الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4085 -
فَإِذَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: ثنا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: ثنا أَبُو عَامِرٍ صَالِحُ بْنُ رُسْتُمَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِسَرِفٍ ، وَأَنَا أَبْكِي فَقَالَ:«مَا ذَاكَ؟» قُلْتُ: حِضْتُ قَالَ: «فَلَا تَبْكِي ، اصْنَعِي مَا يَصْنَعُ الْحَاجُّ» . فَقَدِمْنَا مَكَّةَ ، ثُمَّ أَتَيْنَا مِنًى ثُمَّ غَدَوْنَا إِلَى عَرَفَةَ ، ثُمَّ رَمَيْنَا الْجَمْرَةَ تِلْكَ الْأَيَّامَ ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ النَّفْرِ ارْتَحَلَ فَنَزَلَ الْحَصْبَةَ. قَالَتْ: وَاللهِ مَا نَزَلَهَا إِلَّا مَنْ أَجْلَى ، فَأَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ ، فَقَالَ:«احْمِلْ أُخْتَكَ فَأَخْرِجْهَا مِنَ الْحَرَمِ. قَالَتْ ، وَاللهِ مَا ذَكَرَ الْجِعْرَانَةَ ، وَلَا التَّنْعِيمَ فَلْتُهْلِلْ بِعُمْرَةٍ فَكَانَ أَدْنَانَا مِنَ الْحَرَمِ ، التَّنْعِيمَ ، فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ ، فَطُفْنَا بِالْبَيْتِ ، وَسَعَيْنَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، ثُمَّ أَتَيْنَاهُ ، فَارْتَحَلَ فَأَخْبَرْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَقْصِدْ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يُعَمِّرَهَا إِلَّا إِلَى الْحِلِّ ، لَا إِلَى مَوْضِعٍ مِنْهُ بِعَيْنِهِ خَاصًّا» ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا قَصَدَ بِهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ التَّنْعِيمَ ، لِأَنَّهُ كَانَ أَقْرَبَ الْحِلِّ إِلَيْهِمْ ، لَا لِمَعْنًى فِيهِ يَبِينُ بِهِ مِنْ سَائِرِ الْحِلِّ غَيْرُهُ. فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ وَقْتَ أَهْلِ مَكَّةَ لِعُمْرَتِهِمْ ، هُوَ الْحِلُّ ، وَأَنَّ التَّنْعِيمَ فِي ذَلِكَ وَغَيْرَهُ سَوَاءٌ ، وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدٍ ، رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى
بَابُ الْهَدْيِ يُصَدُّ عَنِ الْحَرَمِ هَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُذْبَحَ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ أَمْ لَا
؟
4086 -
حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ سِبَاعِ بْنِ ثَابِتٍ ، عَنْ أُمِّ كُرْزٍ قَالَتْ:«أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْحُدَيْبِيَةِ أَسْأَلُهُ عَنْ لُحُومِ الْهَدْيِ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْهَدْيَ إِذَا صُدَّ عَنِ الْحَرَمِ ، نُحِرَ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ ، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ ، وَقَالُوا: لَمَّا «نَحَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْهَدْيَ بِالْحُدَيْبِيَةِ إِذْ صُدَّ عَنِ الْحَرَمِ» ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ لِمَنْ مُنِعَ مِنْ إِدْخَالِ هَدْيِهِ الْحَرَمَ أَنْ يَذْبَحَهُ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ. وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ فَقَالُوا: لَا يَجُوزُ نَحْرُ الْهَدْيِ إِلَّا فِي الْحَرَمِ. وَكَانَ مِنْ حُجَّتِهِمْ فِي ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عز وجل: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ "} [المائدة: 95] فَكَانَ الْهَدْيُ قَدْ جَعَلَهُ اللهُ عز وجل مَا بَلَغَ الْكَعْبَةَ فَهُوَ كَالصِّيَامِ الَّذِي جَعَلَهُ اللهُ عز وجل مُتَتَابِعًا فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ ، وَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ ، فَلَا يَجُوزُ غَيْرَ مُتَتَابِعٍ ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ غَيْرُ مُنْطَبِقِ الْإِتْيَانِ بِهِ مُتَتَابِعًا ، فَلَا تُبِيحُهُ الضَّرُورَةُ أَنْ يَصُومَهُ مُتَفَرِّقًا.
