الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مُلَاحِمِ الرُّومِ
(92)
ولِمسلم1، عن يسير بن جابر، قال: هاجت ريح حمراء بالكوفة، فجاء رجل ليس له هجِِّيْري2 إلاّ يا عبد الله بن مسعود! جَاءَتِ السَّاعَةُ. قال: فَقَعَدَ وكان متّكئاً. فقال: إنّ السّاعة لا تَقُومُ حتَّى لا يُقسم مِيْراثٌ. ولا يُفْرَحَ بِغَنِيمَةٍ. ثمّ قال بيده: هكذا: (وَنَحَّاهَا نَحْو الشَّامِ)، فقال: عَدوُّ يَجمعون لأهل الإسلام. أو3 يَجْمَع لَهُمُ الإسلام. قلت:
1 صحيح مسلم بشرح النّووي جـ 18، كتاب الفتن، باب: إقبال الرّوم في كثرة القتل عند خروج الدّجّال، ص:24.
2 "ليس له هجيري": هو بكسر الهاء والجيم المشدّدة مقصور الألف: بمعنى: الهجير، أي: شأنه ودأبه ذلك.
3 في صحيح مسلم: "ويجمع أهل الإسلام"، بالواو بدل (أو) أي: لقتالهم.
الرّومَ تَعْنِي؟ قال نَعَم. قال: ويكون عند ذلكم1 الْقِتَالِ رِدَّةٌ شَدِيْدَةٌ، فَيُشْتَرطُ2 الْمُسْلِمُون شُرْطَةً لِلْمَوتِ، لا تَرْجَعُ إِلاّ غاليةً، فَيَقْتَتِلُون3 حتّى يُمْسُوا، فيبقى4 هؤلاء وهؤلاء، كلّ غَيْرُ غَالِبٍ، وتَفْنِى الشُّرْطَةُ، فَإِذا كان يومُ الرَّابِعِ نَهَدَ إِلَيْهُم5 بَقِيَّةُ أَهْلِ الإسلام، فَيَجْعَلُ الله الدّائرةَ عليهم6 فَيَقْتَتِلُون مَقْتَلَةً – إمّا قال: لَم يُرَ
1 في صحيح مسلم: "وتكون عند ذاكم القتال"، ورَدَّةٌ شديدةٌ بفتح الرّاء، أي: عطفة قويّة.
2 "فيشترط المسلمون"، ضبط بوجهين:
أحدهما: فيشترط.
والثّاني: فيشترط، بمثناة تحت ثم مثناة فوق، ثم شين مفتوحة وتشديد الرّاء، والشّرطة طائفة من الجيش تقدم للقتال.
3 في صحيح مسلم بعد هذا اللّفظ: "حَتَّى يَحْجُزَ بَيْنَهُمُ اللَّيل، فَيَفِيئُ هَؤُلَاءِ وهَؤُلَاء كلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ. وتَفْنَى الشُّرْطَةُ، ثُمَّ يَشْتَرِط الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لا تَرْجِعُ إِلَاّ غَالِبَة، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجِزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ، فَيَفِئ هَؤُلَاء وَهَؤُلَاء، كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ، ثُمَّ يَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لَا تَرْجِعُ إِلَاّ غَالِبَةً، فَيَقْتَتِلُونَ".
4 في صحيح مسلم: "فيفيء"، أي: يرجع.
5 "نهد" بفتح الهاء، أي: نهض وتقدّم.
6 "الدّائرة"، أي: الهزيمة.
وفي بعض روايات مسلم بلفظ: "الدّبرة"، وهي بمعنى الدّائرة، قال الأزهري:"الدّائرة: هم الدّولة تدور على الأعداء. وقيل: هي الحادثة".
مِثْلُها. وإمّا قال: لا يُرَى مِثْلُها1، حتّى إنّالطَّيْرَ2 لَتَمُرُّ بِجَنَبَاتِهم3، فما يُخَلِّفُهم4 حتّى يَخِرَّ مَيْتاً، فَيَتَعَادُ5 بَنُو الأب كَانُوا مائة، فلا يَجِدُون6 بَقِي مِنْهُم إلاّ الرّجلُ الْوَاحِدِ. فبأَي غَنيمةٍ يُفْرَحُ، أَو بِأَيِّ مِيْراثٍ يُقْسَمُ؟ 7، فَبَيْنَمَا هُم كذلك إذ سَمِعُوا بِنَاسٍ8 هم أكثر من ذلك، فَجَاءَهُم الصّريخُ: إنّ الدّجّالُ قد خَالَفَهُم9 في ذَرَاريِّهم، فَيَرْفُضُونَ10 ما بِأَيْدِيهُم
1 في صحيح مسلم تقديم وتأخير بين الجملتين هكذا: "إمّا قال: لا يرى مثلها، وإمّا قال: لم ير مثلها ".
2 في صحيح مسلم: "الطّائر"، بدل: الطّير.
3 "بجنباتهم"، أي: نواحيهم، وحكى القاضي عن بعض رواتهم: بجثمانهم، أي: شخوصهم.
4 "فما يخلفهم"، بفتح الخاء المعجمة، وكسر اللام المشدّدة، أي: يجاوزهم، وحكى القاضي: فما يلحقهم، أي: يلحق آخرهم.
5 "فيتعاد بنو الأبّ" في النّهاية: أي: يَعُدُّ بعضهم بعضاً.
6 في صحيح مسلم: "فلا يجدونه".
7 في صحيح مسلم: "يقاسم".
8 في بعض روايات مسلم: "إِذْ سمعوا بيأس هو أكبر من ذلك". وهو الصّواب كما حكاه القاضي عياض: عن محقّقي رواتهم.
9 في صحيح مسلم: "قد خلفهم".
10 في صحيح مسلم: "فيرفضون ما في أيديهم"، أي: يتركون.
ويُقْبَلُون: فَيَبْعَثُون عَشْرَ1 فَوَارِسَ طَلِيعَةً. قال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم:
"إنِّي لا أَعْرِفُ أَسْمَاءَهم وأَسْمَاءَ آبائهم، وأَلْوَانَ خُيولِهم. خَيْرُ2 فَوَارِسِ عَلَى ظَهْرِ الأرض يومئذٍ".
(93)
وَلَهُ3، عن أبي هريرة أنّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال:
"لا تقومُ السّاعةُ حتّى تَنْزِلَ4 الرّومُ بِالأَعْمَاقِ، أو بِدَابِقٍ5. فَيَخْرُجُ إِلَيهُم جَيْشٌ مِنَ الْمَدِينَةِ مِن خِيَارِ أَهْلِ الأرض يومئذٍ؛ فإذا تَصَادَفُوا. قالتِ الرّومُ:
1 في صحيح مسلم: "عشرة فوارس"، وهو المتّفق مع القواعد.
2 في صحيح مسلم: "هم خير فوارس".
