الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ فِي خُرُوجِ الدَّابَّةِ
1
1 قال الله تعالى: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآياتِنَا لا يُوقِنُونَ} ، [النّمل: 82] .
قال ابن كثير في تفسيره: "هذه الدّابة تخرج في آخر الزّمان، عند فساد النّاس وتركهم أوامر الله، وتبديلهم الدّين الحقّ.
وخروج هذه الدّابّة، قيل: من مكّة، وقيل: من غيرها، فتكلم النّاس على ذلك، (أي على ما أحدثوا وغيّروا وبدّلوا) .
قال ابن عبّاس، والحسن، وقتادة، ويروى عن عليّ رضي الله عنهم:"تكلّمهم كلاماً"، أي: تخاطبهم مخاطبة.
وفي تفسير الألوسي: ويؤيّد ذلك قراءة أبيّ: "تنبّئهم"، وقراءة يحيى بن سلام:"تحدّثهم".
وقيل: هو من الكلم بمعنى: الجرح، والتّفعيل للتّكثير.
وفي تفسير الألوسي: "ويؤيّد ذلك قراءة ابن عبّاس: "تَكْلمهم" بفتح التّاء وسكون الكاف، وقراءة بعضهم: "تجرهم" مكان "تكلمهم".
ولقد سئل ابن عبّاس رضي الله عنهما هل ما في الآية تُكَلِّم أو تَكْلَمُهم؟
فقال: كلّ ذلك تفعل، تُكَلِّم المؤمن، وتَكْلُم الكافر.
وهذا القول: قول حسن ينتظم الرّأيين ويجمع بينهما، والله أعلم".
أمّا القول بأنّ المقصود بالدّابّة، هو الجراثيم التي اكتشفت حديثاً هي تنقل الأمراض وتجرح النّاس، وكان ذلك عقاباً لهم على ما أحدثوا.
فلا وجه له؛ إذ إنّ الدّابّة، كما تدلّ الآية: تخرج للنّاس على غير ما ألفوا حتّى يكون فيها الإنذار والزّجر، وقد وصف الرّسول صلى الله عليه وسلم خروج الدّابّة بأنّه آية من علامات السّاعة، وما ذكر من الأمراض والجروح معهود للنّاس قديماً وحديثاً. فلا آية فيه.
وأيضاً ما ذكر يخالف تفسير ابن عبّاس والحسن وغيرهما للتكليم بمعنييه.
(188)
ولابن ماجه1 عن بريدة. قال: ذهب2 رسول الله– صلى الله عليه وسلم إلى موضع بالبادية، قريب، من مكّة. فإذا أرض يابسة حولها رمل. فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم:
"تَخْرُجُ الدَّابَّةُ مِنْ هَذَا الْمَوْضِع"، فإذا فتر في شبر.
1 سنن ابن ماجه، ج 2، كتاب الفتن، باب دابّة الأرض، ص:1352.
في الزّوائد: "هذا إسناد ضعيف؛ لأنّ خالد بن عبيد قال البخاري: في حديث نظر.
وقال ابن حبان والحاكم: يحدث عن أنس بأحاديث موضوعة".
2 في السّنن: "ذهب بي".
قال ابن بريدة فحججت بعد ذلك سنين فأرانا عصا له. فإذا هو بعصاي هذه هكذا وهكذا.
(189)
وله1: عن أبي هريرة: أنّ رسول الله– صلى الله عليه وسلم-قال:
"تَخْرُجُ الدَّابَّةُ ومَعَهَا خَاتَمُ سُلَيْمَانَ بن داود، وعصا موسى بن عمران2، فتجلو وجه الْمؤمن3 بالعصا، وتَخْطِم4 أنف الكافرِ بالْخَاتَم؛ حتّى إِنَّ أَهْلَ الْخِوَاِن لَيَجْتَمِعُوا5، فيقول هذا: يا مؤمن! ويقول هذا: يا كافر! "6. وحسّنه التِّرمذي.
1 سنن ابن ماجه، ج 2، كتاب الفتن، باب دابّة الأرض، ص:1351.
2 في السّنن: زيادة جملة: "عليهما السلام".
3 "فيجعلو وجه المؤمن"، أي: تنوره.
4 "وتخطم" كتضرب لفظاً ومعنى. وقال السّيوطي: أي: تسمه.
5 في السّنن: "حتى إنّ أهل الحِواء ليجتعون" والحواء: بيوت مجتمعة من النّاس على ماء.
