المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب حكم المحصر بالحج - شرح معاني الآثار - جـ ٢

[الطحاوي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ الصَّدَقَةِ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ

- ‌بَابُ ذِي الْمِرَّةِ السَّوِيِّ الْفَقِيرِ هَلْ يَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ أَمْ لَا

- ‌بَابٌ: الْمَرْأَةُ هَلْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُعْطِيَ زَوْجَهَا مِنْ زَكَاةِ مَالِهَا أَمْ لَا

- ‌بَابٌ الْخَيْلُ السَّائِمَةُ هَلْ فِيهَا صَدَقَةٌ أَمْ لَا

- ‌بَابٌ الزَّكَاةُ هَلْ يَأْخُذُهَا الْإِمَامُ أَمْ لَا

- ‌بَابٌ ذَوَاتُ الْعَوَارِ هَلْ تُؤْخَذُ فِي صَدَقَاتِ الْمَوَاشِي أَمْ لَا

- ‌بَابٌ زَكَاةُ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْأَرْضِ

- ‌بَابُ الْخَرْصِ

- ‌بَابُ مِقْدَارِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ

- ‌بَابُ وَزْنِ الصَّاعِ كَمْ هُوَ

- ‌كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌بَابُ الْوَقْتِ الَّذِي يَحْرُمُ فِيهِ الطَّعَامُ عَلَى الصِّيَامِ

- ‌بَابُ الرَّجُلِ يَنْوِي الصِّيَامَ بَعْدَمَا يَطْلُعُ الْفَجْرَ

- ‌بَابُ مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: شَهْرَا عِيدٍ ، لَا يَنْقُصَانِ ، رَمَضَانُ وَذُو الْحِجَّةِ

- ‌بَابُ الْحُكْمِ فِي مَنْ جَامَعَ أَهْلَهُ فِي رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا

- ‌بَابُ الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ

- ‌بَابُ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ

- ‌بَابُ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ

- ‌بَابُ صَوْمِ يَوْمِ السَّبْتِ

- ‌بَابُ الصَّوْمِ بَعْدَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى رَمَضَانَ

- ‌بَابُ الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ

- ‌بَابُ الصَّائِمِ يَقِيءُ

- ‌بَابُ الصَّائِمِ يَحْتَجِمُ

- ‌بَابُ الرَّجُلِ يُصْبِحُ فِي يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ جُنُبًا هَلْ يَصُومُ أَمْ لَا

- ‌بَابُ الرَّجُلِ يَدْخُلُ فِي الصِّيَامِ تَطَوُّعًا ثُمَّ يُفْطِرُ

- ‌بَابُ الصَّوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ

- ‌كِتَابُ مَنَاسِكِ الْحَجِّ

- ‌بَابُ الْمَرْأَةِ لَا تَجِدُ مَحْرَمًا هَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا فَرْضُ الْحَجِّ أَمْ لَا

- ‌بَابُ الْمَوَاقِيتِ الَّتِي يَنْبَغِي لِمَنْ أَرَادَ الْإِحْرَامَ أَنْ لَا يَتَجَاوَزَهَا

- ‌بَابُ الْإِهْلَالِ مِنْ أَيْنَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ

- ‌بَابُ التَّلْبِيَةِ كَيْفَ هِيَ

- ‌بَابُ التَّطَيُّبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ

- ‌بَابُ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ

- ‌بَابُ لُبْسِ الثَّوْبِ الَّذِي قَدْ مَسَّهُ وَرْسٌ أَوْ زَعْفَرَانٌ فِي الْإِحْرَامِ

- ‌بَابٌ الرَّجُلُ يُحْرِمُ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ كَيْفَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَخْلَعَهُ

- ‌بَابُ مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِهِ مُحْرِمًا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ

- ‌بَابُ الْهَدْيِ يُسَاقُ لِمُتْعَةٍ أَوْ قِرَانٍ هَلْ يُرْكَبُ أَمْ لَا

- ‌بَابُ مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنَ الدَّوَابِّ

- ‌بَابُ الصَّيْدِ يَذْبَحُهُ الْحَلَالُ فِي الْحِلِّ هَلْ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ أَمْ لَا

- ‌بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَيْتِ

- ‌بَابُ الرَّمَلِ فِي الطَّوَافِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَلَمُ مِنَ الْأَرْكَانِ فِي الطَّوَافِ

- ‌بَابُ الصَّلَاةِ لِلطَّوَافِ بَعْدَ الصُّبْحِ ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ

- ‌بَابُ مَنْ أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ فَطَافَ لَهَا قَبْلَ أَنْ يَقِفَ بِعَرَفَةَ

