الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقوله هنا بالتقدير1 لا يناسبه قوله في جزم هذه الأفعال: إنه بحذف الآخر إلاّ بضربٍ من المجاز2، لما بينهما من التلازم. وإنما يناسب من يقول بعدم التقدير. فليتأمل ذلك. والله أعلم.
1 من قوله: (يقول إن الجزم ليس بحذف الآخر) إلى هنا ساقط من (أ) و (ب) ، وأثبته من (ج) .
2 المجاز عند البلاغيين الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له على وجه يصح مع قرينة عدم إرادة المعنى الأصلي. ينظر الإيضاح للقزويني ص 274.
ص:
باب البناء
ضد الإعراب، والمبني إما أن يطرد فيه السكون وهو المضارع المتصل بنون الإناث، نحو {يَتَرَبَّصْنَ} 1 والماضي المتصل بضمير رفع متحرك، ك (ضربْتُ) و (ضربْنَا زيداً)2.
ش: لما أنهى الكلام على الإعراب بقسميه المقدّر والملفوظ أخذ يتكلم في البناء، لأنهما متقابلان، ولذلك قال:(البناء ضد الإعراب) ، فأفاد أن التقابل بينهما تقابل الضدّين.
والبناء في اللغة وضع شيء على شيء على صفة يراد بها الثبوت3.
وأما في الاصطلاح فقال المصنف، رحمه الله: "ولما ذكرت أن البناء
1 من الآيتين 228 و234 من سورة البقرة.
2 زيادة من (ج) .
3 وقال ابن يعيش في شرح المفصّل 3/80: "مأخوذ من بناء الطين والآجر، لأن البناء من الطين والآجر لازم موضعه، لا يزول من مكان إلى غيره". وينظر لسان العرب 14/94 (بني) .
ضد الإعراب فكأني قلت: البناء لزوم آخر الكلمة حالا واحدا لفظا أو تقديرا ". انتهى. 1
فكأنه أراد بقوله: (تقديرا) نحو "سيبويه" من الأعلام المبنية إذا كانت مناداة، فإن ضمة النداء وهي حركة بناء مقدرة فيه2.
لكن قوله: (لزوم) إلى آخره ليس مناسبا لما ذكره في تفسير الإعراب من أنه أثر ظاهر إلى آخره، وإنما يناسب مَنْ تفسيره (تغيير أواخر الكلم....) إلى آخره، كما لا يخفى.
فكان الأنسب على ما ذكره في الإعراب أن يقول في البناء نحو ما قاله في التسهيل3 (أنه ما جيء به لا لبيان مقتضى العامل من حركة أو حرف أو سكون أو حذف، وليس حكاية ولا نقلا ولا إتباعا ولا تخلُّصا من سكونين)4.
ثم إن المبني ينقسم على ما ذكره المصنف إلى مبني على السكون، ك {يَتَرَبَّصْنَ} 5 أو عليه أو على نائبه ك (قُم) و (قُوما)6.
1 شرح شذور الذهب ص 68.
2 لأنك تقول في ندائه: (يا سيبويه) فهو مبني على ضمّة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة البناء الأصلي.
3 في (ج) : (ما ذكره في التسهيل) ، وينظر تسهيل الفوائد ص 10.
4 نص عبارة التسهيل: (وما جيء به لا لبيان مقتضى عامل، من شَبَهِ الإعراب، وليس حكاية أو إتباعا أو نقلا أو تخلصا من سكونين فهو بناء) .
5 من الآيتين 228 و234 من سورة البقرة.
6 فالأول مبني على السكون، والثاني مبني على نائب السكون وهو حذف النون.
وإلى مبني على الفتح، نحو (خمسة عشر) . أو عليه أو على نائبه، نحو (لا رجلَ) و (لا رجلينِ) وإلى مبني على الكسر ك (سيبويه) و (نَزَال) أو عليه أو على نائبه 1.
وإلى مبني على الضم، ك (حيث) 2 12/ب أو عليه أو على نائبه، ك (يا زيدُ) و (يا مسلمونَ) .
وإلى ما ليس له قاعدة مستقرة، ك (قَدْ) و (أَيْنَ) و (أمسِ) ، و (مُنْذُ) .
فأقسامه العقلية3 تسعة وهو تقسيم حاصر، إلا أن القسم السادس، وهو المبني على الكسر أو نائبه لم يوجد له مثال في كلامهم وإن اقتضته، القسمة.
إذا عُلم ذلك فالقسم الأول ما لزم البناء على السكون، وهو شيئان: الأول الفعل المضارع الذي اتصل به ضمير النسوة4، نحو: النسوة
1 لم يمثل له الشارح لأنه لم يوجد له مثال في كلام العرب، كما سينبّه على ذلك في الصفحة التالية.
(حيث) ظرف مكان مبني على الضم وفيه لغات مختلفة.
ينظر شرح المفصل 4/91 ولسان العرب 2/139، 140 (حوث) .
3 في (ج) : المعتلّة، وهو تصحيف.
4 وهذا مذهب الجمهور، وذهب ابن درستويه والسهيلي وابن طلحة إلى أنه معرب بحركة مقدرة. والصحيح مذهب الجمهور. ينظر الكتاب 1/20- هارون ونتائج الفكر ص 110 وشرح الكافية للرضي 2/229 والارتشاف 1/414.
يَقُمْنَ ويُكرمنَ ويُدحرجنَ ويستخرجنَ.
وإنما بُني المضارع في هذه الحالة لأنه إنما أعرب لشبهه بالاسم، فلما اتصلت به النون التي لا تتصل إلا بالفعل رجّح جانب الفعلية فرد إلى ما هو أصل الفعل، وهو البناء 1.
وإنما بني على السكون لأنه الأصل 2.
الشيء الثاني من المبني على السكون الفعل الماضي الذي اتصل به ضمير الرفع المتحرك ك (ضربتُ) و (ضربتَ) و (ضربتِ) و (ضَرَبْنَا)[زيدا] 3 و (ضربْنَ) وخرج بضمير الرفع ضمير النصب، ك (ضربَكَ) و (ضربَهُ) وفروعهما 4 فإنه مفتوح معها على الأصل 5.
وبالمتحرك ضمير الرفع الساكن، ك (ضربَا) و (ضربُوا) فإنه مفتوح مع الأول، مضموم مع الثاني، كما سيأتي 6.
1 ذكر هذا التعليل ابن الناظم في شرحه على ألفية والده ص 32.
2 أي لأن السكون هو الأصل في البناء.
3 ساقط من (أ) و (ب) ، وسقطت أيضا من (أ) كلمة (ضربْن) التالية، والمثبت من (ج) .
4 أي المثنى والمجموع والمؤنث.
5 أي الأصل في بناء الفعل الماضي، فإنه مبني على الفتح لفظا أو تقديرا. يراجع أوضح المسالك لابن هشام 1/27.
6 سيأتي بيان ذلك في ص 232.
وإنّما بُني على السكون في ذلك لكراهية توالي1أربع متحركات2 فيما هو كالكلمة الواحدة 3. والله أعلم.
ص: أو السكون أو نائبه، وهو الأمر، نحو اضْرب واضْربَا واضْربوا واضْربي واغزُ واخْشَ وارْمِ.
ش: القسم الثاني من المبنيات ما لزم البناء على السكون أو نائبه.
وهو شيء واحد، وهو فعل الأمر، فهو مبني على ما يجزم به مضارعه 4.
وقد عرفت آنفا5 أن المضارع على ثلاثة أقسام:
قسم يجزم بالسكون، وهو الصحيح الذي لم يتصل بآخره شيء.
وقسم يجزم بحذف النون، وهو المضارع الذي اتصل به ألف الاثنين أو واو الجماعة أو ياء المخاطبة 6.
وقسم يجزم بحذف آخره، وهو الفعل المعتل 7.
1 في (ب) : لكراهتهم توالي، وفي (ج) : لكراهيتهم.
2 إن كانت جمع متحرك ففي قوله (أربع) نظر، وإن كانت جمع متحركة فلا بأس.
3 وهي الفعل مع الفاعل، لأن تاء الفاعل لما اتصلت بالفعل نزلت منه منزلة الجزء لشدة اتصالها بفعلها.
4 هذا على مذهب البصريين في أن الأمر مبني، وقد تقدم الخلاف في ذلك.
5 كذا في (ب) و (ج) وفي (أ) : ما يقال سابقا.
6 في (ج) : المؤنثة المخاطبة.
7 أي المعتل الآخر، نحو يدعو ويخشى ويرمي.
ففعل الأمر الصحيح الذي لم يتصل بآخره شيء يبنى على السكون، ك (اضْرب) و (قُمْ) كما أن مضارعه يجزم بالسكون، نحو لم يضْربْ ولم يقُمْ.
والأمر الذي اتصل به ألف الاثنين، ك (قوما) أو واو الجماعة، ك (قُومُوا) أو ياء المخاطبة ك (قُومي) يبنى على حذف النون، كما أن مضارعه مجزوم بحذفها، نحو لم يقُوما ولم يقُوموا ولم تقُومي.
والأمر المعتل مبني على حذف حرف العلة، ك (اغْزُ) و (اخْشَ) و (ارْمِ) كما أن مضارعه يجزم بحذفه، نحو لم يغْزُ ولم يخشَ ولم يرْمِ.
وأما بناؤه فلأنه الأصل في الفعل 1.
وأما كونه على صورة 13/أالفعل2 المضارع المجزوم فلأن الحركة والنونات علامات الإعراب فينافي البناء 3.
ولأجل ذلك لم يحذف من الأمر نون النسوة، نحو (اضْرِبْنَ) لأنها ليست علامة الإعراب.
ص: أو الفتح وهو سبعة الماضي المجرد، ك (ضرَب) و (ضَرَبَكَ) و (ضَرَبَا)4.
1 مذهب البصريين أن الإعراب أصل في الأسماء، والبناء أصل في الأفعال، ومذهب الكوفيين أن الإعراب أصل في الأسماء والأفعال، وهناك مذاهب أخر.
ينظر الارتشاف 1/414 وهمع الهوامع 1/15.
2 هذه الكلمة ساقطة من (ب) و (ج) .
3 فلذلك بني على حذف علامات الإعراب وحذف آخر المعتل.
4 في (ج) : ضربنا، وهو تحريف.
ش: القسم الثالث من المبنيات ما لزم البناء على الفتح، وهو سبعة:
الأول الماضي المجرد من ضمير الرفع المتحرك المتقدم ذكره- إذْ لا يتبادر من إطلاق المجرد في الاصطلاح إلا ذلك- إما بأن لم يتصل به شيء أصلا، ك (ضَرَبَ) . أو اتصل به ضمير المفعول، ك (ضَرَبَكَ) أو اتصل به ضمير رفع ساكن غير الواو ك (ضَرَبَا) ، فهو في كل ذلك مبني على الفتح.
أما البناء فلأنه الأصل في الفعل، وأما الحركة فلأنه أشبه الاسم مشابهة مَّا1 في وقوعه موقعه2، نحو زيٌد ضرب وزيدٌ ضارب. وأما الفتح فلخفته.
ص: والمضارع الذي باشرته نون التوكيد، نحو {لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوننْ} 3 بخلاف [نحو] 4 {لتُبلوُنَّ} 5 {وَلا يَصُدّنّك} 6.
ش: الثاني من الأمور السبعة المبنية على الفتح الفعل المضارع الذي اتصلت به نون التوكيد وباشرته، أي لم يفصل بينها وبينه7 فاصل، سواء كانت
1 قال: (مشابهة مّا) لأنه لم يشبهه مشابهة تامة مثل المضارع وإلاّ لأعرب.
