المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ باب. الإعراب أثر ظاهر أو مقدر، يجلبه العامل في آخر الاسم المتمكن والفعل المضارع - شرح شذور الذهب للجوجري - جـ ١

[الجوجري]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌مقدمة

- ‌الباب الأول: قسم الدراسة

- ‌الفصل الأول: ابن هشام الأنصاري وكتابه شذورات الذهب

- ‌المبحث الأول: التعرف بابن هشام الأنصاري وما يتعلق بحياته العلمية

- ‌المبحث الثاني: كتابه شذورات الذهب وقيمته العلمية

- ‌الفصل الثاني: الجوجري وحياته العلمية

- ‌المبحث الأول: التعرف بالجوجري

- ‌المطلب الأول: اسمه ونسبه وشهرته

- ‌المطلب الثاني: مولده ونشأته وطلبه للعلم

- ‌المطلب الثالث: ثقافته ومكانته العلمية ووظائفه

- ‌المطلب الرابع: أخلاقه ومناقبه وثناء العلماء عليه

- ‌المطلب الخامس: مذهبه الفقهي والنحوي

- ‌المطلب السادس: شيوخه وتلاميذه

- ‌المطلب السابع: مؤلفاته وآثاره العلمية

- ‌المطلب الثامن: وفاته

- ‌المبحث الثاني: دراسة كتاب شذورات الذهب للجوجري

- ‌المطلب الأول: موضوع الكتاب وعنوانه

- ‌المطلب الثاني: توثيق نسبة الكتاب لمؤلفه

- ‌المطلب الثالث: منهج المؤلف في الكتاب

- ‌المطلب الرابع: مصادر الجوجري في هذا الكتاب

- ‌المطلب الخامس: شواهد الكتاب

- ‌المطلب السادس: نقد الكتاب

- ‌المطلب السابع: موازنة بين "شرح شذورات الذهب للجوجري" و"شرح شذورات الذهب لابن هشام

- ‌المطلب الثامن: أثر هذا الشرح فيمن بعده

- ‌الباب الثاني: قسم التحقيق

- ‌وصف النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق

- ‌ المنهج المتبع في تحقيق هذا الكتاب

- ‌الباب الثالث: نص الكتاب

- ‌باب الكلام وما يتألف منه

- ‌ باب. الإعراب أثر ظاهر أو مقدر، يجلبه العامل في آخر الاسم المتمكن والفعل المضارع

- ‌ باب البناء

- ‌باب نكرة

- ‌ باب المرفوعات

الفصل: ‌ باب. الإعراب أثر ظاهر أو مقدر، يجلبه العامل في آخر الاسم المتمكن والفعل المضارع

ص:‌

‌ باب. الإعراب أثر ظاهر أو مقدر، يجلبه العامل في آخر الاسم المتمكن والفعل المضارع

.

ش: لما فرغ من بيان أقسام الكلمة والكلام شرع في بيان الإعراب والبناء اللذين لا يخلو آخر الكلمة عن أحدهما.

وبدأ ببيان الإعراب لشرفه وشرف محلّه.

وهو مصدر (أعرب) إما بمعنى (أَبانَ) وإما بمعنى تكلم بالعربية، وإما بمعنى (أزال) لأنه مأخوذ من "عَرِبَتْ معدةُ البعير "1 إذا تغيّرت2.

فمعنى أعرب الكلمة، على هذا3 أزال عربها أي فسادها4.

وقيل5: إنه من قولهم: امرأة عروب، إذا كانت متحببة إلى 6/أزوجها متحسنه؛ لأن الكلام إذا فُهم قرُب من قلب سامعه.

قال ابن إياز6: "والمختار هو الأول7، لأن العرب لم تقصد

1 هكذا في (ج) وفي (أ) : عربت معدته.

2 ينظر حد الإعراب لغة في الصحاح 1/ 179 والخصائص1/36 والأشباه والنظائر9/178.

3 قوله: لأنه مأخوذ. إلى هنا ساقط من (ب) .

4 فتكون الهمزة فيه حينئذ همزة السلب.

5 تنظر هذه الأقوال في أسرار العربية 18- 19 وشرح اللمحة البدرية 1/183.

6 هو الحسين بن بدر بن إياز، من علماء بغداد، أخذ العربية عن أبي عثمان الجذامي والتاج الأرموي، ومن تصانيفه المحصول في شرح الفصول وقواعد المطارحة والإسعاف في الخلاف وكان ثقة، ذا خط حسن. توفي سنة 681 هـ.

ترجمته في إشارة التعيين 103 وبغية الوعاة 1/ 532 والأعلام 2/234.

7 ساقط من (أ) وأثبته من (ب) و (ج) .

ص: 170

بإعراب كلمها تحسينا ولا تغييرا"1.

هذا معناه لغة، وأما معناه2 اصطلاحا فعرفه بما ذكره.

فقوله: (أثر) كالجنس، ومراده به الحركات والسكون وما قام مقام ذلك من حرف أو حذف3.

وقوله: (ظاهر أو مقدر) ذكره ليفيد التصريح بعموم الجنس.

فالظاهر كما في آخر (زيد) في الأحوال الثلاثة4، والمقدر كما في آخر (الفتى) فيها.

وقوله: (يجلبه العامل) إلى آخره كالفصل يخرج به5 حركة النقل، كحركة الدال في {قَدَ أفلَحَ} 6 وحركة الإتباع كحركة النون من

1 المحصول في شرح الفصول [ق 13/ أ] .

2 ساقطة من (ب) و (ج) .

3 اختلف العلماء في حقيقة الإعراب، فذهب بعضهم إلى أنه لفظي، وهذا اختيار ابن مالك ورجحه السيوطي، وذهب بعضهم إلى أن الأعراب معنوي وهو التغيير الحاصل في آخر الكلمة بسبب عامل. وهو اختيار أبي حيان.

ينظر شرح التسهيل لابن مالك 1/34 وارتشاف الضَّرَب 1/413 والأشباه والنظائر 1/ 172.

4 وهي الرفع والنصب والجر.

5 ساقطة من (ج) وفي (أ) كرر قوله (يخرج) .

6 من الآية1 من سورة المؤمنون. والقراءة بنقل حركة الهمزة إلى الدال هي قراءة ورش عن نافع. ينظر المبسوط في القراءات العشر 260 وإتحاف فضلاء البشر 317.

ص: 171

(ابنم1) والراء من (امرئ) في الأحوال الثلاثة، فإنها تابعة لحركة الإعراب.

وليس شيء من ذلك بإعراب2، إذ لم يجلبه العامل3.

وقوله: (في آخر الاسم المتمكن والفعل المضارع) بيان لمحل الإعراب4 وليس احترازا عن شيء، فإن العامل لا يجلب أثرا في غير الآخر، وَبَيَانٌ لما يُعرب من الكلم السابقة. والذي يعرب منها هو الاسم المتمكن.

والمراد به الذي يَسلَم5 من شبه الحرف المقتضي للبناء، كما ستعلمه من المبنيات. والفعل المضارع دون غيره من الأمر والماضي.

ولابد في هذا من خلوّه عن نون التوكيد المباشرة، وعن نون الإناث فإنه مع الأولى يبنى على الفتح، ومع الثانية يبنى على السكون، كما سيأتي بيان ذلك. ولما كان ذلك يأتي في كلام المصنف6 استغنى

(ابنم) هي ابن والميم زائدة، وقيل: هي بدل عن الواو التي في الأصل أعني (بنو) والنون والراء في ابنم وامرئ تتبع حركتهما حركة الإعراب رفعا ونصبا وجرا.

ينظر شرح الشافية للرضي 2/ 252 ولسان العرب 14/ 92 (بنو) .

2 في (ج) : إعرابا.

3 هذا مذهب البصريين وقال الكوفيون: إنها حركة إعراب فهو معرب عندهم من مكانين. ينظر ارتشاف الضّرب 1/415.

4 ينظر تعليل وجود الإعراب في آخر الكلمة في الإيضاح في علل النحو ص 76 وشرح الكافية للرضي 1/25.

5 في (ج) : سلم.

6 سيأتي ذلك في ص 233.

ص: 172

عن تقييده هنا.

وقد فهم من كلامه أن ما عدا ذلك مبني، وهو الحروف بجملتها والأفعال الماضية وأفعال الأمر بجملتها، وكذلك المضارع الذي اتصلت به نون التوكيد، أو دخلته نون الإناث كما ذكرنا. وسيأتي ذلك مفصلا في أبواب البناء1 إن شاء الله تعالى.

1 ينظر باب البناء ص 226-234.

ص: 173

باب علامات الاعراب

ص: وأنواعه رفع ونصب في اسم وفعل، ك (زيد يقوم) وإن زيدا لن يقوم، وجر في اسم ك (بزيد) وجزم في فعل ك (لم يقم) .

ش: أي الإعراب الذي عرفته1 له أنواع يتحقق في كل منها.

وهي أربعة الرفع والنصب، ويدخلان في جميع المعربات أعني الأسماء والأفعال2، فالرفع كما في (زيد يقوم) والنصب كما في (إن زيدا لن يقوم) والجر ويختص بالاسم، ك (بزيدٍ وعمرٍو)3.

وإنما اختص به لأن المجرور مخبر عنه، والفعل لا يخبر عنه4.

والجزم ويختص بالفعل، ك (لم يقم) .

ولم يدخل في الأسماء، قيل5: لأن المنوّن منها إن جُزِم التقى فيه

1 في (ج) : الإعراب الذي عرفه.

2 يقصد بالأفعال هنا الأفعال المضارعة خاصة.

3 في (أ) و (ب) : كزيد وعمرو، والمثبت من (ب) .

4 ينظر تعليل آخر لاختصاص الجر بالأسماء في الجمل للزجاجي ص 2.

5 هذا قول سيبوبه والجمهور، ينظر الكتاب1/14 وإيضاح علل النحو ص102- 106.

ص: 173

ساكنان، الحرف المجزوم والتنوين، فيحرك1 الساكن الأول فيؤدي وجود الجزم إلى عدمه، وغير المنوّن محمول عليه.

وقيل2: إنما اختص به ليكون فيه كالعوض من الجر الذي اختص3 به الاسم.

وعبر المصنف تبعاً للبصريين4 عن أنواع الإعراب بالرفع والنصب والجر والجزم 6/ب وعن ألقاب البناء بالضم والفتح والكسر والسكون، فرقا بينهما5 ومراعاة للمناسبة، حيث عبّروا عن ألقاب البناء اللازم6 بما يدل على اللزوم وعن أنواع7 الإعراب المنتقلة بما يدل على الانتقال.

تنبيه:

قوله: (في اسم وفعل) أي بعده بلا فصل8.

1 في (ج) : فيتحرك.

2 هذا قول ابن مالك. ينظر شرح التسهيل 1/42.

3 ساقطة من (أ) ، وأثبتها من (ب) و (ج) .

4 ينظر في ذلك الكتاب 1/13 والأصول في النحو 1/45 وشرح الكافية للرضي 1/24، 2/3.

5 أما الكوفيون فيطلقون ألقاب أحد النوعين على الآخر مطلقا. ينظر شرح الكافية 1/24، 2/3

6 ينظر في ذلك أسرار العربية ص 19.

7 في (ج) : ألقاب.

8 هذا ما رجحه ابن جني وقال: هو مذهب سيبويه، وفي هذه المسألة قولان آخران الأول أن الحركة تحدث مع الحرف والثاني أنها قبله.

ينظر الخصائص 2/ 321 وسر صناعة الإعراب 1/28.

ص: 174

لأن الحركات في الحقيقة أبعاض حروف العلة1، فضم الحرف الإتيان2 بعده بلا فصل ببعض الواو، وكسره الإتيان بعده بلا فصل ببعض الياء، ونصبه الإتيان بعده بلا فصل ببعض3 الألف، بدليل أنك إذا أشبعت الحركة صارت حرف مد تاما.

وسمي الحرف متحركا كأنك حركته إلى مخرج حرف النداء 4، وبضد ذلك سكون الحرف، فالحركة بعد5 الحرف، لكنها من فرط اتصالها به يتوهم أنها6 معه لا بعده.

ص: والأصل كون الرفع بالضمة والنصب بالفتحة والجر بالكسرة والجزم بالسكون. وخرج عن ذلك سبعة أبواب.

ش: لمّا تقدم أن الإعراب أثر ظاهر7، وأن الأثر أعم من أن يكون

1 ذكر ذلك ابن جني في سر الصناعة 1/17.

2 كذا في (ج) وفي (أ) و (ب) : إتيان.