3 صحيح مسلم بشرح النّووي جـ 18، كتاب الفتن وأشراط السّاعة، باب في فتح قسطنطينية وخروج الدَّجَّال ونزول عيسى بن مريم ص:21.
4 في صحيح مسلم: "حَتَّى يَنْزَلَ الرُّومُ"، بالياء.
5 "الأعماق، أو بدابق"، الأعماق بفتح الهمزة، وبالعين المهملة، ودابق: بكسر الباء الموحّدة، وفتحها: موضعان بالشّام بقرب حلب.
خَلوا بَيْنَنَا وبَيْنَ الّذين سُبُوا مِناًّ1 نُقَاتُلُهُم: فَيَقُولُ الْمُسْلِمُون: لا. والله! لا نُخَلِّي بَيْنَكُم وبَيْنَ إِخْوَانِنَا، فَيُقَاتِلُونَهم. فَيَنْهَزِم ثُلُثٌ لا يَتُوبُ الله عليهم أبَداً2، ويُقْتَلُ ثُلُثُهُم أَفْضَلُ الشُّهَدَاء عند الله، ويَفْتَحُ الثُّلُثُ، لا يُفْتَنُون أبداً، فَيَفْتِحُون قُسْطَنْطِيْنِيَّةَ، فَبَيْنَمَا هُم يَقْتَسِمُون الْغَنَائِمَ، قَد عَلَّقُوا سُيُوفَهُم بِالزَّيُتُون.
إِذْ صَاحَ فيهم الشَّيْطَان: إنّ الْمَسيحَ قَد خَالَفَكُمْ3 فِي أَهْلِيكُمْ فَيَخْرُجُون؛ وذلك بَاطِلٌ.
فَإِذَا جاءوا الشَّامَ خَرَجَ، فينما هُمْ يُعِدُّونَ لِلْقِتَالِ، يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ، إِذْ أُقِيمَتِ الصّلاةُ؛ فَنَزَلَ عِيسى بن مريم فأمّهم. فإذا رآه عدوُّ الله، ذَابَ كما يَذُوبُ
1 "سبوا"، روي على وجهين: فتح السّين والباء، وضمّهما.
قال القاضي في المشارق: "الضُّمُّ رواية الأكثرين، قال: وهو الصّواب، قلت: كلاهما صواب؛ لأنّهم سُبُوا أولا، ثم سبوا الكفار". اهـ.
2 "لا يتوب الله عليهم أبداً"، أي: لا يلهمهم التّوبة.
3 في صحيح مسلم: "إنَّ الْمَسِيحَ قَدْ خَلَفَكُم".
الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ، فلو تركه لانْذَابَ حتّى يَهْلِكَ. ولكن يَقْتله الله بِيَدِهِ. فَيُرِيهم دَمَهُ فِي حِرْبَتِه".
(94)
وَلَهُ1 عنه عن النّبيّ – صلى الله عليه وسلم – قال:
"سَمِعْتُم بِمَدِينَةٍ: جَانِبٌ فيها فِي2 البرّ، وجَانِبٌ فِي البحر؟ "، قالوا: نعم، يا رسولَ الله! قال: "لا تقُومُ السّاعةُ حتّى يَغْزُوَهَا سَبْعُون ألفاً من بنِي إسحاق3،
1 صحيح مسلم بشرح النّووي جـ 18، كتاب الفتن وأشراط السّاعة، باب: لا تقوم السّاعة حتى يَمُرَّ الرّجل بقبر الرّجل، فيتمنّى أن يكون مكان الْمَيِّت من البلاء، ص:43. والضّمير في عنه؛ لأبي هريرة.
2 في صحيح مسلم: "وجانب منها في البحر".
3 "من بني إسحاق"، قال القاضي:"كذا هو في جميع أصول صحيح مسلم: من بني إسحاق".
قال: قال بعضهم: المحفوظ: من بني إسماعيل، وهو الذي يدلّ عليه الحديث وسياقه؛ لأنّه إنّما أراد العرب. وهذه المدينة هي: القسطنطينية".
فإذا1 نَزَلُوها لَمْ يُقَاتِلُوا بِسِلاح، ولَم يَرْمُوا بسهم. قالوا: لَا إِلَهَ إِلَاّ الله والله أَكْبَر، فَيَسْقُطَ أَحَدُ جَانِبَيْهَا".
قال ثَورٌ: لا أعلمه قال2: إلاّ الّذي في البحر. "ثُمَّ يَقُولُوا3 لَا إِلَهَ إِلَاّ الله والله أَكْبَر، فَيَسْقط جَانِبُها الآخر، ثُمَّ يقولوا الثّالِثَةَ: لَا إِلَهَ إِلَاّ الله والله أَكْبَر، فَيُفَرَّجُ لَهُم، فَيَدْخُلُونَها4 فَيَغْنَمُوها5، فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْسِمُون الْغَنَائِمَ، إِذْ جَاءَهُمُ الصّريخُ، فقال: إنّ الدَّجَّالَ قَدْ خَرَجَ، فَيَتْرُكُون كَلَّ شَيْءٌ ويَرْجِعون".
(95)
ولابن ماجه6 من حديث?كثير7 بن عبد الله
1 في صحيح مسلم: "فإذا جاؤوها نزلوا".
2 في صحيح مسلم:"لا أعلمه" إلاّ قال: "الذي في البحر"،بتقديم إلاّ على قال.
3 في صحيح مسلم: "ثم يقولوا: الثّانية".
4 في صحيح مسلم: "فيدخلوها"، بدون النّون.
5 في صحيح مسلم: "فيغنموا".
6 سنن ابن ماجه، كتاب الفتن، باب الملاحم ص:1370.
وفي الزّوائد: "في إسناده كثير بن عبد الله، كذّبه الشّافعي، وأبو داود. وقال ابن حبان: روى عن أبيه، عن جدّه: نسخة موضوعة، لا يحلّ ذكرها في كتب، ولا الرّواية عنه، إلاّ على جهة التّعجّب".
7 وأوّل الحديث: "لا تَقُومُ السّاعَةُ حَتَّى تَكُونَ أَدْنَى مَسَالِحِ الْمُسْلِمِينَ بِبُولاءَ، ثم قَالَ صلى الله عليه وسلم: يا عَلِيّ! يَا عَلِيّ! قَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي. قال: إِنَّكُم سَتُقَاتِلُون
…
" الحديث.
ومسالح: جمع مسلحة، قال في النّهاية:"المسلحة: القوم الذين يحفظون الثّغور من العدوّ، وسُمّوا مسلحة؛ لأنّهم يكونون ذوي سلاح؛ أو لأنّهم يسكنون المسلحة، وهي كالثّغر والمرقب، يكون فيه أقوام يرقبون العدوّ؛ لئلا يطرقهم على غفلة، فإذا رأوه أعلموا أصحابهم ليتأّهبوا له".
وبولاء: اسم موضع. وجاء في تاج العروس بولاة وبولان، وقال: ذكرها ابن ماجه، في الفتن.