2 ذكر ابن يعيش في شرح المفصل 7/4 أن الفعل الماضي يقع موقع الاسم فيكون خبرا ويكون صفة، فلما كان فيه ما ذكر من المشابهة مُيّز بالحركة لفضله.
3 من الآية 32 من سورة يوسف.
4 سقطت من النسخ، وأثبتها من شذور الذهب ص 5.
5 من الآية 186 من سورة آل عمران.
6 من الآية 87 من سورة القصص.
7 في (ج) : وبين الفعل.
النون ثقيلة نحو {ليُسجَننَّ} أو خفيفة، نحو {وَلَيَكُوننْ} .
والتفصيل في البناء بين المباشرة وغيرها هو مذهب ابن مالك1 وجماعة2.
وعلة البناء عندهم أن الفعل والنون لما رُكِّبا أشبها تركيب "خمسة عشر" فيبنى بناءهما3.
وغيرهم4 لم يفرق في البناء بين المباشرة وغيرها، وجعل دخولها على الفعل مقتضيا لبنائه. وعلة البناء عندهم الرد إلى الأصل في الفعل وهو البناء لَمّا اتصل به5 ما لا يتصل إلا بالفعل. وأما الفتح فلخفّته.
وقوله: (بخلاف نحو {لَتُبْلَوُنَّ} 6 {وَلا يَصُدُّنَّكَ} 7 أي فإن النون لم تباشر فيهما. أما {لَتُبْلَوُنَّ} فلأن الواو فاصلة بين الفعل والنون حسّاً؛ لأنها ليست لام الفعل، بل هي واو الجمع، حركت لأجل التقاء
1 نص على ذلك في التسهيل. ص 216 وشرح التسهيل 1/27.
2 وهم الجمهور. ينظر همع الهوامع 1/18.
3 في (ج) : فبني بناؤهما.
4 وهم الأخفش والزجاج وابن عصفور. ينظر المقرب 1/289 والمساعد لابن عقيل 2/672 وشرح الأشموني 1/62.
5 سقط من (ج) . قوله: وهو البناء وقوله: به.
6 من الآية 186 من سورة آل عمران.
7 من الآية 87 من سورة القصص.
الساكنين، وأن أصلة (لتُبلَوُون) بواو هي لام الفعل، لأنه من بلوته أي جَرَّبته، استثقلت الضمة على لام الفعل التي هي الواو الأولى فحذفت، فالتقى ساكنان فحذفت الواو، لأنها الساكن الأول، فصار (لتُبلوْن) فلما دخلت نون التوكيد الثقيلة صار (لتُبلَوْنَنَّ) فتوالت الأمثال أي النونات الثلاث، فحذفت نون الرفع، فالتقى ساكنان فحُرِّك الساكن الأول، وجعلت حركته ضمة دليلا على المحذوف، فصار (لتُبلَوُنَّ) .
فإن قيل: لم لِم 1 تقلب الواو ألفا 2، لتحركها وانفتاح ما قبلها؟
فالجواب أن الحركة عارضة في الواو، ولأجل ذلك لا يجوز همزها مع انضمامها، ولو كانت أصلية لجاز ذلك 3. وأما {ولا يُصدّنك} 13/ب فلأن الواو فاصلة تقديرا، لأن أصلها (يصُدّونْك) فحذفت لالتقاء الساكنين4. وأما من يجعله5 مع نون التوكيد مبنيا مطلقا فإنه يقول: لما دخلت نون التوكيد صار (يصدّوننّك) فتوالت الأمثال فاستثقلت، فحذفت نون الرفع، فالتقى ساكنان، فحذفت الواو التي هي ضمير الجماعة إذ هي الساكن الأول، فصار (يصُدُّنّك)[والله أعلم]6.
1 ساقطة من (ج) .
2 في كلمة لتبلوُنّ.
3 ينظر تفصيل ذلك في شرح التصريف الملوكي لابن يعيش ص 221.
4 وهما الواو والنون الأولى من نوني التوكيد.
5 أي الفعل المضارع المتصل به نون التوكيد.
6 زيادة من (ج) .
ص: وما رُكِّب من الأعداد والظروف والأحوال والأعلام، نحو أحد عشر ونحو 1 هو يأتينا صباح مساءَ وبعض القوم يسقط بينَ بينَ ونحو هو جاري بيتَ بيتَ، أي ملاصقا، ونحو (بعلبك) في لُغيَّة.
ش: الثالث من الأمور المبنية على الفتح المركب العدديّ، ومثّل له ب (أحدَ عشرَ) والمراد بنحوه ما بعده إلى (تسعة عشر) .
فتذكير العشرة في المذكر وتأنيثها في المؤنث، وعكس ذلك فيما دونها2.
فكلُّها مبنية الجزءين على الفتح إلا اثني عشر واثنتي عشرة، فإن الجزءين لا يُبنيان، بل الجزء الأول معرب بالحروف3، والجزء الثاني مبني على الفتح.
وإنما بني الجزءان في نحو4 (أحدَ عشرَ) لأن أصل (ثلاثة عشر) مثلاً ثلاثة وعشرة، ثم حذفت الواو قصداً لمزج الاسمين وتركيبهما، فبُني الأول لافتقاره إلى الثاني، والثاني لتضمنه الواو العاطفة5.
وإنما كان بناؤهما على الحركة لا السكون الذي هو الأصل في البناء
1 سقطت من (ج) .
2 هذه قاعدة باب العدد، وسيأتي تفصيل ذلك في آخر الكتاب.
3 وهذا مذهب الجمهور، وهو إعراب الجزء الأول من (اثني عشر) إعراب المثنى، وقال ابن درستويه: إنه مبني كإخوته. ينظر شرح الكافية للرضي 2/88.
4 ساقطة من (أ) و (ب) وأثبتها من (ج) .
5 هذا التعليل في شرح المفصل لابن يعيش 4/112 والفوائد الضيائية 2/120.
للدلالة على أن لهما أصلا في الإعراب وأن البناء فيهما عارض. وإنما كانت فتحة قصداً لتخفيف الثقل الحاصل من التركيب 1.
فإن قيل: فلم لم يمزج الاسمان في نحو (لا رجل وامرأةً) ،
و12-.. لا أبَ وابناً
…
2..
…
..........................
فالجواب لأن الثلاثة والعشرة 3 عبارة عن عدد واحد، كعشرة ومائة4، بخلاف (لا أب وابناً) وأما الاثنا عشر والاثنتا عشرة فإنما بُني
1 وذلك لأن الفتحة أخف الحركات الثلاث. انظر الفوائد الضيائية 2/120.
2 جزء من صدر بيت من الطويل، وهو بتمامه:
فلا أب وابنا مثل مروان وابنه
…
إذا هو بالمجد ارتدى وتأزرا
وقد اختلف في نسبته، فقيل: هو للكميت بن معروف، نسبه له القيسي في إيضاح شواهد الإيضاح، وقيل: للكميت الأسدي، وقيل: لرجل من بني عبد مناه، وقيل: للفرزدق ولم أجده في ديوانه. وقال البغدادي: إنه من أبيات سيبويه الخمسين التي لا يعرف لها قائل.
والبيت من شواهد سيبويه 2/285 ومعاني القرآن للفراء 1/120، والمقتضب 4/372 والبصريات 1/488 وإيضاح شواهد الإيضاح 1/273 وتخليص الشواهد ص 413 والعيني 2/355 والتصريح 1/243 وشرح الأشموني 2/13 والخزانة 4/67.
والبيت شاهد عند النحاة على جواز النصب في المعطوف على اسم (لا) باعتبار محلها والرفع باعتبار محل (لا) مع اسمها ولكن الشارح ذكره للتمثيل به فقط.
3 في قولك: ثلاثة عشر.
4 فركبت (ثلاثة) مع (عشر) ، وأما (لا أب وابنا) فلم تركب لأنها ثلاثة أشياء والعرب لا تركب أكثر من اثنين. وقيل الذي منع التركيب هو واو العطف.
ينظر أسرار العربية ص 249.
الجزء الأخير منهما دون الأول لأن علة بناء الأخير منهما وهي تضمن حرف العطف موجودة.
وأما الأول منهما فإنهم أعربوه لوقوع العجز منه موقع النون، وما1 قبل النون محل الإعراب لا البناء 2.
الرابع من الأمور المبنية على الفتح ما ألحق بالأعداد باعتبار التركيب من الظروف الزمانية والمكانية والأحوال.
وبناء هذا النوع ليس واجبا، وإنما هو جائز، فتجوز إضافة أول الجزءين إلى ثانيهما 3.
وإنما لم يجب بناء هذا النوع كما وجب بناء التركيب العددي لظهور علة البناء في العددي، وهي تضمن معنى الحروف، دون الأحوال والظروف، لأنه يحتمل أن يكون بتقدير الحرف، وأن لا يكون.
وقوله: (هو يأتينا) إلى آخره أمثلة للمركبات المذكورة 4.
فمثال ظرف الزمان (هو يأتينا صباحَ مساءَ) 5، ومثال ظرف المكان:
1 في (ج) : وأما ما.
2 في (ج) : إعراب لا بناء، والمعنى أن ما قبل النون في (اثنين) ونحوه يكون الإعراب عليه، فكذلك يعرب ما قبل (عشر) في (اثني عشر) لأنه بمنزلته. ينظر شرح المفصل لابن يعيش 4/118.
3 ينظر شرح المفصل لابن يعيش 4/118
4 من قوله: (هو يأتينا) إلى قوله: (المذكورة) ساقط من (أ) و (ب) . وأثبته من (ج)
5 كذا في (ج) وفي (أ) و (ب) : (قوله: هو يأتينا صباح مساء مثال ظرف الزمان) .
13-
.... .....
…
بعضُ القومِ يَسقُطُ بَيْنَ بيْنَا 1
14/أومثال الحال (هُو جاري بَيْتَ بيْتَ) .
وقوله: (أي ملاصقا) تقرير وبيان للحال.
فهذه المُثُل وما أشبهها يُحتمل تقدير الحروف فيها، وهي جهة البناء، وعدم تقدير الحروف 2 وهي جهة الإعراب.
وإذا قدرنا الحرف قلنا: معناه صباحاً فمساءً ووسطاً فَوَسَطاً وبَيْتَا فبَيْتاً.
وإن لم تقدر حرف العطف فالمعنى صباحاً بعد مساءٍ ووسطاً بعد وسطٍ وبَيْتًا بعد بيتٍ، ونحو ذلك. [والله أعلم] 3
الخامس العَلَم المركب تركيب مزج في لغةٍ الأفصحُ خلافها، وإلى
1 عجز بيت من مجزوء الكامل، وهو لعبيد بن الأبرص. والبيت بتمامه:
نحمي حقيقتنا وبعض
…
القوم يسقُطُ بين بينا
الحقيقة هنا ما يجب على الرجل أن يحميه من العرض والمال. ينظر ديوان عبيد بن الأبرص ص 136.
والبيت من شواهد شرح المفصل لابن يعيش 4/117 وشرح الكافية الشافية 3/1698 والمساعد1/527 والعيني 1/149والهمع 1/212.
والشاهد فيه (بين بينا) حيث ركب الظرفين وبناهما على الفتح وهما في محل نصب على الحالية.
2 قوله: وهي جهة البناء إلى هنا ساقط من (أ) . وأثبته من (ب) و (ج) .
