي أول الْآيَات الَّتِي لَيست مألوفة وان كَانَ الدَّجَّال ونزول عِيسَى عليه السلام من السَّمَاء قبل ذَلِك وَكَذَلِكَ خُرُوج يَأْجُوج وَمَأْجُوج كل ذَلِك أُمُور مألوفة لأَنهم بشر مشاهدتهم وأمثالهم مألوفة فَأَما خُرُوج الدَّابَّة على شكل غَرِيب غير مألوف ومخاطبتها النَّاس وسمها إيَّاهُم بِالْإِيمَان وَالْكفْر فَأمر خَارج عَن جاري الْعَادَات وَذَلِكَ أول الْآيَات الارضية كَمَا ان طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا على خلاف عَادَتهَا المألوفة أول الْآيَات السمائية وَقد ظن عبد الله بن عمر وان طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا يتَقَدَّم على الدَّابَّة وَذَلِكَ مُحْتَمل مُنَاسِب انْتهى (زجاجة)
قَوْله أول الْآيَات خُرُوجًا الخ فَإِن قيل طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا لَيْسَ أول الْآيَات لِأَن الدُّخان والدجال قبله قُلْنَا الْآيَات اما امارات لقرب قيام السَّاعَة وَأما امارات دَالَّة على وجود قيام السَّاعَة وحصولها وَمن الأول خُرُوج الدُّخان وَخُرُوج الدَّجَّال وَنَحْوهمَا وَمن الثَّانِي مَا نَحن فِيهِ من طلوعالشمس من مغْرِبهَا والرجفة وَخُرُوج النَّار وطردها النَّاس الى الْمَحْشَر وَمن ثمَّ قيل أول الْآيَات خُرُوج الدَّجَّال ثمَّ نزُول عِيسَى عليه السلام ثمَّ خُرُوج يَأْجُوج وَمَأْجُوج ثمَّ خُرُوج الدَّابَّة ثمَّ طُلُوع الشَّمْس فَإِن الْكفَّار يسلمُونَ فِي زمَان نزُول عِيسَى عليه السلام حَتَّى تكون الدعْوَة وَاحِدَة وَلَو كَانَت الشَّمْس طلعت من مغْرِبهَا قبل نزل عِيسَى عليه السلام لم يكن الْإِيمَان مَقْبُولًا من الْكفَّار سيد
قَوْله قَالَ عبد الله وَلَا اظنها الخ أَي لَا اظن الْآيَة الَّتِي ذكر صلى الله عليه وسلم قبليتها الا طُلُوع الشَّمْس فعبد الله سمع مِنْهُ صلى الله عليه وسلم قَبيلَة أَحدهمَا على الْيَقِين الا انه نسي (إنْجَاح)
[4071]
الدَّجَّال هُوَ فعال بِفَتْح أَوله وَالتَّشْدِيد من الدجل وَهُوَ التغطية وَيُسمى الْكذَّاب دجالًا يُغطي الْحق بباطله يُقَال بعير مدجل مَطْلِي بالقطران وَقَالَ تغلب الدَّجَّال المموه سيف مدجل إِذا طلى وَقَالَ بن وريد سمى دجالًا لِأَنَّهُ يُغطي الْحق بِالْكَذِبِ وَقيل لضربه نواحي الأَرْض يُقَال دجل مخففا ومشددا إِذا فعل ذَلِك وَقَالَ الْكرْمَانِي الدَّجَّال هُوَ شخص بِعَيْنِه ابتلى الله عباده بِهِ واقدره على أَشْيَاء من مقدورات الله من ايحاء الْمَيِّت وَاتِّبَاع كنوز الأَرْض وأمطار السَّمَاء وانبات الأَرْض بأَمْره ثمَّ يعجزه الله تَعَالَى بعد ذل فَلَا يقدر على شَيْء مِنْهَا وَهُوَ يكون مُدعيًا للالهية وَهُوَ فِي نفس دَعْوَاهُ يكذب لَهَا بِصُورَة حَاله من انتقاصه بالعور وعجزه عَن إِزَالَته عَن نَفسه وَعَن إِزَالَته الشَّاهِد بِكُفْرِهِ الْمَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ فَإِن قلت إِظْهَار المعجزة على يَد الْكذَّاب لَيْسَ بممكن قلت انه يدعى الإلهية واستحالته ظَاهره فَلَا مَحْذُور فِيهِ بِخِلَاف مدعي النُّبُوَّة فانها مُمكنَة فَلَو اتى الْكَاذِب فِيهَا بمعجزة لَا لتبس النَّبِي بالمتنبي فَإِن قلت مَا فَائِدَة تَمْكِينه من هَذِه الخوارق قلت امتحان الْعباد انْتهى