3 قوله: (الياء) إلى هنا ساقط من (أ) ، والمثبت من (ج)، وسقط من (ب) من قوله:(ونصبه) إلى قوله: (الألف) .

4 كذا في النسخ، والصواب (حرف المد) كما ذكره الرضي في شرح الكافية 1/20.

5 في (ج) : (بعض) وهو تحريف. وينظر شرح الكافية للرضي 1/24.

6 سقطت كلمة (به) من (ج) وكرر فيها قولة: (أنها) .

7 ساقط من (أ) و (ب) وأثبته من (ج) .

ص: 175

حركة أو حرفا أو سكونا، أو حذفا أخذ يبين الأصل من ذلك وغير الأصل.

فذكر أن الأصل في الرفع أن يكون بالضمة، وفي النصب كونه بالفتحة، وفي الجر أن يكون بالكسرة، وفي الجزم كونه بالسكون1.

فإن جاء واحد من هذه الأربعة بغير ما ذكر كان على خلاف الأصل.

وتسمى الأبواب التي جاءت على خلاف الأصل أبواب النيابة. وهي سبعة كما ذكره المصنف، وهي باعتبار كيفية النيابة فيها أربعة أقسام:

قسم نابت فيه حركة عن حركة في بعض الأحوال2، وهو بابان، باب ما لا ينصرف وباب الجمع بألف وتاء.

وقسم ناب3 فيه حرف عن حركة في جميع الأحوال، وهو ثلاثة أبواب باب الأسماء الستة وباب المثنى وباب جمع المذكر السالم. وهذان القسمان خاصان بالأسماء.

وقسم ناب فيه4 حرف وحذفه عن الحركة والسكون، وهو باب

1 كان الأولى أن يوحد الشارح العبارة إما بالمصدر الصريح أو بالمصدر المؤول.

2 أي في حالة الجر في باب ما لا ينصرف حيث تنوب الفتحة عن الكسرة وفي حالة النصب في باب الجمع بالألف والتاء حيث نابت الكسرة عن الفتحة.

3 في (ج) نابت.

4 في (ج) : عنه وهو تصحيف.

ص: 176

الأمثلة الخمسة1.

وقسم ناب فيه حذف حرف عن السكون، وهو باب الأفعال المعتلّة. وهذان القسمان كما ترى خاصان بالأفعال.

ص: أحدها ما لا ينصرف، فإنه يجر بالفتحة، نحو بأفضل منه إلا إن أضيف أو دخلته (أل) نحو بأفضلكم وبالأفضل.

ش: الباب الأول من أبواب النيابة ما لا ينصرف، وهو الفاقد للصرف.

والصرف عند المحققين هو التنوين وحده2، وليس الجر داخلا في مسماه بدليل أن الشاعر متى3 اضطر إلى صرف الممنوع4 نوّنه5، وقيل6: إنه صرفه لضرورة الشعر مع أنه لا جرّ هناك.

وإنما حذف الجر تبعا لحذف التنوين، لأنه لو بقي مجرورا بعد حذف

1 وهي يفعلان وتفعلان ويفعلون وتفعلون وتفعلين. ينظر ضابط هذا الباب في شرح اللمحة البدرية 1/228.

2 وهذا قول الجمهور، وقال الزجاج: إن الصرف هو الجر والتنوين معا، وقيل: إن الصرف هو الجر بالكسرة.

ينظر شرح الكافية للرضي 1/36 والتصريح 2/210.

3 في (ج) : إذا.

4 أي إذا كان مرفوعا أو منصوبا.

5 وذلك جائز بالإجماع انظر: توضيح المقاصد للمرادي 3/168.

6 أي وقالوا فيه حينئذ: إنه صرفه لضرورة الشعر.

ص: 177

التنوين لالتبس بالمبني1، ك (نزال)2.

وحكمه أنه يُجرّ بالفتحة نحو مررت بأفضل منه، حملا للجر على النصب دون غيره؛ لأن الفتحة إلى الكسرة أقرب منها إلى الضمة، فحُملَتْ على الأقرب. يوضح ذلك ما قدمناه من أن الحركات أبعاض حروف العلة 7/أوالياء إلى الألف أقرب منها إلى الواو.

وإنما يُمنَع الاسم الصرف إذا وجد فيه علتان فرعيتان من علل تسع أو واحدة منها تقوم مقامهما، كما سيأتي بيانه آخر الكتاب3 إن شاء الله تعالى.

ويستثنى4 من جره بالفتحة مسألتان:

الأولى: أن يضاف، نحو مررت بأفضلكم.

الثانية: أن تدخله (أل) نحو مررت بالأفضل.

تنبيهان:

الأول: استثناء الشيخ لهاتين المسألتين من جر ما لا ينصرف بالفتحة يفهم منه أنه باق على منع صرفه، وهو أحد الأقوال5.

1 في (أ) و (ب) : بالمثنى وهو تصحيف، والتصويب من (ج) .

2 ينظر شرح التسهيل لابن مالك 1/43.

3 سيأتي ذلك في باب الممنوع من الصرف بالتفصيل.

4 في (ج) : واستثني.

5 هذا اختيار جماعة من العلماء منهم ابن الحاجب وأبو حيان.

ينظر شرح الكافية للرضي 1/35 وارتشاف الضرب 1/426 وهمع الهوامع 1/24

ص: 178

والثاني: أنهما مصروفان1، بناء على أن الصرف هو الجر [بالكسرة2] ، وهو3 ضعيف.

والثالث: وهو التحقيق أنه إن زالت إحدى علتيه بالإضافة أو (أل) فمنصرف4 نحو مررت بأحمدكم، وإلا فغير منصرف5، نحو مررت بأحسنكم6.

وهذا والمذهب الأول يَدُلَاّنِك على أن الصرف هو التنوين. والله أعلم.

التنبيه الثاني: شمل إطلاقه (أل) المُعَرِّفة، نحو مررت بالأحسن7. والموصولة نحو:

4-

وما أنت باليقظان ناظره إذا

نسيت بما تهواه ذكر العواقب8

1 وهذا قول المبرد وابن السراج. ينظر المقتضب 3/313 والأصول في النحو 2/79.

2 زيادة من (ج) .

3 أي القول بأن الصرف هو الجر بالكسرة.

4 في (أ) : فينصرف. والمثبت من (ب) و (ج) .

5 هذا هو اختيار ابن مالك ذكره في نكته على الحاجبية. ينظر شرح الأشموني 1/97.

6 وذلك لأن (أحمدكم) زالت إحدى علتيه وهي العلمية بعد الإضافة، و (أحسنكم) لم تزل منه إحدى علتيه.

7 أل الداخلة على اسم التفضيل حرف تعريف باتفاق العلماء. ينظر مغني اللبيب ص 71.

8 البيت من الطويل، ولم أعرف قائله. وفي عجزه رواية أخرى هي:

..............................

رضيت بما ينسيك ذكر العواقب

ناظره: أي ناظر العين وهو السواد الأصغر الذي في داخل العين. وفي (أ) و (ب) : فاكره.

والبيت من شواهد شرح التسهيل لابن مالك 1/44 وشرح الكافية الشافية 1/180 وتوضيح المقاصد 1/106 وتعليق الفرائد 1/361 والعيني 1/215 وشرح الأشموني 1/166.

والشاهد قوله: (اليقظان) حيث جر بالكسرة مع أنه ممنوع من الصرف لدخول (أل) الموصولة عليه.

ص: 179

والزائدة نحو:

5-

رأيتُ الوليد بن اليزيد مباركا1

.................................

وزاد في التسهيل2 بدل (أل) وهي الألف والميم، كقوله:

6-

..................................

تَبيتُ بِليلِ امْأرْمَدِ اعتاد أوْ لَقَا3

1 صدر بيت من الطويل، لابن ميادة الرماح بن أبرد، وعجزه:

....................................

شديدا بأعباء الخلافة كاهله

ينظر شعر ابن ميادة ص 192. وقد ورد في الأمالي الشجرية 2/252 وشرح المفصل لابن يعيش 1/44 وشرح الكافية الشافية 1/180 وتوضيح المقاصد

1/107 وتعليق الفرائد 1/135. والتصريح 1/153 وشرح الأشموني 1/96 وخزانة الأدب 2/226 والدرر اللوامع 1/ 87.

والشاهد قوله: اليزيد حيث جر بالكسرة لدخول (أل) عليه مع أنها زائدة.

2 تسهيل الفوائد ص 8 وشرح التسهيل 1/44.

3 عجز بيت من الطويل. وهو لبعض الطائيين، وصدره:

أإن شِمْتَ من نَجد بُرَيقاً تَأَلَّقَا

.....................................

وقد ورد في (ج) محرفا، فقد جاء فيه (يبيت بليل أم أرمد اعماد والغا) .

شِمْت: نظرت، بُريق: تصغير برق، تألق: لمع، امْأرمد: الأرمد، أولق: أي جنون.

ومعنى البيت يخاطب رجلا بأنه إذا رأى برقا قد ظهر من جهة نجد بات بليل الأرمد الذي اعتاد الجنون.

وانظر الشاهد في شرح الكافية الشافية 1/181 وتوضيح المقاصد ا/108 وتعليق الفرائد 1/137 والعيني 1/222 والهمع 1/24 والأشموني 1/96.

والشاهد قوله: (امأرمد) حيث جرّه بالكسرة، لدخول (أم) عليه، وهي حرف تعريف عند بعض العرب.

ص: 180

ص: الثاني ما جمع بألف وتاء مزيذتين، ك (هندات) فإنه ينصب بالكسرة، نحو {خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ} {فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ} 2 بخلاف {وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً} 3، ورأيت قضاةً، وأُلْحِق به (أولات) .

ش: الباب الثاني من أبواب النيابة باب المجموع بألف وتاء مزيدتين.

وسنذكر في باب جمع المذكر السالم4 حد جمع التصحيح الشامل له ولهذا، إن شاء الله تعالى5.

1 من الآية 44 من سورة العنكبوت.

2 من الآية 71 من سورة النساء.

3 من الآية 28 من سورة البقرة.

4 سيأتي هذا في ص 198.

5 من قوله: (وسنذكر في باب) إلى هنا ساقط من (أ) و (ب) ، وأثبته من (ج) .

ص: 181

وهذه العبارة1 أحسن من عبارة من قال2: جمع المؤنث السالم لأنها تخرج ما مفرده مذكر، كحمّامٍ وحمّامات3.

والمعنى أن الألف والتاء زيدتا في الاسم المفرد ليدل كلاهما على الجمع والتأنيث4 معا، وليست الألف بانفرادها دالة على الجمع5 والتاء دالة على التأنيث.

بدليل أنك لو أسقطت الألف لم تدل التاء على تأنيث الجمع، و6 لو أسقطت التاء لم تدل الألف على الجمع، فإذًا كلا الحرفين دالُّ على كلا المعنيين.

وهذا الجمع ينصب بالكسرة نيابة عن الفتحة.

وأما رفعه وجره فعلى الأصل، ولهذا اقتصر المصنف رحمه الله على قوله:(فإنه ينصب بالكسرة) كما أنه اقتصر في7 الباب السابق8

1 زاد قبله في (ج) : قال، ولعله يقصد ابن هشام، فقد ذكر مثله في شرح قطر الندى ص 51.

2 هذه عبارة ابن الحاجب في الكافية ص 61.

3 يجاب عن ذلك بأن جمع المؤنث السالم قد صار علما في اصطلاح النحويين على ما جمع بألف وتاء مزيدتين. تنظر حاشية الصبان على شرح الأشموني 1/93.

4 في (ج) : تأنيثه.

5 في (أ) : الجميع، والمثبت من (ب) و (ج) .

6 من قوله: لو أسقطت الألف إلى هنا ساقط من (أ) ، وأثبته من (ب) و (ج) .

7 في (أ) و (ب) : على، والمثبت من (ج) .

8 وهو باب الممنوع من الصرف.

ص: 182

على قوله: (فإنه يجر بالفتح) ، لمّا كان رفعه ونصبه على الأصل، لأنه يتكلم في النيابة.

وإنما حملوا نصبه على جره قياسا على جمع المذكر السالم، فإنه حمل نصبه على جره1.

وقيل: لأنه لو أعرب جمع المؤنث بالحركات الثلاث لكان الفرع وهو جمع المؤنث أوسع مجالا من الأصل وهو الجمع المذكر2.

7/ب ولقائل أن يقول: هذه العلة ضعيفة من حيث إنها لا تفيد أنهم لِم لَم يعكسوا؟ 3 ومنقوضة لأنهم جعلوا الجمع المؤنث أوسع مجالا، لأنهم4 جمعوا به العاقل ك (هند) و (هندات) وغيره ك (شجرة) و (شجرات) بخلاف الجمع المذكر فإنهم خصّوه بالعاقل5.