ابن عمرو بن عوف عن أبيه: عن جدِّه مرفوعاً.
"إنّكُم ستُقَاتِلُون بني الأصْفَر1. ويُقَاتِلُونَهم2 الّذين مِن بعدكم، حتّى يَخْرُجَ إليهم وَفْدُ الإسلام3: أَهْلُ الْحِجَازِ: الّّذين لا يَخَافُون في الله لَوْمَةَ لَائِمٍ. فَيَفْتَحُون الْقُسْطَنْطِيْنِيَّةِ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيْر. فَيُصِيبُوا4
1 "وبني الأصفر"، يعني: الرّوم.
2 في سنن ابن ماجه: "ويقاتلهم الذين من بعدكم"، وهو الصّواب.
3 في سن ابن ماجه: "حتى تخرج إليهم رُوقَةُ الإسلام".
وروقة الإسلام: أي: خيار المسلمين وسراتهم، جمع رائق، من راق الشّيء، إذا صفا وخلص.
4 في سنن ابن ماجه: "فيصيبون غنائم"، بالنّون وهو الصّواب.
غَنَائِمَ لَمْ يُصِيبُوا مِثْلَها. حتّى يَقْتَسِمُوا بِالأَترسَة. فَيَأْتِي آتٍ1، فيقول: إنّ الْمسيحَ قد خرج في بلادكم. ألا وهي كَذْبَةٌ. فالآخذُ نَادِمٌ، والتَّارِكُ نَادِمٌ"2.
(96)
ولأبِي داود3، وغيره عن ذي مخبر4 – وكان من أصحاب النّبيّ – صلى الله عليه وسلم – قال: سمعت النَّبِيّ ـ صّى الله عليه وسلّم ـ يقول:
"سَيُصَالِحُكُمُ5 الرُّومُ صُلْحاً آمناً. ثُمَّ تَغْزُونَ أَنْتُم
1 في سنن ابن ماجه: "ويأتي آتٍ"، بالواو، بدل الفاء.
2 "فالآخذ نادم"، لظهور أنّه كذب، "والتّارك نادم"، لأنّ الدّجّال يخرج بعده بقريبٍ، بحيث يرى التّارك أنّه لو تأّهب له حين سمع ذلك القول كان أحسن.
3 عون المعبود بشرح سنن أبي داود، ج 11، كتاب الملاحم، باب ما يذكر من ملاحم الرّوم ص:397.
وفي سنن ابن ماجه، ج2، كتاب الفتن، باب الملاحم ص:1369.
(مخبر" بكسر الميم وسكون الخاء، وبالباء الموحّدة، ويقال: بالميم، بدل الباء، كما في ابن ماجه.
5 في سنن أبي داود: "ستصالحون الرّوم"، وفي سنن ابن ماجه:"ستصالحكم الرّوم".
وَهُم عدوًّا1. فَتُنْصَرُون وتَسْلَمُون، ثُمَّ يَنْصَرِفُون حتّى يَنْزِلُون بِمَرْج ذي تُلُولٍ2، فَرَفَعَ رَجُلٌ3 مِن أهلِ الْصَّلِيبِ الصَّلِيبَ؛ فَيَقُولُ: غَلَبَ الصَّلِيبُ4. فَيَغْضَبُ رجلٌ من الْمسلمين، فَيَقُومُ إليه فَيَدْفَعُهُ5 فَعِنْدَ ذلك تَغْدِرُ الرّومُ، ويَجْمَعُون لِلْمُلَاحِمَة6. [فَيَأْتُون تَحْتَ
1 في سنن أبي داود: "فتغزون أنتم وهم عدوّاً من ورائكم"، أي: من خلفكم. وما في المخطوطة موافق لما في سنن ابن ماجه.
2 في سنن أبي داود: "فتنصرون وتغنمون وتسلمون ثم ترجعون حتّى تنْزلوا"، وتنصورن: بالمجهول، وتغنمون: بالمعلوم.
وفي سنن ابن ماجه: "فتنتصرون وتغنمون وتسلمون ثم تنصرفون حتّى تنْزلوا بمرج ذي تلول".
فالخطاب في الألفاظ كلّها للمسلمين. بخلاف ما في المخطوطة فبعض الألفاظ بصيغة الغيبة.
والمرج بفتح فسكون، آخره جيم: الموضع الذي ترعى فيه الدّواب.
3 في سنن أبي داود: (فيرفع رجل من أهل النّصرانية الصّليب".
وفي سنن ابن ماجه: "فيرفع رجل من أهل الصّليب الصّليب".
4 "غلب الصّليب"، أي: دين النّصارى. قصداً لإبطال الصّلح، أو لمجرّد الافتخار وإيقاع المسلمين في الغيظ.
5 في سنن أبي داود: "فيغضب رجل من المسلمين فيدقّه".
وفي سنن ابن ماجه: "فيقوم إليه فيدقّه"، أي: يكسر الصّليب.
6 في سنن أبي داود: "وتجمع للملحمة".
وفي سنن ابن ماجه: "ويجتمعون للملحمة".
ثَمانِيْنغَايَةً. تَحْتَ كُلّ غَايَةٍ اثنا عشر ألفاً] 1.
زاد أبو داود2: "وتَثُورُ الْمُسْلِمُون إلى أَسْلِحَتَهُم، فَيَقْتَتِلُون. فَيُكْرِمُ الله تِلْكَ الْعِصَابَةَ بالشّهادة".
(97)
وَلَه3، وغَيْرِه عن معاذٍ عن النّبيّ – صلى الله عليه وسلم – قال:
"الْمَلْحَمَةُ4 الْكُبُرَى، وَفَتْحُ قُسْطَنْطِيْنِيَّةَ، وَخُرُوجُ الدَّجَّالِ فِي سَبْعِةِ أَشْهُرٍ" حسّنه التِّرمذي5.
1 ما بين القوسين لا يوجد في سنن أبي داود، وهو من سنن ابن ماجه، بزيادة لفظ: حينئذٍ بعد قوله: فيأتون.
2 عون المعبود بشرح سنن أبي داود، كتاب الملاحم، باب ما يذكر من ملاحم الرّوم، ص:399.
3 عون المعبود بشرح سنن أبي دود ج 11، كتاب الملاحم، باب في تواتر الملاحم، ص:402.
وسنن ابن ماجه ج 2، كتاب الفتن، باب الملاحم، ص:1370.
4 الملحمة: موضع القتال، ويطلق على القتال والفتنة أيضاً. إمّا من اللحم، لكثرة لحوم القتلى فيها، أو من لحمة الثّوب، لاشتباك النّاس، واختلافهم فيها، كاشتباك لحمة الثّوب بسداه.
5 تحفة الأحوذي بشرح التّرمذي ج 6، أبواب الفتن، باب ما جاء في علامات خروج الدّجّال ص:496.
