المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المبحث الخامس: صفة التأمين ‌ ‌مدخل … المبحث الخامس: صفة التأمين المراد بصفة التأمين: بيان - التأمين عقب الفاتحة في الصلاة

[عبد الله بن إبراهيم الزاحم]

الفصل: ‌ ‌المبحث الخامس: صفة التأمين ‌ ‌مدخل … المبحث الخامس: صفة التأمين المراد بصفة التأمين: بيان

‌المبحث الخامس: صفة التأمين

‌مدخل

المبحث الخامس: صفة التأمين

المراد بصفة التأمين: بيان حال التأمين من الجهر ورفع الصوت به، أو إخفائه والإسرار به.

والمراد بالجهر بالقراءة: إظهارها، والإعلان بها. يُقال: جهر بقراءته، وأجهر بها. ويُعدَّ ى بنفسه، وبالباء. ومنه قوله تعالى:{وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا} 1. وأقل الجهر عند المالكية لرجل: أن يسمع نفسه، ومن يليه. وجهر المرأة إسماعها نفسها فقط.

والإسرار بها: إخفاؤها، وعدم إظهارها. ويُعدَّ ى بنفسه، وبالباء أيضاً. فيُقال: أسرّ الفاتحة، وأسرّ بها. وأقله عند المالكية لرجل: حركة لسان بدون إسماع نفسه. وأعلاه إسماع نفسه فقط. وقالوا: إذا اقتصر على القراءة القلبية، لم يكن قارئاً بالكلية.

واتفق العلماء على أنه: يُجهر بالقراءة في: صلاة الصبح، والجمعة، والعيد، والاستسقاء، والكسوف، وأولتي المغرب، والعشاء.

ويُسر في: صلاة الظهر، والعصر، وآخرة المغرب، وآخرتي العشاء.

واختلفوا في حكم الإسرار في موضعه: فذهب الجمهور (من: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة) إلى أنه سنة. إلا أن المالكية يرون مشروعية سجود السهو، لتركه على المشهور. وهذا منهم على أصلهم في التفريق بين السنة والمستحب. قال ابن جزي: “ من أسر فيما يجهر فيه، سجد قبل السلام في المشهور. وقيل: بعده. ومن جهر فيما يسر فيه، سجد بعد السلام في المشهور. وقيل: قبله. وهذا في السهو. فإن تعمّد ترك الجهر والسر، ففيه ثلاثة

1 سورة الإسراء. آية: 110.

ص: 228

أقوال: البطلان، والسجود، والإجزاء دون سجود “1.

واختلف العلماء في قراءة المرأة على أقوال:

القول الأول: يُشرع للمرأة الجهر في الصلاة الجهرية، مع المحارم والنساء، إن لم يسمع صوتها أجنبي. وبه قال: الشافعية، وأحمد في رواية.

القول الثاني: تجهر إن صلت بنساء، ولا تجهر إن صلت وحدها. قاله شيخ الإسلام ابن تيمية.

القول الثالث: لا تجهر المرأة، ولو لم يسمع صوتها أجنبي، بل يحرم. ولا تبطل صلاتها بالجهر. قال ابن الهمام: “ ولو قيل: إذا جهرت بالقراءة في الصلاة، فسدت. كان متجهاً”. وبه قال: الحنفية، والمالكية، وأحمد في المشهور، والشافعية في وجه 2.

فهل يرفع المصلي صوته بقول: (آمين) حال جهره، أو جهر إمامه بالقراءة، أو يخفض صوته بذلك؟

ولا تداخل بين هذا المبحث، والذي قبله، فإن المراد بالحكم: بيان مشروعية التأمين، أو عدمها. ثم بيان نوع تلك المشروعية من عدمها من جهة: الوجوب، أو الندب، أو غيرهما من الأحكام التكليفية. فلا تلازم ولا تداخل بين المبحثين. بل هما جانبان مختلفان، ومسألتان متغايرتان، وقد نبّه على نحو ذلك ابن عابدين، إذ قال: “الإسرار بها سنة أخرى. فعلى هذا سنية الإتيان بها تحصل

1 القوانين الفقهية ص 86. وانظر: المصباح المنير1/112، 273، المطلع ص 73، شرح منح الجليل 1/152، الإقناع للشربيني 1/143، مغني المحتاج 1/162.

2 انظر: فتح القدير 1/260، حاشية ابن عابدين 1/504، المدونة 1/64، شرح منح الجليل 1/252، الإنصاف 3/466، 467، المبدع 1/444، روضة الطالبين 1/248، الأحكام التي تختلف فيها الرجال والنساء في العبادات ص 417.

ص: 229

ولو مع الجهر بها “ 1.

وقد اتفق العلماء ـ رحمهم الله تعالى ـ القائلون بمشروعية التأمين، على أنه لا يُشرع الجهر بالتأمين حال الإسرار بالقراءة. قال النووي: “ إن كانت الصلاة سرّية، أسرّ الإمام وغيره بالتأمين تبعاً للقراءة “2.

وإنما اختلفوا في صفة التأمين حال الجهر بالقراءة. هل الأفضل والسنة الجهر به، أم السنة إخفاؤه والإسرار به؟ وهل تختلف صفة تأمين المأموم عن الإمام والمنفرد، أم يستوون في ذلك؟

هذا ما سأتناوله في المطالب التالية:

المطلب الأول: صفة تأمين الإمام.

المطلب الثاني: صفة تأمين المأموم.

المطلب الثالث: صفة تأمين المنفرد.

1 حاشية ابن عابدين 1/476.

2 المجموع 3/371.

ص: 230