الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: من أحاديث الفتن
…
مِنْ أَحَادِيثِ الْفِتَنِ
(47)
ولِمُسْلِم1 عن حذيفة. قال: قَامَ فينا رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم مَقَاماً ما ترك فيه2 شيئاً يكون في مَقَامِهِ ذلك إلى قيامِ السّاعَةِ، إلاّ حَدَّثَ بِهِ. حَفِظَهُ مَنْ حَفِظَهُ، وَنِسَيَهُ مَن نَسِيَهُ3. فَأَذْكُرُه كَما يَذْكُرُ الرّجلُ وَجْهَ الرّجلِ إِذَا غَابَ عَنْهُ. ثُمَّ إِذَا رَآه عَرَفَهُ.
1 صحيح مسلم بشرح النووي جـ18- كتاب الفتن – باب إخبار النّبي – صلى الله عليه وسلم – فيما يكون إلى قيام الساعة ص15.
2 في صحيح مسلم: "ما ترك شيئاً".
3 في صحيح مسلم بعد هذه الجملة: "قد علمه أصحابي هؤلاء، وأنه ليكون منه الشيء قد نسيته فأراه – فأذكره"، الحديث. وهو ساقط من المخطوطة.
(48)
قال1: والله ما أَدْرِي: أَنَسِيَ أَصْحَابِي، أَمْ تَنَاسَوهُ؟ 2،والله ما تَرَكَ رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم مِن قَائِدِ فِتْنَةٍ3 إِلَى أَنْ تَنْقَضِي الدّنْيا، يَبْلُغُ مَنْ مَعَهُ ثَلَاثُمَائةٍ فَصَاعِداً، إلاّ قَدْ سَمَّاهُ لَنَا: باسْمِهِ واسْمِ أَبِيهِ واسْمِ قَبِيلَتِهِ.
(49)
وَلَهُ4: عنه. قال: حدّثنا رسولُ الله – صلّى الله
1 القائل: حذيفة بن اليمان – وما ذكر بعد: إنّما هو بدء حديث آخر.
أخرجه أبو داود ج11 من شرح عون المعبود – كتاب الفتن والملاحم – باب ذكر الفتن ودلائلها ص: 306.
2 في سنن أبي داود: "أم تناسوا"، بدون الهاء.
3 "قائد فتنة" أي: داعي ضلالة، وباعث بدعة: يأمر الناس بالبدع، ويدعوهم إليها ويحارب المسلمين.
ومعنى الحديث: أنّه صلى الله عليه وسلم ذكر لنا القائدين للفتنة، الذين يبلغ أتباع كل منهم ثلاثمائة فصاعدا، باسمه ونسبه وقبيلته – دون غيرهم. وفي الحديث: كمال علم النبي – صلى الله عليه وسلم –، وكمال شفقته على أمّته.
4 صحيح مسلم بشرح النّووي ج18، كتاب الفتن وأشراط السّاعة، باب إخبار النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فيما يكون إلى قيام السّاعة، ص:15. والضّمير في عنه؛ لحذيفة.
عليه وسلّم - مَجْلِساً أَنْبَأَ1 فِيهِ عَنِ الْفِتَنِ – فقال وهو يَعُدُّ الْفِتَنَ: "مِنْهَا2 ثَلَاثٌ لا يَكَدنَ يَذَرْنَ شَيْئاً. وَمِنْهَا فِتَنٌ كِرَيَاحِ الصَّيْفِ: مِنْهَا صِغَارٌ، وَمِنْهَا كِبَارٌ".
قال حُذَيْفَةُ: فَذَهَبَ أُولَئِكَ الرَّهْطُ كُلُّهُم غَيْرِي.
(50)
ولأبِي داود3: عن ابن عمر. قال: كنّا قعوداً عند رسولِ الله – صلى الله عليه وسلم فذكر: "الْفِتَنَ فَأَكْثَرَ فِيهَا4، حتّى ذَكَرَ فِتْنَةَ الأَحْلَاسِ"5.
فقال قائلٌ: يا رسولَ الله وما فِتْنَةُ الأحلاس؟
فقال:
1 في صحيح مسلم: "وهو يحدث مجلساً أنا فيه".
