المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب من قدم من حجه نسكا قبل نسك - شرح معاني الآثار - جـ ٢

[الطحاوي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ الصَّدَقَةِ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ

- ‌بَابُ ذِي الْمِرَّةِ السَّوِيِّ الْفَقِيرِ هَلْ يَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ أَمْ لَا

- ‌بَابٌ: الْمَرْأَةُ هَلْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُعْطِيَ زَوْجَهَا مِنْ زَكَاةِ مَالِهَا أَمْ لَا

- ‌بَابٌ الْخَيْلُ السَّائِمَةُ هَلْ فِيهَا صَدَقَةٌ أَمْ لَا

- ‌بَابٌ الزَّكَاةُ هَلْ يَأْخُذُهَا الْإِمَامُ أَمْ لَا

- ‌بَابٌ ذَوَاتُ الْعَوَارِ هَلْ تُؤْخَذُ فِي صَدَقَاتِ الْمَوَاشِي أَمْ لَا

- ‌بَابٌ زَكَاةُ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْأَرْضِ

- ‌بَابُ الْخَرْصِ

- ‌بَابُ مِقْدَارِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ

- ‌بَابُ وَزْنِ الصَّاعِ كَمْ هُوَ

- ‌كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌بَابُ الْوَقْتِ الَّذِي يَحْرُمُ فِيهِ الطَّعَامُ عَلَى الصِّيَامِ

- ‌بَابُ الرَّجُلِ يَنْوِي الصِّيَامَ بَعْدَمَا يَطْلُعُ الْفَجْرَ

- ‌بَابُ مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: شَهْرَا عِيدٍ ، لَا يَنْقُصَانِ ، رَمَضَانُ وَذُو الْحِجَّةِ

- ‌بَابُ الْحُكْمِ فِي مَنْ جَامَعَ أَهْلَهُ فِي رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا

- ‌بَابُ الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ

- ‌بَابُ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ

- ‌بَابُ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ

- ‌بَابُ صَوْمِ يَوْمِ السَّبْتِ

- ‌بَابُ الصَّوْمِ بَعْدَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى رَمَضَانَ

- ‌بَابُ الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ

- ‌بَابُ الصَّائِمِ يَقِيءُ

- ‌بَابُ الصَّائِمِ يَحْتَجِمُ

- ‌بَابُ الرَّجُلِ يُصْبِحُ فِي يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ جُنُبًا هَلْ يَصُومُ أَمْ لَا

- ‌بَابُ الرَّجُلِ يَدْخُلُ فِي الصِّيَامِ تَطَوُّعًا ثُمَّ يُفْطِرُ

- ‌بَابُ الصَّوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ

- ‌كِتَابُ مَنَاسِكِ الْحَجِّ

- ‌بَابُ الْمَرْأَةِ لَا تَجِدُ مَحْرَمًا هَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا فَرْضُ الْحَجِّ أَمْ لَا

- ‌بَابُ الْمَوَاقِيتِ الَّتِي يَنْبَغِي لِمَنْ أَرَادَ الْإِحْرَامَ أَنْ لَا يَتَجَاوَزَهَا

- ‌بَابُ الْإِهْلَالِ مِنْ أَيْنَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ

- ‌بَابُ التَّلْبِيَةِ كَيْفَ هِيَ

- ‌بَابُ التَّطَيُّبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ

- ‌بَابُ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ

- ‌بَابُ لُبْسِ الثَّوْبِ الَّذِي قَدْ مَسَّهُ وَرْسٌ أَوْ زَعْفَرَانٌ فِي الْإِحْرَامِ

- ‌بَابٌ الرَّجُلُ يُحْرِمُ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ كَيْفَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَخْلَعَهُ

- ‌بَابُ مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِهِ مُحْرِمًا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ

- ‌بَابُ الْهَدْيِ يُسَاقُ لِمُتْعَةٍ أَوْ قِرَانٍ هَلْ يُرْكَبُ أَمْ لَا

- ‌بَابُ مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنَ الدَّوَابِّ

- ‌بَابُ الصَّيْدِ يَذْبَحُهُ الْحَلَالُ فِي الْحِلِّ هَلْ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ أَمْ لَا

- ‌بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَيْتِ

- ‌بَابُ الرَّمَلِ فِي الطَّوَافِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَلَمُ مِنَ الْأَرْكَانِ فِي الطَّوَافِ