(98)
ولأبي داود1 عن عبد الله بن بشر مرفوعاً:
"بين الْمُلْحَمَةِ وفَتْحِ الْمدينة سِتُ سنِيْن، ويَخْرُجُ الدّجّال2 في السّابِعَة ".
قال3: هذا أصحّ من حديث عيسى، يعني: حديث معاذ.
(99)
وله4 عن ثَوْبَان: قال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم:
"يُوشِكُ الأَمَمُ أَن تَدَاعَى عَلَيكُم، كَمَا تَدَاعَى
1 عون المعبود، بشرح سنن أبي داود، ج 11، كتاب الملاحم، باب في تواتر الملاحم، ص:402.
2 في سنن أبي داود: "ويخرج المسيح الدّجّال".
3 قال أبو داود: "هذا أصحّ من حديث عيسى"، يعنِي: معاذ. وبذلك فلا تعارض بين الحديثين؛ لأنّ الثّاني أرجح إسناداً فلا ينافيه الأوّل.
4 عون المعبود بشرح سنن أبي داود، ج 11، كتاب الملاحم، باب تداعي الأمم على الإسلام ص:404.
الأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا" 1، فقال قائلٌ: مِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قال: "بَلْ أَنْتُم كَثِيْرُ، وَلَكَنَّكُم غُثَاءُ2 كَغُثَاءِ السَّيلِ، وَلَيَنْزَعَنَّ الله مِن صُدُورِ عَدِوِّكم الْمَهَابَةَ مِنْكُم، وَلَيَقْذِفَنَّ الله فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ"، فقال قائل: يا رسول الله! وما الْوَهْنُ؟ 3، قال: "حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهَةُ الْمَوتِ"4.
(100)
ولِمسلم5 عن أبي هريرة: قال رسول الله
1 "إلى قصعتها"، الضمير للأكلة، أي: التي يتناولون منها بلا مانع ولا منازع، فيأكلونها عفواً صفواً، كذلك يأخذون ما في أيديكم، بلا تعبٍ ينالهم، أو ضرر يلحقهم، أو بأسٍ يمنعهم.
2 "غثاء"، الغثاء؛ بضم الغين، هو: ما يحمله السّيل من زبدٍ ووسخٍ، شبّههم به لقلةّة شجاعتهم، ودناءة قدرهم، وأنّهم لا رأي لهم ويساقون بغيرهم.
3 "وما الوهن؟ "، أي: ما موجبه وما سببه؟ وهو سؤال عن نوع الوهن.
أو كأنّه أراد: من أيّ وجهٍ يكون ذلك الوهن؟
4 في سنن أبي داود: "وكراهية الموت"
وحبّ الدّنيا وكراهة الموت متلازمان، فكأنّهما شيءٌ واحدٌ يدعوهم إلى إعطاء الدّنية في الدّين، نسأل الله العافية.
5 صحيح مسلم بشرح النّووي ج 18، كتاب الفتن وأشراط السّاعة، باب: لا تقوم السّاعة حتى يحسر الفرات عن جبلٍ من ذهب ص: 18.
– صلى الله عليه وسلم:
"لا تَقُومُ السّاعَةُ، حتّى يَحْسِرَ1 الْفُرَاتُ عَن جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ. يَقْتُلُ النّاسُ عليه، فَيُقْتَلُ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُون. ويقول كلّ رجلٍ مِنْهم: لَعَلِّي أنا الّذي أكون أنْجُو"2.
وفي رواية: "فَمَن حَضَرَهُ فَلَا يَأْخُذْ مِنهُ شيئاً"3.
(101)
وله4 عنه: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم:
"إِذا مَنَعَتِ العِراقُ دِرْهَمَها وَقَفِيزَهَا5، ومَنَعَتِ الشَّامُ
1 "يحسر"، أي: ينكشف لذهاب مائه.
2 في صحيح مسلم: "لعلي أكون أنا الذي أنجو".
3 صحيح مسلم بشرح النّووي ج 18، كتاب الفتن وأشراط السّاعة، الباب السّابق ص:19.
4 صحيح مسلم بشرح النّووي، ج 18، كتاب الفتن وأشراط السّاعة، نفس الباب ص:20.
والضّمير في عنه: لأبي هريرة، وأوّل الحديث:"منعت العراق"،بدون لفظ:"إذا".
5 "وفقيزها"، القفيز: مكيال معروف لأهل العراق، قال الأزهري:"هو ثمانية مكاكيك".
والمكوك: صاع ونصف؛ وهو خمس كيلجات.
مُدْيَهَا1 وَدِينَارَها، ومَنَعَتْ مِصْرَ إِرْدَبَّها2 وَدِينَارَها، وَعُدْتُم مِنْ حَيْثُ بَدَأْنتم، وَعُدْتُم مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُم، وَعُدْتُم مِنْ حَيْثُ بَدَأْتْم " شَهِدَ على ذلك لَحْمُ أبِي هريرة ودمه.
(102)
وله3 عن المستورد القرشي: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم – يقول:
1 "ومديها"، على وزن قفل، مكيال معروف لأهل الشّام.
قال العلماء: يسع خمسة عشر مكوكاً.
2 "إردبها"، مكيال معروف لأهل مصر، قال الأزهري وآخرون: يسع أربعة وعشرين صاعاً.
وفي معنَى: منعت العراق وغيرها: قولان مشهوران:
أحدهما: لإسلامهم فتسقط عنهم الجزية، وهذا قد وقع.
والثّاني: وهو الأشهر، أنّ معناه: أنّ العجم والرّوم يستولون على البلاد في آخر الزّمان، فيمنعون حصول ذلك للمسلمين.
وقد روى مسلم عن جابر، قال:"يوشك ألا يجيء إليهم قفيز، ولا درهم"، قلنا: من أين ذلك؟ قال: "من قبل العجم يمنعون ذاك". وذكر في منع الرّوم بالشّام مثله". اهـ النّووي.
3 صحيح مسلم بشرح النّووي ج 18، كتاب الفتن، باب تقوم السّاعة والرّوم أكثر النّاس، ص:22.
"تَقُومُ السّاعَةُ والرُّومُ أكثر النّاسَ".
فقال1 له عمرو بن العاص: لَئِن قُلْتَ ذلك، إنَّ فيهم لَخِصَالاً أربعاً: إنّهم لأَحْلَمُ النّاسِ عِنْدَ فِتْنَةٍ، وأَسْرَعَهُم إِفَاقَةٍ بَعْدَ مُصِيبَةٍ، وَأَوشَكَهُم كَرَّةً بَعْدَ فَرَّةٍ، وخَيْرُهُم لِمِسْكِيْن وَيَتِيم وَضَعِيفٍ، وخَامِسَةٌحَسَنَةٌ جَمِيلَةٌ وَأَمْنَعُهُم مِنْ ظُلْمِ الْمُلُوكِ.