قَوْله
[4072]
يُقَال لَهَا خُرَاسَان وَهُوَ بلد مَعْرُوف بَين بِلَاد مَا وَرَاء النَّهر وبلدان الْعرَاق معظمها الان بَلْدَة الهرات قَوْله كَأَن وُجُوههم المجان المطرقة أما المجان بِفَتْح الْمِيم وَتَشْديد النُّون جمع مجن بِكَسْر الْمِيم وَهُوَ الترس واما المطرقة بِإِسْكَان الطَّاء وَتَخْفِيف الرَّاء هَذَا هُوَ الفصيح الْمَشْهُور فِي الرِّوَايَة وَفِي كتب اللُّغَة والغريب وَحكى فتح الطَّاء وَتَشْديد الرَّاء قَالَ الْعلمَاء هِيَ الَّتِي البست الْعقب واطرقت بِهِ طَاقَة فَوق طَاقَة قَالُوا وَمَعْنَاهُ تَشْبِيه وُجُوه التّرْك فِي عرضهَا ونتو وجناتها بالترسة المطرقة قَالَ النَّوَوِيّ وَقد وجدنَا قِتَالهمْ بِجَمِيعِ صفاتهم فِي زَمَاننَا مَرَّات والى الان مَوْجُود انْتهى هَذَا حَاصِل مَا قَالَه الشُّرَّاح (فَخر)
قَوْله
[4073]
هُوَ اهون على الله من ذَلِك أَي من ان يُعْطِيهِ هَذَا الخارق الْعَظِيم لَكِن يموه ويشعبد مثل هَذَا الشعبدات وَلَيْسَ الا تخيل مَحْض لَيْسَ من نفس الْأَمر فِيهِ شَيْء كَمَا هُوَ مشَاهد من أهل النير بخات والطلسمات فِي زَمَاننَا (إنْجَاح)
قَوْله
[4074]
لرغبة أَي فِي شَيْء من أُمُور الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَلَا لرهبة أَي لَا لتخويف وانذار من عَذَاب لكني جمعتكم لامر عَجِيب هُوَ مُوَافقَة خبر تَمِيم لإخباري فِي شَأْن الدَّجَّال وَقَوله انا الْجَسَّاسَة أَي الجاسوس من قبل الدَّجَّال لتجسس حَال النَّاس (إنْجَاح)
قَوْله شَدِيد التشكي أَي شَدِيد الشكاية أَي يظْهر من خرنه شدَّة شكايته والتشكي والشكاية بِمَعْنى وَاحِد وَقَوله ناوى أَي عادى وابغض قوما وهم القريش ونواءه لَهُم بِسَبَب عبَادَة الْأَصْنَام والشرك بِاللَّه عز وجل فِي الْقَامُوس ناواه مناواة ونواء فَأَخَّرَهُ وعاداه فَهُوَ مَهْمُوز اللَّام (إنْجَاح)
قَوْله مَا فعلت عين زغربا لزائر والغين الْمُعْجَمَة فِي الْقَامُوس زغر كزفر أَبُو قَبيلَة وَاسم بنت لوط عليهما السلام وَمِنْه زغر قَرْيَة بِالشَّام لِأَنَّهَا نزلت بهَا وَبهَا عين غور مَائِهَا عَلامَة خُرُوج الدَّجَّال انْتهى (إنْجَاح)
قَوْله نخل بَين عمان وبيسان هما قريبتان بِالشَّام قَوْله بحيرة الطبرية الْبحيرَة تَصْغِير الْبَحْر والطبرية قَصَبَة بِالْأَرْضِ قَوْله الى هَذَا انْتهى فرحى أَي كمل فرحي لِأَن الْمَدِينَة الطّيبَة لَا سَبِيل للدجال فِيهِ (إنْجَاح)