فإن كانت التاء أصلية، كأموات جمع ميّت، نصب بالفتحة، وكذلك إذا كانت الألف أصلية، كقضاة، فإن أصله (قضَيَة) 6 تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا.

1 من قوله: قياسا إلى هنا ساقط من (ج) .

2 هذا التعليل قال به ابن إياز في المحصول في شرح الفصول [ق 44/ ب] وابن هشام في شرح اللمحة البدرية 1/191.

3 وذلك بأن يحملوا الجر على النصب، فيجر بالفتحة.

4 في (ب) و (ج) : (من جهة أنهم) .

5 ينظر شرح التسهيل 1/83.

6 على رزن (فعلة) ، فالياء فيه أصلية.

ص: 183

نحو قوله تعالى: {وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً} 1 وقولك: رأيت قضاةً.

وألحق بهذا الجمع في النصب بالكسرة (أولاتُ) فإنه اسم جمع لا جمع، إذْ لا واحد له2.

تنبيهان:

أحدهما أنه مثل بمثالين لينبه على أن ما يجمع هذا الجمع بعضه مقيس وبعضه مسموع. فالمقيس (ثُبات) في جمع (ثُبة) يعني جماعة.

والمسموع (سماوات) في جمع (سماء) فإنها ليست مما يجمع هذه الجمع بقياس3 كما اقتضته عبارة التسهيل 4، وصرِّح به في بعض شروحه5.

التنبيه الثاني استفيد من تمثيله أيضا أن المفرد الذي فيه تاء التأنيث إذا

1 من الآية 28 من سورة البقرة.

2 أي من لفظه، ولكن له واحد من معناه هو (ذات) بمعنى صاحبة. ينظر في ذلك التصريح 1/ 82.

3 نصّ العلماء على مواضع ما يجمع بالألف والتاء قياسا، وهي خمسة ذكرها ابن مالك في التسهيل ص 20، قال: يجمع بالألف والتاء قياسا ذو تاء التأنيث مطلقا وعَلَم المؤنث مطلقاً وصفة المذكر الذي لا يعقل ومصغره واسم الجنس المؤنث بالألف إن لم يكن فَعْلَى فَعْلَان أو فَعْلَاء أفعل، غير منقولين إلى الاسمية حقيقة أو حكما، وما سوى ذلك مقصور على السماع.

4 ينظر تسهيل الفوائد ص 20.

5 في (ج) : شراحه. وقد صرّح ابن مالك نفسه بذلك في شرح التسهيل 1/125 فقال: "فمن الشاذ سماء وسماوات"

ص: 184

أُريد جمعه بالألف والتاء، فإن تاءه تحذف كما في ثُبَة وثُبات، ومُسلمة ومسلمات وسَجْدَة وسَجَدَات1

ص: الثالث (ذو) بمعنى صاحب، وما أضيف لغير الياء من أبٍ وأخٍ وحمٍ وهنٍ وفمٍ بغير ميم [فإنها] 2 تعرب بالواو والألف، والياء والأفصح في الهن النقص.

ش: لما فرغ مما نابت فيه حركة عن حركة3 أخذ يذكر ما ناب فيه الحرف عن الحركة4، وهو ثلاثة أبواب، كما تقدم 5.

وبدأ بالأسماء الستة لأنه ناب فيها عن كل حركة حرف، بخلاف بابي التثنية والجمع.

والأسماء الستة6 هي (ذو) التي7 بمعنى صاحب وأبُوك وأَخوك وحَمُوك وفُوكَ وهَنُوكَ.

وتعرب8 بالواو رفعا وبالألف نصبا وبالياء جرًّا.

1 وذلك لكراهة اجتماع علامتي تأنيث في اسم واحد.

ينظر المقتصد للجرجاني 1/204.

2 سقطت من النسخ، وأثبتها من شذور الذهب ص 3.

3 وهو باب الممنوع من الصرف وباب ما جمع بألف وتاء مزيدتين.

4 في (ج) : الحروف عن الحركات

5 في ص 176.

6 ساقطة من (ج) .

7 ساقطة من (ب) و (ج) .

8 في (ج) : ويعرب.

ص: 185

كما يفهم من ترتيب الحروف في الذكر على ترتيب حركات الإعراب فيما سبق1.

وقدّم (ذو) لأنها لا تفارق هذا الإعراب.

وقيدّها بأن تكون بمعنى صاحب احترازاً من (ذو) الطائية التي هي بمعنى الذي، فإنها ملازمة للواو2. وقد تعرب بالحروف قليلا، كقوله:

7-

فإما كرامٌ مُوسِرون لقيتُهُم

فحَسْبِيَ من ذي عِندَهَمْ ما كفَانِيَا3.

واشترط فيما عداها الإضافة لغير الياء، ولم يشترط ذلك فيها، لأنها ملازمة للإضافة إلى اسم جنس ظاهر4، فلا حاجة به لاشتراطها.

1 أي أن الواو نابت عن الضمة والألف نابت عن الفتحة والياء نابت عن الكسرة.

2 أي مبنية على سكون الواو، على المشهور من لغة طيء، وسيأتي بيان ذلك في باب الموصولات ص 314.

3 البيت من الطويل، وهو لمنظور بن سحيم الفقعسي، من أبيات اختارها أبو تمام في الحماسة 1/584. وينظر شرح الحماسة للمرزوقي 3/1158.

وهو من شواهد شرح المفصل لابن يعيش 3/148 والمقرب 1/59 وشرح التسهيل لابن مالك 1/223 وتوضيح المقاصد للمرادي 1/229 والتصريح 1/137 وشرح الأشموني 1/158 وشرح أبيات المغني 6/250 والدرر 1/268.

وقد ورد في بعض هذه المصادر (رأيتهم) بدل قوله: (لقيتهم) وكذلك في (ب) .

والشاهد إعراب (ذي) الطائية بالحروف حيث جرّت بالياء. وهذه لغة عند طيء.

وفي البيت رواية أخرى بالبناء على السكون (فحسبي من ذو عندهم) وهي المشهورة عنهم، وعلى ذلك لا شاهد فيه حينئذ.

4 ينظر الصحاح للجوهري 6/2551.

ص: 186

فخرج ما لم يضف منها، نحو هذا أبٌ، فيعرب بحركات ظاهرة.

وما أضيف إلى الياء1، فيعرب بحركات مقدرة2، نحو هذا أبي.

واشترط في الفم أن يكون بغير ميم، نحو هذا فوك، ليخرج ما كان بها، فإنه يعرب بالحركات الظاهرة مع التضعيف3، ودونه منقوصا4، نحو فمٌّ وفمٌ، وبالحركات المقدرة مقصوراً 8/أنحو (فَمَا) كَعَصًا.

ولك تثليث فائه5 قصرا ونقصا وإتباعا لميمه6. فهذه عشر لغات7 أفصحها فتح فائه منقوصا8.

ثم ذكر في الهن لغة أخرى9 هي أفصحهما، وهي أن يستعمل منقوصا10

1 في (ج) : (للياء) .

2 وهذا قول الجمهور، وسيأتي الخلاف في ذلك في ص 220.

3 أي تشديد الميم.

4 أي محذوف اللام، لأن أصل (فم)(فَوْه) حذفت منه الهاء ثم أبدلت الواو ميما.

5 أي تحريكه بالحركات الثلاث الفتحة والضمة والكسرة.

6 وذلك بأن تتبع الفاء حركة الميم، تقول: هذا فُمٌ ورأيت فَماً ونظرت إلى فِمٍ.

7 وهناك لغات أخرى في الفم. يراجع شرح التسهيل لابن مالك 1/51 ولسان العرب 12/459 (فمم) وتعليق الفرائد 1/150-159.

8 تقول هذا فَمُكَ، رأيت فَمَكَ، نظرت إلى فَمِكَ.

9 اللغة الأولى هي إعراب (هن) إعراب الأسماء الستة بالواو رفعا وبالألف نصبا وبالياء جراً وهي لغة قليلة. ينظر شرح التسهيل لابن مالك 1/48 والهمع 1/38.

10 وذلك بحذف اللام، وهي الواو، لأن أصله: هَنَوٌ على الصحيح.

ينظر لسان العرب 15/365.

ص: 187

ويعرب بالحركات نحو هذا هنُكَ.

قال في الصحاح1: "وهي كلمة كناية، ومعناها شيء، تقول: هذا هنُك، أي2 شَيْؤُك3". انتهى.

وقال بعضهم4: وكثرت الكناية به عن الفرج.

تنبيهان:

الأول: يشترط أيضا في إعراب هذه5 الأسماء بالحروف أن تكون مفردة، لا مثناة ولا مجموعة، وأن تكون مكبّرة، لا مصغّرة6.

فإن ثنيت أو جمعت أعربت كما يعرب المثنى والمجموع وإن صغرت أعربت بالحركات. نحو هذا أُبَيُّك.

واستغنى المصنف عن التصريح بهذين الشرطين بنطقه بها مفردة مكبّرة.

1 معجم لغوي، مرتب على ترتيب مدرسة القافية، ألفه أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري وسماه تاج اللغة وصحاح العربية.

2 في (ج) : (ومعناه) ، ولم ترد عبارة الصحاح كاملة في (ب) .

3 الصحاح 6/2536 وينظر لسان العرب 15/365 (هنا) .

4 هو ابن مالك في شرح التسهيل 1/207.

5 في (ج) : (هذا) وهو خطأ.

6 ينظر تفصيل ذلك في شرح الكافية للرضي 1/26 وارتشاف الضَّرَب 1/418 وشرح الأشموني 1/72.

ص: 188

الثاني 1 ما ذكره من أن2 إعرابها بالحروف هو المشهور عندهم3، وعن سيبويه4 أنها ليست معربة بالحروف، بل بحركات مقدّرة على الحروف كإعراب المقصور. لكن أتبع فيها حركات ما قبل حروف الإعراب لحركات الإعراب، ثم حذفت الضمة للاستثقال فبقيت الواو ساكنة5، وحذفت الكسرة للاستثقال فانقلبت الواو ياءً لكسر ما قبلها،

1 في (ج) : (التنبيه الثاني) .

2 زيادة من (ج) .

3 وهو قول قطرب والزيادي والزجاجي وهشام، قال ابن مالك في شرح التسهيل 1/46:"وهذا أسهل المذاهب وأبعدها عن التكلف " وينظر التبيين للعكبري ص 194 وهمع الهوامع 1/38.

4 هو أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر، يلقب بسيبويه، إمام النحاة، أصلة من فارس ونشأ بالبصرة، وأخذ عن الخليل بن أحمد ويونس بن حبيب، وأبي الخطاب الأخفش، وغيرهم، وشافه العرب ونقل عنهم، وكان من تلاميذه أبو الحسن الأخفش وقطرب، وألف (الكتاب) في النحو الذي لم يسبقه إلى مثله أحد ولم يلحق به من بعده، توفي بشيراز سنة 180 هـ على الأصح.

ترجمته في أخبار النحوبين البصريين 63 ونزهة الألباء 54 وإنباء الرواة 2/346 ومعجم الأدباء 16/114 وإشارة التعيين 242 وبغية الوعاة 2/ 229.

وانظر الكتاب 3/359، 412 وشرح المفصل لابن يعيش 1/52.

5 أي أن أصل، (أبوك)(أَبَوُك) ، أتبعت حركة الباء لحركة الإعراب فصارت (أبُوُك) فاستثقلت الضمة على الواو فحذفت الضمة، فصارت (أبوك) .

ينظر همع الهوامع 1/38.

ص: 189

وقلبت الواو المفتوحة1 ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها.

قال بعضهم2: هذا هو الصحيح، لأنه يلزم على الأول3 أن يكون (فوك) 4 و (ذومال) معربين وهما على5 حرف واحد، إذ الإعراب زائد على الكلمة وهذا لا نظير له6.

ص: الرابع المثنى ك (الزيدان) و (الهندان) فإنه يرفع بالألف ويجر وينصب بالياء المفتوح ما قبلها المكسور ما بعدها وألحق به (اثنان) و (اثنتان) و (ثنتان) مطلقا، و (كلا) و (كلتا) مضافين لمضمر.

ش: الباب الرابع من أبواب النيابة باب المثنى، وهو الثاني مما ناب فيه الحروف عن 7 الحركات.

وقدمه على الجمع لجريانه في المذكر والمؤنث والعاقل وغير العاقل ولأن التثنية أسبق من الجمع.

1 في (ج) : وقلبت الفتحة وهو خطأ. لأن أصل (أباك) أبوك تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا. انظر الارتشاف 1/415.

