الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: سيرة البيهقي
اسمه ونسبه:
هو: أحمد بن الحسين بن عليّ بن عبد الله بن موسى.
ولم يتفق المؤرخون على ذكر نسبه بهذه الطريقة، لأن منهم من وقف عند جده الأوّل علي [1] ، ومنهم من اقتصر على ذكر جده الثاني عبد الله [2] ، وجماعة ثالثة استوفت ذكر نسبه إلى جده الثالث موسى [3] .
إلاّ أن اختلافهم هذا لا يعني شيئاً سوى إرادة الاختصار من بعضهم وإرادة الاستيفاء من بعضهم الآخر.
إلاّ أن للسمعاني خلافاً جوهرياً حين قدم جده الثالث على جده الثاني فقال: "أحمد بن الحسين بن عليّ بن موسى بن عبد الله، وتابعه عليه ابن الأثير في تهذيبه للأنساب [4] .
كما أن الذهبي في سير أعلام النبلاء وتذكرة الحفاظ ذكر موسى جداً ثانياً للبيهقي مع إغفال جده الثالث [5] .
1 الكامل لابن الأثير8/104، وشذرات الذهب3/304.
2 النجوم الزاهرة5/87، وكشف الظنون1/53.
3 البداية والنهاية12/94، وطبقات الشافعية للسبكي4/8.
4 الأنساب للسمعاني1/101، واللباب لابن الأثير1/202.
5 سير أعلام النبلاء11/ ل184، وتذكرة الحفاظ3/1132.
وهذا يشير إلى خلاف في أيهما الجد الثاني من الثالث للبيهقي هل هو عبد الله أو موسى، فالسمعاني، وتابعه ابن الأثير والذهبي ذكروا موسى جداً ثانياً للبيهقي، أما بقية المؤرخين المستوفين لنسب البيهقي حتى الجد الثالث فذكروا موسى جداً ثالثاً، وعبد الله ثانياً.
ولعل تقديم عبد الله على موسى هو الأرجح، لأن ذلك ما فعله ابن عساكر الذي يعتبر من أقرب المؤرخين في عهد البيهقي [1] .
كنيته ولقبه
أما كنيته فأبو بكر، وأما لقبه فيلقب بالحافظ، ولم أجد مخالفاً في إطلاق تلك الكنية وهذا اللقب اللذين اشتهر بهما البيهقي، وانفرد حاجي خليفة بتلقيبه بشمس الدين [2] .
نسبته
وينسب شيخنا إلى خُسْرَوْ جِرْد [3] ، وإلى بيهق [4] ، فيقال الخسرجردي البيهقي.
1 تبيين كذب المفتري ص: 266.
2 كشف الظنون1/53.
3 خسرو جرد بضم الخاء المعجمة، وسكون السين المهملة وفتح الراء وسكون الواو، وكسر الجيم، وسكون الراء، وفي آخرها الدال المهملة، قرية من ناحية بيهق. كذا قال السبكي في الطبقات الكبري4/9.
4 بيهق ناحية كبيرة، وكورة واسعة، كثيرة البلدان والعمارة من نواحي نيسابور، تشتمل على ثلاثمائة وإحدى قرية
…
وقد أخرجت الكورة من لا يحصى من الفضلاء، والعلماء، والفقهاء، والأدباء ذكر ذلك ياقوت في المعجمة1/537، 538.
أما نسبته إلى خسرو جرد فلأنها القرية التي كانت مسقط رأسه وأما نسبته إلى بيهق فلأنها الناحية التي دفن بها، والتي تضم فيما بين قراها خسر وجرد، التي تعتبر عاصمتها.
وقد ينسب رحمه الله إلى نيسابور [1] ، لأنها قد حظيت بمقدمه إليها، وبها كان جل نشاطه العلمي، إذ عقد فيها المجلس لإسماع كتبه لعلمائها، وطلاب العلم فيها، فأصبحت شهرته مرتبطة بها، وممن نسبه إليها الذهبي وابن عساكر [2] .
مولده
ولد- رحمه الله بخسرو جرد في شعبان سنة أربع وثمانين وثلاثمائة [3] وقد أجمعت المصادر التاريخية على ذلك، عدا ما ورد في
1 قال ياقوت: "نيسابور: بفتح أوّله، والعامة يسمونها نشاوور، وهي مدينة عظيمة، ذات فضائل جسيمة، معدن الفضلاء، ومنبع العلماء، لم أر فيما طوفت من البلاد مدينة كانت مثلها، وكان المسلمون قد فتحوها أيام عثمان بن عفان رضي الله عنه ". معجم البلدان 5/331.
