المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ذي المرة السوي الفقير هل يحل له الصدقة أم لا - شرح معاني الآثار - جـ ٢

[الطحاوي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ الصَّدَقَةِ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ

- ‌بَابُ ذِي الْمِرَّةِ السَّوِيِّ الْفَقِيرِ هَلْ يَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ أَمْ لَا

- ‌بَابٌ: الْمَرْأَةُ هَلْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُعْطِيَ زَوْجَهَا مِنْ زَكَاةِ مَالِهَا أَمْ لَا

- ‌بَابٌ الْخَيْلُ السَّائِمَةُ هَلْ فِيهَا صَدَقَةٌ أَمْ لَا

- ‌بَابٌ الزَّكَاةُ هَلْ يَأْخُذُهَا الْإِمَامُ أَمْ لَا

- ‌بَابٌ ذَوَاتُ الْعَوَارِ هَلْ تُؤْخَذُ فِي صَدَقَاتِ الْمَوَاشِي أَمْ لَا

- ‌بَابٌ زَكَاةُ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْأَرْضِ

- ‌بَابُ الْخَرْصِ

- ‌بَابُ مِقْدَارِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ

- ‌بَابُ وَزْنِ الصَّاعِ كَمْ هُوَ

- ‌كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌بَابُ الْوَقْتِ الَّذِي يَحْرُمُ فِيهِ الطَّعَامُ عَلَى الصِّيَامِ

- ‌بَابُ الرَّجُلِ يَنْوِي الصِّيَامَ بَعْدَمَا يَطْلُعُ الْفَجْرَ

- ‌بَابُ مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: شَهْرَا عِيدٍ ، لَا يَنْقُصَانِ ، رَمَضَانُ وَذُو الْحِجَّةِ

- ‌بَابُ الْحُكْمِ فِي مَنْ جَامَعَ أَهْلَهُ فِي رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا

- ‌بَابُ الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ

- ‌بَابُ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ

- ‌بَابُ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ

- ‌بَابُ صَوْمِ يَوْمِ السَّبْتِ

- ‌بَابُ الصَّوْمِ بَعْدَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى رَمَضَانَ

- ‌بَابُ الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ

- ‌بَابُ الصَّائِمِ يَقِيءُ

- ‌بَابُ الصَّائِمِ يَحْتَجِمُ

- ‌بَابُ الرَّجُلِ يُصْبِحُ فِي يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ جُنُبًا هَلْ يَصُومُ أَمْ لَا

- ‌بَابُ الرَّجُلِ يَدْخُلُ فِي الصِّيَامِ تَطَوُّعًا ثُمَّ يُفْطِرُ

- ‌بَابُ الصَّوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ

- ‌كِتَابُ مَنَاسِكِ الْحَجِّ

- ‌بَابُ الْمَرْأَةِ لَا تَجِدُ مَحْرَمًا هَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا فَرْضُ الْحَجِّ أَمْ لَا

- ‌بَابُ الْمَوَاقِيتِ الَّتِي يَنْبَغِي لِمَنْ أَرَادَ الْإِحْرَامَ أَنْ لَا يَتَجَاوَزَهَا

- ‌بَابُ الْإِهْلَالِ مِنْ أَيْنَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ

- ‌بَابُ التَّلْبِيَةِ كَيْفَ هِيَ

- ‌بَابُ التَّطَيُّبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ

- ‌بَابُ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ

- ‌بَابُ لُبْسِ الثَّوْبِ الَّذِي قَدْ مَسَّهُ وَرْسٌ أَوْ زَعْفَرَانٌ فِي الْإِحْرَامِ

- ‌بَابٌ الرَّجُلُ يُحْرِمُ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ كَيْفَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَخْلَعَهُ

- ‌بَابُ مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِهِ مُحْرِمًا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ

- ‌بَابُ الْهَدْيِ يُسَاقُ لِمُتْعَةٍ أَوْ قِرَانٍ هَلْ يُرْكَبُ أَمْ لَا

- ‌بَابُ مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنَ الدَّوَابِّ

- ‌بَابُ الصَّيْدِ يَذْبَحُهُ الْحَلَالُ فِي الْحِلِّ هَلْ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ أَمْ لَا

- ‌بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَيْتِ

- ‌بَابُ الرَّمَلِ فِي الطَّوَافِ

- ‌بَابُ مَا يُسْتَلَمُ مِنَ الْأَرْكَانِ فِي الطَّوَافِ

- ‌بَابُ الصَّلَاةِ لِلطَّوَافِ بَعْدَ الصُّبْحِ ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ

- ‌بَابُ مَنْ أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ فَطَافَ لَهَا قَبْلَ أَنْ يَقِفَ بِعَرَفَةَ

- ‌بَابُ الْقَارِنِ ، كَمْ عَلَيْهِ مِنَ الطَّوَافِ لِعُمْرَتِهِ وَلِحَجَّتِهِ

- ‌بَابُ حُكْمِ الْوُقُوفِ بِالْمُزْدَلِفَةِ

- ‌بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِجَمْعٍ كَيْفَ هُوَ

- ‌بَابُ وَقْتِ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ لِلضُّعَفَاءِ الَّذِينَ يُرَخَّصُ لَهُمْ فِي تَرْكِ الْوُقُوفِ بِالْمُزْدَلِفَةِ

- ‌بَابُ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ لَيْلَةَ النَّحْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ

- ‌بَابُ الرَّجُلِ يَدَعُ رَمْيَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ يَرْمِيهَا بَعْدَ ذَلِكَ

- ‌بَابُ التَّلْبِيَةِ مَتَى يَقْطَعُهَا الْحَاجُّ

- ‌بَابُ اللِّبَاسِ وَالطِّيبِ مَتَى يَحِلَّانِ لِلْمُحْرِمِ

- ‌بَابُ الْمَرْأَةِ تَحِيضُ بَعْدَمَا طَافَتْ لِلزِّيَارَةِ قَبْلَ أَنْ تَطُوفَ لِلصَّدْرِ

- ‌بَابُ مَنْ قَدَّمَ مِنْ حَجِّهِ نُسُكًا قَبْلَ نُسُكٍ

- ‌بَابُ الْمَكِّيِّ يُرِيدُ الْعُمْرَةَ مِنْ أَيْنَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِهَا

- ‌بَابُ الْهَدْيِ يُصَدُّ عَنِ الْحَرَمِ هَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُذْبَحَ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ أَمْ لَا

- ‌بَابُ الْمُتَمَتِّعِ الَّذِي لَا يَجِدُ هَدْيًا وَلَا يَصُومُ فِي الْعَشْرِ

- ‌بَابُ حُكْمِ الْمُحْصَرِ بِالْحَجِّ

- ‌بَابُ حَجِّ الصَّغِيرِ

- ‌بَابُ دُخُولِ الْحَرَمِ ، هَلْ يَصْلُحُ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ

- ‌بَابُ الرَّجُلِ يُوَجِّهُ بِالْهَدْيِ إِلَى مَكَّةَ وَيُقِيمُ فِي أَهْلِهِ هَلْ يَتَجَرَّدُ إِذَا قَلَّدَ الْهَدْيَ

- ‌بَابُ نِكَاحِ الْمُحْرِمِ

الفصل: ‌باب ذي المرة السوي الفقير هل يحل له الصدقة أم لا

‌بَابُ ذِي الْمِرَّةِ السَّوِيِّ الْفَقِيرِ هَلْ يَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ أَمْ لَا

؟

ص: 14

2997 -

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ قَالَ: ثنا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: سَمِعْتُ رَيْحَانَ بْنَ يَزِيدَ، وَكَانَ أَعْرَابِيًّا صَدُوقًا، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو: «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ» .

2998 -

حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ: ثنا وَهْبٌ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَامِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو يَقُولُ ذَلِكَ.

2999 -

حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، ح

3000 -

وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَا: ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ رَيْحَانَ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ.

3001 -

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ ، قَالَ: ثنا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ ، قَالَ: ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ الْيَمَامِيُّ ، عَنْ سِمَاكٍ أَبِي زُمَيْلٍ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي هِلَالٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَذَكَرَ مِثْلَهُ.

3002 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ، قَالَ: ثنا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ.

3003 -

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ ، قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ.

3004 -

حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ: ثنا أَبُو غَسَّانَ ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لِذِي الْمِرَّةِ السَّوِيِّ ، وَجَعَلُوهُ فِيهَا كَالْغَنِيِّ ، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِهَذِهِ الْآثَارِ. وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ ، فَقَالُوا: كُلُّ فَقِيرٍ مِنْ قَوِيٍّ وَزَمِنٍ ، فَالصَّدَقَةُ لَهُ حَلَالٌ. وَذَهَبُوا فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآثَارِ الْمُتَقَدِّمَةِ إِلَى أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ» أَيْ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لَهُ ، كَمَا تَحِلُّ لِلْفَقِيرِ الزَّمِنِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى غَيْرِهَا ، فَيَأْخُذُهَا عَلَى الضَّرُورَةِ وَعَلَى الْحَاجَةِ ، مِنْ جَمِيعِ الْجِهَاتِ مِنْهُ إِلَيْهَا. فَلَيْسَ مِثْلَهُ ذُو الْمِرَّةِ السَّوِيُّ الْقَادِرُ عَلَى اكْتِسَابِ غَيْرِهَا فِي حِلِّهَا لَهُ ، لِأَنَّ الزَّمِنَ الْفَقِيرَ ، يَحِلُّ لَهُ مِنْ قِبَلِ الزَّمَانَةِ ، وَمِنْ قِبَلِ عَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى غَيْرِهَا.

