المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الرابع: المراد بمشروعية التأمين - التأمين عقب الفاتحة في الصلاة

[عبد الله بن إبراهيم الزاحم]

الفصل: ‌المطلب الرابع: المراد بمشروعية التأمين

‌المطلب الرابع: المراد بمشروعية التأمين

لا خلاف بين العلماء ـ رحمهم الله تعالى ـ أن من ترك التأمين بعد فراغه من قراءة الفاتحة، فصلاته صحيحة، لأن التأمين ليس ركناً من أركان الصلاة 1.

ولا خلاف بين عامة العلماء أيضاً: أن (آمين) ليست من الفاتحة 2. قال شيخ الإسلام: “ وهم ـ أي: الصحابة رضي الله عنهم قد جرّدوا المصحف عما ليس من القرآن حتى إنهم لم يكتبوا التأمين “3. وحكاه بعضهم إجماعاً 4.

واتفقوا: على أنه لا يسجد لتركها 5. فعن ابن جريج أنه قال لعطاء: نسيتُ آمين. قال: لا تعد، ولا تسجد للسهو 6.

وإنما اختلفوا في المراد بهذه المشروعية. وهل يختلف حكم التأمين بين الإمام والمأموم والمنفرد، أم يستوون في ذلك؟

اختلفوا في ذلك على أقوال عدة:

القول الأول: إن التأمين مستحب. فيندب للمصلي الذي يُشرع له التأمين. سواء كان إماماً، أم مأموماً، أم منفرداً، الإتيان بهذه السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم والمحافظة عليها، اتباعاً واقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم في صلاتهم.

1 انظر: المهذب 1/72.

2 انظر: البحر الرائق 1/331، حاشية ابن عابدين 1/492.

3 مجموع فتاوى 22/278.

4 انظر: حاشية الروض 2/30. وأشار الطحطاوي في حاشيته ص 175 إلى شيء من الخلاف في ذلك، فقال: (قوله: وليس من القرآن. حكى في الشرح عن المجتبى الخلاف في أنه من القرآن) .

5 انظر: الأم 1/109، مسائل ابن هانئ 1/52، الحاوي 2/112، الشرح الصغير 1/529.

6 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 2/99 (2654) .

ص: 225

وإلى هذا القول ذهب: جمهور العلماء1. ومنهم أصحاب المذاهب الأربعة: “ أبو حنيفة2، ومالك3، والشافعي4، وأحمد 5“) .

القول الثاني: إن التأمين واجب على كل مصلٍ.

وإلى هذا القول ذهب: الظاهرية 6.

القول الثالث: إن التأمين واجب على المأموم وحده، دون الإمام.

1 انظر: سبل السلام 1/174، نيل الأوطار 2/245.

2 انظر: حاشية ابن عابدين 1/493.

3 انظر: القوانين الفقهية ص 68، الشرح الصغير 1/448، شرح منح الجليل 1/156.

تنبيه: ذهب ابن جزي، وخليل، وشُرَّاح مختصره إلى عدم التفريق بين تأمين الإمام في الصلاة السرية، وتأمين غيره من مأمومٍ وفذٍ، وأن ذلك من مستحبات الصلاة ومندوباتها. وفرق ابن رشد في المقدمات بين تأمين المأموم، وتأمين الإمام في السرية، والمنفرد. فقال 1/84:(وأما سنن الصلاة، فثمان عشرة ـ ثم ذكر منها ـ وتأمين المأموم، إذا قال الإمام: {وَلا الضَّالِّينَ} ) . ثم ذكر مستحبات الصلاة فقال 1/85: (وأما مستحبات الصلاة، فثمان عشرة ـ ثم ذكر منها ـ والتأمين بعد قراءة أم القرآن، للفذ، وللإمام فيما يُسر فيه) . والفرق بين السنن والمستحبات في الصلاة عند المالكية، أن السنن يُشرع سجود السهو لتركها، دون المستحبات. وأما القاضي عبد الوهاب في التلقين 1/102، فعدّ من سنن الصلاة التأمين بعد أم الكتاب. ولم يفرق بين إمام ومأموم وفذ.

4 انظر: الأم 1/109، الوسيط 2/119، المنهاج مع نهاية المحتاج 1/488، إعانة الطالبين 1/145، الإقناع 1/143، فتح الوهاب 1/73.

5 انظر: مسائل ابن هانئ 1/52، الشرح الكبير3/447.

6 انظر: فتح الباري 2/264، سبل السلام 1/174، نيل الأوطار 2/245.

تنبيه: نسب هذا للظاهرية، ابن حجر، وتبعه على ذلك الصنعاني، والشوكاني. والثابت عن ابن حزم الظاهري، التفريق بين المأموم وغيره.

ص: 226

وإلى هذا القول ذهب: بعض أهل العلم1. وابن حزم2، واختاره الشوكاني إذا أمّن الإمام 3.

القول الرابع: يكره التأمين لمن لا يُشرع في حقه التأمين، وهو الإمام.

وإلى هذا القول ذهب: المالكية في المشهور، وهي رواية ابن القاسم عن مالك 4.

1 قال ابن حجر: (حكى ابن بزيزة عن بعض أهل العلم) . فتح الباري 2/264.

2 انظر: المحلى 3/262.

3 انظر: نيل الأوطار 2/246.

4 تقدم بيان القول المشهور في المذهب، وأنه القول بعدم المشروعية للإمام. وبيان أن المراد بالمشروعية عند المالكية: الندب والاستحباب، فما لم يكن مستحباً، فهو مكروه. ولذا لما ذكر ابن جزي ص 95 جملة ً من المكروهات في الصلاة، قال:(وكذلك ما هو ضد للفضائل والمستحبات) . وانظر: الشرح الصغير 1/468.

ص: 227