2 تبيين كذب المفتري ص: 265، سير أعلام البلاء 11: ل 184.
3 انظر مختصر طبقات المحدثين لابن عبد الهادي ص: 200، وسير أعلام النبلاء للذهبي 11: ل 184، وتذكرة الحفاظ3/1132، وطبقات الشافعية للسبكي4/9، والبداية والنهاية12/94.
الكامل لابن الأثير من أن ولادته كانت سنة سبع وثمانين وثلاثمائة [1] . إلاّ أن هذا خطأ واضح، لأنه هو نفسه وافق في لبابه بقية المؤرخين على التاريخ السابق [2] .
أسرته
أما أسرة البيهقي التي ترعرع في أكنافها، فإن المراجع التاريخية التي عنيت بحياته التزمت الصمت حيالها، فلم تذكر لنا عن أبيه شيئاً، ولا عن حال أسرته من الناحية العلمية والاجتماعية.
إلاّ أن نبوغ البيهقي في شتى مجالات العلم يدلنا دلالة واضحة على أن أسرته كانت تضع العلم في مقدمة اهتماماتها، مما كان له أثره البالغ في اتجاه ابنها إليه، وقصر اهتمامه عليه.
كما أن ذلك يدلنا أيضاً على أن تلك الأسرة كانت ميسورة الحال مما جعل ابنها يتفرغ، وينتج على أن الفقر - إن قدر أنه هو واقعها - لا يمكن أن يثني همة البيهقي لشغفه بالعلم، مما جعله لا يهتم بحطام الدنيا، بل يكتفي منها بما يسد رمقه، ويقيم صلبه، شأنه في ذلك شأن سلفه من علماء الأمة وعلى رأسهم الإمام أحمد بن حنبل، وشيخه الشافعي، ومع ذلك حصل لهما من العلم والنبوغ ما جعلهما من أعظم أئمة الإسلام.
1 الكامل8/104.
2 اللباب1/202.
أمّا أبناؤه فقد لاحظنا اهتمام المؤرخين بذكر ابن له وحفيد، ولم يتعرضوا لغيرهما، ذلك لأنهما شاركاه في حياته العلمية، وخاضا معه غمارها وتتلمذا على يديه، وهما: ابنه إسماعيل بن أحمد، وحفيده أبو الحسن عبيد الله بن محمّد بن أحمد. وسيأتي إن شاء الله زيادة بيان لحياتهما عندما نتحدث عن تلاميذه فيما بعد.
وفاته
أجمعت المصادر التاريخية على أن وفاة البيهقي كانت سنة ثمان وخمسين وأربعمائة بنيسابور، ومنها نقل في تابوت إلى بيهق حيث دفن بها [1] .
وقد وجد خلاف في الشهر من ذلك العام، فابن الأثير وابن تغري بردى يذكران أنها كانت في جمادى الآخرة [2] . أما من سواهما فاتفقوا على جمادى الأولى، ولعله الأصح لأن منهم من حدد اليوم بالعاشر منه، مما يدل على زيادة يقين.
1 انظر: المصادر السابقة.
2 الكامل8/104، والنجوم الزاهرة5/77، وانظر عن حياة البيهقي سوى ما تقدم: طبقات الشافعية للأسنوي ص: 198-200، والعبر للذهبي 3/342، وطبقات الشافعية لابن هداية الله (ص)، وطبقات الحفاظ للسيوطي ص: 433-434،ودائرة المعارف الإسلامية لأحمد شاكر 4/429،والأعلام للزركلي1/113.
وانفرد ياقوت الحموي بأن وفاته كانت سنة أربع وخمسين وأربعمائة [1] .
وكانت وفاته رحمه الله بعد عمر مديد بلغ أربعاً وسبعين سنة كله خير وبركة، إذ بذل الجزء الأعظم منه خادماً للعلم وطلابه، فكان عطاؤه العلمي الوفير منارة شامخة من منارات العلوم الإسلامية الخالدة، فرحمه الله رحمة واسعة، وجزاه عن الإسلام وأهله خير الجزاء.
1 معجم البلدان1/538.