(103)
وله2 عن جابر بن سَمَرة عَنْ نَافِع بُنِ عُتْبَةَ. قال: كُنّا مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في غَزْوَةٍ. قال: فأتى النّبيّ – صلى الله عليه وسلم – قَوْم مِنْ قِبَلِ الْغُربِ. عَلَيْهِم ثِيَابُ الصَّوفِ. فَوَافَقُوهُ عَلَى أَكَمَة3؛ فَإِنَّهم لَقِيَامٌ ورسولُ الله – صلّى الله عليه
1 في صحيح مسلم: "فقال له عمرو: أبصر ما تقول. قال: أقول: ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لئن قلت
…
" الحديث.
2 صحيح مسلم، بشرح النّووي، ج 8، كتاب الفتن، باب ما يكون من فتوحات المسلمين قبل الدّجّال ص:26.
3 الأكمة: الرّابية، النهاية. وفي صحيح مسلم:"عند أكمة".
وسلّم – قاعدٌ. فقالت لي نفسي: إِئْتِهِم، فَاقْعُد1 بينهم وبينه؛ لا يَغْتَالُونَهُ2. ثُمَّ قُلْتُ: لعلّه نَجِي3 مَعَهُم. فَأَتَيْتُهم فَقُمْتُ بَيْنَهُم وَبَيْنَه. فَحَفِظْتُ مِنْهُ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ أَعُدُهُنّ في يدي. قال:
"تَغْزُون جزيرة الْعَرَبَ، فَيَفْتَحُها الله، ثُمَّ فَاِرس، فَيَفْتَحُها الله. وتَغْزُون الرّومَ، فَيَفْتَحُها الله. ثمّ تَغْزُون4 الدَّجَّال، َيَفْتَحُها5 الله".
قال: فقال نافعٌ: يا جابر! لا نَرَى الدّجّالَ يَخْرُجُ حتّى يُفْتَحَ الرّوم6.
1 في صحيح مسلم: "فقم".
2 "لا يغتالونه"، يقتلونه غيلة. وهي القتل في غفلةٍ وخفاء وخديعة.
3 "نجي معهم"، أي: يناجيهم، ومعناه: يحدّثهم سرّاً.
4 في صحيح مسلم: "ثم تغزون".
5 في صحيح مسلم: (فيفتحه الله".
6 في صحيح مسلم: "حتّى تفتح الرّوم".
(104)
وله1 عن أبي هريرة: أنّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم –قال:
"لا تقُومُ السّاعَةُ، حتّى يَخْرجَ رَجُلٌ مِن قَحْطَانَ يَسُوقُ النّاسَ بِعَصَاهُ".
(105)
وله2 عنه عن النّبيّ – صلى الله عليه وسلم: "لا تَذْهَبُ الأيَّامُ واللّيالي، حتّى يَمْلِكَ رَجُلٌ يقال له: الْجَهْجَاه"3.
(106)
وله4 عنه: أنّ النّبيّ – صلى الله عليه وسلم – قال:
1 صحيح مسلم بشرح النّووي، ج 18، كتاب الفتن، باب لا تقوم السّاعة حتى يمرّ الرّجل بقبر الرّجل فيتمنّى أن يكون مكان الميّت من البلاء، ص:36.
2 صحيح مسلم بشرح النّووي، ج 18، نفس الكتاب، والباب ص:36.
3 "الجهجاه" بهاءين، وفي بعضها: الجحجا بحذف الهاء التي بعد الألف، والأوّل هو المشهور.
4 صحيح مسلم بشرح النّووي، عن أبي هريرة، كتاب الفتن، نفس الباب والصّفحة.
"لا تَقُومُ السّاعَةُ حتّى تُقَاتِلُوا قَوماً، كَأَنَّ وُجُوهَهُم الْمَجَان الْمُطْرَقَة1. ولا تَقُومُ السّاعَةُ حتّى تُقَاتِلُوا قَوماً نِعَالُهُمُ الشّعرُ".
وفي لفظ2: "تُقاتِلُكُم أُمَّةُ يَنْتَعِلُون الشَّعَرَ. وَجُوهُهم مِثْلُ الْمَجَانّ الْمطرَقَةِ".
(107)
وفي رواية3: "لا تَقُومُ السّاعَةُ، حَتَّى تُقُاتِلُوا قَوماً نِعَالُهُمُ الشّعر،
1 "المجان المطرقة"، المجان: جمع مجن، وهو التّرس، والمطرقة، بإسكان الطاء وتخفيف الرّاء من أطرق، هذا هو الفصيح المشهور في الرّواية، وفي كتب اللّغة والغريب.
وحكي: فتح الطّاء وتشديد الرّاء، من طَرَّق، والمعروف الأوّل.
قال العلماء: هي التي ألبست العُقْب وأطرقت به طاقة فوق طاقة.
قالوا: ومعناه: تشبيه وجوه التّرك في عرضها، وتلون وجناتها بالتّرسة المطرقة.
2 صحيح مسلم، نفس الجزء، والكتاب، والباب، ص: 37، وأوّل الحديث: "لا تقوم السّاعة حتّى تقاتلكم أمّة
…
" الحديث.
3 صحيح مسلم بشرح النّووي، نفس الجزء، والكتاب، والباب ص:37.
ولا تَقُومُ السّاعَةُ، حتّى تُقَاتِلُوا قَوماً صِغَارَ الأَعْيُنِ ذُلْفَ الأَنُوفِ"1.
(108)
وفي لفظ2: "يُقَاتِلُ الْمسلمون التُّرْكَ: قَوماً وُجُوهُهُم كَالْمَجَانِّ الْمُطْرَقَةِ. يَلْبَسُون الشَّعْرَ وَيَمْشُونَ فِي الشّعر"3.
1 في صحيح مسلم: "ذلف الأنُفِ"، وذلف جمع أذلف، كأحمر وحمر.
ومعناه: فطش الأنوف، قصارها مع انبطاح، وقيل: هو غلظ في أرنبة الأنف، وقيل: تطامن فيها، وكلّه متقارب.
2 صحيح مسلم شرح النّووي، نفس الجزء والكتاب والباب، ص:37.
وأوّل الحديث: "لا تقوم السّاعة حتى يقاتل المسلمون التّرك
…
" الحديث.
3 "يلبسون الشّعر ويمشون في الشّعر".
معناه: ينتعلون الشّعر، كما صرح به في الرّواية الأخرى: نعالهم الشّعر.
وفي الرّواية الأخرى: "حمر الوجوه"، أي: بيض الوجوه مشوبة بحمرة.
وفي هذه الرّاوية وغيرها: صغار الأعين.
وهذه كلّها معجزات لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد وجد قتال هؤلاء التّرك بجميع صفاتهم التي ذكرها صلى الله عليه وسلم: صغار الأعين، حمر الوجوه، ذلف الأنف، عراض الوجوه، كأن وجوههم المجان المطرقة، ينتعلون الشّعر. فوجدوا بهذه الصّفات كلّها في زماننا وقاتلهم المسلمون مرات. اهـ. نووي.