- ‌بَابُ الصَّلَاةِ لِلطَّوَافِ بَعْدَ الصُّبْحِ ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ

- ‌بَابُ مَنْ أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ فَطَافَ لَهَا قَبْلَ أَنْ يَقِفَ بِعَرَفَةَ

- ‌بَابُ الْقَارِنِ ، كَمْ عَلَيْهِ مِنَ الطَّوَافِ لِعُمْرَتِهِ وَلِحَجَّتِهِ

- ‌بَابُ حُكْمِ الْوُقُوفِ بِالْمُزْدَلِفَةِ

- ‌بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِجَمْعٍ كَيْفَ هُوَ

- ‌بَابُ وَقْتِ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ لِلضُّعَفَاءِ الَّذِينَ يُرَخَّصُ لَهُمْ فِي تَرْكِ الْوُقُوفِ بِالْمُزْدَلِفَةِ

- ‌بَابُ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ لَيْلَةَ النَّحْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ

- ‌بَابُ الرَّجُلِ يَدَعُ رَمْيَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ يَرْمِيهَا بَعْدَ ذَلِكَ

- ‌بَابُ التَّلْبِيَةِ مَتَى يَقْطَعُهَا الْحَاجُّ

- ‌بَابُ اللِّبَاسِ وَالطِّيبِ مَتَى يَحِلَّانِ لِلْمُحْرِمِ

- ‌بَابُ الْمَرْأَةِ تَحِيضُ بَعْدَمَا طَافَتْ لِلزِّيَارَةِ قَبْلَ أَنْ تَطُوفَ لِلصَّدْرِ

- ‌بَابُ مَنْ قَدَّمَ مِنْ حَجِّهِ نُسُكًا قَبْلَ نُسُكٍ

- ‌بَابُ الْمَكِّيِّ يُرِيدُ الْعُمْرَةَ مِنْ أَيْنَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِهَا

- ‌بَابُ الْهَدْيِ يُصَدُّ عَنِ الْحَرَمِ هَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُذْبَحَ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ أَمْ لَا

- ‌بَابُ الْمُتَمَتِّعِ الَّذِي لَا يَجِدُ هَدْيًا وَلَا يَصُومُ فِي الْعَشْرِ

- ‌بَابُ حُكْمِ الْمُحْصَرِ بِالْحَجِّ

- ‌بَابُ حَجِّ الصَّغِيرِ

- ‌بَابُ دُخُولِ الْحَرَمِ ، هَلْ يَصْلُحُ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ

- ‌بَابُ الرَّجُلِ يُوَجِّهُ بِالْهَدْيِ إِلَى مَكَّةَ وَيُقِيمُ فِي أَهْلِهِ هَلْ يَتَجَرَّدُ إِذَا قَلَّدَ الْهَدْيَ

- ‌بَابُ نِكَاحِ الْمُحْرِمِ

الفصل: ‌باب من قدم من حجه نسكا قبل نسك

4066 -

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ ، قَالَ: ثنا اللَّيْثُ ، قَالَ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي طَاوُسٌ الْيَمَانِيُّ ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ ، يَسْأَلُ عَنْ حَبْسِ النِّسَاءِ ، عَنِ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ إِذَا حِضْنَ قَبْلَ النَّفْرِ وَقَدْ أَفَضْنَ يَوْمَ النَّحْرِ. فَقَالَ: إِنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَذْكُرُ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رُخْصَةً لِلنِّسَاءِ ، وَذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما بِعَامٍ "

ص: 235

4067 -

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: ثنا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ ، قَالَ: ثنا وُهَيْبٌ ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ كَانَ يُرَخِّصُ لِلْحَائِضِ إِذَا أَفَاضَتْ أَنْ تَنْفِرَ. قَالَ طَاوُسٌ: وَسَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ لَا تَنْفِرُ ثُمَّ سَمِعْتُهُ بَعْدُ يَقُولُ تَنْفِرُ ، رَخَّصَ لَهُنَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم "

ص: 235

4068 -

حَدَّثَنَا أَبُو أَيُّوبَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَيُّوبَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ خَلَفٍ الطَّبَرَانِيِّ ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ ، قَالَ: ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:«مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ ، فَلْيَكُنْ آخِرُ عَهْدِهِ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ إِلَّا الْحُيَّضَ ، رَخَّصَ لَهُنَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم» فَهَذِهِ الْآثَارُ ، قَدْ ثَبَتَتْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، أَنَّ الْحَائِضَ لَهَا أَنْ تَنْفِرَ قَبْلَ أَنْ تَطُوفَ طَوَافَ الصَّدْرِ إِذَا كَانَتْ قَدْ طَافَتْ طَوَافَ الزِّيَارَةِ ، قَبْلَ ذَلِكَ طَاهِرًا. وَرَجَعَ قَوْمٌ إِلَى ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، مِمَّنْ قَدْ كَانَ قَالَ بِخِلَافِهِ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ، وَابْنُ عُمَرَ ، وَجَعَلَا مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ لِلْحَائِضِ ، رُخْصَةً وَإِخْرَاجًا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِحُكْمِهَا ، مِنْ حُكْمِ سَائِرِ النَّاسِ فِيمَا كَانَ أَوْجَبَ عَلَيْهِمْ مِنْ ذَلِكَ. فَثَبَتَ بِذَلِكَ نَسْخُ هَذِهِ الْآثَارِ ، لِحَدِيثِ الْحَارِثِ بْنِ أَوْسٍ ، وَمَا كَانَ ذَهَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ مِنْ ذَلِكَ. وَهَذَا الَّذِي بَيَّنَّا ، هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَأَبِي يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدٍ ، رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى

ص: 235

‌بَابُ مَنْ قَدَّمَ مِنْ حَجِّهِ نُسُكًا قَبْلَ نُسُكٍ

ص: 235

4069 -

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ ، قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ ، قَالَ ثنا سُفْيَانُ بْنُ مَسْرُوقٍ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ: " أَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي أَفَضْتُ قَبْلَ أَنْ أَحْلِقَ قَالَ: «احْلِقْ ، وَلَا حَرَجَ» . قَالَ: وَجَاءَهُ آخَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ ، قَالَ:«ارْمِ وَلَا حَرَجَ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ الطَّوَافِ قَبْلَ الْحَلْقِ فَقَالَ: «احْلِقْ وَلَا حَرَجَ» .

⦗ص: 236⦘

فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إِبَاحَةً مِنْهُ لِلطَّوَافِ قَبْلَ الْحَلْقِ ، وَتَوْسِعَةً مِنْهُ فِي ذَلِكَ ، فَجَعَلَ لِلْحَاجِّ أَنْ يُقَدِّمَ مَا شَاءَ مِنْ هَذَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ. وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ آخَرَ جَاءَهُ فَقَالَ: إِنِّي ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ ، فَقَالَ:«ارْمِ وَلَا حَرَجَ» . فَذَلِكَ أَيْضًا يَحْتَمِلُ مَا ذَكَرْنَا فِي جَوَابِهِ فِي السُّؤَالِ الْأَوَّلِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ

ص: 235

4070 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَمَّنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ أَوْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ فَقَالَ:«لَا حَرَجَ لَا حَرَجَ»

ص: 236

4071 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ: ثنا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ ، قَالَ: ثنا وُهَيْبٌ ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قِيلَ لَهُ يَوْمَ النَّحْرِ وَهُوَ بِمِنًى فِي النَّحْرِ ، وَالْحَلْقِ ، وَالرَّمْيِ ، وَالتَّقْدِيمِ ، وَالتَّأْخِيرِ ، فَقَالَ:«لَا حَرَجَ»

ص: 236

4072 -

حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ: ثنا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ ، قَالَ: ثنا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: مَا سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ عَمَّنْ قَدَّمَ شَيْئًا قَبْلَ شَيْءٍ إِلَّا قَالَ: «لَا حَرَجَ لَا حَرَجَ» فَذَلِكَ يَحْتَمِلُ ، مَا يَحْتَمِلُهُ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ

ص: 236

4073 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ ، عَنْ قَيْسٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، " أَنَّ رَجُلًا ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ ، قَالَ:«ارْمِ وَلَا حَرَجَ» . قَالَ آخَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ ، قَالَ:«اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ» . قَالَ آخَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، طُفْتُ بِالْبَيْتِ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ قَالَ:«اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ» فَهَذَا أَيْضًا مِثْلُ مَا قَبْلَهُ ، وَالْكَلَامُ فِيهِ مِثْلُ الْكَلَامِ فِيمَا قَبْلَهُ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ

ص: 236

4074 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ ، هُوَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْكُوفِيُّ ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ ، قَالَ: حَجَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَسُئِلَ عَمَّنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ أَوْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ فَقَالَ:«لَا حَرَجَ» . فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيْهِ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، قَدْ رُفِعَ الْحَرَجُ إِلَّا مَنِ اقْتَرَضَ مِنْ أَخِيهِ شَيْئًا ظُلْمًا ، فَذَلِكَ الْحَرَجُ» فَهَذَا أَيْضًا مِثْلُ مَا قَبْلَهُ. وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ لَا حَرَجَ هُوَ عَلَى الْإِثْمِ ، أَيْ لَا حَرَجَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْتُمُوهُ مِنْ هَذَا ، لِأَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ عَلَى الْجَهْلِ مِنْكُمْ بِهِ ، لَا عَلَى التَّعَمُّدِ ، بِخِلَافِ السُّنَّةِ ، فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي ذَلِكَ.

⦗ص: 237⦘

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ذَلِكَ مُبَيَّنًا وَمَشْرُوحًا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 236

4075 -

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ: ثنا أَبُو ثَابِتٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، أَرَاهُ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَأَلَهُ رَجُلٌ فِي حَجَّتِهِ فَقَالَ إِنِّي رَمَيْتُ وَأَفَضْتُ ، وَنَسِيتُ وَلَمْ أَحْلِقْ قَالَ:«فَاحْلِقْ وَلَا حَرَجَ» . ثُمَّ جَاءَهُ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ إِنِّي رَمَيْتُ وَحَلَقْتُ ، وَنَسِيتُ أَنْ أَنْحَرَ قَالَ:«فَانْحَرْ وَلَا حَرَجَ»

ص: 237

4076 -

حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ: أنا ابْنُ وَهْبٍ ، أَنَّ مَالِكًا ، وَيُونُسَ ، حَدَّثَاهُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ، أَنَّهُ قَالَ: وَقَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ لِلنَّاسِ يَسْأَلُونَهُ. فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ، لَمْ أُشْعِرْ فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ ، فَقَالَ:«اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ» . فَجَاءَهُ آخَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ، لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ ، قَالَ:«ارْمِ وَلَا حَرَجَ» ، قَالَ فَمَا سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ ، إِلَّا قَالَ:«افْعَلْ وَلَا حَرَجَ»

ص: 237

4077 -

حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ:" سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ ، قَالَ:«اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ» . قَالَ آخَرُ: ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ ، قَالَ:«ارْمِ وَلَا حَرَجَ»

4078 -

حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ، أَنَّ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ ، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ يَعْنِي " أَنَّهُ وَقَفَ لِلنَّاسِ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ يَسْأَلُونَهُ ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: لَمْ أُشْعِرْ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ ، قَالَ:«ارْمِ وَلَا حَرَجَ» . قَالَ آخَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، لَمْ أُشْعِرْ فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ ، قَالَ:«اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ» قَالَ: فَمَا سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ إِلَّا قَالَ: «افْعَلْ وَلَا حَرَجَ» فَدَلَّ مَا ذَكَرْنَا عَلَى أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا أَسْقَطَ الْحَرَجَ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ لِلنِّسْيَانِ ، لَا أَنَّهُ أَبَاحَ ذَلِكَ لَهُمْ ، حَتَّى يَكُونَ لَهُمْ مُبَاحٌ أَنْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ فِي الْعَمْدِ. وَقَدْ رَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا

ص: 237

4079 -

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ: ثنا الْمُقَدَّمِيُّ ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ ، عَنِ الْحَجَّاجِ ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو زُبَيْدٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بَيْنَ الْجَمْرَتَيْنِ ، عَنْ رَجُلٍ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ ، قَالَ:«لَا حَرَجَ» وَعَنْ رَجُلٍ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ ، قَالَ:«لَا حَرَجَ» ثُمَّ قَالَ عِبَادَ اللهِ ، وَضَعَ اللهُ عز وجل الْحَرَجَ وَالضِّيقَ ، وَتَعَلَّمُوا مَنَاسِكَكُمْ فَإِنَّهَا مِنْ دِينِكُمْ " أَفَلَا تَرَى أَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِتَعَلُّمِ مَنَاسِكِهِمْ ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَا يُحْسِنُونَهَا ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الْحَرَجَ وَالضِّيقَ الَّذِي رَفَعَهُ اللهُ عَنْهُمْ ، هُوَ لِجَهْلِهِمْ بِأَمْرِ مَنَاسِكِهِمْ ، لَا لِغَيْرِ ذَلِكَ.

