المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا - أحاديث في الفتن والحوادث (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الحادي عشر)

[محمد بن عبد الوهاب]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ الْفِتَنِ

- ‌بَابُ أَمَارَاتِ السَّاعِةِ

- ‌باب: من أحاديث الفتن

- ‌بَابُ النَّهْيِ عن السَّعْيِ فِي الْفِتْنَةِ

- ‌بَابُ التّعرّب فِي الْفِتْنَةِ

- ‌بَابُ النَّهي عَن تَعَاطِي السَّيْفِ الْمَسْلُولِ

- ‌بَابُ بَدَأَ الإسْلَامُ غَرِيْباً وَسَيَعُودُ غَرِيباً

- ‌بَابُ لَا يَأْتِي زَمَانٌ إِلَاّ وَالَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ

- ‌بَابُ تَحْرِيْمِ رُجُوعِ الْمُهَاجِرِ إِلَى اسْتِيْطَانِ وَطَنِهِ

- ‌بَابُ إِذَا الْتَقَى الْمُسْلَمَانِ بِسَيْفِهِمَا

- ‌بَابُ هَلَاكِ الأُمَّةِ بَعْضِهِم بِبَعِضٍ

- ‌بَابُ كَفِّ اللِّسانِ فِي الْفِتْنَةِ

- ‌باب: من أحاديث النهي عن السعي في الفتنة

- ‌باب: من أمارات الساعة

- ‌بَابُ مُلَاحِمِ الرُّومِ

- ‌بَابُ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ الدُّخَانُ

- ‌باب: الدجال وصفه وما معه

- ‌ باب قصّة الجساسة

- ‌بَابُ فِي سُكْنَى الْمَدِينَةِ وَعِمَارَتِهَا

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَهْدِيِّ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْمَسِيحِ بْنِ مَريَم وَالْمَسِيحِ الدَّجَّالِ

- ‌باب: من أحاديث الدجال

- ‌بَابٌ فِي خُرُوجِ الدَّابَّةِ

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌باب بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا

‌بَابُ بَدَأَ الإسْلَامُ غَرِيْباً وَسَيَعُودُ غَرِيباً

(66)

ولِمُسْلِمٍ1: عن أبِي هُرَيْرَةَ: عن النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم قال:

"بَدَأَ الإسلامُ غَريباً وَسَيَعُودُ غَريْباً كَمَا بَدَأَ2") .

(67)

ورواه أحمدُ3: عن ابن مَسْعُودٍ: - وفي آخره -: "فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ"

1 صحيح مسلم بشرح النووي ج 2 – كتاب الإيمان – باب بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً ص 175.

وفي سنن ابن ماجه ج2 – كتاب الفتن – باب بدأ الإسلام غريباً ص 1319.

2 في صحيح مسلم: "وسيعود كما بدأ غريباً"، وفي ابن ماجه: وسيعود غريباً.

3 مسند الإمام أحمد ج1 – ص 398 -

4 هذه الجملة: "فطوبى للغرباء"، موجودة في صحيح مسلم، وفي سنن ابن ماجه تتمة الحديث السّابق.

ومعنى الحديث: أن الإسلام بدأ في أحاد من الناس وقلة، ثمّ انتشر وظهر ثم سيلحقه النقص والإخلال. حتى لا يبقى إلاّ في آحاد وقلة أيضاً، كما بدأ. فبدأ بالهمز – من الابتداء. وهو الأشهر – ويؤيده المقابلة بالعود. فإن العود يقابل الابتداء، ويحتمل: أن يكون بدون همزة. ومعناه: ظهر. وغربة الإسلام: لقلة أهله. وأصل الغريب: البعيد عن الوطن. وقد فسر الرّسول صلى الله عليه وسلم: الغرباء بالنّزّاع من القبائل- والنّزّاع: جمع نازع ونزيع وهو: الغريب الذي نزع عن أهله وعشيرته، قال الهروي: أراد بذلك المهاجرين الذين هجروا أوطانهم إلى الله تعالى:

ومعنى: "طوبى للغرباء"، طوبى: فُعلى من الطيب قاله الفراء.

قال: وإنما جاءت الواو لضمة الطاء. أما معناها: فاختلف المفسرون في معنى قوله تعالى: {طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ} ، [الرّعد، من الآية: 29] .

فروى ابن عباس أن معناه: فرح وقرة عين.

وقال عكرمة: نعم مالهم.

وقال الضّحاك: غبطة.

وقال قتادة: حسنى لهم.

وعن قتادة أيضاً: معناه: أصابوا خيراً.