وفي لفظ1: "حُمْرُ الْوُجُوهِ، صَغَارُ الأَعْيُن".
(109)
ولأبِي داود2: عن ابن بريدة عن أبيه عن النَّبِيِّـ صلى الله عليه وسلم:
"يُقَاتِلُكُم قومٌ صِغارُ الأَعْيُن" – يعني: التّرك – قال: "تَسُوقُونَهم3 ثَلاثَ مِرَارٍ، حتّى تَلْحَقُونَهم4 بِجَزِيرَةِ الْعَرَب. فَأمّا فِي السِّياقة الأولى فَيَنْجُو مَنْ هَرَبَ مِنْهُم.
وأمَّا فِي الثَّانِيَةِ، فَيَنْجُو بَعْضٌ، وَيَهْلِكُ بَعْضٌ. وَأمّا في الثّالِثَةِ، فيصطلمون" 5، أو كما قال.
1 نفس المرجع، وأوّل الحديث:"تقاتلون بين يدي السّاعة قوماً نعالهم الشّعر كان وجوههم المجان المطرقة، حمر الوجوه، صغار الأعين".
2 عون المعبود بشرح سنن أبي داود، ج 11، كتاب الملاحم، باب في قتال التّرك، ص:412.
3 تسوقونهم من السّوق، أي: يصيرون مغلوبين مقهورين منهزمين، بحيث إنّكم تسوقونهم.
4 في سنن أبي داود: "حتّى تلحقوهم بجزيرة العرب".
5 فيصطلمون بالبناء للمجهول، أي: يحصدون بالسّيف ويستأصلون من الصّلم وهو القطع المستأصل.
(110)
وله1 عن أبي بَكَرَةَ: أنّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم –قال:
"ينْزِلُ نَاسٌ مِن أُمَّتِي بِغَائِطٍ2 يُسَمُّونَهُ: الْبَصْرَةَ عَنْدَ نَهْرٍ يُقَالُلَهُ: دِجْلَةَ3 عَلَيهِ جِسْرٌ4، يَكْثُرُ أَهْلُهُا5 وَيَكُونُ مِنْ أَمْصَارِ الْمُهَاجِرِيْنَ".
(111)
وفي لفظ6: "مِن أمصار المسلمين. فإذا كان في آخر الزّمان، جاء بنو قُنْطُورَاء7، عِرَاضُ
1 عون المعبود بشرح سنن أبي داود، ج 11، كتاب الملاحم، باب في ذكر البصرة، ص: 417، وأوّل الحديث:"ينْزل أناس"، بدل:"ناس".
2 "بغائط"، الغائط: المطمئن، الواسع من الأرض.
3 "دجلة) ، بسكر الدّال وتفتح نهر بغداد.
4 في سنن أبي داود: "يكون عليه جسر"، والجسر القنطرة والمعبر.
5 أي: يكثر أهل البصرة، وهي مثلثة الباء، والفتح أفصح، بناها عتبة بن غزوان في خلافة عمر رضي الله عنه.
6 عون المعبود، بشرح سنن أبي داود، ج 11، كتاب الملاحم، باب في ذكر البصرة، ص: 418، وأوّل الحديث:"وتكون من أمصار المسلمين".
7 "بنو قنطوراء"، بفتح القاف وسكون النّون ممدوداً، كذا ضبط.
وقال القاري: مصوراً، وقد يمد، أي: يجيؤون ليقاتلوا أهل بغداد، وقال بلفظ: جاء، دون يجيء إيذاناً بوقوعه فكأنّه قد وقع. وبنو قنطوراء: التّرك.
الْوُجُوهِ، صِغَارُ الأَعْيُنِ؛ حتّى ينْزِلُزا على شطِّ النّهر1، فَيَتَفَرَّق أَهْلُها ثلاث فِرَق: فِرْقَةٌ يَأْخُذُونَ أَذْنَابَ الْبَقَر والْبَرِيَّة2، وَهَلَكُوا. فِرْقَةٌ يَأْخُذُونَلأنفسهم3، وكفروا. فِرْقَةٌ يَجْعَلُون ذَرَاريَّهُم4 خَلْفَ ظُهُورِهم، يُقَاتِلُونَهم، وَهُمُ الشّهداءُ".
(112)
وفي لفظ5 أحمد، بعد الفرقة الأولى: "وَأَمَّا
1 "على شطّ النّهر"، أي: على جانب النّهر، قال في المصباح: الشّطّ: جانب النّهر، وجانب الوادي.
2 "يأخذون أذناب البقر والبَريّة"، أي: أنّ فرقة يعرضون عن المقاتلة هرباً منها وطلباً لخلاص أنفسهم ومواشيهم، ويحملون على البقرة، فيهيمون في البوادي ويهلكون فيها. أو يعرضون عن المقاتلة ويشتغلون بالزّراعة ويتبعون البقر للحراثة إلى البلاد الشّاسعة فيهلكون.
3 "وفرقة يأخذون لأنفسهم"، أي: يطلبون أو يقبلون الأمان من بني قنطوراء.
4 "وفرقة يجعلون ذراريهم"، أي: أولادهم الصّغار والنّساء خلف ظهورهم ويقاتلونهم وهم الشّهداء، أي: الكاملون، قال القاري: وهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم، فإنّه وقع كما أخبر، وكانت هذه الواقعة في صفر سنة ستٍّ وخمسين وستمائة. اهـ.
5 مسند الإمام أحمد، ج 5، ص: 45، ولفظ الحديث فيه: عن أبي بَكَرَة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَيَنْزِلَنَّ طَائِفَةٌ مِن أُمَّتِي أَرْضاً يُقَالُ لَهَا: الْبَصْرَةُ، يَكْثُرُ بِهَا عَدَدُهُم، وَيَكْثُرُ بِهَا نَخْلُهُم، ثُمَّ يَجِيءُ بَنُو قَنْطُورَاء: عِرَاضُ الْوُجُوهِ، صِغَارُ الْعُيُونِ، حَتَّى يَنْزِلُوا عَلَى جِسْرٍ لَهُمْ، يُقَالُ لَهُ: دِجْلَةَ، فَيَتَفَرَّقُ الْمُسْلِمُونَ ثَلَاثَ فِرَقٍ، فَأَمَّا فِرْقَةٌ فَيَأْخُذُونَ بِأَذْنَاب الإبل، وَتَلْحَقُ بِالْبَادِيَة، وَهَلَكَتْ، وأَمَّا فِرْقَةٌ فَتَأْخُذُ عَلَى نَفْسِهَا فَكَفَرَتْ، فَهَذِه وَتِلْكَ سَوَاءٌ، وَأَمَّا فِرْقَةٌ فَيَجْعَلُون عِيَالَهُم خَلْفَ ظُهُورِهِم، وَيُقَاتِلُونَ، فَقَتْلَاهُم شُهَدَاءُ، وَيَفْتَحُ الله عَلَى بَقِيَّتِهَا".