- ‌بَابُ الْقَارِنِ ، كَمْ عَلَيْهِ مِنَ الطَّوَافِ لِعُمْرَتِهِ وَلِحَجَّتِهِ

- ‌بَابُ حُكْمِ الْوُقُوفِ بِالْمُزْدَلِفَةِ

- ‌بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِجَمْعٍ كَيْفَ هُوَ

- ‌بَابُ وَقْتِ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ لِلضُّعَفَاءِ الَّذِينَ يُرَخَّصُ لَهُمْ فِي تَرْكِ الْوُقُوفِ بِالْمُزْدَلِفَةِ

- ‌بَابُ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ لَيْلَةَ النَّحْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ

- ‌بَابُ الرَّجُلِ يَدَعُ رَمْيَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ يَرْمِيهَا بَعْدَ ذَلِكَ

- ‌بَابُ التَّلْبِيَةِ مَتَى يَقْطَعُهَا الْحَاجُّ

- ‌بَابُ اللِّبَاسِ وَالطِّيبِ مَتَى يَحِلَّانِ لِلْمُحْرِمِ

- ‌بَابُ الْمَرْأَةِ تَحِيضُ بَعْدَمَا طَافَتْ لِلزِّيَارَةِ قَبْلَ أَنْ تَطُوفَ لِلصَّدْرِ

- ‌بَابُ مَنْ قَدَّمَ مِنْ حَجِّهِ نُسُكًا قَبْلَ نُسُكٍ

- ‌بَابُ الْمَكِّيِّ يُرِيدُ الْعُمْرَةَ مِنْ أَيْنَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِهَا

- ‌بَابُ الْهَدْيِ يُصَدُّ عَنِ الْحَرَمِ هَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُذْبَحَ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ أَمْ لَا

- ‌بَابُ الْمُتَمَتِّعِ الَّذِي لَا يَجِدُ هَدْيًا وَلَا يَصُومُ فِي الْعَشْرِ

- ‌بَابُ حُكْمِ الْمُحْصَرِ بِالْحَجِّ

- ‌بَابُ حَجِّ الصَّغِيرِ

- ‌بَابُ دُخُولِ الْحَرَمِ ، هَلْ يَصْلُحُ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ

- ‌بَابُ الرَّجُلِ يُوَجِّهُ بِالْهَدْيِ إِلَى مَكَّةَ وَيُقِيمُ فِي أَهْلِهِ هَلْ يَتَجَرَّدُ إِذَا قَلَّدَ الْهَدْيَ

- ‌بَابُ نِكَاحِ الْمُحْرِمِ

الفصل: ‌باب حكم المحصر بالحج

‌بَابُ حُكْمِ الْمُحْصَرِ بِالْحَجِّ

ص: 249

4127 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيُّ ، قَالَ: ثنا الْحُجَّاجُ الصَّوَّافُ ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيِّ ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَنْ عَرِجَ أَوْ كُسِرَ ، فَقَدْ حَلَّ ، وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى قَالَ: فَحَدَّثْتُ بِذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنهم فَقَالَا: صَدَقَ "

4128 -

حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ ، عَنِ الْحَجَّاجِ الصَّوَّافِ ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ «ذَكَرَ عِكْرِمَةُ ذَلِكَ لِابْنِ عَبَّاسٍ ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهم»

4129 -

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ ثنا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ ، قَالَ: ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَافِعٍ ، مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ ، أَنَّهُ قَالَ: أنا سَأَلْتُ الْحَجَّاجَ بْنَ عَمْرٍو ، عَمَّنْ حُبِسَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ. فَحَدَّثْتُ بِذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنهم ، فَقَالَا: صَدَقَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ بِالْحَجِّ ، أَوْ بِالْعُمْرَةِ إِذَا كُسِرَ أَوْ عَرِجَ ، فَقَدْ حَلَّ حِينَئِذٍ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ مَا حَلَّ مِنْهُ ، إِنْ كَانَتْ حَجَّةً فَحَجَّةٌ ، وَإِنْ كَانَتْ عُمْرَةً فَعُمْرَةٌ ، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ ، بِهَذَا الْحَدِيثِ. وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ فَقَالُوا: لَا يَحِلُّ حَتَّى يَنْحَرَ عَنْهُ الْهَدْيَ ، فَإِذَا نَحَرَ عَنْهُ الْهَدْيَ حَلَّ. وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ

ص: 249

4130 -

بِمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الرُّومِيِّ ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الثَّوْرِ ، قَالَ: أنا مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَحَرَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ ، قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ»