"ليجتمعون" بثبوت النّون وهو الصّواب، والخوان، بضمّ الخاء وكسرها، قال الجزري: هو ما يوضع عليه الطّعام عند الأكل، النّهاية.
6 تحفة الأحوذي بشرح سنن التّرمذي، ج9،كتاب التّفسير سورة النّمل ص:44.
(190)
وروى1 ابن جُريج عن ابن الزّبير أنّه وصف الدّابّة. فقال:
"رَأْسُها رأسُ الثَّورِ، وعَيْنُهَا عَيْنُ الْخِنْزِيرِ، وأذنُها أذنُ فِيلٍ، وقَرنُها قرنُ أُيّل2، وصَدْرُها صدرُ أَسَدٍ. ولَونُها لونُ نَمِرٍ، وخَاصِرَتُها خَاصِرَةُ هِرَّةٍ، وذَنَبُهَا ذَنَبُ كَبْشٍ. وقَوَائِمُها قَوَائِمُ بَعِيْرٍ، بَيْنِ كلِّ مَفْصلَيْن3 اثنا عشر ذارعاً، معها عصا موسى، وخاتَم سُلَيْمَان. ولا يبقى مُؤْمِنٌ إلاّ نَكَتَتْه بعصا موسى نُكْتَةً بَيْضَاءَ، يَضِيء لَها وَجْهُهُ. ولا يبقى كافِرٌ إلاّ نَكَتَتْ وَجْهَهَ بِخَاتَم سليمان، فَيَسْوَد لَهَا وَجْهُهُ، حتّى أن النّاس يَتَبَايَعُون
1 ذكره البغوي في تفسيره، وكذلك ابن كثير عند الكلام على قول الله تعالى:{وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآياتِنَا لا يُوقِنُونَ} ، [النّمل: 82] ، في الجزء الثّالث من تفسير ابن كثير، والجزء الخامس من تفسير البغوي، مع الخازن، مع اختلاف في الألفاظ في كلّ.
2 أُيَّل بضم الهمزة وكسرها، والياء مفتوحة وهو ذكر الأوعال، أي: التّيس الجبلي، مصباح.
3 المفصل: بوزن: مسجد، أحد مفاصل الأعضاء، مصباح.
في الأسواق: بِكَمْ يا مؤمنٌ؟ وبِكَمْ يا كافرٌ؟ ثُمّ تقول لَهُمُ الدَّابَّةُ: يا فلان أنت من أهل الْجنّة، وأنت من أهل النّار. وذلك قوله- عز وجل:{وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ} الآية، [النّمل، من الآية82] .
(191)
ولأبِي1 داود الطّيالسي في مسنده: عن حذيفة: قال: ذَكَرَ رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم الدّابَةَ فقال:
"لها ثَلَاثُ خَرَجَاتٍ مِنَ الدّهْرِ: فَتَخْرُجُ فِي أَقْصَى البَادِية، ولا يدخل ذكرها في الْقَرْيَةِ- يعنِي: مكّة – ثُمّ يَكْمُن2 زماناً طويلاً، ثُمّ تَخْرُج خَرْجَةً أخرى دون ذلك، فَيَفْشُو3 ذكرُها فِي أَهْلِ الْبَادِية، ويدخل ذكرُهَا فِي القرية4: مكّة".
قال رسول الله –
1 مسند أبي داود الطّيالسي، الجزء الرّبع، ص: 144، رقم الحديث:(1069) ، الطّبعة الأولى، طبعة الهند، 1331هـ.
وأخرجه أيضاً الحاكم في المستدرك ج 4، ص: 484، كتاب الفتن، وقال:"صحيح على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه".
2 في المسند: "ثم تكمن"، بالتّاء.
3 في المسند: "فيعلو" بدل فيفشو.
4 في المسند: "ويدخل ذكرها القرية"، بدون لفظ: في.
صلّى الله عليه وسلّم-: "بينما1 النّاس في أعْظَمِ الْمَسَاجِدِ على الله حُرْمَةً، خَيْرُهَا وَأَكْرَمُها على الله – تعالى ـ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ2، لِمْ يَرعهم إلاّ وهي تَرْغُو بيْن الرّكن والْمقام، تَنْفُضُ عَنْ رَأْسِها التُّرَابُ، فارْفَضَّ3 النّاس منها شَتَّى، ويَثْبُتُ عِصَابَةٌ من الْمُؤْمِنِيْن، وعَرَفُوا أنّهم لِم يُعْجِزُوا4 الله – تعالى – فَبَدَأَتْ بِهم. فَجَلَتْ وُجُوهُهُم حتّى جعلتها كَالكواكب5 الدّرِّيِّ وولّت في الأرض. لا يُدْرِكُها طَالِبٌ، ولا ينجو منها هارب؛ حتّى إنّ الرّجل ليتعوّذ منها بالصّلاة، فَتَأْتِيهِ
1 في المسند: "ثم بينما" بزيادة لفظ: (ثم) .