⦗ص: 242⦘
فَكَذَلِكَ الْهَدْيُ الْمَوْصُوفُ بِبُلُوغِ الْكَعْبَةِ ، لَا يُجْزِئُ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ كَذَلِكَ ، وَإِنْ صُدَّ عَنْ بُلُوغِ الْكَعْبَةِ لِلضَّرُورَةِ ، أَنْ يَذْبَحَهُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ. وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لَهُمْ عَلَى أَهْلِ الْمَقَالَةِ الْأُولَى فِي نَحْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِذَلِكَ الْهَدْيِ الَّذِي نَحَرَهُ بِالْحُدَيْبِيَةِ ، لَمَّا صُدَّ عَنِ الْحَرَمِ ، وَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهِ بِقُدَيْدٍ أَنَّ قَوْمًا زَعَمُوا أَنَّ نَحْرَهُ إِيَّاهُ كَانَ فِي الْحَرَمِ
4087 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ: ثنا مُخَوَّلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُخَوَّلِ بْنِ رَاشِدٍ ، عَنْ إِسْرَائِيلَ ، عَنْ مَجْزَأَةَ بْنِ زَاهِرٍ ، عَنْ نَاجِيَةَ بْنِ جُنْدُبٍ الْأَسْلَمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ صُدَّ الْهَدْيُ ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ابْعَثْ مَعِي بِالْهَدْيِ فَلْأَنْحَرْهُ فِي الْحَرَمِ. قَالَ: «وَكَيْفَ تَأْخُذُ بِهِ؟» قُلْتُ: آخُذُ بِهِ فِي أَوْدِيَةٍ ، لَا يَقْدِرُونَ عَلَيَّ فِيهَا، فَبَعَثَهُ مَعِي حَتَّى نَحَرْتُهُ فِي الْحَرَمِ " فَقَدْ دَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ أَنَّ هَدْيَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ ، نُحِرَ فِي الْحَرَمِ. وَقَالَ آخَرُونَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْحُدَيْبِيَةِ ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى دُخُولِ الْحَرَمِ. قَالُوا: وَلَمْ يَكُنْ صُدَّ إِلَّا عَنِ الْبَيْتِ ، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ
4088 -
بِمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ بْنُ بِشْرٍ الْكُوفِيُّ قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ زَائِدَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنِ الْمِسْوَرِ ، «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ بِالْحُدَيْبِيَةِ ، خِبَاؤُهُ فِي الْحِلِّ ، وَمُصَلَّاهُ فِي الْحَرَمِ» فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، لَمْ يَكُنْ صُدَّ عَنِ الْحَرَمِ ، وَأَنَّهُ كَانَ يَصِلُ إِلَى بَعْضِهِ. وَلَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَحَدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ ، لِمَنْ قَدَرَ عَلَى دُخُولِ شَيْءٍ مِنَ الْحَرَمِ ، أَنْ يَنْحَرَ هَدْيَهُ دُونَ الْحَرَمِ. فَلَمَّا ثَبَتَ بِالْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَا ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، كَانَ يَصِلُ إِلَى بَعْضِ الْحَرَمِ اسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ نَحْرُ الْهَدْيِ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ ، لِأَنَّ الَّذِي أَبَاحَ نَحْرَ الْهَدْيِ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ ، إِنَّمَا يُبِيحُهُ فِي حَالِ الصَّدِّ ، عَنِ الْحَرَمِ فِي حَالِ الْقُدْرَةِ عَلَى دُخُولِهِ. فَانْتَفَى بِمَا ذَكَرْنَا أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نَحَرَ الْهَدْيَ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَأَبِي يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى. وَقَدِ احْتَجَّ قَوْمٌ فِي تَجْوِيزِ نَحْرِ الْهَدْيِ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ
4089 -
بِمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ ، مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ رضي الله عنهما فَاشْتَكَى الْحَسَنُ رضي الله عنه بِالسُّقْيَا وَهُوَ مُحْرِمٌ ، فَأَصَابَهُ بِرْسَامٌ فَأَوْمَى إِلَى رَأْسِهِ فَحَلَقَ عَلَى رَأْسِهِ وَنَحَرَ عَنْهُ جَزُورًا فَأَطْعَمَ أَهْلَ الْمَاءِ
⦗ص: 243⦘
4090 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أنا ابْنُ وَهْبٍ ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ ، عَنْ يَحْيَى ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ عُثْمَانَ رضي الله عنه ، وَلِأَنَّ الْحَسَنَ رضي الله عنه كَانَ مُحْرِمًا فَاحْتَجُّوا بِهَذَا الْحَدِيثِ ، لِأَنَّ فِيهِ أَنَّ عَلِيًّا نَحَرَ الْجَزُورَ ، دُونَ الْحَرَمِ. فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ ، أَنَّهُمْ لَا يُبِيحُونَ لِمَنْ كَانَ غَيْرَ مَمْنُوعٍ مِنَ الْحَرَمِ ، أَنْ يَذْبَحَ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ ، وَإِنَّمَا يَخْتَلِفُونَ إِذَا كَانَ مَمْنُوعًا عَنْهُ. فَدَلَّ مَا ذَكَرْنَا ، عَلَى أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه ، لَمَّا نَحَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ ، وَهُوَ وَاصِلٌ إِلَى الْحَرَمِ ، أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَرَادَ بِهِ الْهَدْيَ ، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ بِهِ مَعْنًى آخَرَ مِنَ الصَّدَقَةِ عَلَى أَهْلِ ذَلِكَ الْمَاءِ وَالتَّقَرُّبِ إِلَى اللهِ تَعَالَى بِذَلِكَ ، مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْهَدْيَ. فَكَمَا يَجُوزُ لِمَنْ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّهُ هَدْيٌ ، مَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ ، فَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِمَنْ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِهَدْيٍ ، مَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ. وَقَدْ بَدَأْنَا بِالنَّظَرِ فِي ذَلِكَ ، وَذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ ، فَأَغْنَانَا ذَلِكَ عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا