الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث: ثقافته ومكانته العلمية ووظائفه
.
نال الجوجري ثقافة واسعة، ولم يقتصر على فن معين ولكن برع في العلوم الشرعية واللغوية.
وقد أذن له مشايخه بالإقراء والإفتاء، وتصدى لذلك قديما في حياة كثير من مشايخه، حتى كان شيخه (جلال الدين المحلّي) يرسل له الفضلاء للقراءة عليه في تصانيفه وغيرها.
ونبه كثير من شيوخه بفضله وعلمه، وصار يعرف ب (شيخ القاهرة)1.
قال السخاوي: "كان المحلّي يرسل له الفضلاء للقراءة عليه في تصانيفه وغيرها ونوّه هو والمناوي به جدا، بل كان المناوي يناوله الفتوى ليكتب عليها، واستنابه في القضاء في ولايته الأولى فباشر قليلا.. 2".
وقال ابن إياس الحنفي عنه: "كان عالما، فاضلا بارعا في العلوم"3.
وقد اهتم به طلاب العلم ورحلوا إليه من الأمصار، يؤكد ذلك كثرة تلاميذه الذين أخذوا عنه، ونجد منهم الشامي والمقدسي والمكي واليمني وغيرهم.
قال السخاوي: "وأخذ عنه الفضلاء طبقة بعد أخرى، وصار بأخَرَة شيخ القاهرة، وقسموا عليه الكتب" ثم قال: "واتسعت حلقته جدا سيّما
1 ينظر الضوء اللامع 8/124.
2 الضوء اللامع 8/124.
3 بدائع الزهور في وقائع الدهور ص 520
حين تحول للمؤيَّديّة ثم جامع الأزهر، وقصد بالفتاوى.. 1".
شعره:
كان الجوجري ذا قريحة شعرية، يقول الشعر، وينظم القريض، وقد نظم في بعض العلوم منظومات بديعة، من ذلك منظومة له في (مبدأ نهر النيل ومنتهاه) تقع في 120 بيتا، ذكر فيها أمكنة مقاييس النهر ومن أنشأها من الخلفاء، وتطرق فيها إلى ذكر ما سوى النيل من الأنهار كنهر سيحون ونهر جيحون2.
وله مراث في شيوخه، ذكر السخاوي3 أنه كتب له مرثية لشيخه المناوي ومقطوعة في النجم بن فهد.
وله نظم مدح فيه شرحه للإرشاد، قال فيه4:
ودونك للإرشاد شرحا منقحا
…
خليقا بأوصاف المحاسن والمدح
تكفل بالتحرير والبحث فارتقى
…
وفي الكشف والإيضاح فاق على الصبح
بعين الرضا فانظره إن جاء محسنا
…
فقابله بالحسنى وإلاّ فبالصفح
1 الضوء اللامع 8/124.
2 ينظر الأعلام 6/ 251.
3 ينظر الضوء اللامع 8/126.
4 الضوء اللامع 8/126.
ومن نظمه أيضا قوله:
قل للذي يدعي حذقًا ومعرفةً
…
هون عليك فللأشياء تقدير
دع الأمور إلى تدبير مالكها
…
فإن تركك للتدبير تدبير
وفي كتابه هذا (شرح شذور الذهب) نظم بيتاً واحداً جمع فيه موانع الصرف، بألفاظها صريحة، وذلك حين قال: وإن أردت بيتا واحدا يجمعها كلها بصرائح أسمائها من غير اشتقاق، فقل:
جمع ووزن وعدل وصف معرفة
…
تركيب عجمة تأنيث زيادتها1
وقد نقل المتأخرون عنه هذا البيت وأُعجِبوا به.
وله غير ذلك من المنظومات، فقد قال السخاوي حين ذكر بعض كتبه:"وغير ذلك من نظم ونثر"2.
أما الوظائف التي تقلدها فقد ذكر المؤرخون3 أنه تولى القضاء، والإفتاء والتدريس.
أما القضاء فقد ذكر السخاوي4 أن الشيخ المناوي وهو من شيوخ الجوجري قد استناب الجوجري في القضاء في أثناء ولايته، فناب عنه فترة وجيزة، ثم تعفف عن ذلك، قال السخاوي:"وحمد العقلاء صنيعه في ترك القضاء".
1 شرح الشذور ص 869.
2 الضوء اللامع 8/124.
3 ينظر الضوء اللامع 8/124 والبدر الطالع 2/ 200 والأعلام 6/251.
4 الضوء اللامع 8/124.
وأما الإفتاء فقد تصدى للإفتاء قديما في حياة كثير من مشايخه.
قال السخاوي: "كان المحلي يرسل له الفضلاء للقراءة عليه في تصانيفه وغيرها، ونوّه هو والمناوي به جدا، بل كان المناوي يناوله الفتوى ليكتب عليها"1.
ومعنى قوله: (يناوله الفتوى) أنه كان إذا جاءته قضية أو مسألة يُسأل عن حكمها أرسل بها إلى تلميذه الجوجري ليفتى فيها بما يراه لثقته به. ويأخذ برأيه.
وقال الشوكاني: "ورغب الطلبة إليه وقصد بالفتاوى"2.
وأما التدريس فقد تولى التدريس في مدارس كثيرة في ذلك العصر، وأخذ عنه الفضلاء طبقة بعد أخرى، وصار شيخ القاهرة في ذلك الوقت.
وتزاحم عليه الطلبة، وقسموا عليه الكتب، واتسعت حلقة تدريسه جدا. أما المدارس التي تولي التدريس فيها فهي3:
1-
المدرسة المؤيدية.
2-
جامع الأزهر.
3-
المدرسة الخشابية.
4-
المدرسة الشريفية.
5-
المدرسة الظاهرية القديمة بمصر.
1 الضوء اللامع 8/124.
2 البدر الطالع 2/201.
3 ينظر الضوء اللامع8/125.
6-
المدرسة الجانبكية.
7-
مدرسة أم السلطان.
8-
المدرسة القطبية.
9-
المدرسة القجماسية.
10-
المدرسة الكاملية.
وقد جاور بمكة المكرمة في سنة تسع وستين وثمانمائة، وأقرأ الطلبة هناك، ودرسوا عليه.
قال السخاوي: "وبالجملة فمحاسنه جمة والكمال لله"1.
1 الضوء اللامع 8/126