2 هو ابن هشام في شرح اللمحة البدرية 1/208.

3 أي القول بإعرابها بالحروف.

4 في (ج) : (أن قولك: فم) .

5 ساقطة من (ج) .

6 وهناك مذاهب أخرى في إعراب هذه الأسماء.

انظر شرح الكافية للرضي 1/28 والارتشاف 1/415 وهمع الهوامع 1/38.

7 في (أ) و (ج) : على وهذا خطأ، كما هو ظاهر والمثبت من (ب) . قال في اللسان 1/774 (نوب) : "ناب عني فلان ينوب نوبا ومنابا أي قام مقامى

".

ص: 190

والمثنى هو الاسم الدال على اثنين 1 بزيادة في آخره صالحا للتجريد وعطف مثله عليه 2.

ك (الزيدان) لمثنى المذكر و (الهندان) لمثنى المؤنث.

فقوله: (الدال على اثنين) مخرج نحو رَجل ورجال.

وقوله: (بزيادة في آخره) يخرج نحو3 شَفْع4 وكلا وكلتا5.

وقوله: (صالح للتجريد) يخرج به اثنان واثنتان6.

وقوله: (وعطف مثله عليه) يخرج7 نحو العُمَرين والقَمَرين فإنك لا

1 أو اثنتين ليشمل المثنى المؤنث.

2 هذا تعريف مانع جامع، وقد ذكره ابن عقيل في شرح الألفية 1/56 والسيوطي في همع الهوامع 1/40.

3 في (ج) مخرج لنحو.

4 الشفع خلاف الوتر، وهو الزوج. وخرج (الشفع) من تعريف المثنى لأنه دل على اثنين بذاته لا بزيادة في آخره. انظر شرح اللمحة لابن هشام 1/212.

5 وهذا قول البصريين وهو أن كلا وكلتا بمعنى المثنى ولفظهما مفرد، وقال الكوفيون: إنهما مثنيان لفظا ومعنى. والصواب الأول لجواز وقوع الخبر مفردا عنهما، تقول: كلا أخويك مقبل.

ينظر الإنصاف 2/ 439 وشرح المفصل 1/54.

6 وذلك لأنهما لا يصلحان للتجريد، فإنه لا يقال: اثن ولا اثنة، لكنهما ألحقا بالمثنى في إعرابه.

ينظر شرح اللمحة البدرية 1/213 وهمع الهوامع 1/41.

7 كلمة: يخرج سقطت من (ج) .

ص: 191

تعطف فيهما مِثْلاً بل غَيْرًا، فتقول: أبو بكر وعمر والشمس والقمر وهو من باب التغليب1.

وقد اختُصِر في تعريفه فقيل 2 هو ما دل على اثنين وأغنى عن المتعاطفين. لكنه شامل لنحو العُمرين والقَمَرين وشَفْع و (زَكَا) 3، ولا كذلك الحدّ الأول4. فليتأمل.

وحكم المثنى أن يرفع بالألف وينصب ويجرّ بالياء.

وجعلت 5 الياء علامة لهما حملا للنصب على الجرّ 6، دون الرفع لاشتراكهما في كون كل منهما فضلة مستغنىً عنه، يستقل الكلام بدونه بخلاف 8/ب الرفع فإنه عمدة الكلام.

وإنما قلنا: إن النصب محمول لأن حق الياء أن تكون للجر، لأن

1 وهو باب معروف في اللغة، يُغلَّب فيه اسم على اسم فتارة يغلب الأشرف وتارة يغلب الأخف على الأثقل وتارة يغلب المذكر على المؤنث. وهو سماعي يحفظ ولا يقاس عليه. ينظر ارتشاف الضَّرَب 1/255 وهمع الهوامع 1/41.

2 هذا تعريف ابن هشام للمثنى في شرح شذور الذهب ص 44 وأوضح المسالك 1/36.

3 كلمة: زكا ساقطة من (ب) و (ج) ، ومعناها الشفع من العدد.

ينظر لسان العرب 14/358 (زكا) .

4 أي أن الحدّ السابق مانع لدخول هذين النوعين في حد المثنى فيكونان ملحقين به.

5 في (ج) : ودخلت.

6 ذكر أبو البركات الأنباري لذلك خمس علل. تنظر في أسرار العربية ص 50.

ص: 192

علامته الأصلية الكسرة وهي بعض الياء، كما قدمنا1.

وإنما حُرّك ما بعد علامة التثنية فراراً من التقاء الساكنين 2.

وكانت الحركة كسرة لأنها الأصلية 3 في الفرار منه.

وإنما فُتح ما قبلها لأن الألف لا يكون قبلها إلا فتحة 4، والياء محمولة عليها.

ثم إنه أُلحق بالمثنى في إعرابه خمسة ألفاظ، ثلاثة منها بلا شرط وهي (اثْنان) للمذكر و (اثْنَتَان) للمؤنث في لغة أهل الحجاز5 و (ثِنتان) في لغة تميم6 والاثنان الباقيان (كِلا) و (كِلتا) بشرط إضافتهما إلى مضمر.

فإن أُضيفا إلى مظهر7 لزمتهما الألف، وأُعربا بالحركات مقدَّرة8.

وإنما جعلا 9 مع المضمر كالمثنى، ومع الظاهر بالحركات مقدرة

1سبق بيان ذلك في ص 176.

2 وهما الألف والنون أو الياء والنون في آخر المثنى.

3 نص العلماء على أن الأصل في التخلص من التقاء الساكنين هو الكسر.

ينظر شرح المفصل لابن يعيش 9/127 وشرح الشافية للرضي 2/235.

4 ذكر الأنباري في سبب فتح ما قبل ياء المثنى ثلاثة أوجه. أسرار العربية ص 54.

5 في (أ) : في لغة الحجاز وفي (ب) : الحجازبين، والمثبت من (ج) .

6 ينظر شرح شذور الذهب لابن هشام ص 52 وتاج العروس 10/59.

7 في (ج) : (ظاهر) .

8 ينظر شرح المفصل لابن يعيش 1/54 وشرح الكافية للرضي 1/32 والتصريح على التوضيح 1/68.

9 في (ج) : جعل. والمراد كِلا وكِلْتا.

ص: 193

لأن الإضافة إلى الضمير فرع عن الإضافة إلى الظاهر، فجعل الأصل مع الأصل، والفرع مع الفرع 1.

تنبيهات:

الأول: لم يتعرض الشيخ لتعريف المثنى ولا لشروطه المذكورة في (كلام) غيره، وهي2 الإفراد3 والإعراب4 وعدم التركيب5 والتنكير6 وقبول التثنية، احترازا عما لا ثاني له في الوجود، ك (شمس) و (قمر) إذا روعيت الحقيقة واتفاق اللفظ7 واتفاق المعنى8، وعدم الاستغناء عن تثنيته بتثنية غيره9 وكأنه والله أعلم

1 ينظر هذا التعليل وغيره في الإنصاف 2/450.

2 في (ج) : وهو.

3 فلا تجوز تثنية المثنى ولا الجمع. ينظر همع الهوامع 1/42.

4 فلا يثنى المبني، وأما نحو (يا زيدان) فإنه ثني قبل البناء. ينظر تفصيل ذلك في همع الهوامع 1/42.

5 فلا يثنى المركب تركيب إسناد باتفاق، وأما تركيب المزج فالأكثر على منعه. كما في الهمع 1/42.

6 فلا يثنى العَلََم، إلا إذا قُدّر تنكيره.

7 فلا يثنى ما لا ثاني له في الوجود. وهذا الشرط بيان لقوله (قبول التثنية) لأن ما لا ثاني له في الوجود لا يتفق فيه لفظان فلا يقبل التثنية.

8 اشترط ذلك أكثر المتأخرين، فمنعوا تثنية المشترك والمجاز، ولم يشترطه ابن مالك، فأجا ز ذلك. ينظر شرح التسهيل 1/63 وهمع الهوامع 1/43

9 فلا يثنى (بعْض) للاستغناء عنه بتثنية جزء ولا (سواء) للاستغناء عنه بسِيّان، ولا تثنّى أسماء العدد غير المائة والألف للاستغناء عنها بغيرها من العدد.

ينظر همع الهوامع 1/43

ص: 194

اعتمد1 على قوله: (كالزيدان والهندان) فإنهما جامعان للشروط المذكورة، ومثل ذلك كاف في مقام الاختصار.

التنبيه الثاني: ما صرّح به من إعراب المثنى بالحروف هو مذهب طائفة من النحويين2 ونسب إلى الزجاج3 والكوفيين4، وهو المشهور.

1 في (أ) و (ب) : اعتماداً والمثبت من (ج) .

2 هذا قول الزجاجي، وهو اختيار ابن مالك.

تنظر الجمل للزجاجي ص 9 وشرح التسهيل لابن مالك 1/78.

3 هو إبراهيم بن السرّي بن سهل، أبو إسحاق الزجاج، كان من أهل الفضل والدين، حسن الاعتقاد. وكان يخرط الزجاج ثم مال إلى النحو، فلزم المبرد وتخرج عليه، ومن شيوخه أيضا أبو العباس ثعلب، وتخرج عليه كثير من العلماء منهم أبو علي الفارسي والزجاجي وأبو جعفر النحاس. وله مؤلفات أشهرها معاني القرآن وما ينصرف وما لا ينصرف وفعلت وأفعلت والاشتقاق. توفي سنة 311 هـ.

تنظر ترجمته في طبقات النحوبين ص 111 ونزهة الألباء 183 وإنباه الرواة 1/194 ومعجم الأدباء 1/130 وبغية الوعاة 1/411.

وانظر مذهبه هذا في معاني القرآن وإعرابه 3/364 والهمع 1/47.

ونسب إلى الزجاج قول آخر في المثنى وهو أنه مبني. وهذا قول غريب.

ينظر الإنصاف 1/33 وشرح الكافية للرضي 2/173.

4 ينظر الإيضاح في علل النحو ص 130 والإنصاف 1/33 وشرح الكافية للرضي

1/ 30.

ص: 195

ومذهب سيبويه1 وموافقيه2 أن الإعراب مقدّر فيه، فتقدر الضمة في الألف والفتحة والكسرة في الياء.

وفي إعرابه مذاهب أخر3 ليس هذا موضع ذكرها.

التنبيه الثالث: في المثنى لغة أخرى، وهي لزوم الألف في الأحوال الثلاثة4، وهي لغة قبائل كثيرة من العرب5.

قال ابن أم قاسم6: "وهي7 أحسن ما يخرج عليها قراءة {إِنَّ

1 ينظر الكتاب 1/17- هارون والارتشاف 1/264.

2 وافقه على ذلك الأعلم الشنتمري والسهيلي وجمهور البصريين. ينظر في ذلك النكت للأعلم الشنتمري 1/ 121 والارتشاف 1/264 والهمع 1/48

3 هناك مذاهب أخرى في إعراب المثنى تنظر في الارتشاف 1/264 والهمع 1/48.

4 أي في الرفع والنصب والجر.

5 وهم بنو الحارث بن كعب وبنو الهجيم وبنو العنبر وكنانة وبطون من ربيعة وبكر بن وائل وزييد وخثعم وهمدان وفزارة. ينظر همع الهوامع 1/ 40.

6 في (أ) و (ب) : ابن قاسم، وهو الحسن بن قاسم بن عبد الله المرادي، المعروف بابن أم قاسم، وهي جدته لأبيه، عالم مشارك في النحو والتفسير والقراءات، ولد بمصر، وأخذ العلم عن أبي حيان والسراج الدمنهوري وابن اللبان وغيرهم، وألف كتبا كثيرة منها شرح التسهيل وتوضيح المقاصد وشرح المفصل والجنى الداني في حروف المعاني، وكان تقياً صالحاً، مات في عيد الفطر سنة 749 هـ.

تنظر الدرر الكامنة 2/32 وبغية الوعاة1/517 وشذرات الذهب 6/160 والأعلام 2/211

7 توضيح المقاصد للمرادي 1/90.

ص: 196

هَذَان ِلِسَاحِرَانِ} 1.

ص: الخامس جمع المذكر السالم، ك (الزيدون) و (المسلمون) فإنه يرفع بالواو ويجر وينصب بالياء المكسور ما قبلها المفتوح ما بعدها وألحق به (أولو) و (عالَمون) و (أرضون) و (سنون) و (عشرون) وبابهما و (أهلون) و (عِلَّيون) ونحوه.

ش: هذا هو الباب الخامس من أبواب النيابة، وهو الباب2 الثالث مما نابت فيه الحروف عن الحركات، وهو جمع المذكر السالم، وأتى به

1 من الآية 63 من سورة طه.