⦗ص: 238⦘

وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْبَابِ ، مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا

ص: 237

4080 -

حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ: ثنا وَهْبٌ ، وَسَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ ، قَالَا: ثنا شُعْبَةُ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ ، أَنَّ الْأَعْرَابَ ، سَأَلُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، عَنْ أَشْيَاءَ ، ثُمَّ قَالُوا: هَلْ عَلَيْنَا حَرَجٌ فِي كَذَا؟ وَهَلْ عَلَيْنَا حَرَجٌ فِي كَذَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ عز وجل رَفَعَ الْحَرَجَ عَنْ عِبَادِهِ ، إِلَّا مَنِ اقْتَرَضَ مِنْ أَخِيهِ شَيْئًا مَظْلُومًا ، فَذَلِكَ الَّذِي حَرِجَ وَهَلَكَ» أَفَلَا تَرَى أَنَّ السَّائِلِينَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا كَانُوا أَعْرَابًا ، لَا عِلْمَ لَهُمْ بِمَنَاسِكِ الْحَجِّ؟ فَأَجَابَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ «لَا حَرَجَ» عَلَى الْإِبَاحَةِ مِنْهُ لَهُمْ ، التَّقْدِيمُ فِي ذَلِكَ وَالتَّأْخِيرُ فِيمَا قَدَّمُوا مِنْ ذَلِكَ وَأَخَّرُوا. ثُمَّ قَالَ لَهُمْ مَا ذَكَرَ أَبُو سَعِيدٍ فِي حَدِيثِهِ «وَتَعَلَّمُوا مَنَاسِكَكُمْ» . ثُمَّ قَدْ جَاءَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا

ص: 238

4081 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: " مَنْ قَدَّمَ شَيْئًا مِنْ حَجِّهِ أَوْ أَخَّرَهُ ، فَلْيُهْرِقْ لِذَلِكَ دَمًا

4082 -

حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ: ثنا الْخَصِيبُ ، قَالَ: ثنا وُهَيْبٌ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، مِثْلَهُ فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ ، يُوجِبُ عَلَى مَنْ قَدَّمَ شَيْئًا مِنْ نُسُكِهِ أَوْ أَخَّرَهُ دَمًا ، وَهُوَ أَحَدُ مَنْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ مَا سُئِلَ يَوْمَئِذٍ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ مِنْ أَمْرِ الْحَجِّ إِلَّا قَالَ «لَا حَرَجَ» . فَلَمْ يَكُنْ مَعْنَى ذَلِكَ عِنْدَهُ مَعْنَى الْإِبَاحَةِ فِي تَقْدِيمِ مَا قَدَّمُوا ، وَلَا فِي تَأْخِيرِ مَا أَخَّرُوا ، مِمَّا ذَكَرْنَا ، إِذْ كَانَ يُوجِبُ فِي ذَلِكَ دَمًا. وَلَكِنْ كَانَ مَعْنَى ذَلِكَ عِنْدَهُ ، عَلَى أَنَّ الَّذِي فَعَلُوهُ فِي حَجَّةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، كَانَ عَلَى الْجَهْلِ مِنْهُمْ بِالْحُكْمِ فِيهِ كَيْفَ هُوَ؟ فَعَذَرَهُمْ بِجَهْلِهِمْ وَأَمَرَهُمْ فِي الْمُسْتَأْنَفِ أَنْ يَتَعَلَّمُوا مَنَاسِكَهُمْ. وَتَكَلَّمَ النَّاسُ بَعْدَ هَذَا فِي الْقَارِنِ إِذَا حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ. فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله:«عَلَيْهِ دَمٌ» ، وَقَالَ زُفَرُ رضي الله عنه:«عَلَيْهِ دَمَانِ» . وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَاحْتَجَّا فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلَّذِينَ سَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ ، عَلَى مَا قَدْ رَوَيْنَا فِي الْآثَارِ الْمُتَقَدِّمَةِ ، وَبِجَوَابِهِ لَهُمْ أَنْ لَا حَرَجَ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ.

⦗ص: 239⦘

وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمَا فِي ذَلِكَ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرُ رَحِمَهُمَا اللهُ ، مَا ذَكَرْنَا مِنْ شَرْحِ مَعَانِي هَذِهِ الْآثَارِ. وَحَجَّةٌ أُخْرَى ، وَهِيَ أَنَّ السَّائِلَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، لَمْ يَعْلَمْ ، هَلْ كَانَ قَارِنًا أَوْ مُفْرِدًا ، أَوْ مُتَمَتِّعًا فَإِنْ كَانَ مُفْرِدًا فَأَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله ، وَزُفَرُ ، لَا يُنْكِرَانِ أَنْ يَكُونَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ دَمٌ ، لِأَنَّ ذَلِكَ الذَّبْحَ الَّذِي قَدَّمَ عَلَيْهِ الْحَلْقَ ، ذَبْحٌ غَيْرُ وَاجِبٍ ، وَلَكِنْ كَانَ أَفْضَلَ لَهُ أَنْ يُقَدِّمَ الذَّبْحَ قَبْلَ الْحَلْقِ ، وَلَكِنَّهُ إِذَا قَدَّمَ الْحَلْقَ أَجْزَأَهُ ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَإِنْ كَانَ قَارِنًا ، أَوْ مُتَمَتِّعًا ، فَكَانَ جَوَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ ، عَلَى مَا ذَكَرْنَا. فَقَدْ ذَكَرْنَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي التَّقْدِيمِ فِي الْحَجِّ وَالتَّأْخِيرِ ، أَنَّ فِيهِ دَمًا ، وَأَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَا حَرَجَ «لَا يَدْفَعُ ذَلِكَ. فَلَمَّا كَانَ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ» لَا حَرَجَ " لَا يَنْفِي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما وُجُوبَ الدَّمِ ، كَانَ كَذَلِكَ أَيْضًا لَا يَنْفِيِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَزُفَرُ رَحِمَهُمَا اللهُ ، وَكَانَ الْقَارِنُ ذَبْحُهُ ذَبْحٌ وَاجِبٌ عَلَيْهِ ، يَحِلُّ بِهِ. فَأَرَدْنَا أَنْ نَنْظُرَ فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي يَحِلُّ بِهَا الْحَاجُّ إِذَا أَخَّرَهَا ، حَتَّى يَحِلَّ ، كَيْفَ حُكْمُهَا. فَوَجَدْنَا اللهَ عز وجل قَدْ قَالَ: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ "} فَكَانَ الْمُحْصَرُ يَحْلِقُ بَعْدَ بُلُوغِ الْهَدْيِ مَحِلَّهُ ، فَيَحِلُّ بِذَلِكَ ، وَإِنْ حَلَقَ قَبْلَ بُلُوغِهِ مَحِلَّهُ ، وَجَبَ عَلَيْهِ دَمٌ وَهَذَا إِجْمَاعٌ. فَكَانَ النَّظَرُ عَلَى أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ ، الْقَارِنُ إِذَا قَدَّمَ الْحَلْقَ قَبْلَ الذَّبْحِ ، الَّذِي يَحِلُّ بِهِ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَمٌ ، قِيَاسًا وَنَظَرًا عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ. فَبَطَلَ بِهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللهُ ، وَثَبَتَ مَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله ، أَوْ مَا قَالَ زُفَرُ رحمه الله. فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ ، فَإِذَا هَذَا الْقَارِنُ قَدْ حَلَقَ رَأْسَهُ فِي وَقْتٍ ، الْحَلْقُ عَلَيْهِ حَرَامٌ ، وَهُوَ فِي حُرْمَةِ حَجَّةٍ ، وَفِي حُرْمَةِ عُمْرَةٍ. وَكَانَ الْقَارِنُ مَا أَصَابَ فِي قِرَانَهُ ، مِمَّا لَوْ أَصَابَهُ وَهُوَ فِي حَجَّةٍ مُفْرَدَةٍ ، أَوْ عُمْرَةٍ مُفْرَدَةٍ ، وَجَبَ عَلَيْهِ دَمٌ ، فَإِذَا أَصَابَهُ وَهُوَ قَارِنٌ ، وَجَبَ عَلَيْهِ دَمَانِ ، فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ حَلْقُهُ أَيْضًا قَبْلَ وَقْتِهِ ، يُوجِبُ عَلَيْهِ أَيْضًا دَمَيْنِ ، كَمَا قَالَ زُفَرُ. فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ ، فَوَجَدْنَا الْأَشْيَاءَ الَّتِي تُوجِبُ عَلَى الْقَارِنِ دَمَيْنِ ، فِيمَا أَصَابَ فِي قِرَانِهِ هِيَ الْأَشْيَاءَ الَّتِي لَوْ أَصَابَهَا وَهُوَ فِي حُرْمَةِ حَجَّةٍ ، أَوْ فِي حُرْمَةِ عُمْرَةٍ وَجَبَ عَلَيْهِ دَمٌ. فَإِذَا أَصَابَهَا فِي حُرْمَتِهِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ دَمَانِ ، كَالْجِمَاعِ ، وَمَا أَشْبَهَهُ وَكَانَ حَلْقُهُ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ ، لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ بِسَبَبِ الْعُمْرَةِ خَاصَّةً ، وَلَا بِسَبَبِ الْحَجِّ خَاصَّةً ، إِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ بِسَبَبِهِمَا ، وَبِحُرْمَةِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا ، لَا بِحُرْمَةِ الْحَجَّةِ خَاصَّةً ، وَلَا بِحُرْمَةِ الْعُمْرَةِ خَاصَّةً. فَأَرَدْنَا أَنْ نَنْظُرَ فِي حُكْمِ مَا يَجِبُ بِالْجَمْعِ ، هَلْ هُوَ شَيْئَانِ أَوْ شَيْءٌ وَاحِدٌ؟ فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ ، فَوَجَدْنَا الرَّجُلَ إِذَا أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ مُفْرَدَةٍ ، أَوْ بِعُمْرَةٍ مُفْرَدَةٍ ، لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ ، وَإِذَا