قَوْله مخفض فِيهِ وَرفع قَالَ فِي النِّهَايَة أَي عظم فتنته وَرفع قدره ثمَّ وَهن امْرَهْ وَقدره وهونه وَقيل أَرَادَ انه رفع صَوته وخفضه فِي اقتصاص امْرَهْ وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي التَّذْكِرَة هما بتَخْفِيف الْفَاء أَي أَكثر من الْكَلَام فِيهِ فَتَارَة يرفع صَوته يسمع من بعد وَتارَة يخْفض ليستريح من تَعب الاعلان وَهَذِه حَالَة المستكثر من الْكَلَام وروى بتَشْديد الْفَاء فهما على التَّضْعِيف والتكثير (زجاجة)
قَوْله
[4075]
فخفض فِيهِ وَرفع قَالَ النَّوَوِيّ هما بتَشْديد فَاء خفض أَي حقر امْرَهْ بِأَنَّهُ أَعور اهون على الله وانه يضمحل امْرَهْ وَرفع أَي عظم امْرَهْ بِجعْل الخوراق بِيَدِهِ أَو خفض صَوته بعد تَعبه لِكَثْرَة التَّكَلُّم فِيهِ ثمَّ رَفعه بعد الاسْتِرَاحَة ليبلغ كَامِلا
قَوْله غير الدَّجَّال اخوفني قَالَ الشَّيْخ جمال الدّين بن مَالك تضمن هَذَا اللَّفْظ إِضَافَة اخوف الى يَاء الْمُتَكَلّم مقرونة بنُون الْوِقَايَة وَهُوَ إِنَّمَا يعْتَاد مَعَ الْفِعْل الْمُتَعَدِّي لِأَن هَذِه النُّون تصون الْفِعْل من محذورات لِأَن افْعَل التَّفْضِيل شبها بِالْفِعْلِ وخصوصا بِفعل التَّعَجُّب فَجَاز ان يدْخل النُّون الْمَذْكُورَة كَمَا لحقت اسْم الْفَاعِل فِي قَوْله امسلمين الى قومِي شراحي هَذَا أَجود مَا قيل فِيهِ وَيجوز ان يكون الأَصْل اخوف لي فأبدلت اللَّام نونا كَمَا ابدلت فِي لَعَلَّ ورفل لعن ورفن قَالَ وَأما مَعْنَاهُ فأظهر الِاحْتِمَالَات فِيهِ ان يكون اخوف من افْعَل التَّفْضِيل المصوغ من فعل الْمَفْعُول كَقَوْلِهِم اشغل من ذَات النجيين فتقديره غير الدَّجَّال اخوف مخوفاتي عَلَيْكُم ثمَّ حذف الْمُضَاف الى الْيَاء فاتصل بهَا اجوف معمورة بالنُّون على مَا تقرر (زجاجة)
قَوْله غير الدَّجَّال اخوفني قَالَ الْكرْمَانِي بنُون بعد ذاء وَعند الْبَعْض بحذفها الأول لرعاية شبه الْفِعْل أَو يكون مَعْنَاهُ اخوف لي فَجعل اللَّام نونا يَعْنِي غير الدَّجَّال اخوف مخوفاتي عَلَيْكُم وَمِنْه اخوف مَا أَخَاف على أمتِي الْأَئِمَّة المضلون أَو يكون اخوف من أَخَاف بِمَعْنى خوف أَي غير الدَّجَّال أَشد مُوجبَات خوفي عَلَيْكُم انْتهى
قَوْله وانه يخرج من خلة بَين الشَّام وَالْعراق الْخلَّة الطَّرِيق ينفذ فِي الرمل والنافذ بَين الرملتين أَو النَّافِذ فِي الرمل المتراكم كَذَا فِي الْقَامُوس انجاح عِنْد مَنَارَة الْبَيْضَاء شَرْقي دمشق قَالَ الْحَافِظ بن كثير هَذَا هُوَ الْأَشْهر فِي مَوضِع نُزُوله وَقد جردت مَنَارَة فِي زَمَاننَا فِي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَسبع مائَة من حِجَارَة بيض وَلَعَلَّ هَذَا يكون من دَلَائِل النُّبُوَّة الظَّاهِرَة حَيْثُ فرض الله بِنَاء هَذِه المنارة لينزل عِيسَى بن مَرْيَم عليه السلام عَلَيْهَا قلت هُوَ من دَلَائِل النُّبُوَّة بِلَا شكّ فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم اوحى اليه بِجَمِيعِ مَا يحدث بعده مِمَّا لم يكن فِي زَمَانه وَقد رويت مرّة هَذَا الحَدِيث الصَّحِيح وَهُوَ قَوْله صلى الله عليه وسلم ان الله تَعَالَى يبْعَث على راس كل مائَة سنة من يجدد لهَذِهِ الْأمة أَمر دينهَا فبلغني عَن بعض من لَا علم عِنْده انه استنكر ذَلِك وَقَالَ مَا كَانَ