وقال إبراهيم خير لهم وكرامة.

وقال ابن عجلان: دوام الخير. وقيل: الجنة.

وقيل: شجرة في الجنة. وكل هذه القوال محتملة في الحديث. والله أعلم.

ص: 95

آخره: قيل: يا رسولَ الله! وَمَنِ الْغُرَبَاءُ؟ قال: "النُّزَّاعُ مِنَ الْقَبَائِلِ".

ص: 96

(68)

ورواه الآجُرِّيُّ1: وعنده: قيل: مَنْ هُم يا رسولَ الله؟ قال: "الّذِينَ يَصْلُحُونَ إِذْ فَسَدَ النَّاسُ".

(69)

ولأَحْمَدَ2: في حديث سعد بن مالك:

"فَطُوبَى يَوْمَئِذٍ لِلْغُرَبَاءِ، إَذَا فَسَدَ النَّاسُ".

1 مسند الإمام أحمد ج4 ص 73 ولفظ الحديث:

عن عبد الرحمن بن سنة: أنه سمع النّبي – صلى الله عليه وسلم – يقول:

"بَدأَ الإِسْلَامُ غَريباً، ثُمَّ يَعُودُ غَريباً كَمَا بَدَأَ، فَطُوبى للغُرباء. قِيلَ يَا رسولَ الله! وَمَن الْغُرَباء؟ قَالَ: الّذينَ يَصْلحون إذا فسد الناس، والذي نفسي بيده لينحازنّ الإيمان إلى المدينة، كما يحوز السّيل. والذي نفسي بيده ليأرزنّ الإسلام إلى ما بين المسجدين، كما تأرز الحية إلى جحرها".

2 مسند الإمام أحمد ج 1 – ص 184 ونص الحديث: عن ابن لسعد بن أبي وقاص قال: سمعت أبي يقول: سمعت النّبي – صلى الله عليه وسلم – وهو يقول:

"إنّ الإيمان يبدأ غريباً، وسيعود غريباً كما بدأ. فطوبى يومئذ لغرباء، إذا فسد الناس. والذي نفس أبي القاسم بيده ليأرزنّ الإيمان بين هذين المسجدين، كما تأزر الحية في حجرها".

ص: 97

(70)

وله1: عن ابن عمرو: عن النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم قال: "طَوبَى لِلْغُرَبَاءِ ".

قلنا: وَمَنِ الْغُرَبَاءُ؟ قال:

"قَوْمٌ صَالِحُونَ قَلِيلٌ، فِي نَاسٍ سُوءٍ كَثِيْرٍ، مَنْ يَعْصِيهُم أَكْثَرُ مِمَّنْ يُطِيعُهُم".

(71)

[وفي الزُّهْدِ: عنه2] :

1 مسند الإمام أحمد ج2 ص 177 – ونص الحديث: عن عبد الله ابن عمرو ابن العاص قال:

قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ذات يوم ونحن عنده: طوبى للغرباء. فقيل: من الغرباء. يا رسول الله؟ قال: أناس صالحون في أناس سوء كثير. من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم.

2 في كتاب الزهد للإمام أحمد – باب حكمة عيسى عليه الصلاة والسلام – ص 77 – ولفظ الحديث عن عبد الله بن عمرو.

"إنّ أحبّ شيء إلى الله – عز وجل – الغرباء"/ قال: قيل: وما الغرباء؟ قال: "الفرّارون بدينهم يُجمعون إلى عيسى عليه السلام يوم القيامة".

وذكره أيضاً صاحب منتخب كنْز العمال في سنن الأقوال والأفعال في منتخبه المطبوع بهامش المسند للإمام أحمد – المكتب الإسلامي بيروت ج1 ص 119 – وفيه لفظ: "يبعثهم الله – عز وجل مع عيسى ابن مريم"، كما في المخطوطة.

ص: 98

"إنَّ أَحَبَّ شِيْءٍ إِلَى الله الْغُرَبَاءُ" قال: "الفَرَّارُون بِدِيْنِهِم، يَبْعَثُهُمُ الله مَعَ عِيْسَى بن مريم عليه السلام". رواه أحمد: عن الْهَيْثَمِ بنِ جَمِيل: ثنا محمد بن مسلم: ثنا عثمان بن عبد الله: عن سليمان ابن هُرْمُز: عنه.

(72)

ولأَحْمَد1: عن الْمُطَّلب بن حَنْطَب: عن النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم قال:

"طُوبَى لِلْغُرَبَاءِ"، قيل: يا رسولَ الله! مَنِ الْغُرَبَاءُ؟ قال: "الذين يَزِيدُونَ إِذَا نَقَصَ النّاسُ".