3 زيادة من (ج) .
ذلك أشار بقوله (في لُغَيَّة) بالتصغير. وعلة البناء فيه تشبيهه1 بالمركب العددي.
واللغة الفصحى فيه أن يفتح جزؤه الأول إن لم يكن آخره ياء ساكنة، ك (بَعْلَبَكَّ)2. فإن كان ياءً ساكنة بقيت على سكونها، ك (مَعدْيكرب) ويعرب جزؤه الثاني بإعراب ما لا ينصرف3 إن لم يكن كلمة (وَيْهِ) فإن كان4 فيبني على الكسر، ك (سيبويهِ) و (عمرويهِ) ونحوهما.
ص: والزمن المبهم المضاف لجملة، وإعرابه مرجوح قبل الفعل المبني نحو (على حيْن عاتَبْت) 5 راجح قبل غيره، نحو {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} 6
ش: السادس من الأمور المبنية على الفتح اسم الزمان المبهم، أي الذي لا يدل على زمن بعينه، وهو قسمان؛ قسم بمعنى (إذا) أي لما يستقبل، وقسم بمعنى (إذْ) أي لِما مضى.
1 في (أ) : لشبهه وفي (ب) تشبهه. والمثبت من (ج) .
2 مدينة أثرية تقع في لبنان، وهو علم مركب عليها. ينظر معجم البلدان 1/453.
3 وفيه لغة ثالثة وهي إضافة الجزء الأول إلى الثاني، تقول: هذا معديكربٍ. ينظر شرح المفصل لابن يعيش 4/124.
4 أي فإن كان مختوما ب (ويه) .
5 كذا جاء هذا البيت في النسخ، وفي الشذور ص 6 جاء بالشطر كاملا وذكر شطر بيت آخر وهو (على حين يستصبين كل حليم) .
6 من الآية 119 من سورة المائدة.
ويجوز فيهما معاً الإعراب والبناء إذا أضيفا إلى جملة، سواء كانت اسمية أو فعلية فعلها معرب أو مبني 1.
أما الإعراب فلأنه الأصل في الأسماء، وأما البناء فحَمْلاً على ما هما بمعناه، أعني (إذْ) و (إذا) واختِير الفتح لخفّته.
ثم إنه قد يترجح البناء على الإعراب، وذلك فيما إذا أضيف لفعل مبني، ماض أو مضارع اتصلت به إحدى النونين. فالأول2 كقوله:
14-
عَلَى حِين عاتبتُ المَشيبَ علَى الصِّبا
…
وقلتُ أَلَمَّا أصْحُ والشَّيْبُ وازع3
والثاني كقوله:
15-
...... ......
…
على حين يستصْبينَ كلَّ حليم4
1 سيذكر الشارح الخلاف في ذلك في ص 241.
2 أي المضاف إلى فعل ماض.
3 البيت من الطويل، وهو للنابغة الذبياني. في ديوانه ص 32.
لمّا أصح: لم أفق، وازع: ناه ورادع.
والبيت من شواهد سيبويه 1/330 - هارون والأمالي الشجرية 2/264 والإنصاف 1/292 وشرح المفصل 3/16 والمقرب 1/290 والارتشاف 2/520 والعيني 3/406 والتصريح 2/42 وشرح الأشموني 2/256 والخزانة 6/550 والدرر 3/144.
والشاهد قوله: (على حين عاتبت) حيث ترجح البناء في (حين) على الإعراب لإضافته لمبني، وهو (عاتب) .
4 عجز بيت في الطويل، ولم تذكر المصادر له قائلا، وصدره:
لأجتذِبَنْ منهنّ قلبي تحلُّما
وهو من شواهد الارتشاف 2/522 والمغني ص 672 والعيني 3/412 والتصريح 2/42 والهمع 1/218 وشرح الأشموني 2/256.
والشاهد فيه بناء (حين) على الفتح لأنه زمن مبهم مضاف إلى مبني وهو (يستصبين) ويجوز فيه الإعراب، لكن البناء أرجح.
وقد يترجح الإعراب على البناء، وذلك إذا كانت الجملة اسمية أو فعلية فعلها معرب نحو1 هذا زمنُ الحاجُّ قادمٌ، وهذا زمن يقْدُم الحاجُّ.
وإنما ترجح البناء قبل المبني والإعراب قبل المعرب طلبا2 للمناسبة.
تنبيه:
ما ذكره المصنف من رجحان الإعراب مع3 الجملة الاسمية والفعلية التي فعلها معرب هو مذهب الكوفيين4.
وأما البصريون5 فإنهم يوجبون الإعراب.
1 ساقط من (ج) .
2 وهذا تعليل الجمهور وعلله ابن مالك بشبه الظرف حينئذ بحرف الشرط في افتقار الجملة إليه. انظر التصريح2/42.
3 في (ج) : قبل.
4 ووافقهم الأخفش وابن مالك وابن هشام. ينظر معاني القرآن للفراء1/326
و3/226 والتسهيل 159 والمغني ص 672 والتصريح 2/42.
5 ينظر الأصول لابن السراج 2/ 11 وشرح الكافية للرضي 2/107 والارتشاف
2/522.
وانتصر المصنف1 لمذهب الكوفيين بقوله تعالى: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} 2 بالفتح في قراءة نافع3، وبقول الشاعر:
16-
...... ......
…
على حينَ التواصلُ غيرُ دانِ 4
بفتح (حين) . والله أعلم.
14/ب ص: (والمبهم المضاف لمبني نحو: {وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ} 5 {وَمِنَّا دُونَ
1 في كتابيه مغني اللبيب ص 672 وأوضح المسالك 2/ 200.
2 من الآية 119 من سورة المائدة.
3 هو نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم، يعرف بنافع المدني، أحد القراء السبعة المشهورين أخذ القراءة عرضا عن جماعة من التابعين. وتوفى بالمدينة سنة 169 هـ. ينظر معرفة القراء الكبار 1/107 وغاية النهاية 2/330.
وتخريج هذه القراءة في كتاب السبعة لابن مجاهد ص 250 والنشر 2/256 والإتحاف ص 204.
4 عجز بيت من الوافر، ولم تذكر له المصادر قائلا، وصدره:
تذكَّرَ ما تذكَّرَ من سُليمى.
…
.............................
وهو من شواهد الارتشاف 2/521 والمغني ص 672 والعيني 3/411 والتصريح2/42 والهمع 1/218 وشرح الأشموني 2/257 والدرر اللوامع 3/147.
والشاهد فيه بناء (حين) على الفتح مع أنه مضاف لجملة اسمية، وهذا يرجح قول الكوفيين.
5 من الآية 66 من سورة هود، والقراءة بفتح (يوم) من (يومئذ) قراءة نافع والكسائي وأبي جعفر. ينظر السبعة لابن مجاهد ص 336 والنشر 2/289 والإتحاف ص 207.
ذَلِكَ} 1 {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} 2 ونحو {إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} 3 [ويجوز إعرابه]4.
ش: السابع مما يبني على الفتح جوازا أيضا المبهم المضاف5 لمبني وهو ما لا يتضح معناه إلا بالمضاف إليه، وسواء كان زمانا أو غيره.
وإنما بني هذا النوع لأنه لما أضيف إلى المبني اكتسب من بنائه6.
ونظيره النكرة المضافة إلى معرفة حيث اكتسبت التعريف من المضاف إليه. واختير الفتح لخفته.
1 من الآية 11 من سورة الجن، والقراءة بفتح (دون) باتفاق القراء.
2 من الآية 94 من سورة الأنعام، والقراءة بفتح (بين) من (بينكم) قراءة نافع والكسائي وحفص عن عاصم وأبي جعفر، وقرأ الباقون برفعها.
ينظر السبعة لابن مجاهد ص 263 والحجة للفارسي 3/357 والنشر 2/260.
3 من الآية 23 من سورة الذاريات. والقراءة بفتح (مثل) قراءة الجمهور.
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر وحمزة والكسائي بالرفع.
ينظر السبعة ص 609 والنشر 2/377.
وهو بالفتح صفة ل (حق) وبني على الفتح لأنه مضاف لمبني، ولذلك أوردها المصنف. أو بالنصب على الحال.
ينظر البحر المحيط 8/136 والإتحاف ص 399.
4 ما بين الحاصرتين ساقط من (أ) . وهو في (ب) و (ج) وشذور الذهب.
5 كذا في (ب) و (ج) وفي (أ) أسقط كلمة المبهم وزاد بعد قوله المضاف إليه واختير الفتح لخفته، وهو تكرار للآتي.
6 أي اكتسب البناء من بنائه.
تنبيهات:
الأول: مثل الشيخ بالآيات المذكورة على قراءة من قرأها بالفتح وذكر أربعة أمثلة؛ مثالين لما لا تحتمل الفتحة فيه أن تكون فتحة إعراب1، ومثالين لما تحتمل الفتحة فيه أن تكون فتحة إعراب، وهما الأخيران.
فالأول منهما2 تحتمل الفتحة فيه أن تكون إعرابا، إما على أنه ظرف أو صفة لمحذوف3.
والثاني 4 كذلك على أنه حال أو معمول لفعل محذوف5، كما قيل بكل من ذلك.
1 وهما كلمتا (يومئذ) و (دون) بالفتح فيهما، وذلك أن (يوما) في الأول مضاف إليه فلا يكون إلا مجرورا، فكونه جاء بالفتح يدل على أنه مبني، وكلمة (دون) في الثاني مبتدأ فلا يكون إلا مرفوعا، لكن هذا فيه احتمال أن يكون صفة لمحذوف تقديره (ومنا قوم دون ذلك) . ينظر المغني ص 670.
2 وهو (بينكم) فتحتمل الفتحة في (بين) أن تكون فتحة إعراب على أنها ظرف مكان، والفاعل مضمر في الفعل دل عليه ما تقدم، والتقدير تقطع وصلكم بينكم.
ينظر الحجة لأبي علي الفارسي 3/ 360.
3 تقديره لقد تقطع شيء أو وصل بينكم، ذكره العكبري في التبيان 1/522.
4 وهو (مثل) في قوله تعالى: {إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} .
5 ذكر العكبري في التبيان 2/1180 أن (مثل) قد يكون حالا من النكرة أو من الضمير الذي فيها وقد يكون مفعولا به لفعل محذوف تقديره أعني. وينظر كذلك المغني 671.
الثاني1 أعاد لفظة (نحو) مع المثال الأخير، ولعله ليفيد أن العلة عنده في بنائه إذا بني هي الإضافة إلى المبني2، لا لكونه مركبا مع (ما) كما قيل فيه3.
التنبيه الثالث: يوجد في بعض نسخ المتن عدد المبنيات على الفتح خمسة وهو واضح، ووجهه جعل المركبات4 جميعها قسما واحدا. والله أعلم.
ص: أو الفتح أو نائبه وهو اسم (لا) النافية للجنس إذا كان مفردا، نحو لارجلَ ولا رجالَ ولا رجلينِ ولا قائمينَ ولا قائماتَ. وفتح نحو (قائمات) أرجح من كسره.
ش: القسم الرابع من المبنيات ما يبنى على الفتح أو نائب الفتح.
وقد تقدم أنه ينوب عنه الياء والكسرة والألف، لكن الألف لا توجد مع المبني 5 لأن شرط البناء ألا يكون مضافا6والألف لا تكون
1 في (ج) : التنبيه الثاني.
2 نص على ذلك ابن هشام في المغني 671 وينظر التبيان للعكبرى 2/1180.