⦗ص: 240⦘

جَمَعَهُمَا جَمِيعًا ، وَجَبَ عَلَيْهِ لِجَمْعِهِ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ لَمْ يَكُنْ يَجِبُ عَلَيْهِ فِي إِفْرَادِهِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا ، فَكَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ دَمًا وَاحِدًا. فَالنَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ ، أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ الْحَلْقُ ، قَبْلَ الذَّبْحِ الَّذِي مَنَعَ مِنْهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ ، فَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا ، لَوْ كَانَتْ مُفْرَدَةً أَنْ يَكُونَ الَّذِي يَجِبُ بِهِ فِيهِ دَمٌ وَاحِدٌ. فَيَكُونُ أَصْلُ مَا يَجِبُ عَلَى الْقَارِنِ فِي انْتِهَاكِهِ الْحَرَمَ فِي قِرَانِهِ ، أَنْ نَنْظُرَ فِيمَا كَانَ مِنْ تِلْكَ الْحُرُمِ ، تُحَرَّمُ بِالْحَجَّةِ خَاصَّةً ، وَبِالْعُمْرَةِ خَاصَّةً. فَإِذَا جُمِعَتَا جَمِيعًا ، فَتِلْكَ الْحُرْمَةُ مُحَرَّمَةٌ لِشَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ ، فَيَكُونُ عَلَى مَنِ انْتَهَكَهُمَا كَفَّارَتَانِ. وَكُلُّ حُرْمَةٍ لَا تُحَرِّمُهَا الْحَجَّةُ عَلَى الِانْفِرَادِ ، وَلَا الْعُمْرَةُ عَلَى الِانْفِرَادِ ، يُحَرِّمُهَا الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا ، فَإِذَا انْتُهِكَتْ ، فَعَلَى الَّذِي انْتَهَكَهَا دَمٌ وَاحِدٌ ، لِأَنَّهُ انْتَهَكَ حُرْمَةً حَرُمَتْ عَلَيْهِ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ. فَهَذَا هُوَ النَّظَرُ فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَبِهِ نَأْخُذُ

ص: 238