⦗ص: 15⦘

وَذُو الْمِرَّةِ السَّوِيُّ إِنَّمَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ جِهَةِ الْفَقْرِ خَاصَّةً ، وَإِنْ كَانَا جَمِيعًا قَدْ يَحِلُّ لَهُمَا أَخْذُهَا ، فَإِنَّ الْأَفْضَلَ لِذِي الْمِرَّةِ السَّوِيِّ تَرْكُهَا وَالْأَكْلُ مِنَ الِاكْتِسَابِ بِعَمَلِهِ. وَقَدْ يُغَلَّظُ الشَّيْءُ مِنْ هَذَا ، فَيُقَالُ: لَا يَحِلُّ ، أَوْ لَا يَكُونُ كَذَا ، عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُتَكَامِلِ الْأَسْبَابِ الَّتِي بِهَا يَحِلُّ ذَلِكَ الْمَعْنَى ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْمَعْنَى قَدْ يَحِلُّ بِمَا دُونَ تَكَامُلِ تِلْكَ الْأَسْبَابِ مِنْ ذَلِكَ ، مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِالطَّوَّافِ وَلَا بِالَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ وَاللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ ، وَلَكِنَّ الْمِسْكِينَ الَّذِي لَا يَسْأَلُ ، وَلَا يُفْطَنُ لَهُ فَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ» فَلَمْ يَكُنِ الْمِسْكِينُ الَّذِي يَسْأَلُ خَارِجًا مِنْ أَسْبَابِ الْمَسْكَنَةِ وَأَحْكَامِهَا ، حَتَّى لَا يَحِلَّ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ ، وَحَتَّى لَا يُجْزِئَ مَنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا شَيْئًا مِمَّا أَعْطَاهُ مِنْ ذَلِكَ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمِسْكِينٍ مُتَكَامِلِ أَسْبَابِ الْمَسْكَنَةِ. فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ:«لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ» أَيْ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ جَمِيعِ الْأَسْبَابِ الَّتِي بِهَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ ، وَإِنْ كَانَ قَدْ تَحِلُّ لَهُ بِبَعْضِ تِلْكَ الْأَسْبَابِ

وَاحْتَجَّ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الْأُولَى لِمَذْهَبِهِمْ أَيْضًا

ص: 14

3005 -

بِمَا حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ، قَالَ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ قَالَ: ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلَانِ مِنْ قَوْمِي أَنَّهُمَا أَتَيَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقْسِمُ الصَّدَقَةَ فَسَأَلَاهُ مِنْهَا ، فَرَفَعَ الْبَصَرَ وَخَفَضَهُ ، فَرَآهُمَا جَلْدَيْنِ قَوِيَّيْنِ، فَقَالَ:«إِنْ شِئْتُمَا فَعَلْتُ ، وَلَا حَقَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ ، وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ» .

3006 -

حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ.

3007 -

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ ، قَالَ: ثنا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، وَهَمَّامٌ ، عَنْ هِشَامٍ ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادَهِ مِثْلَهُ. قَالُوا: فَقَدْ قَالَ لَهُمَا: «لَا حَقَّ فِيهَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ» فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْقَوِيَّ الْمُكْتَسِبَ لَا حَظَّ لَهُ فِي الصَّدَقَةِ ، وَلَا تُجْزِئُ مَنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا شَيْئًا. فَالْحُجَّةُ لِلْآخَرِينَ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ:«إِنْ شِئْتُمَا فَعَلْتُ وَلَا حَقَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ» أَيْ إِنَّ غِنَاكُمَا يَخْفَى عَلَيَّ ، فَإِنْ كُنْتُمَا غَنِيَّيْنِ ، فَلَا حَقَّ لَكُمَا فِيهَا ، وَإِنْ شِئْتُمَا فَعَلْتُ ، لِأَنِّي لَمْ أَعْلَمْ بِغِنَاكُمَا، فَمُبَاحٌ لِي إِعْطَاؤُكُمَا، وَحَرَامٌ عَلَيْكُمَا أَخْذُ مَا أَعْطَيْتُكُمَا إِنْ كُنْتُمَا تَعْلَمَانِ مِنْ حَقِيقَةِ أُمُورِكُمَا فِي الْغِنَى ، خِلَافَ مَا أَرَى مِنْ ظَاهِرِكُمَا الَّذِي اسْتَدْلَلْتُ بِهِ عَلَى فَقْرِكُمَا. فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ:«إِنْ شِئْتُمَا فَعَلْتُ، وَلَا حَقَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ» . وَأَمَّا قَوْلُهُ: «وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ» فَذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْقَوِيِّ الْمُكْتَسِبِ مِنْ جَمِيعِ الْجِهَاتِ الَّتِي يَجِبُ الْحَقُّ فِيهَا ، فَعَادَ مَعْنَى ذَلِكَ إِلَى مَعْنَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَوْلِهِ:«وَلَا لِذِي مِرَّةٍ قَوِيٍّ» .

⦗ص: 16⦘

وَقَدْ يُقَالُ: فُلَانٌ عَالِمٌ حَقًّا ، إِذَا تَكَامَلَتْ فِيهِ الْأَسْبَابُ الَّتِي بِهَا يَكُونُ الرَّجُلُ عَالِمًا ، وَلَا يُقَالُ: هُوَ عَالِمٌ حَقًّا ، إِذَا كَانَ دُونَ ذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا. فَكَذَلِكَ لَا يُقَالُ: فَقِيرٌ حَقًّا إِلَّا لِمَنْ تَكَامَلَتْ فِيهِ الْأَسْبَابُ الَّتِي يَكُونُ بِهَا الْفَقِيرُ فَقِيرًا ، وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا ، وَلِهَذَا قَالَ لَهُمَا:«وَلَا حَقَّ فِيهَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ» أَيْ: وَلَا حَقَّ لَهُ فِيهَا ، حَتَّى يَكُونَ بِهِ مِنْ أَهْلِهَا حَقًّا ، وَهُوَ قَوِيٌّ مُكْتَسِبٌ. وَلَوْلَا أَنَّهُ يَجُوزُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِعْطَاؤُهُ لِلْقَوِيِّ الْمُكْتَسِبِ ، إِذَا كَانَ فَقِيرًا ، لَمَا قَالَ لَهُمَا:«إِنْ شِئْتُمَا فَعَلْتُ» . وَهَذَا أَوْلَى مَا حُمِلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآثَارُ ، لِأَنَّهَا إِنْ حُمِلَتْ عَلَى مَا حَمَلَهَا عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الْأُولَى ، ضَادَّتْ سِوَاهَا ، مِمَّا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

