الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخاتمة
بعد هذا العرض المستفيض والمناقشة الهادفة لآراء البيهقي في الإلهيّات، ينتهي هذا البحث الذي يتكون من بابين كما رأينا وقد توصلت منه إلى عدة نتائج أجملها فيما يأتي.
1 -
فساد الحالتين السياسية والاجتماعية، وعدم تأثير ذلك على الحالة العلمية التي كانت على العكس منهما، حيث ازدهرت ازدهاراً عظيماً، حتى عرف ذلك العصر بعصر النهضة، وكان سبب ذلك تفاني العلماء في سبيل نشر العلم والمحافظة عليه.
2 -
إن البيهقي قد بدأ حياته العلمية منذ وقت مبكر، وجلس إلى عدد وافر من مشاهير العلماء، وأكثر من الرحلات العلمية مما كان له أكبر الأثر في سعة اطلاعه، وتنوع ثقافته ووفرة إنتاجه.
3 -
إنه سلك في الاستدلال طريقة السلف، وخالفهم في كثير من المسائل عند التطبيق لذلك الاستدلال.
4 -
إنه اختار في استدلاله على وجود الله تعالى طريقة القرآن الكريم وهو أمر اتفق فيه مع السلف. إلاّ أنه وافق أصحابه الأشاعرة في الاستدلال بالجواهر والأعراض على حدوث العالم زاعماً صحة هذا الاستدلال لأنه - في نظره - استدلال شرعي وأيده بطريقة إبراهيم عليه السلام
فبينت مخالفة ذلك لمذهب السلف، وفساد تصورهم أنها طريقة إبراهيم عليه السلام.
5 -
إن البيهقي اتفق مع السلف في جميع ما يتعلق بأسماء الله تعالى من طريقة إثباتها، والقول بعدم حصرها، وصلتها بالصفات إلاّ أنني لم أوافقه فيما ذهب إليه من أن الاسم عين المسمى - مع أنه رأى لبعض السلف كما ذكرت إلاّ أنني اخترت القول بالتفصيل الذي ارتضاه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وأن ذلك لا يلجأ إليه إلاّ عند الاستفسار عن الاسم هل هو عين المسمى أم غيره، وإلاّ فالإطلاق الصحيح الموافق لأدلة الشرعية هو القول بأن الاسم للمسمى.
6 -
إن البيهقي قد اتفق مع السلف في طريقة تقسيم الصفات وأشرت إلى قصور تقسيم المتكلمين عن كثير من الصفات، وشمول تقسيم البيهقي.
7 -
إنه اتفق مع السلف في إثبات الصفات العقلية بنوعيها وفي طريقة االاستدلال على ذلك الإثبات.
8 -
عدم موافقته للسلف في القول بحلول الحوادث بذات الله تعالى بمعنى أنه – سبحانه - يفعل متى شاء كيف شاء، لذلك قال بقدم جميع صفات الذات العقلية وعدم حدوث شيء منها وأوضحت أن الصحيح في ذلك ما ذهب إليه السلف من القول بأنها قديمة النوع حادثة الآحاد.
9 -
مخالفته للسلف في نفيه تسلسل الحوادث في جانب الماضي ولذلك رأيناه يقول بحدوث صفات الفعل العقلية. إلاّ أنني بينت خطأه فيما ذهب إليه، وصحة مذهب السلف القائل بأن الله فعال لما يريد أزلاً وأبداً.
10 -
إن البيهقي وافق السلف فيما أثبته من صفات الذات الخبرية وخالفهم في تأويل ما بقي منها. حيث أثبت اليدين والوجه والعين، وأوّل ما سوى ذلك.
11 -
مخالفته للسلف في صفات الفعل الخبرية. حيث ذهب إلى تأويل بعضها، وتفويض بعضها الآخر، زاعماً أن التفويض في ما فوض فيه هو مذهب السلف. وقد بينت فساد قول من نسب التفويض والتأويل إلى السلف، مبيناً أن مذهب السلف هو الإثبات الحقيقي لجميع الصفات إثباتاً لا تأويل فيه، ولا تفويض، ولا تشبيه.
12 -
إن البيهقي يختلف مع السلف في جميع ما يتعلق بصفة الكلام التي أثبتها، من القول بأن الكلام نفسي قديم وأنه بدون حرف ولا صوت وأنه معنى واحد، وقد ناقشته في جميع هذه المسائل وبينت خطأ ما ذهب إليه وصحة مذهب السلف. وبينت أن رأيه في كلام الله تعالى هو عين مذهب أصحابه الأشاعرة، وأن حقيقة مذهبهم في القرآن لا يختلف عن مذهب المعتزلة إلاّ بنفيهم أن يكون هذا القرآن الذي نقرأه هو كلام الله الحقيقي.
13 -
اتفاقه مع السلف فيما يتعلق بمسألة الرؤية، من القول بإثباتها للمؤمنين يوم القيامة.
إلاّ أنه خالفهم بنفيه الجهة، مستدلاً بحديث الرؤية. وقد بينت فساد استدلاله به، وصحة استدلال السلف.
15 -
إنه يقول بعدم تأثير قدرة العبد في فعله، وبينت أنه بذلك يوافق الأشاعرة القائلين بالكسب، الذي لا حقيقة له، ويخالف السلف لقولهم بتأثير قدرة العبد في فعله.
16 -
إنه ينفي تأثير الأسباب في مسبباتها، وهو مذهب الأشاعرة، وقد بينت فساد هذا الرأي أيضاً ومخالفته للنصوص الشرعية المثبتة لذلك.
وأخيراً، فإنني أقرر هنا وعن ممارسة طويلة لقراءة كتب المتكلمين وكتب السلف أن مذهب السلف هو الذي يجب أن يكون طريق كل مسلم لقربه من منبع العقيدة والتزامه بمنهج الوحي.
أما مناهج المتكلمين فإنها حشو من لغو الكلام الذي قد يبعد بكثير ممن يفضله عن كتاب الله تعالى وسنة رسوله.
لذلك أدعو إلى الالتزام به والتمسك بأهداف العقيدة الصافية النابعة من المعين الصافي ألا وهو الوحي.
والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.