وهذه قراءة نافع وابن عامر وحمزة والكسائي وأبي بكر عن عاصم وقرأ بها أيضا أبو جعفر ويعقوب وخلف.

ينظر كتاب السبعة لابن مجاهد ص 419 والتذكرة لابن غلبون 2/534 والنشر لابن الجزري 2/321 وإتحاف فضلاء البشر ص 304.

وقد اختلف في توجيه هذه القراءة على أقوال كثيرة منها أن (إنَّ) بمعنى (نعم) وإذا كانت كذلك فلا تعمل شيئا، ويكون (هذان) مبتدأ و (لساحران) خبر لمبتدأ محذوف تقديره (لهما ساحران) ومنها أن الأصل (إنه هذان لهما ساحران) ثم حذف المبتدأ وحذف ضمير الشأن، وأخرت لام الابتداء إلى الخبر.

ومنها أنه لما كان الإعراب لا يظهر في الواحد وهو (هذا) جعل كذلك في التثنية لأنها فرع عليه، وهذا رأي ابن النحاس ونقله عن ابن كيسان.

ينظر معاني القرآن وإعرابه للزجاج 3/ 362، والبحر المحيط 6/255 وشرح الشذور لابن هشام ص 46-49، وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 15/256.

2 سقطت من (ب) و (ج) .

ص: 197

آخرها لما تقدم.

وهو أحد قسمي جمع 1 التصحيح.

وجمع التصحيح، كما قال في التسهيل 2: جعل الاسم القابل دليل ما فوق اثنين بزيادة في الآخر، مقدّر انفصالها لغير تعويض 3.

فقوله: (الاسم) احتراز عن الفعل والحرف.

وقوله: (القابل) تحرز به عن 9/أغير القابل كالشمس والقمر، إذ لا ثاني لكل منهما في الوجود، وكالمعرفة التي لا يمكن تنكيرها4، وكالأسماء المختلفة الألفاظ، إلا إن وقع تغليب5.

وقوله: (ما فوق اثنين) تحرز به عن المثنى.

وقوله: (بزيادة) إلى آخره يعني بها الواو والنون والياء والنون في المذكر والألف والتاء في المؤنث كما صرّح 6 به بعد.

وهي مقدرة الانفصال من جهة أنها تحذف للنسب، وأن النون

1 في (ج) : جمعي.

2 تسهيل الفوائد ص 12، 13.

3 في (ج) : ما فوق الاثنين. يكون انفصالها لغير عوض.

4 وهي الضمائر وأسماء الإشارة فلا تجمع جمع مذكر سالما.

5 مثل قولهم: (الخُبيبون) يقصدون به خُبيباً وأصحابه، وخُبيْب لقب لعبد الله بن الزبير رضي الله عنهما.

ينظر شرح التسهيل لابن مالك 1/75.

6 أي ابن مالك في التسهيل ص 13.

ص: 198

تحذف للإضافة وخرج بذلك نحو (صَفْوان 1) فإن الألف والنون وإن زيدتا فيه فليستا في تقدير الانفصال، إذْ لا يحذفان.

وقوله: (لغير تعويض) مخرج لنحو (سنين) فإنه ليس من هذا الجمع وإن ألحق به في الإعراب.

وإنما خرج لأن الواو والياء والنون، وإن زيدت فيها وهي للتعويض، لأن واحده منقوص 2، فيستحق أن يجبر بالتكسير 3 ليرد إلى الأصل، كما في يد ودمٍ 4 فلمَّا لم يجبر 5 بذلك زيدت فيه 6 تعويضا.

وحكمه أن يرفع بالواو ويجر وينصب بالياء.

وإنما رفع بالواو ورفع المثنى بالألف، لأن المثنى أكثر دوراناً في

1 هو جمع تكسير، واحدته (صفوانة) وهي الحجارة الملساء، ومثله (صِنْوان) فهو جمع تكسير مفرده (صِنْو) وهو الأخ الشقيق والعم والابن، والجمع أصناء وصِنوان، وهو يعرب بالحركات، ولا تحذف منه الألف والنون، ينظر الصحاح 6/2401 واللسان14/464-470.

2 وهو (سَنَة) وأصله: (سَنَوُ) أو (سنه) بدليل جمعه على (سنوات) و (سنهات) . ينظر شرح الأشموني 1/84.

3 أي أن هذا المنقوص حقه إذا جُمع جَمْع تكسير أن يرجع إليه المحذوف، لأن التكسير يرد الأشياء إلى أصولها بضوابط، فلما جمع تكسيرا ولم يرد محذوفه عوّض عن هذا المحذوف بزيادتي جمع المذكر السالم.

4 وأصلهما (يدي) و (دمي) وجمعهما (أيد) و (دماء) فردتا إلى الأصل.

(لم) ساقطة من (أ) . وفي (ج) : (نتحرز) بدل: (يجبر) ، والمثبت من (ب) .

6 أي زيدت فيه زيادتا جمع المذكر السالم، وهما الواو والنون أو الياء والنون.

ص: 199

الكلام، كما تقدمت الإشارة إليه1، والألف خفيفة والواو ثقيلة، فجعل الخفيف في الكثير والثقيل في القليل، ليكثر ما يستخفونه ويقل ما يستثقلونه. قاله ابن إياز 2 في شرح الفصول 3.

وضُمَّ ما قبل الواو وكُسِر ما قبل الياء ليكون ذلك دليلا على شدة الامتزاج 4، وليسلما 5 من التغيير والانقلاب.

وحركت نون الجمع فراراً من التقاء الساكنين، وفتحت تخفيفا للفظ، إذ قبلها واو قبلها ضمة، وياء قبلها كسرة، فلو ضُمت أو كسرت لثقل اللفظ جدا 6.

ثم إن ما يجمع هذا الجمع إما أن يكون عَلَماً ك (الزيدون) وإما أن يكون صفة ك (المسلمون) . ولا بد فيهما معا من أن يكونا 7 لمذكر، عاقل، خال من تاء التأنيث 8 وفي العَلَم خاصة أن يكون غير

1 في ص 192.

2 تقدمت ترجمته ص 170.

3 هو المحصول في شرح الفصول لابن إياز البغدادي، شرح فيه (الفصول الخمسون) لابن معط، وهو من أوسع شروحه وأفضلها. ينظر المحصول في شرح الفصول [الورقة 41/ ب] .

4 أي الامتزاج بين الحرف وما قبله من الحركة المجانسة له.

5 أي الواو والياء.

6 ينظر أسرار العربية ص 55 وشرح التسهيل لابن مالك 1/76.

7 في (ج) : أن يكون.

8 وهذا مذهب البصريين، وأجاز الكوفيون جمع ذي التاء بالواو والنون مطلقا فقالوا في طلحة وحمزة: طلْحون وحمْزون.

تنظر الأدلة في المقتضب 2/188 والإنصاف 1/40 وشرح الكافية 2/180.

ص: 200

مركب تركيبا إسناديا ولا مزجيا 1.

وفي الصفة 2 خاصة أن تقبل التاء 3 أو تدل على التفضيل. 4

فلا يجمع ما كان منهما لمؤنث 5، نحو (زينب) و (حائض) . ولا ما كان منهما لما لا يعقل نحو (واشق) و (سابق)6. ولا ما فيه تاء التأنيث، نحو (طلحة) و (وعلاّمة) ولا نحو (بَرَقَ نَحْرُه) ولا نحو (معْديكرب) ولا نحو (جريح) و (صبور) و (سكران) و (أحمر) 7.

1 أجمع العلماء على أن المركب الإسنادي لا يجمع هذا الجمع، واختلفوا في المركب المزجي فالأكثر على منع جمعه لعدم السماع، وأجاز ذلك المبرد والكوفيون، فيقال في (سيبويه) : سيبويهون. ينظر المقتضب 4/13 وشرح الكافية للرضي 2/186.

2 المراد بالصفة هنا اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة والمنسوب.

3 وأجاز الكوفيون جمع صفة لا تقبل التاء، نحو (عانس)، قال في القاموس:"وهي عانس. والرجل عانس" ينظر الارتشاف 1/266، والقاموس المحيط 2 /242.

4 وهو أفعل التفضيل فإنه يجمع هذا الجمع مع أنه لا تلحقه التاء مثل (أفضل) تقول: أفضلون. قال الرضي 2/182 "لعل ذلك يكون جبرا لما فاته من عمل الفعل في الفاعل المظهر والمفعول مطلقا.".

5 في (أ) و (ب) : (مؤنثا) . والمثبت من (ج) .

(واشق) ، علم على كلب و (سابق) صفة لفرس ولا يجمعان هذا الجمع لفقد شرط العقل.

7 هذه الصفات لا تقبل التاء لأن جريحا وصبورا مما يستوي فيه المذكر والمؤنث وسكران مؤنثه سكرى وأحمر مؤنثه حمراء فلا تجمع هذا الجمع.

وقد أجاز مجمع اللغة العربية جمع الصفات من باب أفعل فعلاء جمع مذكر سالما.

ينظر (في أصول اللغة) ص 50.

ص: 201

وقد ألحق بهذا الجمع في الإعراب، وإن لم يكن منه ألفاظٌ.

ذكر الشيخ بعضها وأشار إلى بعضها.

فمما ذكره (أولو) بمعنى أصحاب، وهو اسم جمع 1.، إذ لا واحد له من لفظه. ومنه (عالَمون) وهو أيضا اسم جمع لا جمع عالَم؛ لأن العالَم أعم منه، كما قال الشيخ جمال الدين بن مالك2.

ومنه (أرَضون) بفتح الراء، وهو جمع تكسير لأرْض بسكونها3.

ومنه (سِنُون) وهو جمع تكسير لسنة وبابه، وهو4 كل ثلاثي حذفت لامه وعوِّض عنها هاء التأنيث، ولم يكسَّر5، أي لم يأت على

1 اسم الجمع هو ما دل على معنى الجمع، ولم يكن له واحدا من لفظه، مثل قوم ورهط، أو له واحد من لفظه ولكنه ليس من أوزان الجموع كصحب وركب، أو كان جمعا أجريت عليه أحكام المفرد كالتصغير والنسب، كما جعلوا (ركاب) اسم جمع لركوبة، لأنهم نسبوا إلى لفظه والجموع لا ينسب إليها باقية على معناها.

2 قال ابن مالك في شرح التسهيل 1/78: "وأما عالَمون فاسم جمع مخصوص بمن يعقل وليس جمع عالَم، لأن العالَم عام والعالَمين خاص، وليس ذلك شأن الجموع".

3 أي بسكون الراء.

4 الضمير يرجع إلى باب سنة، ومثله: ثُبَة، وعِضَة، وعِزَة. وهذا الباب اطرد فيه جمع التكسير بالواو والنون أو الياء والنون. ينظر الهمع 1/47 وشرح الأشموني 1/84.

5 أما نحو (شفة) وشاة فلا يجمعان جمع مذكر سالما، لأنهما جمعا جمع تكسير على شفاه وشياه.

ص: 202

صيغة من صيغ جموع التكسير.

9/ب وإنما قلنا: إنه جمع تكسير، لأنه لم يسلم فيه بناء الواحد1.

ومنه (عشرون) وبابه، والمراد به سائر العقود إلى آخر التسعين وهي أسماء جموع2، إذ لا واحد لشيء منها من لفظه.

ومنه (أهلون) ومفرده أهل، وليس بعَلم ولا صفة، فهو جمع تصحيح3 لم يستوف الشروط.

ومنه (عِلّيون) وهو اسم لأعلى الجنة4 فإنه في الأصل (فِعِّيل) من العلو، فجُمع جمع من يعقل ثم سمي به.

وقوله: (ونحوه) أشار إلى نحو (عِلِّيّون) من كل ما سمي به نحو (زيدون)5.

ويجوز أن يريد كل ما تقدم ليدخل نحو (وابلون) وهو في معنى (أهلون) 6 إذ مفرده (وابل) وليس علماً ولا صفة.

1 وشرط جمع المذكر السالم أن يسلم فيه بناء الواحد.

2 ينظر شرح التسهيل لابن مالك 1/ 89 وشرح الأشموني ا/ 82.

3 علل ذلك ابن مالك في شرح التسهيل 1/88 بأنه استعمل استعمال (مستحق) في قولهم: هو أهل كذا وأهل له، فأجرى مجراه في الجمع.

4 ينظر لسان العرب 15/93- 94 (علا) .

5 إذا سمي بالجمع المذكر نحو (زيدون) فقد وردت فيه أربع لغات أفصحها إجراؤه مجرى جمع المذكر السالم. ينظر التصريح 1/75 وهمع الهوامع 1/ 50.