ص: 249

4131 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ تَمَّامٍ ، قَالَ ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُكَيْرٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَيْمُونُ بْنُ يَحْيَى ، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ: سَمِعْتُ نَافِعًا ، مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ ، يَقُولُ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِذَا عَرَضَ لِلْمُحْرِمِ عَدُوٌّ ، فَإِنَّهُ يَحِلُّ حِينَئِذٍ ، قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ حَبَسَتْهُ كُفَّارُ قُرَيْشٍ فِي عُمْرَتِهِ ، عَنِ الْبَيْتِ ، فَنَحَرَ هَدْيَهُ وَحَلَقَ وَحَلَّ هُوَ وَأَصْحَابُهُ ، ثُمَّ رَجَعُوا ، حَتَّى اعْتَمَرُوا مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فَلَمَّا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَحِلَّ بِالِاخْتِصَارِ فِي عُمْرَتِهِ ، بِحَصْرِ الْعَدُوِّ إِيَّاهُ حَتَّى نَحَرَ الْهَدْيَ «، دَلَّ ذَلِكَ أَنَّ كَذَلِكَ حُكْمَ الْمُحْصَرِ ، لَا يَحِلُّ بِالْإِحْصَارِ حَتَّى يَنْحَرَ الْهَدْيَ.

⦗ص: 250⦘

وَلَيْسَ فِيمَا رَوَيْنَاهُ أَوَّلُ خِلَافٍ لِهَذَا عِنْدَنَا ، لِأَنَّ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم» مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرِجَ ، فَقَدْ حَلَّ «فَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ، فَقَدْ حَلَّ لَهُ أَنْ يَحِلَّ ، لَا عَلَى أَنَّهُ قَدْ حَلَّ بِذَلِكَ مِنْ إِحْرَامِهِ. وَيَكُونُ هَذَا كَمَا يُقَالُ» قَدْ حَلَّتْ فُلَانَةُ لِلرِّجَالِ «إِذَا خَرَجَتْ مِنْ عِدَّةٍ عَلَيْهَا مِنْ زَوْجٍ قَدْ كَانَ لَهَا قَبْلَ ذَلِكَ ، لَيْسَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهَا قَدْ حَلَّتْ لَهُمْ ، فَيَكُونُ لَهُمْ وَطْؤُهَا وَلَكِنْ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ قَدْ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يَتَزَوَّجُوهَا تَزَوُّجًا ، يَحِلُّ لَهُمْ وَطْؤُهَا. هَذَا كَلَامٌ جَائِزٌ مُسْتَسَاغٌ. فَلَمَّا كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ قَدِ احْتَمَلَ مَا ذَكَرْنَا ، وَجَاءَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ عُرْوَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ ، مَا قَدْ وَصَفْنَا ثَبَتَ بِذَلِكَ هَذَا التَّأْوِيلُ. وَقَدْ بَيَّنَ اللهُ عز وجل ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ بِقَوْلِهِ عز وجل {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ» } . فَلَمَّا أَمَرَ اللهُ تَعَالَى الْمُحْصَرَ أَنْ لَا يَحْلِقَ رَأْسَهُ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ، عُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ الْمُحْصَرُ مِنْ إِحْرَامِهِ إِلَّا فِي وَقْتِ مَا يَحِلُّ لَهُ حَلْقُ رَأْسِهِ. فَهَذَا قَدْ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى ثُمَّ فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ التَّأْوِيلِ أَيْضًا ، أَنَّ حَدِيثَ الْحَجَّاجِ بْنِ عَمْرٍو قَدْ ذَكَرَ عِكْرِمَةُ أَنَّهُ حَدَّثَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما فَقَالَ لَا: صَدَقَ. فَصَارَ ذَلِكَ الْحَدِيثُ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهم أَيْضًا. وَقَدْ قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي الْمُحْصَرِ ، مَا قَدْ وَافَقَ التَّأْوِيلَ الَّذِي صَرَفْنَا إِلَيْهِ حَدِيثَ الْحَجَّاجِ

وَدَلَّ عَلَيْهِ ،

ص: 249

4132 -

مَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] قَالَ: إِذَا أُحْصِرَ الرَّجُلُ ، بَعَثَ الْهَدْيَ {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ «} فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. فَإِنْ عَجَّلَ فَحَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ، فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ ، مِنْ صِيَامٍ ، أَوْ صَدَقَةٍ ، أَوْ نُسُكٍ ، صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ، أَوْ تَصَدَّقَ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ ، كُلُّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ ، أَوِ النُّسُكُ شَاةٌ. فَإِذَا أَمِنَ مِمَّا كَانَ بِهِ {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ» } [البقرة: 196] فَإِنْ مَضَى مِنْ وَجْهِهِ ذَلِكَ ، فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ ، وَإِنْ أَخَّرَ الْعُمْرَةَ إِلَى قَابِلٍ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ وَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ "} [البقرة: 196] آخِرُهَا يَوْمُ عَرَفَةَ ، {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ "} [البقرة: 196]

⦗ص: 251⦘

قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَقَالَ: هَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَقَدَ ثَلَاثِينَ