التَّارِيخ فِي زمن النَّبِي حَتَّى علم جَمِيع مَا يحدث بعده وَلم يعلم انه صلى الله عليه وسلم علق أمورا كَثِيرَة على مَا علم انه يحدث وان لم يكن مَوْجُودا فِي زَمَنه وَمن لطيف ذَلِك ان عُثْمَان لما جمع الْقُرْآن فِي الْمَصَاحِف روى لَهُ أَبُو هُرَيْرَة انه سمع النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول ان أَشد أمتِي حبا لي قوم يأْتونَ من بعدِي يُؤمنُونَ بِي وَلم يروني يعْملُونَ بِمَا فِي الْوَرق قَالَ أَبُو هُرَيْرَة فَقلت أَي ورق حَتَّى رَأَيْت الْمَصَاحِف ففرح بذلك عُثْمَان وَأَجَازَ أَبَا هُرَيْرَة بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم وَقَالَ انك لتحفظ علينا حَدِيث نَبينَا فليت شعري إِذا عرض عَلَيْهِ الحَدِيث الصَّحِيح الثَّابِت فِي صَحِيح مُسلم وَغَيره ايقول دمشق كَانَت فِي زمن النَّبِي صلى الله عليه وسلم دَار كفر وَلم يكن بهَا جَامع وَلَا مَنَارَة فينكرالحديث الصَّحِيح وَيَردهُ بذلك نَعُوذ بِاللَّه من غَلَبَة الْجَهْل ثمَّ قَالَ الْحَافِظ بن كثير وَقد ورد فِي بعض الْأَحَادِيث عِيسَى عليه السلام ينزل بِبَيْت الْمُقَدّس وَفِي رِوَايَة بالأردن وَفِي رِوَايَة بمعسكر الْمُسلمين فَالله اعْلَم قلت حَدِيث نُزُوله بِبَيْت الْمُقَدّس عِنْد المُصَنّف وَهُوَ عِنْدِي أرجح وَلَا يُنَافِي سَائِر الرِّوَايَات لِأَن بَيت الْمُقَدّس هُوَ شَرْقي دمشق وَهُوَ معسكر المسملين إِذْ ذَاك والاردن اسْم الكورة كَمَا فِي الصِّحَاح وَبَيت الْمُقَدّس دَاخل فِيهِ فاتفقت الرِّوَايَات فَإِن لم يكن فِي بَيت الْمُقَدّس الان مَنَارَة بَيْضَاء فَلَا بُد ان تحدث قبل نُزُوله (زجاجة)
قَوْله لَا يدان بِكَسْر النُّون ثنية يَد أَي لَا قدرَة وَلَا طَاقَة يُقَال مَالِي بِهَذِهِ الْأَمر يَد وَمَالِي بِهِ يدان لِأَن الْمُبَاشرَة وَالدَّفْع انما يكون بِالْيَدِ وَكَانَ يَدَاهُ معدومتين بعجزه عَن دَفعه قَوْله فاحرز عبَادي قَالَ فِي النِّهَايَة أَي ضمهم اليه واجعله لَهُم حرز احرزته إِذا حفظته وضممته إِلَيْك وصنته عَن الاخذ وَقَالَ النَّوَوِيّ وروى حزب بحاء وزاي وباء أَي اجمعهم وحوز بواؤ وزائ نحهم وازلهم عَن طريقتهم الى الطّور قَوْله من كل حدب الحدب بالحركة مَا ارْتَفع وَغلظ من الظّهْر وَمن الأَرْض أَي من كل شرف يَنْسلونَ أَي يَمْشُونَ مُسْرِعين قَوْله فَيُرْسل الله عَلَيْهِم النغف وَهُوَ بنُون وغين مُعْجمَة مفتوحتين ثمَّ فَاء وَهُوَ دود يكون فِي انوف الْإِبِل وَالْغنم الْوَاحِدَة تغفة فيصبحون فرسي هُوَ بِفَتْح الْفَاء مَقْصُورا أَي قَتْلَى واحدهم فريس أَي يهْلكُونَ باوفى شَيْء فِي ادني سَاعَة بالقهر الالفي قَوْله قد ملأَهُ زهمهم ونتنهم الزهم بِفَتْح الْهَاء أَي وسمهم ورائحتهم الكريهة وَقَالَ
الطَّيِّبِيّ هُوَ بِضَم زائ وَفتح هَاء جمع زهمة الرّيح المنتنة وبالحركة مصدر وَالثَّانِي أَكثر رِوَايَة قَوْله مطر الا يكن مِنْهُ بَيت مدر وَلَا وبر هُوَ بِفَتْح يَاء وَضم كَاف من كننته صنته عَن الشَّمْس ومفعوله مَحْذُوف أَي لَا يكن من ذَلِك الْمَطَر بَيت مدر وَلَا وبر شَيْئا بل يغسل الْأَمَاكِن يَعْنِي بَيت الْحَضَر والبدو قَالَ النَّوَوِيّ أَي لَا يمْنَع من نزُول المَاء بَيت الْمدر قَوْله حَتَّى يتْركهُ كالزلقة قَالَ النَّوَوِيّ روى بِفَتْح الزائ وَاللَّام وَالْقَاف وروى الزلفة بِضَم الزائ واسكان اللَّام بِالْفَاءِ وروى الزلقة بِفَتْح الزائ وَاللَّام وبالفاء وَقَالَ القَاضِي روى بِالْفَاءِ وَالْقَاف وبفتح اللَّام وباسكانها وَكلهَا صَحِيحَة وَاخْتلفُوا فِي مَعْنَاهُ فَقَالَ ثَعْلَب وَأَبُو زيد وَآخَرُونَ مَعنا كَالْمَرْأَةِ وَحكى صَاحب الْمَشَارِق هَذَا عَن بن عَبَّاس أَيْضا شبهها بِالْمَرْأَةِ فِي صفائها ونظافتها وَقيل مَعْنَاهُ كمصانع المَاء أَي ان المَاء تستنقع فِيهَا ويستظلون بالمصنع الَّذِي يجْتَمع فِيهَا المَاء وَقَالَ أَبُو عبيد مَعْنَاهُ كالإجانة الخضراء وَقيل كالصحفة وَقيل كالروضة قَوْله بقحفها بِكَسْر الْقَاف هُوَ مقعر قشرها شبها بِقحْفِ الرَّأْس وَهُوَ الَّذِي فَوق الدِّمَاغ قيل مَا انْفَلق من جمجمته والفصل قَوْله ويبارك الله فِي الرُّسُل بِكَسْر الرَّاء واسكان السِّين هُوَ اللَّبن واللقحة بِكَسْر اللَّام وَفتحهَا لُغَتَانِ مشهورتان الْكسر اشهر وَهِي الْقَرِيبَة الْعَهْد بالاولادة جمعهَا لقح بِكَسْر اللَّام وَفتح الْقَاف كبر وبرك واللقوح ذَات اللَّبن وَجَمعهَا لقاح والفئام بِكَسْر الْفَاء وَبعدهَا همزَة ممدودة وَهِي الْجَمَاعَة الْكثير قَوْله تَكْفِي الْفَخْذ قَالَ أهل اللُّغَة الْفَخْذ الْجَمَاعَة من الاقارب وهم دون الْبَطن والبطن دون الْقَبِيلَة قَالَ القَاضِي قَالَ بن فَارس الْفَخْذ هَهُنَا بِإِسْكَان الْخَاء لَا غير بِخِلَاف الْفَخْذ الَّتِي هُوَ الْعُضْو فَإِنَّهَا يكسر ويسكن قَوْله يتهارجون كَمَا تتهارج الْحمر أَي يُجَامع الرِّجَال النِّسَاء بِحَضْرَة النَّاس كَمَا يفعل الْحمير وَلَا يكترثون لذَلِك والهرج بِإِسْكَان الرَّاء الْجِمَاع يُقَال هرج زَوجته أَي جَامعهَا يهرجها بِفَتْح الرَّاء وَضمّهَا وَكسرهَا هَكَذَا قيل فِي شرح الحَدِيث (فَخر)
قَوْله
[4077]
مُنْذُ ذَرأ الله أَي خلق الله وَمِنْه الذُّرِّيَّة نسل الثقلَيْن كَذَا فِي الْقَامُوس (إنْجَاح)
قَوْله فَأَنا حجيج أَي محاجه ومغالبه بِإِظْهَار الْحجَّة عَلَيْهِ وَالْحجّة الدَّلِيل والبرهان حاججته حجاجا ومحاجة فالنا محاج وحجيج فَإِن قيل أَو لَيْسَ قد ثَبت فِي الصَّحِيح انه يخرج بعد خُرُوج الْمهْدي وان عِيسَى يقْتله وَغَيرهَا من الوقائع الدَّالَّة على انه لَا يخرج فِي زَمَنه فَمَا معنى وان يخرج وانا بَين ظهرانيكم قلت هُوَ تورية للتخزيف ليلجئوا الى الله من شَره وينالوا فَضله أَو يُرِيد عدم علمه بِوَقْت خُرُوجه كَمَا انه لَا يدْرِي مَتى السَّاعَة (فَخر)
قَوْله من خلة بَين الشَّام وَالْعراق أَي فِي طَرِيق بَينهمَا وَقيل للطريق والسبيل خلة لِأَنَّهُ خل مَا بَين البلدين أَي اخذ مخيط بَينهمَا وروى بحاء مُهْملَة من الْحُلُول أَي سميت ذَلِك وقبالة قَالَه فِي النِّهَايَة وَقَالَ النَّوَوِيّ خلة بِفَتْح مُعْجمَة وَلَام مُشَدّدَة وتنوين وَقَالَ القَاضِي بحاء مُهْملَة وَترك تَنْوِين بِمَعْنى مَوضِع حزن وصخور وروى بِضَم حاء وهاء ضمير أَي ونزوله وحلوله انْتهى فيعيث قَالَ النَّوَوِيّ العيث الْفَاسِد أَو أَشد الْفساد والاسراع فِيهِ قَوْله يَا عباد الله اثبتوا يَعْنِي على الْإِسْلَام يُحَذرهُمْ من فتنته فَخر الاعمر بن الْخطاب لِشِدَّتِهِ فِي الدّين ونصرته لأمر الْيَقِين وَقيل ان الرجل هُوَ الْخضر عليه السلام (إنْجَاح)
قَوْله ان يَأْمر السَّمَاء ان تمطر فتمطر قَالَ الْمَازرِيّ ان قيل إِظْهَار المعجزة على يَد الْكذَّاب لَيْسَ بممكن وَكَيف ظَهرت هَذِه الخوارق للْعَادَة على يَده فَالْجَوَاب انه انما يَدعِي الربوبية وادلة الْحُدُوث تحيل مَا ادَّعَاهُ ويكذبه وَمَا النَّبِي فَإِنَّمَا يدعى النُّبُوَّة وَلَيْسَت مستحيلة فِي الْبشر فَإِذا اتى بِدَلِيل لم يُعَارضهُ شَيْء صدق
قَوْله حَتَّى تروح أَي ترجع اخر النَّهَار قَوْله وامده خواصر لِكَثْرَة امتلائها من الشِّبَع وادره ضروعا الدّرّ اللَّبن وَضمير وامده وادره يرجع الى قَوْله مَا كَانَت قَوْله من نقب هُوَ بِفَتْح فَسُكُون الطَّرِيق بَين الجبلين وانقاب بِكَسْر النُّون جمعه قَوْله صلته بِضَم صَاد وَفتحهَا أَي مسلولة يُقَال صلت السَّيْف جرده من غمده والظريب جبل صَغِير وَمِنْه حَدِيث الله على الاكام ووالظراب أَي الْجبَال الصغار (فَخر)
قَوْله عِنْد مُنْقَطع السبخة السبخة بسين وموحدة محركة ومسكنته ارْض ذَات مزو ملح كَمَا فِي الْقَامُوس
قَوْله فترجف الْمَدِينَة أصل الرجف الْحَرَكَة وَالِاضْطِرَاب أَي تزلزل وتضطرب بِسَبَب أَهلهَا لينفض أَي الدَّجَّال
الْكَافِر وَالْمُنَافِق
قَوْله فتنقى الْخبث قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ مَا تلقيه النَّار من وسخ الْفضة والنحاس وَغَيرهمَا إِذا أذيبت انْتهى وَقَالَ الطَّيِّبِيّ هُوَ بِفتْحَتَيْنِ مَا يبرزه النَّار من الْجَوَاهِر المعدنية فيخلصها ويروى بِضَم وَسُكُون أَي الشَّيْء الْخَبيث وَالْأول اشبه لمناسبة الْكِير انْتهى
قَوْله كَمَا تَنْفِي الْكِير هُوَ بِالْكَسْرِ كير الْحداد وَهُوَ الْمَبْنِيّ من الطين وَقيل زق ينْفخ بِهِ النَّار وَالنَّبِيّ الكور وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ أَرَادَ المنفخ فَهُوَ يَنْفِي عَن النَّار الدُّخان حَتَّى يبْقى خَالص الْجَمْر وان أَرَادَ الْموضع الْمُشْتَمل على النَّار فَهُوَ لشدَّة حرارته ينْزع خبث الْحَدِيد وَيخرج خُلَاصَة ذَلِك وَالْمَدينَة لشدَّة الْعَيْش وضيق الْحَال تخلص النَّفس من شهواتها فَإِن قيل مشبه بِهِ الْكِير أَو صَاحب الْكِير قلت ظَاهر اللَّفْظ انه الْكِير وَالْمُنَاسِب للتشبيه انه صَاحبه انْتهى وَقَالَ القَاضِي هُوَ مُخْتَصّ بزمنه صلى الله عليه وسلم لم يصبر على الْهِجْرَة وَالصَّبْر مَعَه الا الْمُؤْمِنُونَ واما المُنَافِقُونَ وجهلة الاعراب فَلَا ورد ان الدَّجَّال يقْصد الْمَدِينَة فترجف الْمَدِينَة ثَلَاث رجفات يخرج الله مِنْهَا كل مُنَافِق وَكَافِر وَيحْتَمل انه فِي ازمان مُتَفَرِّقَة (فَخر)