3 هذا قول المازني، نقله عنه أبو حيان في البحر المحيط 8/136.
4 وهي ما ركب من الأعداد والظروف والأحوال والأعلام. ينظر شذور الذهب ص 5.
5 قد توجد الألف مع المبني وذلك في المثنى على لغة بني الحارث، كما في الحديث "لا وتران في ليلة". ينظر المطالع السعيدة 1/60.
6 في (أ) و (ب) : أن لا تكون مضافة، وهو تحريف. والمثبت من (ج) .
بدلا عن الفتحة إلا في مضاف، كما تقدم1.
إذا علم ذلك فالمبني على الفتح أو نائبه الذي هو الياء أو الكسرة هو اسم (لا) النافية للجنس على سبيل2 التنصيص إذا كان مفردا3.
فالمراد بالمفرد4هنا كما في باب النداء ما ليس مضافا ولا شبيها به.
فخرج نحو لا غلامَ سفَر ولا طالعاً جبلا، فلا يبنى في واحد منهما، ودخل المفرد وجمع التكسير والمثنى والمجموع على حدّه وجمع المؤنث السالم كرَجل ورِجال ورجلين وقائمين وقائمات.
فأما (رجل) و (رجال) فيبنيان [مع (لا) ] 5 على الفتح، لأن نصبهما به. وأما (رجلين) و (قائمين) فيبنيان معها6 على الياء، لأن نصبهما بها. وأما (قائمات) فيبنى على الكسر أو الفتح، والفتح فيه أرجح من الكسر7.
1 تقدم ذلك في باب الأسماء الستة، وذلك لأنها تنصب بالألف نيابة عن الفتحة بشرط إضافتها. تراجع ص 185.
2 في (أ) : لا على سبيل، وهو خطأ، وفي (ب) : أي على سبيل، والمثبت من (ج) .
3 هذا مذهب الجمهور، وذهب الكوفيون والزجاج والسيرافي إلى أن اسم (لا) المفرد معرب منصوب بالفتحة. ينظر تفصيل ذلك في الإنصاف 1/366 وشرح الكافية للرضي 1/ 255 والارتشاف 2/164.
4 في (ج) : فالمفرد.
5 مابين المعقوفين ساقط من (أ) ، وأثبته من (ب) و (ج) .
6 في (أ) : (مع لا) . والمثبت من (ب) و (ج) .
7 لأن الفتحة هي الحركة التي يستحقها المركب، ذكره ابن هشام في المغني ص 314 ولكنه نقل عن ابن جني أن الفتح لم يجزه أحد من النحويين إلا المازني.
ينظر أوضح المسالك 1/ 279.
15/أوالتحقيق في علة بناء اسم (لا) أنه تضمن معنى (من) .
لأن قولك: لا رجل بمنزلة لا من رجل1، ونظيره ما جاءني من رجل، فإنه نص في الاستغراق، بخلاف ما جاءني رجل.
ويدل على [تضمّن] 2 معنى (مِنْ) ظهورها في قوله:
17-
فقامَ يذودُ الناسَ عنها بسيفِهِ
…
وقال ألا لَا مِنْ سبيلٍ إلى هند3
وإنما بنيت النكرة على ما تنصب به4 ليكون البناء على ما استحقته النكرة في الأصل قبل البناء.
1 وقيل: علة بنائه تركيبه مع (لا) تركيب خمسة عشر. وهذا قول سيبويه والجمهور.
ينظر الكتاب 2/274 والمقتضب 4/357 وشرح المفصل 1/106 والتصريح
1/239.
2 ما بين الحاصرتين ساقط من (أ) و (ب) ، ومثبت من (ج) .
3 البيت من الطويل، ولم ينسب إلى قائله واقتصر في (أ) ، (ب) على موضع الشاهد فقط. وهو من شواهد شرح الكافية الشافية 1/522 وشرح الألفية لابن الناظم ص 186 وأوضح المسالك 1/281 والعيني 2/332 والهمع 1/146.
والشاهد فيه ظهور (من) بعد (لا) النافية للجنس، وهذا رد إلى الأصل، و (مِن) هنا زائدة للاستغراق و (سبيل) اسم (لا) مبني على فتح مقدر على آخره، منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد و (إلى هند) متعلق بمحذوف خبر (لا) .
4 في (ج) : على الفتح.
وإنما لم يبن المضاف ولا الشبيه به لأن الإضافة ترجح جانب الاسمية فيرد الاسم بسببها إلى ما يستحقه في الأصل من الإعراب1.
فإن قيل: قد يبنى نحو (خمسة عشرك) 2 مع إضافته إلى الضمير فلم لا يُرد إلى أصله وهو الإعراب.
فالجواب أن هذا3 نادر لا يلتفت إليه.
وأما بناء جمع المؤنث السالم على الكسر فهو قياس الباب، لأنها حركة النصب. وعلى هذا فبعضهم4 ينوّنه حينئذ نظرا إلى أن التنوين للمقابلة لا للتمكين. والجمهور5 يتركون تنوينه نظرا إلى مشابهته لتنوين التمكين.
وأما بناؤه على الفتح بلا تنوين فحذرًا من مخالفته لسائر المبنيات
1 وهناك سبب آخر وهو أن بناء المضاف والشبيه به مع (لا) يؤدي إلى تركيب ثلاث كلمات، وهذا لا نظير له في العربية. ينظر أسرار العربية ص 252.
2 في (أ) و (ب) : خمسة عشر والمثبت من (ج) وهو أولى. وإذا عُرِّف العدد المركب بأل أو أضيف فإنه يبقى على بنائه لأنه ما زال متضمنا للواو.
ينظر شرح المفصل لابن يعيش 4/114.
3 أي رده إلى أصله وهو الإعراب، وهي لغة لبعض العرب حكاها الأخفش، وذكرها سيبويه وقال عنها:"إنها لغة رديئة".
ينظر الكتاب 3/299 وشرح المفصل 4/114.
4 وهم بعض المتقدمين وابن الدهان وابن خروف. ينظر همع الهوامع 1/146.
5 مذهب الجمهور أن جمع المؤنث يبنى مع (لا) التبرئة على الكسر دون تنوين.
ينظر شرح الكافية للرضي 1/256 والارتشاف 2/165 والتصريح 1/239.
بعد (لا) في حركة البناء، ولأجل ذلك رجحه المصنف1.
ص: ولك في [الاسم] 2 الثاني من نحو (لا رجلَ ظريفٌ) و (لا ماءَ باردٌ) 3 النصب والرفع والفتح، وكذا الثاني من نحو (لاحولَ ولا قوةَ) إن فتحت الأول.
وإن رفعته امتنع النصب [في الثاني]4. وإن فُصِل النعت، أو كان هو والمنعوت غير مفرد امتنع الفتح) .
ش: لما فرغ من الكلام على اسم (لا) أخذ يتكلم على حكم نعته وحكم المعطوف عليه.
فأما النعت فإن كان اسم (لا) مفردا، وكان النعت5 مفردا متصلاً به، نحو لا رجلَ ظريفاً عندنا ولا ماءَ ماءً بارداً عندنا6، جاز فيه7 ثلاثة أوجه، النصب والرفع والفتح8.
1 في شذور الذهب ص 6 ومغني اللبيب ص 314.
2 زيادة من شذور الذهب ص 6.
3 في النسخ: لا ماء ماءاً باردا، والذي أثبته من الشذور ص 6 وهو أولى.
4 سقطت من النسخ وأضفتها من شذور الذهب ص 6.
5 في (ج) : فإن كان لاسم (لا) المفرد وكان مفردا، وفيه سقط.
6 كذا مثل الشارح بهذا المثال، ومثل به أيضا ابن هشام في أوضح المسالك 1/290 لكن اعترض عليه بأن (ماء) الثانية ليست صفة للأولى لأنها جامدة فالمثال الذي ذكره ابن هشام في الشذور أولى. ينظر التصريح 1/243.
7 أي في نعت اسم (لا) .
8 ينظر هذه الأوجه في التصريح 1/243 وشرح الأشموني 2/12.
فالنصب على محل النكرة، لأن محلها النصب، لأن (لا) عاملة عمل (إن) والبناء عارض. وأما الرفع فعلى محل (لا) مع اسمها، لأنهما في موضع المبتدأ1.
وأما الفتح فعلى التركيب أي تركيب النعت مع المنعوت قبل دخول (لا) كخمسة عشر2.
وإن فصل نحو (لا رجلَ في الدار ظريفا) ، أو كان3 غير مفرد نحو (لا رجلَ طالعاً جبلاً) 4 أو كان اسم (لا) غير مفرد، نحو (لا غلامَ سفرٍ حاضرٌ) 5 جاز في النعت الرفع والنصب، على ما قدمنا.
وامتنع الفتح لامتناع التركيب، إذْ لا يتأتى مع الفاصل، ولا بين أكثر من شيئين.
وأما العطف فإن كان مع تكرار (لا) نحو (لا رجلَ ولا امرأةً) ومثله (لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله) 6 فلك فيما بعد (لا) الثانية ثلاثة
1 هذا هو مذهب سيبويه. ينظر الكتاب 2/275.
2 وذلك أن النعت ركب مع النكرة قبل مجيء (لا) وصار الوصف والموصوف كالشيء الواحد ثم دخلت عليهما (لا) التبرئة مثل قولهم: لا خمسة عشر عندنا. راجع التصريح1/243.
3 أي النعت.
4 من قوله: أو كان غير مفرد إلى هنا ساقط من (أ) . والمثبت من (ب) و (ج) .
5 في (ب) و (ج) : (ظريف) .
6 زيادة من (ج) .
أوجه: 15/ب الفتح على تركيبه معها، والرفع إما على محل (لا) مع اسمها وإما على أنها عاملة عمل (ليس) والنصب [على العطف] 1 على محل اسم (لا) 2 كما قدمنا.
وإن لم تتكرر (لا) امتنع الفتح3 وجاز الرفع والنصب، نحو لا رجل وامرأةٌ، على ما تقدم. وهذه الحالة لم يذكرها المصنف رحمه الله تعالى4.
وهذا كله إذا كان الأول مفتوحا، فإن كان مرفوعا جاز في الثاني الرفع والفتح إن كررت (لا) وامتنع فيه النصب5، وهذا معنى قوله:(فإن رفعته امتنع النصب) 6 أي فإن رفعت الأول امتنع النصب في الثاني.
تنبيه:
تحرّر7 مما سبق أن في (لا حول ولا قوة إلا بالله) خمسة أوجه8
1 مابين المعقوفين ساقط من (أ) و (ب) وأثبته من (ج) .
2 وهذا أضعفها، وخصه يونس بالضرورة. ينظر التصريح 1/242.
3 أي فتح التابع لعدم ذكر (لا) فلا يكون مبنيا.
4 ساقطة من (ج) .
5 لأن نصبه إنما يكون بالعطف على منصوب لفظا أو محلا، وهو حينئذ مفقود. ينظر شرح الأشموني 2/11.
6 قوله: وهذا معنى إلى هنا ساقط من (أ) و (ب) وأثبته من (ج) .
7 في (ج) : يلوح.
8 تنظر هذه الأوجه وتخريجها في شرح اللمع لابن برهان 1/94 والتصريح 1/240 وشرح الأشموني 2/12.
فتح الاسمين، ورفعهما، وفتح الأول ورفع الثاني، ورفع الأول وفتح الثاني، وفتح الأول ونصب الثاني. والله أعلم.