ص: 250

4133 -

حَدَّثَنَا أَبُو شُرَيْحٍ مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ يَحْيَى ، قَالَ: ثنا الْفِرْيَابِيُّ ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، أَنَّهُ قَالَ: فِي قَوْلِ اللهِ عز وجل لَنَا {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ "} [البقرة: 196] قَالَ: «مِنْ حَبْسٍ أَوْ مَرَضٍ» قَالَ إِبْرَاهِيمُ: فَحَدَّثْتُ بِهِ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ فَقَالَ: هَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ لَمْ يَجْعَلْهُ يَحِلُّ مِنْ إِحْرَامِهِ بِالْإِحْصَارِ حَتَّى يَنْحَرَ عَنْهُ الْهَدْيَ. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرِجَ ، فَقَدْ حَلَّ» فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى «فَقَدْ حَلَّ» عِنْدَهُ ، أَيْ: لَهُ أَنْ يَحِلَّ ، عَلَى مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا ، عَنْ غَيْرِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَيْضًا

ص: 251

4134 -

حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدِ بْنِ شَدَّادٍ الْعَبْدِيُّ ، صَاحِبُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ ، قَالَ: ثنا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ ، قَالَ: لُدِغَ صَاحِبٌ لَنَا بِذَاتِ التَّنَانِينِ ، وَهُوَ مُحْرِمٌ بِعُمْرَةٍ ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْنَا ، فَلَقِينَا عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه فَذَكَرْنَا لَهُ أَمْرَهُ. فَقَالَ: " يَبْعَثُ بِهَدْيٍ ، وَيُوَاعِدُ أَصْحَابَهُ مَوْعِدًا ، فَإِذَا نَحَرَ عَنْهُ حَلَّ

4135 -

حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ: ثنا عَلِيٌّ ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ «ثُمَّ عَلَيْهِ عُمْرَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ»

4136 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ

ص: 251

4137 -

حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ ، عَنِ الْحَكَمِ ، قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ ، يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: أَهَلَّ رَجُلٌ مِنَ النَّخْعِ بِعُمْرَةٍ يُقَالُ لَهُ ، عُمَيْرُ بْنُ سَعِيدٍ ، فَلُدِغَ فَبَيْنَا هُوَ صَرِيعٌ فِي الطَّرِيقِ إِذْ طَلَعَ عَلَيْهِمْ رَكْبٌ فِيهِمُ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه فَسَأَلُوهُ. فَقَالَ:«ابْعَثُوا بِالْهَدْيِ ، وَاجْعَلُوا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ يَوْمًا أَمَارَةً ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ ، فَلْيَحْلِلْ» قَالَ الْحَكَمُ: وَقَالَ عُمَارَةُ بْنُ عُمَيْرٍ ، وَكَانَ حَدَّثَكَ بِهِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: وَعَلَيْهِ الْعُمْرَةُ مِنْ قَابِلٍ. قَالَ: شُعْبَةُ وَسَمِعْتُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَهُ بِهِ ، مِثْلَ مَا حَدَّثَ الْحَكَمُ سَوَاءً

ص: 251

4138 -

حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ أنا ابْنُ وَهْبٍ ، أَنَّ مَالِكًا ، حَدَّثَهُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَالِمٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّهُ قَالَ: "

⦗ص: 252⦘

الْمُحْصَرِ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، وَإِنِ اضْطُرَّ إِلَى شَيْءٍ مِنْ لُبْسِ الثِّيَابِ الَّتِي لَا بُدَّ لَهُ مِنْهَا ، وَالدَّوَاءِ ، صَنَعَ ذَلِكَ وَافْتَدَى فَقَدْ ثَبَتَ بِهَذِهِ الرِّوَايَاتِ أَيْضًا ، عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، مَا يُوَافِقُ مَا تَأَوَّلْنَا عَلَيْهِ حَدِيثَ الْحَجَّاجِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ. ثُمَّ اخْتَلَفَ النَّاسُ بَعْدَ هَذِهِ فِي الْإِحْصَارِ الَّذِي هَذَا حُكْمُهُ ، بِأَيِّ شَيْءٍ هُوَ؟ أَوْ بِأَيِّ مَعْنًى يَكُونُ. فَقَالَ قَوْمٌ: يَكُونُ بِكُلِّ حَابِسٍ يَحْبِسُهُ مِنْ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رحمهم الله وَقَدْ رَوَيْنَا ذَلِكَ أَيْضًا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْبَابِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم. وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يَكُونُ الْإِحْصَارُ الَّذِي حُكْمُهُ مَا وَصَفْنَا ، إِلَّا بِالْعَدُوِّ خَاصَّةً ، وَلَا يَكُونُ بِالْأَمْرَاضِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ

ص: 251

4139 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا أَبُو شُرَيْحٍ ، قَالَ: ثنا الْفِرْيَابِيُّ ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهم. قَالَ: " لَا يَكُونُ الْإِحْصَارُ إِلَّا مِنْ عَدُوٍّ

ص: 252

4140 -

حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ: أنا ابْنُ وَهْبٍ ، أَنَّ مَالِكًا ، حَدَّثَهُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَالِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ قَالَ:«مَنْ حُبِسَ ، دُونَ الْبَيْتِ بِمَرَضٍ ، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ» فَلَمَّا وَقَعَ فِي هَذَا ، هَذَا الِاخْتِلَافُ ، وَقَدْ رَوَيْنَا ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، مِنْ حَدِيثِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَمْرٍو ، وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهم مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَوْلِهِ ، يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرِجَ ، فَقَدْ حَلَّ» وَعَلَيْهِ حُجَّةٌ أُخْرَى " ثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الْإِحْصَارَ يَكُونُ بِالْمَرَضِ ، كَمَا يَكُونُ بِالْعَدُوِّ. فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْبَابِ ، مِنْ طَرِيقِ تَصْحِيحِ مَعَانِي الْآثَارِ. وَأَمَّا وَجْهُهُ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ ، فَإِنَّا قَدْ رَأَيْنَاهُمْ أَجْمَعُوا أَنَّ إِحْصَارَ الْعَدُوِّ ، يَجِبُ بِهِ لِلْمُحْصَرِ ، الْإِحْلَالُ كَمَا قَدْ ذَكَرْنَا. وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَرَضِ ، فَقَالَ قَوْمٌ: حُكْمُهُ حُكْمُ الْعَدُوِّ فِي ذَلِكَ ، إِذَا كَانَ قَدْ مَنَعَهُ مِنَ الْمُضِيِّ فِي الْحَجِّ ، كَمَا مَنَعَهُ الْعَدُوُّ. وَقَالَ آخَرُونَ: حُكْمُهُ بَائِنٌ مِنْ حُكْمِ الْعَدُوِّ. فَأَرَدْنَا أَنْ نَنْظُرَ ، مَا أُبِيحَ بِالضَّرُورَةِ مِنَ الْعَدُوِّ ، هَلْ يَكُونُ مُبَاحًا بِالضَّرُورَةِ بِالْمَرَضِ أَمْ لَا؟ فَوَجَدْنَا الرَّجُلَ إِذَا كَانَ يُطِيقُ الْقِيَامَ ، كَانَ فَرْضًا أَنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا ، وَإِنْ كَانَ يَخَافُ إِنْ قَامَ أَنْ يُعَايِنَهُ الْعَدُوُّ فَيَقْتُلَهُ ، أَوْ كَانَ الْعَدُوُّ قَائِمًا عَلَى رَأْسِهِ ، فَمَنَعَهُ مِنَ الْقِيَامِ ، فَكُلٌّ قَدْ أَجْمَعَ أَنَّهُ قَدْ حَلَّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا ، وَسَقَطَ عَنْهُ فَرْضُ الْقِيَامِ.

⦗ص: 253⦘

وَأَجْمَعُوا أَنَّ رَجُلًا لَوْ أَصَابَهُ مَرَضٌ أَوْ زَمَانَةٌ فَمَنَعَهُ ذَلِكَ مِنَ الْقِيَامِ ، أَنَّهُ قَدْ سَقَطَ عَنْهُ فَرْضُ الْقِيَامِ ، وَحَلَّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا ، يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ إِذَا أَطَاقَ ذَلِكَ ، أَوْ يُومِئُ إِنْ كَانَ لَا يُطِيقُ ذَلِكَ. فَرَأَيْنَا مَا أُبِيحَ لَهُ مِنْ هَذَا بِالضَّرُورَةِ مِنَ الْعَدُوِّ ، قَدْ أُبِيحَ لَهُ بِالضَّرُورَةِ مِنَ الْمَرَضِ وَرَأَيْنَا الرَّجُلَ إِذَا حَالَ الْعَدُوُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ ، سَقَطَ عَنْهُ فَرْضُ الْوُضُوءِ ، وَيَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي. فَكَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ الَّتِي قَدْ عُذِرَ فِيهَا بِالْعَدُوِّ ، قَدْ عُذِرَ فِيهَا أَيْضًا بِالْمَرَضِ ، وَكَانَ الْحَالُ فِي ذَلِكَ سَوَاءً. ثُمَّ رَأَيْنَا الْحَاجَّ الْمُحْصَرَ بِالْعَدُوِّ ، قَدْ عُذِرَ فَجُعِلَ لَهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَفْعَلَ مَا جُعِلَ لِلْمُحْصَرِ أَنْ يَفْعَلَ ، حَتَّى يَحِلَّ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُحْصَرِ بِالْمَرَضِ فَالنَّظَرُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَا وَجَبَ لَهُ مِنَ الْعُذْرِ بِالضَّرُورَةِ بِالْعَدُوِّ ، يَجِبُ لَهُ أَيْضًا بِالضَّرُورَةِ بِالْمَرَضِ ، وَيَكُونُ حُكْمُهُ فِي ذَلِكَ سِوَاهُ ، كَمَا كَانَ حُكْمُهُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا سَوَاءً ، فِي الطِّهَارَاتِ ، وَالصَّلَوَاتِ. ثُمَّ اخْتَلَفَ النَّاسُ بَعْدَ هَذَا فِي الْمُحْرِمِ بِعُمْرَةٍ ، يُحْصَرُ بِعَدُوٍّ أَوْ بِمَرَضٍ. فَقَالَ قَوْمٌ: يَبْعَثُ بِهَدْيٍ وَيُوَاعَدُهُمْ أَنْ يَنْحَرُوهُ عَنْهُ ، فَإِذَا نَحَرَ حَلَّ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ يُقِيمُ عَلَى إِحْرَامِهِ أَبَدًا ، وَلَيْسَ لَهَا وَقْتٌ كَوَقْتِ الْحَجِّ. وَكَانَ مِنَ الْحَجَّةِ لِلَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّهُ يَحِلُّ مِنْهَا بِالْهَدْيِ ، مَا رَوَيْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ ، «لَمَّا أَحْصَرَ بِعُمْرَةٍ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ، حَصَرَتْهُ كُفَّارُ قُرَيْشٍ، فَنَحَرَ الْهَدْيَ وَحَلَّ وَلَمْ يَنْتَظِرْ أَنْ يَذْهَبَ عَنْهُ الْإِحْصَارُ» ، إِذْ كَانَ لَا وَقْتَ لَهَا كَوَقْتِ الْحَجِّ ، بَلْ جَعَلَ الْعُذْرَ فِي الْإِحْصَارِ بِهَا ، كَالْعُذْرِ فِي الْإِحْصَارِ بِالْحَجِّ. فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ حُكْمَهَا فِي الْإِحْصَارِ فِيهِمَا سَوَاءٌ ، وَأَنَّهُ يَبْعَثُ الْهَدْيَ حَتَّى يَحِلَّ بِهِ مِمَّا أُحْصِرَ بِهِ مِنْهُمَا. إِلَّا أَنَّ عَلَيْهِ فِي الْعُمْرَةِ قَضَاءَ عُمْرَةٍ مَكَانَ عُمْرَتِهِ ، وَعَلَيْهِ فِي الْحَجَّةِ ، حَجَّةً مَكَانَ حَجَّتِهِ وَعُمْرَةً لِإِخْلَالِهِ. وَقَدْ رَوَيْنَا فِي الْعُمْرَةِ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْمُحْرِمُ مُحْصَرًا بِهَا ، مَا قَدْ تَقَدَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه. فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ الْآثَارِ. وَأَمَّا النَّظَرُ فِي ذَلِكَ ، فَإِنَّا قَدْ رَأَيْنَا أَشْيَاءَ قَدْ فُرِضَتْ عَلَى الْعِبَادِ ، مِمَّا جُعِلَ لَهَا وَقْتٌ خَاصٌّ ، وَأَشْيَاءُ فُرِضَتْ عَلَيْهِمْ ، مِمَّا جُعِلَ الدَّهْرُ كُلُّهُ وَقْتًا لَهَا. مِنْهَا الصَّلَوَاتُ ، فُرِضَتْ عَلَيْهِمْ فِي أَوْقَاتٍ خَاصَّةٍ ، تُؤَدَّى فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ بِأَسْبَابٍ مُتَقَدِّمَةٍ لَهَا ، مِنَ التَّطَهُّرِ بِالْمَاءِ ، وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ. وَمِنْهَا الصِّيَامُ فِي كَفَّارَاتِ الظِّهَارِ وَكَفَّارَاتِ الصِّيَامِ ، وَكَفَّارَاتِ الْقَتْلِ ، جُعِلَ ذَلِكَ عَلَى الْمُظَاهِرِ ، وَالْقَاتِلِ