قَوْله الا قَالَ يَا عبد الله هَذِه الْجُمْلَة بدل من جملَة الِاسْتِثْنَاء السَّابِقَة وَهُوَ قَوْله الا انطق الله والمستثنى مِنْهُ قَوْله فَلَا يبْقى شَيْء من خلق الله (إنْجَاح)
قَوْله وان أَيَّامه أَرْبَعُونَ سنة هَذَا يُخَالف مَا جَاءَ فِي الرِّوَايَة ان مكثه فِي الأَرْض أَرْبَعُونَ يَوْمًا يَوْم كَسنة الخ وان صَحَّ هَذِه الرِّوَايَة فَالْمُرَاد مِنْهُ انه بِاعْتِبَار لهَذَا الزَّمَان بالسرعة أَيَّامًا وَبِاعْتِبَار غرُوب الشَّمْس وطلوعها وَلَو فِي زمن قَلِيل سَمَّاهُ سِنِين وَلِهَذَا لم يعْتَبر فِي أَدَاء الصَّلَاة قصر الْوَقْت وَطوله بَين الزَّمَان الْمَعْهُود سَابِقًا أَعم من ان تقصر الْأَيَّام أَو تطول لِأَن خرق الْعَادة لَا دخل لَهَا فِي إِزَالَة حكم الشَّرِيعَة فَلَو فرض مثلا ان يتَكَرَّر بِحَيْثُ ترجع الشَّمْس من مغْرِبهَا بعد أَدَاء الصَّلَاة لَا يتَكَرَّر فَرضِيَّة أَدَاء الْمغرب فَفِي دورة الدَّجَّال تخرق فِي مُرُور الزَّمَان حينا بطول الْيَوْم وحينا بقصره وَالله اعْلَم وَقَالَ الْقَارِي مَحْمُول على سرعَة الِانْقِضَاء كَمَا ان مَا سبق من قَوْله يَوْم كَسنة مَحْمُول على ان الشدَّة فِي غَايَة الِاسْتِقْصَاء على انه يُمكن اختلافه باخْتلَاف الْأَحْوَال وَالرِّجَال (إنْجَاح)
قَوْله وَيَضَع الْجِزْيَة أَي يحمل النَّاس على دين الْإِسْلَام فَلَا يبْقى ذمِّي يُؤَدِّي الْجِزْيَة وَقيل أَي لَا يبْقى فَقير
للكثرة الْأَمْوَال فَلَا تُؤْخَذ الْجِزْيَة لِأَنَّهَا انما شرعت مصالحنا وَقيل أَي وضع الْجِزْيَة على كل الْكفَّار وَصَارَ كلهم ذمَّة وَيَضَع الْحَرْب اوزارها وَالْأول الصَّوَاب لقَوْله اقرأوا ان شِئْتُم وان من أهل الْكتاب الا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته أَي مَا مِنْهُم فِي زمَان عِيسَى عليه السلام الا امن بِهِ وَقيل ضمير مَوته لَاحَدَّ أَي كل أحد مِنْهُم مُؤمن بِعِيسَى وَقت مَوته حَال مُشَاهدَة صدقه عِنْد النزع وَلَكِن لَا يَنْفَعهُ ايمانه قَالَه فِي النِّهَايَة وَالنَّوَوِيّ
قَوْله وَيتْرك الصَّدَقَة أَي يتْرك اخذ الصَّدَقَة لِكَثْرَة المَال وغناء الْفُقَرَاء وَالظَّاهِر انه أَرَادَ ان عِيسَى عليه السلام لَا يبْعَث ساعيا لأجل اخذ الصَّدقَات كَمَا هُوَ مُتَعَارَف الْيَوْم بَان يبْعَث الامام عَاملا وساعيا على أهل الصَّدقَات لَا ان الزَّكَاة لَا تجب على الاغنياء لِأَن هَذَا نسخ للشريعة المحمدية صلوَات الله تَعَالَى وَسَلَامه على صَاحبهَا والى مَا قُلْنَا يُشِير قَوْله صلى الله عليه وسلم فَلَا يسْعَى على شَاة وَلَا بعير (إنْجَاح)
قَوْله كل ذَات حمة أَي ذَات سم كالحية وَالْعَقْرَب وَقَوله تسلب قُرَيْش ملكهَا أَي من أَيدي الْكَفَرَة والظلمة لِأَن الْمهْدي عليه السلام من سلالة قُرَيْش إنْجَاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي
[4078]
فيكسر الصَّلِيب قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ بِفَتْح صَاد هُوَ المربع من الْخشب لِلنَّصَارَى يدعونَ ان عِيسَى عليه السلام صلب على خَشَبَة على تِلْكَ الصُّورَة والتصاليب التصاوير كالصليب لِلنَّصَارَى ابطالا لشريعة النَّصَارَى انْتهى
قَوْله
[4079]
كنغف الْجَرَاد النغف بنُون وغين مُعْجمَة مفتوحتين ثمَّ فَاء وَهُوَ دود يكون فِي انوف الْإِبِل وَالْغنم الْوَاحِدَة نغفة (نووي)
قَوْله فَمَا يكون لَهُم رعي الا لحومهم قلت ان ثَبت فَهَذَا أَيْضا من خرق الْعَادة لِأَن الْمَوَاشِي لَا تَأْكُل للحم (إنْجَاح)
قَوْله فتشكر أَي تسمن وتملي شحما من شكرت الشَّاة بِالْكَسْرِ شكرا بالحركة سمنت وامتلأ ضرْعهَا لَبَنًا نِهَايَة
قَوْله
[4080]
فترجع عَلَيْهَا الدَّم الَّذِي اجفظ أَي ملأها أَي ترجع السهْم عَلَيْهِم حَال كَون الدَّم محفوفا وممتلئا عَلَيْهَا فَكَانَ قَوْله عَلَيْهَا الدَّم اجفظ جملَة حَالية من قَوْله فترجع فلفظا جفظ من بَاب احمر من الجفظ فِي الْقَامُوس الجفيظ الْمَقْتُول المنتفخ والجفظ الْمَلأ انْتهى (إنْجَاح)
قَوْله موثر بن عفازة فِي التَّقْرِيب هُوَ بِضَم أَوله وَسُكُون الْوَاو وَكسر الْمُثَلَّثَة بن عفازة بتفح الْمُهْملَة والفا ثمَّ زائ أَبُو الْمثنى الْكُوفِي مَقْبُول من الثَّالِثَة
قَوْله قد عهد الى فِيمَا دون وجبتها الوجبة السقطة مَعَ الهدة كَذَا فِي الْقَامُوس وَتطلق على وُقُوع الشَّيْء بَغْتَة وَجَبت الشَّمْس أَي وَقعت وغربت وَالْمرَاد انه عهد الى فِي نزولي الى الأَرْض قبل وُقُوع السَّاعَة بِزَمن يسير (إنْجَاح)
قَوْله فَأنْزل فاقتله قَالَ القَاضِي نزُول عِيسَى عليه السلام وَقَتله الدَّجَّال حق صَحِيح عِنْد أهل السّنة للآحاديث الصحية فِي ذَلِك وَلَيْسَ فِي الْعقل وَلَا فِي الشَّرْع مَا يُبطلهُ فَوَجَبَ إثْبَاته وَأنكر ذَلِك بعض الْمُعْتَزلَة والجهمية وَمن وافقهم وَزَعَمُوا ان هَذِه الْأَحَادِيث مَرْدُودَة بقوله تَعَالَى وَخَاتم النَّبِيين وَبِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لَا نَبِي بعدِي وباجماع الْمُسلمين على انه لَا نَبِي بعد نَبينَا صلى الله عليه وسلم وان شَرِيعَته مؤيدة الى يَوْم الْقِيَامَة لَا تنسخ وَهَذَا اسْتِدْلَال فَاسد لِأَنَّهُ لَيْسَ المُرَاد بنزول عِيسَى عليه السلام انه ينزل نَبيا بشرع ينْسَخ شرعنا وَلَا فِي هَذِه الْأَحَادِيث وَلَا فِي غَيرهَا شَيْء من هَذَا بل صحت الْأَحَادِيث فِي الصِّحَاح وَغَيرهَا انه ينزل حكما مقسطا بِحكم شرعنا وَيحيى من أُمُور شرعنا مَا هجره النَّاس انْتهى
قَوْله