ص: أو الكسر، وهو أربعة العلم المختوم ب (ويه) كسيبويه، والجرمي يجيز منع صرفه، و (فَعَالِ) للأمر، ك (نَزَالِ)[ودَرَاكِ1] ، وبنو أسد تفتحه و (فَعَالِ) سبّا للمؤنث، ك (فَسَاقِ) و (خَبَاثِ) ويختص هذا بالنداء. وينقاس هو ونحو (نَزَالِ) من كل فعل ثلاثي تام.
ش: الخامس من المبنيات المبني على الكسر. وهو أنواع:
الأول العلم المركب تركيب المزج إذا كان مختوما ب (ويه) .
وبناؤه على الكسر، هو اللغة الفصحى. والعلة فيه طلب التخفيف تشبيها بالأصوات كما ذكره2 بعضهم3 في (أمْسِ) بل هذا أدخل في الشَّبَه4 بذلك منه5.
وغير الفصيح فيه6 أن يعرب إعراب ما لا ينصرف للعلمية والتركيب، وهو مذهب الجرمي7 ومن تبعه.
1 ما بين المعقوفين ساقط من النسخ، وأثبته من الشذور ص 6.
2 أي ذكر طلب التخفيف تشبيها بالأصوات.
3 هو ابن خروف، نقل ذلك عنه ابن مالك في شرح الكافية الشافية 3/1482.
4 لأن هذا مختوم بكلمة (ويه) وهي صوت من الأصوات، بخلاف كلمة (أمْس) .
5 كذا جاءت العبارة في (ب) و (ج)، وفي (أ) : في ذلك به. ولعله يريد: (هذا أدخل في الشبه من ذلك به.
6 أي في المركب المزجي المختوم بويَه.
7 هو أبو عمر صالح بن إسحاق الجرمي، كان فقيها عالما بالنحو واللغة، ديِّنًا، ورِعاً أخذ النحو عن يونس والأخفش، واللغة عن الأصمعي وأبي زيد، وأخذ عنه المبرد والمازني، ألف كتبا في العربية منها الفَرْخ والأبنية. مات سنة 225 هـ.
ترجمته في أخبار النحويين البصريين 84 وإنباه الرواة 2/80 ومعجم الأدباء 12/5 وبغية الوعاة 2/8 وينظر مذهبه هذا في شرح الكافية للرضي 2/84 والارتشاف 1/497 والتصريح 1/118.
الثاني (فَعَالِ) في الأمر، أي أن ما كان1 من أسماء الأفعال على وزن (فَعَالِ) ك (نَزَالِ) و (دَرَاكِ) و (حَذَارِ) فيُبنى على الكسر في أكثر اللغات لوقوعه موقع المبني 2 وكونه بمعناه.
ولغة بني أسَد فتحه3.
الثالث مما يبنى على الكسر (فَعَالِ) سبَّا للمؤنث إذا كان منادى، نحو يا فَساقِ ويا فجارِ. فإن ورد في غير النداء، كقوله:
18-
أُطوِّفُ ما أُطوِّفُ ثمّ آوي
…
إلى بيت قعيدته لَكَاعِ4
1 في (أ) : إن كان، والمثبت من (ب) و (ج) .
2 وهو فعل الأمر.
3 أي أن بني أسد يبنونه على الفتح. ينظر التسهيل ص 223 والارتشاف 3/198.
4 في (أ) و (ب) ذكر عجز البيت فقط، والبيت من الوافر وقائله الحطيئة.
ينظر ديوانه ص 330. وهو من شواهد المقتضب 4/238 والأمالي الشجرية 2/107، والمرتجل ص 97 وشرح المفصل 4/57 وشرح الكافية الشافية 1/1331 والعيني 1/473 والتصريح 2/180 والهمع 1/178 وشرح الأشموني 3/160 والخزانة 2/404.
والشاهد استعمال (لكاع) وهو على وزن (فَعَالِ) سبا لمؤنث في غير النداء.
فهو ضرورة1.
وعلة بنائه شبهه بفعال في الأمر في الزّنة2 والعدل. لأنهم يُقدّرونه معدولاً عن فاسقة وفاجرة.
واختلف النحويون في هذين النوعين أعني (فَعَال) في الأمر و (فعال) في النداء سبّا للمؤنث 3. هل هما مقيسان أو مسموعان؟
فذهب المبرد 4 إلى أنهما سماعيان لا يدخلهما القياس5.
وذهب16/أالجمهور 6 إلى أنهما مقيسان من كل فعل ثلاثي، فخرج
1 أو أنه على تقدير قول محذوف، أي يقال لها: يا لكاع، فيكون وارداً في النداء. ينظر همع الهوامع 1/178.
2 كذا في (ب) و (ج)، وفي (أ) : الرتبة، وهو تحريف.
3 تنظر هذه المسألة في الأصول لابن السراج 2/90 والارتشاف 3/198 وهمع الهوامع 1/178.
4 هو أبو العباس محمد بن يزيد الأزدي البصري، الملقب بالمبرّد، خاتم البصريين وهو من كبار النحويين، أخذ العلم عن المازني وأبي حاتم والجرمي وغيرهم.
ومن تلاميذه الزجاج وابن السراج وغيرهما، وقع بينه وبين ثعلب إمام الكوفيين في عصره مناظرات كثيرة، وله من التآليف المقتضب والكامل والفاضل والمذكر والمؤنث وغيرها توفي المبرد سنة 285 هـ.
ترجمته في طبقات النحويين ص 101 ونزهة الألباء ص 64 وإنباه الرواه 3/241 ومعجم الأدباء 19/111 وإشارة التعيين ص 342 وبغية الوعاة 1/269 شذرات الذهب 2/190.
5 ينظر المقتضب 3/368 والارتشاف 3/198 والتصريح 2/180.
6 وهو مذهب سيبويه نص عليه في الكتاب 3/280 فقال: (وإنما يطرد هذا الباب في النداء وفي الأمر) . وينظر الأصول 2/90 وشرح المفصل 4/52 وشرح الكافية للرضي 2/75 وهمع الهوامع 1/178.
نحو (دَحْرَج) تام، فخرج (كان) وأخواتها، متصرف1، فخرج نحو (نِعْمَ) و (بِئْسَ) .
واستغنى المصنف عن التصريح بقيد التصرف بقوله: (وينقاس هو ونَزَالِ من كل فعل) 2والله أعلم.
ص: وفَعَالِ علمًا لمؤنث ك (حذَامِ) في لغة أهل الحجاز وكذلك (أمْسِ) عندهم إذا أريد به معين، وأكثر [بني] 3 تميم يوافقهم في نحو سَفَارِ ووَبَارِ مطلقا، وفي (أمْسِ) في النصب والجر، ويمنع الصرف في الباقي.
ش: الرابع مما يبني على الكسر (فَعَالِ) علماً 4 لمؤنث كحذامِ وقطامِ في لغة أهل الحجاز5، سواء كان مختوما بالراء أو بغيرها من الحروف، تشبيها له بنحو (نَزَال) .
قال الشاعر:
1 في (ج) : قوله متصرف، ولا شك في أن كلمة (قوله) زيادة من الناسخ، لأن المصنف لم يذكر كلمة متصرف من قبل، وإنما أوردها الشارح في هذا المقام.
2 كذا في (ج) وهو الموافق لما في الشذور ص 7، وفي (أ) و (ب) : بقوله: ويبنيان من كذا.
3 سقطت من النسخ، وأثبتها من شذور الذهب ص 7.
4 هذه الكلمة ساقطة من (ج) .
5 ينظر الكتاب 3/278 وشرح الكافية للرضي 2/79.
إذا قالتْ حَذَامِ فصدِّقوها
…
فإنّ القوْلَ ما قالت حذَامِ 1
وهو عند بني تميم2 معرب إعراب ما لا ينصرف إما للعلمية والعدل عن (فاعلة) ، كما قال سيبويه 3، وإما للعلمية والتأنيث المعنوي كزينب، كما قال المبرد 4.
ولك أن تقول: هذا5 أوضح لأنه لا يعدل إلى العدل إلا إذا لم يوجد علة غيره، وقد صح اعتبار التأنيث فلا يعدل عنه.
هذا إن لم يختم بالراء، فإن ختم بها فجمهورهم يبنيه على الكسر، وغيرهم يسوّيه بغيره 6.
الخامس مما يُبنى على الكسر (أمسِ) في لغة الحجازيين أيضا.
وعلة بنائه عندهم تضمّن معنى اللام7 بشرط أن يراد به اليوم الذي
1 تقدم تخريج هذا البيت في ص (225) والشاهد فيه هنا بناء (حذام) على الكسر في لغة أهل الحجاز. ينظر الكتاب 3/277 والأمالي الشجرية 2/115 وشرح الكافية للرضي 2/79.
2 ينظر مذهبهم في الكتاب 3/277 والأمالي الشجرية 2/115 وشرح الكافية للرضي 2/79.
3 الكتاب 3/277.
4 المقتضب 3/375 والارتشاف 1/436.
5 أي قول المبرد.
6 ينظر تفصيل مذهب بني تميم في شرح المفصل 4/65 وشرح الكافية للرضي 2/79.
7 أي لام التعريف، فهو بمعنى قولك:(الأمس) ثم حذفت اللام وقدّرت. ينظر شرح الكافية 2/125.
يليه يومُك، وألاّ يضاف، وألا تصحبه الألف واللام1 ولبني تميم فيه والحالة هذه لغتان2:
فبعضهم يعربه إعراب ما لا ينصرف مطلقا 3 ويعتبره معدولا عن (الأمس) فيكون فيه العلمية والعدل، وجمهورهم يخص إعرابه بحالة الرفع، ويبنيه في غير ذلك.
فإن فقد شرط من الشروط المذكورة أعرب مصروفا إجماعا.
تنبيهات:
الأول: يؤخذ اعتبار الشروط المذكورة في (أمْسِ) من حكاية عدم الصرف، لأنه لا يجتمع مع فقد شيء منها. وكأن المصنف استغنى بذلك عن التصريح بذكرها. والله أعلم.
الثاني: جعل في4 المتن المبنيات على الكسر أربعة أنواع، فلم يدخل (أمسِ) في العدد، بل ذكره على سبيل الاستطراد، فإنه لما ذكر لغة الحجازيين في (حَذَامِ) استطرد فذكر لغتهم ولغة غيرهم في (أمسِ) ، وعدها في الشرح5 خمسة، فجعل (أمسِ) مقصودا بالعدد.
1 هذه الشروط في شرح الكافية للرضي 2/126 والهمع 1/209.
2 ينظر ذلك في الكتاب 3/283 وشرح المفصل 4/107 وشرح الكافية 2/125 والهمع 1/209.
3 ساقطة من (ج) .
4 سقط من (أ) . وينظر شذور الذهب ص 6، وقد نص فيه على أن المبنيات خمسة.
5 شرح شذور الذهب ص 89- 98.
الثالث: شرط منع الصرف في (أمسِ) عند مَن اعتبره ألَاّ يقع ظرفا، فإن وقع ظرفا بني بالإجماع1.
ص: أو الضم، وهو أربعة، ما قطع عن الإضافة لفظا 16/ب لا معنى من الظروف المبهمة ك (قبل) و (بعد) و (أول) وأسماء الجهات.
ش: لما فرغ من المبنيات على الكسر، وكان المبني على الكسر أو نائبه لم يوجد2 شرع في المبني على الضم، وذكر أنه على أربعة أنواع:
النوع الأول: الظروف المبهمة، أي التي لا يتضح معناها إلا بذكر المضاف إليه. وذلك ك (قبل) و (بعد) و (أول) وأسماء الجهات، وهي يمين وشمال وأمام ووراء وفوق وتحت. فإنها تبنى إذا قطعت عن الإضافة لفظا لا معنى3، بأن ينوى معنى المضاف إليه دون لفظه.