6 أي في حكم (أهلون) لا في معناه لغة، لأنه في اللغة جمع (وابل) وهو المطر الشديد. ينظر لسان العرب 11/720 (وبل) .

ص: 203

تنبيهات:

الأول: تلخص من ذلك أن الملحقات أربعة أنواع؛ أسماء جموع وجموع تكسير وجموع تصحيح لم تستوف الشروط وما سمّي به من ذلك.

الثاني1: ما صرح به من إعراب المجموع بالحروف، كما تقدم في المثنى هو مذهب قطرب2 وجماعة من المتأخرين3، ونُسِبَ إلى الزجاج4 والكوفيين5.

ومذهب سيبويه6 أنه معرب بحركات مقدرة في الواو والياء7.

1 في (ج) : التنبيه الثاني.

2 هو محمد بن المستنير، المعروف بقطرب، من علماء النحو واللغة، أخذ النحو عن عيسى بن عمر، ثم لازم سيبويه وهو الذي سماه قطربا لمباكرته إياه في الأسحار للقراءة عليه. وأخذ عنه ابن السكيت، له مصنفات كثيرة منها الأضداد والنوادر والاشتقاق والفَرْق مات سنة 206 هـ. ينظر طبقات النحويين ص 99 وإنباه الرواة

3/ 219 ومعجم الأدباء 19/52 وإشارة التعيين 338 وبغية الوعاة 1/ 242.

وينظر مذهبه في الإنصاف 1/33 والارتشاف 1/264.

3 منهم ابن مالك فقد صرح به في التسهيل ص 13.

4 انظر قوله في الارتشاف 1/264، وقد نسب له أيضا مثل قول سيبويه كما في شرح المفصل لابن يعيش 4/139.

5 مذهبهم في الإيضاح في علل النحو الزجاجي ص 130 والإنصاف 1/33 وهمع الهوامع 1/47.

6 الكتاب 1/18 هارون.

7 وهو قول جمهو البصريين، ينظر في ذلك النكت للأعلم 1/120 والإنصاف 1/33.

ص: 204

الثالث1: اكتفى المصنف عن ذكر حدّ2 الجمع وشروطه بما ذكره من المثالين، لأنه أشار إلى العَلَم المستجمع للشروط ب (الزيدون) وإلى الصفة المستجمعة للشرائط ب (المسملون) . ويدخل في الصفة المشار إليها المصغَّر، فإن التصغير وصف في المعنى، فإذا صُغّر نحو رجل وغلام جُمِعَ بالواو والنون، فيقال: رُوَيجِلون3 وغُلَيِّمون.

ص: والسادس يفعلان وتفعلان ويفعلون وتفعلون وتفعلين، فإنها ترفع ب [ثبوت] 4 النون وتنصب وتجزم بحذفها.

وأما نحو {أتحاجُّونِي} 5 فالمحذوف نون الوقاية.

وأما {إِلاّ أَنْ يَعْفُونَ} فالواو أصل، والفعل مبني، بخلاف {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} 6.

1 في (ج) : التنبيه الثالث.

2 ساقطة من (ج) .

3 تصغير (رجل) على (رويجل) تصغير سماعي وهو شاذ، والقياس تصغيره على (رجيل) لأنه ثلاثي فتصغيره على (فُعيل) . شرح الشافية للرضي 1/278.

4 سقطت من النسخ، وأضفتها من شذور الذهب ص 4. وفي (أ) بعده قال: وتجزم وتنصب بحذفها، والمثبت من (ب) و (ج) والشذور.

5 من الآية 80 من سورة الأنعام، وهي بالتخفيف لحذف إحدى النونين، وهذه قراءة نافع وابن عامر وأبي جعفر. ينظر كتاب السبعة لابن مجاهد ص 261 والنشر 2/259 والإتحاف ص 212.

6 من الآية 237 من سورة البقرة.

ص: 205

ش: الباب السادس من أبواب النيابة، وهو مما يختص بالأفعال وقد ناب فيه الحرف وحذفه عن الحركتين والسكون 1.

وهو كل فعل مضارع اتصل به ألف اثنين، سواء كانت اسما نحو الزيدان يفعلان وأنتما تفعلان، أو حرفا نحو يفعلان الزيدان وتفعلان المرأتان في لغة "يتعاقَبُون" 2 أو واو جماعة، سواء كانت اسما نحو الزيدون يفعلون وأنتم تفعلون.

أو حرفا نحو يفعلون الزيدون، أو ياء مخاطبة اسما3 فقط، نحو أنْتِ تفعلين، وكلها ترفع بثبوت النون نيابة عن الضمة4، لأن النون أشبهت

1 المراد بالحركتين الضمة والفتحة، حيث ناب ثبوت النون عن الضمة وحذفها عن الفتحة والسكون.

2 هذا جزء من حديث أبي هريرة أوله: "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار." الحديث. وقد أخرجه بهذا اللفظ البخاري 1/139 ومسلم 2/113 والموطأ 1/170 والنسائي 1/240 لكنه جاء فيه رواية أخرى بلفظ: "إن لله ملائكة يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار." ينظر فتح الباري 2/34.

وهذه اللغة يسميها النحاة لغة (أكلوني البراغيث) وهي لغة بني الحارث بن كعب وأزد شنوءة ونسبت لطيء. ينظر شرح الكافية الشافية2/581 والمغني ص 478 وشرح الأشموني2/47.

3 لأن ياء المخاطبة لا تأتي حرفا دالاً على الخطاب. وإنما هي فاعل دائما.

4 هذا مذهب الجمهور، وهو الصحيح، وقيل: إن الإعراب بالألف والواو والياء قياسا على المثنى والجمع، ورده العلماء بأنه لو كان كذلك لثبتت النون في الأحوال الثلاثة وعن الأخفش أن الإعراب بحركات مقدرة قبل الأحرف الثلاثة والنون دليل عليها، وبسكون مقدر في حالة الجزم.

ينظر الارتشاف 1/420 وهمع الهوامع 1/51.

ص: 206

حروف العلة التي الحركات أبعاضها، لأنها تدغم في الياء نحو {وَمَنْ يَقْنُتْ.} 1 وفي الواو نحو {مِن وَاقٍ} 2 و {مِن وَالٍ} 3.

وتبدل منها4 الألف في الوقف، نحو رأيت زيداً.

وتبدل من النون الخفيفة للتوكيد في الوقف نحو:

8-

....................................

....... واللهَ فاعْبُدا5

وجعلت علامة للرفع دون أخويه6 لأنه أسبق منهما 10/أومستغن

1 من الآية 31 من سورة الأحزاب.

2 من الآية 34 من سورة الرعد و21 من سورة غافر.

3 من الآية 11 من سورة الرعد، ولم ترد هذه الآية في (أ) .

4 أي من نون التنوين.

5 جزء بيت من الطويل، وهو للأعشى ميمون بن قيس من قصيدة يمدح فيها الرسول صلى الله عليه وسلم. ونص البيت في ديوانه:

وذا النُّصُب المنصوب لا تنسُكَنَّه

ولا تعبد الأوثان واللهَ فاعبدا

ديوانه ص 187.

وهو من شواهد سيبويه 3/510 والإنصاف 2/657 وشرح المفصل لابن يعيش 9/39 والمغني ص 486 والعيني 4/340 والتصريح 2/208 وشرح الأشموني 3/226 والدرر اللوامع 5/149.

والشاهد فيه إبدال نون التوكيد الخفيفة في (اعبدا) ألفا للوقف عليها.

6 وهما النصب والجزم.

ص: 207

عنهما بدليل وجوده دونهما، كما في الفاعل والمبتدأ. ولا [يكونان] 1 إلا حيث يكون.

ويجزم وينصب بحذفها.

قال ابن إياز: "وحذفها علامة الجزم في الأصل، والنصب في ذلك محمول عليه. لأن منصوب جمع [المذكر السالم] 2 محمول في الياء على مجروره، فكذلك المنصوب محمول في الحذف على المجزوم، هذا مقتضى القياس "3. انتهى.

مثال المرفوع قوله تعالى: {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} 4.

ومثال المجزوم والمنصوب قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا} 5.

قوله: وأما نحو {أتُحَاجُّونِي} 6 جواب عن سؤال تقديره أن يقال:

1 في النسخ (ولايكون) والصواب ما أثبته لأنه يرجع إلى النصب والجزم، ومثله في المحصول [ق 49/أ] .

2 في النسخ: (جمع الاسم) وما أثبته من المحصول.

3 المحصول في شرح الفصول [ق 49/ أ] .

4 من الآية 22 من سورة البقرة.

5 من الآية 24 من سورة البقرة.

6 إلى آخره من قول ابن هشام في المتن: (وأما نحو {أتُحَاجُّوني} فالمحذوف نون الوقاية) .

ص: 208

أيُّ النونين المحذوفة من {أتُحَاجُّونِي} 1 أهي نون الرفع؛ فيلزم حذفها من غير ناصب ولا جازم، وهو خلاف ما تقرر، أم نون الوقاية التي التزمت لتقي الفعل من الكسر، فيفوت الغرض الذي جيء بها لأجله؟

وتقرير الجواب أن المحذوف نون الوقاية 2.

قوله: (فيفوت الغرض.) إلى آخره، قلنا: ممنوع إذ هو حاصل بنون الرفع. فتأمّل.

قوله: وأما3 {إلاّ أن يَعْفُون} 4 دفع لسؤال يتوهم وروده على ما قرره من أنّ نصب هذه الأفعال بحذف النون، فيقول: إن (أنْ) ناصبة، إذ هي المصدرية والفعل الذي دخلت عليه منصوب بها، مع أن نونه ثابتة لم تحذف في النصب.

ووجه الدفع أنّ هذه الواو والنون المتصلتين بهذا الفعل ليستا واو الجماعة ونون الرفع، بل هذه الواو من نفس الفعل، وهي لامه، هذه النون ضمير النسوة، والفعل غير معرب، بل هو مبني لمباشرة نون الإناث له،

1 من الآية 80 من سورة الأنعام، وهي بالتخفيف على قراءة نافع، كما تقدم.

2 وهذا قول الأخفش وأبي علي وابن جني وبعض المتأخرين، ومذهب سيبويه أن المحذوف نون الرفع، ورجحه ابن مالك بأدلة كثيرة.

ينظر الكتاب 3/519 وشرح التسهيل لابن مالك 1/56 وهمع الهوامع 1/51- 52.

3 جواب (أما) قول ابن هشام في المتن: (وأما إلا أن يعفون فالواو أصل.) .

4 من الآية 237 من سورة البقرة.

ص: 209

ووزنه (يَفْعُلْن) .

بخلاف {وأن تَعْفُوا} خطابا للرجال في {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} 1.

فإن الواو ضمير الجماعة، والنون للرفع، ولهذا حذفت للناصب، وأصله (تعفُوُوْن) والواو الأولى لام الفعل، والثانية ضمير الجماعة، فحذفت الأولى لالتقاء الساكنين بعد حذف حركتها، لاستثقالها بعد ضمة الفاء، فصار وزنه (تَفْعُون)2. والله أعلم.

تنبيه:

قوله: (وهي يفعلان) إلى آخره يصح فيه اعتبار الألف والواو اسما وحرفا3، كما ذكرنا وتقديمه الجزم على النصب في قوله:(وتجزم وتنصب بحذفها) 4 قد يفهم منه أصالة الجزم، وأن النصب محمول عليه، كما ذكرنا. والله أعلم.

ص: السابع الفعل المعتل الآخر، ك (يغزو) و (يخشى) و (يرمي)

1 من الآية 237 من سورة البقرة.

2 راجع في هذه المسألة التصريح 1/86 وحاشية العدوي على شرح الشذور 1/87.

3 اعتباره اسما على أنه فاعل الفعل، واعتباره حرفا على أنه حرف جيء به للدلالة على التثنية والجمع، والفاعل اسم ظاهره بعده.

4 الذي في الشذور هو تقديم تُنصب على تُجزم حيث قال: (وتنصب وتجزم بحذفها) ، كما تقدم بيانه.

ص: 210

فإنه يجزم بحذفه، ونحو {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقيَِ وَيَصْبِرْ} 1 مؤوّل.

ش: الباب السابع من أبواب النيابة، وهو خاتمتها، الفعل [المضارع] 2 المعتل الآخر. وهو ما آخره ألف أو واو أو ياء.

وجزمه بحذف الآخر الذي هو حرف العلة، نحو لم يغْزُ، ولم يخْشَ، ولم يرمِ؛ لأن حروف العلة قد ضعفت وقربت بسكونها من الحركات، فلذلك تسلَّطَ عليها الجازم تسلّطه على الحركات، فحذفها3، كما يحذف الحركات.

