المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثالث: مشروعية التأمين للمنفرد - التأمين عقب الفاتحة في الصلاة

[عبد الله بن إبراهيم الزاحم]

الفصل: ‌المطلب الثالث: مشروعية التأمين للمنفرد

‌المطلب الثالث: مشروعية التأمين للمنفرد

اختلف العلماء ـ رحمهم الله تعالى ـ في مشروعية التأمين للمنفرد. على قولين:

القول الأول: يُشرع للمنفرد التأمين بعد الفاتحة.

وإلى هذا القول ذهب: جمهور العلماء. ومنهم: أصحاب المذاهب الأربعة: “ أبو حنيفة1، ومالك في المشهور2، والشافعي3، وأحمد4 “.

قال الكاساني في بدائع الصنائع: “فإذا فرغ من الفاتحة يقول: آمين. إماماً كان، أو مقتدياً، أو منفرداً. وهذا قول عامة العلماء”5.

القول الثاني: لا يُشرع للمنفرد التأمين بعد الفاتحة.

وإلى هذا القول ذهب: مالك في رواية 6.

1انظر: بدائع الصنائع 1/207، البحر الرائق 1/331، تحفة الملوك ص 71، تنوير الأبصار وحاشية ابن عابدين 1/492

2 انظر: القوانين الفقهية ص68، الشرح الكبير على مختصر خليل 1/248، التاج والإكليل 1/538، أقرب المسالك مع الشرح الصغير 1/449، شرح منح الجليل 1/156.

3 انظر: الأم 1/109، الوسيط 2/119، المهذب 1/72، روضة الطالبين 1/247، المجموع 3/371، المنهج القويم 1/194.

4 انظر: الإرشاد ص55، مختصر الخرقي ص19، منتهى الإرادات 1/210، التوضيح 1/304، كشاف القناع 1/395، المبدع 1/44، شرح الزركشي 1/551.

5 انظر: بدائع الصنائع 1/207.

6 قال في المجموع 3/373: (وقال أبو حنيفة، والثوري: يسرون بالتأمين، وكذا قاله مالك في المأموم. وعنه: في الإمام روايتان: إحداهما، يسر به. والثانية، لا يأتي به. وكذا المنفرد عنده) . وقال الكاساني في بدائع الصنائع 1/207: (وقال مالك: يأتي به المقتدي، دون الإمام، والمنفرد) .

تنبيه: عدّ ابن العربي تأمين المنفرد محل وفاق، لا خلاف فيه. فقال: في أحكام القرآن 1/7: (فأما المنفرد، فإنه يؤمّن اتفاقاً) .

ص: 222

الأدلة:

استدل أصحاب القول الأول، وهم الجمهور، القائلون: بمشروعية التأمين للمنفرد. بما يلي:

1-

بحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ إذا قال أحدكم: آمين. وقالت الملائكة في السماء: آمين..” الحديث 1.

وجه الاستدلال منه:

إن عموم الحديث يتناول كل مؤمّن. سواء أكان إماماً، أم مأموماً، أم منفرداً2. قال الزيلعي: “في اللفظة ـ أي: هذه الرواية ـ فائدة أخرى، وهي: اندراج المنفرد فيه. وغير هذا اللفظ إنما هو في الإمام، أو في المأموم، أو فيهما “3.

2-

وبحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ إذا أمّن الإمام، فأمّنوا. فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة، غُفِر له ما تقدّم من ذنبه “.

قالوا: والمنفرد في معناهما. ويجهر بها فيما يجهر به 4.

واستدل أصحاب القول الثاني، القائلون: بعدم مشروعية التأمين للمنفرد بالأدلة الدالة على مشروعية التأمين للمأموم. وهي:

1-

حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ إذا أمّن الإمام فأمّنوا..”

2-

وحديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه مرفوعاً. وفيه: “.. وإذا قال: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} فقولوا: آمين “.

3-

وحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ إذا قال الإمام: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} فقولوا: آمين “.

1 تقدم تخريجه. وهذا لفظ البخاري، وزاد مسلم فيه: “ إذا قال أحدكم في الصلاة “.

2 انظر: البحر الرائق 1/331، سبل السلام 1/174.

3 نصب الراية 1/368. وانظر: الدراية 1/131.

4 انظر: شرح الزركشي 1/551، كشاف القناع 1/396.

ص: 223

3-

وحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ إذا قال الإمام: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} فقولوا: آمين “.

وجه الاستدلال منها:

إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المأموم بالتأمين. وعلّقه بتأمين الإمام، وفراغه من قراءته. وقوله:{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} فدلّ ذلك على اختصاص المأموم بالتأمين. وعدم مشروعية التأمين للمنفرد.

* الرأي المختار:

القول بمشروعية التأمين للمنفرد. هو الرأي المختار. لما يلي:

1.

قوّة ما استدل به أصحاب هذا القول. إذ أن حديث أبي هريرة رضي الله عنه “إذا قال أحدكم آمين“ يتناول عمومه المنفرد أيضاً.

2.

تنبيه الإمام في بعض الأحاديث على التأمين بعد الفراغ من قراءة الفاتحة. لا يقتضي اختصاصه بذلك الحكم. بل يتناول المنفرد أيضاً، لأنه في معناه في مشروعية القراءة، فيُشرع له التأمين مثله.

3.

إن القول باختصاص المأموم بالتأمين. قد مضى تقرير ضعفه في مشروعية التأمين للإمام. والله أعلم.

ص: 224