(73)

وللتِّرمذي2: من حديث كَثِيْرِ بن عبد الله

1 لم نجده في الأصول التي بين أيدينا.

2 تحفة الأحوذي بشرح الترمذي ج 7 – كتاب الإيمان – باب ما جاء أن الإسلام بدأ غريباً، وسيعود غريباً ص 381 ولفظ الحديث في سنن الترمذي:

أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال:

"إنّ الدين ليأزر إلى الحجاز، كما تأرز الحية إلى جُحْرِهَا، وليعقلنّ الله الدين في الحجاز معقل الأروية من رأس الجبل، إنّ الدين بدأ غريباً، ويرجع غريباً، فطوبى للغرباء، الذين يُصلحون ما أفسد الناس من سنتي".

هذا حديث حسن.

ومعنى "يأرز" بكسر الراء، وقد تضم: أي ينضم ويجتمع.

"الحجاز": اسم مكة والمدينة، وما حواليهما من البلاد، وسميت حجازاً؛ لأنها حجزت: أي: منعت وفصلت بين بلاد نجد والغور.

ومعنى "ليعقلن: أي: ليعتصمن. أي يمتنع بالحجاز ويتخذ منه حصناً وملجأ". "والأروية" الأنثى من المعز الجبلي. وهي: بضم الهمزة وتكسر، وتشديد الياء – والمعقل: مصدر بمعنى العقل.

والمعنى: أن الإسلام بدأ غريباً، وسيعود غريباً كما بدأ، وهو يأرز بين المسجدين كما تأرز الحية في جحرها.

والمراد أن أهل الإيمان يفرون بإيمانهم إلى المدينة؛ وقاية بها عليه، أو لأنها وطنه الذي ظهر وقوي بها.

وإنّ الدين في آخر الزمان عند ظهور الفتن، واستيلاء الكفرة والظلمة على بلاد أهل الإسلام، يعود إلى الحجاز، كما بدأ منه.

وأهل الدين في الأول كانوا غرباء، ينكرهم الناس، ولا يخالطونهم، فكذا في الآخر، فطوبى للغرباء أولاً وآخراً، الذين يعملون بسنّتي ويظهرونها بقدر طاقتهم.

ص: 99

الْمُزَنِي: عن أبيه: عن جدّه: عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:

ص: 100

"طُوبَى لِلْغُرَبَاءِ: الذين يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النّاسُ مِنْ سُنَّتِي ".

قال الأَوْزَاعِيُّ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ: أَمَا إِنَّه مَا يَذْهَبُ الإسلامُ، وَلَكِنْ يَذْهَبُ أَهْلُ السُّنَةِ، حَتَّى مَا يَبْقَى فِي الْبَلَدِ مِنْهُم إِلاّ رَجُلٌ وَاحِدٌ.

(74)

وفي الْمُسْنَد1: عن عُبَادَةَ: أنّه قال لِرَجُلٍ من أَصْحَابِهِ:

1 مسند الإمام أحمد – ج 4 ص 125 – ولفظه.

قال عبادة بن الصامت:

"لئن طال بكما عمر أحدكما، أو كلاكما. ليوشكان أن تريا الرجل من ثج المسلمين – يعني من وسط – قرأ القرآن على لسان محمد – صلى اله عليه وسلّم – فأعاده وأبدأه، وأحل حلاله، وحرّم حرامه، ونزل عند منازله. أو قرأه على لسان أخيه قراءة على لسان محمّد صلى الله عليه وسلم – فأعاده وأبدأه، وأحلّ حلاله، وحرّم حرامه، ونزل عند منازله، لا يحور فيكم إلاّ كما يحور رأس الحمار الميِّت"، أصل الحور الرجوع إلى النقص.

والمعنى: أي لا يرجع فيكم بخير ولا ينتفع بما حفظه من القرآن. كما لا ينتفع بالحمار الميت صاحبه. نهاية؟

ص: 101

"يُوْشِكُ أَنْ تَرَى الرَّجُلَ قَدْ قَرَأَ الْقُرْآنِ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَأَعَادَهُ، وَأَبْدَاهُ. فَأَحَلَّ حَلَالَهَ، وَحَرَّمَ حَرَامَهُ. وَنَزَلَ عِنْدَ مَنَازِلِهِ. لَا يَحُورُ فِيكُم، إِلَاّ كَمَا يَحُورُ رَأْسُ الْحِمَارِ الْمَيِّتِ".

ص: 102