الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الزَّكَاةِ
بَابُ الصَّدَقَةِ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ
2955 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: " قَدِمَتْ عِيرٌ الْمَدِينَةَ ، فَاشْتَرَى مِنْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَتَاعًا فَبَاعَهُ بِرِبْحِ أَوَاقٍ فِضَّةً، فَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى أَرَامِلِ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، ثُمَّ قَالَ:«لَا أَعُودُ أَنْ أَشْتَرِيَ بَعْدَهَا شَيْئًا أَبَدًا وَلَيْسَ ثَمَنُهُ عِنْدِي» . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى هَذَا الْحَدِيثِ وَأَبَاحُوا الصَّدَقَةَ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ. وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ ، فَقَالُوا: لَا يَجُوزُ الصَّدَقَةُ مِنَ الزَّكَوَاتِ وَالتَّطَوُّعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ ، وَهُمْ كَالْأَغْنِيَاءِ، فَمَا حَرُمَ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ مِنَ الصَّدَقَةِ فَهِيَ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ حَرَامٌ ، فُقَرَاءَ كَانُوا أَوْ أَغْنِيَاءَ. وَكُلُّ مَا يَحِلُّ لِلْأَغْنِيَاءِ مِنْ غَيْرِ بَنِي هَاشِمٍ ، فَهُوَ حَلَالٌ لِبَنِي هَاشِمٍ فُقَرَائِهِمْ وَأَغْنِيَائِهِمْ. وَلَيْسَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ عِنْدَنَا حُجَّةٌ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ ، لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَا تَصَدَّقَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَرَامِلِ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَمْ يَجْعَلْهُ مِنْ جِهَةِ الصَّدَقَةِ الَّتِي تَحْرُمُ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ فِي قَوْلِ مَنْ يُحَرِّمُهَا عَلَيْهِمْ وَلَكِنْ جَعَلَهَا مِنْ جِهَةِ الصَّدَقَةِ الَّتِي تَحِلُّ لَهُمْ. فَإِنَّا قَدْ رَأَيْنَا الْأَغْنِيَاءَ مِنْ غَيْرِ بَنِي هَاشِمٍ قَدْ يَتَصَدَّقُ الرَّجُلُ عَلَى أَحَدِهِمْ بِدَارِهِ أَوْ بِعَبْدِهِ ، فَيَكُونُ ذَلِكَ جَائِزًا حَلَالًا ، وَلَا يُحَرِّمُهُ عَلَيْهِ مَالُهُ.
⦗ص: 4⦘
فَكَانَ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ بِمَالِهِ مِنَ الصَّدَقَاتِ ، هُوَ الزَّكَوَاتُ وَالْكَفَّارَاتُ وَالصَّدَقَاتُ الَّتِي يُتَقَرَّبُ بِهَا إِلَى اللهِ تَعَالَى. فَأَمَّا الصَّدَقَاتُ الَّتِي يُرَادُ بِهَا طَرِيقُ الْهِبَاتِ وَإِنْ سُمِّيَتْ صَدَقَاتٍ فَلَا ، فَكَذَلِكَ بَنُو هَاشِمٍ حَرُمَ عَلَيْهِمْ لِقَرَابَتِهِمْ مِنَ الصَّدَقَاتِ مِثْلُ مَا حَرُمَ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ بِأَمْوَالِهِمْ. فَأَمَّا مَا كَانَ لَا يَحْرُمُ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ بِأَمْوَالِهِمْ ، فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ بِقَرَابَتِهِمْ. فَلِهَذَا جَعَلْنَا مَا كَانَ تَصَدَّقَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَرَامِلِهِمْ مِنْ جِهَةِ الْهِبَاتِ وَإِنْ سُمِّيَ ذَلِكَ صَدَقَةً ، وَهَذَا الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ تَأْوِيلُ ذَلِكَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