⦗ص: 254⦘

لَا فِي أَيَّامٍ بِعَيْنِهَا ، بَلْ جُعِلَ الدَّهْرُ كُلُّهُ وَقْتًا لَهَا ، وَكَذَلِكَ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ جَعَلَهَا اللهُ عز وجل عَلَى الْحَانِثِ فِي يَمِينِهِ ، وَهِيَ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ. ثُمَّ جَعَلَ اللهُ عز وجل مَنْ فُرِضَ عَلَيْهِ الصَّلَوَاتُ بِالْأَسْبَابِ الَّتِي يَتَقَدَّمُ ، وَالْأَسْبَابُ الْمَفْعُولَةِ فِيهَا فِي ذَلِكَ ، عُذْرًا إِذَا مُنِعَ مِنْهُ. فَمِنْ ذَلِكَ مَا جُعِلَ لَهُ فِي عَدَمِ الْمَاءِ ، مِنْ سُقُوطِ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ وَالتَّيَمُّمِ. وَمِنْ ذَلِكَ مَا جُعِلَ لِلَّذِي مُنِعَ مِنْ سَتْرِ الْعَوْرَةِ أَنْ يُصَلِّيَ بَادِيَ الْعَوْرَةِ. وَمِنْ ذَلِكَ مَا جُعِلَ لِمَنْ مُنِعَ مِنَ الْقُبْلَةِ أَنْ يُصَلِّيَ إِلَى غَيْرِ قِبْلَةٍ. وَمِنْ ذَلِكَ مَا جُعِلَ لِلَّذِي مُنِعَ مِنَ الْقِيَامِ ، أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا ، يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ ، فَإِنْ مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا ، أَوْمَأَ إِيمَاءً ، فَجُعِلَ لَهُ ذَلِكَ. وَإِنْ كَانَ قَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ الْوَقْتِ مَا قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَذْهَبَ عَنْهُ ذَلِكَ الْعُذْرُ ، وَيَعُودُ إِلَى حَالِهِ قَبْلَ الْعُذْرِ ، وَهُوَ فِي الْوَقْتِ ، لَمْ يَفُتْهُ. وَكَذَلِكَ جُعِلَ لِمَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الصَّوْمِ فِي الْكَفَّارَاتِ الَّتِي أَوْجَبَ اللهُ عز وجل عَلَيْهِ فِيهَا الصَّوْمَ ، لِمَرَضٍ حَلَّ بِهِ مِمَّا قَدْ يَجُوزُ بُرْؤُهُ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَرُجُوعُهُ إِلَى حَالِ الطَّاقَةِ لِذَلِكَ الصَّوْمِ ، فَجُعِلَ ذَلِكَ لَهُ عُذْرًا فِي إِسْقَاطِ الصَّوْمِ عَنْهُ بِهِ ، وَلَمْ يُمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ إِذَا كَانَ مَا جُعِلَ عَلَيْهِ مِنَ الصَّوْمِ لَا وَقْتَ لَهُ. وَكَذَلِكَ فِيمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْإِطْعَامِ فِي الْكَفَّارَاتِ وَالْعِتْقِ فِيهَا ، وَالْكِسْوَةِ ، إِذَا كَانَ الَّذِي فُرِضَ ذَلِكَ عَلَيْهِ مُعْدِمًا. وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَجِدَ بَعْدَ ذَلِكَ ، فَيَكُونَ قَادِرًا عَلَى مَا أَوْجَبَ اللهُ عز وجل عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ ، مِنْ غَيْرِ فَوَاتٍ لِوَقْتِ شَيْءٍ مِمَّا كَانَ أُوجِبَ عَلَيْهِ فِعْلُهُ فِيهِ. فَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ يَزُولُ فَرْضُهَا بِالضَّرُورَةِ فِيهَا ، وَإِنْ كَانَ لَا يَخَافُ فَوْتَ وَقْتِهَا ، فَجُعِلَ ذَلِكَ مَا خِيفَ فَوْتُ وَقْتِهِ ، سَوَاءٌ مِنَ الصَّلَوَاتِ فِي أَوَاخِرِ أَوْقَاتِهَا ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. فَالنَّظَرُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ ، الْعُمْرَةُ ، وَإِنْ كَانَ لَا وَقْتَ لَهَا أَنْ يُبَاحَ فِي الضَّرُورَةِ فِيهَا ، مَا يُبَاحُ بِالضَّرُورَةِ فِي غَيْرِهَا ، مِمَّا لَهُ وَقْتٌ مَعْلُومٌ. فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا ، قَوْلُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْإِحْصَارُ بِالْعُمْرَةِ ، كَمَا يَكُونُ الْإِحْصَارُ بِالْحَجِّ سَوَاءً. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَأَبِي يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى. ثُمَّ تَكَلَّمَ النَّاسُ بَعْدَ هَذَا فِي الْمُحْصَرِ إِذَا نَحَرَ هَدْيَهُ ، هَلْ يَحْلِقُ رَأْسَهُ أَمْ لَا؟ . فَقَالَ قَوْمٌ: لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِقَ لِأَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ عَنْهُ النُّسُكُ كُلُّهُ ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ ، أَبُو حَنِيفَةَ ، وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللهُ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ يَحْلِقُ ، فَإِنْ لَمْ يَحْلِقْ ، حَلَّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ ، أَبُو يُوسُفَ رحمه الله. وَقَالَ آخَرُونَ يَحْلِقُ وَيَجِبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ ، كَمَا يَجِبُ عَلَى الْحَاجِّ وَالْمُعْتَمِرِ.