وقوله: (ونحو إنه) جواب سؤال يَرِدُ على ما قرره من 10/ب أن جزم المعتل بحذف حرف العلة، بأن يقال: إن {يتَّقي} مجزوم بدليل عطف {يصبِرْ} عليه مع أن حرف العلة 4 ثابت فيه.

أو يقال: إن كان {يتَّقي} مرفوعا بدليل ثبوت الياء في آخره، فكيف عطف عليه {يصبِرْ} بالسكون؟ وإن كان مجزوما بدليل عطف

1 من الآية 90 من سورة يوسف، وهي بإثبات الياء في (يتقي) قراءة قنبل عن ابن كثير. السبعة لابن مجاهد ص 351 وإتحاف فضلاء البشر ص 267.

2 ما بين المعقوفين ساقط من (أ) و (ب) وأثبته من (ج) .

3 في (ج) : وتسلطه عليها بحذفها.

4 من قوله: بأن يقال إلى هنا ساقط من (أ) و (ب) وأثبته من (ج)، وبعده في (أ) : غير ثابت وهو خطأ.

ص: 211

(يصْبِرْ) عليه فكيف تثبت الياء فيه؟

وتقرير الجواب عن ذلك أن الآية على هذه القراءة مؤوّلة.

وتأويلها إما بأن (يتقي) مجزوم، كما ذكر السائل وهذه الياء تولّدت عن إشباع حركة القاف الباقية بعد حذف يائه للجازم1.

أو أنه عومل معاملة الصحيح في جزمه بحذف الحركة. وهي لغة لبعض العرب2 حيث يراعي الحركة المقدرة، فيحذفها للجازم، كما يحذف الملفوظة، كما في قول الشاعر:

9-

ألم يأتيك والأنباء تنمي

بما لاقت لبُونَ بني زياد3

1 تنظر الحجة لابن خالويه ص 198 والتصريح 1/88.

2 وهذا قول الزجاجي والأعلم الشنتمري، وقال الجمهور: إنها ضرورة وليست بلغة، ينظر الكتاب 3/316 والجمل للزجاجي ص 406 وتحصيل عين الذهب 1/15.

3 البيت من الوافر، وهو لقيس بن زهير، من قصيدة قالها بسبب نزاع وقع بينه وبين الربيع بن زياد.

ينظر شعره ص 29 والنوادر لأبي زيد ص 523.

تنمي: تكثر وتنتشر، اللبون من الإبل: ذات اللبن، وبنو زياد هم الكَمَلَة الربيع وعمارة وقيس وأنس بنو زياد بن سفيان العبسي.

والبيت من شواهد سيبويه 3/316 ومعاني القرآن للفراء 2/188 وسر الصناعة

1/78 والأمالي الشجرية 1/84 والإنصاف 1/30 وشرح المفصل 10/105 وتوضيح المقاصد 1/117 والتصريح 1/87 والهمع 1/52 والأشموني 1/103 والخزانة 8/361.

ص: 212

وكما في قوله:

10-

....................................

لم تَهجُو ولم تَدَع1

وإلى هذه اللغة أشار في التسهيل بقوله: "وقد يقدَّر جزم المعتل في السعة"2.

وإما بأن (يتّقي) مرفوع3، وتسكين راء (يصبِرْ) ليس جزما، وإنما هو للفرار من توالي حركات الباء والراء والفاء والهمزة4، أو لإجراء

1 جزء بيت من البسيط، ينسب لأبي عمرو بن العلاء، يخاطب به الفرزدق وكان الفرزدق قد هجاه، ثم اعتذر إليه، والبيت بتمامه:

هجوتَ زبّان ثم جئت معتذرا من هجوِ زبَّان لم تهجو ولم تدع

و (زبّان) اسم أبي عمرو بن العلاء على الصحيح.

وقد نسب له هذا البيت في نزهة الألباء ص 31 ومعجم الأدباء 11/158.

والبيت من شواهد معاني القرآن للفراء 1/162 والإنصاف 1/24 والأمالي الشجرية 1/85 وشرح المفصل 10/104 وضرائر الشعر ص 45 وشرح التسهيل لابن مالك 1/59 والارتشاف 3/277 وتوضيح المقاصد 1/118 والعيني 1/234 والتصريح 1/87 وهمع الهوامع 1/52 وشرح الأشموني 1/103 وشرح شواهد الشافية ص 406.

والشاهد إثبات حرف العلة وهو الواو في (تهجو) مع وجود الجازم.

2 تسهيل الفوائد ص 11 وعبارته فيه (وربما قدِّر جزم الياء في السَّعَةِ) .

3 على اعتبار (من) موصولة، وليست شرطية.

ينظر التبيان في إعراب القرآن 2/744 والبحر المحيط 5/343.

4 أي حركتي الباء والراء من (يصبر) وحركتي الفاء والهمزة من (فإنّ) .

ص: 213

الوصل مَجرى الوقف1 أو عطفا على المعنى2، لأن (مَنْ) الموصولة في معنى الشرطية لعمومها وإبهامها. ولذلك تأتي بعدها الفاء. والله أعلم.

1 أي أنه سكنه للوقف ثم أجرى الوصل مجرى الوقف.

2 العطف على المعنى هو المسمى بالعطف على التوهم، وذلك أنه توهم أن (من) شرطية و (يتقي) مجزوم فعطف (يصبر) عليها بالجزم. ينظر البحر المحيط 5/343.

ص: 214

ص: (فصل: تقدر الحركات [كلها] 1 في نحو (غلامي) ونحو (الفتى) ، ويسمى مقصورا، والضمة والكسرة في نحو (القاضي) ويسمى منقوصا، والضمة2 والفتحة في نحو (يخشى) ، والضمة في نحو (يدعو) و (يرمي) .

ش: لما فرغ من أحد نوعي المعرب، وهو ما كان إعرابه ظاهرا، سواء كان بالأصالة أو بالنيابة، وأراد بيان النوع الثاني منه، وهو ما 3 كان إعرابه تقديريا ترجم له بالفصل.

إذا علمت ذلك فنقول: الإعراب بالحركات المقدرة يجري في الأسماء والأفعال.

وهو في كل منهما على قسمين، لأن المقدر إما جميع حركات إعراب ذلك المعرب أو بعضها4.

فأما القسم الأول من الأسماء، وهو ما تقدر فيه حركات إعرابه كلها فهو شيئان؛ الشيء الأول المضاف إلى ياء المتكلم، وهو ما أشار إليه بنحو (غلامي) فإن رفعه ونصبه وجره بحركات مقدرة فيما قبل الياء، منع من ظهورها اشتغاله بكسرة مناسبة الياء.

الشيء الثاني المقصور، وهو ما كان آخره ألفا لازمة قبلها فتحة

1 في النسخ: (الحركات الثلاث) . والمعنى واحد، والمثبت، من الشذور ص 4.

2 قوله: (والضمة) ساقط من (أ) وأثبته من (ب) و (ج) .

3 كلمة: (ما) ساقطة من (ج) .

4 كذا في (ج) و (ب) وفي (أ) : (جميع الحركات أو بعضها) .

ص: 215

وهو ما أشار إليه بقوله: (ونحو الفتى) .

وقدِّرت الثلاثة فيه لتعذر تحريك الألف1.

وأما القسم الثاني من الأسماء، وهو ما تقدر فيه بعض حركات إعرابه، فهو المنقوص وإليه أشار بقوله:[نحو2] القاضي، والمراد به كل اسم [معرب] 3 آخره ياء لازمة قبلها كسرة فإنه يقدر فيه الضمة والكسرة لثقلهما على الياء. فتقول: جاء القاضي ومررت بالقاضي.

وتظهر الفتحة لخفتها، ك (رأيت القاضيَ) .

11/أوأما الأفعال فالقسم الأول منها أعني ما تقدر فيه جميع حركاته هو الفعل المعتل بالألف فإنه تقدر فيه الضمة والفتحة، لتعذر تحريكها، كما تقدم. فتقول: هو يخشَى ولن يخْشَى، بضمة وفتحة مقدّرة على الألف4.

والقسم الثاني منها، أعني ما تقدر فيه بعض حركاته هو الفعل المعتل بالواو والياء، فإنه تقدر فيهما الضمة لثقلها عليهما، وتظهر الفتحة فيهما لخفتها، نحو5 هو يدعو ويرمي، بضمة مقدرة فيهما، ولن يدعوَ ولنْ

1 قيل: لأن الألف لو حركت لخرجت عن جوهرها، وانقلبت حرفا آخر وهو الهمزة. ينظر شرح الكافية للرضي 1/33.

2 ساقط من (أ) ، وأثبته من (ب) و (ج) .

3 ما بين الحاصرتين ساقط من (أ) و (ب) وأثبته من (ج) .

4 ولا يقدّر فيها جزم بل يظهر بحذفها. ينظر شرح التسهيل لابن مالك 1/58.

5 في (ج) : فتقول.

ص: 216

يرمِيَ، بفتحة ظاهرة فيهما.

تنبيهات:

الأول: فهم من قوله: (وتقدر الحركات) خروج المثنى والمجموع على حدِّه المضافين إلى ياء المتكلم، على القول بأن إعرابهما بالحروف1.

إذ هما معربان على هذا القول بالألف والواو رفعا والياء جرّاً ونصبا.

وخالف ابن مالك2 وابن الحاجب3 رحمهما الله تعالى في المجموع حالة الرفع حينئذ4.

فقالا: إنه معرب تقديراً، لعدم وجود الواو.

1 وهو قول الكوفيين وبعض البصريين، كما سبق بيانه في ص 195.

2 ينظر تسهيل الفوائد ص 161.

3 هو أبو عمرو عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس بن الحاجب، جمال الدين، عالم بالنحو والأصول والفقه، كان أبوه كرديا حاجبا للأمير عز الدين الصلاحي.

قرأ ابن الحاجب على الشاطبي وأبي الجود وغيرهما.

ومن تلاميذه ابن مالك والقسطنطيني والنصيبي، وقد ألف كتبا كثيرة منها الكافية وشرح المفصل والأمالي النحوية والشافية في الصرف. وقد توفي سنة 646 هـ.

ينظر إشارة التعيين 204 وغاية النهاية 8/501 وبغية الوعاة 2/ 134 وشذرات الذهب 5/234.

وينظر مذهبه هذا في الكافية ص 61 والإيضاح في شرح المفصل 1/124.

4 أي في حالة إضافة جمع المذكر السالم إلى ياء المتكلم نحو (مسلميّ) .

ص: 217

ورد عليهما بأنها موجودة، وإنما قلبت لموجب الإعلال 1.

وكذلك يفهم من كلامه خروجهما على القول المنسوب لسيبويه2 في إعرابهما وهو أنه3 معرب بالحركات المقدرة.

لأن تقدير الحركات على ذلك القول للتعذر أو للاستثقال، سواء أضيفا أو لم يضافا.

التنبيه الثاني: سيأتي في كلام المصنف في المبنيات4 أن المبهم المضاف لمبني يجوز بناؤه وإعرابه5. ومن جملة المبنيات ياء المتكلم، فالمبهم المضاف إليها إن قدّر مبنيا فواضح كونه ليس مما نحن فيه6، وإن قدّر معربا فإعرابه تقديري كالواجب الإعراب7. وهذا لا بد منه، وإن لم يصرح به فيما علمت، فينبغي حمل كلام الشيخ8 على وجه يفهمه.

التنبيه الثالث: ظاهر قوله: (في نحو غلامي) شمول المنقوص المضاف

1 فإن الأصل (مسلموي) اجتمعت الواو والياء في كلمة وسبقت إحداهما بالسكون فوجب قلب الواو ياء وإدغامها في الياء. وينظر الرد عليهما في المساعد لابن عقيل 2/ 374.

2 سبق بيان ذلك في ص 197.

3 أي جمع المذكر السالم المضاف لياء المتكلم.

4 سيأتي بيان ذلك في ص 243.

5 وذلك مثل: (يوم) في قولك: قدمت يوم نجح زيد، فإنه يجوز فيه الإعراب والبناء لأنه مضاف إلى مبني، وهو الفعل الماضي.

6 لأنه مبني، وكلامنا حول المعرب إعرابا تقديريا.

7 أي مثل المضاف إلى ياء المتكلم، إذا لم يكن مبهما مبنيا نحو (غلامي) .

8 في (ج) : المصنف بدل: الشيخ.

