الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْقَارِنِ ، كَمْ عَلَيْهِ مِنَ الطَّوَافِ لِعُمْرَتِهِ وَلِحَجَّتِهِ
؟
3910 -
حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الْمَكِّيُّ ، قَالَا: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ كَفَاهُ لَهُمَا طَوَافٌ وَاحِدٌ ، وَسَعْيٌ وَاحِدٌ ، ثُمَّ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى هَذَا الْحَدِيثِ ، فَقَالُوا: عَلَى الْقَارِنِ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ، طَوَافٌ وَاحِدٌ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنَ الطَّوَافِ غَيْرُهُ. وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ ، فَقَالُوا: بَلْ يَطُوفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا ، وَيَسْعَى لَهُمَا سَعْيًا. وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لَهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ خَطَأٌ أَخْطَأَ فِيهِ الدَّرَاوَرْدِيُّ ، فَرَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَإِنَّمَا أَصْلُهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنْ نَفْسِهِ ، هَكَذَا رَوَاهُ الْحُفَّاظُ ، وَهُمْ ، مَعَ هَذَا ، فَلَا يَحْتَجُّونَ بِالدَّرَاوَرْدِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ أَصْلًا فَكَيْفَ يَحْتَجُّونَ بِهِ فِي هَذَا. فَأَمَّا مَا رَوَاهُ الْحُفَّاظُ مِنْ ذَلِكَ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ ،
3911 -
فَمَا حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ. عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِذَا قَرَنَ ، طَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا ، فَإِذَا فَرَّقَ ، طَافَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَوَافًا وَسَعْيًا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رَوَى أَيُّوبُ بْنُ مُوسَى ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، مَا يَعُودُ مَعْنَاهُ إِلَى مَعْنَى مَا رَوَى الدَّرَاوَرْدِيُّ. وَقَدْ ذُكِرَ فِي ذَلِكَ
3912 -
مَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى ، عَنْ نَافِعٍ ، " أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ مُهِلًّا بِعُمْرَةٍ ، مَخَافَةَ الْحَصْرِ ، ثُمَّ قَالَ مَا شَأْنُهُمَا إِلَّا وَاحِدًا ، أُشْهِدُكُمْ إِنِّي قَدْ قَرَنْتُ إِلَى عُمْرَتِي حَجَّةً ، ثُمَّ قَدِمَ فَطَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا وَقَالَ: هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم "
3913 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما ، نَحْوَهُ
⦗ص: 198⦘
قَالُوا: فَقَدْ وَافَقَ هَذَا مَا رَوَى الدَّرَاوَرْدِيُّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قِيلَ لَهُمْ: فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ تَقْبَلُوا هَذَا ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما؟
3914 -
وَقَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَا: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «تَمَتَّعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ، بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ ، وَأَهْدَى وَسَاقَ الْهَدْيَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ ، وَبَدَأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ ، ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ ، وَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ» فَهَذَا ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما ، يُخْبِرُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مُتَمَتِّعًا ، وَأَنَّهُ بَدَأَ فَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ
3915 -
وَقَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ قَالَ: أنا حُمَيْدٌ ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ قَدِمُوا مَكَّةَ مُلَبِّينَ بِالْحَجِّ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ شَاءَ فَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ» فَأَخْبَرَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما فِي حَدِيثِ بَكْرٍ هَذَا ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدِمَ مَكَّةَ ، وَهُوَ مُلَبٍّ بِالْحَجِّ. وَقَدْ أَخْبَرَ فِي حَدِيثِ سَالِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَدَأَ ، فَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ. فَهَذَا مَعْنَاهُ، عِنْدَنَا ، وَاللهُ أَعْلَمُ، أَنَّهُ كَانَ أَحْرَمَ أَوَّلًا بِحَجَّةٍ ، عَلَى أَنَّهَا حَجَّةٌ ، ثُمَّ فَسَخَهَا فَصَيَّرَهَا عُمْرَةً ، فَلَبَّى بِالْعُمْرَةِ ، ثُمَّ تَمَتَّعَ بِهَا إِلَى الْحَجِّ ، حَتَّى يَصِحُّ حَدِيثُ سَالِمٍ وَبَكْرٍ هَذَيْنِ ، وَلَا يَتَضَادَّانِ. وَفَسْخُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْحَجَّ الَّذِي كَانَ فَعَلَهُ وَأَمَرَ بِهِ أَصْحَابَهُ ، هُوَ بَعْدَ طَوَافِهِمْ بِالْبَيْتِ ، قَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي بَابِ فَسْخِ الْحَجِّ ، فَأَغْنَانَا ذَلِكَ عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا. فَاسْتَحَالَ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الطَّوَافُ الَّذِي كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَهُ لِلْعُمْرَةِ ، الَّتِي انْقَلَبَتْ إِلَيْهَا حَجَّتُهُ مُجْزِيًا عَنْهُ ، مِنْ طَوَافِ حَجَّتِهِ الَّتِي أَحْرَمَ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ. وَلَكِنَّ وَجْهَ ذَلِكَ، عِنْدَنَا ، وَاللهُ أَعْلَمُ، أَنَّهُ لَمْ يَطُفْ لِحَجَّتِهِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ ، لِأَنَّ الطَّوَافَ الَّذِي يُفْعَلُ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ فِي الْحَجَّةِ ، إِنَّمَا يُفْعَلُ لِلْقُدُومِ ، لَا لِأَنَّهُ مِنْ صُلْبِ الْحَجَّةِ. فَاكْتَفَى ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما بِالطَّوَافِ الَّذِي كَانَ فَعَلَهُ بَعْدَ الْقُدُومِ فِي عُمْرَتِهِ عَنْ إِعَادَتِهِ فِي حَجَّتِهِ. وَهَذَا مِثْلُ مَا قَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَيْضًا مِنْ فِعْلِهِ
3916 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ رَمَلَ بِالْبَيْتِ ، ثُمَّ طَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، وَإِذَا لَبَّى مِنْ مَكَّةَ بِهَا ، لَمْ يَرْمُلْ بِالْبَيْتِ وَأَخَّرَ الطَّوَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ ، وَكَانَ لَا يَرْمُلُ يَوْمَ النَّحْرِ فَدَلَّ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ إِذَا أَحْرَمَ بِالْحَجَّةِ مِنْ مَكَّةَ ، لَمْ يَطُفْ لَهَا إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ.