⦗ص: 255⦘

فَكَانَ مِنْ حُجَّةِ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللهُ فِي ذَلِكَ ، أَنَّهُ قَدْ سَقَطَ عَنْهُ بِالْإِحْصَارِ ، جَمِيعُ مَنَاسِكِ الْحَجِّ ، مِنَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، وَذَلِكَ مِمَّا يَحِلُّ الْمُحْرِمُ بِهِ مِنْ إِحْرَامِهِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ يَوْمَ النَّحْرِ ، حَلَّ لَهُ أَنْ يَحْلِقَ ، فَيَحِلُّ لَهُ بِذَلِكَ ، الطِّيبُ ، وَاللِّبَاسُ ، وَالنِّسَاءُ. قَالُوا: فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَفْعَلُهُ ، حَتَّى يَحِلَّ ، فَسَقَطَ ذَلِكَ عَنْهُ كُلُّهُ بِالْإِحْصَارِ ، سَقَطَ أَيْضًا عَنْهُ سَائِرُ مَا يَحِلُّ بِهِ الْمُحْرِمُ بِسَبَبِ الْإِحْصَارِ ، هَذِهِ حُجَّةٌ لِأَبِي حَنِيفَةَ ، وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى. وَكَانَ مِنْ حُجَّةِ الْآخَرِينَ عَلَيْهِمَا فِي ذَلِكَ ، أَنَّ تِلْكَ الْأَشْيَاءَ مِنَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ ، وَالسَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، وَرَمْيِ الْجِمَارِ ، قَدْ صُدَّ عَنْهُ الْمُحْرِمُ ، وَحِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ ، فَسَقَطَ عَنْهُ أَنْ يَفْعَلَهُ. وَالْحَلْقُ لَمْ يَحُلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَفْعَلَهُ. فَمَا كَانَ يَصِلُ إِلَى أَنْ يَفْعَلَهُ ، فَحُكْمُهُ فِيهِ ، فِي حَالِ الْإِحْصَارِ ، كَحُكْمِهِ فِيهِ ، حَالَ الْإِحْصَارِ. وَمَا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَفْعَلَهُ فِي حَالِ الْإِحْصَارِ ، فَهُوَ الَّذِي يَسْقُطُ عَنْهُ بِالْإِحْصَارِ ، فَهُوَ النَّظَرُ عِنْدَنَا. وَإِذَا كَانَ حُكْمُهُ فِي وَقْتِ الْحَلْقِ عَلَيْهِ ، وَهُوَ مُحْصَرٌ ، كَحُكْمِهِ فِي وُجُوبِهِ عَلَيْهِ ، وَهُوَ غَيْرُ مُحْصَرٍ ، كَانَ تَرْكُهُ إِيَّاهُ أَيْضًا ، وَهُوَ مُحْصَرٌ ، كَتَرْكِهِ إِيَّاهُ وَهُوَ غَيْرُ مُحْصَرٍ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْحَلْقِ بَاقٍ عَلَى الْمُحْصَرِينَ ، كَمَا هُوَ عَلَى مَنْ وَصَلَ إِلَى الْبَيْتِ

ص: 252

4141 -

وَذَلِكَ أَنَّ رَبِيعًا الْمُؤَذِّنَ حَدَّثَنَا ، قَالَ: ثنا أَسَدُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ ، قَالَ: ثنا ابْنُ إِسْحَاقَ ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ ": حَلَقَ رِجَالٌ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ ، وَقَصَّرَ آخَرُونَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«يَرْحَمُ اللهُ الْمُحَلِّقِينَ» ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ وَالْمُقَصِّرِينَ؟ قَالَ:«يَرْحَمُ اللهُ الْمُحَلِّقِينَ» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ، وَالْمُقَصِّرِينَ؟ قَالَ:«يَرْحَمُ اللهُ الْمُحَلِّقِينَ» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ، وَالْمُقَصِّرِينَ؟ قَالَ:«وَالْمُقَصِّرِينَ» .

⦗ص: 256⦘

قَالُوا: فَمَا بَالُ الْمُحَلِّقِينَ ظَاهَرْتُ لَهُمْ بِالتَّرَحُّمِ؟ قَالَ: «إِنَّهُمْ لَمْ يَشُكُّوا»

4142 -

حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ: ثنا يُوسُفُ بْنُ بُهْلُولٍ ، قَالَ: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ ابْنُ إِسْحَاقَ ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ

ص: 255