المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فصل ويقرأ في حال ثبوته قبل القراءة، وإن قرأ بعضها في - شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - صفة الصلاة

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌مسألة: وإذا قام إلى الصلاة قال: الله أكبر يجهر بها الإمام وسائر التكبير، ليسمع من خلفه، ويخفيه غيره

- ‌ القيام في الصلاة

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌مسألة: ويرفع يديه عند ابتداء تكبيره إلى حذو منكبيه، أو إلى فروع أذنيه

- ‌رفع اليدين

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌مسألة: ويجعلهما تحت سرته

- ‌مسألة: ويجعل نظره إلى موضع سجوده

- ‌النظر حال التشهد:

- ‌مسألة: ثم يقول: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ»

- ‌فصل

- ‌إذا نسي الاستفتاح

- ‌مسألة: ثم يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

- ‌فصل

- ‌مسألة: [ثم يقرأ]: بسم الله الرحمن الرجيم، ولا يجهر بشيء من ذلك؛ لقول أنس: «صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يَقْرَأُ بِسْم اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌مسألة: ثم يقرأ الفاتحة، ولا صلاة لمن لم يقرأ بها، إلا المأموم فإن قراءة الإمام له قراءة، ويستحب أن يقرأ في سكتات الإمام وما لا يجهر فيه

- ‌ قراءة الفاتحة في الصلاة

- ‌ القرآن أفضل من التوراة والإنجيل

- ‌الفصل الثاني

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌يستحب للمأموم أن يقرأ في صلاة السر

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌ الحرف المشدّد حرفان:

- ‌ ترك الشدة

- ‌فصل

- ‌يستحب أن يقرأ قراءة مرتلة [

- ‌فصل

- ‌مسألة: ثم يقرأ سورة تكون في الصبح من طوال المفصل، وفي المغرب من قصاره، وفي سائر الصلواتِ من أوساطه

- ‌فصل

الفصل: ‌ ‌فصل ويقرأ في حال ثبوته قبل القراءة، وإن قرأ بعضها في

‌فصل

ويقرأ في حال ثبوته قبل القراءة، وإن قرأ بعضها في هذه السكتة، وبعضها في سكتة أخرى، فلا بأس، وإن لم يكن له سكتة قرأ عند انقطاع نفسه؛ ليكمل قراءة الفاتحة.

فأما قراءة بعض آية أو بعض كلمةٍ عند انقطاع نفسه فيكره؛ لأن ذلك وحده ليس بقراءة مشروعةٍ، وليس قبله أو بعده شيء يضم إليه بخلاف الفاتحة إذا فرقها، ولأن قراءة الفاتحة أوكد بكل حالٍ؛ لأنها من القراءة المفروضةِ عليه، وإنما تحملها عنه الإمام.

ويقرأ في كل سكتة يسكتها الإمام في أول القراءة أو وسطها أو آخره، سواء سكت لاستراحةٍ أو غفلةٍ أو نعاسٍ أو ارتياح، أو غير ذلك قال ابن أبي موسى إذا أسرّ القراءة أو كانت له سكتات يمكن القراءة فيها، فالمستحب هاهنا للمأموم أن يقرأ، ويستحب للإمام أن يسكت على ما جاءت به السنة، فروى الحسن عن سمرة رضي الله عنه:«أّنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَتْ لَهُ سَكْتَتَانِ: سَكْتَةٌ حِينَ يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ، وَسَكْتَةٌ إِذَا فَرَغَ مِنَ السُّورَةِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فَأَنْكَرَهُ، فَكَتَبَ فِي ذَلِكَ إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، فَقَالَ: صَدَقَ سَمُرَةُ» .

ص: 178

رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة، وفي لفظ لأحمد وأبي داود: سكتة إذا فرغ من قراءة غير المغضوب عليهم ولا الضالين.

وروى الترمذي وابن ماجة عن قتادة عن الحسن عن سمرة قال: سكتتان حفظتهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال سعيد: فقلنا لقتادة: ما هاتان السكتتان؟ قال: إذا دخل في صلاته، وإذا فرغ من القراءة. ثم قال بعد ذلك: وإذا قرأ: {وَلَا الضَّالِّينَ} قال: وكان يعجبه إذا فرغ من القراءة أن يسكت حتى يتراد إليه نفسه.

فأما السكتة الأولى: فهي سكتة الاستفتاح، وهي سكوت عن الجهر والاستماع، لا عن أصل الذكر والكلام، كما في حديث أبي

ص: 179

هريرة: «أَرَأَيْتَ سُكُوتَكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ، مَاذَا تَقُولُ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وبَيْنَ خَطَايَايَ

» الحديث، ولهذا قال: سكتة إذا كبر حتى يقرأ، فبين أنه أراد السكوت الذي يلي تكبيرة الافتتاح، وهو محل الافتتاح، لا سكوت محض، وهذه السكتة إنما تكون في الركعة الأولى، فأما في الثانية فلا؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه: أّنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ اسْتَفْتَحَ الْقِرَاءَةَ بِالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَلَمْ يَسْكُتْ. رواه مسلم.

وأما السكتة الثانية: فقال الإمام أحمد: إذا كبر الإمام فليسكت سكتتين: سكتة إذا كبَّر، وإذا فرغ من القراءة قبل أن يركع، مثل حديث سمرة وأبي بن كعب رضي الله عنهما، وقال أيضاً: يثبت قائماً ويسكت، حتى يرجع إليه نفسه قبل أن يركع، ولا يصل قراءته بتكبيرة الركوع، جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان له سكتتان عند افتتاح الصلاة وإذا فرغ من القراءة، وذكر أن الصحيح في حديث سمرة أن السكتة الثانية عند الركوع، وكذا رواه عن الحسن الأكثرون، منهم حميد الطويل

ص: 180

ويونس وأشعث وقتادة، في أول مرة، ثم رواه على السكوت [بعد] الفاتحة، وهذه السكتة عند انقضاء القراءة سكتة يسيرة؛ ليرجع إليه نفسه فيستريح، وليفصل بين القراءة والتكبير؛ ولئلا يحصل شيء من القراءة في الركوع، أو شيء من التكبير في القيام. وهذا قول ابن أبي موسى.