واحترز عما إذا صرح بالمضاف إليه، ك (جئتك بعد المغرب وقبل العشاء) أو حذف المضاف إليه ونوي ثبوت لفظه فيبقى الإعراب، لكن
1 أي عند جميع العرب. ينظر همع الهوامع 1/208. وفي (أ) و (ب) : فيبنى بالإجماع، والمثبت من (ج) ، وهو الأولى.
2 أي لم يوجد في اللغة، وقد سبق بيان ذلك في ص 229.
3 كقوله تعالى في سورة الروم الآية الرابعة: {لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} .
قال ابن الأنباري في أسرار العربية ص 31: "وأما قبل وبعد فإنما بنيا لأن الأصل فيهما أن يستعملا مضافين إلى ما بعدهما، فلما اقتطعا عن الإضافة، والمضاف مع المضاف إليه بمنزلة كلمة واحدة، تنزلا منزلة بعض الكلمة وبعض الكلمة مبني".
يُترك التنوين لوجود المعارض له وهو الإضافة1، وعمّا إذا حذف المضاف إليه ولم يُنو شيء، فإنه يبقى الإعراب، وينوّن، إذ لا معارض له لا لفظا ولا تقديرا.
وإنما بنيت هذه الكلمات في هذه الحالة على حركة ليُعلم أن لها أصلا2 في الإعراب، وكانت ضمة لأنها أقوى الحركات، فجبرت هذه الكلمات بالبناء عليها، لما لحقها من الوهن بحذف المضاف إليه3. والله أعلم.
ص: وما ألحق بها، وهو ليس غير4.
ش: الثاني من المبني على الضم، ما ألحق بالظروف المذكورة وهو (غير) 5 الواقعة بعد (ليس) إذا حذف ما أضيف إليه لفظا. كقبضت6 عشرةً ليس غيرُ، والمعنى ليسَ غيرُها. وبنيت بناء الظروف المذكورة لاشتراكهما في الإبهام.
1 في (أ) : (لوجود المعارض وهو المعارض الإضافة) ، وهو تكرار لا معنى له.
2 في (أ) : علاقة، وفي (ب) : عراقة. والمثبت من (ج) .
3 ينظر أسبابا أخرى لبنائها على الضم في أسرار العربية ص 31 وشرح المفصل 4/86.
4 كذا جاء في النسخ، وجاءت هذه العبارة في الشذور المطبوع ص 7 كذا:
(وغير إذا حذف ما تضاف إليه، وذلك بعد ليس، كقبضت عشرة ليس غير في من ضم ولم ينوّن) وهو- كما ترى- مختلف عما جاء في النسخ.
5 ساقطة من (ج) .
6 في (أ) و (ب) : كبقت له، والتصويب من (ج) .
قال في الشرح 1: "ولا يحذف ما أضيفت إليه (غير) إلا بعد (ليس) ، وأما ما يقع في عبارات العلماء من قولهم: لا غيرُ، فلم تتكلم به العرب". انتهى.
وفيه نظر، فقد قال الشاعر:
19-
جوابًا به تنجو اعتَمدْ فَوَربِّنا
…
لعَنْ عَمَلٍ أسلفتَ لَا غيرُ تُسألُ2
حكاه ابن مالك3 وغيره4.
ص: وألحق بها (عل) المعرفة، ولا تضاف5.
ش: الثالث من المبنيات على الضم (عَلُ)، بشرط أن يراد به معيّن نحو قوله:
20-
...............
…
وأتيت نحو بني كليب من عَلُ6
1 شرح شذور الذهب ص 106.
2 البيت من الطويل، وهو مجهول القائل. وجاء في (ج)(سيال) بدل (تسأل) وهو تحريف، والبيت من شواهد شرح التسهيل لابن مالك [ق 171/ ب] والقاموس المحيط 2/109 والتصريح 2/50 والمطالع السعيدة 1/67 والأشموني 2/267 والدرر 3/116.
والشاهد فيه استعمال (غير) مبنية على الضم بعد (لا) وحذف ما أضيفت إليه، وفيه رد على ابن هشام.
3 في باب القسم من شرح التسهيل [ق 171/ ب] .
4 وممن حكاه أيضا الفيروزآبادي في القاموس المحيط 2/ 109 (غير) .
5 كذا في الشذور ص 7، والذي في النسخ:(وعل ولا يضاف) .
6 عجز بيت من الكامل، وهو للفرزدق يهجو جريرا، وصدره في الديوان:
إني ارتفعت عليك كل ثنية
…
................................
ينظر ديوان الفرزدق 2/ 161 وفيه: (وعلوتُ فوق) بدل (وأتيت نحو) .
والبيت من شواهد شرح المفصل لابن يعيش 4/89. والعيني 3/447 والتصريح
2/54 وهمع الهوامع 1/210.
والشاهد فيه بناء (عل) على الضم، لأنه أريد بها المعرفة.
أي من فوقهم، ولو أُريد بها غير معيّن أعربت، كقوله:
21-
...............
…
كجلمودِ صَخَرٍ حطّه السيلُ من عَلِ1
أي من مكان عال.
وأفاد عطف المصنف إياها على (ليس غير) أنها بُنيتْ تشبيها ب (قبل) و (بعد) . ومنه يؤخذ اشتراط كونها لمعين.
ثم إن (عل) لا يضاف، خلافا لما وقع للجوهري2، واقتضاه
1 عجز بيت من الطويل، وهو لامريء القيس الكندي من معلقته المشهورة، وصدره:
مكر مفر مقبل مدبر معا
…
..............................
ينظر ديوان امريء القيس ص 19. والبيت من شواهد سيبويه 4/228 وشرح المفصل 4/89 والمقرب 1/215 والعيني 3/ 449 والتصريح 2/54 والهمع 1/210 والأشموني 2/ 269 وشرح أبيات المغني 3/360.
والشاهد فيه إعراب (عل) لما قصد بها النكرة.
2 قال الجوهري في الصحاح 6/2435: (يقال أتيته من علِ الدار) . فجعلها مضافة.
والجوهري هو إسماعيل بن حماد أبو نصر الفارابي، كان من أعاجيب الزمان، ذكاءً وفطنةً وعلماً وكان إماما في اللغة والأدب، قرأ العربية على أبي على الفارسي والسيرافي، وصنف كتبا منها الصحاح ومقدمة في النحو وعروض الورقة. توفي سنة 393 هـ.
ترجمته في إنباه الرواة 1/229 ومعجم الأدباء 6/151 وإشارة التعيين ص 55 وبغية الوعاة 1/446 وشذرات الذهب 3/ 142.
كلام ابن مالك1. ولا يستعمل إلا مجرورا بمن2، كما مثلنا.
ص: وأيُّ الموصولة إذا أضيفت وكان صدر صلتها ضميرا محذوفا نحو {أَيُّهُم أَشَدُّ} 3 وبعضهم يعربها مطلقا.
ش: الرابع من 17/أالمبنيات على الضم (أي) الموصولة، وذلك إذا أضيفت وكان صدر صلتها الذي هو المبتدأ ضميرا محذوفا4.
نحو قوله تعالى: {لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ} 5، وقول الشاعر:
22-
........ .......
…
فسلّم على أيُّهم أفضل6
1 في الألفية حيث إنه ذكر (عل) في عداد ألفاظ الغايات،، فاقتضى كلامه جواز إضافتها كغيرها راجع الأشموني 2/270- 271.
2 في (ج) : إلا مضافة، وهذا خلاف ما قرره، لأن الشارح قال قبل ذلك:"ثم إن عل لا يضاف"، فلا داعي لتكرير هذا الحكم مرة أخرى.
3 من الآية 69 من سورة مريم.
4 هذا مذهب سيبويه وبعض البصريين.
ينظر الكتاب 2/400 وشرح المفصل 1/145 وارتشاف الضرب 1/534 والتصريح 1/136.
5 من الآية 69 من سورة مريم.
6 عجز بيت من المتقارب، وينسب لغسان بن وعلة، وصدره:
إذا ما لقيت بني مالك.
…
وهو من شواهد الإنصاف 2/715 وشرح المفصل 3/147 وشرح الكافية الشافية 1/285 وشرح التسهيل لابن مالك 1/334 وتوضيح المقاصد 1/244 والمغني ص108 والعيني 1/436 والتصريح 1/135 والهمع 1/91 وشرح الأشموني 1/166 والخزانة 6/61.
والشاهد فيه بناء (أيّ) الموصولة على الضم لما أضيفت وحذف صدر صلتها، وهذا يرجح مذهب سيبويه. قال ابن يعيش عند ذكره هذا البيت 3/147:(وهذا نص في محل النزاع) .
واحترز بقوله: (إذا أضيفت) عما إذا لم تضف، سواء ذكر صدر صلتها، كأعجبني أيٌّ هو قائم أو1 لم يذكر، كأعجبني أيٌّ قائم.
و (بحذف صدر صلتها) عمّا إذا ذكر كأعجبني أيهم هو قائم، فإنها معربة في هذه الحالات الثلاث2.
وبعضهم3 أعرب4 (أيا) في الحالة الأولى أيضا.
كما قرئت الآية5 بالنصب6، وروي البيت
1 كذا في النسخ، والأولى (أم) .
2 في (ج) : (الثلاثة) ، وهو صحيح أيضا، لأنه العدد إذا وقع صفة لمعدود جاز فيه مراعاة قاعدة العدد، ومراعاة قاعدة الصفة من موافقتها للمعدود (الموصوف) تذكيرا وتأنيثا. تنظر حاشية الصبان على الأشموني 4/ 61.
3 هذا مذهب الخليل ويونس والكوفيين، حيث يرون أن (أيًّا) الموصولة معربة مطلقا. تنظر أدلتهم في الكتاب 2/398- هارون والإنصاف 2/709 وشرح المفصل 3/145.
4 في (ج) : (إعراب) ، وهو خطأ.
5 أي الآية السابقة، وهي قوله تعالى:{ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ} .
6 وهي قراءة معاذ بن مسلم وطلحة بن مصرف وزائدة عن الأعمش وهي من الشواذ، ينظر مختصر في شواذ القرآن لابن خالويه ص 86 والبحر المحيط 6/209.
بالجر1، ولهذا قال الشيخ:(وبعضهم يعربها مطلقا) .
وإنما أعربت (أي) ، في الحالات الثلاث المذكورة، وبنيت في الحالة الأولى، لأن قياسها البناء، كأخواتها، وإعرابها على خلاف القياس، فلما نقصت صلتها التي هي مُبينة لها وموضحة رجعت إلى ما عليه2 أخواتها من البناء3.
وكانت حركة بنائها ضمة تشبيها ب (قبل) و (بعد) ولهذه العلة يشير عطف المصنف4 لها على (قبل) و (بعد) كما نبهنا عليه فيما قبلها.
فإن قلت5: فلم لم تبن عند حذف الصدر إذا كانت غير مضافة، نحو (لأضربنّ أيًّا أفضلُ) لنقص صلتها، كما قررت في المبنية.
فالجواب: لئلا يجتمع عليها تغييران، تغيير البناء وتغيير حذف المضاف إليه بخلاف المضافة، فإنه ليس6 فيها إلا تغيير البناء فقط. والله أعلم.