⦗ص: 199⦘
فَكَذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِحْرَامِهِ بِالْحَجَّةِ الَّتِي أَحْرَمَ بِهَا بَعْدَ فَسْخِ حَجَّتِهِ الْأُولَى ، لَمْ يَكُنْ طَافَ لَهَا إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ. فَلَيْسَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ حُكْمِ طَوَافِ الْقَارِنِ لِعُمْرَتِهِ وَحَجَّتِهِ ، شَيْءٌ. وَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَيْضًا ، خَطَأُ الدَّرَاوَرْدِيِّ فِي حَدِيثِ عُبَيْدِ اللهِ الَّذِي وَصَفْنَاهُ. وَاحْتَجَّ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الْأُولَى لِقَوْلِهِمْ أَيْضًا
3917 -
بِمَا حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: ثنا مَالِكٌ ح
3918 -
وَحَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أنا ابْنُ وَهْبٍ ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ، فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ ، فَلْيُهْلِلْ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ ، ثُمَّ لَا يَحِلَّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا. فَقَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ لَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ ، وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ» انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ ، وَدَعِي الْعُمْرَةَ «فَلَمَّا قَضَيْتُ الْحَجَّ أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه إِلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرْتُ فَقَالَ هَذِهِ مَكَانُ عُمْرَتِكِ» قَالَتْ فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، ثُمَّ حَلُّوا ، ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى لِحَجِّهِمْ. وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ، فَإِنَّمَا طَافُوا لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا قَالُوا: فَهَذِهِ عَائِشَةُ رضي الله عنها قَدْ قَالَتْ وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ، فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا وَهُمْ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَبِأَمْرِهِ كَانُوا يَفْعَلُونَ. فَفِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ ، عَلَى أَنَّ عَلَى الْقَارِنِ لِحَجَّتِهِ وَعُمْرَتِهِ طَوَافًا وَاحِدًا ، لَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ. فَكَانَ مِنْ حُجَّتِنَا عَلَيْهِمْ لِمُخَالِفِهِمْ ، أَنَّا قَدْ رَوَيْنَا عَنْ عُقَيْلٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْبَابِ «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ تَمَتَّعَ ، وَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَهُ» . وَالْمُتَمَتِّعُ قَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ الَّذِي يُهِلُّ بِحَجَّةٍ بَعْدَ طَوَافِهِ لِلْعُمْرَةِ
ثُمَّ قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها فِي حَدِيثِ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ، فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ فَأُخْبِرْتُ أَنَّهُمْ دَخَلُوا فِي إِحْرَامِهِمْ كَمَا يَدْخُلُ الْمُتَمَتِّعُونَ. قَالَتْ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهْلِلْ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ ، ثُمَّ لَا يَحِلَّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا» وَلَمْ يُبَيِّنْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، الْمَوْضِعَ الَّذِي قَالَ لَهُمْ هَذَا الْقَوْلَ فِيهِ. فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَالَهُ لَهُمْ قَبْلَ دُخُولِ مَكَّةَ ، أَوْ بَعْدَ دُخُولِ مَكَّةَ قَبْلَ الطَّوَافِ ، فَيَكُونُونَ قَارِنِينَ بِتِلْكَ الْحَجَّةِ الْعُمْرَةَ ، الَّتِي كَانُوا أَحْرَمُوا بِهَا قَبْلَهَا. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَالَ لَهُمْ ذَلِكَ بَعْدَ طَوَافِهِمْ لِلْعُمْرَةِ ، فَيَكُونُونَ مُتَمَتِّعِينَ بِتِلْكَ الْحَجَّةِ الَّتِي أَمَرَهُمْ بِالْإِحْرَامِ بِهَا. فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ ، فَوَجَدْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه ، وَأَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ أَخْبَرَا فِي حَدِيثَيْهِمَا ، اللَّذَيْنِ رَوَيْنَاهُمَا عَنْهُمَا ، فِي بَابِ فَسْخِ الْحَجِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ذَلِكَ الْقَوْلَ فِي آخِرِ طَوَافٍ عَلَى الْمَرْوَةِ. فَعَلِمْنَا أَنَّ قَوْلَ عَائِشَةَ رضي الله عنها فِي حَدِيثِ مَالِكٍ. وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا بَيْنَ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ أَنَّهَا تَعْنِي جَمْعَ مُتْعَةٍ ، لَا جَمْعَ قِرَانٍ ، قَالَتْ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا أَيْ: فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا بَعْدَ جَمْعِهِمْ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ، الَّتِي كَانُوا قَدْ طَافُوا لَهَا طَوَافًا وَاحِدًا ، لِأَنَّ حَجَّتَهُمْ تِلْكَ الْمَضْمُومَةَ مَعَ الْعُمْرَةِ ، كَانَتْ مَكِّيَّةً ، وَالْحَجَّةُ الْمَكِّيَّةُ لَا يُطَافُ لَهَا قَبْلَ عَرَفَةَ ، إِنَّمَا يُطَافُ لَهَا بَعْدَ عَرَفَةَ ، عَلَى مَا كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ فِيمَا قَدْ رَوَيْنَاهُ عَنْهُ. فَقَدْ عَادَ مَعْنَى مَا رَوَيْنَا عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها فِي هَذَا الْبَابِ ، وَمَا صَحَّحْنَا مِنْ ذَلِكَ لِنَفْيِ التَّضَادِّ عَنْهُ ، إِلَى مَعْنَى مَا رَوَيْنَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما وَمَا صَحَّحْنَا مِنْ ذَلِكَ. فَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ هَذَا يَدُلُّ عَلَى حُكْمِ الْقَارِنِ حَجَّةً كُوفِيَّةً ، مَعَ عُمْرَةٍ كُوفِيَّةٍ كَيْفَ طَوَافُهُ لَهُمَا ، هَلْ هُوَ طَوَافٌ وَاحِدٌ ، أَوْ طَوَافَانِ؟ وَاحْتَجَّ الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْقَارِنَ يَجْزِيهِ لِعُمْرَتِهِ وَحَجَّتِهِ طَوَافٌ وَاحِدٌ أَيْضًا
3919 -
بِمَا حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْمُؤَذِّنُ ، قَالَ: ثنا أَسَدٌ ح
3920 -
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَا: ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ عَطَاءٍ " عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا:«إِذَا رَجَعْتِ إِلَى مَكَّةَ ، فَإِنَّ طَوَافَكِ يَكْفِيكِ لِحَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ» قَالُوا: فَقَدْ أَخْبَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الَّذِي عَلَيْهَا لِحَجَّتِهَا وَعُمْرَتِهَا ، طَوَافٌ وَاحِدٌ. قِيلَ لَهُمْ: لَيْسَ هَكَذَا لَفْظُ هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْتُمُوهُ ، إِنَّمَا لَفْظُهُ أَنَّهُ قَالَ «طَوَافُكِ لِحَجِّكِ يُجْزِيكِ لِحَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ» فَأَخْبَرَ أَنَّ الطَّوَافَ الْمَفْعُولَ لِلْحَجِّ يُجْزِيكِ عَنِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ، وَأَنْتُمْ لَا تَقُولُونَ هَذَا ، إِنَّمَا تَقُولُونَ: إِنَّ طَوَافَ
⦗ص: 201⦘
الْقَارِنِ طَوَافٌ لِقِرَانِهِ لَا لِحَجَّتِهِ دُونَ عُمْرَتِهِ ، وَلَا لِعُمْرَتِهِ دُونَ حَجَّتِهِ ، مَعَ أَنَّ غَيْرَ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، مِنْ أَصْحَابِ عَطَاءٍ ، قَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ بِعَيْنِهِ عَنْ عَطَاءٍ ، عَلَى مَعْنَى غَيْرِ هَذَا الْمَعْنَى
3921 -
حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ ، قَالَ: أنا حَجَّاجٌ ، وَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ ، عَنْ عَطَاءٍ ، " عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ ، أَكُلُّ أَهْلِكِ يَرْجِعُ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ غَيْرَى؟ قَالَ انْفِرِي فَإِنَّهُ يَكْفِيكِ " قَالَ حَجَّاجٌ فِي حَدِيثِهِ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: أَلَحَّتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَخْرُجَ إِلَى التَّنْعِيمِ ، فَتُهِلَّ مِنْهُ بِعُمْرَةٍ ، وَبَعَثَ مَعَهَا أَخَاهَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ ، فَأَهَلَّتْ مِنْهُ بِعُمْرَةٍ ، ثُمَّ قَدِمَتْ فَطَافَتْ وَسَعَتْ وَقَصَّرَتْ ، وَذَبَحَ عَنْهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ: ذَبَحَ عَنْهَا بَقَرَةً فَأَخْبَرَ عَبْدُ الْمَلِكِ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها بِقِصَّتِهَا بِطُولِهَا ، وَأَنَّهَا إِنَّمَا أَحْرَمَتْ بِالْعُمْرَةِ فِي وَقْتِ مَا كَانَ لَهَا أَنْ تَنْفِرَ بَعْدَ فَرَاغِهَا مِنَ الْحَجَّةِ وَالْعُمْرَةِ ، وَأَنَّ الَّذِي ذُكِرَ أَنَّهُ يَكْفِيهَا ، هُوَ الْحَجُّ مِنَ الْحَجَّةِ وَالْعُمْرَةِ ، لَا الطَّوَافُ. فَقَدْ بَطَلَ أَنْ يَكُونَ فِي حَدِيثِ عَطَاءٍ هَذَا حُجَّةٌ ، فِي حُكْمِ طَوَافِ الْقَارِنِ كَيْفَ هُوَ. وَاحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ أَيْضًا فِي الْقَارِنِ أَنَّهُ يَطُوفُ لِعُمْرَتِهِ وَحَجَّتِهِ طَوَافًا وَاحِدًا ،
3922 -
بِمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ: ثنا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ ، قَالَ: ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ رضي الله عنه أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه يَقُولُ: " دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ تَبْكِي ، فَقَالَ مَا لَكَ تَبْكِينَ. قَالَتْ: أَبْكِي لِأَنَّ النَّاسَ حَلُّوا ، وَلَمْ أَحْلِلْ ، وَطَافُوا بِالْبَيْتِ وَلَمْ أَطُفْ ، وَهَذَا الْحَجُّ قَدْ حَضَرَ كَمَا تَرَى فَقَالَ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ ، فَاغْتَسِلِي وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ ، ثُمَّ حُجِّي ، وَاقْضِي مَا يَقْضِي الْحَاجُّ ، غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ ، وَلَا تُصَلِّي قَالَتْ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ ، فَلَمَّا طَهُرْتُ قَالَ طُوفِي بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، ثُمَّ قَدْ حَلَلْتَ مِنْ حَجِّكَ وَعُمْرَتِكَ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ إِنِّي أَجِدُ فِي نَفْسِي مِنْ عُمْرَتِي ، إِنِّي لَمْ أَكُنْ طُفْتُ حَتَّى حَجَجْتُ فَأَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ ، فَأَعْمَرَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ "
3923 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ: أنا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، مِثْلَهُ قَالُوا: فَقَدْ أَمَرَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ مُحْرِمَةٌ بِالْعُمْرَةِ وَالْحَجَّةِ ، أَنْ تَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَتَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ تَحِلَّ.
⦗ص: 202⦘
فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْقَارِنِ فِي طَوَافِهِ لِحَجَّتِهِ وَعُمْرَتِهِ ، هُوَ كَذَلِكَ ، وَأَنَّهُ طَوَافٌ وَاحِدٌ ، لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنَ الطَّوَافِ غَيْرُهُ. فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ الْأُخْرَى أَنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ رضي الله عنها هَذَا ، قَدْ رُوِيَ عَلَى غَيْرِ مَا ذَكَرْنَا
3924 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَا: ثنا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ ، عَنْ عُرْوَةَ ، " عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: أَمَرَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " مَنْ شَاءَ أَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيُهْلِلْ بِالْعُمْرَةِ. قَالَتْ: كُنْتُ مِمَّنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ ، فَحِضْتُ ، وَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَنِي أَنْ أَنْقُضَ رَأْسِي ، وَأَمْتَشِطَ ، وَأَدَعَ عُمْرَتِي "
3925 -
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ: ثنا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ ، عَنْ إِسْرَائِيلَ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، مِثْلَهُ
3926 -
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ: ثنا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، مِثْلَهُ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهَا، حِينَ حَاضَتْ، أَنْ تَدَعَ عُمْرَتَهَا ، وَذَلِكَ قَبْلَ طَوَافِهَا لَهَا. فَكَيْفَ يَكُونُ طَوَافُهَا فِي حَجَّتِهَا الَّتِي أَحْرَمَتْ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ ، يُجْزِئُ عَنْهَا مِنْ حَجَّتِهَا تِلْكَ ، وَمِنْ عُمْرَتِهَا الَّتِي قَدْ رَفَضَتْهَا؟ هَذَا مُحَالٌ
وَقَدْ رَوَى الْأَسْوَدُ عَنْهَا فِي ذَلِكَ أَيْضًا ،
3927 -
مَا حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْمُؤَذِّنُ ، قَالَ: ثنا أَسَدٌ ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنِ الْأَسْوَدِ ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: خَرَجْنَا وَلَا نُرَى إِلَّا أَنَّهُ الْحَجُّ ، فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ ، طَافَ وَلَمْ يَحِلَّ، وَكَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ ، فَطَافَ مَنْ مَعَهُ مِنْ نِسَائِهِ وَأَصْحَابِهِ ، فَحَلَّ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ الْهَدْيُ.، قَالَ: وَحَاضَتْ هِيَ، قَالَتْ: فَقَضَيْنَا مَنَاسِكَنَا مِنْ حَجَّتِنَا ، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ لَيْلَةُ النَّفْرِ ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَيَرْجِعُ أَصْحَابُكَ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ ، وَأَرْجِعُ أَنَا بِحَجٍّ؟ قَالَ:«أَمَا كُنْتِ طُفْتِ بِالْبَيْتِ لَيَالِيَ قَدِمْنَا؟» قَالَتْ: قُلْتُ: لَا ، قَالَ:«انْطَلِقِي مَعَ أَخِيكِ إِلَى التَّنْعِيمِ ، فَأَهِلِّي بِعُمْرَةٍ ، ثُمَّ مَوْعِدُكِ مَكَانُ كَذَا وَكَذَا» فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا قَدْ كَانَتْ خَرَجَتْ مِنْ عُمْرَتِهَا الَّتِي صَارَتْ مَكَانَ حَجَّتِهَا بِفَسْخِ الْحَجِّ بِحَيْضَتِهَا إِلَى عَرَفَةَ ، قَبْلَ طَوَافِهَا لَهَا.