ولفظ أحمد هذا يدلّ صراحةً على: أنّ التّرك هم الذين يسوقون المسلمين ثلاث مرار، حتّى يلحقوهم بجزيرة العرب، ففي السياقة الأولى ينجو مَن هرب من المسلمين.
وفي الثّانية ينجو بعض منهم، ويهلك بعض.
وفي الثّالثة يستأصلون كلّهم.
وهذا السّياق مخالف لما رواه أبو داود في الحديث رقم: (109) ؛ إذ إنّ لفظ أبي داود، يدلّ صراحةً على أنّ المسلمين هم الذين يسوقون التّرك ثلاث مرار، حتّى يلحقوهم بجزيرة العرب
…
الخ.
قال صاحب عون المعبود بشرح سنن أبي داود:
"وعندي: أنّ الصّواب رواية أحمد، وأمّا رواية أبي داود، فالظّاهر أنّه قد وقع الوهم فيه من بعض الرّواة، ويؤيّده: أنّه وقع الشّكّ لبضع رواة أبي داود، ولذا قال في آخر الحديث: "أو كما قال"، ويؤيّده أيضاً أنّه وقعت الحوادث على نحو ما ورد في رواية أحمد". انظر: عون المعبود ج 11، ص:413.
فِرْقَةٌ فَتَأْخُذُ عَلَى نَفْسِهَا وَكَفَرَتْ. فَهِذِهِ وَتلك سَواءُ"، وقال في الثّالثة: "وَيَفْتَحُ الله على بَقِيَّتِهَا".
(113)
وللبزّار1 عن أبي الدّرداء. قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم:-
"بَيْنَمَا أنا نائمٌ، رأيت عَمُودَ الْكتَاب رفع مِنْ تحت رأسي، فَظَنَنْتُ أنّه مَذّهُوبٌ به، فَأَتْبَعْتُهُ بَصَرِي، فَذُهبَ به إلى الشّام. ألا وإنّ الأَيْمَان- حين تَقَعَ الْفِتَنُ – بالشّام" صحّحه عبد الحقّ.
(114)
ولأبِي داود2: عن أبي الدّرداء: أنّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم –قال:-
"فُسْطَاطُ3 الْمسلمين يوم الْمَلْحَمَة بِالْغُوطَة4 إلى
1 مسند الإمام أحمد ج 5، ص: 199، بلفظٍ:"احتمل" بدل لفظ: "رفع".
والمستدرك للحاكم ج 4، كتاب الفتن والملاحم، ص: 509، بلفظ مختلف عن عبد الله بن عمرو، وقال: صحيح على شرط الشّيخين، ولم يخرجاه.
2 عون المعبود بشرح سنن أبي داود، ج 11، كتاب الملاحم، باب معقل المسلمين، ص:406.
3 في السّنن: "إنّ فسطاط"، والمقصود: الحصن الذي يتحصنون به. وأصله: الخيمة.
والملحمة: المقتلة العظمى في الفتن.
4 "بالغوطة"، الغوطة: بضم الغين، موضع بالشّام، كثير الماء والشّجر.
جانب مَدِينةٍ يُقَال لَها: دِمَشْقٌ1 مِن خَيْر مَدَائِن الشّام".
(115)
ولابن أبي شيبة2 عن أبي3. قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم:
"مَعْقَلُ الْمسلمين فِي الْملاحم: دِمِشْقُ. وَمَعْقلُهُم مِنَ الدّجّال: بَيَّتُ المقدس. ومَعْقُلُهم من يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ: الطُّورُ".
(116)
ولابن ماجه4: عن أبي هريرة. قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم:
1 "دمشق"، بكسر الدّال المهملة، وفتح الميم.
قال العقلمي: "وهذا الحديث يدلّ على فضيلة دمشق، وعلى فضيلة سكانها، وأنّها حصن من الفتن، ومن فضائلها: أنّه دخلتها عشرة آلاف عين رأت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
كما أفاده ابن عساكر.
2 منتخب كنْزل العمال في سنن الأقوال والأفعال المطبوع بهامش مسند الإمام أحمد، المكتب الإسلامي، بيروت ج 6، ص:15.
3 في منتخب كنْزل العمال، عن ابن عمرو.
4 سنن ابن ماجه 2، كتاب الفتن، باب الملاحم ص:1369.
في الزّوائد: هذا إسناد حسن، وعثمان بن أبي العاتكة مختلف فيه.
"إذا وقعت الْمَلَاحمُ بَعَثَ الله جَيْشاً1 من الْمَوالي2. هُم أَكْرَمُ الْعَرَبَ فَرَساً، وأجوده سلاحاً، يُؤيِّد الله به3 الدِّين".
(117)
ولِمسلم4 عن حذيفة بن أسيد. قال: اطّلع علينا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من غرفة5، ونحن نتذاكر السّاعة6. فقال:
1 في السّنن "بعثا" بدل: "جيشا".
2 "من الموالي: المالك، والعبد، والمعتق، وقد اشتهر في المعتق غالباً، وعلى الرّجل الذي أسلم عل يد رجلٍ مسلمٍ.
3 في السّنن: "يؤّيد الله بهم الدّين"، بضمير الجمع للغائب.
4 صحيح مسلم بشرح النّووي، ج 18، كتاب الفتن وأشراط السّاعة، باب الآيات التي تكون قبل السّاعة ص: 27، وما بعدها.
5 "من غرفة"، هذه من رواية أخرى لمسلم.
6 رواية صحيح مسلم القريبة مما ذكره الأصل هي:
"اطلع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر. فقال: "ما تذاكرون؟ "، قالوا: نذكر السّاعة، قال: "إنّها لن تقوم حتّى ترون قبلها عشر آيات"، فذكر: "الدّخان، والدّجّال، والدّابة، وطلوع الشّمس من مغربها. ونزول عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد النّاس إلى محشرهم".
فذكر الأصل: الحديث مع تقديم وتأخير
…
، ولم يذكر: آية الدّابة.
"لا تَقُومُ السّاعَةُ حتّى يكون عَشْرُ آياتٍ: طُلُوعُ الشَّمْسِ من مَغْرِبِها، والدَّخَانُ1، والدَّجَّالُ، وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ. ونُزُولُ عِيسى بن مريم، وثَلَاثُ خُسُوفَاتٍ: خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ. وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ. وَخَسْفٌ بَجَزِيْرَةِ الْعَرَبِ، وَنَارٌ2 تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَنٍ، تَسُوقُ النّاسَ إلى
1 "والدّخان"، هذا الحديث يؤيّد قول مَن قال: إنّ الدّخان دخان يأخذ بأنفاس الكفّار ويأخذ المؤمن منه كهيئة الزّكام، وأنّه لم يأت بعد، وإنّما يكون قريباً من قيام السّاعة، وسيأتي ذلك في حديث رقم:(124) .