1 أي بجر (أي) في قوله: فسلم على أيهم أفضل.
2 في (ج) : ما عليها.
3 ينظر التعليل في أسرار العربية 383 وشرح المفصل 3/145 والهمع 1/91.
4 في (أ) : المنصرف، وهو تحريف. صوابه من (ب) و (ج) .
5 في (ج) : فإن قيل.
6 في (ج) : فإنها ليست.
ص: أو الضم، أو نائبه، وهو الألف والواو (وهو نوع واحد 1) وهو المنادى المفرد المعرفة، نحو يازيد و [يَا جِبَالُ] 2 ويازيدان ويازيدون.
ش: الثامن3 ما بني على الضم أو نائبه الذي هو الألف والواو.
وقد تقدم أنهما ينوبان عنه. وهذا المبني نوع واحد لاغير.
ويجب أن يبنى على ما يرفع به لو كان معربا، وهو المنادى.
والمنادى هو المطلوب إقباله بحرف نائب مناب أدعو.
فخرج بالقيد الأخير4 قولك: أطلب إقبال زيد، فإنه ليس بحرف.
وليس كل منادى يبنى، بل المنادى الذي اجتمع فيه أمران:
الأمر الأول الإفراد، ونعني به ألا يكون مضافا ولا شبيها به، كما مر في باب (لا) النافية5. فيدخل فيه المركب المزجي، نحو يا معديكربُ والمثنى نحو يازيدان، والمجموع على حدّه نحو يازيدون ويا مسلمون، وجمع المؤنث السالم نحو (يا هنداتُ) . الأمر الثاني: التعريف، سواء كان تعريفه سابقا على النداء، نحو (يازيد) أو عارضا في النداء بسبب 17/ب القصد والإقبال، نحو (يارجل) مراداً به معين.
1 هذه العبارة لم ترد في شذور الذهب المطبوع.
2 من الآية 10من سورة سبأ، ولم ترد في النسخ، بل أضفتها من الشذور ص 7.
3 أي من المبنيات عموما.
4 وهو قوله: (بحرف نائب مناب أدعو) .
5 تقدم ذلك في ص 246.
فخرج بالقيد الأول1 المضاف، ك (يا غلام زيد) والشبيه به، وهو ما اتصل به شيء من تمام معناه. ك (ياطالعا جبلا) .
وبالقيد الثاني2 النكرة التي ليست مقصودة، كقول الأعمى: يا رجلاً خذ بيدي، فهي معربة بالنصب. كما سيذكره في باب المنصوبات.
وإنما بُني المنادى المفرد المعرفة لشبهه بالمضمر3 لفظا ومعنى4 أما في اللفظ فلأنه مفرد، وأما في المعنى فلأنه مخاطب.
وبُني على حركة إعلاما بأن له قَدَماً5 في الإعراب، وأن بناءه غير أصل.
وكانت ضمة تنبيها على قوته وتمكينه في الأصل، قبل عروض النداء، والضمة أقوى الحركات وهي علامة العُمَد لا الفضلات.
وقيل6: إنما بُني على الضم فرقا بين حركتي المنادى المعرب، نحو
1 من قوله: الأمر الثاني إلى هنا ساقط من (ج) .
2 وهو قوله في المتن: المعرفة.
3 أي بضمير المخاطب. وفي (أ) : بالمفرد بالمضمر المعرفة، وهي زيادة لامعنى لها.
4 قال أبو البركات بن الأنباري في أسرار العربية ص 224: "بني لوجهين أحدهما أنه أشبه كاف الخطاب، وذلك من ثلاثة أوجه الخطاب والتعريف والإفراد. ثم قال: والثاني أنه أشبه الأصوات لأنه صار غاية ينقطع عندها الصوت، والأصوات مبنية فكذلك ما أشبهها".
5 أي سابقة وتقدّما، وهذا من المجاز، ينظر أساس البلاغة للزمخشري ص 358.
6 ذكر هذا القول ابن الأنباري في ضمن أوجه أخرى في أسرار العربية ص 224. وينظر شرح الكافية للرضي 1/133.
ياقومَنا وياقومي والمنادى المبني، نحو يا قومُ، كما فعلوا ذلك في نحو قبلَك ومن قبلِك ومن قبْلُ.
ص: وإما ألاّ يختص بشيء بعينه 1، وهو الحروف، كهَلْ وثُمّ وجَيرِ ومُنْذُ.
ش: هذا هو الباب التاسع من المبنيات، وتقدم أنه يذكر فيه ما ليس له قاعدة مستقرة2 وهو مراده بقوله (ألاّ يختصُّ بشيء بعينه) .
أي أن هذه3 المبنيات المذكورة في هذا الباب لا تختص بشيء من أنواع البناء، كما في الأبواب السابقة، حيث اختص كل باب منها بنوع4 من أنواع البناء، بل تتعاقب عليها أنواع البناء، على ما سنبين إن شاء الله تعالى.
ثم إن هذا البناء 5 يكون تارة في الحروف وتارة في الأسماء.
وبدأ المصنف بالحروف لأن الأصل فيها جميعها البناء بالإجماع، إذ ليس فيها مقتضى [الإعراب] 6 فإنها لا تتصرف ولا يتعاقب عليها من المعاني ما يحتاج لإعراب.
1 في شذور الذهب ص 7: وإما ألا يطرد فيه شيء بعينه، والمعنى واحد.
2 في (أ) : مستمرة. والمثبت من (ب) و (ج) . وقد تقدم ذلك في ص 228.
3 في (ج) : أشار إلى أن المبنيات.
4 في (ج) : كل نوع منها من أنواع البناء.
5 أي هذا النوع من البناء وهو الذي لا يختص بشيء معين.
6 ساقطة من (أ) . وأثبتها من (ب) و (ج) .
إذا علم ذلك فالأصل في البناء سواء كان في حرف أو في غيره أن يكون بالسكون لأنه أخف، فلا يعدل عنه إلا بسبب يقتضي العدول، وحينئذ فإذا جاء شيء مما الأصل فيه البناء كالحروف، وكذلك الأفعال، مبنيا على السكون فلا يسأل1 عنه لأنه جاء على أصله في الحالين2.
وإن جاء مبنيا على حركة سئل عنه سؤالان:
كأن يقال: ما سبب العدول إلى الحركة؟ ولم كانت كذا؟
وإن جاء شيء مما الأصل فيه الإعراب وهو الأسماء مبنيا على السكون3 سئل عنه سؤال واحد، وهو أنه لِم بُني؟ لأنه خرج بالبناء عن الأصل. وإن جاء مبنيا على حركة سئل عنه ثلاثة أسئلة.
سؤال عن سبب بنائه، وسؤال عن سبب العدول 18/أإلى الحركة، ولم كانت الحركة كذا؟ ثم مثل للحرف بأربعة أمثلة. (هلْ) وهو مبني على السكون، و (ثُمّ) وهو مبني على الفتح فرارا من التقاء الساكنين وطلبا للتخفيف، و (جَير) 4 وهو مبني على الكسر، فرارا من التقاء الساكنين، بحركة أصلية5 في التخلص منه، و (منذُ) أي في لغة من يجرّ
1 في (ج) سؤال.
2 وهما البناء والسكون، وما جاء على أصله لا يسأل عن علّته.
3 سقط من (ب) من قوله: فلا يسأل، إلى هنا بسبب انتقال النظر.
(جَير) حرف جواب بمعنى (نعم) وقيل هو اسم بمعنى حقًّا، ينظر الجنى الداني ص433 ومغني اللبيب ص 162.
5 في (ج) : وكونه أصله.
بها1، وهذا قيد لكونها حرفا، لا لكونها مبنية على الضم، فإنها مبنية عليه، سواء كانت حرفا أم اسما. وإنما بنيت حال كونها اسما لموافقتها الحرفية لفظا ومعنى.
وكان بناؤها على الحركة لأجل النون الساكنة، وكانت ضمة لشبهها بالغايات ك (قبل) و (بعد) إذْ هو على ثلاثة أحرف ثانيها ساكن2 أو إتباعا لضمة الميم3. والله أعلم.
ص: وبقية 4 الأسماء غير المتمكنة، وهي سبعة. أسماء الأفعال، ك صهْ وآمينَ وإيهِ 5 وهيْت.
ش: لما فرغ من الكلام على النوع الأول مما لا يدخل بناؤه تحت قاعدة مستقرة وهو الحروف، أخذ يتكلم على النوع الثاني من ذلك، وهي الأسماء التي ليست متمكنة، وهي سبعة.
وبيان ذلك أن الاسم إن أشبه الحرف شبها قويا بلا معارض سُمّي مَبْنيًا وغيرَ متمكن، وإن لم يشبه الحرف الشبه المذكور سُمِّي معربًا ومتمكنا.
1 وهم الحجازيون، فهي عندهم حرف، وبنو تميم يرفعون ما بعدها فهي عندهم اسم. ينظر شرح الكافية للرضي 2/118.
2 في (ج) : ساكنين، وهو تحريف.
3 التي في (منذ) .
4 سقطت من (أ) و (ب) وهي ثابتة في (ج) وكذلك شذور الذهب ص 7.
5 سقطت من (أ) و (ب) وهي ثابتة في (ج) وكذلك شذور الذهب ص 7.
وهذه الأبواب السبعة مَبْنيةٌ وغير متمكنة لشبهها بالحرف شبها قويا بلا معارض كما سنبينه إن شاء الله تعالى في كل منها.
فأولها أسماء الأفعال. والمقتضي لبنائها شبهها بالحرف في أنها تنوب عن الفعل ولا يدخل عليها عامل تتأثر به1. ألا ترى أن صهْ وآمينَ وإيهِ وهَيتَ كل واحد منها بمعنى الفعل، ولا يدخل عليها عامل فيؤثر فيها2.
ف (صهْ) بمعنى اسكت، و (آمينَ) بمعنى استجب، و (إيهِ) ، بمعنى امض في حديثك و (هَيتَ) بمعنى تهيأت3. ولا يدخل عليها شيء من العوامل فتتأثر به. فأشبهت (ليت) و (لعل) مثلا، فإنهما نائبان عن أتمنى وأترجى4 ولا يدخل عليهما عامل فيؤثر فيهما.
واحترز بانتفاء التأثير من المصدر النائب عن فعله، نحو (ضربا) في قولك: ضربًا زيدًا، فإنه نائب عن (اضرب) ، ولكنه يتأثر بالعوامل، تقول:
1 هذا هو مذهب ابن مالك، وقيل: بنيت أسماء الأفعال لشبهها بالفعل المبني، وقيل: لوقوعها موقع المبني.
ينظر شرح الكافية الشافية 1/218 وهمع الهوامع 1/16.
2 قوله: ولا يدخل عليها إلى هنا ساقط من (أ) و (ب) وأثبته من (ج) .
3 وهي على هذا اسم فعل ماض، وقيل: إنها اسم فعل أمر بمعنى أقبل أو أسرع.
ينظر شرح المفصل 4/32 واللسان 2/105 وشرح الشذور ص120.
4 في (أ) : التمني والترجي. والمثبت من (ب) و (ج) .
أعجبني ضربُ زيد، وكرهت ضربَ عمرو، وعجبت من ضربِ عمرو، فيكون معربا.
وبني (آمين) 1 على الفتح فرارا من التقاء الساكنين وطلبا للتخفيف. ومثله (هيت) المفتوحة. و (إيهِ) على الكسر، لأنها الحركة المخلصة من التقاء الساكنين بالأصالة2. و (هيتِ) 18/ب المكسورة3 كذلك4، ومن بناها على الضم فقد شبهها ب (حيث) 5.