2 في المسند: "وأكرمها: المسجد الحرام"، بدون ذكر لفظ: (على الله تعالى".
3 في المسند: "فارفض النّاس فيها شتى ومعاً، وثبت عصابة"، بزيادة لفظ: (ومعاً" وبالفعل الماضي: "ثبت".
وارفض النّاس: أي: تفرّقوا.
4 في المسند: "لن يعجزا" بلفظ: (لن)، بدل:(لم) .
5 في المسند: "حتى تجعلها كأنّها الكوكب بالفعل المضارع"، وأداة التّشبيه كأنّ بدل:(الكاف) .
من خَلْفِهِ فَتُقُولُ: يا فلان! 1 الآن تُصَلِّي؟ فَتَقْبَلُ عليه2 فَتَسِمُهُ فِي وَجْهِهِ، ثُمّ تَنْطَلِقُ، وتَشِتَرِكُ النّاس في الأموال، وَيَصْطَلِحُون3 في الأمصار، يُعْرَفُ الْمُؤْمِنُ من الكافر. حتّى إنّ الْمُؤْمِن يقول: يا كافر! اقض حقِّي، وحتّى إنّ الكافر يقول: يا مؤمن! اقض4 حقِّي".
(192)
وقال أبو القاسم5 البغوي: أنا عليُّ بن الْجعد عن فضل بن مرزق الرّقاشيِّ – وسئل ابن مَعِيْن، فقال: ثقة- عن عطيّة العوفيِّ: عن ابن عمر قال:
1 في المسند: "يا فلان! يا فلان! ".
2 في المسند: "فيقبل عليها" بإسناد الفعل للمصلّي، لا للدّابّة.
3 في المسند: "ويصطحبون".
4 في المسند: "أقضنِي حقي"، في الموضعين، بذكر المفعول الأوّل ونون الوقاية.
5 ذكره البغوي في تفسيره، وكذلك ابن جرير الطّبري وابن كثير عند الكلام عل قول الله تعالى:{وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَرْضِ} ، [النّمل، من الآية: 82] ، من رواية فضيل بن مرزوق عن عطية عن ابن عمر.
تَخرج الدّابّة من صدع1 في الكعبة، كجري الفرس، ثلاثة أيّام لا يخرج ثلثها2.
(193)
ولِمسلم3: عن عبد الرّحمن بن شَماسة. قال: كنت عند مسلم بن مجلز4، وعنده عبد الله بن عمرو، فقال عبد الله: لا تقوم السّاعة إلاّ على شرار الخلق، وهم5 شرٌ من أهل الجاهلية. لا يدعون الله بشيء إلاّ ردّه عليهم، فبينما هم6 كذلك، أقبل عقبة بن عامر. فقال له ابن شماسة7: اسمع ما يقول
1 الرّواية عند الثلاثة: "من صدع في الصّفا".
2 الرّواية عن ابن جرير والبغوي: "وما خرج ثلثها"، وعند ابن كثير:"لم يخرج ثلثها".
3 صحيح مسلم بشرح النّووي ج 13، كتاب الأمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تَزال طَائفَةٌ من أُمَّتِي ظاهرين على الحق لا يضرّهم مَن خالفهم
…
"، ص:67.
4 في صحيح مسلم: "كنت عند مسلمة بن مُخَلّد".
5 في صحيح مسلم: "هم شرّ من أهل الجاهلية".
6 في صحيح مسلم: "فبينما هم على ذلك".
7 في صحيح مسلم: "فقال له مسلمة".
عبد الله. فقال عقبة: هو أعلم. وأمّا أنا فسمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم يقول:
"لا تَزَالُ عِصَابَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُون على أمر الله، قَاهِرِيْن لِعَدُوِّهم، لا يَضُرُّهم مَنْ خَالَفَهُم، حتّى تَأْتِيَهُمُ السّاعَةُ، وهم على ذلك".
فقال عبد الله: أجل، ثمّ يبعث الله ريحاً كريح المسك، مسها كمسِّ1 الحرير، لا تترك2 نفساً في قلبه مثقال حبّة من إيمانٍ3 إلاّ قبضته، ثمّ يبقى شرار النّاس، عليهم تقوم السّاعة.
(194)
وروى4 حمّاد بن سلمة عن قتادة عن مطرّف عن عمران بن حصين: قال النّبيّ– صلّى الله
1 في صحيح مسلم:"مسها مس الحرير"،وفيه إشارة إلى الرّفق بهم والإكرام لهم.
2 في صحيح مسلم: "فلا تترك نفساً"، بزيادة الفاء.
3 في الصّحيح: "مثقال حبّةٍ من الإيمان".
4 عون المعبود بشرح سنن أبي داود، ج 7، كتاب الجهاد، باب في دوام الجهاد ص:162.
وفي المستدرك ج 4، كتاب الفتن والملاحم، ص: 450: "وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم".
عليه وسلّم:
"لا تَزَالُ عِصَابَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُون على الْحقِّ1، حتّى يُقَاتِلَ آخرُهُمُ الْمَسيحَ الدّجّالَ".
وكان مطرف يقول: هم أهل الشّام.
(195)
قال البيهقي: وروي2 عن ابن عبّاس: من طرق صحاح: أنّه قال:
"الدُّنْيَا سَبْعَةُ أَيَّامٍ، كُلُّ يَومٍ أَلْفُ سَنةٍ، وبعث رسول الله – صلى الله عليه وسلم في آخرها".
وصحّح أبو جعفر الطّبري هذا الأصل، وعضّده بآثار.
1 في سنن أبي داود، وفي المستدرك:"يُقاتِلُون عَلى الْحَقِّ ظَاهرين عَلَى مَن نَاوَأَهم"، بزيادة: ظاهرين على مَن ناوأهم".
ومعنى ناوأهم: أي: ناهضهم وعاداهم، يقال: ناوأت الرّجل نواء ومناوأة، إذا عاديته، وأصله من ناء إليك ونؤْت إليه إذا نهضتما.
وفي الحديث: بيان أنّ الجهاد لا ينقطع أبداً، وإذا كان معقولاً أنّ الأئمة كلّهم لا يتّفق أن يكونوا عدلاً، فقد دلّ هذا على أنّ جهاد الكفّار مع أئمة الجور واجب، كَهو مع العدل، وأنّ جورهم لا يسقط طاعتهم في الجهاد، وفيما أشبه ذلك من المعروف.
2 ذكره الطّبراني في المعجم الصّغير ج 2، ص:208.
كما ذكر تصحيح أبي جعفر الطّبري له، وأنّه عضّده بآثار.
(196)
وروى ابن أبي الدّنيا: عن سعيد بن جُبير. قال: الدّنيا جُمْعَةُ مِنْ جُمَعِ الآخرة1.
(197)
وقال ابن إسحاق2: ثنا محمّد بن أبي محمّد عن عكرمة، أو سعد بن جبير عن ابن عبّاس: أنّ اليهود3 كانوا يقولون: مدّة الدّنيا سبعة آلاف سنة، الدّنيا يوماً واحداً في النّار؛ وإنّما هي سبعة أيّام معدودة ثمّ ينقطع العذاب. فأنزل الله في ذلك:{وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاّ أَيَّاماً مَعْدُودَةً} ، [البقرة، من الآية: 80]، إلى قوله:{خَالِدُونَ} ، [البقرة، من الآية: 81] .
أخرجه ابن جرير، وابن أبي حاتم.
1 ذكره الطّبراني في المعجم الصّغير ج 2، 209.
ولفظه: "الدّنيا جمعة من جمع الآخرة، سبعة آلاف سنة، فقد مضى منها ستة آلاف".
2 ذكره ابن جرير الطّبري، ج 1، ص: 380، عند تفسيره لقوله تعالى:{وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَاّ أَيَّاماً مَعْدُودَةً} ، [البقرة، من الآية: 80] .
3 في رواية ابن جرير: "قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، ويهود تقول: إنّما مدة الدّنيا سبعة آلاف سنة، وإنّما يعذّب النّاس في بكلّ ألف سنة من أيّام الدّنيا يوماً واحداً في النّار من أيّام الآخرة، فإنّما هي سبعة أيّام ثم ينقطع العذاب
…
" الخ.
وقال عبد بن حميد: أنا شبابة: عن ورقاء: عن أبي نجيح: عن مجاهد مثله.