2 في صحيح مسلم: "منهن"، بدل منها في الموضعين الأولين.
وهذا الحديث ذكر أولاً تحت رقم 10 – مع اختصار هنا.
3 عون المعبود شرح سنن أبي داود ج 11 – كتاب الفتن – باب ذكر الفتن ودلائلها ص 308.
4 في السنن: "فأكثر في ذكرها".
5 "الأحلاس"، قال في النهاية: الأحلاس: جمع حلس. وهو: الكساء الذي يلي ظهر البعير تحت القتب. شبهها به للزومها ودوامها. قال الخطابي: إنّما أضيفت الفتنة إلى الأحلاس لدوامها وطول لبثها، أو لسواد لونها وظلمتها.
"هِي هَرَبٌ وَحَرَبٌ1، ثُمَّ فِتْنَةُ السَّوْدَاءِ2:دَخْنُهُا3 مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي4 يَزْعُمُ: أَنَّهُ مِنِّي، وَلَيْسَ،
1 الهرب: بفتحتين، أي: يفر بعضهم من بعض، لما بينهم من العداوة والمحاربة.
والحرب: قال في النهاية: الحرب: بالتحريك: نهب مال الإنسان، وتركه لاشيء له.
وقال الخطابي: الحرب: ذهاب المال والأهل.
2 في سنن أبي داود: "ثمّ فتنة السراء"، وهذا هو الصواب.
والمراد بالسراء: النعماء التي تسر الناس من الصحة والرخاء، والعافية من البلاء والوباء. وأضيفت الفتنة إلى السّراء؛ لأنّ السبب في وقوعها: ارتكاب المعاصي بسبب كثرة التنعم، أو لأنّها تسر العدو.
3 "دخنها"، يعني: ظهورها وإثارتها. شبهها بالدخان المرتفع. والدخن: بالتحريك مصدر دخنت النار تدخن: إذا ألقى عليها حطب رطب، فكثر دخانها. وقيل: أصل الدخن: أن يكون في لون الدابة: كدورة إلى سواد.
4 "من تحت قدمي رجل من أهل بيتي"، تنبيهاً على أنّه هو الذي يسعى في إثارتها، أو إلى إنه يملك أمرها "ويزعم أنه مني"، أي في الفعل؟ وإن كان مني في النسب.
والحاصل أن تلك الفتنة بسببه، وأنه الباعث على إقامتها."وليس مني"، أي من أخلاتي أو من أهلي في الفعل، لأنه لو كان من أهلي: لم يهيج الفتنة. ونظيره: قوله تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} ، [هود، من الآية: 46] .
إِنَّمَا أَوْلَيَائِي الْمُتَّقُون1. ثُمَّ يَصْطَلِحُ النّاسُ علَى رَجُلٍ كَوَرَكٍ عَلَى ضِلْعٍ2. ثُمَّ فِتْنَةُالدُّهْيَمَاءِ،3 لا تَدَعُ أَحداًً مِن هِذِهِ الأمّةِ إلاّ لَطَمَتْهُ لَطْمَةً4، فَإِذَا قِيلَ: انْقَضَتْ تَمَادَتْ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ فيهَا مُؤْمِناً، وَيُمْسِي كاَفراً،
1 "وإنّما أوليائي المتقون" فيه أن الاعتبار كل الاعتبار للمتقي. وإن بعد عن الرّسول – صلى الله عليه وسلم – في النّسب. وأنّه لا اعتبار للفاسق والفتّان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم – وإن قرب في النسب.
2 "كورك على ضلع"، ورك بفتح وكسر، وهو ما فوق الفخذ. وضلع بكسر ففتح واحد الضلوع، أو الأضلاع.
قال الخطابي: هو مثل. ومعناه: الأمر الذي لا يثبت ولا يستقيم. وذلك أن الضّلع لا يقوم بالورك. وبالجملة: يريد أن هذا الرجل غير خليق للملك، ولا مستقل به.
وفي النهاية: أي يصطلحون على أمر واه، لا نظام له ولا استقامة؛ لأن الورك لا يستقيم على الضّلع، ولا يتركب عليه؛ لاختلاف ما بينهما وبعده.