فَمِنْ ذَلِكَ

ص: 15

3008 -

مَا حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ ، عَنْ هِلَالِ بْنِ حُصَيْنٍ ، قَالَ: نَزَلْتُ دَارَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ بِالْمَدِينَةِ ، فَضَمَّنِي وَإِيَّاهُ الْمَجْلِسُ ، فَقَالَ: أَصْبَحُوا ذَاتَ يَوْمٍ وَقَدْ عَصَبُوا عَلَى بَطْنِهِ حَجَرًا مِنَ الْجُوعِ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ أَوْ أُمُّهُ: لَوْ أَتَيْتَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلْتَهُ ، فَقَدْ أَتَاهُ فُلَانٌ فَسَأَلَهُ فَأَعْطَاهُ ، وَأَتَاهُ فُلَانٌ فَسَأَلَهُ فَأَعْطَاهُ. فَقُلْتُ: لَا وَاللهِ ، حَتَّى أَطْلُبَ. فَطَلَبْتُ ، فَلَمْ أَجِدْ شَيْئًا ، فَاسْتَبَقْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَخْطُبُ وَهُوَ يَقُولُ:" مَنِ اسْتَغْنَى أَغْنَاهُ اللهُ ، وَمَنِ اسْتَعَفَّ أَعَفَّهُ اللهُ ، وَمَنْ سَأَلَنَا إِمَّا أَنْ نَبْذُلَ لَهُ وَإِمَّا أَنْ نُوَاسِيَهُ ، وَمَنِ اسْتَعَفَّ عَنَّا وَاسْتَغْنَى أَحَبُّ إِلَيْنَا مِمَّنْ سَأَلَنَا. قَالَ: فَرَجَعْتُ ، فَمَا سَأَلْتُ أَحَدًا بَعْدُ ، فَمَا زَالَ اللهُ يَرْزُقُنَا حَتَّى مَا أَعْلَمُ بَيْتًا فِي الْمَدِينَةِ أَكْبَرَ سُؤَالًا مِنَّا "

ص: 16

3009 -

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: أَعْوَزْنَا مَرَّةً، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«مَنِ اسْتَعَفَّ أَعَفَّهُ اللهُ، وَمَنِ اسْتَغْنَى أَغْنَاهُ اللهُ، وَمَنْ سَأَلَنَا أَعْطَيْنَاهُ» . قَالَ: قُلْتُ: فَلْأَسْتَعِفَّ فَيُعِفَّنِي اللهُ وَلْأَسْتَغْنِ فَيُغْنِيَنِي اللهُ. قَالَ: فَوَاللهِ مَا كَانَ إِلَّا أَيَّامٌ حَتَّى إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَسَمَ زَبِيبًا فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا مِنْهُ ، ثُمَّ قَسَمَ شَعِيرًا، فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا مِنْهُ ثُمَّ سَالَتْ عَلَيْنَا الدُّنْيَا، فَغَرَّقَتْنَا إِلَّا مَنْ عَصَمَ اللهُ.

3010 -

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ ، قَالَ: ثنا هِشَامٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ هِلَالِ بْنِ حُصَيْنٍ أَخِي بَنِي مُرَّةَ بْنِ عَبَّادٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ.

⦗ص: 17⦘

قَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ: هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَهَذَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ سَأَلَنَا أَعْطَيْنَاهُ» وَيُخَاطِبُ بِذَلِكَ أَصْحَابَهُ ، وَأَكْثَرُهُمْ صَحِيحٌ لَا زَمَانَةَ بِهِ إِلَّا أَنَّهُ فَقِيرٌ ، فَلَمْ يَمْنَعْهُمْ مِنْهَا لِصِحَّتِهِمْ ، فَقَدْ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَفَضَّلَ مَنِ اسْتَعَفَّ وَلَمْ يَسْأَلْ ، عَلَى مَنْ سَأَلَ ، فَلَمْ يَسْأَلْهُ أَبُو سَعِيدٍ لِذَلِكَ ، وَلَوْ سَأَلَهُ لَأَعْطَاهُ ، إِذْ قَدْ كَانَ بَذَلَ ذَلِكَ لَهُ ، وَلِأَمْثَالِهِ مِنْ أَصْحَابِهِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَيْضًا مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا

ص: 16

3011 -

حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعَمَ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ نُعَيْمٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ زِيَادَ بْنَ الْحَارِثِ الصُّدَائِيَّ يَقُولُ: أَمَّرَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَوْمِي ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، أَعْطِنِي مِنْ صَدَقَاتِهِمْ ، فَفَعَلَ وَكَتَبَ لِي بِذَلِكَ كِتَابًا. فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَعْطِنِي مِنَ الصَّدَقَةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ اللهَ عز وجل لَمْ يَرْضَ بِحُكْمِ نَبِيٍّ وَلَا غَيْرِهِ فِي الصَّدَقَاتِ ، حَتَّى حَكَمَ فِيهَا هُوَ مِنَ السَّمَاءِ ، فَجَزَّأَهَا ثَمَانِيَةَ أَجْزَاءٍ ، فَإِنْ كُنْتَ مِنْ تِلْكَ الْأَجْزَاءِ أَعْطَيْتُكَ مِنْهَا» . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَهَذَا الصُّدَائِيُّ قَدْ أَمَّرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَوْمِهِ ، وَمُحَالٌ أَنْ يَكُونَ أَمَّرَهُ وَبِهِ زَمَانَةٌ. ثُمَّ قَدْ سَأَلَهُ مِنْ صَدَقَةِ قَوْمِهِ ، وَهِيَ زَكَاتُهُمْ فَأَعْطَاهُ مِنْهَا ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنْهُ لِصِحَّةِ بَدَنِهِ. ثُمَّ سَأَلَهُ الرَّجُلُ الْآخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنْ كُنْتَ مِنَ الْأَجْزَاءِ الَّذِينَ جَزَّأَ اللهُ عز وجل الصَّدَقَةَ فِيهِمْ أَعْطَيْتُكَ مِنْهَا» . فَرَدَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ حُكْمَ الصَّدَقَاتِ إِلَى مَا رَدَّهَا اللهُ عز وجل إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ: { «إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ» } [التوبة: 60] الْآيَةَ. فَكُلُّ مَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ صِنْفٍ مِنْ تِلْكَ الْأَصْنَافِ ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ الَّذِينَ جَعَلَهَا اللهُ عز وجل لَهُمْ فِي كِتَابِهِ ، وَرَسُولُهُ فِي سُنَّتِهِ ، زَمِنًا كَانَ أَوْ صَحِيحًا. وَكَانَ أَوْلَى الْأَشْيَاءِ بِنَا فِي الْآثَارِ الَّتِي رَوَيْنَاهَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ قَوْلِهِ:«لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ» مَا حَمَلْنَاهَا عَلَيْهِ ، لِئَلَّا يَخْرُجَ مَعْنَاهَا مِنَ الْآيَةِ الْمُحْكَمَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا ، وَلَا مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الْأُخَرِ الَّتِي رَوَيْنَا. وَيَكُونُ مَعْنَى ذَلِكَ كُلِّهِ مَعْنًى وَاحِدًا يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا. ثُمَّ قَدْ رَوَى قَبِيصَةُ بْنُ الْمُخَارِقِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا قَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا

ص: 17

3012 -

حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ ، عَنْ هَارُونَ بْنِ رِئَابٍ ، عَنْ كِنَانَةَ بْنِ نُعَيْمٍ ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ الْمُخَارِقِ ، أَنَّهُ تَحَمَّلَ

⦗ص: 18⦘

بِحَمَالَةٍ ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ فِيهَا فَقَالَ نُخْرِجُهَا عَنْكَ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ ، أَوْ نَعَمِ الصَّدَقَةِ. يَا قَبِيصَةُ إِنَّ الْمَسْأَلَةَ حَرُمَتْ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ ، رَجُلٍ تَحَمَّلَ بِحَمَالَةٍ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُؤَدِّيَهَا ثُمَّ يُمْسِكُ ، وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَاجْتَاحَتْ مَالَهُ ، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ ، أَوْ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ ثُمَّ يُمْسِكُ ، وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ حَاجَةٌ حَتَّى تَكَلَّمَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ أَنْ حَلَّتْ حَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ ، أَوْ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ ثُمَّ يُمْسِكُ ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْمَسْأَلَةِ فَهُوَ سُحْتٌ "

3013 -

حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ ، عَنْ هَارُونَ بْنِ رِئَابٍ ، عَنْ كِنَانَةَ بْنِ نُعَيْمٍ الْعَدَوِيِّ ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ الْمُخَارِقِ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ

3014 -

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ ، قَالَ: ثنا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ هَارُونَ بْنِ رِئَابٍ ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ ، وَزَادَ «رَجُلٍ تَحَمَّلَ بِحَمَالَةٍ عَنْ قَوْمِهِ أَرَادَ بِهَا الْإِصْلَاحَ» فَأَبَاحَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِذِي الْحَاجَةِ أَنْ يَسْأَلَ لِحَاجَتِهِ ، حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ ، أَوْ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ. فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحْرُمُ بِالصِّحَّةِ إِذَا أَرَادَ بِهَا الَّذِي تُصُدِّقَ بِهَا عَلَيْهِ سَدَّ فَقْرٍ. وَإِنَّمَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ يُرِيدُ بِهَا غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ التَّكَثُّرِ وَنَحْوِهِ ، وَمَنْ يُرِيدُ بِهَا ذَلِكَ ، فَهُوَ مِمَّنْ يَطْلُبُهَا لِسِوَى الْمَعَانِي الثَّلَاثَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ ، الَّذِي ذَكَرْنَا ، فَهُوَ عَلَيْهِ سُحْتٌ وَقَدْ رَوَى سَمُرَةُ أَيْضًا مِثْلَ ذَلِكَ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 17

3015 -

حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ: ثنا عَفَّانَ بْنُ مُسْلِمٍ ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عُقْبَةَ ، قَالَ: سَمِعْتُ سَمُرَةَ بْنَ جُنْدُبٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«السَّائِلُ كُدُوحٌ يَكْدَحُ بِهَا الرَّجُلُ وَجْهَهُ ، فَمَنْ شَاءَ أَبْقَى عَلَى وَجْهِهِ ، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَ ، إِلَّا أَنْ يَسْأَلَ الرَّجُلُ ذَا سُلْطَانٍ ، أَوْ يَسْأَلَ فِي أَمْرٍ لَا يَجِدُ مِنْهُ بُدًّا»

3016 -

حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ: ثنا وَهْبٌ ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ

3017 -

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَقَدْ أَبَاحَ هَذَا الْحَدِيثُ الْمَسْأَلَةَ فِي كُلِّ أَمْرٍ لَا بُدَّ مِنَ الْمَسْأَلَةِ فِيهِ ، فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ مَا أُبِيحَتْ فِيهِ الْمَسْأَلَةُ فِي حَدِيثِ قَبِيصَةَ ، وَزَادَ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَيْهِ ، مَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا ، وَفِي ذَلِكَ إِبَاحَةُ الْمَسْأَلَةِ بِالْحَاجَةِ خَاصَّةً ، لَا بِالزَّمَانَةِ

⦗ص: 19⦘

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْمَعْنَى

ص: 18

3018 -

مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْأَخْضَرُ بْنُ عَجْلَانَ ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَنَفِيِّ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه «أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ ، أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ ، فَقَالَ إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِثَلَاثٍ ، لِغُرْمٍ مُوجِعٍ ، أَوْ دَمٍ مُفْظِعٍ ، أَوْ فَقْرٍ مُدْقِعٍ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكُلُّ هَذِهِ الْأُمُورِ ، مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ ، فَقَدْ دَخَلَ ذَلِكَ أَيْضًا فِي مَعْنَى حَدِيثِ سَمُرَةَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ أَيْضًا

ص: 19

مَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ هُوَ ابْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ ، قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ عِمْرَانَ الْبَارِقِيِّ ، عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ ، أَوِ ابْنِ السَّبِيلِ ، أَوْ يَكُونَ لَهُ جَارٌ فَيَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ ، فَيُهْدِيَ لَهُ ، أَوْ يَدْعُوَهُ»

3019 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْجَارُودِ ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى ، قَالَ: أنا ابْنُ أَبِي لَيْلَى ، عَنْ عَطِيَّةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ فَأَبَاحَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الصَّدَقَةَ لِلرَّجُلِ ، إِذَا كَانَ فِي سَبِيلِ اللهِ ، أَوِ ابْنِ السَّبِيلِ ، فَقَدْ جَمَعَ ذَلِكَ الصَّحِيحَ ، وَغَيْرَ الصَّحِيحِ. فَدَلَّ ذَلِكَ أَيْضًا ، عَلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ ، إِنَّمَا تَحِلُّ بِالْفَقْرِ ، كَانَتْ مَعَهُ الزَّمَانَةُ ، أَوْ لَمْ تَكُنْ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ وَهْبِ بْنِ خَنْبَشٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 19

3020 -

مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ، قَالَ: ثنا الْمُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُجَالِدٌ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ وَهْبٍ ، قَالَ:«جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ ، فَسَأَلَهُ رِدَاءَهُ ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ ، فَذَهَبَ بِهِ ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا مِنْ مُدْقِعٍ أَوْ غُرْمٍ مُفْظِعٍ ، وَمَنْ سَأَلَ النَّاسَ لِيُثْرِيَ بِهِ لَهُ ، فَإِنَّهُ خُمُوشٌ فِي وَجْهِهِ ، وَرَضْفٌ يَأْكُلُهُ مِنْ جَهَنَّمَ ، إِنْ قَلِيلًا فَقَلِيلٌ ، وَإِنْ كَثِيرًا فَكَثِيرٌ» فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَيْضًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ تَحِلُّ بِالْفَقْرِ ، وَالْغُرْمِ ، فَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا تَحِلُّ بِهَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ خَاصَّةً ، وَلَا يَخْتَلِفُ فِي ذَلِكَ حَالُ الزَّمِنِ وَلَا غَيْرِهِ

ص: 19

3021 -

وَقَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ ثنا مُخَوَّلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ حُبْشِيِّ بْنِ جُنَادَةَ ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «مَنْ سَأَلَ مِنْ غَيْرِ فَقْرٍ ، فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الْجَمْرَ»

3022 -

حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ: ثنا أَبُو غَسَّانَ ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ

⦗ص: 20⦘

فَهَذَا حُبْشِيٌّ قَدْ حَكَى هَذَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَوَافَقَ مَا حَكَى مِنْ ذَلِكَ ، مَا حَكَاهُ الْآخَرُونَ ، مِنْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ إِنَّمَا تَحِلُّ بِالْفَقْرِ. وَقَدْ جَاءَتِ الْآثَارُ أَيْضًا ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ مُتَوَاتِرَةً

ص: 19

3023 -

حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ ، قَالَ: ثنا الْفِرْيَابِيُّ ح

3024 -

وَحَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ ، قَالَا جَمِيعًا: عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ النَّخَعِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا يَسْأَلُ عَبْدٌ مَسْأَلَةً ، وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ إِلَّا جَاءَتْ شَيْنًا ، أَوْ كُدُوحًا ، أَوْ خُدُوشًا ، فِي وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ ، وَمَاذَا غِنَاهُ؟ قَالَ خَمْسُونَ دِرْهَمًا وَحِسَابُهَا مِنَ الذَّهَبِ "

3025 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْبَغْدَادِيُّ ، قَالَ: ثنا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ «كُدُوحًا فِي وَجْهِهِ» وَلَمْ يَشُكَّ وَزَادَ فَقِيلَ لِسُفْيَانَ: لَوْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ حَكِيمٍ؟ فَقَالَ: حَدَّثَنَاهُ زُبَيْدٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ ، مِثْلَهُ

ص: 20

3026 -

حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ الرَّقِّيُّ ، قَالَ: ثنا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ أَبِي كَبْشَةَ السَّلُولِيِّ ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَهْلُ بْنُ الْحَنْظَلِيَّةِ ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ " مَنْ سَأَلَ النَّاسَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى ، فَإِنَّمَا يَسْتَكْثِرُ مِنْ جَمْرِ جَهَنَّمَ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، وَمَا ظَهْرُ غِنًى؟ قَالَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ عِنْدَ أَهْلِهِ مَا يُغَدِّيهِمْ ، أَوْ مَا يُعَشِّيهِمْ "

ص: 20

3027 -

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ: ثنا أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنْ ثَوْبَانَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَأَلَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ ، جَاءَتْ شَيْنًا فِي وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»

ص: 20

3028 -

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ ،: قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي الرِّجَالِ ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ سَأَلَ ، وَلَهُ قِيمَةُ أُوقِيَّةٍ فَقَدْ أَلْحَفَ»

ص: 20

3029 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ الْأَزْدِيُّ ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا ، فَإِنَّمَا هُوَ جَمْرٌ ، فَلْيَسْتَقِلَّ مِنْهُ ، أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ»

ص: 20

3030 -

حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ: أنا ابْنُ وَهْبٍ ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ قَالَ: نَزَلْتُ وَأَهْلِي ، بَقِيعَ الْغَرْقَدِ ، فَقَالَ لِي أَهْلِي: اذْهَبْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْأَلْهُ لَنَا شَيْئًا نَأْكُلْهُ ، وَجَعَلُوا يَذْكُرُونَ حَاجَتَهُمْ. فَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدْتُ عِنْدَهُ رَجُلًا يَسْأَلُهُ ، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«لَا أَجِدُ مَا أُعْطِيكَ» ، فَوَلَّى الرَّجُلُ وَهُوَ مُغْضَبٌ وَهُوَ يَقُولُ: لَعَمْرِي إِنَّكَ لَتُفَضِّلُ مَنْ شِئْتَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّهُ لَيَغْضَبُ عَلَى أَنْ لَا أَجِدَ مَا أُعْطِيهِ ، مَنْ سَأَلَ مِنْكُمْ ، وَعِنْدَهُ أُوقِيَّةٌ أَوْ عِدْلُهَا فَقَدْ سَأَلَهَا إِلْحَافًا» . قَالَ الْأَسَدِيُّ: فَقُلْتُ لِلَّقْحَةِ لَنَا خَيْرٌ مِنْ أُوقِيَّةٍ قَالَ: وَالْأُوقِيَّةُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا ، قَالَ: فَرَجَعْتُ وَلَمْ أَسْأَلْهُ. فَقَدِمَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ذَلِكَ بِشَعِيرٍ وَزَبِيبٍ وَزُبْدٍ ، فَقَسَمَ لَنَا مِنْهُ حَتَّى أَغْنَانَا اللهُ "

ص: 21

3031 -

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ ، قَالَ: ثنا مُؤَمَّلٌ ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْهَجَرِيِّ ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " الْأَيْدِي ثَلَاثٌ: فَيَدُ اللهِ الْعُلْيَا ، وَيَدُ الْمُعْطِي الَّتِي تَلِيهَا ، وَيَدُ السَّائِلِ السُّفْلَى إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، فَاسْتَعْفِفْ مَا اسْتَطَعْتَ ، وَلَا تَعْجِزْ عَنْ نَفْسِكَ ، وَلَا تُلَامُ عَلَى كَفَافٍ وَإِذَا آتَاكَ اللهُ خَيْرًا فَلْيُرَ عَلَيْكَ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَتِ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي أَبَاحَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذِهِ الْآثَارِ كُلِّهَا هِيَ لِلْفَقْرِ لَا غَيْرِهِ. وَكَانَ تَصْحِيحُ مَعَانِي هَذِهِ الْآثَارِ، عِنْدَنَا، يُوجِبُ أَنَّ مَنْ قَصَدَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ» ، هُوَ غَيْرُ مَنِ اسْتَثْنَاهُ مِنْ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ وَهْبِ بْنِ خَنْبَشٍ بِقَوْلِهِ:«إِلَّا مِنْ فَقْرٍ مُدْقِعٍ ، أَوْ غُرْمٍ مُفْظِعٍ» وَأَنَّهُ الَّذِي يُرِيدُ بِمَسْأَلَتِهِ أَنْ يُكْثِرَ مَالَهُ ، وَيَسْتَغْنِيَ مِنْ مَالِ الصَّدَقَةِ ، حَتَّى تَصِحَّ هَذِهِ الْآثَارُ ، وَتَتَّفِقَ مَعَانِيهَا وَلَا تَتَضَادَّ. وَهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي حَمَلْنَا عَلَيْهِ وُجُوهَ هَذِهِ الْآثَارِ ، هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَأَبِي يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدٍ ، رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى. فَإِنْ سَأَلَ سَائِلٌ عَنْ مَعْنَى حَدِيثِ عُمَرَ الْمَرْوِيِّ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي نَحْوٍ مِنْ هَذَا

ص: 21

3032 -

وَهُوَ مَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ: ثنا أَبُو الْيَمَانِ ، قَالَ: أنا شُعَيْبٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ: ثنا السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ أَنْ حُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ السَّعْدِيِّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فِي خِلَافَتِهِ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَلَمْ أُحَدَّثْ أَنَّكَ تَلِي مِنْ أَعْمَالِ النَّاسِ أَعْمَالًا ، فَإِذَا أُعْطِيتَ الْعُمَالَةَ كَرِهْتَهَا فَقَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ عُمَرُ: فَمَا تُرِيدُ إِلَى ذَلِكَ؟ قُلْتُ: إِنَّ لِي أَفْرَاسًا وَأَعْبُدًا وَأَنَا أَتَّجِرُ ، وَأُرِيدُ أَنْ يَكُونَ عُمَالَتِي صَدَقَةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ.

⦗ص: 22⦘

فَقَالَ عُمَرُ: فَلَا تَفْعَلْ ، فَإِنِّي قَدْ كُنْتُ أَرَدْتُ الَّذِي أَرَدْتَ ، وَقَدْ " كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعْطِينِي الْعَطَاءَ فَأَقُولُ: أَعْطِهِ مَنْ هُوَ أَفْقَرُ إِلَيْهِ مِنِّي ، حَتَّى أَعْطَانِي مَرَّةً مَالًا، فَقُلْتُ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«خُذْهُ فَتَمَوَّلْهُ فَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ ، وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ ، وَلَا سَائِلٍ ، فَخُذْهُ ، وَمَا لَا فَلَا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ» . قَالَ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَحْرِيمُ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا. قِيلَ لَهُ: لَيْسَ هَذَا عَلَى أَمْوَالِ الصَّدَقَاتِ ، إِنَّمَا هَذَا عَلَى الْأَمْوَالِ الَّتِي يَقْسِمُهَا الْإِمَامُ عَلَى النَّاسِ ، فَيَقْسِمُهَا عَلَى أَغْنِيَائِهِمْ وَفُقَرَائِهِمْ. كَمَا فَرَضَ عُمَرُ لِأَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ دَوَّنَ الدَّوَاوِينَ ، فَفَرَضَ لِلْأَغْنِيَاءِ مِنْهُمْ وَلِلْفُقَرَاءِ ، فَكَانَتْ تِلْكَ الْأَمْوَالُ يُعْطَاهَا النَّاسُ ، لَا مِنْ جِهَةِ الْفَقْرِ ، وَلَكِنْ لِحُقُوقِهِمْ فِيهَا. فَكَرِهَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ ، حِينَ أَعْطَاهُ الَّذِي كَانَ أَعْطَاهُ مِنْهَا قَوْلُهُ:«أَعْطِهِ مَنْ هُوَ أَفْقَرُ إِلَيْهِ مِنِّي» . أَيْ: إِنِّي لَمْ أُعْطِكَ ذَلِكَ لِأَنَّكَ فَقِيرٌ ، إِنَّمَا أَعْطَيْتُكَ ذَلِكَ لِمَعْنًى آخَرَ غَيْرِ الْفَقْرِ. ثُمَّ قَالَ لَهُ خُذْهُ ، فَتَمَوَّلْهُ فَدَلَّ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَمْوَالِ الصَّدَقَاتِ ، لِأَنَّ الْفَقِيرَ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الصَّدَقَاتِ مَا يَتَّخِذُهُ مَالًا ، كَانَ ذَلِكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ مِنْهُ أَوْ عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ. ثُمَّ قَالَ: " فَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ الَّذِي هَذَا حُكْمُهُ ، وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ ، أَيْ تَأْخُذُهُ بِغَيْرِ إِشْرَافٍ. وَالْإِشْرَافُ: أَنْ تُرِيدَ بِهِ مَا قَدْ نُهِيتَ عَنْهُ. وَقَدْ يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ وَلَا مُشْرِفٍ أَيْ: وَلَا تَأْخُذْ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ أَكْثَرَ مِمَّا يَجِبُ لَكَ فِيهَا ، فَيَكُونُ ذَلِكَ شَرَفًا فِيهَا وَلَا سَائِلٍ أَيْ: وَلَا سَائِلٍ مِنْهَا مَا لَا يَجِبُ لَكَ. فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْبَابِ، عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ. فَأَمَّا مَا جَاءَ فِي أَمْوَالِ الصَّدَقَاتِ ، فَقَدْ أَتَيْنَا بِمَعَانِي ذَلِكَ ، فِيمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ ، مِنْ هَذَا الْبَابِ

ص: 21