(198)
ولابن أبي حاتم1: عن عبد الله بن عمر. قال: ما كان منذ كانت الدّنيا رأس مائة سنة، إلاّ كان عند رأس المائة كانت الدّنيا رأس مائة سنة، إلاّ كان عند رأس المائة أمر، فإذا كان رأس مائة، خرج الدّجّال، ونزل2 عيسى بن مريم، فيقتله.
(199)
ولِمسلم3: عن جابر بن سمرة: عن النّبيّ– صلى الله عليه وسلم قال:
"لَنْ يَبْرَحَ هَذَا الدِّين قائماً يُقَاتِلُ عليه عِصَابَةُ مِنَ الْمُسْلِمِيْن. حتّى تَقُومَ السّاعة".
1 ذكره الطّبراني في المعجم الصّغير ج 2، ص:210.
وذكر ما ورد أنّ الدّجّال يَنْزل على رأس مائة، كما ذكر أنّه من رواية عبد الله بن عمرو بن العاص.
2 في المعجم: "يخرج الدّجّال ويَنْزل عيسى"، بالفعل المضارع.
3 صحيح مسلم بشرح النّووي، ج 13، كتاب الإمارة، باب لا تزال طائفةٌ من أُمَّتِي ظاهرين على الحقّ، لا يضرّهم مَن خالفهم، ص:66.
(200)
وله1 من حديث جابر بن عبد الله:
"لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ".
وله2 من حديث معاوية: "يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ".
1 نفس المرجع، ولفظه:"لا تزال طائفةٌ من أُمَّتِي يقاتلون على الحقّ ظاهرين إلى يوم القيامة".
2 نفس المرجع ص: 67. ولفظ الحديث: "مَن يرد الله به خيراً يفقهه في الدّين، ولا تزال عصابة من المسلمين يقاتلون على الحقّ، ظاهرين على مَن ناوأهم إلى يوم القيامة".
ومعنى هذه الأحاديث: أنّهم لا يزالون على الحقّ، حتّى تقبضهم هذه الرّيح اللّينة قرب القيامة، وعند تظاهر أشراطها.
وبهذه فلا تنافي بين هذه الأحاديث، والأحاديث الأخرى التي تقول:
"لا تقوم السّاعة حَتّى لا يقال: في الأرض: الله الله".
و"لا تقوم على أحدٍ يقول: الله الله".
و"لا تقوم إلاّ على أشرار الخلق".
حيث أطلق في أحاديث الباب بقاءهم إلى قيام السّاعة، على أشراطها، ودنوّها المتناهي في القرب. والله أعلم.
والمراد بالطّائفة: قال البخاري: هم أهل العلم.
وقال أحمد بن حنبل: "إن لم يكونوا أهل الحديث، فلا أدري مَن هم؟!
قال القاضي عياض: "إنّما أراد أحمد أهل السّنة والجماعة، ومَن يعتقد مذهب أهل الحديث".
...............................
قال الإمام النّووي: "يحتمل أنّ هذه الطّائفة مفرّقة بين أنواع المؤمنين، منهم شجعان مقاتلون، ومنهم فقهاء، ومنهم محدِّثون، ومنهم زهّاد، وآمرون بالمعروف وناهون عن المنكر، ومنهم أهل أنواع أخرى من الخير.
ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين، بل قد يكونون متفرّقين في أقطار الأرض.
وفي هذا الحديث معجزةٌ ظاهرةٌ، فإنّ هذا الوصف ما زال ـ بحمد الله تعالى من زمن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إلى الآن، ولا يزال حتّى يأتي أمر الله المذكور في الحديث.
وجد بآخر المخطوطة ما يلي:
(آخر ما وجد بخطه رحمه الله وأسكنه جنّة الفردوس الأعلى ومن خطِّه نقلت. والحمد لله حمداًً كثيراً طيباً مباركاً، كما يحبّ ربنا ويرضى.
كتبه أحمد بن حسين بن......................
وكتب في الهامش:
بلغ مقابلة ولله الحمد على خط مؤلفه شيخ الإسلام محمّد بن عبد الوهاب عفا الله عنه.
سبحانك الله وبحمده نستغفرك ونتوب إليك، ونشهد ألا إله إلاّ أنت وحدك لا شريك – ونشهد أن سيدنا محمّداً عبدك ورسولك– صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً كثيراً – نسألك أن تغفر لنا زلاتنا وأن تستر عيوبنا وأن تتقبل منا إنّك أنت السّميع العليم وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.