2 "ونار تخرج"، هذا اللّفظ من رواية التّرمذي ج 6، من تحفة الأحوذي، أبواب الفتن، باب ما جاء في الخسف، ص: 413، ونصّه:"ونَارٌ مِن قَعْرِ عَدَنٍ تَسُوقُ النَّاسَ، أَو تَحْشُرُ النَّاسَ، فَتَبِيتُ مَعَهُم حَيْثُ بَاتُوا، وَتَقِيلُ مَعَهُم حَيْثُ قَالُوا".
ومعنى قعر عدن أي: من أقصى أرضها، وعدن غير منصرف، وقيل منصرف، باعتبار البقعة والمكان.
وفي روايةٍ لمسلم: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ تُضِيءُ أَعْنَاقَ الإِبْلِ بِبُصْرَى"، صحيح مسلم بشرح النّووي ج 18، كتاب الفتن، ص:30.
وقد جعل القاضي عياض حاشرة، قال:"ولعلّها ناران تجتمعان لحشر النّاس، قال: أو يكون ابتداء خروجها من اليمن، ويكون ظهورها وكثرة قوّتها بالحجاز".
هذا كلام القاضي، وليس في الحديث أنّ نار الحجاز متعلّقة بالحشر، بل هي آية من أشراط السّاعة مستقلة. اهـ. نووي.
الْمَحْشَرِ، تَبِيتُ مَعَهُم إذا بَاتُوا، وتَقِيلُ مَعَهُم إذا قَالُوا".
وفي رواية1 له: "وآخر ذلك نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ تَطْرُدُ النّاسَ".
وفي رواية له2: "وَرِيحٌ تُلْقِي النّاسَ فِي الْبَحْرِ"، بدل:"نُزُول عِيسى".
(118)
وله3 عن أبي هريرة: أنّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال:
"بَادِرُوا4 بالأَعْمَالِ سِتًّا: طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا،
1 صحيح مسلم بشرح النّووي ج 18، كتاب الفتن ص:28.
2 صحيح مسلم بشرح النّووي ج 18، كتاب الفتن ص:28.
3 صحيح مسلم بشرح النّووي ج 18، كتاب الفتن وأشراط السّاعة، باب في بقية من أحاديث الدّجّال ص:87.
4 "بادروا بالأعمال ستّاً"، أي: سابقوا ستّ آيات دالّة على وجود القيامة، قبل وقوعها وحلولها، فإنّ العمل بعد وقوعها وحلولها لا يقبل ولا يعتبر.
أوِ الدُّخَانَ، أَوِ الدَّجَّالَ، أو الدَّابَّةَ، أو خَاصَّةَ أَحْدِكُم، أو أَمْرَ العامّة ".
(119)
وَلَهُ1 عن معقل بن يسار مرفوعاً:
"الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجَ كَهِجِرَةِ إِلَيَّ"2.
(120)
وله3 عن أبي هريرة. قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم:
"ثلاث آيات4 إذا خَرَجْنَ: {لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً} ، [الأنعام، من الآية: 158] : طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مغربِها، والدّجّالُ، ودابّةُ الأرض".
1 صحيح مسلم بشرح النّووي ج 18، كتاب الفتن وأشراط السّاعة، باب فضل العبادة في الهرج ص:88.
2 "العبادة في الهرج كهجرة إليّ"، المراد بالهرج هنا: الفتنة، واختلاط أمور النّاس، وسبب كثرة فضل العبادة فيه، أنّ النّاس يغفلون عنها، ويشتغلون بغيرها، ولا يتفرّغ لها إلاّ الأفراد.
3 صحيح مسلم بشرح النّووي ج 2، كتاب الإيمان، باب بيان الزّمن الذي لا يقبل فيه الإيمان ص:195.
4 في صحيح مسلم: "ثلاث إذا خرجن".
(121)
وله1: عن أبي زرعة. وذكر قول مروان عن الآيات:
أوّلها خروجاً: الدّجال. فقال عبد الله بن عمرو: لم يقل مروانشيئاً. حفظت من رسول الله– صلى الله عليه وسلم – حديثاً لم أنسه بعد.
سَمِعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم –يقول:
"إنّ أوّل الآيات خروجاً: طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مغربِها، وخروجُ الدّابّةِ على النّاسِ ضُحًى، وأيّهما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على إثرها قريباً".
1 صحيح مسلم بشرح النّووي ج 18، كتاب الفتن وأشراط السّاعة، ص: 77، 78.
ولفظ الحديث في مسلم:
"عن أبي زرعة قال: جلس إلَى مروان بن الحكم بالمدينة ثلاثة نفر من المسلمين، فسمعوه وهو يحدّث عن الآيات: إنّ أوّلها خروجاً الدّجّال، فقال عبد الله بن عمرو: لم يقل مروان شيئاً، قد حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً لم أنسه بعد
…
" الحديث.
(122)
وللتِّرمذي1 عن صفوان بن عسّال: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم –يقول:
"إنّ بِالْمَغْرِب2 باباً مفتوحاً للتّوبة، مَسِيرةُ سَبْعِيْن سنة. لا يُغْلَقُ حتّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ نَحوه ". وقال: حسن صحيح.
(123)
ولمسلم3 عن أبي هريرة. قال رسول الله– صلى الله عليه وسلم:
"مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِها تَابَ الله عليه"4.
1 تحفة الأحوذي، شرح التّرمذي ج 9، كتاب الدّعوات، ص:519.
2 ولفظه في التّرمذي: "إنَّ الله عز وجل جَعلَ بِالْمَغْرِبِ باباً، عَرْضُهُ مَسيرةُ سَبْعِينَ عاماً لِلْتَوبَةِ لا يُغْلَقُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسِ مِن قِبله".
3 صحيح مسلم بشرح النّووي ج 17، كتاب الذّكر والدّعاء والتّوبة والاستغفار، باب التّوبة، ص:25.
4 قال العلماء: "هذا حدٌّ لقبول التّوبة، وقد جاء في الحديث الصّحيح: "أنَّ لِلْتَّوْبَةِ باباً مَفْتُوحاً، فَلَا تَزَالُ مَقْبُولَةً حَتَّى يُغْلَقَ، فإذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ مِن مَغرِبِهَا أُغْلِقَ وامْتَنَعَتِ التَّوبَةُ عَلى مَنْ لَم يَكُن تَابَ قَبْلَ ذَلِكَ".
وهو معنى قوله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً} ، [الأنعام، من الآية: 158] .
ومعنى تاب الله عليه، قبل: توبته ورضي به.
وللتّوبة شرط آخر، وهو أن يتوب قبل الغرغرة، وذلك قول الله تعالى:{وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ} ، [النّساء، من الآية: 18] .
وكما جاء في الحديث الصّحيح، وأمّا في حالة الغرغرة ـ وهي حالة النّزع ـ فلا تقبل توبته ولا غيرها، ولا تنفّذ وصيته ولا غيرها.