⦗ص: 203⦘
لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا «أَمَا كُنْتِ طُفْتِ لَيَالِيَ قَدِمْنَا؟» أَيْ: لَوْ كُنْتِ طُفْتِ ، كَانَتْ قَدْ تَمَّتْ لَكِ عُمْرَتُكِ مَعَ حَجَّتِكِ الَّتِي قَدْ فَرَغْتِ مِنْهَا. فَلَمَّا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ طَافَتْ لَيَالِيَ قَدِمُوا ، جَعَلَهَا بِمَا فَعَلَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لِحَجِّهَا ، مِنْ وُقُوفِهَا بِعَرَفَةَ ، أَوْ تَوَجُّهِهَا إِلَيْهَا، خَارِجَةً مِنْ عُمْرَتِهَا فَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَمِرَ أُخْرَى مَكَانَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ. فَكَيْفَ يَجُوزُ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إِنَّ طَوَافَهَا بِالْبَيْتِ لِحَجَّةٍ هِيَ فِيهَا ، يَكُونُ لِتِلْكَ الْحَجَّةِ ، وَلِعُمْرَةٍ أُخْرَى قَدْ خَرَجَتْ مِنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ؟ هَذَا عِنْدَنَا مُحَالٌ وَقَدْ رَوَى الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها فِي ذَلِكَ
3928 -
مَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَلَا نَذْكُرُ إِلَّا الْحَجَّ ، فَلَمَّا جِئْنَا سَرِفَ طَمِثْتُ ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَبْكِي فَقَالَ مَا يُبْكِيكِ؟ فَقُلْتُ: لَوَدِدْتُ إِنِّي لَمْ أَحُجَّ الْعَامَ ، أَوْ لَمْ أَخْرُجِ الْعَامَ ، قَالَ لَعَلَّكِ نُفِسْتِ؟ . قُلْتُ: نَعَمْ ، قَالَ فَإِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى بَنَاتِ آدَمَ ، فَافْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحُجَّاجُ ، غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ. قَالَتْ: فَلَمَّا جِئْنَا مَكَّةَ ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ «اجْعَلُوهَا عُمْرَةً» فَحَلَّ النَّاسُ إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَكَانَ الْهَدْيُ مَعَهُ ، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ ، وَعُمَرَ ، وَعُثْمَانَ ، وَذِي الْيَسَارَةِ ، ثُمَّ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ ، طَهُرْتُ ، فَأَرْسَلَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَفَضْتُ فَأَتَى بِلَحْمِ بَقَرٍ ، فَقُلْتُ مَا هَذَا؟ فَقَالُوا: أَهْدَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نِسَائِهِ الْبَقَرَ ، حَتَّى إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ يَرْجِعُ النَّاسُ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ وَأَرْجِعُ بِحَجَّةِ ، فَأَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَأَرْدَفَنِي خَلْفَهُ ، فَإِنِّي أَذْكُرُ أَنِّي كُنْتُ أَنْعَسُ ، فَيَضْرِبَ وَجْهِي مُؤَخِّرَةَ الرَّحْلِ ، حَتَّى جِئْنَا التَّنْعِيمَ فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ ، جَزَاءَ عُمْرَةِ النَّاسِ الَّتِي اعْتَمَرُوا بِهَا " فَهَذَا مِثْلُ الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ ، وَقَدْ رَوَاهُ عُرْوَةُ ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَبَيْنَ مِنْ ذَلِكَ
3929 -
حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْمُؤَذِّنُ ، قَالَ: ثنا أَسَدٌ ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ: «خَرَجْنَا مُوَافِينَ لِلْهِلَالِ
⦗ص: 204⦘
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ شَاءَ أَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ ، فَلْيُهْلِلْ ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يُهِلَّ بِالْعُمْرَةِ ، فَلْيُهْلِلْ ، فَأَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُهِلُّ بِالْحَجِّ ، لِأَنَّ مَعِي الْهَدْيَ. قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ ، وَأَمَّا أَنَا فَإِنِّي أَهْلَلْتُ بِالْعُمْرَةِ ، فَوَافَانِي يَوْمُ عَرَفَةَ وَأَنَا حَائِضٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَعِي عَنْكِ عُمْرَتَكِ ، وَانْقُضِي شَعْرَكِ ، وَامْتَشِطِي ، ثُمَّ لَبِّي بِالْحَجِّ فَلَبَّيْتُ بِالْحَجِّ. فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ وَطَهُرْتُ ، أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ ، فَذَهَبَ بِي إِلَى التَّنْعِيمِ ، فَلَبَّيْتُ بِالْعُمْرَةِ» ، قَضَاءً لِعُمْرَتِهَا فَبَيَّنَتْ عَائِشَةُ أَنَّ حَجَّتَهَا كَانَتْ مَفْصُولَةً مِنْ عُمْرَتِهَا ، قَدْ كَانَتْ فِيمَا بَيْنَهُمَا ، نَقَضَتْ شَعْرَهَا وَامْتَشَطَتْ. فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ طَوَافُهَا لِحَجَّتِهَا ، الَّتِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ عُمْرَتِهَا مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْإِحْلَالِ يُجْزِئُ عَنْهَا لِعُمْرَتِهَا وَلِحَجَّتِهَا؟ هَذَا مُحَالٌ ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه ، لِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا أَخْبَرَ فِيهِ جَابِرٌ رضي الله عنه بِقِصَّةِ عَائِشَةَ رضي الله عنها ، وَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ حَلَّتْ بَيْنَ عُمْرَتِهَا وَحَجَّتِهَا ، وَأَخْبَرَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها فِي هَذَا بِأَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِيَّاهَا قَبْلَ دُخُولِهَا فِي حَجَّتِهَا ، أَنْ تَدَعَ عُمْرَتَهَا ، وَأَنْ تَفْعَلَ مَا يَفْعَلُ الْحَلَالُ ، بِمَا ذَكَرَتْ فِي حَدِيثِهَا. وَدَلَّ ذَلِكَ أَيْضًا عَلَى أَنَّ حَدِيثَ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها ، كَمَا رَوَاهُ عَنْهُ الْحَجَّاجُ ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ ، لَا كَمَا رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ. وَاحْتَجَّ أَيْضًا الَّذِينَ قَالُوا: يَطُوفُ الْقَارِنُ لِحَجَّتِهِ وَعُمْرَتِهِ طَوَافًا وَاحِدًا
3930 -
بِمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ ، قَالَ: ثنا الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَرَنَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ، فَطَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا» قِيلَ لَهُمْ: مَا أَعْجَبَ هَذَا ، إِنَّكُمْ تَحْتَجُّونَ بِمِثْلِ هَذَا ، وَقَدْ رَوَيْتُمْ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَفْرَدَ الْحَجَّ» وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، وَقَيْسِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّهُمْ قَدِمُوا صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ ، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَجْعَلُوهَا ، وَهُوَ عَلَى الصَّفَا فِي آخِرِ طَوَافٍ " ، فَكَيْفَ تَقْبَلُونَ مِثْلَ ذَلِكَ ، وَتَدَّعُونَ مِثْلَ هَذَا؟ فَإِنِ احْتَجُّوا فِي ذَلِكَ
3931 -
بِمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، قَالَ: ثنا أَبُو عَامِرٍ ، قَالَ: ثنا رَبَاحُ بْنُ أَبِي مَعْرُوفٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَزِيدُوا عَلَى طَوَافٍ وَاحِدٍ قِيلَ لَهُمْ: إِنَّمَا يَعْنِي جَابِرُ رضي الله عنه بِهَذَا الطَّوَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ عَنْهُ أَبُو الزُّبَيْرِ
3932 -
حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، سَمِعَ جَابِرًا ، يَقُولُ «لَمْ يَطُفِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلَا أَصْحَابُهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إِلَّا طَوَافًا وَاحِدًا» وَإِنَّمَا أَرَادَ جَابِرًا بِهَذَا ، أَنْ يُخْبِرَهُمْ أَنَّ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، لَا يُفْعَلُ فِي طَوَافِ يَوْمِ النَّحْرِ ، وَلَا فِي طَوَافِ الصَّدْرِ ، كَمَا يُفْعَلُ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ.
⦗ص: 205⦘
وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا عَلَى الْقَارِنِ مِنَ الطَّوَافِ لِعُمْرَتِهِ وَحَجَّتِهِ ، هُوَ طَوَافٌ وَاحِدٌ ، أَوْ طَوَافَانِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ صَحَّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْقَارِنِ ، أَنَّهُ يَطُوفُ لِعُمْرَتِهِ وَحَجَّتِهِ طَوَافًا وَاحِدًا ، فَإِلَى قَوْلِ مَنْ تُخَالِفُونَ قَوْلَهُ فِي ذَلِكَ؟ قِيلَ لَهُ: إِلَى قَوْلِ عَلِيٍّ رضي الله عنه ، وَعَبْدِ اللهِ
3933 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، أَوْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ أَبِي نَصْرٍ ، قَالَ: أَهْلَلْتُ بِالْحَجِّ ، فَأَدْرَكْتُ عَلِيًّا فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي أَهْلَلْتُ بِالْحَجِّ ، أَفَأَسْتَطِيعُ أَنْ أُضِيفَ إِلَيْهِ عُمْرَةً. قَالَ لَا، لَوْ كُنْتَ أَهْلَلْتَ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ أَرَدْتَ أَنْ تَضُمَّ إِلَيْهَا الْحَجَّ ، ضَمَمْتَهُ. قَالَ: قُلْتُ ، كَيْفَ أَصْنَعُ إِذَا أَرَدْتُ ذَلِكَ؟ قَالَ: تَصُبُّ عَلَيْكَ إِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ ، ثُمَّ تُحْرِمُ بِهِمَا جَمِيعًا ، وَتَطُوفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَوَافًا "
3934 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ ، قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْصُورٌ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ أَبِي نَصْرٍ السُّلَمِيِّ ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه ، مِثْلَهُ
3935 -
قَالَ أَبُو دَاوُدَ ، قَالَ مَنْصُورٌ ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِمُجَاهِدٍ ، فَقَالَ: مَا كُنَّا نُفْتِي النَّاسَ إِلَّا بِطَوَافٍ وَاحِدٍ ، فَأَمَّا الْآنَ ، فَلَا
3936 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، قَالَ: ثنا الْخَصِيبُ ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ عَطَاءٍ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، وَمَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أُذَيْنَةَ ، قَالَ: سَأَلْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ
3937 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ ثنا حَجَّاجٌ ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ
3938 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ ثنا حَجَّاجٌ ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي نَصْرٍ ، مِثْلَهُ
3939 -
قَالَ مَنْصُورٌ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِمُجَاهِدٍ فَقَالَ: مَا كُنْتُ أُفْتِي النَّاسَ إِلَّا بِطَوَافٍ وَاحِدٍ ، فَأَمَّا الْآنَ ، فَلَا
3940 -
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ ، قَالَ: ثنا شُجَاعُ بْنُ مَخْلَدٍ ، ح
3941 -
وَحَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، قَالَا: ثنا هُشَيْمٌ ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه ، وَعَبْدِ اللهِ ، قَالَا الْقَارِنُ يَطُوفُ طَوَافَيْنِ ، وَيَسْعَى سَعْيَيْنِ فَهَذَا عَلِيٌّ وَعَبْدُ اللهِ ، قَدْ ذَهَبَا فِي طَوَافِ الْقَارِنِ إِلَى خِلَافِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما. وَأَمَّا وَجْهُ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ ، فَإِنَّا رَأَيْنَا الرَّجُلَ إِذَا أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ ، وَجَبَتْ عَلَيْهِ بِمَا فِيهَا مِنَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ ، وَالسَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ فِي انْتِهَاكِ مَا قَدْ حُرِّمَ عَلَيْهِ بِإِحْرَامِهِ بِهَا ، مِنَ الْكَفَّارَاتِ ، مَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ إِذَا أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ ، وَجَبَتْ عَلَيْهِ أَيْضًا بِمَا فِيهَا مِنَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ وَالسَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ فِي انْتِهَاكِ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِ بِإِحْرَامِهِ بِهَا مِنَ الْكَفَّارَاتِ ، مَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ.
⦗ص: 206⦘
وَكَانَ إِذَا جَمَعَهُمَا ، فَكُلٌّ قَدْ أَجْمَعَ أَنَّهُ فِي حُرْمَتَيْنِ ، حُرْمَةِ حَجٍّ ، وَحُرْمَةِ عُمْرَةٍ. فَكَانَ يَجِيءُ فِي النَّظَرِ أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ، مِنَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْكَفَّارَاتِ ، فِي انْتِهَاكِ الْحُرُمِ ، الَّتِي حُرِّمَتْ عَلَيْهِ فِيهَا ، مَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ لَهَا ، لَوْ أَفْرَدَهَا. فَأُدْخِلَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَقِيلَ: فَقَدْ رَأَيْنَا الْحَلَالَ يُصِيبُ الصَّيْدَ فِي الْحَرَمِ ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ ، لِحُرْمَةِ الْحَرَمِ ، وَرَأَيْنَا الْمُحْرِمَ يُصِيبُ صَيْدًا فِي الْحِلِّ ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ لِحُرْمَةِ الْحَرَامِ. وَرَأَيْنَا الْمُحْرِمَ إِذَا أَصَابَ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ ، وَجَبَ عَلَيْهِ جَزَاءٌ وَاحِدٌ ، لِحُرْمَةِ الْإِحْرَامِ ، وَدَخَلَ فِيهِ حُرْمَةُ الْجَزَاءِ ، لِحُرْمَةِ الْحَرَمِ. وَهُوَ فِي وَقْتِ مَا أَصَابَ ذَلِكَ الصَّيْدَ فِي حُرْمَتَيْنِ ، فِي حُرْمَةِ إِحْرَامٍ ، وَحُرْمَةِ حُرُمٍ ، فَلِمَ يَجِبُ عَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْحُرْمَتَيْنِ ، مَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ لَهَا لَوْ أَفْرَدَهَا. قَالُوا: فَكَذَلِكَ الْقَارِنُ ، فِيمَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ عُمْرَتِهِ وَحَجَّتِهِ ، لَوْ أَفْرَدَهَا ، لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ لَمَّا جَمَعَهُمَا إِلَّا مِثْلُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي إِحَدَيْهِمَا ، وَيَدْخُلُ مَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ لِلْأُخْرَى ، لَوْ كَانَتْ مُفْرَدَةً فِي ذَلِكَ. قِيلَ لَهُ: إِنَّكُمْ لَمْ تَقْطَعُوا أَنَّ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِهِ الصَّيْدَ فِي الْحَرَمِ ، جَزَاءٌ وَاحِدٌ. وَقَدْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ ، وَأَبُو يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدٌ رحمهم الله: إِنَّ الْقِيَاسَ كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ ، أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ جَزَاءَانِ جَزَاءٌ لِحُرْمَةِ الْإِحْرَامِ ، وَجَزَاءٌ لِحُرْمَةِ الْحَرَمِ ، وَأَنَّهُمْ إِنَّمَا خَالَفُوا ذَلِكَ اسْتِحْسَانًا. وَلَكِنَّا ، لَا نَقُولُ فِي ذَلِكَ ، كَمَا قَالُوا ، بَلِ الْقِيَاسُ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ ، مَا ذَكَرُوا أَنَّهُمُ اسْتَحْسَنُوهُ. وَذَلِكَ أَنَّا رَأَيْنَا الْأَصْلَ الْمُجْتَمَعَ عَلَيْهِ ، أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ ، وَلَا يَجْمَعَ بَيْنَ حَجَّتَيْنِ ، وَلَا بَيْنَ عُمْرَتَيْنِ. فَكَانَ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ ، بَيْنَ شَكْلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ ، فَيَدْخُلَ بِذَلِكَ فِيهِمَا ، وَلَا يَجْمَعَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ. فَلَمَّا كَانَ مَا ذَكَرْنَا كَذَلِكَ ، كَانَ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ أَيْضًا بِأَدَائِهِ جَزَاءً وَاحِدًا ، مَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِحُرْمَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ ، وَحُرْمَةِ الْحَرَمِ ، الَّتِي لَا يُجْزِئُ فِيهَا الصَّوْمُ ، وَحُرْمَةِ الْإِحْرَامِ الَّتِي يُجْزِئُ فِيهَا الصَّوْمُ ، وَيَكُونُ بِذَلِكَ الْجَزَاءِ الْوَاحِدِ مُؤَدِّيًا ، عَمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهِمَا. فَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ بِأَدَائِهِ جَزَاءً وَاحِدًا ، عَمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي انْتِهَاكِ حُرْمَتَيْنِ مُؤْتَلِفَتَيْنِ مِنْ شَكْلٍ وَاحِدٍ ، وَهُمَا حُرْمَةُ الْعُمْرَةِ ، وَحُرْمَةُ الْحَجِّ. كَمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ فِي حُرْمَةِ شَيْئَيْنِ مُؤْتَلِفَيْنِ. وَلَمَّا كَانَ مَا ذَكَرْنَا أَيْضًا كَذَلِكَ وَكَانَ الطَّوَافُ لِلْحَجَّةِ ، وَالطَّوَافُ لِلْعُمْرَةِ ، مِنْ شَكْلٍ وَاحِدٍ ، لَمْ يَكُنْ بِطَوَافٍ وَاحِدٍ دَاخِلًا فِيهِمَا ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الطَّوَافُ مُجْزِئًا عَنْهُمَا ، وَاحْتَاجَ أَنْ يَدْخُلَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دُخُولًا
⦗ص: 207⦘
عَلَى حِدَةٍ ، قِيَاسًا وَنَظَرًا عَلَى مَا ذَكَرْنَا ، مِمَّا يَجْمَعُهُ بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ ، مِنَ الْحَجَّةِ وَالْعُمْرَةِ الْمُخْتَلِفَيْنِ ، وَمِمَّا ذَكَرْنَا ، مِمَّا لَا يَجْمَعُهُ مِنَ الْحَجَّتَيْنِ الْمُؤْتَلَفَتَيْنِ ، وَالْعُمْرَتَيْنِ الْمُؤْتَلَفَتَيْنِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رَأَيْنَاهُ يَحِلُّ مِنْ حَجَّتِهِ وَعُمْرَتِهِ بِحَلْقٍ وَاحِدٍ ، وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ ، فَكَذَلِكَ أَيْضًا يَطُوفُ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا ، وَيَسْعَى لَهُمَا سَعَيَا ، لَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ. قِيلَ لَهُ: قَدْ رَأَيْنَاهُ يَحِلُّ بِحَلْقٍ وَاحِدٍ مِنْ إِحْرَامَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ ، لَا يَجْزِيهِ فِيهِمَا إِلَّا طَوَافَانِ مُخْتَلِفَانِ. وَذَلِكَ أَنَّ رَجُلًا لَوْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ ، فَطَافَ لَهَا وَسَعَى ، وَسَاقَ الْهَدْيَ ، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ، فَصَارَ بِذَلِكَ مُتَمَتِّعًا ، أَنَّهُ كَانَ حُكْمُهُ يَوْمَ النَّحْرِ ، أَنْ يَحْلِقَ حَلْقًا وَاحِدًا ، فَيَحِلَّ بِذَلِكَ مِنْهُمَا جَمِيعًا. فَكَانَ يَحِلُّ بِحَلْقٍ وَاحِدٍ مِنْ إِحْرَامَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ ، قَدْ كَانَ دَخَلَ فِيهِمَا دُخُولًا مُتَفَرِّقًا. وَلَمْ يَكُنْ مَا وَجَبَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ حُكْمِ الْحَلْقِ ، مُوجِبًا أَنَّ حُكْمَ الطَّوَافِ لَهُمَا كَانَ كَذَلِكَ ، وَأَنَّهُ طَوَافٌ وَاحِدٌ ، بَلْ هُوَ طَوَافَانِ. فَكَذَلِكَ مِمَّا ذَكَرْنَا مِنْ حَلْقِ الْقَارِنِ لِعُمْرَتِهِ وَحَجَّتِهِ حَلْقًا وَاحِدًا ، لَا يَجِبُ بِهِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ لِحُكْمِ طَوَافِهِ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا. وَلَمَّا كَانَ قَدْ يَحِلُّ فِي الْإِحْرَامَيْنِ اللَّذَيْنِ قَدْ دَخَلَ فِيهِمَا دُخُولًا مُتَفَرِّقًا ، بِحَلْقٍ وَاحِدٍ ، كَانَ فِي الْإِحْرَامَيْنِ اللَّذَيْنِ قَدْ دَخَلَ فِيهِمَا دُخُولًا وَاحِدًا ، أَحْرَى أَنْ يَحِلَّ مِنْهُمَا كَذَلِكَ. فَهَذَا هُوَ النَّظَرُ فِي هَذَا الْبَابِ ، عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه وَعَبْدِ اللهِ ، مِنْ وُجُوبِ الطَّوَافِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْعُمْرَةِ وَالْحَجَّةِ ، وَعَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ النَّظَرِ عَلَى ذَلِكَ ، مِنْ وُجُوبِ الْجَزَاءِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فِي انْتِهَاكِ حُرْمَتِهِمَا. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَأَبِي يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدٍ ، رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى