الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ هَلَاكِ الأُمَّةِ بَعْضِهِم بِبَعِضٍ
(80)
ولِمسلم1: عن ثَوبَانَ. قال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم –:
"إنّ الله زَوَى2 لي الأرضَ، فرأيتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَها، وإنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا ما زُوِيَ لِي مِنْهَا، وَأُعْطِيْتُ الْكَنْزَيْنَ: الأَحْمَرَ وَالأَبْيَضَ3. (قال ابنُ ماجه: يَعْنِي الذّهبَ والفضّةَ) ، وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لأُمَّتِي أَلاّ يُهْلِكَهَا
1 صحيح مسلم بشرح النووي – ج18 – كتاب الفتن وأشراط الساعة – باب هلاك هذه الأمة: بعضهم ببعض – ص13.
وأخرجه ابن ماجه – ج2 – كتاب الفتن – باب ما يكون من الفتن – ص 1304 – مع اختلاف اللفظ.
وكذلك أخرجه أبو داود بشرح عون الْمعبود، ج11، كتاب الْفِتَن ص 322.
2 "زوى"، أي: جمع وضم بعضها إلى بعض. والمراد من الأرض ما سيبلغها ملك الأمة. يدل عليه ما بعده.
3 يعني: من كنزي كسرى وقيصر: ملكي العراق والشام.
بِسَنَةٍ بِعَامَّةٍ، وألاّ يُسَلِّطَ عَلَيْهُم عَدُواً مِن سَوى أَنْفِسِهُم، فَيَسْتَبِيْحَ بَيْضَتَهُم1، وَإنَّ رَبِّي قال: يا محمّد! إذا قَضَيْتُ قَضَاءً، فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ، وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لأُمَّتِكَ: أَلاّ أُهْلِكَهُم بِسَنَةٍ بِعَامَّةٍ2. وألاّ أُسَلِّطَ عَلَيْهُم عَدُواً مِن سِوى أَنْفِسِهًم، فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُم، وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهُم مَنْ بِأَقْطَارِهَا، أو قال: مَنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُم يُهْلِكُ بَعْضاً، وَيَسْبِي بَعْضُهُم بَعْضاً.
1 فيستبيح بيضتهم: أي جماعتهم وأصلهم. والبيضة أيضاً: العز والملك.
قال في النهاية: بيضة الدار: وسطها ومعظمها. أراد عدو يستأصلهم ويهلكهم جميعهم.
2 المعنى: لا أهلكهم بقحط؛ بل إن وقع قحط، فيكون في ناحية يسيرة، بالنسبة إلى باقي بلاد الإسلام.
وفي صحيح مسلم: "بسنة عامة"، بدون الباء مع لفظ عامة – وما في المخطوطة موافق لسنن أبي داود – والباء فيها زائدة زيادتها في قوله تعالى:{وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} ، [الحج: من الآية: 25] ، ويجوز ألا تكون زائدة، ويكون قد أبدل عامة من سنة بإعادة العامل. تقول: مررت بأخيك بعمرو.
ومنه قوله تعالى: {قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ} ، [الأعراف، من الآية: 75] .
(81)
زاد أبو1 داود: "وإنّما أَخَافُ على أُمَّتِي الأَئِمَةَ الْمُضِلِّين2. وإذا وُضع السّيفُ فِي أُمِّتِي، لَمْ يُرْفَعُ عَنْهَا إِلَى يوم الْقِيامَةِ3. ولا تقوم السّاعةُ، حتّى يَلْحَقَ قَبَائِلُ مِن أُمَّتِي بِالْمُشْرِكِين، وحتّى تَعْبُدَ قَبَائِلُ مِن أُمَّتِي الأوثانَ، وَأنَّهُ سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي كَذَّابُونَ ثَلاثُون كُلُّهُم يَزْعَم أَنَّه نَبِيٌّ. وَأنَا خَاتِمُ النّبيِّين. لا نَبِيَّ بَعْدِي. ولا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِن أُمَّتِي على الحقِّ ظاهِرِين. لا يَضُرُّهُم مَن خَالَفَهُم. حتّى يأْتِيَ أَمْرُ الله".
(82)
ولِمسلم4: عن سعد أنّ رسول الله – صلّى
1 عون المعبود بشرح سنن أبي داود - ج 11 – كتاب الفتن – ذكر الفتن ودلائلها – ص 322.
عن ثوبان: الراوي للحديث السابق في مسلم.
وكذلك أخرجه الترمذي في الفتن ج6 – ص 398 – أحوذي.
2 "الأئمة المضلين"، أي: الداعين إلى البدع والفسق والفجور.
3 فإن لم يكن في بلد، يكون في بلد آخر – والحديث مقتبس من قوله تعالى:{أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} ، [الأنعام، من الآية: 65] .
4 صحيح مسلم بشرح النووي ج18 – كتاب الفتن وأشراط الساعة باب هلاك الأمة بعضهم ببعض ص14.
الله عليه وسلّم – أقبل ذَاتَ يَوْمٍ مِنَ الْعَالِيَةِ1، حتّى إذا مرّ بِمَسْجِد بَنِي مُعَاوِيَةَ، دَخَلَ، فَرَكَعَ فِيهِ ركْعَتَيْنِ، وَصَلَّينَا مَعَهُ، ودعا ربّه طويلاً، ثمّ انصرف إلينا، فقال:"سَألْتُ ربِّي ثلاثاً، فأعطانِي ثِنْتَيْن، وَمَنَعَنِي واحدةً، سألتُ ربِّي: ألاّ يُهْلِكَ أمّتِي بالسَّنَّة2، فأعطانيها. وسألته ألاّ يهلك أمّتي بِالْفَرَقِ، فأعطانيها. وسألته: ألاّ يجعل بأسهم بينهم، فمنعنِيها ".
1 العالية: اسم لكل ما كان من جهة نجد من المدينة من قراها وعمايرها – معجم البلدان.
2 السنة: الجدب. يقال أخذتهم السنة إذا أجدبوا، وأقحطوا. النهاية.