فأما السكوت بعد قراءة الفاتحة: فلا يستحب علي ما ذكره هنا؛ لأن السنة إنما جاءت بسكتتين، فلا يشرع ثالثة، ولأن السكوت في الصلاةِ غير مشروع إلا لحاجة، ولا حاجة إلى السكوت هنا، ولأنه فصل بين السورة والتي تليها، فلم يشرع، كما لا يشرع السكوت بين السورة لمن يقرأ بسورة في قيامه: اللهم إلا أن يحتاج إلى السكوت، مثل أن يريد أن يقرأ سورة، فيبسمل قبل قراءتها، أو يسكت ليتفكر فيما يريد أن يقرأ، وشبْه ذلك، إلا أن هذا قد يكون في أثناء القراءة إذا ارتج عليه، وإذا فرغ من سورة وشرع في أخرى.

ص: 181

وعنه ما يدل على أن الإمام يسكت بعد الفاتحة، لأنه قال: يقرأ بفاتحة الكتاب قبل أن يقرأ الإمام.

قيل: فإن قرأ الإمام قبل أن يتمها يقرأ الباقي إذا سكت الإمام من الحمد أو من السورة الأخرى؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس. وقال أيضاً: إذا كان له سكتات قرأ الحمد، وإذا لم يكن له سكتات قرأ عند انقطاع نفسه، والسكتات إنما تطلق على ثلاث، فمن أصحابنا من استحب هذه السكتة أيضاً ليستريح فيها، وليقرأ من خلفه الفاتحة؛ لئلا ينازعوه فيها؛ لأنها في إحدى روايتي حديث سمرة، وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن: للإمام سكتتان، فاغتنموا فيهما القراءة بفاتحة الكتاب، إذا دخل في الصلاة، وإذا قال:{وَلَا الضَّالِّينَ} ، وقال عروة بن الزبير: أما أنا فاغتنم من الإمام اثنتين، إذا قال:{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} . فأقرأ عندها، وحين يختم السورة فأقرأ قبل أن يركع. رواه الأثرم.

ص: 182

ومنهم من قال: [لا] يستحب له أن يسكت؛ لأجل قراءة من خلفه، وإنما هذه السكتة سكتة يسيرة لأجل الاستراحة وتراجع النفس إليه، ويبسمل فيها ويتفكر فيما يقرأه، كالسكتة عند انقضاء القراءة، وهو أشبه بكلامه؛ لأنه قال: يقرأ فيما لا يجهر، وإن أمكنه أن يقرأ قبل الإمام، ولا تعجبني القراءة خلف الإمام فيما يجهر، أحب إلي أن ينصت. فجعل قراءة الفاتحة قبل الإمام، ولو استحببنا للإمام أن يسكت بقدر قراءة الفاتحة لم يحتج إلى ذلك.

وقال أيضاً: لا تقرأ فيما يجهر، وتقرأ فيما يسر، وإن كان للإمام سكتة فيما يجهر يقرأ. ولأنه شبه السكوت من الحمد بالسكوت من السورة، وكما تقدم، وتلك سكتة يسيرة لا يقصد بها قراءة المأموم؛ وهذا لأن السكوت المذكور لا يدل عليه شيء من الأحاديث، فلا وجه لإثباته.

ولأنه لو سنَّ السكوت لقراءة الفاتحة، لسن لقراءة السورة،

ص: 183

ولسن عند الركوع بقدر الفاتحة، لمن أدركه بعد الفاتحة، ولجاز أن يجهر المأموم بالقراءة فيه، ولأن قراءة الفاتحة ليست مستحبة للمأموم إلا بشرط سكوت الإمام؛ لئلا تخلو الصلاة عن قراءة أو استماع، فلو استحببنا السكوت لأجلها كان دوراً، ولأن المأموم لو ترك قراءة الفاتحة لم يكره له ذلك، والسكوت في الصلاة مكروه في الأصل، فكيف يلتزم المأموم فعل المكروه ليحصل ما لا كراهة في تركه؟

ولأن من نازع الإمام القراءة فقد أخطأ السنة، فكيف يترك الإمام السنة احترازاً من خطأ المخطئ؟ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسكتها، وأصحابه يقرءون فيها، لم يصح احتجاج من يحتج لقراءة الفاتحة حين الجهر بما تقدم، فلا يبقى شيء يتوكد به القراءة على المأموم في حال الجهر.

وإذا لم تكن القراءة متوكدة في حق المأموم لم يحتج إلى السكوت، وإن كان لا يسكتها في وجه لاستحباب سكوتها، فإما أن يقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لهم في قراءتها في حال جهره، مع أنه كان يسكت لهم سكتة بقدرها، فهذا لا يجوز، ولأن أبا هريرة لما قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟

ص: 184

علم أنه لم يكن له سكتة بقدر هذه، ولو كانت سكتة بعد الفاتحة بقدرها لكانت أكثر من هذه.

ولأن هذه المذاهب كلها من فروع توكيد قراءة الفاتحة على المأموم، وهو ضعيف، ولأن الإمام لو ترك هذه السكتات لم يكره له ذلك، كما قد نص عليه أحمد: أن من الأئمة من يسكت، ومنهم من لا يسكت، ولَمِ يعبْ على من يسكت، ولو كان تفويت المأموم القراءة مكروهاً لكره ترك السكوت.

ص: 185