ص: والمضمرات، ك (قومي)(و (قمتُ) و (قمتَ) و (قمتِ) .
ش: الباب الثاني من الأبواب السبعة المبنية المضمرات.
وبنيت لشبهها بالحرف في الوضع، لأن أكثرها على حرف واحد أو حرفين، فأشبهت باء الجر ولامه وواو العطف وفاءه، وقدْ وبلْ وهلْ، ونحو ذلك من الحروف، وما كان منها على أكثر من ذلك فمحمول على
(آمين) اسم فعل أمر بمعنى استجب، وفيها لغات، تنظر في المخصص 14/97 وشرح المفصل 4/34 والتبيان في إعراب القرآن 1/11.
2 من قوله: وطلبا للتخفيف إلى التقاء الساكنين، ساقط من (ب) و (ج) بسبب انتقال النظر.
(هيت) فيها عدة لغات: فتح التاء وكسرها وضمها و (هيَّت) بتشديد الياء و (هِيتَ) بكسر الهاء وفتح التاء. ينظر شرح المفصل 4/32 والتسهيل ص 211 وشرح الكافية للرضي 2/71.
4 أي بنيت على الكسر بالأصالة، لأن الكسر هو الأصل في التخلص من الساكنين.
5 ينظر شرح المفصل 4/ 32.
ما كان على حرف أو حرفين1.
وقيل: أشبهت الحروف في الافتقار إلى غيرها، لأن الضمائر لا تتم دلالتها على معانيها إلا بضميمة من مشاهدة أو غيرها2.
وقيل: أشبهت الحروف في الجمود، إذْ لا تُثَنَّى ولا تُصَغَّر ولا تُجمع3.
وقيل: بُنيت للاستغناء عن إعرابها باختلاف صيغها لاختلاف معانيها4. وما بعد الوجه الأول أعم منه.
وحُركت التاء لكونها على حرف واحد، ثم لما كانت تاء المتكلم أعرف5 من تاء المخاطب خُصّت بالضمة التي هي أقوى الحركات. ولأصالة المذكر بالنسبة إلى المؤنث خصّ بالفتحة التي هي أخف الحركات. ولم يبق إلا الكسرة فأعطيتها تاء المخاطبة.
ص: والإشارات ك (ذي) 6 و (ثَمّ) و (هؤلاء) .
ش: الباب الثالث من مبنيات الأسماء أسماء الإشارة.
والسبب في بنائها شبهها بالحرف في المعنى، لأنها أدت معنى من
1 ساقط من (ج) .
2 كما ذكره الرضي، ينظر شرح الكافية للرضي 2/3 والتصريح 1/100.
3 ينظر شرح الألفية لابن عقيل 1/92.
4 ذكر هذه الأوجه جميعا ابن مالك في التسهيل ص 29 والشيخ خالد الأزهري في التصريح 1/100.
5 أي أخصّ.
6 ساقطة من (أ) . وفي (ج) تكرر كلمة (هؤلاء) الآتية.
المعاني وهو الإشارة1، والمعاني حقها أن تؤدى بالحروف، فإذا أَدّى اسم من الأسماء معنى من المعاني بُني، سواء وضع لذلك المعنى حرف كالشرط مثلا، أم لم يوضع له حرف كالإشارة2.
ثم إن من أسماء الإشارة ما ضعف السبب فيه فأُعرب ك (هذان) و (هاتان) كما سيذكره المصنف في الباب الآتي.
وفتح (ثَمّ) 3 تخلصا من التقاء الساكنين بأخف الحركات.
وكسرت (هؤلاء) في اللغة المشهورة للتخلّص منه بالحركة4 الأصلية فيه.
ومن ضمّ5 فقد راعى حركة الأول6.
ص: والموصولات كالذي [والتي] 7 والذين والألاء8 فيمن
1 هذا تعليل الجمهور، وقال الجرجاني: بنيت أسماء الإشارة لمخالفتها سائر الأسماء في عدم لزوم المسمى. ينظر المقتصد للجرجاني 1/140 وشرح المفصل 3/126.
2 وقيل: إن الإشارة قد وضع لها حرف وهو (أل) العهدية، لأنها للإشارة إلى المعهود إلا أنها للإشارة الذهنية. تنظر حاشية ياسين على التصريح 1/49.
(ثَمّ) اسم إشارة للبعيد بمعنى هناك، ينظر التصريح 1/129.
4 في (أ) : بالحركات، صوابه من (ب) و (ج) .
5 أي مَن بَنى هؤلاء على الضم. وهي لغة حكاها قطرب. ينظر شرح التسهيل لابن مالك 1/271.
6 أي حركة الحرف الأول وهو الهمزة الأولى في (أولاء) .
7 سقطت من النسخ، وأضفتها من شذور الذهب ص 8.
8 سقطت من (أ) و (ب) وهي ثابتة في (ج) والشذور.
مدّه وذات فيمن بناه [وهو الأفصح] 1 إلا ذين، وتين واللذين واللتين فكالمثنى) 2.
ش: الباب الرابع من مبينات الأسماء الموصولات جميعها إلا ما استثناه المصنف، وموجب بنائها شبهها بالحرف في الاستعمال3.
لأنها مفتقرة افتقارا متأصلا إلى جملة، ألا ترى أنك تقول: جاء الذي، فلا يتم معناه حتى تقول: قام أبوه، ونحوه من الصلات.
واحترز بأصالة الافتقار من نحو {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ 19/أالصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} 4 ف (يوم) مفتقر إلى ما بعده، لكنه افتقار عارض في بعض التراكيب دون بعض، بدليل أنك تقول: صمتُ يوما، وسرتُ يوما، فلا تحتاج إلى شيء.
واحترز بذكر الجملة من نحو (سُبحان) و (عندَ) فإنهما مفتقران بالأصالة لكن إلى مفرد5، لا إلى جملة.
1 سقطت من النسخ، وأضفتها من شذور الذهب ص 8.
2 سقطت من (أ) و (ب) وهي ثابتة في (ج) والشذور.
3 هذا قول ابن مالك وغيره، وهناك أقوال أخرى في سبب بناء الموصولات.
ينظر في ذلك شرح المفصل 3/138 وشرح عمدة الحافظ ص 111 وشرح الكافية للرضي 2/35 والهمع 1/16.
4 من الآية 119 من سورة المائدة.
5 لأنهما ملازمان للإضافة إلى مفرد، تقول:(سبحان الله) و (عند زيد) .
واستثنى المصنف لفظتين من أسماء الإشارة وهما (ذانِ) و (تانِ) ولفظتين من الموصولات وهما (اللذان) و (اللتان) ، فإنها معربة بإعراب المثنى، لِمَا عارض سبب البناء من مجيئها على صورة التثنية1 التي هي من خصائص الأسماء.
تنبيه:
قد عُلم مما تقدم أن (أيّا) الموصولة حيث أعربت تكون مستثناة. ولهذا لم يصرح هنا كما قال2 باستثنائها مع ما استثناه.
وإنما أخر استثناء لفظتي الإشارة إلى هنا، وإن كان بابهما تقدم مراعاة الاختصار، ولاشتراكهما في الموجب لضعف الشبه 3.
ولا يخفى أن استثناء الأربعة المذكورة إنما هو عند من يقول: إنها معربة4 وأما من يقول، كابن الحاجب5 وجماعة6: إنها صيغ موضوعة للمرفوع والمنصوب، وهي مبنية لقيام علة البناء، فلا.
وقوله: (والألاء فيمن مدّه) احترز به عن لغة القصر7، فإنه حينئذ
1 كذا في (أ) و (ب)، وفي (ج) : المثنى.
2 أي ابن هشام في شرح الشذور ص 124.
3 في (أ) : السبب، والمثبت من (ب) و (ج) .
4 وهذا قول الزجاج وابن مالك. ينظر شرح التسهيل لابن مالك 1/213 وشرح الكافية للرضي 2/ 31.
5 ينظر الإيضاح في شرح المفصل لابن الحاجب 1/ 481.
6 وهو مذهب كثير من العلماء. ينظر شرح الكافية للرضي 2/31.
7 لغة القصر هي (الألى) بمعنى (الذين) وهي المشهورة.
لا يقبل الحركة.
وقوله: (وذات فيمن بناه) احترز به عما إذا أعربتْ، وهي لغة قليلة1 حكاها بعضهم2، فلا يصح التمثيل بها حينئذ.
ولا يخفى عليك بعد معرفة ما تقدم وجه التحريك في هذه المتحركات الثلاث3 ووجه اختصاص كل منها ببعض الحركات دون بعض. والله أعلم4.
ص: وأسماء الشروط والاستفهام، ك (مَن) و (ما) و (أينَ) إلا (أيّا) فيهما، وبعض الظروف ك (إذ) والآن وأمس وحيثُ مثلَّثًا.
ش: ذكر المصنف في هذا الكلام5 بقية الأبواب السبعة المبنية من الأسماء، وهي ثلاثة: أسماء الشروط وأسماء الاستفهام وبعض الظروف.
فأما أسماء الشروط والاستفهام فبنيت لشبهها بالحرف في المعنى، كما تقدم. فالكلمات الثلاث الأولى6 تصلح للشرط والاستفهام.
فمثالها في الشرط أن تقول7 مَن يقمْ أقمْ معه وما8 تفعل تجزَ به،
1 حيث تعرب بالحركات إعراب ذات بمعنى صاحبة. ينظر التصريح 1/138.
2 هو أبو حيان في الارتشاف 1/527.
3 وهي (أيّ) الموصولة و (الألاء) و (ذاتُ) .
4 ساقطة من (ج) .
5 في (ج) : (الباب) .
6 وهي مِنْ وما وأينَ.
7 ساقط من (ج) .
8 في (ج) : مَن، وهو تحريف، لأن مَن قد تقدم مثالها.
وأين تجلسْ أجلسْ.
ومثالها في الاستفهام من قامَ؟ وما فعلت؟ وأين بيتُك؟.
واستثنى المصنف من البابين1 (أيّا) فإنها معربة، وإن أدتْ المعنى فإنها استعملت شرطا، نحو {أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْت} 2 واستفهاما، نحو {فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقّ} 3 لضعف الشبه فيها بما عارضه من مجيئها ملازمة للإضافة التي هي من خصائص الأسماء.
ولا يخفى وجه الفتح في (أين)4.
19/ب وأما بعض الظروف فأشار المصنف إلى أنه ليس داخلا تحت ضابط بقوله: ك (إذ والآن) إلى آخره.
والمعنى أن بعض الظروف يبنى لشبهه بالحرف، وإن اختلف وجه الشبه بأن كان في بعض الأفراد غير ما في البعض5 الآخر.
فأما (إذ) و (حيث) فوجهُ بنائهما افتقارهما افتقارا متأصلا إلى جملة كالموصولات، لأنك تتقول: جئتك إذْ، أو حيثُ، فلا يتم المعنى
1 وهما باب الشرط وباب الاستفهام.
2 من الآية 28 من سورة القصص.
3 من الآية 81 من سورة الأنعام.
4 وهو طلب التخفيف، كما هو ظاهر.
5 دخول (أل) على (بعض) منعه بعض العلماء، وأجازه بعضهم، قال الزجاجي:"وإنما قلنا البعض والكل مجازا، وعلى استعمال الجماعة له مسامحة، وهو في الحقيقة غير جائز". ينظر تفصيل ذلك في لسان العرب 7/119 (بعض) .