ص: 218

إلى الياء فتقدّر فيه الحركات الثلاث حالة إضافته للياء، وقد دل كل كلامه في الشرح1 على استثنائه، واستثناؤه ظاهر حال الرفع والجر، لأن الحركة فيه مقدّرة حينئذ، ولو لم يضف للاستثقال. فالتقدير فيه ليس من حيثية الإضافة، ومشكل حال النصب، لأن الحركة الإعرابية كانت فيه ظاهرة قبل الإضافة، ثم قدّرت لأجلها، كما هو ظاهر إطلاقهم2.

ولك أن تقول: ما المانع من جعله3 في حالة النصب4 معربا بالفتحة الظاهرة، وإن زالت لمقتضى الإدغام، لعدم كسرة المناسبة المتروكة للاستثقال؟.

التنبيه الرابع: قوله: (ونحو الفتى) يدخل فيه ما كان منه مضافا إلى الياء فتقدّر فيه الحركات، لكونه مقصورا لا لكونه مضافا إلى الياء.

وإنما أعاد لفظة (نحو) مع الفتى ليختص قوله: (ويسمى مقصورا) به.

التنبيه الخامس: ما ذكره من أن كون المضاف للياء معربا في الأحوال الثلاثة هو مذهب الجمهور 5، خلافا لمن زعم 11/ب أنه مبني مطلقا

1 قال في شرح الشذور ص 64: "وقولي: ولا منقوصا لأن ياء المنقوص تدغم في ياء المتكلم، فتكون كالمثنى والمجموع جرا ونصبا".

2 تنظر حاشية العدوي على شذور الذهب 1/ 92.

3 أي المنقوص المضاف إلى ياء المتكلم، نحو قاضي.

4 في (ج) : في جعله حال النصب.

5 ينظر شرح المفصل لابن يعيش 3/ 32 والارتشاف 2/535 والأشموني 2/283

ص: 219

كابني الخباز1 والخشاب2 وغيرهما3.

ولمن زعم أنه لا معرب ولا مبني كابن جني4.

1 نص على ذلك ابن الخباز في الغرة المخفية 1/110.

وابن الخباز هو أبو العباس أحمد بن الحسين بن أحمد بن أبي المعالي، شمس الدين الأربلي الموصلي، لم ير في زمانه أسرع حفظا منه، حتى قيل: إنه كان يحفظ المجمل والإيضاح والتكملة والمفصل. وقد أخذ عنه العلم جماعة من العلماء منهم ابن الشعار الموصلي وهبة الله أبو الكرم القصاب. وله المصنفات المفيدة منها الغرة الخفية في شرح الدرة الألفية وتوجيه اللمع والنهاية في شرح الكفاية مات بالموصل سنة 639 على الصحيح.

ترجمته في إشارة التعيين ص 29 ونكت الهميان ص 96 وبغية الوعاة 1/304 وشذرات الذهب 5/ 202 والأعلام ا / 117.

2 هو عبد الله بن أحمد بن عبد الله النحوي البغدادي، المعروف بابن الخشاب، كان أديبا فاضلا، عالما بالنحو واللغة والشعر والفرائض. تعلم على علماء عصره منهم أبو منصور الجواليقي وابن الشجري وابن الدباس، ومن تلاميذه أبو إسحاق الضرير وأبو البقاء العكبري وابن الدهان ألف كتبا منها المرتجل وشرح اللمع وحاشية على درة الغواص. توفي سنة 567 هـ. انظر إنباه الرواة 2/ 99 ومعجم الأدباء47/12 وإشارة التعيين ص 159 وبغية الوعاة 2/ 29.

قال ابن الخشاب في المرتجل ص 109: "والكسرة في آخر الاسم المضاف إلى ياء المتكلم كسرة بناء عارض".

3 سبقهما إلى القول بذلك عبد القاهر الجرجاني.

انظر الجمل للجرجاني ص 11 وارتشاف الضَّرَب 2/536.

4 ي نظر الخصائص 3/57 وشرح الأشموني 2/283.

وابن جني هو أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي، صاحب التصانيف البديعة في النحو والتصريف واللغة صحب أبا علي الفارسي وأخذ عنه، صنف الخصائص واللمع وسر الصناعة والمنصف في التصريف والمحتسب في شواذ القراءات وشرح ديوان المتنبي وغيرها. مات سنة 392 هـ.

ترجمته في نزهة الألباء ص 244 وإنباه الرواه 2/235 ومعجم الأدباء 12/81 وبغية الوعاة 2/132 والأعلام 4/204.

ص: 220

واختار ابن مالك في التسهيل1 أنه معرب في الرفع والنصب بحركة مقدرة وفي الجر بالحركة الظاهرة.

التنبيه السادس: قد علم مما تقرر أن ما قبل ياء المتكلم من المضاف إليها واجب الكسر لمناسبتها.

ويستثنى من ذلك المقصور والمنقوص والمثنى والمجموع على حده 2، لأن الألف والمدغم لا يقبلان الحركة.

التنبيه السابع: وهو خاص بعبارة الشرح3 قال فيه: "الثاني4 مما تقدر فيه الحركات الثلاث ما أضيف إلى ياء المتكلم، وليس مثنى ولا جمع مذكر سالما ولا منقوصا ولا مقصورا".

1 تسهيل الفوائد ص 161.

2 فيكون ما قبل الياء في هذه الأنواع الأربعة ساكنا، نحو فتايَ وقاضيَّ وولديَّ ومسلميّ.

3 شرح شذور الذهب لابن هشام ص 63.

4 كذا في النسخ، والذي في شرح الشذور أحدهما.

ص: 221

ثم قال1: "واحترزت بقولي: وليس مثنى ولا جمع مذكر سالما من نحو غلاماي2 ومُسلِميّ فإن الياء تثبت3 فيهما جرا ونصبا مدغمة في ياء المتكلم، والألف تثبت في المثنى رفعا، وليس شيء من الألف ولا من الحرف المدغم قابلا للحركة4.

وقولي5: (ولا منقوصا) لأن ياء المنقوص تدغم في ياء المتكلم، فيكون كالمثنى والمجموع جرا ونصبا.

وقولي: (ولا مقصورا) لأن المقصور تثبت ألفه قبل الياء، والألف لا تقبل الحركة فهو كالمثنى رفعا" انتهى.

فظاهر كلامه الأول6 استثناء هذه المذكورات من وجوب تقدير الحركات الثلاث في المضاف إلى الياء، وقد علمت صحة ذلك وتعليله7 بالنسبة لما عدا المنقوص حالة النصب.

وظاهر كلامه الثاني8 أنها مستثناة من وجوب كسر آخرها لمناسبة

1 شرح الشذور ص 64.

2 كذا في (ب) و (ج) وكذلك في شرح ابن هشام وفي (أ) : (غلاميّ) .

3 ساقطة من (أ) ، وأثبتها من (ب) و (ج) .

4 في الشرح: للتحريك.

5 القائل هو ابن هشام في شرح الشذور ص 64.

6 وهو قوله في الشرح ص 63: "مما تقدر فيه الحركات الثلاث ما أضيف إلى ياء المتكلم وليس مثنى." الخ.

7 في (أ) وتعليلها، والمثبت من (ب) و (ج) .

8 وهو قوله: "واحترزت بقولي: وليس مثنى ولا جمع مذكر سالماً." الخ.

ص: 222

ياء المتكلم، فإن الذي1 تحصل من كلامه في تعليل استثنائها أن الألف والمدغم لا يقبلان الحركة، وهذا إنما يناسب انتفاء كسرة المناسبة، لا انتفاء تقدير حركات الإعراب، كما لا يخفى.

وبالجملة فأول كلامه وآخره ظاهرهما التدافع، اللهم إلا أن يحمل كلامه الثاني على أنه تفسير للمراد بكلامه الأول، وفيه ما فيه. فتأمل2.

التنبيه الثامن: قوله: (والضمة والفتحة في نحو (يَخْشى) والضمة في نحو (يدعو) و (يرمي) هو مذهب سيبويه3.

وغيره4 لا يرى الضمة والفتحة مقدّرة.

قال الشيخ في بعض كتبه5: إن النحويين اختلفوا في الحروف الثلاثة الواو والألف والياء في الأفعال المعتلة حالة الرفع، وفي الألف فقط حالة النصب، هل الفتحة والضمة مقدّرة فيهن أم لا. وحَكَى عن سيبويه

1 في (أ) فالذي، والمثبت من (ب) و (ج) .

2 وأجاب بعض العلماء بأن قوله: (كالمثنى) تشبيه في الإدغام فقط، وأما إعرابه فبالحركات المقدرة قبل الإضافة. ينظر حاشية العدوي 1/ 92.

3 ينظر الكتاب 1/23- هارون وأسرار العربية 322 وشرح الكافية للرضي 2/230.

4 هذا مذهب ابن السراج وبه قال الجمهور. ينظر الأصول 2/164 والتصريح 1/78.

5 هو كتاب شرح اللمحة البدرية 1/233 - 234 وقد تصرف الشارح في النص يسيرا.

ص: 223

ومن تبعه أنها مقدَّرة، كما تقدَّر مع (موسى) وعن غيره كابن السراج1 ومن تبعه أنها ليست مقدرة 2.

قالوا: لأنّا إنما قدرنا في (موسى) لأن الإعراب في الاسم أصل، فتجب المحافظة عليه وفي الفعل فرع، فلا حاجة لتقديره إذا لم 12/أيوجد.

وانْبَنى على هذا النظر فيهما حالة الجزم.

ثم قال3: فعلى قول سيبويه لما دخل الجازم حذفت الضمة المقدّرة، واكتفي بها. ثم لمّا صارت صورة المجزوم والمرفوع واحدة فرقوا بينهما بحذف حرف العلة.

فحرف العلة محذوف عند الجازم لا به4.

وعلى قول غيره5: الجازم حذف حرف العلة نفسه.

وصاحب هذا المذهب يقول: الجازم كالمُسَهِّل إن وجد فضلة

1 هو أبو بكر محمد بن السّري البغدادي النحوي، المعروف بابن السراج، صحب المبرد وأخذ عنه، ومن تلاميذه الزجاجي والسيرافي والفارسي، من أشهر آثاره الأصول في النحو والموجز والاشتقاق. توفي سنة 316 هـ.

تنظر ترجمته في طبقات النحويين ص 112 وإنباه الرواه 3/145 ومعجم الأدباء 18/197 وإشارة التعيين ص 313 وبغية الوعاة 1/ 109.

2 ينظر الأصول لابن السراج 2/164.

3 أي ابن هشام في شرح اللمحة البدرية 1/234.

4 أي لا بالجازم.

5 وهو ابن السراج ومن تبعه، وفي (أ) و (ب) :(وقال غيره) . والمثبت من (ج) وفي شرح اللمحة 1/234: (وعلى قول ابن السراج.) .

ص: 224

دفعها، وإلاّ أخذ من قُوى البَدَن1. ثم قال2: والتحقيق قول سيبويه، وأنشد:

11-

إذا قالتْ حَذَامِ فَصَدِّقُوهَا

فإنّ القولَ ما قَالَتْ حَذَامِ3

انتهى.

وقد تبين أَنّ مَنْ يقول بالتقدير يقول: إن الجزم ليس بحذف الآخر، بل بحذف الحركة، وحُذِف الآخر للفرق.

ومن يقول بعدم التقدير يقول: إن الجزم بحذف حرف العلة.

1 نقل هذا القول ابن الأنباري عن ابن السراج، حيث قال في أسرار العربية ص 323: وقد حُكِي عن أبي بكر بن السراج أنه شبّه الجازم بالدواء، والحركة في الفعل بالفضلة التي يخرجها الدواء، وكما أن الدواء إذا صادف فضلة حذفها، وإن لم يصادف فضلة أخذ من نفس الجسم، فكذلك الجازم إذا دخل على الفعل إن وجد حركة أخذها، وإلاّ أخذ من نفس الفعل.

2 أي ابن هشام في شرح اللمحة البدرية 1/234.

3 البيت من الوافر، وقد اختلف في نسبته فنسب للجيم بن صعب ولد يسم بن طارق. حَذام: اسم امرأة مبني على الكسر على لغة أهل الحجاز.

والبيت من شواهد معاني القرآن للفراء 1/215 والخصائص 1/178 والأمالي الشجرية 2/115 والمرتجل ص 96 وشرح المفصل 4/64 وشرح اللمحة البدرية 1/234 والعيني 4/370 والتصريح 2/225 وشرح أبيات المغني للبغدادي 4/ 329.

وإنما ذكره الشارح تبعا لابن هشام من باب المدح لسيبويه. وفي نسختي (أ) و (ب) لم يذكر البيت كاملا.

ص: 225