3 "فتنة الدهماء"، بضم ففتح، والدهماء. السوداء. والتصغير للذّّم. أي: الفتنة العظماء والطّامة العمياء.
وفي النهاية: تصغير الدهماء: يريد الفتنة المظلمة. والتصغير للتعظيم.
4 "إلاّ لطمته لطمة"، أصل اللطم: الضرب على الوجه ببطن الكف. والمراد: أن أثر تلك الفتنة يعمّ الناس، ويصل لكل أحد من ضررها.
حَتَّى يَصِيْرَ النّاسُ إِلَى فُسْطَاطَيْن1: فُسْطَاطِ إِيْمَانٍ، لَا نَفَاقَ فِيهِ، وَفُسْطَاطِ نِِفَاقٍ لَا إِيْمَانَ فِيهِ. فَإِذَا كَانَ ذَلِكُم فَانْتَظِرُوا الدَّجَّالَ مِن يَوْمِهِ، أَوْ مِن غَدٍ2.
(51)
وعن أبِي3 هُرَيْرَةَ: حَفِظْتُ من رسولِ الله – صلى الله عليه وسلم وعَاءَيْن4. فَأمَّا أَحَدُهُما فَبَثَثْتُه5، وأمَّا الآخرُ فَلَو بَثَثَتُهُ لَقُطِعَ هَذَا الْبَلْعُومُ6– رواه البخاري.
1 "إلى فسطاطين"، أي: فرقتين. وقيل: مدينتين. وأصل الفسطاط: الخيمة فهو من باب ذكر المحل وإرادة الحال.
2 في السنن: "أو من غده"، بذكر الضمير.
3 صحيح البخاري بشرح الفتح، ج1 كتاب العلم، باب حفظ العلم ص 216.
(وعاءين) أي: ظرفين. أطلق المحل، وأراد به الحال. أي: نوعين من العلم.
(فبثثته) أي: أذعته ونشرته في الناس.
6 "البلعوم": مجرى الطعام. وهو بضم الموحدة. وكنَّي بذلك عن: القتل.
وحمل العلماء الوعاء الذي لم يبثه: على الأحاديث التي فيها تبيين أسامي أمراء السواء وأحوالهم وزمنهم. وليست هذه الأحاديث من الأحكام الشرعية. وإلاّ ما وسعه كتمانها.
(52)
ولَهُ1 عنه: سَمِعْتُ الصّادقَ الْمَصْدُوقَ يقول:
"هَلَكَةُ أُمَّتِي عَلَى يَدِي أُغِيْلِمَةٍ مِن قُرَيْشٍ".
قال مَرْوَانُ2: لَعْنَةُ الله عَلْيهِم غِلْمَةً. قال أبو هريرة: لو شِئْتُ أَنْ أَقُولَ: بَنِي فُلَانِ3 وَبَنِي فُلَانٍ لَفَعْلُتُ؟ فَكُنْتُ4 أَخْرُجُ مَعَ جَدِّي إَلَى بَنِي مَرْوَان حِيْنَ مَلَكُوا الشَّامَ. فَإِذَا رَآهم هَؤُلاءِ أَحْدَاثاً غِلْمَاناً5 قال لنا: عَسَى هَؤُلَاءِ أن يَكُونُوا منهم. قُلْنَا: أَنْتَ أَعْلَمُ.
وَجَدُّهُ: الرَّاوِي عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ.
1 صحيح البخاري بشرح الفتح – جـ 13 – كتاب الفتن باب قول النبي – صلى الله عليه وسلم – هلاك أمتي على يدي أغليمة سفهاء ص9.
2 هو: مروان بن الحكم الذي ولي الخلافة بعد ذلك.
3 في صحيح البخاري: "بني فلان بن فلان"، بدون واو العطف.
4 المتكلم هو: عمرو بن يحي. الذي روى الحديث عن جده سعيد بن عمر، عن أبي هريرة.
5 في صحيح البخاري: "فإذا رآهم غلماناً أحداثاً"، بدون لفظ هؤلاء – وتقديم "غلماناً" على "أحداثاً".