الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الخامس: شواهد الكتاب
يعتمد الاستدلال في النحو العربي على ثلاث ركائز هي السماع والقياس واستصحاب الحال.
قال ابن الأنباري: "أدلة صناعة الإعراب ثلاثة نقل وقياس واستصحاب حال"1.
وعرف النقل بأنه "الكلام العربي الفصيح، المنقول بالنقل الصحيح
ومرادنا بالشواهد هنا الدليل الأول من هذه الأدلة، وهو النقل.
والشواهد الخارج عن حد القلة إلى حد الكثرة"2.
وجعله قسمين متواترا وآحادا، وعرف المتواتر بأنه "لغة القرآن وما تواتر من السنة وكلام العرب"، قال:"وهذا القسم دليل قطعي من أدلة النحو يفيد العلم"3.النحوية تتكون من أربعة أقسام هي:
الشواهد القرآنية والشواهد الحديثية والشواهد الشعرية وأقوال العرب الفصحاء.
وقد اهتم الجوجري بالشواهد النحوية جميعها، فكان يستشهد على المسائل النحوية بالآيات القرآنية، وما فيها من قراءات متواترة وشاذة، ويستشهد بالأحاديث النبوية، وبأشعار العرب الذين يحتج بشعرهم، وبما
1 الإغراب في جدل الإعراب ص 45.
2 لمع الأدلة ص 81.
3 لمع الأدلة ص 83.
ورد عن العرب من أقوال وحكم وأمثال.
وإذا أردنا أن نتبين بالأرقام طريقة الجوجري في كيفية استشهاده بالأدلة السابق ذكرها، فسنعرضها على النحو التالي:
أولا الشواهد القرآنية:
تُعدّ آيات القرآن الكريم من أعظم الشواهد التي يحتج بها النحويون على المسائل النحوية، وقد استشهد الجوجري في هذا الكتاب بكثير من الآيات القرآنية بقراءاتها المختلفة، حيث بلغت الآيات التي وردت في شرحه على الشذور1. (355) آية من القرآن الكريم.
واستدل بالقراءات المختلفة المتواترة منها والشاذة.
وكان في عرضه للقراءات لا يعزو القراءة إلى مَن قرأ بها في الغالب وإنما يقول: (في قراءة بعضهم) أو (في قراءة) أو (قرأ بعضهم)2.
وقد عزا بعض القراءات لأصحابها، وذلك قليل3.
ثانيا: الأحاديث النبوية:
اختلف العلماء في الاحتجاج بالحديث الشريف على المسائل اللغوية والنحوية وحاصل خلافهم يرجع إلى ثلاثة أقوال ذكرها البغدادي في
1 ينظر فهرس الشواهد القرآنية.
2 تنظر مثلا ص 196، 379، 509، 595.
3 تنظر الصفحات 242، 340، 627، 818.
خزانة الأدب1 وهي باختصار:
الأول: جواز الاستشهاد بالحديث الشريف على مسائل النحو واللغة. وهذا مذهب ابن مالك والرضي الاستراباذي وغيرهما، وسبقهما إلى ذلك أبو البركات بن الأنباري.
الثاني: منع الاحتجاج بالحديث النبوي على مسائل النحو واللغة. وهذا مذهب ابن الضائع وأبي حيان.
وحجتهم أن الأحاديث النبوية رويت بالمعنى ولم تنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم بألفاظها، ولأن أئمة النحو المتقدمين لم يحتجوا بشيء منه.
وقد رَدّ البغدادي هذا القول بأدلته، وقال2:"والصواب جواز الاحتجاج بالحديث للنحوي في ضبط ألفاظه، ويلحق به ما روي عن الصحابة وأهل البيت".
الثالث: جواز الاحتجاج بالأحاديث التي اعتنى بنقل ألفاظها، كالأحاديث التي قصد بها بيان فصاحته صلى الله عليه وسلم والأمثال النبوية.
وهذا قول الشاطبي والسيوطي.
والراجح: هو الاحتجاج بالحديث الشريف مطلقا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أفصح من نطق بالضاد. وما زال العلماء يحتجون بالأحاديث
1 خزانة الأدب 1/9-15.
2 خزانة الأدب1/9.
النبوية دون إنكار1 حتى جاء ابن الضائع وأبو حيان فمنعا ذلك.
وقد جعلها الأنباري أصلا من أصول الاحتجاج في اللغة والنحو في كتابه (لمع الأدلة)2.
وقد سار الشارح الجوجري على هذا المذهب، فقد استشهد في كتابه هذا بسبعة عشر حديثا من الأحاديث النبوية على الأحكام والمسائل النحوية3.
وكان ينص على ذلك ويقول: "الدليل على ذلك قوله عليه الصلاة والسلام كذا.."4.
وقد يذكر الحديث كاملا5، وأحيانا يورد منه موضع الاستشهاد فقط، كما في قوله:(وفي الحديث "وأتْبعه بستٍّ من شوَّال")6.
ثالثاً: أشعار العرب
يعد الشعر العربي من أهم أصول الاستدلال على المسائل والأحكام النحوية وقد أكثر النحاة منه في كتبهم، فقلما تجد كتابا نحويا ولو كان صغيرا إلا وتجد فيه أبياتا من أشعار العرب.
1 ينظر تفصيل ذلك في كتاب (أصول النحو) للأستاذ سعيد الأفغاني ص 46-58.
2 لمع الأدلة ص 83.
3 ينظر فهرس الأحاديث والآثار.
4 تنظر ص 152، 342، 491، 616، 680.
5 ينظر مثال لذلك في ص 557.
6 تنظر ص 853.
وقد بيّن العلماء الشعر الذي يصح الاحتجاج به، وذكروا أنه يبدأ من العصر الجاهلي وينتهي أواخر القرن الثاني، أي في حدود سنة (180) هـ تقريبا.
وإذا نظرنا إلى الشواهد الشعرية في كتاب (شرح شذور الذهب) للجوجري تبين لنا كثرة الشواهد الشعرية التي أوردها الجوجري في هذا الكتاب، حيث بلغت أربعة وثمانين ومائة بيت من غير المكرر.
وجميع هذه الشواهد من شعر العرب الفصحاء المحتج بشعرهم، عدا بيت واحد لشاعر مولد هو أبو فراس الحمداني، وقد ذكره للتمثيل به فقط.
وطريقة الجوجري في إيراد الأبيات أنه لا ينسبها إلى قائليها في الغالب إلا أنه نسب بيتين أو ثلاثة فقط لأصحابها 1.
وكان يورد البيت كاملا2، وأحيانا يورد شطر البيت أو موضع الشاهد منه فقط3.
رابعا: أقوال العرب وأمثالهم
سار الجوجري في شرحه على (شذور الذهب) على طريقة النحاة
1 تنظر مثلا ص 449، 537، 541.
2 تنظر على سبيل المثال الصفحات 147، 164، 186، 305، 511، 662.
3 تنظر أمثلة لذلك في الصفحات 238، 303، 312، 321، 507، 542، 647
في الاحتجاج بأقوال العرب وأمثالهم على القواعد النحوية.
وقد ذكر أبو البركات بن الأنباري أن كلام العرب دليل قطعي من أدلة النحو يفيد العلم1.
وقد بلغ عدد الشواهد من الأقوال والأمثال في هذا الكتاب ستة وأربعين قولا2، ما بين حكاية مسموعة عن العرب ومثل سائر وغير ذلك.
1 تنظر لمع الأدلة ص 83.
2 تنظر مواضع هذه الأقوال في فهرست الأمثال والأقوال.